الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020

بأي منطق تهادن المعارضة؟


 بدءا لابد من التذكير بأني لستُ ناطقا باسم المعارضة الموريتانية حتى أجيب نيابة عنها، لم أكن ناطقا باسمها في عشرية الرئيس السابق، ولن أكون ـ وبكل تأكيد ـ ناطقا باسمها في العهد الحالي. هذه مجرد وجهة نظر شخصية لمتابع للشأن العام، تحاول أن تجيب بمنطق تحليلي بحت على أسئلة يطرحها بعض الشباب المعارض، وهي أسئلة من قبيل: أين المعارضة؟ أين اختفت؟ ولماذا تهادن النظام؟

نعم هذه مجرد وجهة نظر تحليلية عن أسباب ومبررات تهدئة المعارضة، ولكنها مع ذلك تتضمن أجوبة ذات طابع شخصي على أسئلة وجهها إلي بعض الأصدقاء والمتابعين، وهي أسئلة من قبيل: لماذا توقفتَ عن نقد النظام؟ ما الذي تغير؟ لماذا لم تعد تُطالب بتخفيض أسعار المحروقات؟

(1)

إن أي متابع فطن للشأن العام لابد وأن يكون قد لاحظ أن خطاب إعلان ترشح غزواني كان خطابا مختلفا عن كل خطابات مرشحي الأنظمة، وأن حملته الانتخابية كانت أكثر اختلافا عن الحملات المعهودة لمرشحي الأنظمة الحاكمة، فلم تتضمن تلك الحملة ـ مع استثناء واحد ـ أي انتقاد مهما كان للمترشحين المنافسين. كما أن خطاب التنصيب قد جاءت فيه جملة ذات دلالة تقول : " سأكون رئيسا للجميع مهما اختلفت انتماءاتهم السياسية، أو خياراتهم الانتخابية".

بعد التنصيب فُتحت أبواب القصر الرئاسي أمام المعارضين، ومُنحت لمؤسسة المعارضة وزعيمها المكانة لبروتوكولية المناسبة، وشُكلت لجنة تحقيق برلمانية ضمت نوابا من الأغلبية والمعارضة، وأصبح بالإمكان أن يرافق نائب من أكبر حزب معارض رئيس الجمهورية في زيارة لبلد شقيق.

لقد انفتح رئيس الجمهورية على المعارضة، إلى درجة أصبح فيها بعض الموالين يتساءل إن كان القصر الرئاسي لم يعد مفتوحا إلا للمعارضين؟ نعم لقد تعامل الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مع المعارضة بأسلوب مختلف تماما عما كان معهودا في السابق، فلماذا لا تتعامل هي معه بأسلوب مختلف عن أساليبها المعهودة؟

(2)

هناك إنجاز هام له قيمة كبيرة عند كل من يقدر أهمية الأمن والاستقرار، والمعارضة الموريتانية معروفة بتقديرها لأهمية الأمن والاستقرار في منطقة يعاني الكثير من بلدانها من انعدام الأمن والاستقرار. هذا الانجاز يتعلق بتحقيق التدوال أو التناوب الآمن على السلطة.

لم يكن هذا التناوب الآمن على السلطة ليتحقق لو أن الرئيس السابق خلفه في الحكم أي شخص آخر غير الرئيس الحالي، حتى ولو كان ذلك الشخص من أركان النظام السابق. لقد تبين ذلك بشكل أكثر وضوحا لما ظهر بعد أشهر قليلة من مغادرة الرئيس السابق للسلطة، بأنه لم يغادرها عن قناعة، وأنه كان يفكر في العودة إليها، ولو أن شخصا آخر، أيا كان ذلك الشخص، تولى الرئاسة من بعد الرئيس السابق، لكانت البلاد تعاني اليوم من عدم الاستقرار، ولربما عرفت انقلابا عسكريا أشد ضررا من الانقلاب الذي عرفته صبيحة أربعاء السادس من أغسطس 2008.

هناك نقاط قوة وصفات شخصية يتمتع بها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني هي التي أهلته لتحقيق تناوب آمن على السلطة، ولعل من أهم تلك نقاط القوة أنه قاد المؤسسة العسكرية لعقد كامل.

إن تحقيق هذا التناوب الآمن على السلطة كان يحتاج لشخص الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وكان يحتاج أيضا إلى تهدئة من طرف المعارضة، وتتأكد أهمية تلك التهدئة أكثر في ظل وجود جائحة غير مسبوقة، ولذا فلم يكن يليق بمعارضة ناضجة ومسؤولة تضع المصلحة العليا للوطن فوق أي مصلحة أخرى أن تدعو إلى التصعيد والتأزيم في فترة اجتمعت فيها الجائحة مع التحديات المصاحبة للتناوب الآمن على السلطة.

(3)

 من المعلوم أن المعارضة تمر بمرحلة حرجة، فأغلب أحزابها التقليدية تعاني من مشاكل حقيقية، هذا فضلا عن كونها عجزت عن خلق قيادات بديلة تملأ الفراغ الناتج عن تقاعد أو قرب تقاعد قادتها التاريخيين، ولذلك فهي ليست مهيأة في الوقت الحالي لأن تشكل بديلا للنظام، مما يعني أن الضغط على النظام والعمل على تأزيم الأوضاع لن يكون في مصلحتها، ولا في مصلحة الوطن، فأي فشل للنظام الحالي لا قدر الله سيدخل البلاد في مرحلة من عدم الاستقرار مفتوحة على كل الاحتمالات.

إن أي معارضة تنظر إلى مآلات الأمور ستدرك دون عناء أن إعانة النظام القائم على الإصلاح أولى من التصعيد والدفع إلى تأزيم الوضع، وإعانة النظام القائم تتمثل في النقد وتقديم النصح والمقترحات وتبيان الأخطاء بشكل مباشر إن أتيحت الفرصة لذلك، وكثيرا ما تتاح الفرصة لذلك من خلال اللقاءات المباشرة برئيس الجمهورية.

إن أنظمة الحكم هي التي تخلق معارضتها، فنظام الحكم الذي يسد كل الأبواب أمام المعارضة، ويصنفها على أنها تجمع من الخونة وأعداء الوطن، لا يترك للمعارضة من خيار إلا التصعيد والتأزيم. أما النظام الذي ينفتح على المعارضة، ويعتبرها شريكا سياسيا، فهو يستحق معارضة ناصحة لا معارضة التأزيم والتصعيد.

من هنا فإن تلبية بعض المعارضين لدعوات الرئيس أمرٌ مطلوب، ومثل تلك الدعوات يمكن أن يستغل في تقديم النصح وإسماع هموم المواطنين، وتبيان أماكن الخلل، وبذلك فيكون الخطأ هو عدم تلبية تلك الدعوات. إن تلبية تلك الدعوات يكون خطأ في حالة واحدة، وهي أن يستغل لتحقيق مصالح شخصية ضيقة، أما إذا استغل لتقديم النصح ولتبيان الخلل ولتبليغ مطالب المواطنين، فإنه بذلك يكون من أهم أساليب النضال المعارض ومن أرقاها.

(4)

خلاصة القول هي أن الظرفية التي تمر بها البلاد بحاجة إلى مزيد من التهدئة، ولكن لهذه التهدئة بعض الشروط التي لابد من توفرها :

ـ أن تقتنع المعارضة بأهمية التهدئة، وبأهمية تغيير أساليب اللعبة، ما دام النظام قد غير تلك الأساليب؛

ـ أن يواصل الرئيس الانفتاح على المعارضة، وأن يستمع لنصحها وأن يستجيب لبعض مطالبها، حتى تُدرك المعارضة أن ما ستحققه لها وللشعب الموريتاني عن طريق التهدئة أكثر أهمية مما ستحققه عن طريق التصعيد والتأزيم؛

ـ أن تُشكل الأغلبية النظيفة في النظام "لوبيات للإصلاح"، وأن تكون أكثر قدرة على المبادرة، وأن تعمل بجد وحيوية من أجل أن تحتل الواجهة السياسية لنظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.   

حفظ الله موريتانيا...  

الاثنين، 21 ديسمبر 2020

معا لتفعيل المادة السادسة من الدستور الموريتاني

 


أعلنت مجموعة من الموريتانيين من مختلف المشارب والاتجاهات والمكونات، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية (18 دجمبر 2020)، عن إطلاق حملة شعبية لتفعيل المادة السادسة من الدستور الموريتاني.

ولقد وقع في أقل من يومين مئات الموريتانيين على عريضة الحملة، وقع وزراء سابقون ونواب وأكادميون وكتاب وصحفيون ومدونون وأطر ورجال أعمال ومواطنون عاديون  على عريضة هذه الحملة التي ستبدأ أنشطتها بشكل فعلي عندما تتحسن الظروف الصحية وتتراجع الموجة الثانية من جائحة كورونا.

إني من الذين يرون بأن هذه الحملة يمكن لها أن تنجح فيما فشل فيه الآخرون خلال العقود الماضية، وذلك لكونها تمتاز بثلاث نقاط قوة هامة، إن هي استغلت بذكاء فستأتي حتما بنتائج إيجابية.

نقطة القوة الأولى : الشرعية القانونية

لم تأت الحملة باجتهادات ولا بمطالب جديدة من صياغة المنخرطين فيها، مما قد يجعل تلك المطالب معرضة للرفض من طرف البعض، وأن لا تكون محل إجماع. كل مطالب الحملة تنحصر في أمر واحد وهو تفعيل مادة من مواد الدستور الموريتاني الذي صادق عليه الموريتانيون، ولذا فهي تطالب بما أجمع عليه الموريتانيون، وضمنوه في مادة من مواد دستورهم تقول بأن : " اللغات الوطنية هي العربية والبولارية والسوننكية والولفية. اللغة الرسمية هي العربية."

خلاصة القول بخصوص هذه النقطة هي أن الحملة تمتلك أقوى شرعية قانونية يمكن أن تمتلكها أي عريضة مطلبية، وذلك لكونها قد حصرت مطالبها في تفعيل مادة هامة من مواد الدستور الموريتاني، وكل مواد الدستور الموريتاني مهمة.

نقطة القوة الثانية : النظر إلى اللغات الوطنية كوحدة واحدة لا تتجزأ

من أخطاء النخب في الماضي هو أن طائفة من الموريتانيين ظلت خلال العقود الماضية تطالب بترسيم اللغة العربية وتنسى المطالبة بتطوير بقية لغاتنا الوطنية، وطائفة أخرى من الموريتانيين ظلت تطالب بتطوير لغاتنا الوطنية وتنسى المطالبة بترسيم اللغة العربية، الشيء الذي جعل الفرانكفونيين في الطائفتين يستغلون بمكر هذه الوضعية المختلة لتخويف هؤلاء من أولئك، وأولئك من هؤلاء، فضمنوا بذلك بقاء اللغة الفرنسية مسيطرة، الشيء الذي أدى في المحصلة النهائية إلى عدم ترسيم اللغة العربية بشكل فعلي، وإلى شبه غياب  تام للغاتنا الوطنية في الإعلام المحلي وفي نقاشات البرلمان وفي كل المحافل التي تهتم بالشأن العام.

إن هذه الوضعية المختلة هي التي مكنت اللغة الفرنسية من البقاء مسيطرة لستة عقود على حساب لغتنا الرسمية ولغاتنا الوطنية، ولتصحيح هذا الوضع المختل كان من الواجب النظر إلى لغاتنا الوطنية (العربية والبولارية والسوننكية والولفية) كوحدة واحدة، وأن يكون المطلب بتفعيل ترسيم اللغة العربية، يصاحبه ـ وبنفس القوة والإلحاح ـ مطلبا أخر في غاية الأهمية يتعلق بتطوير لغاتنا الوطنية.

خلاصة القول بخصوص هذه النقطة هو أنه قد آن الأوان لأن نفهم بأنه لا خصومة ولا تنافس بين من يطالب بتفعيل ترسيم اللغة العربية ومن يطالب بتطوير لغاتنا الوطنية، وحضورها أكثر في المشهد الإعلامي والسياسي المحلي، لا خصومة ولا تنافس بين هؤلاء وأولئك، وإنما هناك تكامل لمن ينظر إلى الأمور ببصيرة وتعقل. الخصومة إن كانت هناك من خصومة وتنافس، فستكون مع أولئك الذين يريدون بقاء اللغة الفرنسية مسيطرة على حساب لغتنا الرسمية ولغاتنا الوطنية.

نقطة القوة الثالثة : البعد الوطني للحملة

ستعمل الحملة ـ وقد بدأت بالفعل في ذلك ـ على استقطاب كل الموريتانيين من مختلف المكونات والشرائح والأيدلوجيات، فمثل هذا المطلب الهام الذي ترفعه الحملة والمتعلق بتفعيل مادة هامة من مواد الدستور الموريتاني لا ينبغي أن يكون خاصا بمكونة أو بشريحة أو بإيدلوجيا معينة.

خلاصة القول في هذه النقطة هو أنه ما دام الأمر يتعلق بتفعيل مادة من مواد الدستور الموريتاني، وما دام يتعلق بلغاتنا الوطنية التي لا يمكن لأي كان أن يحصل على الجنسية الموريتانية إذا لم يكن قادرا على إتقان إحداها، ما دام الأمر يتعلق بمطلب بهذا المستوى من الأهمية، فإنه سيكون من واجب كل موريتاني أن يلتف حول أي عريضة مطلبية تسعى إلى تحقيق هذا المطلب الوطني الملح، والذي تأخر تحقيقه كثيرا.

خلاصة الخلاصات : إذا تم استغلال نقاط القوة الثلاثة هذه بذكاء، فسيعني ذلك بأن هذه الحملة المباركة، ستكون قادرة ـ بإذن الله ـ على تحقيق ما عجزت عن تحقيقه كل النخب الموريتانية خلال العقود الست الماضية.

حفظ الله موريتانيا..

الأربعاء، 16 ديسمبر 2020

متى سننقب عن الذهب في شمامة؟

 


أطلقت شركة معادن موريتانيا (يوم الثلاثاء 15 دجمبر 2020) أول قافلة تنقيب إلى منطقة الشگات، وتضم هذه القافلة ما يُقارب 2000 سيارة عابرة للصحراء، ويقدر عدد المنقبين بها  ب25.000 منقب.

من المهم جدا أن يشتغل مئات الآلاف من الموريتانيين في مجال التنقيب عن الذهب، فمثل ذلك  سيوفر دخلا مهما لنسبة كبيرة من هؤلاء المنقبين، كما أنه سيوفر للبلاد مبالغ هامة من العملات الصعبة من خلال تصدير الذهب المتحصل عليه من خلال عمليات التنقيب هذه.

أن يخرج عشرات الآلاف أو مئات الآلاف من الموريتانيين إلى منطقة الشگات أو غيرها من المناطق بحثا عن مصدر عيش كريم لهم ولذويهم، فذلك أمر مهم، وأن تشجعهم الدولة على ذلك، فذلك أمر أكثر من مهم.

لا خلاف على ذلك، ولكن، من تابع انطلاق هذه القافلة التي تضم 25 ألف منقب و2000 سيارة عابرة للصحراء، من حقه أن يحلم بأن يشاهد قوافل مماثلة أخرى بهذا الحجم تتجه إلى شمامة للتنقيب عن الذهب هناك من خلال زراعة الأرض، أو تتجه إلى واحد من أغنى الشواطئ في العالم بالسمك للتنقيب عن الذهب هناك من خلال ممارسة مهنة الصيد، أو تتجه إلى المناطق الرعوية حيث يوجد ما يزيد على 26 مليون رأس من مختلف المواشي (إبل، بقر،غنم) لتنقب عن الذهب هناك من خلال عصرنة تربية هذه المواشي والاستثمار في مجال إنتاج الألبان واللحوم والجلود.

لدينا في موريتانيا الكثير من مناجم الذهب في شمامة وفي المحيط الأطلسي وفي المناطق الرعوية، ولكن للأسف الشديد لا تجد مناجم الذهب هذه من ينقب عنها، فلا الشباب اهتم بها كاهتمامه بالتنقيب عن الذهب في الصحاري، ولا الحكومات المتعاقبة رسمت سياسيات جادة ووضعت خططا فعالة للاستفادة من هذه الثروات الهائلة التي تزخر بها بلادنا في الضفة وفي المحيط الأطلسي و في مناطقنا الرعوية.

إننا بأمس الحاجة إلى قوافل مماثلة لقافلة الشگات تضم آلاف الشباب المتحمس تتجه إلى شمامة وإلى المحيط الأطلسي وإلى مناطقنا الرعوية للتنقيب عن الذهب هناك، ويتأكد الأمر أكثر بعد جائحة كورونا وحادثة إغلاق معبر الگرگرات لثلاثة أسابيع.

فمتى ستنطلق قوافل أخرى للتنقيب عن الذهب في شمامة، وفي المحيط الأطلسي، وفي مناطقنا الرعوية؟

متى؟

متى؟

متى؟

 

حفظ الله موريتانيا..

الثلاثاء، 15 ديسمبر 2020

هل موريتانيا مقبلة على التطبيع مع العدو الصهيوني؟


تحاول بعض المصادر الإعلامية وبعض التحليلات السياسية أن تضع اسم موريتانيا على رأس قائمة الدول التي يُقال بأنها ستطبع قريبا مع العدو الصهيوني. لا أملك ـ بكل تأكيد ـ أية معلومات عما يدور في مطبخ الخارجية الموريتانية، ولكن ذلك لن يمنعني من محاولة الإجابة على السؤال العنوان بمنطق تحليلي بحت يعتمد على التحليل والاستنتاج أكثر من اعتماده على المعلومات.

يمكن القول ـ وبالمنطق التحليلي البحت ـ بأن موريتانيا كانت أكثر قربا إلى التطبيع في الأسابيع الماضية منها في الوقت الحالي أو في المستقبل القريب.

لقد واجهت موريتانيا ضغوطا قوية خلال الفترة الماضية لتكون ضمن "الدفعة الأولى" من لائحة المطبعين، وقد جاءت هذه الضغوط من الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، ومن دولة الإمارات الشقيقة التي تربطها علاقات قوية مع موريتانيا.

فمن الراجح  جدا أن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته قد مارس خلال الفترة الماضية ضغوطا قوية على موريتانيا ليزيد بها لائحة الدول التي استطاع أن يجرها إلى التطبيع من قبل مغادرته للسلطة، ومن الراجح أيضا أن دولة الإمارات قد مارست هي الأخرى ضغوطا قوية على موريتانيا لتزيد بها عدد الدول التي جرتها إلى مشروعها التطبيعي، فمن المعروف بأن المشروع التطبيعي الحالي تقوده دولة الإمارات وهو "محسوب لها".

لقد تمكنت موريتانيا أن تتجاوز تلك الضغوط القوية، وأن تنجو من التطبيع في الفترة الماضية التي كانت صعبة جدا، فكيف لا تنجو منه الآن، والرئيس اترامب الذي كان يمارس الضغوط من أجل التطبيع سيترك السلطة، ولن يُمارس خلفه ـ حسب أغلب المحللين السياسيين ـ نفس الضغوط التي كان يمارسها سلفه على بعض الدول العربية من أجل جرها  إلى التطبيع مع العدو الصهيوني. كما أن الإمارات لن تمارس مستقبلا نفس الضغوط التي كانت تمارسها في آخر أيام اترامب، ذلك أن الإمارات والسعودية ومصر ستنشغل في الفترة القادمة بتحسين علاقتها مع بايدن الرئيس الأمريكي الجديد الذي انتصر انتخابيا على الحليف اترامب، ولن يكون جر الدول إلى التطبيع مع العدو الصهيوني هو أولوية بايدن في المرحلة القادمة.

لقد قاومت موريتانيا ضغوطا قوية في آخر أيام اترامب، وتمكنت بذلك من النجاة من شر التطبيع، فكيف لا تتمكن من مقاومة الضغوط في عهد بايدن، هذا إن سلمنا بوجود تلك الضغوط، وحتى إن سلمنا بوجود تلك الضغوط، فإنها ستكون ـ في كل الأحوال ـ أقل حدة بكثير من الضغوط التي مورست في آخر أيام اترامب في السلطة.

في اعتقادي بأن هناك ثلاثة عوامل قد تجعلنا نستبعد من الناحية التحليلية البحتة أي تطبيع قريب لموريتانيا مع العدو الصهيوني، وهذه العوامل الثلاثة هي :

1 ـ أن الضغوط على موريتانيا مستقبلا لن تكون بحجم الضغوط عليها في الأسابيع الماضية، وهذا ما بيناه في الفقرات السابقة من المقال، ولذا فما دامت موريتانيا قد تمكنت من تجنب شر التطبيع في الفترة الماضية، فإن احتمال تجنبه في المستقبل القريب سيكون أقوى.

2 ـ صحيحٌ أن المملكة المغربية قد طبعت، ربما مقابل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادتها على الصحراء الغربية، ولكن الصحيح أيضا هو أن المغرب العربي الكبير لا زال في أغلبه خارج دائرة التطبيع، ولذا فبإمكان موريتانيا مستقبلا أن تربط موقفها من التطبيع بموقف الدول المغاربية فإن طبعت تلك الدول طبعت هي، وإن رفضت تلك الدول التطبيع رفضته هي.

3 ـ من الراجح أن ملف التحقيق سيحال قريبا إلى القضاء، ومن المعروف بأن الرئيس السابق كان قد قطع العلاقات مع العدو الصهيوني، ومن المعروف أيضا بأن الشعب الموريتاني شديد الحساسية اتجاه أي شكل من أشكال التطبيع. يعني هذا بأن أي خطوة في اتجاه التطبيع في الفترة القادمة ستكون بمثابة أكبر هدية يمكن تقديمها للرئيس السابق قبل أو خلال فترة إحالة ملفه إلى القضاء.

  حفظ الله موريتانيا..

السبت، 21 نوفمبر 2020

من عزل الرئيس السابق إلى عزل نمط حكمه!

 


تمر بنا اليوم أول ذكرى للاجتماع المثير الذي عقده الرئيس السابق مع لجنة التسيير المؤقتة لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية. بعد ذلك الاجتماع المثير بساعات قليلة نشرتُ مقالا تحت عنوان :" ماذا بعد اجتماع الرئيس السابق بلجنة تسيير الحزب؟"، وأعيد اليوم نشر هذا المقال دون أبسط تعديل، هذا إذا ما استثنينا تصحيح خطأ مطبعي ورد في كلمة، وإضافة نقطة لم تكن في المقال الأصل.

نص المقال

ماذا بعد اجتماع الرئيس السابق بلجنة تسيير الحزب؟

إن أول ملاحظة يمكن الخروج بها من اجتماع البارحة هو أننا قد دخلنا مرحلة جديدة لن تكون سهلة. لقد قرر الرئيس السابق أن يخاطر من جديد وأن يغامر، وهو الذي تعود على المخاطرة، والمخاطر إما أن يكسب كل شيء أو يخسر كل شيء، فهل ستكون هذه هي آخر مخاطرة سياسية للرئيس السابق؟

لقد أبرق الرئيس السابق من خلال اجتماع البارحة ببرقية واضحة وصريحة جدا تقول بلسان الحال : أنا هو مرجعية الحزب، ولذا فقد ترأست لجنة تسييره رغم عدم عضويتي فيها، وعلى من يرفض مرجعيتي للحزب أن يخرج من باب الحزب أو من نافذته، وإلى غير رجعة.

لقد جاء في بيان الحزب الذي صدر بعد الاجتماع بأن الحزب غير مرتبط بالأشخاص وبالسلطة، وتعني هذه العبارة سياسيا بأنه غير مرتبط بالرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي يمثل السلطة، أما ارتباطه بالأشخاص، أو بصفة أدق بشخص محدد، فهو أمر معلوم، وقد أكده اجتماع البارحة الذي ترأسه شخص ليس عضوا في لجنة تسييره.

لقد قرر الرئيس السابق أن يخاطر وأن يدخل في معركة مفتوحة مع جهات عدة، فهل سينجح في هذه المخاطرة أم أنها ستكون آخر مخاطرة؟
من المؤكد بأنه لا يمكن لأي بلد أن يقاد برأسين، ولقد قرر الرئيس السابق أن يطل برأسه إلى السلطة من خلال اجتماع البارحة، فهل ستنجح تلك الإطلالة أم أن الرأس سيقطع هذه المرة؟

هذه بعض النقاط المتفرقة التي قد تساعدنا في الإجابة على السؤال العنوان:

1 ـ لم يعد بإمكان الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أن يستمر في تجاهل ما يحدث داخل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، فتجاهل ما حدث البارحة، سيعزز من حجة أولئك الذين يقولون بأن الرئيس السابق هو من يتحكم في الأمور. إن "الحقيقة السياسية" هي تلك التي تتشكل في أذهان المواطنين، فعندما يقتنع المواطنون بأن الرئيس السابق هو من يتحكم في الأمور فإن ذلك سيتحول إلى حقيقة وإلى أمر واقع، حتى وإن لم يكن كذلك في الأصل.

2 ـ هناك خصوم كثر للرئيس السابق، فهناك المعارضة، وهناك داعمو الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني من خارج حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وهناك داعموه من داخل الحزب، وهناك ضحايا الرئيس السابق ..فهل سيتمكن الرئيس السابق أن ينتصر على كل هؤلاء وهو يحارب بسلة مملوء بالبيض، ويمكن لبيضها أن ينكسر بكامله عند أبسط حركة؟

3 ـ لا شك أن خصوم الرئيس السابق كثر ، ولكن السؤال هو : هل سيكون بإمكان خصومه السياسيين أن ينسقوا فيما بينهم لتوجيه الضربة القاضية سياسيا على الرئيس السابق؟

مهما يكن من أمر، فإن إدارة هذا الصراع تحتاج إلى احترافية كبيرة، وتحتاج من قبل ذلك كله إلى الاعتراف ـ ومن أعلى مستوى ـ  بأننا قد انتقلنا من مرحلة الاحتواء والصراع من وراء حجاب إلى مرحلة الصدام الحتمي والصراع المكشوف. انتهى المقال.

تعقيب سريع على المقال بعد مرور عام على كتابته

بعد مرور عام على الاجتماع المثير الذي عقده الرئيس السابق مع اللجنة السابقة لتسيير حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، فإنه يمكننا أن نقول ـ وبكل اطمئنان ـ بأن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني قد أدار الصراع مع الرئيس السابق باحترافية كبيرة، وأنه قد تمكن خلال سنة واحدة من عزل الرئيس السابق بشكل كامل، وأن يبعد عنه أي دعم سياسي يمكن أن يعول عليه مستقبلا.

لا خلاف على أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني قد أدار هذا الصراع باحترافية كبيرة، وأنه تمكن ـ وفي وقت قياسي ـ من عزل الرئيس السابق، ولكن السؤال الذي يمكن أن يطرح بعد مرور عام على ذلك الاجتماع المثير هو : هل كان الهدف هو عزل الرئيس السابق وحشره في أضيق زاوية ، أم أن الهدف هو عزل نمط تسيير معين كان الرئيس السابق يتبعه في تسييره لشؤون البلاد ؟

قد يرضى البعض ممن لديه أحقاد ومشاكل شخصية مع الرئيس السابق بالاكتفاء بعزل الرئيس السابق والتضييق عليه ومحاسبته قضائيا من بعد ذلك، ولكن أغلبية الموريتانيين ليست لديها أي أحقاد ولا أي مشاكل مع شخص الرئيس السابق، وإنما لديها مشاكل مع نمط حكم مارسه الرئيس السابق ومارسه رؤساء من قبله، وكانت محصلته النهائية كل هذه المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعيشها بلادنا اليوم.

لقد آن الأوان لأن يبدأ نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مرحلة جديدة لا تكتفي بعزل الرئيس السابق، وإنما تعمل بالإضافة إلى ذلك على عزل نمط سيء من الحكم مارسه الرئيس السابق ورؤساء من قبله، وقد سئم الموريتانيون من ذلك النمط من الحكم، ولم يعد بإمكانهم أن يتحملوه أكثر.

إن أغلبية هذا الشعب تريد نمط حكم جديد يأتيها بأساليب جديدة في التعامل مع ملفات حساسة، كملف التوظيف والتعيينات، وملف الزيارات التفقدية، ويأتيها أيضا ـ وهذا لا يقل أهمية ـ بواجهة سياسية وإدارية جديدة قادرة على أن تبعث الأمل في نفوس المواطنين.

فليكن عامنا هذا عام عزل أنماط الحكم السابقة، وذلك بعد أن كان العام الماضي عام عزل للرئيس السابق.

الخميس، 12 نوفمبر 2020

بأي منطق تبقى اللغة الفرنسية هي لغة الإدارة في موريتانيا؟

 


(1)

لا معنى لأن تبقى اللغة الفرنسية هي لغة الإدارة في موريتانيا، ذلك هو ما يقوله المنطق السليم:
-
 فلا الدستور الموريتاني يلزمنا باستخدامها، ولا هو ذكرها كلغة رسمية أو وطنية أو حتى كلغة ثانوية؛

-  لا الماضي الاستعماري لفرنسا ترك فينا بنية تحتية تشفع لهذا البلد الاستعماري حتى نتمسك بلغته؛

ـ لا حاضر فرنسا ومواقفها المسيئة لديننا الإسلامي يدعو  للتمسك بلغتها؛

 ـ لا المكانة المتراجعة للغة الفرنسية عالميا تغري بالاهتمام بهذه اللغة؛

فلماذا لا نبدأ بمراسيم توديع اللغة الفرنسية بشكل متدرج؟ ولماذا لا نجعل من اللغة الانجليزية والتي أصبحت هي لغة العالم والعالم في عصرنا هذا لغة ثانية بدلا من الغة الفرنسية؟

(2)

 ـ إذا زرت مواقع التواصل الاجتماعي فستجد بأن ما يزيد على 90 من رواد هذه المواقع ينشرون باللغة العربية؛

 - إذا زرت المواقع الإخبارية النشطة فستجد أن ما يزيد على 90% منها مواقع عربية؛

-  إذا شغلت القنوات التلفزيونية والإذاعات الحرة (وهي التي تبحث عن أكبر عدد من المشاهدين والمستمعين) فستجد بأنها لا تخصص للغة الفرنسية إلا نسبة أقل من 5% من برامجها؛

 - إذا ذهبت إلى الأسواق في شرق موريتانيا وغربها، في شمالها وجنوبها، فلن تسمع من يتحدث بالفرنسية إلا نادرا؛

-  إذا ذهبت إلى كل التجمعات، ومهما كانت طبيعة تلك التجمعات فلن تسمع من يتحدث باللغة الفرنسية إلا بنسبة أقل من 1%؛

 - إذا أوقفت سيارة أجرة فلن يسألك سائقها عن وجهتك باللغة الفرنسية، ولن يخاطبك بتلك اللغة؛

-  إذا ذهبت إلى مخبزة أو مجزرة أو بقالة في حيك فلن تتعامل مع البائع باللغة الفرنسية؛

 - إذا ازدحم حولك المتسولون فلن يسألك أي واحد منهم الصدقة باللغة الفرنسية؛

-  إذا ذهبت إلى المقبرة فستجد أن ما يزيد على 95% من أسماء الموتى قد كتبت باللغة العربية؛

ـ إذا ذهبت إلى الثانويات فستجد أن نسبة كبيرة من أساتذة المواد العلمية لا تستطيع أن تشرح دروسها باللغة الفرنسية، وأن نسبة أكبر من التلاميذ لا تستطيع أن تفهم الدرس إذا ما تم تقديمه كاملا باللغة الفرنسية؛

أما إذا ذهبت إلى الإدارة فستجد أن ما يزيد على 80% من الوثائق قد كتبت باللغة الفرنسية.

إننا نعيش بالفعل خللا كبيرا، وقد حان الوقت للبدء في تصحيحه.

(3)

من النادر جدا جدا أن يتحدث الناس في أسواقهم أو في إعلامهم أو في أي شكل من أشكال معاملاتهم باللغة الفرنسية، ومع ذلك فقد استنتجت الأنظمة الموريتانية المتعاقبة من ذلك أن اللغة الأنسب للإدارة والتي يجب أن تكون قريبة من المواطنين هي اللغة الفرنسية!

يحدثك  بعض المدافعين عن اللغة الفرنسية في أيامنا هذه عن الدستور وعن اللغات التي تم ذكرها فيه، وعن الإسلام وعن لغة القرآن، وعن إساءات فرنسا المتكررة للإسلام وضرورة مقاطعتها، ثم يستنتج من بعد ذلك كله بأن التحدث باللغة الفرنسية مباح في البرلمان، ومشروع في الإدارة، وتعلمها في المدارس مطلوب..فمن أين يا أخي جئت بهذا الاستنتاج الغريب؟ ألا ترى بأن كل هذه المقدمات كان يفترض بها أن تأتي باستنتاج مناقض لاستنتاجك؟

لا تختلف هذه الاستنتاجات عن قصة تروى عن طفل له استنتاجات في منتهى الغرابة والاستفزاز.

تقول القصة بأن أبا ثريا يملك قصرا فخما، قرر ذات يوم أن يأخذ ابنه في رحلة إلى بلدة فقيرة في الريف لا يسكنها إلا الفقراء، وكان الأب يريد من تلك الرحلة أن ينبه ابنه إلى أنه يعيش في نعيم ورخاء قد حُرم منه الكثير من أطفال الفقراء. قضى الأب وابنه أياما في ضيافة أسرة فقيرة جدا كانت تسكن في مزرعة بالبلدة الفقيرة وفي طريق العودة دار بين الأب والابن الحوار التالي:

الأب : كيف كانت الرحلة ؟

الابن : كانت رحلة رائعة

الأب : هل شاهدت يا ابني كيف يعيش أهل هذه البلدة، وكيف كانت تعيش الأسرة التي أقمنا عندها؟

الابن : نعم يا أبي لقد شاهدتُ كل ذلك، فالأسرة التي أقمنا عندها تملك أربعة كلاب ونحن لا نملك إلا كلبا واحدا، وهي تملك بركة ماء لا حدود لها ونحن في منزلنا لا نملك إلا حوض سباحة صغير، ونحن نضيء حديقتنا الصغيرة بمصابيح، أما هم فإنهم يضيئون حديقتهم ذات المساحة الشاسعة بنجوم تتلألأ في السماء، وباحة منزلنا ضيقة في حين أن باحة منزلهم تمتد مع الأفق.

ظل الوالد يستمع لمقارنات الابن الغريبة دون أن يعلق عليها، وذلك من قبل أن يختم الابن حديثه بالاستنتاج التالي:

لقد عرفتُ يا أبي كم نحن فقراء، وكم هم أغنياء!!

(4)

أختم بهذه القصة التي حدثت في إحدى القرى الموريتانية، وقد رواها لي صديق، وهي تعكس وجها من الأضرار الكثيرة التي تلحق بالمواطنين بفعل إصرار الإدارة على استخدام اللغة الفرنسية في معاملتها مع المواطنين.
القصة أو الحادثة تتعلق بقرية موريتانية ظلت لسنتين تصلح مضخة الماء على حسابها، وفي مرة تعطلت المضخة نتيجة عطل كبير، فسافر موفد من القرية إلى العاصمة نواكشوط لحل المشكلة، واتصل الموفد بوسيط أو نافذ وحين راجع معه الوسيط الشركة الوصية، وجدا أن العقد المحرر باللغة الفرنسية يتضمن بندا ينص على أن الجهة الوصية ملزمة بإصلاح كل الأعطاب التي قد تتعرض لها المضخة.

تصوروا لو أن العقد كان باللغة العربية، فهل تعتقدون بأن أهل القرية كان سيفوتهم بأن الشركة التي وقعوا معها العقد ملزمة بتحمل إصلاح أي خلل قد تتعرض له المضخة المائية؟

لن يفوتهم ذلك، حتى ولو كانت نسبة الأمية في قريتهم مرتفعة جدا.

حفظ الله موريتانيا..

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2020

لا حجة مقنعة للمتمسكين باللغة الفرنسية

 


لقد آن الأوان لأن يتشبه البرلمان الموريتاني ببرلمانات العالم، ففي أغلب برلمانات العالم يُحظر استخدام اللغات الأجنبية في مداولات ونقاشات النواب، لأن ذلك يشكل انتقاصا من السيادة الوطنية. ففي فرنسا مثلا يحرم استخدام أي لغة غير الفرنسية في البرلمان الفرنسي، وفي تونس يحرم استخدام أي لغة غير اللغة العربية في البرلمان التونسي، وفي المغرب يحرم استخدام أي لغة غير العربية والأمازيغية داخل البرلمان المغربي..وهكذا، فلماذا يبقى البرلمان الموريتاني هو الاستثناء الوحيد؟

(1)

لا شيء يبرر الحديث باللغة الفرنسية في البرلمان الموريتاني، إذا ما تحدثنا بلغة القانون واحتكمنا إلى الدستور، فالدستور الموريتاني يقول في مادته السادسة بأن : " اللغات الوطنية هي العربية والبولارية والسوننكية والولفية. اللغة الرسمية هي العربية." فهل جاء ذكرٌ للغة الفرنسية في هذه المادة؟ بل هل جاء أصلا أي ذكر للغة الفرنسية في أي مادة من مواد الدستور الموريتاني؟

لا فرق بلغة أهل القانون بين هذه المادة والمادة 28 من نفس الدستور الموريتاني التي تقول: "يمكن إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمرة واحدة". فلماذا نقيم الدنيا ولا نقعدها عندما يتم التفكير بالمساس بالمادة 28، وذلك في الوقت الذي ندوس فيه يوميا على المادة السادسة من نفس الدستور داخل البرلمان، وفي الإدارة، وفي مراسلاتنا الدبلوماسية ؟

أوجه هذا الكلام لنواب المعارضة التقليدية الذين طرحوا خلال العقد الماضي مئات الأسئلة الشفهية والمكتوبة عن مختلف المواضيع والمجالات، ولكن لم يطرح أي واحد منهم سؤالا واحدا عن الانتهاكات اليومية المتكررة للمادة السادسة من الدستور الموريتاني.

على من يريد التحدث باللغة الفرنسية تحت قبة البرلمان الموريتاني أن يدعو إلى استفتاء على تعديل المادة السادسة من الدستور الموريتاني، وأن يبحث عن المصوتين، وعندما يصوت الشعب الموريتاني على أن اللغة الرسمية لموريتانيا هي اللغة الفرنسية، فحينها سيحق للجميع التحدث باللغة الفرنسية تحت قبة البرلمان. ومن قبل أن يحصل ذلك، فعلى الجميع أن يحترم الدستور الموريتاني ويتوقف عن الإساءة إليه من خلال الحديث بلغة أجنبية تحت قبة البرلمان.

(2)

 وإذا ما تحدثنا بلغة الأرقام والإحصائيات فإن تقارير المنظمة الدولية للفرانكفونية تقول ـ وهي التي لا يمكن اتهامها بتقليل نسبة المتحدثين باللغة الفرنسية في موريتانيا ـ بأن نسبة المتحدثين بهذه اللغة في موريتانيا لا تتجاوز 13%، وهؤلاء يتحدثون بالإضافة إلى الفرنسية إحدى لغاتنا الوطنية الأخرى على الأقل . فبأي منطق نحرص على التواصل مع 13% ولا نحرص على التواصل مع 87% من الشعب الموريتاني؟

وتقول أيضا لغة الأرقام بأن اللغة العربية تأتي من حيث الانتشار في الرتبة الرابعة عالميا، وأن اللغة الفرنسية تأتي في الرتبة التاسعة (وهي في تراجع مستمر)، فبأي منطق نحرص على التواصل مع الناطقين باللغة الفرنسية  والذين يمثلون الرتبة التاسعة في العالم، ولا نحرص على التواصل مع الناطقين باللغة العربية الذين يمثلون الرتبة الرابعة عالميا؟

ومن قبل أن أختم هذه الفقرة التي تتحدث بلغة الأرقام والإحصائيات، فلا بد أن أشير إلى مغالطة أخرى يطرحها المدافعون عن اللغة الفرنسية، وذلك عندما يبررون تمسكهم باللغة الفرنسية بالخوف على مصير عدد كبير من حملة الشهادات الذين تعلموا باللغة الفرنسية. مهما كان حجم ذلك العدد فسيبقى أقل بكثير من عدد حملة الشهادات باللغة العربية، فبأي منطق يقلقكم مصير أولئك ولا يقلقكم مصير هؤلاء، وهم أكثر عددا؟

فإن طالبتم حملة الشهادات باللغة العربية بتعلم اللغة الفرنسية حتى يتمكنوا من العمل في الإدارة المفرنسة، فلماذا لا تعربوا الإدارة وتطالبوا حملة الشهادات بالفرنسية أن يتعلموا اللغة العربية حتى يتمكنوا من العمل في الإدارة المعربة، خاصة وأنهم أقل عددا من حملة الشهادات باللغة العربية.

(3)

وإذا ما تحدثنا بمنطق ترتيب الأولويات، وفي هذا رد على أولئك الذين يقولون بأن تعلم اللغات هو أمر مطلوب. صحيح أن تعلم اللغات هو أمرٌ مطلوب، فمن تعلم لغتين هو أفضل ممن تعلم لغة واحدة، ومن تعلم ثلاث لغات أفضل ممن تعلم لغتين، وهكذا. ولكن ومن باب ترتيب الأولويات، أليس الأولى بنا أن نتعلم لغتنا الرسمية من قبل أن نتعلم أي لغة أخرى، وإذا ما تعلمنا لغتنا الرسمية جاز لنا حينها أن نتعلم لغة ثانية أو ثالثة.

يتعلم أحدهم اللغة الفرنسية ولا يتعلم اللغة العربية ثم يقول لك إن ديننا الإسلامي يحث على التعلم ولا يعادي أي لغة. هذا صحيح، ولكن مادام ديننا لا يعادي أي لغة فلماذا لا تتعلم أنتَ اللغة العربية فهي لغة قرآنك وهي اللغة الرسمية لبلدك، وهي بالتالي أولى بالتعلم من أي لغة أخرى.

نحن إن طالبنا بتفعيل المادة السادسة من الدستور الموريتاني، فلا يعني ذلك بأننا نعادي اللغة الفرنسية، فلتعش اللغة الفرنسية معززة مكرمة في فرنسا وفي برلمان فرنسا، ولتعش اللغة الرسمية لموريتانيا ولغاتها الوطنية معززة مكرمة في موريتانيا وفي برلمان موريتانيا. إن من يُطالب بهذا لا يعادي اللغة الفرنسية، وإنما يُناصر لغة بلده الرسمية ولغاته الوطنية، فمتى كان الانتصار للغات الوطن معاداة للغة أخرى؟

 (4)

وإذا ما تحثنا بلغة المستقبل، فعلينا أن نعلم بأن مستقبل اللغة الفرنسية مظلم وقاتم، فهي تتراجع بشكل كبير, ولذا فليس من الحكمة التمسك بلغة ليست لغتنا، ولا مستقبل لها. يحتج المدافعون عن اللغة الفرنسية بالقول بحياد اللغة، فما دامت اللغات محايدة، ومادامت الفرنسية ليست لغتنا، وما دام مستقبلها مهدد، فلماذا لا نبدلها بلغة العلم والعالم في زماننا هذا، أي باللغة الانجليزية، فنفعل مثلما فعلت رواندا.

وإبدال اللغة الانجليزية باللغة الفرنسية أصبح من مطالب الكثير من النخب في الكثير من الدول التي استعمرتها فرنسا وورثتها اللغة الفرنسية.

(5)

في الختام لابد من القول بأننا فشلنا خلال العقود الست الماضية في جعل اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد بسبب مضايقة الفرنسية لها، وفشلنا كذلك في تطوير لغاتنا الوطنية بسبب مضايقة اللغة الفرنسية لتلك اللغات. فكيف لنا أن نطور هذه اللغات في وقت يرفض فيه الناطقون بتلك اللغات التحدث بها داخل البرلمان، وذلك مع العلم بأن مداخلاتهم ستتم ترجمتها بشكل فوري، وبأن كل مداولات البرلمان أصبحت تبث مدبلجة على قناة البرلمانية بكل لغاتنا الوطنية.هناك إصلاحات كبيرة قيم بها في الجمعية الوطنية لصالح لغاتنا الوطنية، ولكن الغريب في الأمر أن من وقف ضد تلك الإصلاحات هم النواب الذين كان يفترض بهم أن يكونوا هم من يُطالب بتلك الإصلاحات.

إننا نعيش منذ ستين سنة وضعية مختلة وغير طبيعية، واستمرار الحال على هذا الحال سيزيد الأمور تعقيدا، فهو سيزيد من تهميش لغتنا الرسمية ولغاتنا الوطنية لصالح اللغة الفرنسية، ومن هنا وجب لفت الانتباه إلى هذه الوضعية المختلة.

المؤسف في الأمر أنه كلما قيم بمحاولة للفت الانتباه إلى هذا الخلل الذي نعيشه منذ ستة عقود ماضية قامت قيامة البعض. على أولئك الذين لم ينددوا في أي يوم من الأيام بهذا الخلل، ويسارعون اليوم إلى التصدي لكل من يحاول لفت الانتباه إليه، على أولئك أن يعلموا بأنهم يخدمون اللغة الفرنسية بتصرفاتهم المشينة تلك، وأنهم يعملون ضد لغتهم الرسمية ولغاتهم الوطنية، علموا ذلك أو لم يعلموه، فبقاء الحال على حاله سيبقى لصالح اللغة الفرنسية.   

 

حفظ الله موريتانيا..

الجمعة، 6 نوفمبر 2020

كلفة تعيين!

 


في يوم الأربعاء الموافق 04 نوفمبر 2020 أعلنت رئاسة الجمهورية أنه بموجب مرسوم صادر عنها، وباقتراح من الوزير الأول، تم تعيين السيد "جا مختار ملل" وزيرا أمينا عاما للحكومة.

ربما تكون هناك "أسباب ما" لا يدركها المهتمون بالشأن العام هي التي دفعت بالوزارة الأولى إلى أن تقترح هذا التعيين، وبالرئاسة إلى تقبل به. أقول ربما تكون هناك "أسباب ما" لذلك التعيين، ولكن يبقى الشيء المؤكد أن تلك الأسباب لا يمكن التوصل إليها، ولا اكتشافها عن طريق أساليب التحليل المعهودة. بل على العكس من ذلك فإن القراءة التحليلية المتأنية لهذا التعيين تقول بأن كلفته على النظام ستكون كبيرة جدا، وسنبين ذلك من خلال هذا المقال.

إن أي تحليل متماسك منطقيا سيستنتج ـ وبلا مشقة ذهنية ـ بأن تعيين السيد "جا مختار ملل" وزيرا أمينا عاما للحكومة ستكون له كلفة ثقيلة متعددة الأبعاد والأوجه، فهناك كلفة سياسية لهذا التعيين، وهناك كلفة إعلامية، هذا فضلا عن الكلفة المتعلقة بالتأثير سلبا على مصداقية الحرب على الفساد. 

أولا / كلفة التعيين على مصداقية الحرب على الفساد

في سابقة من نوعها ارتاح لها الموريتانيون كثيرا قال الوزير الأمين العام للرئاسة يوم  الأحد الموافق (09 أغسطس 2020) بمناسبة تعيين الحكومة الحالية، بأن : " المبدأ المُوّجِهَ لتشكيل هذه الحكومةِ الجديدةِ ذو ارتباطٍ وثيقٍ بتحقيق اللجنة البرلمانية". كما قال أيضا في نفس الكلمة والتي تم من خلالها الإعلان عن تشكيلة الحكومة الحالية : "لقد ورد ذكرُ بعض أعضاء الحكومة المستقيلة في تقرير لجنة التحقيق البرلمانية. ومع التمسك والإيمان الراسخ بمبدأ أصالة البراءة حتى تثبت الإدانة، فإنه من المناسب، تمكين من تناولهم التقرير من التفرغ لإثبات براءتهم ولذلك كانوا من ضمن من شملهم التغيير."

هذا الارتياح الكبير الذي تولد لدى الموريتانيين بعد سماعهم لذلك الخطاب غير المسبوق، لاشك أنه سيتأثر سلبا بهذا التعيين، فبأي منطق يٌقال وزير لورود اسمه في تقرير اللجنة البرلمانية، ويعين آخر ورد اسمه في نفس التقرير؟

وإذا كان لابد من خرق هذا المبدأ الذي تحدث عنه الوزير الأمين العام للرئاسة عند تشكيل  الحكومة الجديدة، ألم يكن الأولى في هذه الحالة الاحتفاظ بوزير ورد اسمه في تقرير اللجنة البرلمانية بدلا من تعيين آخر وزيرا يوجد اسمه في نفس التقرير؟

ثانيا / الكلفة السياسية لهذا التعيين

للكلفة السياسية لهذا التعيين عدة أوجه سنتحدث عنها من خلال النقاط التالية:

1 ـ  ينشط الوزير "جا مختار ملل" سياسيا في مقاطعة "مونكل" المنحدر منها، وهناك شخصيات سياسية أخرى محسوبة على الحزب الحاكم والأغلبية تنشط في المقاطعة . بالعودة إلى نتائج الانتخابات الرئاسية الماضية، أي آخر استحقاقات انتخابية، فسنجد بأن الوزير المعين :

ـ كان هو الأسوأ أداءً في الحملة في مقاطعة "مونكل"، فالمكاتب المحسوبة عليه في بلديات "مونكل" و"ميت" و"آزقيليم" كانت نتائجها بالنسبة للمرشح غزواني هي الأضعف في المقاطعة.

ـ كان هو الوحيد من بين الشخصيات السياسية الوازنة في مقاطعة "مونكل" الذي رفض أن يتبرع ماليا لحملة المرشح غزواني خلال الضائقة المالية التي عرفتها الحملة وللأسباب المعروفة. لقد رفض الوزير أن يتبرع للحملة في حين تبرع آخرون في المقاطعة.

ـ يُقال، وهذه ليست معلومة مؤكدة، ولكن لها من الدلائل القوية ما يدعمها، بأن الوزير المعين كان يدعم سرا أحد منافسي المرشح غزواني، وأنه كان من الذين يعملون خفية من أجل جر المرشح غزواني لشوط ثانِ. ويبقى من أقوى الأدلة على ذلك هو أن إدارة حملة المرشح غزواني في "مونكل" ضبطت رئيس فرع حزب الاتحاد من أجل الجمهورية هناك (المحسوب على الوزير المعين)، وهو يعبئ الناخبين للتصويت لمرشح منافس!

فبأي منطق يتم اختيار السيد " جا مختار ملل" لوظيفة سياسية في حين يترك أولئك الذين دعموا بجد وصدق المرشح غزواني في مقاطعة "مونكل" دون تعيين؟

ألن يُصدم أولئك بهذا التعيين؟ ألن يضعف حماسهم في دعم النظام بعد هذا التعيين؟

إن هذا التعيين، ومن هذه الزاوية فقط له كلفته السياسية الكبيرة، وما قيل هنا عن  مقاطعة "مونكل" يمكن أن يُقال عن مقاطعات أخرى وجد فيها الداعمون الصادقون للمرشح غزواني أنفسهم على الهامش في حين تم تعيين آخرين لم يبذلوا جهدا يذكر في دعم المرشح غزواني.

2 ـ من الأوجه الأخرى للكلفة السياسية لهذا التعيين، هو أن هذا التعيين يزيد من حضور رجال العشرية في أعلى الهرم الحكومي، وذلك في وقت فُتِح فيه تحقيق ومسار قضائي بخصوص بعض ملفات العشرية.

صحيحٌ أن أغلبية الرئيس السابق هي أغلبية الرئيس الحالي، وصحيحٌ أيضا أنه ليس من الإنصاف أن نطلب من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أن يستجلب للوظائف السياسية في حكمه رجالا أو نساءً من خارج أغلبيته الداعمة. كل ذلك صحيح، ولكن الصحيح أيضا هو أن كل رئيس جديد يحتاج لواجهة سياسية وحكومية جديدة، ويتأكد الأمر عندما يتم فتح ملف فساد ضد الرئيس السابق وبعض أركان نظامه.

من المؤكد بأنه يوجد في الأغلبية الحالية الكثير من الرجال والنساء الذين لم تشملهم ملفات التحقيق، والذين خدموا بصدق المرشح غزواني، فهؤلاء أولى من غيرهم بالتعيين في الوظائف السياسية، وبمثل هؤلاء يمكن للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أن يصنع واجهة سياسية وحكومية خاصة به، قابلة للتسويق وقادرة على أن تخلق أملا لدى الشعب الموريتاني بأن هناك نظاما جديدا يمكن التعويل عليه في حل المشاكل المطروحة.

3 ـ من أوجه الكلفة السياسية لتعيين السيد "جا مختار ملل" وزيرا، هو أن هذا التعيين لا يخرج عن إطار الدائرة الضيقة التي تعودت على أن تتبادل الوظائف السامية في الحكومة. هناك في الأغلبية من أصبح على قناعة بوجود مثل هذه الدائرة الضيقة، والاقتناع بوجود هذه الدائرة لدى الفاعلين السياسيين في الأغلبية سيؤدي حتما إلى غياب التنافس الإيجابي داخل هذه الأغلبية من أجل الحصول على تلك الوظائف، وهو ما ستكون له انعكاسات سياسية سلبية على النظام. فلسان حال القوم يقول ولماذا نتنافس في خدمة النظام ما دام التوظيف والتعيين سيبقى حكرا على دائرة ضيقة تعودت على احتكار وتبادل الوظائف المتاحة؟

ثالثا/ الكلفة الإعلامية لهذا التعيين

حتى الآن ما زال الأداء الإعلامي للنظام القائم دون المستوى، وسيزيد هذا التعيين وأمثاله من التعيينات من ضعف وإرباك هذا الأداء. سيجد المدافعون عن النظام حرجا كبيرا في الدفاع عن مثل هذا التعيين، ولا شك أنهم سيجدون صعوبة كبيرة في تسويق خطاب يرتكز على محاربة الفساد مع وجود مثل هذه التعيينات، وهو ما عبر عنه بدقة أحد نواب حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في مداخلة له تم تداولها بشكل واسع في مواقع التواصل الاجتماعي. ثم إن الوزير المعين كان قد عمل سابقا في سفارة موريتانيا في تل أبيب الشيء الذي سيزيد من صعوبة تسويق تعيينه.

ختاما

إن ملف الاكتتاب والتعيينات هو من الملفات الحساسة جدا، وارتكاب الأخطاء في هذا الملف ستكون له كلفة إعلامية وسياسية كبيرة جدا، كما ستكون له كلفة كبيرة جدا على مصداقية الحرب على الفساد، ومن هنا يتحتم على النظام أن يهتم أكثر بهذا الملف، حتى لا تتكرر مثل هذه الأخطاء ذات الكلفة الكبيرة جدا.  

تنبيه : الوظائف والتعيينات التي تم الحديث عنها هنا في هذا المقال هي الوظائف السياسية، أما الوظائف الإدارية ذات الطبيعة الفنية فيجب أن تبعد نهائيا عن السياسية، وتلك لها معايير أخرى لا علاقة لها بالأداء السياسي.   

 حفظ الله موريتانيا..