السبت، 17 نوفمبر 2012

القصاصة (10)/ ابن أستاذ الانجليزية



في حصة من حصص الإنجليزية، أيام الدراسة الثانوية، قال لنا أستاذ الانجليزية أن ابنه الذي لم يتجاوز عامه الخامس، والذي لم يدرس "اللوح" من قبل دخول المدرسة، جاءه بعد أول يوم له في المدرسة، أي أول حصة له في سنة أولى ابتدائي، ليقول له:
ـ أبي إن معلمنا في المدرسة لا يعرف شيئا!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ولقد قال لنا أستاذ الانجليزية بأنه تعجب كثيرا من ابنه الذي لم يدرس شيئا في حياته، ومع ذلك تجرأ على أن ينتقد معلمه في أول حصة له في المدرسة، وهذه القصة حكاها لنا أستاذ الانجليزية ليبين لنا أن الكثير من نقد التلاميذ لأساتذتهم ولمعلميهم ليس بالنقد الموضوعي.
أما أنا فلا أحكي لكم هذه القصة لأدافع عن الأساتذة والمعلمين، وإنما أحكيها لأقول لكم بأن ابن أستاذ الانجليزية هو شخصية قد نصادفها كثيرا في حياتنا، وهي قد تتقمص العديد من الشخصيات، وقد تظهر من خلال صور شتى.
إن ابن أستاذ الانجليزية لم يأت للمدرسة ليتعلم، وإنما جاءها باحثا عن عيوب المعلم، وهكذا هم المثبطون دائما..
فالمثبط هو شخص يخصص جهده ووقته ومواهبه لانتقاد الآخرين ولتثبيطهم، بدلا من أن يستخدمها في إنجاز أي شيء مفيد، والمثبطون هم أشخاص لا ينشطون إلا إذا صادفوا شخصا يسعى للنجاح في حياته، فهنا يغمرهم النشاط والحيوية لا لينجزوا شيئا، وإنما ليثبطوا من عزيمة الناجحين الذين يقابلونهم.
وابن أستاذ الانجليزية قد يكون صديقك الذي إن قلت له بأنك تريد أن تكون طبيبا ناجحا (على سبيل المثال)، قال لك وهل صاحب هذا الوجه ـ وهو يشير إليك ـ يمكن أن يكون طبيبا ناجحا؟ وكأن هناك ملامح خاصة للطبيب الناجح.
وابن أستاذ الانجليزية قد يكون أسرتك، أو جارك، أو أصديقك في المدرسة، أو زميلك في مكان العمل، والذي إذا قلت له بأنك تريد أن تكون عالما مبدعا، أو سياسيا ناجحا، أو موظفا مستقيما، أو مواطنا صالحا حتى، شكك فيما تقول، وقال لك بأنك أنت بالذات يستحيل أن تكون كذلك.
وابن أستاذ الانجليزية قد يكون مجرد شخص عابر، تقابله في مكان عابر، وفي لحظة عابرة، ومع ذلك فإنه يستغل تلك اللحظة العابرة ليشحنك بالكثير من الرسائل السلبية والمثبطة.
ابن أستاذ الانجليزية، قد يكون، وقد يكون...
وكم سيكون معلم ابن أستاذ الإنجليزية سخيفا إن شك في معلوماته لأن هناك طفلا لم يتعلم شيئا في حياته وصفه بالمعلم الجاهل..
وكم سنكون نحن سخيفون ( أنا وأنت) إن شككنا لحظة في قدراتنا وإمكانياتنا وأهدافنا كلما صادفنا مثبطا، وحاول أن يشحننا بشحناته السلبية حتى نكون فاشلين مثله.
هذه ليست دعوة لرفض النقد، فنحن جميعا بحاجة إلى النقد البناء، ولكنها دعوة لرفض رسائل المثبطين السلبية، والتي لا تختلف مواقفهم اتجاهنا عن موقف ابن أستاذ الانجليزية مع معلمه.
سؤال: كيف نَفْصِل المثبط عن الناصح الذي ينتقدنا بموضوعية لكي نكون أحسن؟
جواب : بالعودة إلى السنة النبوية الشريفة، فالنبي صلى الله عليه وسلم، لما أراد أن ينبه عبد الله بن عمر رضي الله عنه، على قيام الليل، قال له : ( نعم العبد عبد الله لو كان يقوم الليل).
لذلك فالشخص الذي يذكر لك شيئا من محاسنك ـ وأنت بالتأكيد لديك الكثير من المحاسن ـ من قبل أن يظهر لك بعض عيوبك، ولديك أيضا منها الشيء الكثير، فهذا شخص يجب أن تستمع لنقده، وتعمل بنصائحه لأنه يريدك أنت تكون أفضل مما أنت عليه الآن. أما الشخص الذي يبدأ بتعداد مساوئك، وينتهي بتعدادها، فهذا لا تستمع إليه إطلاقا...
إن الشخص الذي يبدأ مخاطبتك ببئس العبد أنت، بدلا من أن يبدأها بنعم العبد أنت، فهذا ستكون بائسا بالفعل إن استمعت له، ولو للحظة واحدة.

هناك تعليق واحد:

  1. قصة لها مثلاتها في واقعنا الحاضر شكرا لك اخي
    http://nejahkotwa.blogspot.com/

    ردحذف