الاثنين، 26 يوليو 2010

شكرا للجيش...


تسارعت ردود الأفعال حول العملية التي نفذها الجيش الوطني ضد بعض عناصر القاعدة في الأراضي المالية. وقد كان أغلب تلك الردود مخيبا للآمال، بل ومثيرا للاشمئزاز في بعض الأحيان.
ففي الوقت الذي خاطر فيه بعض جنودنا البواسل بأرواحهم من أجل توفير الأمن لهذا الشعب بساسته وبإعلامييه وبمثقفيه، ففي ذلك الوقت بالذات، تعالت أصوات الكثير من هؤلاء الساسة، والإعلاميين، والمثقفين، من خلال بعض البيانات، والتحليلات، والمقالات، للتشكيك في تلك العملية، وتقديمها على أنها كانت بمثابة إعلان حرب بالوكالة لصالح فرنسا، وعلى أنها ستشرع للقاعدة حربها، وستسبب في توجيه ضربات موجعة قد لا تكون لدينا القدرة لتحملها.
كلام كثير قيل حول تلك العملية التي لازالت بعض تفاصيلها غائبة، وهو كلام يستدعي تقديم بعض الملاحظات العاجلة، والتي قد يكون من الضروري الرجوع إليها فيما بعد بتحليل أعمق، وذلك من أجل تقديم صورة أكثر وضوحا للمواطن العادي حول حقيقة ما يجري.
الملاحظة الأولى : إن النظام الحالي ليس طَيِّعا لفرنسا إلى تلك الدرجة التي يتحدث بها البعض. وهو لو كان يطيعها لتلك الدرجة لَقَبِل أن يطلق بعض سجناء القاعدة في موريتانيا مقابل إطلاق المواطن الفرنسي الذي تم قتله، فذلك أقل كلفة من المغامرة ببعض الجنود في عملية داخل بلد آخر، من أجل إطلاق ذلك المواطن الفرنسي.
ثم إنه علينا أن نتذكر أيضا أن تدهور العلاقات الموريتانية المالية كان بسبب إطلاق إرهابي موريتاني، في عملية تبادل من أجل تحرير مواطن فرنسي آخر. فلو كان النظام الحالي طيعا لفرنسا إلى تلك الدرجة التي يتحدث بها البعض، لما أغضبه إطلاق سراح إرهابي موريتاني من السجون المالية، من اجل إنقاذ الرهينة الفرنسي المحرر.
وعلينا أخيرا أن نتذكر أن النظام الحالي لو كان طيعا لفرنسا إلى تلك الدرجة التي يتحدث بها البعض، لما تجرأ وقطع العلاقات مع العدو الصهيوني بتلك الشجاعة والجرأة، التي تم بها قطع تلك العلاقات.
الملاحظة الثانية: إنه يستحيل أن يتواجد جسديا 10 من القاعدة في مكان واحد إلا لتنفيذ عملية إرهابية. فمقتضيات الأمن بالنسبة لتنظيم مطارد من طرف كل الدول المحيطة به تفرض أن لا يتواجد جسديا عشرة من عناصره، إلا لأمر استثنائي جدا، كتنفيذ عملية إرهابية، خاصة أن وسائل الاتصال الحديثة تغني عن ذلك التواجد.
فتواجد تلك العناصر في مكان قريب نسبيا من الأراضي الموريتانية، يدعم رواية وزير الداخلية الموريتاني، والتي قالت بأن العملية كانت عملية استباقية، لإفشال عملية إرهابية، كان يخطط لها تنظيم القاعدة، في الأراضي الموريتانية.
الملاحظة الثالثة: كوننا نشكل الحلقة الأضعف باتفاق الجميع، فذلك يقتضي منا أن نتعاون مع الغير لمواجهة تنظيم القاعدة. وهذا التعاون يجب أن لا نربطه بقضايا السيادة، التي يجب أن تظل بعيدا عن مثل هذه الأمور.
فالمخدرات، والهجرة السرية، والإرهاب هي قضايا تهددنا كما تهدد فرنسا. وهي قضايا تفرض علينا أن نتعاون مع فرنسا ومع غيرها إلى أقصى الحدود من أجل مواجهتها.ولا يجوز لفرنسا أن تطلب منا ثمنا سياديا من أجل الدعم في هذه القضايا. كما أنه لا يجوز لنا نحن أن نربط التعاون مع فرنسا في مثل هذه القضايا بالتمويل وبالدعم لدى المؤسسات المالية.
فالإرهاب هو عدو للجميع، ومحاربته يجب أن يتعاون عليها الجميع، بعيدا عن ربطها بملفات أخرى.
فنحن لا يمكن لنا أن نستغني عن الدعم الاستخباراتي واللوجستي لفرنسا في حربنا ضد الإرهاب. كما أنه لا يمكن لنا ـ بأي حال من الأحوال ـ أن نستغني عن التعاون مع دول الجوار في هذه الحرب.
الملاحظة الرابعة : يحتج البعض بأن التعاون مع فرنسا سيشرع للقاعدة حربها المعلنة ضدنا. وهذه الحجة تستدعي التذكير ببعض الحقائق، التي يحاول البعض أن يتجاهلها:
1 ـ إن القاعدة لا تنتظر من أي أحد أن يشرع لها حربها، فهي التي وجهت لنا ضربات موجعة في الغلاوية، وفي ألاك، وحتى في العاصمة، في وقت كانت فيه علاقاتنا بفرنسا غير ودية. وفي وقت كانت تتهم فيه فرنسا ساركوزي نظامنا الحاكم بأنه نظام إسلامي سلفي يدعم الإرهاب.
2 ـ إن ما يسمى بقاعدة المغرب العربي، هو الذي أجبرنا نحن للتعاون مع فرنسا في هذه الحرب. فالقاعدة لم تقتل الفرنسيين في الأراضي الفرنسية، ولو قتلتهم في فرنسا أو في بلد آخر لكانت تلك قضية أخرى. المشكلة أنها قتلتهم في حوزتنا الترابية. فالضربات الموجعة التي تلقتها فرنسا من هذا التنظيم، تلقتها في قلب الأراضي الموريتانية. وهو ما يستوجب من الناحية الأخلاقية، والإنسانية، التعاون مع هذا البلد ومع غيره من البلدان الغربية، التي تعرض بعض مواطنيها للقتل أو الخطف وهم ضيوف علينا.
الملاحظة الخامسة : لقد أصبح بعضنا ملكيا أكثر من الملك. فالبعض ينتقد الجيش الموريتاني، لأنه نفذ عملية في الأراضي المالية، رغم أن حكومة هذا البلد هي التي قررت أن تفتح حدودها لملاحقة ومطاردة عصابات الإرهاب والمخدرات. البعض الآخر ينتقد تلك العملية لأنها ستغضب الجزائر، والتي إلى حد الآن لم تندد رسميا بهذه العملية، بل أن بعض المصادر الإعلامية تحدثت عن تنسيق مالي وجزائري لإنجاحها.
فالجزائر ـ حسب هؤلاء ـ ستغضب لأن التعاون الموريتاني الفرنسي في محاربة القاعدة سيزيد من أنصار هذا التنظيم، وسيساعده في التمدد والتوسع وفي تشريع حربه.
ما يلزم قوله هنا هو أن الجزائر الرسمية، لا يمكن لها أن تزايد علينا، في هذه القضية بالذات، لأنها هي التي عملت في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات على " تشريع" الإرهاب ومده بالكثير من الحجج التي ساعدت في تمدده وتوسعه.
الملاحظة السادسة : يتحدث البعض أن هذه العملية قد تكون مبررا لتوجيه ضربات موجعة في المستقبل ضد بلدنا. تلك حقيقة لا يمكن إنكارها. ولكن في المقابل هناك حقيقة أخرى لا يمكن إنكارها، وهي أن القاعدة قتلت جنودنا وهم صيام ومثلت بأجسادهم في الوقت الذي كان فيه جيشنا الوطني مشغولا عنها بالعمل السياسي.
فغدا قد نواجه ضربات موجعة من طرف تنظيم القاعدة، لذلك فإنه من الضروري توجيه بعض التحذيرات "الاستباقية"، حتى لا يقع بعض ساستنا ونخبنا في أخطاء قاتلة:
التحذير الأول: لا يجوز أن نجعل من العملية التي نفذها جيشنا في الأراضي المالية، مبررا للتشفي من هذا الجيش، عندما تنفذ القاعدة مستقبلا ـ لا قدر الله ـ عملية إرهابية ضد بلدنا.
التحذير الثاني: إن أي عملية إرهابية ستنفذ ضد بلدنا، لن يكون من الإنصاف اعتبارها فشلا لقوات أمننا لوحدها. بل ستكون فشلا لنا جميعا. فالنخب حتى الآن لم تلعب دورها بشكل سليم، وحتى المواطن العادي لا زال مقصرا في هذا المجال.
فواجبنا جميعا في مثل هذا الوقت، هو أن نعمل لتوعية المواطن، ولخلق حس أمني لديه، من أجل المساهمة في هذه الحرب، التي يجب أن لا يتخلف عنها أي موريتاني.
الملاحظة السابعة : إن هذه العمليات الاستباقية هي التي ستعيد لجيشنا كرامته. وهي التي ستحمينا من أن تتحول بعض أراضينا إلى مناطق تحتلها القاعدة، لا يجوز لجيشنا ولا لمواطنينا الاقتراب منها، كما يحدث في العديد من البلدان.
الملاحظة الثامنة : إن العمليات العسكرية يجب أن لا تكون على حساب الحرب "الناعمة" ضد الإرهاب، والتي يجب أن يقودها العلماء، والمثقفون، وقادة الرأي. وهذه الحرب الناعمة يجب أن تكون لها انعكاسات إيجابية. فالحوار الذي تم تنظيمه في السابق مع بعض المحسوبين على هذا التنظيم، لم يتم حتى الآن استثماره بشكل إيجابي.تصبحون على انتفاضة شعبية ضد الارهاب...

الاثنين، 19 يوليو 2010

بطاقة حمراء رقم 2


سَتُرفع البطاقة الحمراء الثانية ـ وكما وعدت سابقا ـ في وجه رئيس تشكلة الاتحاد من أجل الجمهورية. ولقد انتظرت لرفعها اكتمال أشغال المؤتمر الأول لتشكلة ـ أو على الأصح ـ لخلطة الاتحاد ( إن شئتم أقرؤوا خلطة بالعربية الفصحى، وإن شئتم أقرؤوها بالحسانية).
فالخلطة بمفهومها الفصيح تعني ـ في هذا المقال ـ خلق كثير من الرجال والنساء من قبائل وجهات وأعراق ومستويات وأعمار شتى، تختلط، وتتمازج، وتتآلف بشكل تلقائي، لتشكل خليطا مختلطا في قالب خلطة سياسية تولد في نفس اللحظة التي يدخل فيها ساكن جديد إلى القصر الرئاسي، وهي تولد ـ عكس المألوف ـ كبيرة. ثم تتنافر، وتتخاصم، وتتباغض، وتتشتت، وتذوب وبشكل تلقائي أيضا، وفي نفس اللحظة التي يخرج فيها ذلك الساكن من القصر. إنها خلطة غريبة وعجيبة تتميز بخاصيتين متناقضتين: فهي سريعة التشكل، وسريعة الذوبان.
والخلطة بمفهومها الحساني هي مفرد الخِلَطْ وتعني: خلق قليل من الرجال والنساء هم آخر من يودع الرئيس السابق. وهم أول من يستقبل الرئيس الجديد. يُبعثون مع كل رئيس جديد، ولكنهم لا يموتون سياسيا بموته السياسي. إنها مجموعة من المخلوقات الغريبة التي تتسبب في تدمير خلايا الدفاع لكل نظام، وتعجل هلاكه، ومع ذلك لا يستطيع أي نظام جديد ـ ومهما كانت جرأته ـ أن يعيش يوما واحدا دون احتضانها!
المهم أن هذه الخلطة القليلة الكثيرة ـ بمعناها الفصيح أو الحساني ـ قد أثبتت من جديد، ومن خلال مؤتمرها الأول، في موسمها الرياضي الحالي، والذي قد يمتد لخمس سنوات، بأنها هي الوريث الشرعي الأول للفريق الجمهوري الاجتماعي والذي كان بدوره وريثا شرعيا " لهياكل شعب" ( هياكل تهذيب الجماهير + حزب الشعب + أشياء أخرى)
لرئيس فريق أو نادي "الخلطة" سأرفع البطاقة الحمراء الثانية، ولكن قبل ذلك أرجو من الجمهور الرياضي أن يسمح لي بتقديم بعض الإيضاحات الضرورية، قبل رفع هذه البطاقة.
الإيضاح الأول: لقد وردتني انتقادات من بعض مشجعي فريق بني معارض بعد البطاقة الأولى. وقد تردني انتقادات أخرى من فريق بني خلطة بعد هذه البطاقة. لذلك فقد وجدت من اللازم أن أقول ـ وبالعربي الصريح والفصيح ـ بأني لا أبحث عن رضا هؤلاء، ولا رضا أولئك. والمهم بالنسبة لي أن أكتب ما أقتنع به، لا ما يقتنع به الآخرون. وإذا كان هناك من أبحث عن رضاه ـ من خلال ما أكتب ـ فهو المواطن البسيط، الفقير، المهمش والذي قد لا يكون بالضرورة مواليا أو معارضا.
الإيضاح الثاني: لقد انتقدني البعض الآخر على السرعة في إشهار البطاقات الحمراء، وعلى الحدة التي أكتب بها عادة. وهنا لابد أن أعترف علنا بأن تلك الحدة مقصودة لذاتها، وأن تلك القسوة هي من أجل الرد على القسوة التي تتعامل بها النخب السياسية مع هياكل هذا الشعب المغلوب على أمره. ورغم أني لم أوفق ـ حتى الآن ـ في كتابة شيء قاس جدا يتناسب مع تلك القسوة التي تتعامل بها النخب مع الشعب المسكين، إلا أني مع ذلك سأظل أحاول، وأحاول، وأحاول.
الإيضاح الثالث: في المقابل لابد أن أعترف بأني وجدت صعوبة كبيرة ـ لم أعرفها من قبل ـ في كتابة هذا المقال، وترددت كثيرا في رفع هذه البطاقة في وجه "مولاي" الذي لم يعلمني حرفا واحدا، وإنما علمني مقررا كاملا عندما درسني مادة المالية العامة في أواخر الثمانينات بجامعة نواكشوط، والتي كانت يومها جامعة فتية، و التي لا زالت ـ حتى اليوم ـ فتية. تماما كما هو حال الدولة الموريتانية نفسها التي ولدت فتية، ولازالت فتية رغم أنها ستحتفل بخمسينيتها في نوفمبر القادم.
لقد حاولت أن أتعامل مع أستاذي للمالية العامة الذي يرأس فريق بني خلطة، كما تعاملت سابقا مع أستاذي للتخطيط والذي كان يرأس نفس الفريق في العهد المؤتمن. ولقد تمكنت لمدة عام كامل أن لا أكتب شيئا ضد الأستاذ حتى في " البطاقة اللاغية " التي خصصتها للرد على ندوة الحكامة التي نظمها نادي الاتحاد الذي يرأسه الأستاذ.
واليوم وبعد مرور عام على قيادة الأستاذ لأكبر فريق رياضي في البلد، فلم يعد بالإمكان التغاضي عن الفريق، ولا عن الطريقة السيئة التي يلعب بها رئيسه، والتي استوجبت رفع هذه البطاقة الحمراء.
فلم يكن بالإمكان أن أتعامل مع الأستاذ ـ خاصة بعد تثبيته قائدا لنادي الاتحاد ـ بما يفترض أن يتعامل به الطالب مع أستاذه. فالتعامل معه بتلك الطريقة سيشكل ظلما لي، ولبعض طلبة الأستاذ ممن تقاعد قبل أن يحصل على وظيفة، أو هاجر، أو عاش غريبا في وطنه، أو نسي ما تعلم بعد أن طحنته الحياة طحنا، وخبزته خبزا، وشغلته بأمور لا صلة لها بما تعلم، فأصبح لا يختلف من حيث المستوى التعليمي عن تلميذ في المرحلة الإعدادية.
ولم يكن بالإمكان أن أتعامل مع الأستاذ كطالب، لأن ذلك سيشكل ظلما لأجيال وأجيال عاشت في وطنها مهمشة وذليلة بسبب ظلم "خلطة" تُبدل جلدها مع قدوم كل رئيس جديد. لتزداد عزا بعد عز على حساب الأغلبية المهمشة، التي تزداد تهميشا بعد تهميش.فمن كان"عزيزا " في خلطة النادي الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي، فهو عزيز اليوم في خلطة الاتحاد. ومن كان " ذليلا" في عهد الخلطة الجمهورية، فهو ذليل اليوم في عهد خلطة الاتحاد.
ولم يكن بالإمكان أن أتعامل مع الأستاذ كطالب لأن ذلك سيشكل ظلما لمئات الآلاف من الفقراء المشجعين والمناصرين الذين حسموا تصفيات 18 يوليو لصالح نادي الاتحاد، ورغم ذلك لا زالوا يعانون كما عانوا بالأمس. وهم الفقراء الذين يقول عنهم الأستاذ في كل بيان، أو مؤتمر، أو تصريح، بأنهم يعيشون في نعيم مقيم، بعد أن زارهم التغيير البناء في مساكنهم المتواضعة، وامتزج بأكلهم، وشربهم،وملبسهم، ودوائهم، وحتى الدماء التي تجري في عروقهم، فقد تحولت إلى دماء جديدة تتناسب مع موريتانيا في طبعتها الكالحة الجديدة، التي لا تختلف عن طبعاتها الشاحبة القديمة.
لم يكن إذاً بالإمكان ـ وأرجو المعذرة ـ إلا أن أتعامل مع الأستاذ بصفتي حكما افتراضيا، وأن أرفع في وجهه البطاقة الحمراء التي استحقها بجدارة ولأسباب عديدة أذكر منها:
1 ـ إن تعيين أعضاء المجلس الوطني لنادي الاتحاد، بتلك الطريقة التي تمت يوم السبت 10 يوليو 2010 في الملعب الدولي لقصر المؤتمرات، والتي لا تختلف عن تعيين موظفي وزارة التنمية الريفية لا يبشر بخير على مستقبل الرياضة في هذا البلد. وهي لا تنسجم مع تطلعات وخيارات الجمهور الرياضي لنادي الاتحاد الذي انتخب 1017 مندوبا لم تتم استشارتهم حتى، في عملية التعيين تلك.
إن ما حدث يوم السبت 10 يوليو 2010 لم يكن تصرفا رياضيا سليما، وهو يستحق ـ على الأقل ـ رفع بطاقة حمراء، في وجه رئيس نادي الاتحاد الذي ظل يكرر دائما بأن ناديه ستكون له بصمة جديدة في الممارسة الرياضية.
وما حدث من عجرفة يوم السبت في قصر المؤتمرات، ربما يذكر ـ في أحد أوجهه ـ بعجرفة أخرى، حدثت في القصر الرئاسي في مثل هذا اليوم من عام 1978م.
2 ـ لقد لعب رئيس الاتحاد لأول مرة في نادي الدرجة الأولى الحكومي كقلب دفاع، عندما اختاره الرئيس المؤتمن، أو اُختير له على الأصح، ليتولى قيادة الدفاع. ولقد أظهر المدافع آنذاك أداءً سيئا لم يظهر به أي مدافع منذ ميلاد الدولة الموريتانية حتى يومنا هذا. ولقد فسر البعض سوء ذلك الأداء، بأنه يعود إلى أن قلب الدفاع لم تكن له أي صلة بالدفاع. كما أنه يفتقد لروح المبادرة والجرأة الشيء الذي جعله لا يتصرف إلا بأوامر من مدافعين أصغر منه، من حيث الرتبة الرياضية.
لقد ظل المدافع لا يتصرف إلا بأوامر، وهو سلوك لا يزال يرافقه حتي بعد أن تولى قيادة فريق الاتحاد. ومن المعروف بأن قائد الفريق الرياضي ـ أي فريق رياضي ـ يجب أن يكون قادرا على المبادرة، وعلى الإبداع، وعلى اقتناص الفرص النادرة، التي قد تتاح للفريق من حين لآخر. وتلك صفات قيادية يفتقر لها رئيس فريق الاتحاد.
لقد فشل "قلب الدفاع" فشلا ذريعا في مهمته الدفاعية، سواء وهو يلعب في الفريق الحكومي للخلطة المؤتمنة، أو في فريق الخلطة "التصحيحية". ولقد ترك المرمى مكشوفا مما سمح لفريق القاعدة بتسديد ضربات موجعة في الغلاوية، وفي ألاك، وفي تورين، وحتى في قلب العاصمة مسجلا بذلك أهدافا نوعية ومكثفة. لقد كان الأستاذ في تلك الفترة يستحق بطاقة حمراء بعد فشله في مهمته الدفاعية، إلا أن الذي حدث ـ كما يحدث دائما ـ كان هو العكس، فقد تمت ترقيته بعد ذلك ـ ولنفس الأسباب التي أوصلته لقلب الدفاع ـ ليصبح هو القائد الأول لنادي الاتحاد.
3 ـ إن رئيس فريق الاتحاد لا يتقن اللعب إلا في الوقت الضائع، لذلك فهو يستحق أكثر من بطاقة حمراء. يقول قائد الاتحاد في تقريره " المذهبي" أمام مؤتمر الحزب : " لقد جاء ميلاد الاتحاد من أجل الجمهورية، على موعد مع القدر، بعد قرابة نصف قرن من التيه السياسي، دشنته الأحادية الحزبية وما تعنيه من احتكار مقيت للسلطة، طيلة عقدين من الزمن؛ مرورا بعقد من الدكتاتورية العسكرية الكالحة، ليكرسه عقدان من التعددية الوهمية، حيث الأحزاب قائمة والحريات مخنوقة؛ وحيث تتوالى الانتخابات وتحسم نتائجها سلفا؛" والأسئلة التحكيمية التي يجب طرحها هنا: فلماذا لم ينتقد نجم الاتحاد تلك الدكتاتوريات الكالحة و التعدديات الوهمية في الوقت المناسب ولو بشطر كلمة؟ ولماذا قَبِل أن يكون لاعبا نشطا في تلك التعدديات الوهمية وأن يكون قلب الدفاع لآخر تعددية وهمية؟ ولماذا لم ينتظر موعدا مع القدر؟ ثم لماذا يقسو اليوم على نجوم المعارضة والذين كانت لديهم من الشجاعة والجرأة ـ رغم أخطائهم ـ ما أتاح لهم شرف انتقاد تلك الدكتاتوريات الكالحة والتعدديات الوهمية وعروشها قائمة؟ لو أجاب قائد خلطة الاتحاد على واحد من هذه الأسئلة لسحبت ـ فورا ـ بطاقتي الحمراء.
4 ـ إن خطة 5 ـ 5 (يوم تأسيس الاتحاد) أو 6 ـ6 التي يلعب بها نادي الاتحاد لا تختلف عن خطة 12 ـ 12 التي كان يلعب بها الفريق الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي والتي أوصلتنا إلى هذا الواقع البائس حيث صنفتنا الفيفا في الرتبة 168 عالميا، بعد أن تراجعنا أربع درجات إلى الوراء في هذا العام.
والمؤكد أنه إن استمر فريق الاتحاد يلعب بنفس خطته العبثية الحالية، فإنه لن يجلب للبلد إلا المزيد من الكؤوس التي جمعنا منها عددا كثيرا : الكأس العالمي للأمية ، الكأس العالمي للفقر، الكأس العالمي للإحباط، الكأس العالمي للشعوذة والتحايل، الكأس العالمي للرشوة والفساد...
وإن استمر قائد فريق الاتحاد مشغولا بتفاصيل صغيرة تافهة، دون التركيز على التحديات الكبرى التي تواجه الرياضة في هذا البلد، فلن نحقق في عهد التغيير البناء إلا ما حققنا في 48 عام ق. ت ( القاف تعني قبل، والتاء ربما تكون اختصارا لكلمة تاريخ، أو تصحيح، أو تغيير بناء، أو تحرير الفضاء السمعي البصري، أو تحرير شوارع عرفات، أو تأسيس المقاطعة 54، أو تقرير مذهبي، أو أي شيء آخر من ملامح "موريتانيا الجديدة" يبدأ بحرف التاء.).
إن هذه الخطة الهجومية التي ورثتها خلطة 5ـ 5 أو 6ـ6 عن خلطة 12ـ 12 لا يمكن أن تؤدي إلا لنفس النتائج المعروفة. فلعن الماضي، وتقديس الحاضر، وتخوين المعارضة، والتصفيق بالأيادي والأرجل، والانشغال بكل الأمور التافهة، والابتعاد عن التحديات الكبرى لن يخدم ـ بأي حال من الأحوال ـ الرياضة ولا مستقبلها في هذا البلد. والجمهور الرياضي أصبح أكثر وعيا ولم يعد يقبل بالانشغال في تلك الأمور التافهة، وإنما أصبح يطالب بلمسات ولقطات رياضية متميزة وميدانية.
5 ـ سبب آخر جعلني أرفع البطاقة الحمراء في وجه نجم الاتحاد وفريقه، وهو فشله الكبير في تسويق بعض اللقطات الفنية الرائعة والقليلة التي تم انجازها خلال هذا العام، والتي عجز نادي الاتحاد عن نقلها وتقديمها على حقيقتها للجمهور الرياضي. بل أن هذا النادي شوش ـ بقصد أو بغير قصد ـ على تلك اللقطات من خلال الانشغال عنها بأمور تافهة، أو بتقزيمها من خلال ربطها بسلوكيات غير رياضية.
ففي بعض الأحيان كنت أشفق ـ أقول أشفق ـ على "كبير القوم" الذي تمكن رغم إخفاقاته الكثيرة في هذا العام، من تقديم بعض اللقطات الفنية الممتازة. ولكنها لقطات ضاعت بعد أن شوشت عليها أندية المعارضة ونادي الاتحاد وحجبوها ـ بشكل كامل ـ عن الجمهور الرياضي.
لقد فشل رئيس نادي الاتحاد في تقديم أي لقطة فنية ممتازة خلال هذا العام. كما فشل أيضا حتى في تسويق بعض اللقطات الفنية التي قدمها "سيد القوم". لذلك فهو وبكل أمانة يستحق هذه البطاقة الحمراء.
6 ـ حسب رؤيتي التحكيمية الخاصة والتي قد تخالف رؤية الكثير من الحكام، فإن قيادة نادي الاتحاد الذي يبشر بمشروع "موريتانيا الجديدة"، كان يجب أن تمنح لمن تتوفر فيه عدة خصائص يفتقر إليها رئيس نادي الاتحاد الحالي، ومن هذه الخصائص:
أولا: أن يكون رئيس النادي لا ينتمي للأغلبية التلقائية التي تساند كل تغيير، وإنما ينتمي للأغلبية الخاصة بالتغيير الحالي والتي لم تساند تغييرا من قبله.
ثانيا: أن يكون قد عُرِف بمعارضته للأنظمة " الكالحة " السابقة، أو على الأقل لم يعرف بمناصرتها.
ثالثا: أن تكون له القدرة على أن يفكر ويلعب كرة نظيفة بطريقة غير تقليدية، تناقض أنماط اللعب التقليدية المعروفة.
وقبل أن أطلق صفارة النهاية، أعدكم ببطاقة ثالثة أشد احمرارا، و هي بطاقة سيتم تخصيصها للصحافة الرياضية، وبالتحديد لمدير التلفزيون الحالي.
وإلى البطاقة الحمراء الثالثة، أقول لكم: تصبحون على مباريات نظيفة....

السبت، 10 يوليو 2010

خطأ غبي...واعتذار ذكي



للمرة الثانية يرتكب السفير الموريتاني في دكار نفس الخطأ البروتوكولي الجسيم في حق رئيس الجمعية الوطنية أثناء زيارته لدكار. ولقد تم ارتكاب الخطأ الأول في وقت أظهر فيه رئيس الجمعية الوطنية رغبة صادقة في الحوار مع الرئيس المنتخب. وهي رغبة تجلت في الأساس في الخطاب الشهير، والهادئ، والمفاجئ، الذي افتتح به أول دورة برلمانية بعد انتخابات 18يوليو. كما تجلت تلك الرغبة في موقفه الصريح والواضح من مخلفات الاسترقاق، أثناء زيارة لجنة حقوق الإنسان الإفريقية، وهو موقف عكس ـ كالعادة ـ مدى وطنية الرجل، خاصة أنه أطلق موقفه ذاك، في وقت كان يواجه فيه تحديات جادة، وصراعات قوية، مع بعض قيادات الشريحة.
في ذلك الوقت بالذات اختار السفير الموريتاني في دكار أن يتجاهل وجود رئيس الجمعية الوطنية في دكار، وهو تجاهل ربما يكون قد ساهم مع أمور أخرى في أن يفتتح رئيس البرلمان الدورة الثانية بخطاب متشنج عكس خطابه الافتتاحي الأول. وأن يدعو بعد ذلك لإزاحة الرئيس بالقوة ( انقلاب)، وهي دعوة لم تكن موفقة ولا مناسبة لرئيس برلمان. المهم أنه تراجع عنها ضمنيا وفي وقت مبكر، عندما فسر تلك الدعوة، وقال صراحة بأنه لا يقصد بها انقلابا عسكريا.
لقد كان من المفترض في ذلك الوقت بالذات، أن يستقبل السفير الموريتاني في دكار رئيس الجمعية الوطنية بما يليق بمقامه. لا لأن المصلحة العليا للبلد تقتضي ذلك فحسب، ولا لأن القيم الديمقراطية، وحتى الأخلاقية تفرض ذلك. ولا لأن الكرم الموريتاني يستوجب ذلك. بل لأن المصلحة الضيقة للأغلبية الحاكمة ـ إذا ما كانت هي المعيار الوحيد الذي يضبط تصرفاتنا ـ كانت تفترض من سفير الأغلبية ـ الذي يرفض أن يكون سفير دولة ـ أن يستقبل رئيس الجمعية الوطنية بما يليق، وذلك لكي يُحدث ـ خدمة للأغلبية ـ شرخا في منسقية المعارضة، والتي كان رئيس الجمعية الوطنية في ذلك الوقت يقود تيارها المعتدل.
فشلت الأغلبية، كما فشل سفيرها في التقاط تلك الإشارات الإيجابية التي أطلقها رئيس الجمعية الوطنية في تلك الفترة. بل على العكس من ذلك فقد ردوا عليها ـ كل من موقعه ـ بإشارات سلبية ساهمت في تأجيج الخلاف وفي تأجيل الحوار.
وأما الخطأ الثاني، فقد جاء بعد أيام معدودة من لقاء رئيس الجمهورية بالرئيس الدوري لمنسقية المعارضة. وهو اللقاء الذي عبر من خلاله رئيس الجمهورية عن رغبته الجادة والصادقة في الحوار مع المعارضة، والتي حاول سفير موريتانيا في دكار أن ينسفها كما فعل قبل ذلك مع الرغبة التي عبر عنها رئيس الجمعية الوطنية في وقت سابق.
فلماذا يحاول سفير موريتانيا في العاصمة التي تم فيها التوقيع على اتفاقية دكار أن يعمق من الخلاف بين الأغلبية والمعارضة، خاصة بعد أن أظهر رئيس الجمهورية رغبة صادقة وجادة في الحوار، ولم يعد يمانع أن تكون على أساس اتفاق دكار؟؟؟؟ ذلك سؤال أطرحه فقط على كل من لا يملك ـ مثلي ـ إجابة عليه.
ما أستطيع قوله هنا هو أن الوزير الأول قد وُفِق في اعتذاره الذكي في الجمعية الوطنية عن تلك الأخطاء الغبية التي ارتكبها سفير "موريتانيا" في دكار. ورغم أهمية ذلك الاعتذار ورغم قيمته، إلا أن ذلك لن يمنع من تقديم بعض الحقائق المرتبطة بتلك الأخطاء التي تم ارتكابها في دكار وفي دمشق.
الحقيقة الأولى : لقد كان من المخجل حقا أن ردود نواب الجمعية الوطنية كانت غائبة بعد التجاهل الأول لرئيس جمعيتهم. ولقد اقتصرت تلك الردود على مقال كتبه نائب من التحالف الشعبي. وهو مقال تمنيت في وقت سابق أن يكون قد كتبه نائب آخر، من حزب آخر، حتى لا يظهر وكأن ذلك التجاهل كان موجها لحزب التحالف لوحده. فلم يكن من المقبول أن يهان رئيس الجمعية الوطنية، من طرف موظف حكومي، دون أن تكون هناك ردة فعل مناسبة من طرف البرلمانيين الذين هم ـ قطعا ـ ليسوا أقل شأنا من الصحفيين الذين لن يقبلوا ـ بغض النظر عن انتماءاتهم ـ أن يهان نقيبهم، ولا حتى عضو من نقابتهم. ولا أقل شأنا من المحامين، ولا من الأطباء، ولا من الفنانين، ولا من المتقاعدين، ولا من تجمع الخياطين أو الغاسلين .. ولا... ولا..
لقد كان موقف البرلمانيين بعد الخطأ الأول موقفا محبطا ومخجلا، وربما يكون ذلك الموقف السلبي قد شجع السفير لتكرار غلطته. فكيف يقبل برلمانيون محترمون ومنتخبون أن يُعامل رئيسهم الذي انتخبوه بتلك الطريقة التي لا تليق؟ ولماذا يغضب نواب الأغلبية عندما يقال بأنهم أغلبية مأمورة، في الوقت الذي لا يدافعون فيه عن رئيسهم الذي انتخبوه، لأن الأوامر لم تصدر إليهم بعد بذلك؟
الحقيقة الثانية : إن تجاهل رئيس الجمعية الوطنية الذي يمثل نواب الشعب والذين يمثلون بدورهم الشعب الموريتاني بكل مكوناته، هو تجاهل للشعب الموريتاني بموالاته وبمعارضته، بمدنييه وبعسكره، بنخبه وبعامته. وهذا التجاهل لن ينقص من مكانة رئيس الجمعية الوطنية، وإنما سينقص من مكانة السفير الذي ارتكبه.
الحقيقة الثالثة : إن التعامل اللامسؤول مع الموريتانيين أثناء تواجدهم في الخارج بسبب انتماءاتهم السياسية، هو تصرف سخيف، و يناقض أحد الأهداف الهامة للعمل الدبلوماسي الذي يسعى إلى التعزيز من قيمة وسمعة المواطنين لدى سلطات الدول التي تستضيفهم. وإذا كان السفير المعين أصلا لتعزيز تلك المكانة هو الذي يهين مواطني بلده أمام السلطات الأجنبية فإنه بذلك يكون قد أخل كثيرا بمهمته.
الحقيقة الرابعة : إن السفير قد ارتكب خطأين جسيمين بغض النظر عن الدوافع والأسباب التي دفعته لارتكابهما. ومهما يكن من أمر فإن تلك الدوافع لا يمكن أن تخرج ـ في اعتقادي ـ عن أربعة احتمالات.
الاحتمال الأول: هو أن تكون هناك أوامر عليا قد صدرت للسفير وهو احتمال أستبعده تماما رغم بيان منسقية المعارضة. وحتى ولو افترضنا جدلا بأن السفير قد تلقى أوامر بذلك فكان عليه أن يرفض تنفيذ تلك الأوامر. وكان عليه أن يستقيل إذا أرغم على ذلك. وعموما فارتكاب الأخطاء استجابة لأوامر عليا هو الذي أوقعنا فيما نحن فيه. وهو لم يعد مقبولا على الأقل ـ نظريا ـ في موريتانيا الجديدة التي نحلم بها.
الاحتمال الثاني: هو أن يكون السفير قد ارتكب ذلك الخطأ البرتوكولي بمبادرة شخصية منه في محاولة للتقرب ولابتداع آخر "صرعة" ولاء لرئيس الجمهورية. والمؤكد ـ ومهما كان إخلاص السفير ـ أنه بتصرفه ذاك قد أضر بالرئيس و أغلبيته أكثر مما نفعهم.
الاحتمال الثالث: أن يكون السفير للمرة الثانية لم يعلم أصلا بقدوم رئيس الجمعية الوطنية إلى دكار. والاعتذار عن الخطأين بعدم العلم أقبح من الذنبين. فإذا كان السفير لا يعلم شيئا عن تحركات رئيس الجمعية الوطنية للجمهورية الإسلامية الموريتانية، ثاني شخصية رسمية في البلاد. ولا يعلم شيئا عن دخوله ولا عن مغادرته للعاصمة التي يزاول فيها مهامه. فهو ـ أي السفير ـ لن يعلم شيئا عن المواطنين البسطاء الذين يفترض أنه يسهر على مصالحهم، و الذين يدخلون السنغال ويغادرونه دون أن يذكرهم ذاكر.
الاحتمال الرابع: أن يكون السفير من الأغلبية التي تعمل ـ في الخفاء ـ من أجل إجهاض "التغيير البناء" ومن أجل وأد "موريتانيا الجديدة" من قبل ولادتها. فمن يعمل من أجل إفشال الحوار بين المعارضة والأغلبية يعمل ضد موريتانيا أولا، وضد رئيس الجمهورية ثانيا. فغياب الحوار سيشكل ضررا كبيرا على موريتانيا بصفة عامة، وعلى الرئيس وأغلبيته الداعمة بصفة خاصة، لأنه سيشغله عن معركة البناء بمعارك جانبية مع المعارضة. وإذا كان يمكن للمتابع أن يفهم رغبة بعض المعارضين في عرقلة الحوار، لأن المصلحة الضيقة والأنانية لمن لا تهمه مصلحة الوطن من المعارضين، ولا يهمه إلا أن يظهر فشل النظام الحاكم، قد يفسر تلك الرغبة. إذا كان يمكن تفهم ذلك، عند بعض المعارضين، إلا أنه لا يمكن تفهمه إذا تعلق الأمر بمن يدعي بأنه من الأغلبية، فالأغلبية لن تستفيد شيئا حتى من منظور المصالح الضيقة لأنها ـ وببساطة شديدة ـ ستكون هي الخاسر الأكبر من عرقلة الحوار.
تصبحون على حوار بناء...