الاثنين، 19 نوفمبر 2012

القصاصة رقم (12) / حكمة صينية



سأحكي لكم قصة صينية، مع شيء من التصرف. تقول هذه القصة، بأن أبا مزق خريطة العالم تمزيقا شديدا، ثم ناول الخريطة الممزقة لابنه ـ الذي لم يتجاوز عامه الخامس ـ وطلب منه إعادة تنظيم قطع الورقة الممزقة، حتى تعود الخريطة إلى شكلها الأصلي.
وبعد أقل من خمس دقائق أعاد الطفل الصغير خريطة العالم لأبيه كما كانت، وهو ما أذهل الجميع باستثناء الأب.
أتعرفون كيف تمكن الطفل الصيني الصغير من إعادة خريطة العالم إلى شكلها الأصلي؟
لقد استطاع هذا الطفل الصيني الصغير أن يعيد خريطة العالم لشكلها الأصلي، لأنه اكتشف أن مقلوب الصفحة التي رُسمت عليها خريطة العالم كانت توجد به صورته الشخصية، والتي وضعها الأب لكي يقدم لابنه درسا عميقا، لن يتعلمه في أي مكان.
لذلك فقد كان من السهل جدا على الطفل أن يعيد صورته الشخصية الممزقة إلى شكلها الأصلي، وهو ما انعكس ـ وبشكل تلقائي ـ على الوجه الآخر من الورقة، حيث عادت خارطة العالم، في الوجه الآخر، إلى شكلها الأصلي من قبل تمزيق الورقة.
من هذه القصة جاءت الحكمة الصينية، والتي تقول بأنه يكفي من أجل أن نصلح خريطة العالم علينا أن نصلح وجه إنسان واحد.
وإذا ما اختزلنا خريطة العالم في خريطة موريتانيا، فسيكون بإمكاننا أن نقول ـ اعتمادا على الحكمة الصينية ـ بأنه بإمكان كل واحد منا أن يصلح من حال موريتانيا، وبإمكان كل واحد منا أن يخرجها من أزمتها، إذا ما أصلح هو أولا من حاله.
فبإمكان كل طالب أن يصلح من حال موريتانيا إذا ما أصلح من حاله..
وبإمكان كل أستاذ أن يصلح من حال موريتانيا إذا ما أصلح من حاله..
وبإمكان كل طبيب أن يصلح من حال موريتانيا إذا ما أصلح من حاله..
وبإمكان كل سياسي أن يصلح من حال موريتانيا إذا ما أصلح من حاله..
وبإمكان كل مثقف أن يصلح من حال موريتانيا إذا ما أصلح من حاله..
وبإمكان كل مواطن عادي ـ مثلي ومثلك ـ أن يصلح من حال موريتانيا إذا ما أصلح من حاله..
مشكلتنا في هذا البلد ـ وهذه هي أم المشاكل لدينا ـ هي أن كل واحد منا يرفض أن يكون مواطنا صالحا، وهو يشترط لأن يكون مواطنا صالحا صلاح الملايين الثلاثة برئيسها وبوزرائها وبسياسيها وبمثقفيها وبطلابها وبأغنيائها وبفقرائها وبشبابها وبشيبها وبنسائها وبرجالها وبنخبها وبعامتها وبرموز فسادها وبمفسديها الصغار وبأحيائها وبأمواتها.

إن طريق التغيير المنشود، والذي نتنمناه جميعا لبلادنا، دون أن نعمل على إحداثه، يبدأ بسؤال محدد  يتعين على كل موريتاني أن يجيب عليه.

أفلا يمكن لي أنا ـ مثلا ـ أن أقرر من الآن بأن أكون مواطنا صالحا حتى ولو ظل المجتمع كله فاسدا؟ ألا يمكن لكَ أنتَ أن تتخذ مثل ذلك القرار؟ ألا يمكن لكِ أنتِ أن تتخذين مثل ذلك القرار؟ ألا يمكن له هو أن يتخذ مثل ذلك القرار؟ ألا يمكن لها هي أن تتخذ مثل ذلك القرار؟ ألا يمكن لنا نحن أن نتخذ مثل ذلك القرار؟ ألا يمكن لكما أنتما أن تتخذا مثل ذلك القرار؟ ألا يمكن لهما أن يتخذا مثل ذلك القرار؟ ألا يمكن لكم أنتم أن تتخذوا مثل ذلك القرار؟ ألا يمكن لكن أنتن أن تتخذن مثل ذلك القرار؟ ألا يمكن لهم هم أن يتخذوا مثل ذلك القرار؟ ألا يمكن لهن أن يتخذن مثل ذلك القرار؟ بالتأكيد يمكن لنا جميعا أن نتخذ مثل ذلك القرار، ولو اتخذناه لتمكنا من أن نصلح من حال موريتانيا، ولاستطعنا أن نصعد بها درجات كثيرة في سلم التقدم والنماء، في أقل من خمس دقائق، عفوا في أقل من خمس سنوات.
قرر الآن، وإلا فعليك أن تعلم بأنك أنت، وأنت وحدك هو من يعيق الإصلاح..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق