الأحد، 17 أغسطس 2025

حلقة نقاشية عن السلامة الطرقية عند الكلم 44


خصص صالون المدونين حلقته لهذا الأسبوع (السبت 16 أغسطس 2025) لموضوع حيوي في ملف السلامة الطرقية، وهو دور التوعية في الحد من حوادث السير. وتعدٌُ هذه الحلقة افتتاحا لسلسلة من النقاشات التي سيخصصها الصالون لهذا الملف من مختلف جوانبه، تزامنا مع موسم الخريف الذي يشهد عادة ارتفاعا في كثافة حركة السير على الطرق الوطنية، وما يترتب على ذلك من زيادة احتمالات وقوع حوادث سير  مميتة.

وقد تم تنظيم الحلقة النقاشية أمام المجسم التوعوي الذي شيدته حملة معا للحد من حوادث السير عند الكلم 44 من مقطع (نواكشوط – بوتلميت)، وهو المقطع المعروف بكونه أخطر مقطع طرقي في البلاد.

افتتحت الحلقة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، أعقبها دعاء لأفراد الأسرة الذين قضوا في الحادث المأساوي الذي خُلِّدَ بسيارتهم المثبتة على النصب التوعوي. وفي كلمته الافتتاحية، حثَّ الشيخ حبيب الله أحمد السائقين على ضرورة الالتزام بإجراءات السلامة الطرقية باعتبارها أمانة ومسؤولية، كما دعا في ختام كلمته إلى مراجعة مبلغ الدية.

وتحدث بعده باسم أسرة الضحايا، الابن الأكبر المختار الشيخ ولد محمدو ابراهيم، وذلك بحضور عدد من أفراد الأسرة، مؤكدا في كلمته أن الفاجعة لم تعد تخص أسرة واحدة، بل أصبحت فاجعة وطنية تمس جميع الموريتانيين. وأشاد بمبادرة الحملة في تشييد هذا المجسم التوعوي، ودعا السائقين إلى التقيد بقواعد السلامة الطرقية حفاظا على الأرواح والممتلكات.

وتوالت المداخلات بعد ذلك من خبراء وسائقين وناشطين في المجتمع المدني، حيث تناولوا من زوايا متعددة دور التوعية في الحد من نزيف الطرق.

وفي ختام الحلقة، ألقى الكاتب محمد الأمين الفاضل كلمة باسم الصالون، أكد فيها أن سلسلة النقاشات حول السلامة الطرقية ستتواصل من نفس المكان (الكلم 44)، على أن تستضيف كل حلقة خبراء ومختصين إلى جانب أسرة من أسر ضحايا الحوادث التي وقعت على هذا المقطع، ليكون حضور ذوي الضحايا مناسبة للتذكير والدعاء والترحم على أحبائهم الذين فقدوهم في حوادث سير أليمة.

كما تعهد محمد الأمين في كلمته الختامية، والتي كانت كغيرها من فقرات الحلقة تبثُّ بشكل مباشر عبر عدة منصات، بالتزامه الطوعي بعدم تجاوز سرعة 100 كلم/ للساعة عند  قيادته للسيارة، مهما كان الظرف الاستعجالي الذي يمر به، داعيا الجميع إلى اتخاذ التزامات علنية مماثلة. واعتبر أن مثل هذه الالتزامات العلنية تمثل خطوة أساسية للانتقال من الحديث عن السلامة الطرقية إلى تبني سلوكيات ملموسة من شأنها أن تساهم في تعزيز ثقافة السلامة الطرقية، وهو ما سيقلل من حجم حوادث السير في بلادنا.



الجمعة، 15 أغسطس 2025

هي وزارة التجهيز والنقل ما " اتراعي فَلٌحوادث"؟!


لقد اخترتُ العنوان بهذه الصيغة بالذات، للفت الانتباه إلى مقالي هذا الذي يتحدث عن خلل بيِّن في مجال السلامة الطرقية، طالما نبهنا عليه، ولكن دون جدوى.

إن غياب أي جهة رسمية أو شبه رسمية تنشر أخبار حوادث السير، وتقدم تفاصيلها الدقيقة للرأي العام الوطني لم يعد أمرا مقبولا، وإذا كانت الجهات الرسمية لا ترغب في الوقت الحالي في نشر تلك الأخبار، فما عليها إلا أن تزودنا في حملة معا للحد من حوادث السير بأخبار الحوادث وتفاصيلها بانتظام لنتولى عنها النشر، ولدينا في الحملة صفحة نشطة في مواقع التواصل الاجتماعي تُحاول دائما أن تنشر أخبار الحوادث، ولكن مشكلتنا في الصفحة هي أن "الشهود العيان" قد يزودوننا في كثير من الأحيان بمعلومات غير دقيقة أو غير مكتملة، مما يوقعنا في إشكاليات عديدة. وهذا بالضبط هو ما حصل معنا، يوم أمس الخميس 14 أغسطس 2025، بخصوص عدد الوفيات في أحد حوادث السير التي نشرنا عنها  في ذلك اليوم.

أذكر أنه مع ظهور جائحة كورونا، عشنا تضاربا كبيرا في الأرقام، ولم يتوقف ذلك التضارب في الأرقام إلا بعد أن قررت وزارة الصحة أن تنظم  مؤتمرا صحفيا كل يوم، تقدّم من خلاله آخر المستجدات عن الإصابات بكورونا في بلادنا، فأصبحت جميع المصادر الإعلامية تنقل الأخبار من وزارة الصحة. ونفس الشيء حصل مع أخبار الجرائم، حيث كان هناك تضارب كبير  في أخبار الجرائم، بل وتضخيم لها في كثير من الأحيان، ولم يتوقف ذلك إلا بعد أن أطلقت إدارة الأمن الوطني صفحة على الفيسبوك، تنشر فيها أخبار الجرائم، وتفنّد ما قد يتم تداوله من إشاعات بين الناس، قد تثير المخاوف وتحدث قلقا لدى المواطنين.

الأمر ذاته يمكن أن نقوله عن ضحايا الأمطار والعواصف، حيث تنشر اللجنة الفنية التابعة للجنة الوزارية المكلفة بتسيير الأزمات والطوارئ تقاريرها عن الأضرار البشرية والمادية بانتظام.

فلماذا هذا التجاهل في النشر الخاص بضحايا حوادث السير، مع العلم أن عدد ضحايا حوادث السير لا يمكن أن يُقاس بأي عدد آخر من الضحايا؟

من المعلوم أن شفافية المعلومات المتعلقة بحوادث السير تعتبر إحدى ركائز السلامة الطرقية، وأنه في معظم البلدان، توجد جهة رسمية مختصة تقوم بشكل دوري – يوميا أو أسبوعيا – بنشر بيانات دقيقة وموثوقة عن حوادث السير تشمل:

1 ـ عدد الوفيات والإصابات، ونوعية تلك الإصابات ومدى خطورتها؛

2 ـ الأسباب المباشرة للحادث، والظروف المحيطة، وكل التفاصيل المتعلقة بطبيعته.

3 ـ موقع الحادث بالكلم، وزمن وقوعه بالساعة والدقيقة.

إن غياب مثل هذه الجهة في موريتانيا يفتح المجال أمام تضارب كبير في الأرقام والمعلومات، حيث يعتمد الناس على شهود عيان قد يبالغون في شهاداتهم، وقد تكون شهاداتهم ناقصة، أو غير دقيقة، وهو ما يؤدي في المحصلة النهائية إلى:

1 ـ التشويش على الرأي العام، والمبالغة في المعلومات المتداولة، أو عدم الدقة فيها على الأقل؛

2 ـ  غياب قاعدة بيانات حقيقية يمكن الاستناد إليها لوضع سياسات وخطط فعّالة للحد من حوادث السير؛

3 ـ  صعوبة تقييم أداء الأجهزة الأمنية والطبية في الاستجابة لحوادث السير؛

4 ـ  ضعف القدرة على التحليل الإحصائي لتحديد أهم أسباب حوادث السير، وترتيب تلك الأسباب بدقة، وكذلك تحديد النقاط السوداء في الطرق.

فعلى سبيل المثال، سُجّل يوم أمس حادث سير في قلب الغين توفي فيه أحد عمال الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (اسنيم)، نسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته. عندما سمعت بهذا الحادث تذكرت أني سمعت قبله بعدة حوادث في نفس المكان، فوجدت من الضروري جمع معلومات عن الحوادث في هذه المنطقة، لكني لم أجد أي جهة يمكن اللجوء إليها لجمع تلك المعلومات.

إن وجود جهة رسمية لنشر المعلومات الضرورية عن حوادث السير سيحقق فوائد كثيرة في غاية الأهمية، لعلَّ من أهمها:

1 ـ  تحسين الوعي المجتمعي بخطورة الحوادث وأسبابها.

2 ـ  دعم اتخاذ القرارات المبنية على بيانات حقيقية، سواء من طرف الأجهزة الحكومية أو منظمات المجتمع المدني الفاعلة في المجال.

3 ـ  تسهيل العمل الإعلامي وتمكين الصحافة والمجتمع المدني من نشر المعلومات الصحيحة.

4 ـ  تعزيز الشفافية والمصداقية في التعاطي مع ملف حوادث السير.

إن إنشاء مرصد وطني لحوادث السير، أو تكليف إدارة رسمية حالية بهذه المهمة، أو إحالتها إلى منظمة مجتمع مدني فاعلة، سيكون خطوة مهمة قد تُساعد في الحد من حوادث السير، وبالتالي في إنقاذ الأرواح.

هذا المرصد يمكن أن يقدّم كذلك معلومات تحذيرية وإرشادية لسالكي الطرق، يتم تحديثها بشكل يومي، تُحَدِّدُ لهم الأماكن التي قد توجد بها ألسنة رملية أو حفر أو أشغال عامة، أو غير ذلك من المعلومات التي قد تساعدهم في جعل سفرهم آمنا.

وبالمناسبة، فإن تقديم تلك المعلومات يمكن أن يتم عبر تطبيقات تقنية متاحة. ونحن في الحملة قد عرضنا على وزارة التجهيز والنقل، ووزارة الرقمنة وعصرنة الإدارة، تطبيق "سلامتك"، وهو تطبيق من إعداد مهندس موريتاني تبرع به للحملة، والحملة عرضته بدورها على الجهات الحكومية والأمنية المعنية، ولكننا لم نتلقَّ ـ حتى الآن ـ أي رد إيجابي بخصوصه.

حفظ الله موريتانيا..


الخميس، 14 أغسطس 2025

عن سقوط حاوية على سيارة


هذا مقطع مصوّر قصير على هامش زيارة ميدانية قام بها بعض شباب الحملة مساء أمس إلى موقع سقوط حاوية من شاحنة على سيارة صغيرة. سقوط الحاوية دون انقلاب الشاحنة يؤكد أن الحاوية لم تكن مثبتة بشكل جيدا، وتلك هي الملاحظة الأولى على احترام إجراءات السلامة من طرف سائق أو مالك الشاحة. للأسف الكثير من السائقين لا يثبت الحاويات على الشاحنات ربما لغياب أو تلف أقفال التثبيت، أو ربما لاعتقاده أن الحاوية إذا لم تكن فارغة، أي محملة بالبضائع، لن تسقط نظرا لوزنها الثقيل.    

لله الحمد، لم يكن داخل السيارة أي ركّاب، وإلا لكانت فاجعة حقيقية. قيل أن السائق نزل منها قبيل الحادث بقليل.

يُظهر المقطع أن الشاحنة متهالكة، والحقيقة أن كثيرًا من الشاحنات في بلادنا تعاني من نفس الحال، حتى إن بعضها يعجز عن الصعود على المرتفعات، فيعود إلى الوراء ويسقط على ما يعترض طريقه.

ولعلّكم تذكرون الحادث الذي وقع مؤخرًا على شارع "التيو"، حيث سقطت شاحنة على سيارة صغيرة فهشمتها تمامًا، ولحسن الحظ لم يكن داخل السيارة أحد، ولو كان يوجد بها ركاب لكانت الفاجعة.

تكرار حوادث سقوط الشاحنات على السيارات الصغيرة يطرح مشكلتين خطيرتين في الإسعاف والتدخل السريع، وهي مشاكل  لا تُوجد لها حتى الآن حلول كافية:

1- غياب الآليات الثقيلة لرفع الشاحنات عن الضحايا في  بعض المواقع الحرجة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك حادث "الغشوات" المؤلم الذي فقدنا فيه أسرة كاملة بعد سقوط شاحنة على سيارة الأسرة، ولم يتم الوصول إلى الضحايا إلا بعد خمس ساعات تقريبا.

2-  نقص في أجهزة قطع الحديد وتفريجه عن الضحايا (مقصات، رافعات، مفرجات، سلاسل حديدية...إلخ)  وهذه الأجهزة ضرورية جدا في الحالات التي تتحطم فيها السيارة على الضحايا وتتكدس عليهم، فيصعب بالتالي الوصول إليهم، وتصبح هناك حاجة ماسة لقطع الحديد وتفريجه للوصول إلى الضحايا قبل فوات الأوان.

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع 

#معا_للحد_من_حوادث_السير



الأربعاء، 13 أغسطس 2025

حاسبوا هذا المواطن الجاهل الأحمق ..


سيارات الإسعاف التي ترونها في هذه الصورة، والطواقم الطبية الموجودة فيها، وكل هذا الوقت الثمين الذي ضاع… كان سببه "مواطن" جاهل أحمق، اتصل بالرقم 101 فقط ليتسلى!
أبلغ عن حادث سير لم يقع. وتحدث عن العديد من الإصابات!!

تصوّروا أنه في نفس اللحظات التي تحركت فيها سيارات الإسعاف هذه، والطواقم الطبية الموجودة فيها، أن هناك في نفس تلك اللحظات مصابا ينزف في الشارع، أو طفلا يختنق، أو شيخا تعرض لأزمة قلبية مفاجئة، وتصوروا أن أولئك لم تصلهم سيارات الإسعاف بالسرعة المطلوبة، بسبب عبث هذا العابث الذي شغل الخط، وأربك الطواقم الطبية، وحرّك سيارات الإسعاف في اتجاهات خاطئة!

أليس هذا العابث المستهتر مجرمًا يستحق أشد العقوبات؟

ألم ننتقد من قبل العون الطبي الاستعجالي لأنه تأخر عن الوصول إلى هذا المصاب أو ذاك، فلماذا لا ننتقد – وبحدة أكبر – هذا المستهتر الأحمق الذي يتلاعب بأرواح الناس من خلال تقديم بلاغات كاذبة؟

أتذكر أن الدكتور سيد أحمد لمام من العون الطبي ذكر في عرضٍ خلال ندوة حضرتها، أن الرقم 101 استقبل خلال 48 أسبوعًا بعد تأسيسه 170,356 مكالمة، لم تكن مفيدة منها سوى 2,805 مكالمة فقط، أي بنسبة 1.6%!

سألته يومها: ولماذا لا تلاحقون قضائيًا هؤلاء المتصلين المستهزئين، خاصة وأن أرقام الهواتف أصبحت مسجلة بأسماء أصحابها؟ فأجاب بأنهم بالفعل بدؤوا التفكير في ذلك، وقاموا   باستشارات في هذا الشأن.

وقبل الرقم 101، كان هناك الرقم 1155 الذي خُصص لجائحة كورونا، ورغم الخوف الذي عمّ على الناس في تلك الفترة، لم يسلم هذا الرقم  هو الآخر من المكالمات الساخرة والبلاغات الكاذبة، وظل ذلك حاله إلى أن أُغلق في نهاية المطاف!

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع

#معًا_للحد_من_حوادث_السير

الثلاثاء، 12 أغسطس 2025

أطلقوا سراح الناشط البيئي علي بن بكار


في الوقت الذي تتعرض فيه مواردنا البحرية لضغوط متزايدة، وتواجه ثروتنا السمكية تحديات جسيمة، يبرز دور النشطاء في مجال البيئة من ذوي الخلفيات العلمية ليكونوا بمثابة صوت يقظ، ينبه، ويحذر، ويساهم بالتالي في الحفاظ على مواردنا البحرية. 

ومن بين هؤلاء يمكن أن نتحدث عن الناشط البيئي علي بن بكار   الذي تكفي نظرة سريعة على حسابه في الفيسبوك لاستنتاج ما يلي:

1 - أن له خلفية علمية بخصوص الموضوع الذي يتحدث فيه؛ 

2- أن لديه جهد مهم في تتبع سفن الصيد ومساراتها من خلال برنامج معروف يسمى:  Global Fishing Wach؛

3- أنه يقدم استنتاجات بناء على ما جمع من معلومات، وهي استنتاجات قد تكون سليمة، ولكنها في بعض الأحيان قد لا تكون كذلك، وهذا أمرٌ طبيعي جدا في أي جهد فردي.

إن كل ساع للإصلاح في موريتانيا، معارضا كان أو مواليا، لن يرتاح لتوقيف هذا الناشط البيئي، خاصة وبعد أن تأكد بأنه لاقى خلال التوقيف معاملة غير لائقة.

إني من الذين يؤمنون أن قوة النظام - أي نظام - تكمن في استعداده للاستماع لكل رأي مخلص، والتحقيق الجاد في كل معلومة قد تكشف عن فساد أو استنزاف غير مشروع. فإذا ثبت وجود مفسدين، فإن الواجب الوطني يفرض معاقبتهم بلا تهاون، وفاءً لما تضمنه برنامج طموحي للوطن من التزامات في مجال محاربة الفساد،  وحماية  لثروات شعب بحاجة ماسة لأن تحمى له ثرواته من المفسدين. 

إن حبس ناشط بيئي بسبب آرائه أو تنبيهاته — إذا كان ذلك هو السبب — يبعث للأسف الشديد برسائل سلبية لا تخدم ثقة المواطن بالجهود المعلن عنها في مجال محاربة الفساد. 

إن مضامين برنامج طموحي للوطن تقتضي التكفل لكل مواطن بحقه في التعبير المسؤول عن رأيه، وتضمن له حقه في المشاركة في الرقابة الشعبية على ثروات الوطن..

إننا نطالب بإطلاق سراح الناشط البيئي  علي بن بكار بشكل فوري،  ونرجو أن تكون قضيته فرصة لتعزيز الشفافية، وصيانة حق التعبير،  والتأكيد على أن صوت الحق المسؤول مرحب به دائمًا في بلادنا.

الاثنين، 11 أغسطس 2025

صالون المدونين يناقش حوادث السير في موريتانيا ويصدر توصيات


خصص صالون المدونين حلقته النقاشية لهذا الأسبوع لموضوع حوادث السير في موريتانيا، وذلك على خلفية تزايد وتيرة الحوادث خلال الأيام والأسابيع الأخيرة.

وشارك في النقاش ممثلون عن سلطة تنظيم النقل الطرقي، والعون الطبي الاستعجالي، والناقلين، والسائقين، إضافة إلى علماء، وأطباء، وخبراء، ونشطاء في المجتمع المدني.

استهلت الحلقة النقاشية بمداخلة شرعية قدمها الدكتور الشيخ ولد الزين، الذي أكد أن السائق الذي يقود بسرعة مفرطة يعد قاتلًا فعليًا أو قاتلًا مفترضًا، حتى وإن وقاه الله من الهلاك.

تلا ذلك حديث رئيس الاتحادية الوطنية للنقل، ثم توالت المداخلات التي تناولت الملف بعمق ومن مختلف الزوايا، وهو ما أسفر عن تقديم العديد من المقترحات والتوصيات، كان من أبرزها:

1. دعوة الحكومة إلى تنظيم منتديات وطنية حول السلامة الطرقية، تشارك فيها جميع القطاعات المعنية، فضلًا عن النقابات ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة في المجال.

2. تشييد طرق باتجاهين، خاصة على المقطع (بوتلميت – نواكشوط)، مع الاهتمام أكثر بالصيانة، وتصميم الطرق وفق معايير السلامة الطرقية.

3. جعل الاهتمام بالسلامة الطرقية ذا طابع وقائي ومستمر، لا أن يكون مجرد ردود فعل بعد وقوع الحوادث.

4. فرض الصرامة في نقاط التفتيش لضبط السرعة والحمولة، وعدم التساهل في قرار وقف سيارات النقل بعد منتصف الليل.

5. إنشاء محطات استراحة لائقة للسائقين على الطرق الطويلة.

6. إلزام شركات النقل بتأمين سائقيها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

7. فرض تقييم نفسي للسائقين، وإشراك طبيب نفسي في لجان منح رخص السياقة.

8. تأسيس أكاديمية متخصصة، وفق المعايير الدولية، لتعليم وتدريب السائقين.

9. وقف منح رخص السياقة صالحة مدى الحياة، وتحديد فترة صلاحية لها كما هو معمول به في دول العالم، مع إخضاع الرخص لنظام التنقيط.

10. العمل بإلزامية الفحص الفني الدوري للمركبات.

11. الحث على الاتصال بالرقم 101 المجاني، والذي لا يتطلب وجود شريحة في الهاتف، في حالة وقوع حادث، بدلًا من محاولة الاتصال بأقرب نقطة أمنية.

12. تكثيف حملات التوعية والتحسيس.

السبت، 9 أغسطس 2025

الصدمة أولاً… الرسالة التوعوية ثانياً!


بعد تسع سنوات من العمل في مجال التوعية ضد حوادث السير، تعلمت درساً واحداً لا يتغير: أي رسالة توعوية لا تُقدَّم بعد صدمة وجدانية ستبقى ضعيفة التأثير، وربما بلا أثر على الإطلاق.

لهذا، أضع أمامكم أربع قصص واقعية، يمكن من خلالها توجيه رسائل توعوية مؤثرة.

(1)

 لباس العيد الذي لم يُلبَس

رب أسرة يعمل في نواكشوط، حصل على إجازة أسبوع بمناسبة العيد. اتصل بزوجته وأطفاله في النعمة، وأخبرهم أنه قادم ومعه لباس العيد الذي اشتراه لهم.

في المساء، رن هاتف الزوجة، وعلى شاشته ظهر رقم الزوج.

الأطفال تسابقوا إلى الهاتف، فاز الابن الأكبر بالاستيلاء عليه، أخذ يرد، لكن الصوت لم يكن صوت أبيه.

صوت غريب قال: "أعطِ الهاتف لوالدتك".

الزوجة أمسكت الهاتف، فإذا بالصوت يقول: "هذا الرقم كان آخر ما اتصل به مالك الهاتف… يؤسفني أن أخبرك أن مالك الهاتف تُوفِّي قبل دقائق في حادث سير… بسبب السرعة المفرطة".

 رسالة للآباء وأصحاب السيارات الخصوصية: السرعة المفرطة قد تُحوّل أفراح العيد إلى أحزان.

(2) 

من معيل إلى عالة

أب خمسيني اشترى سيارة "رينو" بقرض من قريب. في إحدى سفرياته على طريق الأمل، انقلبت سيارته التي كانت تسير بسرعة جنونية عدة مرات بسبب حفرة صغيرة على الطريق، فتحولت السيارة إلى خردة.

وخرج هو من المستشفى بعد فترة طويلة من العلاج أنفق فيها كل مدخراته، خرج على كرسي متحرك، بعاهة دائمة، بلا عمل، ومديون.

رجل كان يعيل أسرة، فأصبح بحاجة لمن يعوله.

 رسالة إلى السائق:

الحفرة على الطريق قد لا تستطيع تغييرها، ولكنك تستطيع أن تغيّر السرعة التي تقود بها، فسرعة سيارتك أنت من يحددها ويضبطها. فاضبطها على السرعة المناسبة، حتى لا تتحول سيارتك إلى خردة، وتتحول أنت إلى عاهة مستديمة.

(3)

 مقعد فارغ في الفصل

أستاذ ينادي أسماء تلاميذ فصله لإعلان نتائجهم في آخر اختبار.

"فلان"… لا يرد.

يرد زميله ودموعه تنهمر: "فلان تُوفِّي البارحة في سباق ليلي بالسيارات".

رسالة إلى الشباب:

السباق ليلاً قد تستمتع به لدقائق… لكنك قد تفوز في نهايته بأمتار من القماش تكفَّن فيها.

(4) 

المجسم الذي يُكَلِّم السائقين

على طريق الأمل، سائق يلمح مجسماً لم يره من قبل: هيكل سيارة محترقة، آثار النيران ما زالت واضحة. يبدأ في تأمل المجسم، يشاهد قنينة إطفاء بجانب هيكل السيارة، يخفض بصره قليلاً، فيشاهد لافتة كُتب عليها: "اقتناء قنينة إطفاء بسعر رخيص قد ينقذ نفساً بشرية غالية".

هنا يتذكر فاجعة الكلم 75، فيترحم على الدركي محمدو ولد إبراهيم، وعلى كل أفراد أسرته الذين توفوا معه، ثم يقرر أن يشتري قنينة إطفاء عندما يصل إلى العاصمة.

تصوّروا أن نفس هذا الشخص، التقى قبل ذلك بأحد نشطاء حملة "معاً للحد من حوادث السير"، في نشاط توعوي عند نقطة تفتيش، وطلب منه أن يقتني قنينة إطفاء حماية لنفسه ولسالكي الطريق من الحرائق… تصوّروا كيف ستكون ردة فعله؟

الصورة المرفقة لأميلمنين منت إبراهيم، أخت الدركي محمدو ولد إبراهيم، الذي قضى هو وأسرته في السيارة الموجودة على النصب التوعوي.

أميلمنين أوصت، في مقطع مصور، كل من سيرى المجسم التوعوي أن يترحم على أخيها وعلى كل أفراد أسرته الذين توفوا معه، كما دعت السائقين إلى التقيد بكل إجراءات السلامة الطرقية. فهي لا تريد لذويهم أن يعيشوا ما عاشت هي من ألم ومعاناة بسبب فقدان أغلى الأحبة في حادث سير.

ختاما: إن التوعية الناجحة تبدأ بالصدمة… لأن القلب حين يهتز، يبدأ العقل في الإصغاء.

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع 

#معا_للحد_من_حوادث_السير

إلى المتحاملين والمثبطين مع التحية..


منذ سنوات،  ونحن في حملة معا للحد من حوادث السير نسعى لإطلاق قافلة توعوية تجوب كل الطرق الحيوية في موريتانيا، ولكننا لم نجد أي جهة توفر لشباب الحملة حافلة صغيرة، وكم كبير من المطويات والملصقات والقصاصات الإرشادية لتوزيعه على المستهدفين.

ومنذ سنوات أيضا، ونحن نعرض صورا لنصب توعوية مأخوذة من شوارع هذه الدولة أو تلك، ونطلق النداءات للجهات المعنية بتثبيت نصب توعوية على طريق الأمل، أو أي طريق آخر، لعلها توقظ ضمير سائق، أو تردع مستعجلا، قبل أن يزهق أرواحا بشرية، لكن، وللأسف الشديد، لم  تجد تلك النداءات أي صدى.

مقترح توعوي يجمع بين الدنيا والآخرة

منذ أيام فقط، وبعد تزايد حوادث السير بشكل مقلق جدا، مع أن حجمها كان مقلقا دائما، نشرنا على حساب الحملة، وحسابات بعض نشطائها منشورا تحت عنوان: "مقترح توعوي يجمع بين الدنيا والآخرة"، افتتحناه بقول جلَّ من قائل: [ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا]، وجاء في هذا المقترح التوعوي: "في زمن تنفق فيه أموالٌ طائلة على حملات تسويقية تافهة، نقترح على التطبيقات البنكية والمؤسسات الوطنية الاستثمار في حملة توعوية وإنسانية هادفة، تتمثل في تشييد نصب توعوي على طريق الأمل، في المكان الذي وقع فيه الحادث الأليم الذي تسبب في وفاة 6 أشخاص من أسرة واحدة نسأل الله تعالى أن يتغمدهم جميعا بواسع رحمته".

بعد نشر الإعلان، وتوزيعه تلقينا اتصالا من جهة مستعدة لتحمل تكاليف تشييد النصب، والحق يُقال فإن الجهة المتصلة، لم تشترط ولم تطلب بوضع  شعارها على النصب التوعوي.

نحن في الحملة هم من بادر بذلك، لسببين اثنين: أولهما أن هناك جهة تولت تكاليف تشييد النصب فأظهرنا شعارها على النصب، وثانيهما أننا نريد أن نخلق تنافسا إيجابيا بين المؤسسات الخاصة في تسويق منتجاتها من خلال تبني ورعاية عمال نافعة، كالمشاركة في حملات توعوية جادة قد تساهم في الحد من حوادث السير التي تحصد يوميا الأرواح على مختلف محاور شبكتنا الطرقية.

إننا في الحملة على استعداد تام  للتعاون مع أي مؤسسة أخرى، لتثبيت نصب توعوي حول خطورة السرعة، أو أهمية وضع حزام الأمان، أو تجنب التحدث في الهاتف أثناء القيادة، بل والتعاون معها في أنشطة توعوية أخرى، ولدينا العديد من الأفكار التي قد تساهم في توعية الناس، وفي إظهار هذه المؤسسة أو تلك على أنها تنفق على ما ينفع الناس ويمكث في الأرض، بدلا من ظهورها، وهي تنفق فقط على الحملات التسويقية التافهة، التي لا تنفع الناس، وإنما تنفع التافهين فقط، من خلال الترويج للتفاهة والميوعة.

وكم يسرنا أن تقوم مؤسسات أخرى بحملات توعية لإنقاذ أرواح الناس دون أي شراكة مع حملة معا للحد من حوادث السير، فلو أن مؤسسة ما بادرت بتوفير سيارة إسعاف في منطقة نائية، ووضعت شعارها على سيارة الإسعاف تلك، فإننا في الحملة لن نتردد في الترويج لتلك المؤسسة، وذلك لإدراكنا بأن ما قامت قد ينقذ نفسا بشرية، حتى وإن كان يتضمن محتوىً تسويقياً لتلك المؤسسة.

إننا ندرك أن التسويق الذكي، لا يقتصر على إعلان مليء بالموسيقى الصاخبة، أو الضحك المصطنع، أو إبراز التفاهة والتافهين كنجوم مجتمع، وإنما يتمثل في إظهار هذه المؤسسة أو تلك، وهي تتحمل مسؤوليتها الاجتماعية، وتنفق الأموال على لإنقاذ حياة الناس، ولوقف النزيف على الطرق.  

نشكر كل أولئك  الذين أشادوا بفكرة هذا النصب التوعوي الأول من نوعه في موريتانيا، وهم كُثر جدا ولله الحمد، أما القلة المتحاملة التي حاولت أن تشوه هذا العمل، وتثبطنا في الحملة، فهؤلاء نعدهم بالمزيد من الأفكار الإبداعية، وبالمزيد من العمل الميداني على الأرض، فذلك هو أسلوبنا الوحيد في الحملة للرد على المتحاملين والمثبطين، وقد استخدمنا هذا الأسلوب منذ أول يوم نزلنا فيه إلى الميدان للتوعية حول خطورة حوادث السير، وسنستمر في استخدامه بعد مرور تسع سنوات من الأنشطة الميدانية التي لم نجد فيها إعانة من أي أحد، ومع ذلك فلم يتوقف عنا فيها تثبيط المثبطين، ولا تحامل المتحاملين.

إن المثبطين والمتحاملين هم قوم كسالى لا يقومون بأي فعل أو عمل ينفع الناس، ولكنهم ـ وهذه هي المفارقة العجيبة ـ يتحولون إلى كتلة من النشاط والحيوية عندما يرون الآخرين يقومون بما ينفع الناس، يتحولون إلى كتلة من النشاط لا للمساعدة فيما ينفع الناس، بل لتثبيط الآخرين والتحامل عليهم حتى يتوقفوا عما يقوموا به من عمل نافع.

صورة أثناء تشييد النصب التوعوي ..

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع 

#معا_للحد_من_حوادث_السير

معًا لنُخلّد الذاكرة، ونصون الأرواح...


في مثل هذا اليوم، 07 أغسطس 2016، نظمت حملة معا للحد من حوادث السير  أول نشاط توعوي لها. واليوم، وبعد تسع سنوات من العمل المثابر، تقترب الحملة من إكمال وتدشين  أول نُصب توعوي مروري في موريتانيا، تخليدًا لضحايا الحوادث، وتنبيهًا دائمًا لمستخدمي الطريق بضرورة التقيد بإجراءات السلامة الطرقية.

سيتم تدشين هذا النصب رسميًا صباح الثلاثاء المقبل، بحضور ممثلين عن القطاعات الحكومية والأمنية المختصة، والسلطات الجهوية، ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة في المجال، إضافة إلى شركائنا في هذا العمل التوعوي الهادف: أقارب الأسرة التي فقدناها في حادث الكلم 75 المروع، فجر الأحد 20 يوليو 2025. وبنك السداد، الذي ساند هذا المشروع إيمانًا منه بأهمية محتواه التوعوي.

نعلم أن هذا النصب قد يُعيد للأسرة المفجوعة ذكرى مؤلمة، لكنه في الوقت ذاته، يحمل رسالتهم النبيلة التي اختصروها في عبارة موجعة: "لا نريد لعائلة موريتانية أخرى أن تعيش ما عشناه."

إننا نعتبر هذا العمل مجرد بداية لسلسلة من الأنشطة النوعية  التي نُعدّ لها في موسمنا التوعوي هذا، آملين أن تسهم في التقليل من حوادث السير التي تحصد الأرواح يوميا، وخاصة في موسم الخريف الذي  يزداد فيه حجم  تنقل الموريتانيين .

وفي الختام، فإننا في الحملة نُجدد دعوتنا لكل الجهات الرسمية، والشركات، والمنظمات، والمواطنين الغيورين، إلى المساهمة في هذه المعركة التوعوية المستمرة.

فالسلامة الطرقية مسؤوليتنا جميعا.

#معا_للحد_من_حوادث_السير

الخميس، 7 أغسطس 2025

اعتذار للرأي العام الوطني


بعد اكتمال السنة الأولى من مأمورية فخامة رئيس الجمهورية، فإننا في منتدى 24-29 للرقابة الشعبية على الأداء الحكومي نتوجه إلى الرأي العام الوطني بهذا الاعتذار، لعدم تمكننا من الوفاء بالتزاماتنا السابقة المتعلقة بمتابعة تنفيذ برنامج فخامة رئيس الجمهورية، على مستوى محاربة الفساد، وتمكين الشباب، وإصلاح الإدارة، وكذلك عدم تمكننا من إطلاق منصة تفاعلية للرقابة الشعبية على الأداء الحكومي، كنا قد وعدنا بها سابقًا، تُـمَكِّن من متابعة مستوى تنفيذ خطة الحكومة التي أعلن عنها معالي الوزير الأول في خطاب "الحصيلة والآفاق"، والذي تضمَّن 304 التزامات محددة، قابلة للقياس، وموزعة بشكل واضح على القطاعات والولايات.

لقد أعددنا بالفعل تصورًا متكاملاً لمنصة رقمية تفاعلية تُمكِّن كل مواطن من متابعة الأداء الحكومي بصفة عامة، ومتابعة أداء كل وزير على حدة، وما تحقق من إنجازات على مستوى كل ولاية، وذلك من خلال نظام ألوان بسيط:

الأخضر: يعني أن الالتزام قد تم تنفيذه.

الأصفر: يعني أن الالتزام قيد التنفيذ.

الأحمر: يعني أن الالتزام لم يُنفذ أو تعذر تنفيذه.

وبتلوين كل الالتزامات الـ304، يكون بإمكان أي مواطن أن يقيس مستوى أداء الحكومة بشكل عام، ومستوى أداء كل وزير بشكل خاص، وما تحقق في ولايته أو مدينته من إنجازات خلال العام.

للأسف، لم نتمكن من إطلاق هذه المنصة كما خططنا لذلك، رغم سهولة إطلاقها تقنيًا حسب ما أكد لنا المتخصصون في المجال، وكذلك رغم الحاجة إليها في ظل غياب أي رقابة شعبية تعتمد على معايير موضوعية لقياس مستوى الأداء، تختلف عن الرقابة السياسية القائمة على المبالغة في مستوى الإنجاز بالنسبة للداعمين، والمبالغة في مستوى الإخفاق بالنسبة للمعارضين.

إننا في اللجنة التأسيسية لمنتدى 24-29، إذ نعترف بتقصيرنا، وعدم وفائنا بما التزمنا به سابقًا، لنتقدم بكامل الاعتذار للرأي العام الوطني، آملين أن نتجاوز في المستقبل كل العوائق التي حالت دون إطلاق منصة تفاعلية للرقابة الشعبية، تكون بمثابة خطوة أولى في مشروع رقابي شامل على الأداء الحكومي، يمكن من متابعة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية "طموحي للوطن" بفاعلية أكبر.

نواكشوط، بتاريخ: 07 أغسطس 2025

 اللجنة التأسيسية لمنتدى 24-29 للرقابة الشعبية على الأداء الحكومي.

الأربعاء، 6 أغسطس 2025

حفظ القرآن والتفوق الدراسي... علاقة تستحق التأمل!


في العام 2023، وأنا أتابع نتائج الباكالوريا على المستوى الوطني، لفت انتباهي أن نسبة معتبرة من التلاميذ المتفوقين في الباكالوريا كانوا من حفاظ القرآن، ونفس الشيء لاحظته أيضًا على مستوى نتائج البكالوريا في نفس العام في بعض الدول الشقيقة، كالجزائر وتونس والمغرب ومصر.

فهل تكرار تفوق التلاميذ حفاظ القرآن في الباكالوريا كان مجرد صدفة؟ أم أن هناك علاقة ما تربط بين حفظ القرآن والتفوق الدراسي؟

حفظ القرآن قاسم مشترك بين العديد من المتفوقين

إليكم بعض النماذج التي جمعتها من نتائج باكالوريا 2023، وهي تدعم فكرة وجود علاقة بين حفظ القرآن والتفوق الدراسي.

في بلادنا، احتل التلميذ محمد المصطفى سيدي محمد النابغة (شعبة العلوم الطبيعية) الرتبة الأولى وطنيًا في ذلك العام، وبمعدل 17.02، وهو من حفاظ القرآن الكريم.

وتصدرت التلميذة فاطمة صمب أعليوات، في نفس العام، الرتبة الأولى وطنيا في شعبة الآداب الأصلية، وهي حافظة لكتاب الله.

كما تصدر التلميذ محمد الأمين سيدي المختار حني النتائج في شعبة العلوم الطبيعية على مستوى ولاية الحوض الغربي، وهو حافظ للقرآن أيضًا.

وفي تونس، وفي نفس العام، أحرز التلميذ عبد الرحمن بن احميدان المرتبة الأولى وطنيا في شعبة الرياضيات بمعدل 19.75، وهو الحاصل على جائزة "أصغر حافظ للقرآن في تونس" سنة 2016، مما يؤكد ارتباطه بالقرآن في وقت مبكر من حياته.

كما حصد مهتدى باش طبجي الرتبة الأولى في شعبة العلوم التقنية في نفس العام بمعدل 19.61، وهو حافظ للقرآن، ويؤم المصلين في صلاة التراويح في مسجد حيه.

وحصدت التلميذة أميمة أيعيش الرتبة الأولى في شعبة الرياضيات بولاية المهدية بمعدل 19.20، وهي حافظة للقرآن كذلك.

وفي الجزائر، احتل التلميذ بلقداش محمد الأمين الرتبة الأولى في كل الشعب على المستوى الوطني بمعدل 19.50 (شعبة العلوم التجريبية)، وقد حصل سابقًا على الجائزة الأولى في حفظ القرآن على مستوى ولايته.

وفي المغرب، حصل التلميذ أنس أرفاك على الرتبة الأولى على مستوى جهة سوس ماسة، بمعدل 19.33، وهو كذلك من حفاظ القرآن الكريم.

وفي مصر احتل عمر عبد الرحمن المركز الأول في الثانوية العامة في العام 2023 على مستوى الجمهورية، وقد قال في مقابلة أجريت معه بأنه نال ذلك المركز بفضل حفظ القرآن الكريم، ودعاء الوالدين.

وماذا عن باكالوريا 2025؟

رغم ضيق الوقت هذا العام، وتعدد الانشغالات، فقد تابعتُ على السريع بعض نتائج الباكالوريا للعام 2025، فوجدت أن هذا القاسم المشترك لا يزال قائمًا.

في الجزائر، أحرزت التلميذة رونق زاني، ذات الثمانية عشر ربيعًا، من شعبة الهندسة الميكانيكية، المرتبة الأولى على مستوى كل الشعب في الجزائر، وذلك بمعدل 19.70، وهي حافظة للقرآن.

وفي مصر تم تداول صور عمر سعد الحاصل على المركز الأول في الثانوية العامة في العام  2025 على مستوى جمهورية مصر، وهو يحتفل بتفوقه، ممسكا بالمصحف الشريف، ومؤكدا بأن القرآن هو سر تفوقه، وكانت جائزته عمرة تعهد له بها والده.  

وفي موريتانيا، أحرز التلميذ أحمد الإمام ولد مولاي العباس الرتبة الأولى وطنيا في شعبة الرياضيات بمعدل 17.43، وهو حافظ للقرآن، وقد تلقى خبر تفوقه وهو رفقة والده في المحظرة يدرس "لامية الأفعال".

كما حصد التلميذ أحمد سيدي محمد حيبل الرتبة الأولى وطنيا في شعبة الآداب الأصلية بمعدل 16.67، وهو من حفاظ القرآن الكريم كذلك.

ومن المؤكد أن المزيد من البحث المتأني في النتائج سيُظهر أمثلة أخرى من حفاظ القرآن المتفوقين في الباكالوريا هذا العام.

القاسم المشترك الثاني: الأسرة المربية

إذا كان حفظ القرآن يشكّل القاسم المشترك الأول بين كثير من المتفوقين، فإن الأسرة المربية الصالحة تمثل القاسم المشترك الثاني بين المتفوقين.

فوراء كل تلميذ متفوق أسرة عظيمة، أسرة واعية، صابرة، داعمة، عرفت كيف تزرع القيم، وتنمّي الطموح لدى أبنائها، عرفت كيف تبذر البذرة حتى تثمر.

ولعل أوضح مثال على ذلك، أسرة التلميذة فاطمة، الأولى وطنيًا في شعبة الآداب الأصلية في العام 2023.

فهذه التلميذة المتفوقة وُلدت في أسرة فقيرة، تسكن بقرية نائية، ولكن تلك الأسرة الفقيرة كانت أسرة استثنائية بحق.

ولو لم تكن كذلك، لكان مصير الطفلة فاطمة لا يختلف عن مصير غيرها من بنات العائلات الفقيرة في القرى والأرياف.

فكان من المحتمل جدًا أن لا تُحظى فاطمة بدخول المدرسة أصلًا، وكان من المحتمل أن يدفع بها والدها إلى العمل المبكر لمساعدته في أعباء الحياة، فتكون صاحبة "طابلة" تبيع للتلاميذ الحلوى أمام مدرسة قريتها، وتسأل نفسها في كل يوم: لماذا يدرس من هو في سنها في المدرسة، وتُحرم هي من الدراسة؟

حتى وإن افترضنا أن والدها سمح لها في طفولتها بالدراسة، فالراجح أنه كان سيسحبها من المدرسة بعد الحادث الذي تعرض له وجعل منه مقعدًا، لتعينه في تحمل نفقات الأسرة. وبذلك يكون مصير التلميذة فاطمة لا يختلف عن مصير آلاف، بل وعشرات آلاف الفتيات المتسربات من المدرسة.

