الأحد، 5 ديسمبر 2010

ومن المعارضة ما قتل!




"إن النجاح هو القدرة على الانتقال من فشل إلى فشل دون فقدان الحماس."
ونستون تشرشل
مرة أخرى أجدني مضطرا للكتابة عن المعارضة الموريتانية التي بدأت منذ مدة تفقد الحماس نتيجة لإخفاقاتها ومصائبها المتوالية، والتي لن يكون آخرها انسحاب "عادل" ولا تسريبات "ويكيليكس" . وهذه المعارضة تمر اليوم بلحظات عصيبة تهدد تماسكها و بقاءها كقوة سياسية مؤثرة وفاعلة. ولقد كان من بين المقالات التي خصصتها بشكل كامل للحديث عن المعارضة مقالا على شكل رسالة مفتوحة وجهتها لأربعة من مرشحي المعارضة في الانتخابات الرئاسية الماضية. وهي رسالة كتبتها ونشرتها على عجل في صبيحة يوم "الصدمة"، وذلك بعد أن تم إعلان بعض النتائج الأولية التي كانت تؤكد بأن مرشح " التغيير البناء" سيحسم النتائج لصالحه في الشوط الأول.
طلبت في تلك الرسالة العاجلة من مرشحي المعارضة أن يكونوا ديمقراطيين، وأن يعترفوا بنتائج الانتخابات، إذا لم تكن لديهم أدلة صريحة ومقنعة بحدوث عمليات تزوير واسعة. لم يعترف قادة المعارضة بنتائج الانتخابات، ولم يقدموا أدلة مقنعة للشعب الموريتاني تؤكد حدوث عمليات تزوير واسعة، وهو ما جعلهم يلجؤون لتفسيرات كيميائية مثيرة للسخرية ( الباء الرحال)، والذي كتبت عنه مقالا انتقدت فيه موقف المعارضة بحدة.
ثم انتظرت بعد ذلك مدة اعتقدت بأنها كانت كافية لاستفاقة مرشحي المعارضة من هول الصدمة، وكتبت مقالا آخر تحت عنوان "الطريق إلى الانتحار". ولقد دعوت المعارضة في ذلك المقال إلى أن تجمع "نصف القرار الصائب " الذي اتخذه حزب "تواصل"، مع النصف الثاني الصائب من القرار الذي اتخذته بقية أحزاب المعارضة، وذلك من أجل الخروج بقرار صائب موحد، ينقذ المعارضة من التشرذم الذي وقعت فيه، ويمنحها موقفا راشدا وناضجا يمكنها أن تدافع عنه.
فحزب "تواصل" قد أصاب عندما اعترف بنتائج الانتخابات، ولكنه أخطأ كثيرا عندما تقرب بعد ذلك من الأغلبية، و تحالف معها في بعض الدوائر الانتخابية أثناء تجديد ثلث مجلس الشيوخ، في الوقت الذي تحالف في دوائر أخرى مع مرشحي المعارضة. لقد كان حزب " تواصل" ـ وكما قلت في "الطريق إلى الانتحار" ـ هو أول حزب موريتاني في تاريخ البلد يتحالف في دائرة انتخابية مع الأغلبية، ويتحالف في دائرة أخرى مع المعارضة. ولقد أعطت تلك التحالفات المتناقضة حجة لخصوم "تواصل"، لأنها عكست انتهازية سياسية تتناقض وبشكل فاضح مع البعد الأخلاقي الذي يحاول " التواصليون " ـ حسب ما يقولون ـ إضفاءه على العمل السياسي في هذا البلد الذي يعيش أزمة أخلاقية حادة وعميقة، وبالأخص في مجال العمل السياسي. ويضاف إلى ذلك أن "تواصل" كان الحزب الوحيد الذي خرج قبل ذلك عن إجماع "الجبهة" وتقدم بمرشح خاص به في الانتخابات الرئاسية، في خطوة لم يكن لها هي الأخرى أي بعد أخلاقي يمكن التبشير به.
لقد كان الموقف السليم ـ في اعتقادي وفي اعتقاد الكثيرين ـ هو أن تعترف أحزاب المعارضة بالنتائج، كما اعترف بها " تواصل" بشكل ديمقراطي وحضاري، في الوقت الذي تستمر فيه تلك الأحزاب في المعارضة الدستورية التي تحتاجها تجربتنا الديمقراطية الناشئة، تلك التجربة التي تمر بظرفية صعبة منذ انقلاب السادس من أغسطس.
كان موقف أحزاب المعارضة الرافض للاعتراف بالنتائج موقفا غريبا. فهم من جهة لا يملكون أدلة مقنعة على التزوير، ومن جهة أخرى لا يملكون وسائل ضغط داخلية أو خارجية لفرض فتح تحقيق في تلك الانتخابات. وذلك الموقف الغريب لمنسقية المعارضة هو الذي دفع بها إلى موقف آخر أكثر غرابة، حيث أعلن قادة المنسقية يوم السبت 17 أبريل 2009 بأنهم سيرحبون بأي انقلاب عسكري ضد الرئيس الحالي.
لقد كانت تلك الدعوة دعوة دخيلة على الديمقراطية، وصادمة بحق، صدمت أنصار المعارضة قبل أن تصدم الأغلبية، وهي دعوة فرضت عليَّ يومها أن أرفع أول بطاقة حمراء في وجه زعماء المعارضة الذين أطلقوا تلك الدعوة العبثية، والمثيرة للاستغراب. لم أتحدث في تلك البطاقة عن رئيس اتحاد قوي التقدم بشكل مباشر، والذي كان قد دعا قبل ذلك، وبشكل أكثر جدية، إلى انقلاب حسب تسريبات "ويكيليكس".
توالت بعد ذلك مواقف المعارضة المتناقضة، والتي يرجع تناقضها ـ بالأساس ـ إلى الموقف الخاطئ الذي اتخذته من الانتخابات الرئاسية. فهي ظلت ترفض الاعتراف برئيس الجمهورية كرئيس منتخب، في الوقت الذي تريد فيه من هذا الرئيس الذي لا تعترف به، أن يعترف بها ويحاورها، وأن يتعامل معها بوصفها معارضة دستورية. وهي ـ أي المعارضة ـ ظلت تؤمن ببعض اتفاق "دكار" وتكفر يبعضه. فهي لا تريد أن تعترف بنتائج الانتخابات كما يدعو لذلك اتفاق "دكار"، في الوقت الذي تلح فيه وتطالب الأغلبية بإطلاق الحوار وفق الاتفاق الذي تكفر المعارضة نفسها ببعضه!
لذلك لم تحقق المعارضة أي انجاز يذكر منذ انتخابات يوليو، لأنها لم تكن لها رؤية واضحة ولا تصور واضح لما تريد القيام به. وقد جاءت مواقفها وقراراتها متنافرة ومتعارضة ومتناقضة في كثير من الأحيان، مما أفقدها في المحصلة النهائية أي فعالية أو تأثير، هذا إذا ما استثنينا الأداء الفردي المتميز لبعض نوابها.
ولو أن المعارضة لم تفقد الحماس واعترفت بخسارتها في الانتخابات الماضية، وحاولت بعد ذلك ـ وبشكل جاد ـ أن تبحث عن أسباب الفشل، وأن تبحث لها عن حلول لكان بإمكانها أن تحقق إنجازات كثيرة في العام الذي لم تحقق فيه أي إنجاز يذكر.
فلنفترض جدلا أن المعارضة اعترفت بالنتائج لحظة إعلانها، وأنها بكل حماس نظمت أياما تفكيرية ـ ليست على طريقة تفكير الإدارة، ولا على طريقة تفكير الأغلبية ـ لمعرفة الأسباب التي أدت لخسارتها في الانتخابات. ولنفترض أنها بعد ذلك وضعت حلولا واقتراحات لتفادي الخسارة في الانتخابات القادمة.
في اعتقادي أن هناك أسبابا عديدة أدت إلى خسارة المعارضة، ومن بين هذه الأسباب ما كان بإمكان المعارضة أن تواجهه في الوقت الضائع الذي تعيشه منذ الانتخابات الرئاسية الماضية، وذلك من أجل أن تحد من تأثيرها في الانتخابات القادمة.
ومن بين تلك الأسباب يمكنني أن أذكر:
أولا: الدور السلبي للإعلام الرسمي: لقد لعب الإعلام الرسمي دورا كبيرا في تشويه المعارضة، خاصة في الأوساط الأقل تعليما والأقل وعيا، وهي الأوساط التي صوتت بكثافة لمرشح التغيير البناء. لقد صور الإعلام الرسمي المعارضة وخاصة للموريتانيين الأقل وعيا على أنها شرذمة من المفسدين والعملاء الذين يعملون مع الأجنبي ضد مصلحة البلاد.
وعموما يمكن القول إن الإعلام الرسمي هو التفاحة الفاسدة في هذا البلد التي أفسدت كيس التفاح كله. وليس في هذا البلد مصيبة إلا وللإعلام الرسمي جهود " جبارة " في ظهورها.
لقد دمر الإعلام الرسمي الإنسان الموريتاني، من خلال هدم القيم والأخلاق، ومن خلال تزييف الحقائق وقلبها رأسا على عقب. ودور الإعلام الرسمي في تدمير الإنسان الموريتاني ليس بالجديد، وإن كانت فعاليته التدميرية قد تضاعفت في العقود الأخيرة.
ويكفي أن نعرف أن الإذاعة بادرت ببث بيانات التأييد والمساندة بعد الانقلاب على المرحوم المختار ولد داداه. وهي بيانات تقدم بها كل أولئك الذين كانوا يصفقون للمختار ويعتبرونه أبا للأمة. حتى مدير ديوان المختار نفسه كان من أول المؤيدين، ولم يتغيب عن التأييد والمساندة إلا الوزراء المسجونين، أو قلة شكلت استثناء حسب شهادة الوزير السابق سيد احمد الدي.
لقد كان أولى بالمعارضة بدلا من المطالبة بفتح تحقيق في نتائج الانتخابات الماضية، أن تركز جهدها على الضغط على الإعلام الرسمي، حتى يتحول إلى إعلام وطني، لأنه في ظل غياب إعلام وطني لن يكون بإمكان المعارضة أن تقدم نفسها بشكل سليم إلى الشعب الموريتاني. ولن يتحول هذا الإعلام إلى إعلام وطني بمجرد قرار من الرئيس. فالرئيس الذي قد يتخذ مثل ذلك القرار دون ضغط كبير من المعارضة، قد يقرر في وقت آخر أن يعيد حليمة إلى عادتها القديمة، خاصة في الأوقات الحرجة التي يحتدم فيها الصراع بين المعارضة والسلطة.
لذلك فعلى المعارضة أن تناضل وتكافح بقوة ضد احتكار النظام لمؤسسات الإعلام الرسمي. وعليها أن تتذكر دائما أن قوة المعارضة مرتبطة باستقلالية الإعلام الرسمي، والمرحلة الانتقالية الأولى أقوى دليل على ذلك الارتباط العميق.
ولكن ما هي الفرص التي ضيعتها المعارضة في العام الماضي؟
1ـ كان بإمكان المعارضة مثلا أن تنظم مسيرات واعتصامات وتظاهرات، حتى يُسمح لها بالرد من خلال يومية الشعب على مقال الوزير الذي انتقدها بأسلوب قاس جدا. وذلك حتى لا يتكرر استخدام اليومية الرسمية في النيل من المعارضة، دون السماح للمعارضة بحق الرد.
2 ـ كان بإمكان المعارضة أيضا أن تتعامل بإيجابية وتشارك في كل الحوارات و الندوات التي دعا إليها التلفزيون (لا أستطيع أن أصفه بالوطني) ، كما كان يفعل حزب "تواصل"، وذلك لكي لا تمنح لوزير الاتصال الحجة التي يكررها دائما، وهي أن لديه كما هائلا من دعوات المشاركة في برامج تم رفضها من طرف المعارضة. والمشاركة الإيجابية في تلك البرامج لا تعني بالضرورة التوقف عن المطالبة بالمزيد من الحرية والاستقلالية لمؤسسات الإعلام الرسمي.
3 ـ كان بإمكان المعارضة أن تندد بتعامل الإعلام الرسمي مع معركة "حاس سيدي". وكان بإمكانها أن تستغرب عدم تنديد السلطة العليا للصحافة بذلك، وهي السلطة التي نددت بالأخطاء التي ارتكبتها بعض الصحف المستقلة، رغم أن الإعلام الرسمي ـ لا المستقل ـ هو الذي يُنفق عليه من ثروات هذا الشعب الفقير. لقد أخطأت المعارضة حينها لأنها بدلا من أن تنتقد السلطة العليا للصحافة لعدم تنديدها بأخطاء الإعلام الرسمي، اختارت بدلا من ذلك، أن تصدر بيانا للدفاع عن أخطاء بينة ارتكبتها بعض الصحف المستقلة، أثناء تغطيتها لتلك المعركة، وهي أخطاء كانت المعارضة في غنى عن الدفاع عنها.
4 ـ على المعارضة أن تواجه بجدية وحزم كل صحفي يستخدم مؤسسة إعلامية رسمية للتشهير والسخرية من قادة المعارضة، تزلفا للسلطات الحاكمة، وعليها أن لا تترك حالة من هذا النوع تمر دون حساب.
ثانيا: من الأسباب التي أدت إلى هزيمة المعارضة، أنها لا زالت غير قادرة على إقناع المواطن العادي بأن معارضة النظام الحاكم ليست معارضة للدولة الموريتانية. وأن مناصرة النظام الحاكم قد لا تكون بالضرورة مناصرة للوطن، فمناصرة الأنظمة المتعاقبة هي التي أضرت، ولا زالت تضر بالدولة الموريتانية. و المعارض في أغلب الأحيان ـ عكس ما هو شائع ـ قد يكون أكثر وطنية من الموالي.
ولكن ما هي الفرص التي أضاعتها المعارضة في هذا العام، والتي كان بالإمكان أن تساعد في تصحيح تلك النظرة الخاطئة؟
لقد فشلت المعارضة في إقناع الشعب الموريتاني بأن موقفها السياسي المعارض للحرب على الإرهاب، ليس موقفا ضد الجيش الموريتاني.
ولتصحيح تلك النظرة الخاطئة كان بإمكان المعارضة مثلا أن تصدر بيانا أثناء معركة "حاس سيدي" تعلن فيه دعمها الكامل للجيش الموريتاني، وتقول فيه أنها لن تعلن عن موقفها السياسي من تلك المعركة إلا بعد أن تتوقف المواجهة، ويصبح الجنود المشاركون فيها في مكان آمن.
ولقد كان بإمكان المعارضة أيضا أن تبادر في تعزية أسر الشهداء الذين تأخرت الحكومة في تعزيتهم، والذين فات الحزب الحاكم أن يعزيهم. ولقد كان بإمكانها أن توفد رؤساء الأحزاب المشكلة للمنسقية لتقديم التعازي لأسر الشهداء، ومن قبل وصول وزير الدفاع الذي تأخر وصوله. فمثل هذه الإجراءات كان سيساعد كثيرا في تسويق موقف المعارضة من الحرب على الإرهاب على أنه موقف معارض للحرب، ومتضامن في نفس الوقت مع الجيش الموريتاني، هذا هو موقف المعارضة الذي فشلت في تسويقه بشكل سليم (لا أوافق المعارضة لمعارضتها للحرب على الإرهاب، لأني أعتقد بأن الحرب على الإرهاب كانت ضرورية، وقد أدارها الرئيس الحالي بشكل مقبول).
كما أنه كان بإمكان المعارضة أيضا أن تنظم بمناسبة خمسينية الاستقلال حفلا رمزيا لتكريم العشرات من الشخصيات الوطنية التي ساهمت في تأسيس الدولة الموريتانية، والتي قد لا تكون بالضرورة معارضة. وحفل التكريم ذلك حتى ولو كان رمزيا، كان بإمكانه أن يبين للمواطن الموريتاني وطنية معارضته. كما كان سيساهم في كشف النواقص الكثيرة التي صاحبت توشيحات الرئيس بهذه المناسبة، تلك التوشيحات التي جاءت دون المتوقع، والتي لم ترق بأي حال من الأحوال لرمزية المناسبة.
ثالثا : من الأسباب التي أدت إلى هزيمة المعارضة استخدامها لنفس الأساليب التي كانت تستخدمها قبل انقلاب الثالث من أغسطس . كما أن المعارضة فشلت في الدفاع عن خطابها الذي تم السطو عليه من طرف "مرشح التغيير البناء". لم تطور المعارضة أساليبها، ولم تطور خطابها الذي لم يعد خطابها منذ السادس من أغسطس.
وما أكثر ملامح الجمود التي أصابت المعارضة، والتي لا يمكن بسطها في هذه الفقرة، إلا أني مع ذلك سأشير بشكل مختصر إلى بعض تلك الملامح.
1ـ لقد أصبحت المعارضة أكثر حياءً من السلطات الحاكمة، وهو ما شكل تبادلا غريبا للأدوار. فالرئيس ظل يتحدث عن المعارضة وعن مفسديها بصراحة شديدة، وظل لفترة طويلة يسمي أولئك المفسدين بأسمائهم . في حين أن المعارضة ظلت تتحرج ـ وكأنها في السلطة ـ من تسمية مفسدي الأغلبية بأسمائهم.
2 ـ لم تعد المعارضة تركز على القضايا التي تهم المواطن العادي كارتفاع الأسعار مثلا. ولو أن المعارضة أعدت مقارنة بين أسعار المواد الأساسية قبل السادس من أغسطس، وأسعار تلك المواد في أيامنا هذه، مع مقارنة موازية بين أسعار تلك المواد عالميا قبل السادس من أغسطس، وأسعارها العالمية في أيامنا هذه لكشفت عن الحجم الحقيقي لارتفاع الأسعار الذي تعاني منه البلاد في عهد دولة الفقراء.
3 ـ ولو أن المعارضة تتبعت التعيينات في كل مجلس للوزراء، وأعدت سير ذاتية للمعينين بمؤهلاتهم وشهاداتهم لكشفت عن حجم الفساد في التعيينات، والذي بلغ ذروته في عهد النظام الحالي الذي يحارب الفساد. ولو أن المعارضة أعدت لائحة بأسماء المفسدين المنخرطين في الأغلبية، أو الذين يزاولون مهاما في الوقت الحالي، لكشفت أن غالبية مفسدي البلد هم اليوم في خندق الأغلبية.
4 ـ إذا كان الحزب الحاكم مهدد بالزوال بزوال الرئيس الحاكم الذي يلتف حوله، فإن بعض أحزاب المعارضة هي أيضا مهددة بالزوال بزوال الزعيم المعارض الذي تلتف حوله. وأقصد هنا تحديدا "التحالف" و"التكتل" أطال الله في عمر قائديهما. لقد أصبح من الضروري جدا التفكير الجاد في مستقبل هذين الحزبين اللذين يشكلان العمود الفقري للمعارضة الموريتانية.
ومع أنه لا أحد يستطيع أن يشكك في شرعية الزعامة الأبدية للزعيمين لأنهما قدما من التضحيات والنضال والجهد ما يشرع لهما تلك الزعامة، إلا أنه مع ذلك أصبح من الملح أن يقترح الزعيمان نائبين لهما، ويمنحاهما صلاحيات واسعة، ويشرفا على تأهيلهما لقيادة الحزبين في المستقبل، حتى لا تنهار المعارضة بانهيار عمودها الفقري، في اللحظة التي يغيب فيها أحد الزعيمين أطال الله عمر الجميع.

ختاما: إن مستقبل المعارضة يجب أن لا يكون قضية تخص المعارضة لوحدها، بل يجب أن يكون قضية لكل من يهمه مستقبل الديمقراطية، ومستقبل هذا البلد الذي أضاع نصف قرن، والذي قد يضيع نصف قرن آخر، إذا لم نغير نظرتنا للوطن،وللسلطة، وللمعارضة، وإذا لم نبتدع في نفس الوقت أساليب جديدة لمواجهة همومنا ومشاكلنا المزمنة.
تصبحون على معارضة قوية..
وإلى الأحد القادم إن شاء الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق