السبت، 19 فبراير 2022

ألم يحن الوقت لإطلاق حراك شعبي ضد الفساد والمفسدين؟

 


إن أي متابع فطن للشأن العام لابد وأن تكون قد استوقفته ردود الأفعال المتباينة على خطابين هامين وشبه متزامنين ألقاهما فخامة رئيس الجمهورية في مناسبتين مختلفتين، تم تنظيمهما أو تخليدهما في آخر شهرين من العام الماضي.

يتعلق الخطاب الأول بخطاب الذكرى الإحدى والستين للاستقلال، والذي تحدث فيه الرئيس ـ وبشكل واضح ـ  عن الفساد وخطورته. أما الخطاب الثاني فهو خطاب وادان، والذي تحدث فيه الرئيس ـ وبشكل واضح أيضا ـ عن خطورة التراتبية الاجتماعية والخطاب المكرس لها.

كانت ردود الأفعال على الخطابين متباينة جدا، وذلك على الرغم من أنهما تحدثا عن موضوعين لا يمكن التفريق بينهما على مستوى الخطورة وإلحاح المواجهة، وإذا كان لابد من التمييز بينهما فيجب أن يكون لصالح محاربة الفساد، ذلك أنه لن يكون بإمكاننا أن نتحدث عن لحمة اجتماعية وعن استقرار في ظل تفشي الفساد، وهذا ما أشار إليه الرئيس في خطاب الاستقلال عند تعداده لمخاطر الفساد والتي ذكر منها : " هتكه قواعد دولة القانون، بما يضعف ثقة الأفراد فيها، ويصيب النسيج الاجتماعي في الصميم".إن تفشي الفساد قد أصبح بالفعل من أخطر ما يهدد اللحمة الاجتماعية واستقرار البلد، فالفئات الهشة والفقيرة في المجتمع لم تعد قادرة على تحمل المزيد من الفقر والتهميش والصبر على ذلك، في الوقت الذي ترى فيه موارد البلد وخيراته ينهبها المفسدون ويبذرونها تبذيرا.

كانت ردود الأفعال على الخطابين متباينة جدا، فخطاب وادان حُظي بردود أفعال إيجابية واسعة، فنظم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية مهرجانا حاشدا لتثمينه، وأشاد العديد من السياسيين المحسوبين على المعارضة بمضامينه. أما بالنسبة لخطاب الاستقلال الذي ركز على الحرب على الفساد فإنه لم يحظ بما يستحق من اهتمام لا في فسطاط الأغلبية، ولا في فسطاط المعارضة.

فلماذا هذا التمييز الواضح بين الخطابين؟ فهل هناك من الطبقة السياسية من لا يرتاح لمحاربة الفساد؟ ثم أين هم ضحايا الفساد وغالبية الشعب الموريتاني من ضحايا الفساد؟ ولماذا لم يُظهروا أية ردة فعل إيجابية على خطاب الاستقلال، تثمينا له ودعوة لتنفيذ ما جاء فيه من وعود هامة؟

إن ضحايا الفساد هم أولى الناس بتبني خطاب الاستقلال، وهم الذين كان يجب عليهم أن يظهروا مناصرتهم ودعمهم لأي خطوة تتخذ في هذا الاتجاه عند تقاعس غيرهم لأسباب مفهومة أو غير مفهومة.

يمكنني أن أجزم أن المشمولين في ملف العقارات، وغيره من الملفات الأخرى التي تم فتحها مؤخرا، يعملون الآن ـ وبكل جهد ـ من أجل إغلاق تلك الملفات، والعودة إلى الوراء، وكأن شيئا لم يكن. ومن هنا تبرز أهمية إطلاق جهود مجتمعية موازية منظمة وواعية تثمن أي خطوة يتم اتخاذها في مجال محاربة الفساد، وتواكب كل ملف فساد يتم فتحه حتى لا يغلق ذلك الملف من قبل أن يصل إلى منتهاه.

إن تجاهل صناع الرأي العام لما جاء في خطاب الاستقلال من تعهد بمحاربة الفساد، وغياب أي مناصرة شعبية لفتح ملف العقارات وما تزامن معه من إقالات . إن تجاهل كل ذلك ليستدعي منا كمهتمين بمحاربة الفساد أن نفكر معا ونبحث معا عن أفضل الآليات لخلق ذراع شعبي قادر على دعم ومناصرة ما قيم به من خطوات، وقادر أيضا على الضغط لتوسيع تلك الخطوات واستمرارها وفق المقاييس التي حددها رئيس الجمهورية في خطاب الاستقلال، وذلك عندما قال : " لا نريد لمحاربة الفساد أن تكون مجرد شعار، أو أن تتحول، هي نفسها، إلى فساد، بالانتقائية، وتصفية الحسابات، والوقيعة في أعراض الناس دون قرينة أو دليل. بل نريدها عملا مؤسسيا فعالا، تصان به موارد الدولة، وينال به المفسدون جزاءهم طبقا للنصوص السارية المفعول."

لقد آن الأوان لأن نتحرك معا ضد الفساد والمفسدين.

حفظ الله موريتانيا..

السبت، 12 فبراير 2022

ضحايا التنقيب عن الذهب ..إحصائيات ومقترحات

 


حاولتُ في مقال نشرته بتاريخ 13 مايو 2019 أن أجمع من خلال البحث في الانترنت ما تم نشره من أخبار عن انهيارات أدت إلى سقوط ضحايا في مناطق التنقيب عن الذهب. عدتُ اليوم إلى المقال المذكور وأضفت إليه بعض الأرقام الجديدة التي نشرها مركز الصحراء للدراسات والاستشارات على موقعه على الانترنت عن وفيات حدثت بعد 5 يناير 2021. ثم قمتُ بعد ذلك بعملية بحث جديدة لتغطية الفترة الزمنية التي لم يشملها المقال ولا إحصائيات موقع الصحراء، أي الفترة الممتدة من 13 مايو 2019 إلى غاية 5 يناير 2021، فكانت النتائج بعد التحيين وبعد المزيد من التدقيق على النحو التالي:

13 فبراير 2017 : وفاة 5 منقبين عن الذهب بسبب انهيار بئر في منطقة تازيازت؛

12 إبريل 2017 :وفاة 3 منقبين على الأقل وإصابة منقب رابع، في انهيار بئر في منطقة تازيازت؛

16 إبريل 2017 : وفاة منقب وإصابة ثلاثة آخرين بجروح؛

27 مايو 2017 : وفاة منقبين اثنين بسبب انهيار بئر؛

19 أغسطس 2017: وفاة منقب بسبب انهيار بئر؛

25 سبتمبر 2017 : وفاة منقبين اثنين بسبب انهيار بئر في منطقة تنومر؛

04 ديسمبر 2017 : وفاة 7 منقبين عن الذهب بسبب انهيار بئر قرب الشامي؛

08  يناير 2018 : وفاة منقب وإصابة آخرين بعد انهيار بئر تنقيب في مكطع لحجار؛.

03 فبراير 2018 : انهيار بئر على 5 منقبين عن الذهب في منطقة أخنيفسات، وقد تم إنقاذ اثنين منهم.

12 فبراير 2018 : وفاة منقب عن الذهب بسبب انهيار بئر؛

 10 سبتمبر 2018:  وفاة منقبين اثنين وإصابة آخرين بعد انهيار بئر للتنقيب عن الذهب؛

09 أكتوبر 2018 : وفاة منقبين اثنين وإصابة آخرين بجروح بعد انهيار بئر تنقيب في منطقة تيجيريت؛

08  نوفمبر2018 : وفاة منقبين اثنين في منطقة تيجيريت، وهما أخوان شقيقان؛

...

 

09 مايو 2019 : وفاة 3منقبين بعد انهيار بئر في منطقة كليب اندور داخل المنطقة العسكرية المغلقة بولاية تيرس الزمور؛

02 يوليو 2019 : وفاة منقب في منطقة تنومر؛

 

04 أغسطس 2019 : وفاة 4 منقبين في منطقة اكليب اندور؛

09 دجمبر  2019: وفاة 3 منقبين في مقلع اصفيه بمنطقة اگليب اندور؛

02 يناير 2020 : وفاة 3 ماليين بعد انهيار بئر؛

07 يناير 2020 : وفاة منقب وإصابة آخرين إثر انهيار بئر تنقيب؛

21 مارس 2020 : وفاة منقب إثر انهيار بئر تنقيب شمال موريتانيا؛

05 يوليو 2020 : وفاة 4 منقبين بعد انهيار بئر  في مجهر الشرفاء بمنطقة اكليب اندور؛

11 أكتوبر 2020: وفاة منقب وإصابة آخر إثر انهيار بئر تنقيب في منطقة تفرغ زينة؛

15  يناير 2021: وفاة منقبين اثنين في انهيار آبار في منطقة الشكات؛

15 مارس2021: وفاة 7 منقبين في انهيار بئر في منطقة الشكات؛

17 إبريل 2021 : وفاة منقب في حادث انهيار بئر للتنقيب بمنطقة الظي المالحات (الصحراء الغربية)؛

20 إبريل 2021 : وفاة منقب بسبب انهيار بئر في منطقة ازكولة؛

30 يونيو 2021: وفاة منقبين اثنين وإصابة ثلاثة في انهيار بئر بتازيازت؛
24 يناير 2022: وفاة 5 منقبين اختناقا داخل أحد الآبار في تازيازت؛

10 فبراير2022 : وفاة 8 منقبين في انهيار آبار في تازيازت.

لقد توفي 79 منقبا خلال السنوات الخمس الأخيرة حسب هذه الإحصائيات والتي هي مجرد جهد شخصي اعتمد على البحث في الانترنت، أي على ما تم نشره في المواقع من انهيارات في مناطق التنقيب أدت إلى وفيات، وهو ما يعني أن هذه الأرقام ما تزال بحاجة إلى المزيد من التدقيق، والراجح أنها أقل من الرقم الفعلي لضحايا الانهيارات في مناطق التنقيب. ثم إن هذا الرقم لا يشمل من توفى في مناطق التنقيب بسبب العطش أو حوادث السير أو إطلاق الرصاص في المناطق الحدودية، إنه رقم خاص فقط بمن توفي من المنقبين بسبب انهيارات في أماكن الحفر.

هذا عن الإحصائيات، أما بخصوص المقترحات التي يمكن أن تقلل مستقبلا من ضحايا الانهيارات في مناطق التنقيب فيمكن إجمالها في النقاط الثلاث التالية:

1 ـ إطلاق حملات توعوية مكثفة في مناطق التنقيب تحث المنقبين على ضرورة إتباع إجراءات السلامة..هذه الحملات التوعوية يمكن أن تطلقها شركة معادن موريتانيا، والاتحادات والتكتلات الممثلة للمنقبين، ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة في مجال التوعية؛

2 ـ المتابعة المستمرة لأماكن الحفر من طرف فنيي شركة معادن والأجهزة الأمنية، وإبعاد المنقبين عن أي منطقة اتضح أنها قد أصبحت تشكل خطرا على حياتهم، مع عدم التساهل في ذلك؛

3ـ تشكيل فرق تدخل إنقاذ مجهزة بالآليات والمعدات الضرورية تتمركز في المناطق الأكثر خطورة، وتكون قادرة على التحرك السريع للاستجابة لأي نداء استغاثة يتم إطلاقه.

ختاما

لقد استطاعت بلادنا أن تحقق تراجعا ملحوظا في الوفيات الناتجة عن حوادث السير بفضل التوعية في مجال السلامة الطرقية، ونشر سيارات الإسعاف على المقاطع الحيوية من الطرق، ولاشك أن بلادنا قادرة كذلك على التقليل من الوفيات الناتجة عن انهيارات الآبار في مناطق التنقيب إن تم التركيز على توعية المنقبين، ونشر فرق الإنقاذ المجهزة في المناطق الأكثر خطورة، مع  الصرامة في إبعاد المنقبين عن الأماكن التي أصبحت تشكل خطرا على حياتهم.    

حفظ الله موريتانيا..                

الأربعاء، 9 فبراير 2022

أي دور للمجتمع في محاربة الفساد؟

 


هناك حربان لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعتبرهما مجرد نزهة، ومع ذلك فلابد من خوضهما لضمان بقاء هذا البلد والحفاظ على استقراره. تتعلق الأولى منهما بالحرب على الفساد، والتي لابد من خوضها لتحرير إدارتنا وتخليصها من عصابات وميليشيات المفسدين الذين يسيطرون عليها منذ سنوات، بل ومنذ عقود. وتتعلق الثانية بالحرب على المخدرات، والتي لابد من خوضها هي أيضا لإنقاذ شبابنا من المخاطر المدمرة للمخدرات.

في هذا المقال سنتحدث عن الحرب على الفساد، وسيقتصر حديثنا على دور المجتمع في محاربة الفساد، وذلك على افتراض أن القرار بمحاربة الفساد والعمل بتقارير المفتشية العامة للدولة قد تم اتخاذه من طرف أعلى سلطة في البلاد، وأنه لا رجعة في ذلك القرار، وأن الأيام والأسابيع القادمة ستكون حبلى بإقالة وإعفاء كل موظف قالت تقارير المفتشية بفساده.

بدءا لابد من الاعتراف بأن مجتمعنا أصبح يشكل بالفعل حاضنة قوية للفساد والمفسدين، وأنه يعاني منذ عقود من انقلاب خطير في القيم حصل المفسدون بموجبه على كل أشكال التمجيد والتقدير من المجتمع، وكان فيه نصيب الموظفين المستقيمين الخلود في الدرك الأسفل من سلم الإدارة، مع نظرات الاحتقار والازدراء التي يقابلون بها أينما ولوا وجوههم.

إن المفسد في بلادنا ترفعه أمواله المسروقة، والتي ينفق منها بكرم حاتمي في المواسم الانتخابية، وعلى المبادرات الداعمة، وعلى "خبراء التلميع" في القبيلة و الصحافة والتدوين والشعر والفن، ترفعه تلك الأموال المسروقة مكانا عليا على المستوى السياسي والاجتماعي والوظيفي، ولذا فعندما يُقال مثل هذا الموظف أو يُساءل قضائيا في تهم تتعلق بفساد واضح وجلي تُعلن حالة استنفار في القبيلة، ويتسابق خبراء التلميع الممتلئة بطونهم من ماله الحرام في الدفاع عنه.

ليس من الغريب أن يفاجأ الواحد منا بشخص عهده وإلى وقت قريب ينادي بأعلى صوته مطالبا بمحاربة الفساد، يفاجأ به وقد انقلب 180 درجة بسبب إقالة أو اتهام قريب له بالفساد، وكثيرا ما يتحول ذلك الشخص ـ وبسرعة البرق ـ من مناضل ضد الفساد إلى مدافع عن مفسدي القبيلة إذا ما تم المساس بمصالحهم، حتى ولو اقتصر ذلك المساس بمجرد إقالة مؤقتة قد تأتي من بعدها وظيفة أحسن منها.

إنه لمن المؤسف حقا أن أغلب من يطالبون بمحاربة الفساد، يتحولون في غمضة عين إلى مدافعين عن الفساد، وذلك عندما يكون المفسد الذي تعرض لعقوبة  من أبناء القبيلة أو الشريحة أو الجهة.

هذه هي حقيقتنا التي يجب أن تقال بأعلى صوت، فمجتمعنا قد أصبح  يشكل ـ وللأسف الشديد ـ حاضنة قوية للفساد والمفسدين، والكثير من نخبنا قد يطالب بالحرب على الفساد ويتحمس لها، ولكن بشرط أن تستثني أقاربه من أي عقوبات على ما يرتكبون من فساد.

إننا اليوم بحاجة إلى جهد كبير للانتقال بمجتمعنا من مجتمع حاضن للفساد إلى مجتمع محارب للفساد، ولن يتحقق ذلك الانتقال إلا بجملة من الأمور لعل من أبرزها :

1 ـ أن يتعهد كل مهتم بالشأن العام يطالب بمحاربة الفساد أنه لن يتعاطف مع أي قريب له،  يظهر اسمه في ملف فساد، بل على العكس من ذلك فإنه سيطالب بتطبيق القانون في حق ذلك القريب المفسد، وبنفس الحماس الذي كان يطالب به بتطبيق القانون في حق مفسدين آخرين من غير أقاربه. على المستوى الشخصي فإني أتعهد للقراء بذلك؛

2 ـ العمل من طرف النخب المناهضة للفساد على خلق رأي عام وطني داعم لأي خطوة تتخذ ضد الفساد والمفسدين مع الضغط من أجل اتخاذ المزيد من الخطوات الرادعة ضد الفساد والمفسدين؛   

3 ـ الوقوف الحازم من طرف النخب المناهضة للفساد ضد أي محاولة قد يقوم بها المفسدون للتشويش على أي خطوة قد تتخذ في محاربة الفساد، فمن المعروف أن المفسدين يمتلكون قدرات كبيرة للتنسيق فيما بينهم إذا ما استشعروا بالخطر، وهم يمتازون بالحيوية والنشاط والقدرة على الأخذ بزمام المبادرة، وذلك على العكس ممن يمكن أن يوصفوا بالاستقامة ونظافة اليد، فهؤلاء لا يمتلكون في العادة القدرة على التنسيق، وتنقصهم الحيوية والنشاط، ونادرا ما يأخذون بزمام المبادرة؛

4 ـ على ضحايا الفساد في المجتمع، وخاصة الشباب، أن يدركوا أن الحرب على الفساد هي حربهم من قبل أن تكون حرب أي جهة أخرى، ولذا فعليهم أن لا يقبلوا أن تخاض هذه الحرب بالنيابة عنهم، أي أنه من الواجب عليهم أن يكونوا في صفوفها الأمامية . عليهم أن يكونوا في الصفوف الأمامية من خلال التوعية بخطورة الفساد، وكشفه، ودعم كل خطوة تتخذ للحد من الفساد وتضييق الخناق عليه.

الجمعة، 4 فبراير 2022

ماذا ننتظر في النصف الثاني من المأمورية؟


انتهى النصف الأول من مأمورية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مع فاتح الشهر الثاني من هذا العام، وقد تكون هذه مناسبة لنتوقف قليلا مع ما تحقق من إنجازات خلال النصف الأول من المأمورية، ومع ما لم يتحقق، دون أن ننسى أهم شيء يجب أن يكتب عنه في مثل هذا التوقيت بالذات، ألا وهو ماذا ننتظر في النصف الثاني من المأمورية؟.

أولا / ما تحقق من إنجازات في النصف الأول من المأمورية؟

يمكن أن نُجْمِل ما تحقق من إنجازات في النصف الأول من المأمورية في النقاط التالية :

1 ـ تهدئة وتطبيع الحياة السياسية؛

2 ـ رفع العديد من المظالم؛

3 ـ الاهتمام بالفئات الهشة؛

4 ـ التمكن من الحد من الانعكاسات السلبية لجائحة كورونا، فعلى المستوى الصحي فهناك إشادة دولية بالجهود المبذولة في هذا المجال وبارتفاع مستوى نسبة التلقيح في بلادنا، وعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي فيكفي أن نشير إلى أنه لم تغلق أي شركة أو مؤسسة عمومية خلال فترة الجائحة، ولم تتم أي عملية تسريح للعمال في أي مؤسسة عمومية، بل على العكس من ذلك فقد وصلت عمليات الاكتتاب في فترة الجائحة في بعض القطاعات العمومية إلى أرقام غير مسبوقة لم يتم الوصول إليها من قبل الجائحة؛

5 ـ الحد من مستوى الجريمة وتفشيها، وذلك بعد أن بلغت في بعض الفترات مستويات مخيفة ومقلقة؛

6 ـ الاهتمام الملحوظ بالسلامة الطرقية من خلال التركيز على التوعية، ونشر العديد من سيارات الإسعاف المجهزة على شبكتنا الطرقية، وكذلك نشر بعض الرادارات لمراقبة السرعة، وقد بدأت هذه الإجراءات تعطي ثمارها لمن يتابع ـ وبانتظام ـ الحصيلة السنوية لحوادث السير في بلادنا؛

7 ـ تضاعف الاحتياطي من العملات الصعبة خلال العام 2021مقارنة بالعام 2019، ووصوله إلى مستوى يكفي لتغطية واردات البلاد من السلع والخدمات لسنة كاملة؛

8 ـ هناك إنجازان هامان ستكون لهما انعكاساتهما الاقتصادية الهامة، وهما يعكسان نجاحا دبلوماسيا مهما، وقد عجزت عن تحقيقهما الأنظمة السابقة، يتعلق أولهما بالاختراق الهام الذي تحقق في ملف ديون الكويت، ويتعلق الثاني بتوقيع مذكرة تفاهم بخصوص تشييد طريق بطول 800 كلم يربط بين مدينتي تندوف وازويرات.

ثانيا / ما لم يتحقق من إنجازات كنا ننتظرها خلال النصف الأول من المأمورية

1 ـ  على مستوى محاربة الفساد لوحظ خلال النصف الأول من المأمورية البطء في مسار ملف العشرية، ولوحظ كذلك ـ وهذه هي الأهم ـ عدم الصرامة في مواجهة ما حدث من فساد خلال النصف الأول من المأمورية؛

2 ـ من الملاحظ كذلك خلال النصف الأول من المأمورية عدم الأخذ بمبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب في العديد من التعيينات؛

3 ـ البطء في إطلاق وتفعيل بعض المشاريع الهامة التي تم الإعلان عنها في النصف الأول من المأمورية، كالشركة الموريتانية للمنتجات الحيوانية، ومركزية الشراء وتموين السوق؛

4 ـ البطء كذلك في بعض مشاريع البنية التحتية، وخاصة منها ما يتعلق بترميم المقاطع المتهالكة من طريق الأمل؛

5 ـ ضعف الأداء السياسي والإعلامي للنظام.

ثالثا / ماذا ننتظر في النصف الثاني من المأمورية؟

1 ـ ننتظر في النصف الثاني من المأمورية حربا جديا على الفساد والمفسدين، تتمثل في تسريع وتيرة ملف العشرية، ومواجهة ما تم ارتكابه من فساد خلال النصف الأول من المأمورية بصرامة قوية. هناك إشارات جدية في هذا الاتجاه منها ما جاء في خطاب الذكرى الإحدى والستين لعيد الاستقلال الوطني، ومنها إلحاق المفتشية العامة للدولة بالرئاسة وتعيين مفتش عام معروف بالاستقامة والصرامة، ومنها أيضا ما حدث في الأيام الأخيرة من إقالات وإعفاءات لبعض الموظفين الذي تحوم حولهم شبهات فساد. من المنتظر أن تزداد وتيرة الإقالات والإعفاءات بسبب الفساد خلال الأسابيع القادمة؛

2 ـ ننتظر في النصف الثاني من المأمورية أن تكون هناك مراجعة شاملة لملف التعيينات، وأن تعطى الأولوية في التعيينات لأصحاب الكفاءة المشهود لهم بنظافة اليد، ويتأكد الأمر أكثر في مجالين هامين من التعيينات، يتعلق أولهما بالتعيين في القطاعات والمؤسسات الخدمية ذات الصلة المباشرة بحياة المواطن وظروف عيشه (الصحة، التعليم، الزراعة، التنمية الحيوانية، الماء، الكهرباء..إلخ)، ويتعلق الثاني بالشركات والمؤسسات المستحدثة والتي تم استحداثها نظرا للحاجة الماسة إليها؛

3 ـ  ننتظر في النصف الثاني من المأمورية المسارعة في تفعيل مركزية الشراء وتموين السوق، والقيام بكل ما من شأنه أن يساهم في تثبيت أسعار السلع الأساسية ومواجهة أي ارتفاع قد يحصل في تلك الأسعار.

4 ـ ننتظر في النصف الثاني من المأمورية التسريع من وتيرة تشييد وترميم الطرق، وخاصة منها المقاطع المتهالكة من طريق الأمل. هذه المقاطع المتهالكة تتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة لسالكي طريق الأمل، ويزداد حجم الخسارة بالنسبة للناقلين، ثم إن مشقة السفر التي يعاني منها المسافر عبر هذا الطريق في الوقت الحالي ستجعله ينسى أي إنجاز آخر مهما كانت أهميته، وهذا ما على الحكومة أن تدركه، وعليها أن تدرك أيضا أن أغلب الموريتانيين يسافرون عبر هذا الطريق .

5 ـ  ننتظر في النصف الثاني من المأمورية أن تكون هناك التفاتة قوية إلى الذراع السياسي والإعلامي للنظام. صحيح أن هذا الملف لا يعني المواطن بشكل مباشر، وإنما يعني النظام بالدرجة الأولى. إن الكثير من داعمي النظام، وخاصة أولئك الذين اهتموا بالسياسة أو زاد اهتمامهم بها خلال الانتخابات الرئاسية الماضية لثقتهم في شخص الرئيس قد بدؤوا يفقدون الحماس، ومنهم من بدأ في مراجعة مواقفه وتخندقه السياسي.

ختاما

من الواضح أن هناك إشارات قوية جدا تقول بأن النصف الثاني من مأمورية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني سيشهد تنفيذ بعض الإصلاحات التي وعد بها فخامته في خطاب الاستقلال، وذلك عندما قال، وبالحرف الواحد : " صحيح، أن وتيرة تنفيذ بعض المشاريع غير مرضية. وصحيح كذلك، أن ثمة نواقص وصعوبات على بعض المستويات. لكننا مدركون لها، وعاكفون على تصحيحها."

إن سبب التأخر في هذه الإصلاحات هو أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني كان قد ضبط وتيرة الإصلاح على عقارب ساعته هو، والتي لا شك أن حركتها تتأثر ببعض الإكراهات والتعقيدات والظروف، عكس ساعاتنا نحن التي تسير بسرعة أحلامنا وآمالنا، ودون أن تتأثر سلبا بأي إكراهات وتعقيدات، وهذا هو ما جعلنا نعتقد مخطئين بأن عجلة الإصلاح كان بإمكانها أن تبدأ في الدوران وبالسرعة التي نريد، خلال الساعات الأولى من تسلم السلطة.

حفظ الله موريتانيا..