مقترحات عملية لخلق جيل شبابي يجمع بين حفظ القرآن والتفوق الدراسي

1. إطلاق جوائز للمتفوقين في الامتحانات الوطنية الذين جمعوا بين حفظ القرآن والتفوق الدراسي. ويمكن أن تتكفل وزارة الشؤون الإسلامية بهذه الجوائز، أو هيئة علماء موريتانيا، أو قناة المحظرة.

2. تكريم الأسر المتميزة تربويا:

إن وراء كل طفل من أطفال الشوارع يمارس الإجراام ويتعاطى المخد رات، أسرة فاشلة. وفي المقابل، فإن وراء كل طفل متفوق دراسيا، له حظ من القرآن، أسرة ناجحة، بل أسرة عظيمة.

ولذا، فإني أعيد اقتراح إطلاق برنامج أسبوعي يمتد على مدار العام، تُستضاف فيه إحدى أسر المتفوقين في الباكالوريا.

فبرنامج من هذا النوع لن يقتصر دوره على التكريم الإعلامي للأسر التي ربّت فأحسنت التربية، وإنما – إضافة إلى ذلك – سيرسّخ الاهتمام بالأسرة ويبرز دورها الحاسم في تنشئة الأجيال.

هذا البرنامج التلفزيوني يمكن أن تتولى إطلاقه قناة الأسرة.

3. إبراز النماذج الشبابية الناجحة إعلاميا: نحتاج كذلك إلى برامج تلفزيونية شبابية، وإلى برامج خفيفة في مواقع التواصل الاجتماعي تستعرض قصص النجاح الشبابية التي جمع أصحابها بين حفظ القرآن والتميّز في الدراسة، أو الرياضة، أو العمل، أو غير ذلك.

فتقديم مثل هذه النماذج الشبابية كقدوات أصبح من الأمور البالغة الأهمية، خاصة في هذا الزمن الذي لا تقدم فيه مواقع التواصل الاجتماعي غير التافهين والسطحيين والفاشلين باعتبارهم قدوات للشباب تستحق أن تُقلَّد في تفاهتها وسطـحيتها وفشلها.

4. تشجيع البحث العلمي حول العلاقة بين حفظ القرآن والتفوق الدراسي، وفي هذا الإطار فإني أدعو الباحثين والدعاة وكل المهتمين بقضايا الشباب، إلى العمل لإنجاز بحوث ودراسات ميدانية معمقة حول العلاقة بين حفظ القرآن والتفوق الدراسي.

كما أقترح من جهة أخرى إجراء بحوث حول دور اللغة الأم في التفوق، فقد لاحظت أن أغلب المتفوقين في الباكالوريا يحصلون على درجات مرتفعة في مادة اللغة العربية، بينما تكون درجاتهم أقل في الفرنسية، وهذا مما يستحق التأمل والدراسة.

ختامًا

ليست العلاقة بين حفظ القرآن والتفوق الدراسي ـ فيما يظهر من نتائج المسابقات والامتحانات الوطنية ـ بالحالة النادرة، بل هي ظاهرة متكررة تستحق التأمل والدراسة.

فالقرآن نور وهداية، وهو يُربِّي على الانضباط والصبر والاستقامة، وكل تلك الصفات تُعدّ من مفاتيح النجاح في أي مجال من مجالات الحياة.

فليكن حفظ القرآن توجّها ثابتا لدى الأسر والمجتمع، فبذلك سنخلق جيلا شبابيا، يجمع بين الدين والعلم، بين التفوق الدراسي والسلوك الراقي، لا يتأثر بما تعجّ به مواقع التواصل الاجتماعي من ميوعة وتفاهة وابتذال.

حفظ الله شباب موريتانيا..

الصورة من المتفوقين في العام 2023، وسأحاول - إن شاء الله  -أن أعد صورة لمتفوقي 2025. 

خلال 17 يومًا فقط... فقدنا 29 مواطنا في حوادث سير!


من صبيحة يوم الأحد 20 يوليو إلى مساء الثلاثاء 5 أغسطس 2025، فقدنا — على الأقل — 29 موريتانيا بسبب حوادث السير
.

نعم، 29 شخصا فقدناهم خلال 17 يوما فقط!

وبلغة المتوسطات الإحصائية، فإننا خلال الأسبوعين الأخيرين، كنا نفقد مواطنا موريتانيا كل 14 ساعة في حادث سير!

هذا ليس مجرد رقم... هذه أرواح بشرية: آباء وأمهات، أطفال وشباب، خرجوا من بيوتهم في سفر، لكنهم لم يعودوا أبدًا!

وللمقارنة فقط:

اعتمادًا على معدل الوفيات الذي وثقناه طيلة 12 سنة تمتد من 2003 إلى 2015، فإن الأرقام كانت تقول إن هذه الفترة شهدت 103301 حادث سير، أُصيب فيها 37509 بجروح، وتوفي فيها 2667.

وهذا يعني، بلغة المتوسطات الإحصائية، أنه في كل ساعة وست دقائق يقع حادث سير، وفي كل ثلاث ساعات ونصف يُصاب موريتاني في حادث سير، وفي كل 42 ساعة يتوفى موريتاني بسبب حادث سير؛

يعني هذا أن متوسط الوفيات قد انتقل خلال الأسابيع الأخيرة من حالة وفاة كل 42 ساعة إلى حالة وفاة كل 14 ساعة فقط، وهذا يعني أن متوسط عدد الوفيات تضاعف ثلاث مرات خلال الأسبوعين الأخيرين.

ومما يجعل حوادث السير الأخيرة أشد قسوة وأكثر إيلاما، هو أن أغلبها كان ضحاياه أُسرًا بكاملها، وبعضها لم يُبقِ على أم ولا أب ولا طفل!

ليس هذا مجرد وصف درامي، بل هو ما حدث بالفعل على طرقنا خلال الأيام الماضية.

والأسوأ من كل ذلك، أن الرقم الذي أوردناه (29 وفاة) ليس الرقم النهائي، فهذا الرقم يمثل فقط عدد الذين توفوا وقت الحادث أو بعده بقليل، أما من تُوفي لاحقًا متأثرًا بإصابته، فلم يتم احتسابه، وذلك بسبب غياب نظام متابعة طبية وإحصائية دقيقة للضحايا.

مع أن المعايير الدولية تعتبر كل وفاة تحدث خلال 30 يومًا بعد الحادث ضمن وفيات حوادث السير، إلا أننا في موريتانيا ما زلنا لا نُدرج الذين توفوا بعد الحادث بأيام قليلة ضمن وفيات حوادث السير.

إننا لا نبالغ إذا قلنا:

إن ما شهدناه خلال هذه الأيام الماضية يُعدُّ الحصيلة الأكثر دموية في البلاد خلال فترة زمنية قصيرة، وربما لم نفقد من قبل هذا العدد الكبير من الضحايا خلال 17 يومًا فقط، على الأقل منذ انطلاقنا في الحملة عام 2016، مع أننا كنا شهودًا على حوادث ذات حصيلة ثقيلة، كحادث "الكلم 82" على طريق الأمل، الذي وقع صبيحة يوم الجمعة 17 مارس من العام 2023، وراح ضحيته 13 شخصا دفعة واحدة.

لنجعل من كل هذا الألم دافعًا إلى المزيد من التوعية...

لقد قررنا في حملة "معًا للحد من حوادث السير" أن تكون أنشطتنا في موسمنا التوعوي التاسع، والذي سينطلق بعد أيام قليلة، أكثر كثافة، وأكثر تنوعًا، وسنكون — بإذن الله — أشد إصرارًا وأكثر عزيمة على المساهمة في وقف هذا النزيف، والحد بالتالي من حوادث السير.

نحن بحاجة، في هذه البلاد، إلى أن يتعامل كل فرد منا مع حوادث السير باعتبارها كارثة وطنية مستمرة... لا تُقارن كلفتها البشرية بأي كارثة أخرى.

ولأن الحياة لا تُعوَّض...

ولأن الطرق تقتل أحلامنا بصمت...

ولأن حالة وفاة واحدة على الطرق هي فاجعة في حد ذاتها...

لكل ذلك، فنحن بحاجة إلى أن نتعاون جميعًا: مسؤولين، ومواطنين، وسائقين، وإعلاميين، وقبل ذلك علماء وأئمة...

نتعاون جميعًا لنوقف هذه المجازر اليومية.

الثلاثاء، 5 أغسطس 2025

مداخلات صوتية من حلقة الصالون


صالون المدونين يناقش "تعريب الإدارة" بوصفه واجبًا دستوريًا، ومطلبًا تنمويًا، ومظهرًا سياديًا

نظم صالون المدونين جلسته النقاشية الأسبوعية الـ23 تحت عنوان: "تعريب الإدارة: واجب دستوري، ومطلب تنموي، ومظهر سيادي"، وذلك تجاوبًا مع التفاعل الإعلامي والشعبي الواسع الذي أثاره تعميم وزير الاقتصاد والمالية، القاضي بإلزام مصالح الوزارة بتحرير جميع وثائقها ومراسلاتها باللغة العربية حصراً.

وقد تميزت الجلسة بعدد من المداخلات النوعية التي تناولت الموضوع بشكل عميق، من زوايا قانونية وتاريخية وثقافية واجتماعية.

في مستهل الجلسة، أكد الأستاذ محمد المامي مولاي أعلي، المحامي والخبير القانوني، أن تمكين اللغة العربية لم يعد مجرد مطلب هوياتي، بل أصبح حقًا أساسيًا من حقوق المواطن، يتجلى في ضرورة حصوله على الخدمة الإدارية، والمعلومة الاستهلاكية، وحق الولوج للطلبيات العمومية بلغته الرسمية. وشدد على أن هذا الحق منصوص عليه في الدستور، وتكفله التشريعات الوطنية، ولم يعد بالإمكان القفز عليه أو تأجيله.

أما الدكتور محمد إسحاق الكنتي، فقد استعرض في مداخلته السياق التاريخي لمسألة تعريب الإدارة، متوقفًا عند مظاهر التهميش التي طالت اللغة العربية منذ الاستقلال، وحتى اليوم، مشيرًا إلى أن جميع التيارات الأيديولوجية الكبرى في البلاد، من الكادحين إلى الإسلاميين، مرورًا بالقوميين العرب، كانت لها مواقف مترددة أو سلبية تجاه تمكين اللغة العربية في الإدارة، مما أضعف جهود ترسيمها لعقود.

ومن زاوية الهوية الوطنية الجامعة، تناول الدكتور سيداب عالي الموضوع، مؤكدًا أن العربية ليست لغة فئة أو جهة، بل لغة دين وثقافة جامعة لكل مكونات الشعب الموريتاني، وينبغي أن تكون كذلك في الوجدان والسياسات. لكنه نبه إلى أن الإشكال لا يكمن في الاعتراف بالعربية لغة رسمية وحيدة، بل يكمن في غياب سياسة لغوية متوازنة، تُفعل ترسيمها دون الإضرار باللغات الوطنية الأخرى أو إقصاء المتعلمين باللغات الأجنبية.

وقد توالت المداخلات بعد ذلك، وسط إجماع وتثمين واسع للتعميم الوزاري، الذي وصفه المشاركون بأنه خطوة جريئة نحو تفعيل الدستور، وتكريس السيادة اللغوية، وترسيخ مكانة اللغة العربية في الممارسة الإدارية اليومية.

إليكم المداخلات بالصوت والصورة 👇

مداخلة المحامي محمد المامي مولاي أعلي

مداخلة د. محمد اسحاق الكنتي

مداخلة د. سيداب عالي

مداخلة الكاتب محمد الأمين الفاضل

مقابلة عن تعميم وزير الاقتصاد والمالية

الاثنين، 4 أغسطس 2025

فاجعة جديدة.. التفاصيل تختلف، والمأساة واحدة!


عند حدود الساعة الواحدة من ليلة البارحة، حدثت على شارع مسعود فاجعة جديدة، تمثلت في حادث مؤلم، لا يختلف في مأساويته عن سلسلة  الحوادث المميتة التي صُدِمنا بها خلال الأيام والأسابيع الماضية، لا يختلف عنها إلا في بعض التفاصيل الصغيرة التي لا تقلل من حجم مأساويته.

لقد خسرنا، في فترة وجيزة، أسرا كاملة بسبب حوادث سير مميتة،  وكانت حصيلة تلك الحوادث في المجمل ثقيلة، بل ثقيلة جدا، وكان ألمها أكبر من أن تحيط به كلمات في منشور عابر .

قبل ثلاثة أيام، نظمنا في حملة "معًا للحد من حوادث السير" زيارة لجرحى الحادث المأساوي الذي وقع يوم الإثنين الماضي على طريق الأمل، وتحديدًا عند الكيلومتر 90. حادث أدى إلى وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة ( الأم والزوجة والبنت)، وإصابة  ثلاثة آخرين (الأب وهو ضابط شاب قادم من تدريب في إسبانيا، وابنة خالته القادمة من تكوين في قطر وابنه الصغير)، وهذه التفاصيل قدمها لنا بعض أقارب الضحايا خلال زيارتنا لهم في المستشفى العسكري. 

توفيت الأم والزوجة والبنت نسأل الله تعالى أن يرحمهم جميعا، وأصيب الابن وابنة الخالة بجروح، وهما في تحسن ولله الحمد، بينما نُقل الأب إلى المغرب للعلاج، نسأل الله له الشفاء العاجل.

أما فاجعة البارحة على شارع  مسعود، فقد كانت من نوع مختلف، لكن نتيجتها كانت مشابهة. سيارة تعطل محركها، فطلب صاحبها المساعدة من بعض الشباب لدفعها، وكان الوقت متأخرًا  حيث يزيد بعض سالكي الطرق من السرعة بشكل لافت ومقلق. فجأة وأثناء دفع السيارة من طرف أشخاص كانوا في المطعم الذي تعشى فيه صاحب السيارة، حدثت الفاجعة، حيث قدمت سيارة مسرعة جدًا، ودهست من كانوا يدفعون السيارة المتعطلة. انقلبت السيارة المتعطلة من قوة الاصطدام، وتهشمت أرجل من كانوا يدفعون السيارة، ونزفت منها دماء غزيرة.

ثلاثة أشخاص فارقوا الحياة بشكل شبه فوري: أخ مالك المطعم، وابن أخته، وأحد العمال في المطعم، بينما تحدث شهود مساء اليوم لموفد الحملة من موقع الفاجعة عن وفاة سيدة رابعة كانت في السيارة المسرعة.

رحم الله من فقدناهم في هذا الحادث الأليم، ونسأل الله الشفاء العاجل للمصابين.

إن هذه الحوادث – رغم اختلاف تفاصيلها – تكشف لنا بوضوح خطورة التهاون في قواعد السلامة الطرقية، خصوصًا في الساعات المتأخرة من الليل، وعند تعطل السيارات على الطرق الفاقدة للإنارة. وتبقى السرعة المفرطة في هذا الحادث وفي غيره من الحوادث الأخرى هي الخطر الأكبر الذي يزهق الكثير من الأرواح.

خففوا السرعة يرحمكم الله...

لا تتركوا السيارات متوقفة في الظلام دون إشارات تحذيرية أو إنارة مناسبة.

أنيروا الشوارع ليلا..

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع 

#معا_للحد_من_حوادث_السير

السبت، 2 أغسطس 2025

تفاعل واسع مع تعميم وزير الاقتصاد والمالية المتعلق بتعريب مراسلات الوزارة..


أثار التعميم الصادر عن معالي وزير الاقتصاد والمالية، السيد سيد أحمد ولد أبوه، والقاضي باعتماد اللغة العربية حصراً في المراسلات والوثائق الإدارية الصادرة عن قطاعه، تفاعلاً إيجابياًواسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي.  

وعلى المستوى الشخصي، فقد جمعت حتى الآن لائحة من 33 شخصية، أعدتُ نشر تعليقاتها على حسابي في الفيسبوك، وضمت هذه اللائحة برلمانيين من الموالاة والمعارضة، وأساتذة جامعيين، وحقوقيين، وصحفيين، ومدونين وفاعلين جمعويين، وعبر كل هؤلاء عن دعمهم لهذا التعميم، معتبرين أنه يشكل:  

- تفعيلا للمادة السادسة من الدستور الموريتاني؛

- تعزيزا للسيادة الوطنية؛

- تصالحا مع الهوية الحضارية للبلد؛ 

- إصلاحا إداريا من خلال تقريب الإدارة من المواطنين. 

وتناغما مع ردود الأفعال الواسعة على التعميم، فقد أعلنا في #صالون_المدونين عن تخصيص حلقة الصالون لهذا الأسبوع لموضوع اللغة وتعريب الإدارة، واخترنا لها عنوان: "تعريب الإدارة.. واجب دستوري، ومطلب تنموي، ومظهر سيادي".  

ولذا، فسنكون في انتظاركم مساء اليوم السبت 02 أغسطس 2025 على تمام الساعة الخامسة عصرا في مقر منتدى الفاعلين غير الحكوميين الواقع بجنب الساحة المجاورة لمعهد الفيروسات والكبد.

ومن جهة أخرى فإن العديد من منظمات المجتمع المدني الموقعة على عريضة الثامن والعشرين من نوفمبر للسيادة اللغوية قد رحبت بهذا التعميم وربما تتخذ مواقف داعمة لهذا التعميم خلال الأيام القادمة، وفي هذا الإطار فقد سارعت الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية إلى إصدار بيان مرحب بالتعميم ساعات قليلة بعد إصداره، وقد نُشر هذا البيان في العديد من المواقع والمنصات الوطنية.

هذا رابط مقابلة أجرتها قناة صحراء 24 مع الأمين العام للحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية حول التعميم👇



مقابلة حول تعميم وزير الاقتصاد والمالية

الجمعة، 1 أغسطس 2025

بيان


طالعنا في الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية تعميما صادرا عن معالي وزير الاقتصاد والمالية، تحت الرقم: 000583، بتاريخ 30 يوليو 2025، يُلزم بتحرير كافة المراسلات الصادرة عن الوزارة والموجهة إلى القطاعات الوزارية الأخرى، وإلى جميع الهيئات الموريتانية، باللغة العربية حصراً.

إننا بمناسبة صدور هذا التعميم الأول من نوعه في تاريخ الوزارة، لنؤكد على ما يلي:

 1. تثميننا الكامل لهذا التعميم الذي يُجسد التطبيق العملي للمادة السادسة من الدستور، والذي سيُسهم بشكل مباشر في تقريب خدمات الإدارة من المواطن؛

 2. دعوتنا لجميع القطاعات والإدارات الحكومية الأخرى إلى إصدار تعميمات مماثلة تُكرّس حضور اللغة العربية في المعاملات الرسمية، وتُفعّل مقتضيات الدستور نصا وروحا.

3 -  تعهدنا بالقيام بما يلزم تشجيعا لمن أصدر هذا التعميم المهم، والذي نرجو له أن يكون بداية لإصدار سلسلة من التعميمات المماثلة في مختلف القطاعات والإدارات الحكومية.

  نواكشوط بتاريخ 6 صفر 1447 هـ، الموافق 31 يوليو 2025م

الرئيس صو آبو دمبا

الخميس، 31 يوليو 2025

تواصل حزب يعجبني!


 لا أفكر حاليا في العمل السياسي، ولا في الانتساب إلى حزب سياسي، وإن فكرتُ في الانتساب لحزب سياسي في هذه الفترة بالذات فلن يكون التفكير في حزب معارض.

 أنا منشغل حاليا بالعمل الجمعوي ولدي ملفات شائكة أشتغل عليها، وعلى قناعة تامة بأن الانتساب لحزب سياسي لن يخدم تلك الملفات، فتحقيق إنجاز على مستوى تلك الملفات سيكون أسهل من بوابة العمل الجمعوي، ولذا فأنا باق في العمل الجمعوي.

تلكم مقدمة كان لابد من قولها قبل أن أدخل في صلب موضوع هذا المنشور ..

حسنا، كفى مقدمات ..لندخل في صلب الموضوع مباشرة.

حزب تواصل حزبٌ يعجبني كثيرا..

نعم حزب تواصل حزبٌ يعجبني كثيرا، ولم أكن آخذ عليه في الماضي على مستوى القضايا والملفات الكبرى إلا مأخذا واحدا، وهو عدم تحمس قادته للدفاع عن اللغة العربية، اللغة الرسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية.

ما يمكنني أن أجزم به الآن، هو أن القيادة الحالية للحزب لا يمكن لأي كان أن يزايد عليها في الدفاع عن اللغة العربية، وهذه هي أول مرة تكون فيها قيادة أكبر حزب معارض تدافع علنا عن اللغة العربية، فمن المعروف أن المعارضة الحزبية منذ تأسست في نسختها الحالية في  العام 1991 لم تتخذ - حسب علمي-  موقفا علنيا داعما للغة العربية.

يوجد حاليا ثلاثة أحزاب في المعارضة يمكن التعويل عليهم في هذا الملف: تواصل - الصواب - التحالف الشعبي التقدمي، والذي لا أعرف تموقعه السياسي حاليا.

يتعرض حزب تواصل لحملة من طرف بعض المعارضين  قبل الموالين، وربما يكون موقف قيادته الحالية من اللغة العربية من بين أسباب تلك الهجمة.     

