الأربعاء، 20 أغسطس 2025

تفاهات (2)


أكثركم تفاهة أكثركم متابعة!

غاب نقاش الأفكار والرؤى في هذا الفضاء، ولم يعد هناك نقاش فكري أو ثقافي أو سياسي مفيد، وذلك بعد أن هيمن النقاش السطحي والتافه، هذا  في أحسن الأحوال، أما في أسوئها، وهو الغالب الأعم فقد هيمن  الكلام الساقط والمسيء، وسيطرت البذاءة،  فأكثركم اليوم إساءة سيكون أكثركم غدا متابعة، وبعد كل معركة بائسة بين شخصين أو أكثر في هذا الفضاء تستخدم فيها أشد الأسلحة بذاءة وإساءة ستزداد المتابعة وحجم التفاعل بالنسبة للطرفين المتنابزين، الظالم والمظلوم منهما، المجرم والضحية، وهو ما يعني أن الجميع "سيربح" بقياس حجم التفاعل ومستوى المتابعة، ومن كان أكثر بذاءة وسوقية ستحظى مناشره وبثوثه بتفاعل أكثر ( أشير هنا إلى أنك عندما تعلق لشخص ما بكلمة مسيئة تشتمه بها، فأنت بذلك تتفاعل معه، وترفع من قيمة منشوره، فما يهم في هذا الفضاء هو حجم التفاعل إيجابيا كان أو سلبيا لا محتواه).

 الظاهر للأسف أن الحال سيستمر على هذا المنوال، ما دامت المعارك الشخصية تزيد الإعجابات والمتابعة، فأشهر المتابعين في هذا الفضاء زادت متابعتهم بعد معارك وصراعات شخصية لا فائدة من ورائها للمجتمع والدولة.

إن جمهور هذا الفضاء لا يريد إلا المعارك الشخصية التي تستخدم فيها لغة السب والشتم بكثافة، وإن صادف أحدهم منشورا يتضمن فكرة مفيدة تركه دون إعجاب أو تعليق بحثا عن كلام ساقط وسيء لا يتضمن أي فكرة مفيدة.

نعم سيستمر الحال على حاله، فالتفاهة هي بالضبط ما يريده نشطاء هذا الفضاء، وهي وحدها التي تزيد من حجم التفاعل لمن يعتمدها نهجا وأسلوبا في التدوين.   

فبأي منطق تريدون أن تختفي التفاهة، ما دام المتلقي يريدها، ولا يريد غيرها، وما دامت من جهة أخرى هي الوسيلة الأكثر نجاعة لزيادة حجم المتابعين ومستوى التفاعل؟

-----

تفاهات (3)

منذ عقود وأنتم تصفقون لهم، وترفعونهم مكانا علياً في المجتمع، وتغدقون عليهم الأموال الطائلة، وتعزمونهم في ولائمكم العامة والخاصة، وتستخدمونهم فيما تعرفون. واليوم تتظاهرون بأنكم صُدِمتم بما فعل "اثنان" أو "اثنتان" منهم أمام الكاميرا؟ 

هاذ ياسر من اتبهليل..  

كل ما يفعل هؤلاء من منكرات الأعمال عليكم منه وزر، يا من فتحتم لهم غرف نومكم، وعزمتوهم في ولائمكم الخاصة، وأنفقتم عليهم بسخاء، وسرَّكم ما كانوا يفعلون من ضلالة.  

بكل تأكيد. لن تتوقف مثل هذه المنكرات في مجتمع يقوده التافهون، وتسيطر فيه "قيم" التفاهة، ويتنافس أغلب أفراده في جمع المال الحرام، بأكثر الوسائل والطرق شبهة وحرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق