لعلكم تذكرون قصة قلم وزير التوجيه الإسلامي السابق والحملة الواسعة التي صاحبتها، وبالطبع فلن أعود في هذا المنشور إلى قصة ذلك القلم وما آلت إليه..في هذا المنشور سأكتفي بقصة مشابهة ما زال البعض يتحدث عنها، وهي تتعلق ب"أمغاسل" فوترهم الحكومة ب8000 أوقية قديمة للمغسل الواحد!
القصة بدأت مع مداخلة للنائب ولد عيه، اتهم فيها بعض الوزارات وبعض المؤسسات العمومية بفوترة "أمغاسل كاوتشو" ب 8000 أوقية للمغسل الواحد. الكثير من المدونين صدَّق هذه القصة عندما سمعها، وأخذ ينتقد الحكومة التي تفوتر "مغسل كاوتشو" ب8000 أوقية.
لا أحد من هؤلاء طرح أسئلة كان يجب عليه أن يطرحها عندما سمع القصة، وهي أسئلة من قبيل:
ـ لماذا ظل هذا النائب ساكتا لسنوات طوال وتحدث الآن؟
ـ بأي منطق نصدق هذه القصة ونحن نتابع الإعلام يوميا (تلفزيونات؛ مواقع؛ حسابات شخصية)، ومع ذلك فلم نشاهد أي وزارة توزع "لمغاسل"، كل ما شاهدناه في هذا المجال يتعلق بمبادرات مجتمعية (وليست وزارات) توزع ش من لمغاسل؟
ـ بأي منطق نصدق هذا النائب في قصة "لمغاسل"، وكل ما قال من بعد "لمغاسل" غير صحيح..فقد تحدث النائب في نفس المداخلة عن تجمهر كبير تسبب فيه تسجيل وكالة تآزر للفقراء، وهذا غير صحيح..بل أكثر من ذلك، فإن الطريقة التي نصح بها النائب وكالة تآزر لتفادي التجمهر هي نفس الطريقة التي كانت تستخدمها تآزر في ذلك الوقت.
كان من الواضح جدا بأن قصة فوترة المغسل ب8 آلاف أوقية هي قصة مفبركة، ومع ذلك فقد تبناها الكثير من المدونين، وتعاملوا معها على أساس أنها قصة حقيقية لا يمكن التشكيك فيها، وبذلك فقد أصبح كل أولئك المدونين جزءا من صراع خفي يدور الآن داخل البرلمان وفي أمكنة أخرى.
ما يدور الآن من صراع في البرلمان هو أن هناك لجنة برلمانية قررت أن تستدعي الرئيس السابق، وأن توسع ملفات التحقيق لتشمل ملفات أخرى أكثر حساسية، ويبدو أنها ستنجح في ذلك. وهناك نواب آخرون مقربون من الرئيس السابق مستاؤون من ذلك، ومن بين أولئك النواب النائب ولد عيه الذي قرر أن يواجه النظام القائم، حتى ولو كان ذلك من خلال تقديم معلومات مغلوطة.
من حق كل واحد منا أن يتبنى هذا الموقف أو ذاك، ولكن وفق قناعاته هو، أما ما لا يليق بنا هو أن تتم "برمجتنا" دون أن ندري، وأن ندخل ـ بالتالي ـ في صراع ونتخندق فيه دون أن نعي ذلك..
عمليات "برمجة الآخرين" تتكرر كثيرا في فضائنا الأزرق هذا، وهناك أمثلة أخرى أكثر وضوحا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق