الأحد، 16 يناير 2011

برقية عاجلة إلى رئيس الجمهورية



سيدي الرئيس،
نظرا للارتفاع العالمي المذهل لأسعار المواد الأساسية، ونظرا لما حدث في بعض الدول الشقيقة، والذي لا يوجد أي بلد محصن ضده، ونظرا لنتائج اجتماع مجلس الوزراء الأخير والذي لم يستجب للأسف الشديد، في هذه المرحلة الحرجة، لتطلعات الفقراء بصفة عامة، ولا لتطلعات العاطلين عن العمل، والذين وجهوا رسائل عديدة، يبدو أن الحكومة لا تريد أن تقرأها بشكل صحيح.
نظرا لكل ذلك، فقد ارتأيت أن أكتب لكم هذه البرقية على وجه السرعة، وذلك لأقول لكم
بأن الكثير من الفقراء، قد أصبح يعيش حالة إحباط شديد نتيجة لأسباب عدة من بينها:
1 ـ لم يكن الفقراء الذين صوتوا لكم، يتوقعون منكم أن تحتضنوا ـ وفي وقت قياسي ـ أغلب مفسدي موريتانيا، رغم أنكم تمكنتم من الاستغناء عنهم، أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية، والتي كنتم تحتاجون فيها لأصواتهم. ولقد زاد مهرجان الأغلبية الأخير من حدة إحباط أولئك الفقراء.
2 ـ إن الفقراء الذين انتخبوكم لم يتوقعوا أن تُسد قنوات الاتصال بينكم وبينهم، خاصة في هذه الفترة التي قد يكون فيها لسد قنوات الاتصال بين الرئيس وشعبه، كلفة باهظة، وباهظة جدا. لقد أصبح من اللازم تأسيس ديوان للمظالم، مع الفتح الفوري لوسائل الإعلام الرسمي، وبشكل نهائي، أمام المواطنين العاديين، وأمام حملة الشهادات العاطلين، وأمام نخب كثيرة تم تهميشها وإقصاؤها وحرمانها من قنوات الإعلام الرسمي.
3 ـ إن استقرار الدول والأنظمة، لم يعد بالإمكان تحقيقه من خلال النخب، ولا من خلال "المفسدين"، ولا حتى من خلال الحوار مع المعارضة، رغم أهمية ذلك الحوار. إن ذلك الاستقرار لم يعد يمكن تحقيقه إلا من خلال الإصغاء الجيد للفقراء، مع المحاربة الجادة والفعلية للفقر والجوع والبطالة.
4 ـ لا جدال في أهمية تشييد الطرق التي تعطي لعاصمتنا الفتية وجها جميلا، ولا جدال في أهمية حمايتها بحزام أخضر، لا جدال في كل ذلك. ولكن تجميل العاصمة أو حمايتها قد يحتمل التأخير لأشهر أو لعام، إلا أن دعم الأسعار، وخلق فرص عمل، لم يعد يحتمل التأخير في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار المواد الأساسية في الأسواق العالمية، وفي ظل الاحتجاجات الاجتماعية المتنامية، و التي لا يوجد أي بلد بمنأى عنها.
5 ـ لا جدال في أن إعداد برامج واستراتيجيات لمحاربة الغلاء في المستقبل هو أمر في غاية الأهمية، ولا جدال في أهمية زراعة القمح والسكر، ولا جدال في أهمية العمل على زيادة الإنتاج من اللحوم والألبان، إلا أن ذلك كله، لا يبرر إطلاقا عدم اتخاذ إجراءات فورية للحد من آثار الغلاء. كما أنه لا يبرر عدم التدخل المباشر لسونمكس، والتي يجب أن تتدخل فورا لاستيراد بعض المواد الغذائية، وبيعها بأسعار معقولة بدعم من الدولة.
6 ـ إن الأولوية في هذه المرحلة الحرجة يجب أن تمنح أولا، وثانيا، وثالثا، لخلق فرص عمل، و لدعم الأسعار، خاصة إذا ما ظلت الأسعار العالمية، في ارتفاع متواصل. كما أنه قد أصبح من الضروري تشكيل لجنة وزارية تعمل من أجل التخفيف من آثار الغلاء، خاصة في الأوساط الأكثر فقرا.
سيدي الرئيس،
أما فيما يخص البطالة، فقد كنا نتوقع من مجلس الوزراء، أن يتخذ إجراءات عاجلة لخلق فرص عمل جديدة، من أجل الحد من البطالة التي بلغت نسبتها في بلدنا أعلى نسبة في المنطقة. ولم نكن نتوقع من الحكومة أن يقتصر دورها في مكافحة البطالة، على جمع أعداد المكتتبين في وزارات ظلت في كل عام تكتتب موظفين، وتقديم تلك الحصيلة مجتمعة على أنها تشكل انجازا كبيرا. ولقد كنا نتوقع من الحكومة بدلا من ذلك أن تقوم ببعض الإجراءات الفعلية من قبيل:
1 ـ التزام الحكومة بتوفير فرصة عمل، لكل أسرة تضم أكثر من ثلاثة عاطلين من حملة الشهادات، وذلك للتخفيف من مستوى تركيز البطالة في الأسر الأكثر فقرا.
2 ـ كنا نتوقع أن يتم الإعلان عن تأسيس صندوق يوفر تعويضات اجتماعية للعاطلين عن العمل، خاصة منهم أولئك الذين قضوا على الأقل خمسة سنوات بعد التخرج، دون الحصول على وظيفة.
3 ـ لقد كنا نتوقع أن يتم اتخاذ إجراءات جدية، كضخ دماء جديدة، في وكالة تشغيل الشباب، وكتوفير موارد جديدة لهذه الوكالة، وذلك لكي تستعيد هذه الوكالة دورها الذي تخلت عنه منذ مدة.
4 ـ ولقد كنا نتوقع اتخاذ إجراءات " ثورية" للحد من البطالة، كأن تتنازل الدولة مثلا عن حصتها في شركة النقل العمومي، لصالح حملة الشهادات العاطلين عن العمل، وذلك لكي يكونوا مساهمين مع رجال الأعمال في تلك الشركة، التي تم فتح رأسمالها أمام رجال الأعمال. ومثل ذلك الإجراء كان سيوفر لآلاف العاطلين عن العمل مصدرا للعيش الكريم.
سيدي الرئيس،
لقد آن الأوان لأن يُفتح لحملة الشهادات العاطلين عن العمل بصيص أمل، وقد آن الأوان لأن تتاح لهم إمكانية العيش الكريم في بلدهم، وذلك لكي لا يلجؤوا لتصرفات يائسة وطائشة، قد تتسبب في خسائر كبيرة، وقد تكلف ما كان يكفي لدمج أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير البلد...وإلى الرسالة الثامنة عشر إن شاء الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق