الجمعة، 30 نوفمبر 2012

بالبريد السريع...إلى الصحفي محمد فال ولد عمير



إلى متى تستمر إهانة اللغة العربية في موريتانيا؟
فكم هو مؤسف أن يصر الصحفي محمد فال ولد عمير على أن يطرح أحد أسئلته باللغة الفرنسية، وأن يصر في نفس الوقت على أن يجيبه الرئيس باللغة الفرنسية.
وكم هو مؤسف أن يستجيب الرئيس لطلب الصحفي محمد فال ولد عمير ولشرطه، فيجيب على السؤال المذكور باللغة الفرنسية..
ألا يكفي الصحفي محمد فال ولد عمير  أن الرئيس كان أول شيء فعله بعد خروجه من المستشفى الفرنسي هو  التحدث باللغة الفرنسية، ومن العاصمة الفرنسية، وعبر قنوات وإذاعات وجرائد فرنسية؟
ألا يكفي الصحفي محمد فال ولد عمير بأن أول حديث مصور للرئيس الموريتاني بعد شفائه كان في قناة فرنسية و باللغة الفرنسية؟
ألا يكفي الصحفي محمد فال ولد عمير بأن أول حديث مسموع للرئيس الموريتاني بعد شفائه كان عبر الإذاعة الفرنسية وهو يتحدث باللغة الفرنسية؟
ألا يكفي الصحفي محمد فال ولد عمير بأن أول حديث مقروء للرئيس الموريتاني بعد شفائه كان في جريدة  فرنسية و باللغة الفرنسية؟
فلماذا بعد هذا كله يصر الصحفي محمد فال ولد عمير على أن يجيبه الرئيس على أحد أسئلته  بالفرنسية في المؤتمر الصحفي الذي عُقد بعد يوم واحد من ذكرى "الاستقلال"؟
ولماذا استجاب الرئيس للصحفي محمد فال ولد عمير ؟ ألم يشبع الرئيس من الحديث بالفرنسية خلال مقابلاته المصورة والمسموعة والمكتوبة مع التلفزيونات والإذاعات والجرائد الفرنسية؟
كنا نتمنى ـ على الأقل ـ  أن تمر ذكرى الاستقلال دون أن يساء بشكل مباشر وصريح للغة العربية، ودون أن يساء للمادة السادسة من الدستور، ولكن يبدو أن هناك من لا يزال يصر على أن يحرمنا من تحقيق أبسط أمانينا.
فإلى متى ستسمر إهانة اللغة العربية لغة القرآن ولغة الدستور في هذا البلد؟
وهل نحن بحاجة إلى مرور نصف قرن آخر حتى نكون على استعداد للتصالح مع لغتنا الدستورية؟ وهل نحن بحاجة إلى مرور نصف قرن آخر على "الاستقلال" حتى نتأكد بأن اللغة الفرنسية ما هي إلا لغة المستعمر، وليست بلغتنا، وأننا يجب أن لا نستخدمها إلا لضرورات قاهرة يفرضها التواصل والانفتاح على الغير، ليس إلا.
تصبحون وأنتم تحترمون المادة السادسة من الدستور...

الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

هذا هو الجديد في خطاب الرئيس!!



تابعت باهتمام كبير خطاب الرئيس، وخرجت بعد متابعته بجملة من الملاحظات اللافتة التي تستحق أن نتوقف عندها، وذلك لأنها هي التي تمثل الجديد في ذلك الخطاب، حتى وإن كان ذلك الجديد لم يكن هو الجديد الذي كان يتوقعه الموريتانيون.
لقد توقع الموريتانيون أن يأتيهم خطاب الرئيس بالجديد، فجاءهم الخطاب بالجديد، ولكنه كان جديدا غير منتظر، ولأنه لم يكن هو الجديد المنتظر، فربما يجعله ذلك يمر دون أن يُشعر به، وحتى لا يحدث مثل ذلك، فقد ارتأيت أن أخصص هذا المقال لإبراز الجديد المتخفي في ثنايا خطاب الرئيس، وسيتم ذلك من خلال الملاحظات التالية:

الملاحظة الأولى: لقد اختفت ـ وبشكل كامل ـ كلمة جديد من كل خطاب الرئيس، كما اختفى شعار "موريتانيا الجديدة"، وشعار "تجديد الطبقة السياسية" من كل الخطاب، هذا فضلا عن اختفاء  شعار"الحرب على الفساد" و شعار"التغيير البناء" وشعارات أخرى ارتبطت في أذهان الموريتانيين بموريتانيا الجديدة .
وبطبيعة الحال فإن اختفاء مثل تلك الشعارات، والتي لم يذكر أي منها ولا بالإشارة، في كل خطاب الرئيس يعد جديدا في حد ذاته، وربما يكون تجاهل تلك الشعارات هو نتيجة لتحول يعيشه الرئيس، لم تضح ملامحه بعد، وإن كان العنوان الأبرز لهذا التحول هو أن "موريتانيا الجديدة" لم تعد تمثل أي شيء في برنامج الرئيس، أو أنها أصبحت بالنسبة له حلما يستحيل تحقيقه.

الملاحظة الثانية : لقد غابت نسبة 70%  (النسبة الشهيرة) عن كل خطاب الاستقلال، ولم يشر الرئيس في خطابه على النسب التي تحققت من برنامجه الانتخابي. وربما يعود ذلك إلى أن الرئيس قد اكتشف متأخرا بأن تكرار نسبة 70% دون زيادة منذ إطلاقها، قد يعطي انطباعا بأن الحكومة قد توقفت نهائيا عن العمل وعن الإنجاز منذ تلك اللحظة التاريخية التي تمكنت خلالها من إنجاز 70% من البرنامج الانتخابي لرئيس الفقراء. أما القفز في الوقت الحالي، إلى نسب أعلى من نسبة 70%  فهو قد يثير سخرية المواطنين، لذلك فلم تحسب النسب المتحققة من برنامج الرئيس، وتم تجاهلها في هذا الخطاب. وربما سيستمر ذلك التجاهل، لأن الحديث مستقبلا عن نسبة 70% سيعني أن الحكومة قد توقفت تماما عن الانجاز منذ انجازها لتلك النسبة. أما زيادة نسبة المنجز من برنامج الرئيس إلى 80% أو إلى 90% فإنه سيثير سخرية الشعب، وسيزيد من تهكمه وتنكيته حول مصداقية تلك النسب.

الملاحظة الثالثة بدا تسلسل فقرات الخطاب غريبا أو جديدا إذا شئتم، رغم أنه يعكس ـ وبدقة كبيرة ـ  حقيقة الواقع الذي تعيشه موريتانيا منذ 10 يوليو 1978 وحتى اليوم. لقد بدأ الخطاب بالعسكر، وانتهى بالشعب، وذلك بعد أن تم تخصيص أول فقرة من الخطاب للجيش وللإنجازات التي حققها، أما آخر فقرة من الخطاب فقد تم تخصيصها لشكر الشعب الموريتاني، والذي تأخر الرئيس كثيرا في شكره، ليس في خطاب الاستقلال فحسب، وإنما أيضا في كل الحوارات التي أجراها الرئيس بعد تماثله للشفاء.
 وإذا ما نظرنا إلى القوات المسلحة بوصفها قطاعا كغيرها من قطاعات الدولة، فهنا سنجد كذلك بأن الانجازات المرتبطة بها قد جاء ذكرها في أول الخطاب، ثم تلتها الإنجازات المتحققة في قطاع الحالة المدنية، ثم جاءت القطاعات الأخرى، وذلك من قبل أن يختم الرئيس خطابه بقطاع الصحة وبدولة القانون.
والحقيقة أن الرئيس قد وُفق تماما عندما أخر قطاع الصحة في خطابه، فقد تزامن تسجيل الخطاب مع موت طفلين في مقاطعة أركيز، وهو ما كشف شيئا يسيرا من المشاكل الكثيرة التي يتخبط فيها ذلك القطاع. أما الحديث عن دولة القانون بعد الحديث عن قطاع الصحة المريض فهو يكفي لوحده، لكي نعرف مدى ضآلة ما تحقق من انجاز على صعيد بناء دولة القانون.
ولعل الجديد الذي يمكن إبرازه من خلال هذه الملاحظة، هو أن الرئيس لم يتحدث عن الانجازات في قطاع الطرق، وكانت تلك سابقة من نوعها. فمن المعروف أن تشييد الطرق ظل يشكل دائما الموضوع الرئيس في أي خطاب رسمي، حتى وصل الأمر في وقت من الأوقات إلى أن أصبحت الطرق المشيدة هي أول انجاز يتحدث عنه وزير التوجيه الإسلامي، أو وزير البيئة، أو وزير العدل، أو أي وزير آخر إذا ما أراد أن يتحدث عن الانجازات المتحققة في قطاعه.
ومن اللافت في هذه الجزئية من الخطاب أن الرئيس لم يتحدث عن قطاع العدل في كل الخطاب، حيث لم يذكر كلمة القضاء بدلالتها المرتبطة بالعدل، ولا لمرة واحدة. وهذا من الجديد الذي جاء به خطاب الاستقلال، خصوصا أننا لا زلنا نذكر بأن توزيع العدالة بين المواطنين، وتسليم كل مواطن "نصيبه من العدل" كاملا غير منقوص، كانا من أهم الوعود التي تم إطلاقها بعد السادس من أغسطس.

الملاحظة الرابعة : ومن الجديد أيضا اختفاء كلمة "جهود جبارة" من كل فقرات الخطاب، حيث لم تذكر هذه الكلمة إلا مرة واحدة، وكان ذلك عند الحديث عما تحقق من انجازات في مجالي الطاقة والمياه رغم أن هذه الكلمة  كانت تتردد كثيرا  في كل الخطابات الرسمية. وبالتأكيد فإن الكثير منكم لا يزال يذكر الانقطاعات المتكررة في الكهرباء بعد أن أعلن الرئيس عن تفكير الحكومة في تصدير الفائض من الكهرباء إلى الدول المجاورة، وهذا ما يؤكد أن كلمة "جهود جبارة" تم وضعها في المكان المناسب لأنها جاءت في الخطاب لتصف حجم الإنجازات المتحققة في قطاعي الطاقة والمياه!!

الملاحظة الخامسة : لقد وقع خلط كبير في الأزمنة، ومع أن ذلك الخلط ظل يحدث باستمرار في كل الخطابات الرسمية، إلا أن الجديد هنا هو أنه هذه المرة قد حدث يشكل صريح وواضح جدا.
لقد تحدث الرئيس في خطابه عن منتديات التعليم وكأنها قد اكتملت، وطًبقت نتائجها. وتحدث أيضا عن مياه مقطع لحجار وكأنها قد تدفقت مع أن الحقيقة ليست كذلك.
تلكم كانت بعض الملاحظات السريعة التي حاولت من خلالها  أن أترصد الجديد في خطاب الاستقلال، ذلكم الخطاب الذي لم يأت بأي جديد مما كان ينتظره الشعب الموريتاني، حيث جاءت الزيادة في الأجور مخيبة للآمال، وحيث تم تجاهل الأزمة السياسية يشكل كامل، وهي الأزمة التي كان الكل يتوقع أن يخصص لها الرئيس جل خطابه، وأتمنى أن يستغل الصحفيون المؤتمر الصحفي المرتقب فيركزوا  عليها ـ دون غيرها ـ في أسئلتهم.

ولعل من أكثر ما استوقفني في هذا الخطاب هو أن المحنة الصعبة التي مر بها الرئيس، بعد إطلاق النار عليه، والتي كان من المفترض أن يكون لها تأثيرا كبيرا عليه، وعلى أسلوبه في الحكم، لم تنعكس على الخطاب، ولا  حتى على أي فقرة من فقراته، أو أي كلمة من كلماته.  
تصبحون على الجديد المنتظر...

الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012

فاصلة خارج النص


لأني مواطن موريتاني، ولأني أشعر اليوم ـ كالكثير منكم ـ  بإفلاس في المشاعر اتجاه وطني، فقد فعلت كما يفعل التاجر المفلس الذي يبحث دائما في أوراقه القديمة. لقد بحثت اليوم في أوراقي القديمة لأستخرج منها نصا قديما، وذلك بعد أن فشلت تماما في كتابة أي نص جديد بمناسبة ذكرى الاستقلال.
هذا نص قديم  كنت قد كتبته بمناسبة الخمسينية أعيد نشره بسبب حالة الإفلاس التي أمر بها اليوم، فأرجو المعذرة، وكل ذكرى للاستقلال وأنتم بألف خير.

فاصلة خارج النص

بلادنا عجيبة وأحوالها غريبة..
بلادنا استقلت في العام الستين ..
وزادت مقاطعاتها بواحدة في الذكرى الخمسين..
خمسون عاما مرت على استقلال بلادنا..
خمسون عاما وثمانية رؤساء تعاقبوا..
صفقنا لهم بسذاجة..
زغردنا لهم بسذاجة..
هتفنا لهم بسذاجة..
ساندناهم بسذاجة..
قلنا لهم في شرق البلاد عندما زارونا بأننا بألف خير..
قلنا لهم في غربها بأننا بألف خير..
قلنا لهم في شمالها بأننا بألف خير..
قلنا لهم في جنوبها بأننا بألف خير..
وقلنا لهم في وسطها بأننا بألف ألف خير..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بلادنا عجيبة .. مدنها وقراها يختفي جوعاها عندما يزورها الرئيس ..
تختفي أحزانها ..
تنفرج همومها..
ترتفع ضحكات أهلها..
يزلزل التصفيق أرضها..
تضرب خيامها ..تبسط سجادها.. تفرش زرابيها.. يوم قدوم الرئيس..
يتآخى أبناء المدينة ..
يصطفون كأنهم في صلاة ..
يجاهدون لمصافحة الرئيس..
يكذب كل من في المدينة..
ويكذب كل من في القبيلة.. ويقول بأنه بألف ألف خير..
هكذا كان حال مدننا وقرانا وقبائلنا يوم زارها المنقلب الأول..
هكذا كان حالها يوم زارها المصحح الأول..
هكذا كان حالها يوم زارها المنقذ الأول ..
هكذا كان حالها يوم زارها المخلص الأول..
هكذا كان حالها يوم زارها الفقير الأول..
هكذا كان حالها في الذكرى العشرين..
هكذا كان حالها في الذكرى الخمسين..
في بلادنا نتنفس بتوجيهات من الرئيس..
نضحك بتوجيهات من الرئيس..
ننام بتوجيهات من الرئيس..
نستيقظ بتوجيهات من الرئيس..
نحيا بتوجيهات من الرئيس..
نموت بتعليمات من سيادة الرئيس..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بلادنا عجيبة وأحوالها غريبة..
بلادنا استقلت في العام الستين ..
وزادت مقاطعاتها بواحدة في الذكرى الخمسين..
بلادنا شعبها كالنمل يعمل ليل نهار..
منظماتها على شاشة التلفزيون تعمل ليل نهار..
أحزابها تناضل ليل نهار..
صحفها تتحدث ليل نهار..
جهود جبارة في كل وزارة..
جهود معتبرة في كل إدارة..
وفي بلادنا حديد كثير..
فيها نحاس كثير..
فيها ذهب كثير..
فيها نفط كثير..
فيها سمك كثير..
فيها أرض صالحة للزراعة..
فيها ثروة حيوانية هائلة..
حكومة بلادنا تتسول منذ خمسين سنة..
حكومة بلادنا تعمل ليل نهار منذ خمسين سنة..
ودولتنا العجيبة لا زالت في الذكرى الخمسين عاجزة أن تطعم حفنة من البشر..
عاجزة أن تعلم حفنة من البشر..
عاجزة أن توظف حفنة من البشر..
عاجزة أن تعالج حفنة من البشر..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بلادنا عجيبة وأحوالها غريبة..
بلادنا استقلت في العام الستين ..
وزادت مقاطعاتها بواحدة في الذكرى الخمسين..
في بلادنا خضنا عشرات الحروب..
حاربنا الأمية فانتشرت الأمية..
حاربنا الفقر فزاد الفقر..
حاربنا السمنة ونحن نشكو من سوء التغذية..
حاربنا القمامة فانتصرت علينا القمامة..
حاربنا الإرهاب فخلقنا الإرهاب..
حاربنا الفساد برموز الفساد..
ألف رصاصة مطاطية أطلقناها..
ألف قنبلة صوتية قذفناها ..
ألف خطبة حنجرية دوت في حروبنا العجيبة..
حروبنا العجيبة تزيد من قوة أعدائنا..
فليت رؤساءنا أعلنوا هدنة أبدية مع القمامة..
ليتهم تصالحوا مع الفقر..
ليتهم وقعوا معاهدة مع الفساد..
ليتهم وفروا الغذاء لتشجيع السمنة..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بلادنا عجيبة وأحوالها غريبة..
بلادنا استقلت في العام الستين ..
وزادت مقاطعاتها بواحدة في الذكرى الخمسين..
بلادنا كالبحر.. دررها في القاع..
وجِيَّف أسماكها تطفو على سطح التلفزيون..
تنظم الندوات..
تدير المهرجانات..
تتقاسم التعيينات..
توزع الصفقات..
وتنجح دائما في الانتخابات..
بلادنا صغراؤها أصبحوا كبارا..
وكبراؤها تقزموا فصاروا صغارا..
بلادنا العجيبة لن يصلح حالها إلا إذا أصبح عاليها سافلها..
وسافلها عاليها..
تعدادنا في بلاد العجائب ثلاثة مليون مسلم ..
يُصَلون في كل يوم خمس مرات..
يسرقون بين الصلاة والصلاة..
يكذبون بين الصلاة والصلاة..
ينافقون بين الصلاة والصلاة..
يُزَوِرون بين الصلاة والصلاة..
يظلمون بين الصلاة والصلاة..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بلادنا عجيبة وأحوالها غريبة..
بلادنا استقلت في العام الستين ..
وزادت مقاطعاتها بواحدة في الذكرى الخمسين..
للقبيلة في بلادنا أبناء وأبناء..
للأعراق فيها أحباء وأحباء..
للايدولوجيا كثير من الولاء..
للدول الشقيقة والمجاورة حلفاء وعملاء..
ونحن جميعا لوطننا أعداء..
ولاؤنا مشتت بين القبائل والأشقاء..
بلادنا بلا ولاء..
بلا أبناء..
بلا أحباء..
بلا أصدقاء..
بلادنا يسكنها ثلاثة مليون مهاجر.. كلهم لها أعداء..
في بلادنا ألف ألف سياسي..
وليس فيها سياسي مواطن..
في بلادنا ألف ألف شاعر..
وليس فيها شاعر مواطن..
في بلادنا ألف ألف مثقف..
وليس فيها مثقف مواطن..
في بلادنا ألف ألف تاجر..
وليس فيها تاجر مواطن..
في بلادنا ألف ألف لص..
وليس فيها لص مواطن..
في بلادنا ألف ألف من كل شيء..
وليس في بلادنا مواطن واحد..
نحن في بلادنا أنصار للوحدة العربية..
أنصار للوحدة الإسلامية..
أنصار للوحدة الإفريقية..
أنصار للوحدة الكورية..
في بلادنا نحن أنصار لكل وحدة ..إلا للوحدة الوطنية..
في بلادنا ناصريون..
فيها بعثيون..
فيها إسلاميون..
فيها كادحون..
فيها متطرفون ..
فيها انفصاليون..
فيها غوغائيون..
وليس في بلادنا وطنيون..
في بلادنا مغاربة..
فيها صحراويون..
فيها سنغاليون..
فيها جزائريون..
فيها ليبيون..
فيها صينيون..
فيها أفغان و شيشانيون..
في بلادنا كل أمم الأرض..
ولكن ليس في بلادنا موريتانيون..
في بلادنا ثلاثة مليون مهاجر.. كلهم لها أعداء..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بلادنا عجيبة وأحوالها غريبة..
بلادنا استقلت في العام الستين ..
وزادت مقاطعاتها بواحدة في الذكرى الخمسين..
بلادنا دستورها عجيب..
مادته السادسة تحير كل لبيب..
لم تعط للغة المستعمر أي نصيب..
ورغم ذلك فإدارتنا تتواصل بلغة المستعمر..
تتخاطب بلغة المستعمر..
مسابقات التوظيف بلغة المستعمر..
فواتير الكهرباء بلغة المستعمر..
فواتير الماء بلغة المستعمر..
وصفات الأطباء بلغة المستعمر..
وزير تعليمنا يعتذر عن كل إهانة للغة المستعمر..
وزير اتصالنا لا يتواصل مع موظفيه إلا بلغة المستعمر..
خمسون عاما وبلادنا العجيبة لا زالت تمجد لغة المستعمر..
لا زالت ترفض أن تتخلى عن لغة المستعمر..
ليت أطباءنا تخلوا عن لغة المستعمر.. وتشبهوا بأخلاق أطباء المستعمر..
ليتهم كانوا رحماء كأطباء المستعمر..
ليتهم كانوا بإنسانية أطباء المستعمر..
ليت قضاتنا كانوا بعدالة قضاة المستعمر..
ليت كل موظفينا كانوا كموظفي المستعمر..
لو كان كل موظفي دولتنا العجيبة من بلاد المستعمر..
لكانوا أقرب للمواطن..
أرحم بالمواطن..
مشكلتنا في البلاد العجيبة أن موظفينا ليسوا كموظفي المستعمر..
ومع ذلك فهم يدافعون عن لغة المستعمر..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بلادنا عجيبة وأحوالها غريبة..
بلادنا استقلت في العام الستين ..
وزادت مقاطعاتها بواحدة في الذكرى الخمسين..
بلادنا نصف شعبها بطونه جائعة..
والنصف الآخر قلوبه جائعة..
نصف شعبها جاهل..
والنصف الآخر يتصرف كالجاهل..
نصف شعبها فقير..
والنصف الآخر ينافس الفقراء في أرزاقهم..
نصف شعبها مفسد..
والنصف الآخر مشروع مفسد..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بلادنا عجيبة وأحوالها غريبة..
بلادنا استقلت في العام الستين ..
وزادت مقاطعاتها بواحدة في الذكرى الخمسين..
بلادنا العجيبة تطردنا كل يوم..
تظلمنا كل يوم..
تُحرجنا كل يوم..
تذلنا كل يوم..
تهيننا كل يوم..
تقتلنا كل يوم..
ولكن في بلادنا شيء عجيب يشدنا إليها كل يوم..
تصبحون على وطن..