لا أدري لماذا يتم التهجم دائما على حزب تواصل، وذلك مع العلم أنه هو الحزب الوحيد في موريتانيا الذي يمكن القول بأنه حزب مؤسسات، فهو يمارس - في حالة نادرة من نوعها في موريتانيا- العمل الديمقراطي داخل هيئاته، وذلك من قبل أن يطالب بممارسته في أجهزة الدولة، ولذا فقد تبدلت رئاسته لأكثر من مرة، وتغيرت واجهته القيادية، فذهبت رموز وجاءت أخرى، وبقي الحزب قائما ثابتا يحصد في كل انتخابات نتائج مشرفة، ويثبت في كل انتخابات أنه الحزب المعارض الأكثر شعبية، والأجدر بتمثيل المعارضة في الهيئات التي تمثل فيها، كزعامة المعارضة.

طبعا، حال الأحزاب المعارضة الأخرى، أنتم أدرى به، وواقعها اليوم يثير الشفقة أكثر من أي شيء آخر.

بالعودة إلى اللغة العربية فقد كان موقف ممثل الحزب في اللجنة   المعنية بتعديل النظام الداخلي للجمعية النائب إسلكو ولد أبهاه موقفا مشرفا، وكان ذلك متوقعا.

وحتى لا أظلم أحدا في هذه الجزئية، فلا بد أن أذكر بأني تلقيت اتصالا من رئيس حزب الإنصاف قبل تشكيل اللجنة (في يوم 24 نوفمبر 2024) أكد لي فيه أن نواب حزب الإنصاف لن يقبلوا بأي حال من الأحوال تعديل المادة 61 من النظام الداخلي للجمعية الوطنية، وهو الشيء الذي أكده لي قبل ذلك رئيس البرلمان الموريتاني السيد محمد مكت.

هناك رغبة حقيقية لدى أغلبية النواب ولدى الكثير من الأحزاب السياسية في أن يكون البرلمان الموريتاني مثل غيره من البرلمانات في العالم لا يمكن أن يتحدث النائب داخله أو الوزير  إلا باللغة الرسمية أو بإحدى اللغات الوطنية الأخرى.

صحيح أن النظام الداخلي للجمعية الوطنية لم يجرم الحديث باللغات الأجنبية داخل البرلمان الموريتاني كما هو سائد في أغلب البرلمانات في العالم، ولكنه على الأقل رفض توفير الترجمة الفورية من وإلى اللغات الأجنبية(اللغة الفرنسية)، وذلك هو أضعف الإيمان.

للأسف هناك برلمانيون لا يقبلون حتى بأضعف الإيمان في احترام المادة السادسة من الدستور الموريتاني. أما أقوى الإيمان فلا يتوقع منهم أصلا.

أه نسيتُ: هناك من ينتقد ممثل تواصل في اللجنة، وذلك لأنه لم يشرع للنواب السب والشتم والكلام البذيء داخل الجمعية الوطنية.

السب والشتم والكلام البذيء والساقط ليس حرية تعبير، وقد سمعنا منه ما يكفي وزيادة فيما مضى من الإنابة الحالية، ولم نعد بحاجة إلى المزيد منه. 

الصورة على هامش تسليم عريضة الثامن والعشرين من نوفمبر للسيادة اللغوية.

الأربعاء، 30 يوليو 2025

بيان صحفي: نحو مقاربة شاملة لتعزيز السلامة الطرقية في موريتانيا


تلقينا في حملة "معًا للحد من حوادث السير" بارتياح كبير أوامر فخامة رئيس الجمهورية للحكومة في اجتماع مجلس الوزراء الأخير بضرورة تعزيز إجراءات السلامة الطرقية، وما هذه الأوامر الجديدة إلا تأكيدا لاهتمام قديم لدى فخامة رئيس الجمهورية بملف السلامة الطرقية، وهو اهتمام ظهر في أول اجتماع مجلس وزراء يعقده فخامة الرئيس بعد انتخابه رئيسا في العام 2019، حيث ناقش المجلس المنعقد في يوم 22 أغسطس 2019 بعد اجتماع التعارف، ملف السلامة الطرقية، وهو ما يؤكد أن هناك إرادة سياسية عليا حقيقية  للحد من حوادث السير في بلادنا.

وبوصفنا في حملة معا للحد من حوادث السير منظمة نشطة ميدانيا في مجال التوعية ضد حوادث السير، فإنه يهمنا أن نؤكد بمناسبة إصدار تعليمات رئاسية بتعزيز إجراءات السلامة الطرقية على ما يلي:

1 ـ تثميننا للإرادة السياسية، وتسجيلنا للتفاوت في التنفيذ

إننا في الوقت الذي نُشيد فيه بالإرادة السياسية الواضحة لدى فخامة الرئيس للحد من حوادث السير، إلا أننا نُلاحظ أن ترجمة هذه الإرادة على أرض الواقع من قبل الجهات الحكومية المعنية كان متفاوتا. ففي الوقت الذي تحققت فيه إنجازات ملموسة في بعض المجالات، فإن هناك ثغرات في مجالات أخرى، ما تزال تتطلب معالجة عاجلة وفعالة.

إننا نسجل بإيجابية التطور الذي عرفته منظومة الإسعاف والتدخل السريع في بلادنا خلال السنوات الأخيرة، وذلك من خلال نشر سيارات الإسعاف على شبكتنا الطرقية، وإطلاق مؤسسة العون الطبي الاستعجالي، إلا أن هذا الجهد الكبير سيظل ناقصا ما لم تُستكمل هذه المنظومة باقتناء مروحية طبية لضمان التدخل السريع والفعال في حالات الحوادث المميتة التي تقع في أماكن نائية، وبإنشاء نقاط تدخل سريع بآليات ثقيلة، ونقترح أن تكون البداية بإقامة نقطتين على الأقل على طريق الأمل، تحديدًا عند الكلم 100 وعند منعرج ومرتفع جوك، و يجب أن تتوفر هاتان النقطتان على آليات ثقيلة قادرة على إزاحة الشاحنات الكبيرة التي قد تنقلب وتسد الطريق لساعات، وكذلك الشاحنات التي قد تقع على سيارات صغيرة، مما يصعب الوصول إلى الضحايا بوسائل الإنقاذ التقليدية إلا بعد أن يكون قد فات الأوان؛

2 ـ  مطالبتنا بالمزيد من التوعية

لقد أظهرت ملاحظاتنا الميدانية في حملة "معًا للحد من حوادث السير" أن تحسن البنية التحتية للطرق، مثل ترميم طريق (روصو- نواكشوط) خلال السنوات الماضية، وترميم طريق الأمل مؤخرا، لم يؤدِيا بالضرورة إلى انخفاض حوادث السير، بل على العكس من ذلك، فقد شهدت هذه الطرق زيادة في الحوادث. وهذا مما يؤكد على أهمية اتخاذ المزيد من الإجراءات الصارمة، ومن التوعية لإنقاذ الأنفس، خاصة عندما تكون الطرق حديثة الترميم، فترميم الطرق يغري السائقين بزيادة السرعة، فينتج عن ذلك المزيد من حوادث السير المميتة.

بناءً على ذلك، فإننا ندعو في الحملة إلى المزيد من التوعية، والتي هي بالأساس من مهام المجتمع المدني من قبل أن تكون من مهام الإدارات الحكومية، ونُذكر هنا بمشروع "قافلة السلامة الطرقية الكبرى" الذي أعلنا عنه في الحملة منذ سنوات، والذي يهدف إلى إطلاق حملة تحسيسية كبرى تشمل كل شبكتنا الطرقية، من خلال التعاون بين الأجهزة الحكومية المعنية والمجتمع المدني، وهو تعاون لم يتم حتى الآن؛

3 ـ دعوتنا للوفاء بتنفيذ التزامات سابقة إنقاذا للأنفس

نُذَكِّر في هذا البيان بالرسالة الجوابية التي وصلتنا في الحملة مطلع عام 2020 من المدير العام للنقل البري بوزارة التجهيز والنقل، والتي تضمنت تعهدا بفرض سرعة قصوى على حافلات النقل العمومي، فلو تم تنفيذ هذا الالتزام في ذلك الوقت، لكنا قد أنقذنا بمشيئة الله تعالى الكثير من الأرواح التي فُقدت بسبب حوادث سير ناجمة عن السرعة المفرطة في حافلات النقل.

إننا نجدد الدعوة لوزارة التجهيز والنقل بضرورة التنفيذ الفوري لهذا الالتزام الذي تعهدت به منذ مطلع العام 2020، ولم تنفذه حتى الآن.

وفي الختام، فإننا في الحملة نؤكد مجددًا بأننا سنظل ملتزمين بجهودنا التوعوية، ومستعدين في الوقت نفسه للتعاون مع جميع الأطراف الحكومية والمجتمعية في كل ما من شأنه أن يحد من حوادث السير التي تشهدها طرقنا، والتي ارتفعت وتيرتها في الأسابيع الأخيرة بشكل مخيف.

نواكشوط: 30 يوليو 2025

حملة "معًا للحد من حوادث السير"

الاثنين، 28 يوليو 2025

العالم قبل ChatGPT ليس العالم بعده،


 العالم قبل ChatGPT ليس العالم بعده، وما قبل الذكاء الاصطناعي التوليدي يختلف جذريًا عمَّا بعده... هذه ليست مجرد كلمات متداولة، وإنما هي عبارات تقدم وصفا دقيقا لتحول عميق سيشهده العالم في المستقبل القريب، ومن لم يواكب هذا التحول في بدايته،  فردا كان أو مؤسسة أو دولة، سيجد أنه في سنة واحدة أصبحت تفصله عشرات إن لم أقل مئات السنين عن غيره.

 عدتُ مساء اليوم من تركيا، حيث شاركت في مؤتمر دولي عن مستقبل التعليم والتدريب في ظل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، وذلك بعد أن أنهيتُ مشاركتي في البرنامج المهني المكثف "مهارات المدرب والمعلم الرقمي المعتمد"، الذي استمر من 18 إلى 25 يوليو 2025، وامتد على مدى 25 ساعة من التدريب النظري والتطبيقي.

لقد تزامن الملتقى والمؤتمر مع انشغالات ضاغطة، وأسبوع ينزف دما، شهد سلسلة من حوادث السير المميتة، وكان من المفترض أن أُتفرغ بشكل كامل لملف السلامة الطرقية، وأن أخصص حلقة صالون المدونين لهذا الأسبوع لحوادث السير التي شهدها الأسبوع الماضي. ذلك هو ما كان يجب أن يقع، ولكن مع ذلك فلم يكن من الحكمة تضييع فرصة المشاركة في ملتقى ومؤتمر يناقشان ملف الذكاء الاصطناعي.

لقد سعيت من خلال هذه المشاركة إلى تحقيق ثلاث غايات أساسية:

1. تطوير قدراتي الشخصية في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو ما أراه اليوم "واجبًا" على كل شخص يسعى أن يطور من ذاته لمواكبة التحولات الكبرى القادمة؛.

2 - أن أبنيَّ قدرات ومهارات تتيح لي أن أطور من أداء الجمعيات والهيئات التي أعمل فيها، ومما لا شك فيه أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يساعد الآن في ذلك، وسيكون بإمكانه أن يساعد أكثر في المستقبل القريب جدا.

3 - أن أبنيَّ قدرات ومهارات تمكنني من تدريب أكبر عدد ممكن من أبناء الوطن في مجالات أصبحنا جميعًا بحاجة ماسّة للتكوين والتدريب عليها، وسأبذل قصارى جهدي لتوفير هذا التدريب كلما سنحت الفرصة لذلك.

وفي هذا السياق، أتوجه إلى القائمين على المهرجانات الثقافية في مختلف ولايات الوطن، بطلب إدخال برامج التكوين والتدريب في أنشطة المهرجانات لصالح شباب المدن التي ستنظم فيها تلك المهرجانات.

إننا بذلك سنحوّل تلك المهرجانات إلى منصات حقيقية لبناء قدرات الشباب، وسنمنحها قيمة مضافة تتجاوز الترفيه إلى التأثير والتنمية.

لقد آن الأوان لأن نُغيّر الصورة النمطية للمهرجانات، وأن نجعلها مهرجانات تتناغم بشكل أو بآخر مع عصر الذكاء الاصطناعي.







السبت، 26 يوليو 2025

شدوا الأحزمة قبل فوات الأوان!


لقطة من زوال اليوم مع الدكتور يانيس كولاجراكيس (اليونان) رئيس الاتحاد العالمي للمدربين المحترفين، وذلك على هامش المؤتمر الدولي حول مستقبل التعليم والتدريب في ظل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، المنعقد في هذه الأيام في اسطنبول - تركيا.

 خلال التقاط الصورة، أهدَيتُ للدكتور نسخة من كتابي "في نقد المصلحين"، مع تأكيد خاص له أنه "إنتاج بشري خالص"، خالٍ من أي تدخل للذكاء الاصطناعي. لكنني أخبرته – بصراحة – أن هذا سيكون هو آخر عمل تأليفي لي لا أستعين فيه بهذه التقنية المبهرة.

ما استمعت إليه من عروض، وما تلقيته من تدريبات متقدمة في الورش، جعلني أُدرك أن الذكاء الاصطناعي لم يعُد خيارًا... بل أصبح ضرورة.

ضرورة للأفراد، والمؤسسات والدولة أيضا.

إنه ليس مجرد أداة لتوفير الوقت والجهد فقط، فهو بالإضافة إلى ذلك رغم أهميته، أصبح رافعة معرفية تختصر المسافات وتفتح آفاقًا جديدة للإبداع والتطوير.

وعدني الدكتور يانيس بقراءة الكتاب بعد ترجمته إلى اللغة الإنجليزية، وهذا أمرٌ  أصبح اليوم في متناول اليد بفضل أدوات الترجمة الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

الواقع أن عالم الذكاء الاصطناعي لا يمكن اختزاله في بُعد تقني فقط، بل هو تحدٍ حضاري ومعرفي، يُعيد تشكيل أدوار الإنسان ويضعنا أمام أسئلة أخلاقية وفكرية وكبرى.

جئت إلى تركيا لأصبح مدربًا رقميًا معتمدًا، وقد حصلتُ بالفعل على الرخصة، وسأسعى جاهدًا لنقل المعرفة والمهارات التي اكتسبتها في هذا المؤتمر الدولي، واكتسبتها من قبل ذلك في ملتقى التدريب الاحترافي في مجال الذكاء الاصطناعي، سأحاول أن أنقل ذلك إلى الشباب ، من خلال برنامج "خطوة التدريبي لاكتشاف وتنمية المواهب الشبابية".

 فقط أمهلوني بعض الوقت لمراجعة وتلخيص كل ما تعلمت، قبل أن أشرع في تصميم دوراتي الخاصة بي في مجال التحول الرقمي في عصر الذكاء الاصطناعي، والتي سأقدمه مجانا للشباب كلما كانت هناك فرصة لذلك.

يؤسفني حقا أنه لم يشارك معي أي موريتاني في هذا المؤتمر المهم جدا، ويؤسفني كذلك أن التدريب على تقنيات الذكاء الاصطناعي لن يجد اهتماما كبيرا إلا بعد فوات الأوان، أي بعد أن يكون الآخرون قد تجاوزونا بسنوات ضوئية.

التأخر عن الركب في مواكبة ثورة الذكاء الاصطناعي لسنة أو سنتين سيعني تأخرا لقرن أو قرنيين.

العالم سيسير بسرعة غير معهودة في عصر الذكاء الاصطناعي، فهل نحن جاهزون أفرادا ودولة لمسايرته؟

أترك لكم الجواب.   


الخميس، 24 يوليو 2025

خففوا السرعة يرحمكم الله ...


16 حالة وفاة فورية، والعديد من الإصابات، في 6 حوادث سير خلال 5 أيام فقط!

في أقل من أسبوع، نزفت طرقنا دمًا، وتحوّلت مركباتنا إلى نعوش متحركة، وإليكم تفاصيل هذا الأسبوع المميت.

● الأحد 20 يوليو:

فاجعة مؤلمة عند الكلم 75 من طريق الأمل، حيث احترقت سيارة تقلّ أسرة بأكملها، فكانت النتيجة: 6 وفيات في فاجعة واحدة. وفي ذات اليوم، حادث سير آخر في نفس الطريق يودي بحياة سيدة، ويُخلّف عدة إصابات متفاوتة.

● الأربعاء 23 يوليو:

طريق نواذيبو يستيقظ فجرا على فاجعة مماثلة: 6 أفراد من عائلة واحدة قضوا نحبهم في حادث سير أليم عند الكلم 46. وفي اليوم نفسه، حادث سير آخر على نفس الطريق يُنهي حياة سيدة ويصيب آخرين.

● الخميس 24 يوليو:

في قلب العاصمة، حارس  يُدهس  في مكان حراسته على يد شباب فقدوا السيطرة على سيارتهم بسبب السرعة، وكانت هناك إصابات في صفوف الشباب. وفي ازويرات، تصادم عنيف بين حافلة نقل وقطار تابع لشركة سنيم يؤدي إلى وفاة راكب وإصابة آخرين.

في المحصلة: 16 وفاة فورية في 6 حوادث قاتلة خلال أقل من 120 ساعة، ويعني هذا بلغة المتوسطات الإحصائية حالة وفاة في كل سبع ساعات ونصف.

إن السبب الأول في هذه الحوادث المميتة وفي غيرها من حوادث السير هو السرعة المفرطة، ولذا فعلينا أن نركز على توعية السائق حول خطورة السرعة المفرطة، وحول كل الأخطاء الأخرى التي قد يرتكبها فتؤدي إلى إزهاق أرواح بشرية، كالتجاوز الخطر، والقيادة أثناء التعب والنعاس، والتوقف على الطريق،  والحمولة الزائدة...إلخ

لستُ هنا لتبرئة وزارة التجهيز والنقل وبقية الإدارات الحكومية المعنية، فمما لاشك فيه أن هذه الوزارة مقصرة كثيرا في واجبها، ثم إنها ـ ومع بقية الجهات الحكومية المعنية ـ  تتحمل المسؤولية في كل الأخطاء التي يرتكبها السائق، وذلك بسبب أن دورها في توعية السائق ناقص، ودورها في معاقبته إن هو أخطأ ناقص أيضا، وبالتالي فهي تتحمل نصيبا كبيرا من كل مخالفة يرتكبها السائق، وتؤدي إلى حادث مميت.

وبخصوص المسؤولية المباشرة للوزارة، فصحيحٌ أن تهالك الطرق قد يتسبب في حوادث سير، وصحيحٌ كذلك أنه يتسبب يقينا في مشقة لسالكي الطرق ويكبدهم خسائر اقتصادية كبيرة، ثم إنه بالإضافة إلى كل ذلك يعدُّ من المظاهر التي لا تليق، فلا يليق ببلد يحترم نفسه أن تكون بعض طرقه متهالكة. 

كل ذلك صحيح، ولكن الصحيح أيضا أن سلوك السائق الخاطئ، وخاصة قيادته بسرعة مفرطة، سيبقى هو السبب الأول في حوادث السير، والسائق إذا كان يقود سيارته بسرعة قصوى في حدود 90 كلم للساعة (وهذا ما كان على الوزارة أن تفرضه وهي مقصرة فيه أيضا) ، فإنه من النادر أن يقع في حادث سير، حتى وإن كان يقود سيارته على طريق متهالك، وإن وقع في حادث سير فالراجح أنه لن يكون حادث سير مميت، وستكون الإصابات في ذلك الحادث إصابات خفيفة أو متوسطة في أسوأ الأحوال.

لا تنسوا الدعاء أثناء السفر..

الصورة من موقع فاجعة نواذيبو.

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع 

#معا_للحد_من_حوادث_السير

الأربعاء، 23 يوليو 2025

مقترح توعوي يجمع بين الدنيا والآخرة


قال تعالى:

"وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"

في زمنٍ تُنفق فيه أموال طائلة على حملات تسويقية تافهة، نقترح على التطبيقات البنكية والمؤسسات الوطنية الاستثمار في حملة توعوية وإنسانية هادفة، تتمثل في تشييد نُصُبٍ توعوي على طريق الأمل، في المكان الذي وقع فيه الحادث الأليم (الكلم 75)، والذي تسبب في وفاة 6 أشخاص من أسرة واحدة نسأل الله تعالى أن يتغمدهم جميعا بواسع رحمته.

النصب يعرض على سالكي طريق الأمل هيكل السيارة المشتعلة التي توفي فيها أفراد  الأسرة الكريمة، مع عبارة: "باقتناء قنينة إطفاء رخيصة.. قد تنقذ نفسًا غالية."

إن هذا النصب التوعوي سيحقق ما يلي:

1 -  أثر توعوي مباشر سيدفع مئات السائقين لاقتناء قنينات الإطفاء، وذلك مع العلم أن هذا النصب التوعوي سيوضع عند الكلم 75، أي منتصف المقطع (نواكشوط - بوتلميت)، والذي يعدُّ المقطع  الأكثر حيوية من الطريق الأكثر حيوية في البلاد (طريق الأمل). 

2-  دعاية قوية للتطبيق أو الجهة المنفذة، برسالة تربط أنشطتها وخدماتها بالسلامة الطرقية، ومن المعروف أنه من الصعب جدا أن تجد اليوم أسرة موريتانية إلا ولها قصة أليمة مع حوادث السير.

3 - هذا النصب التوعوي لا يكلف مالا كبيرا، وقد لا تتجاوز كلفة تشييده 100 ألف أوقية جديدة.

4 - هذا النصب التوعوي بالإضافة إلى المكاسب الدنيوية التي سيحققها للجهة المنفذة، له مكاسب أخروية  لا يمكن حسابها لمن أخلص النية، وأنفق على هذا الجهد التوعوي من مال حلال، وروج لمؤسسة تعمل وفق الضوابط الشرعية؛

⚠️ تنبيه

هذا العمل لا يمكن ان يتم دون:

- موافقة ذوي الضحايا الكرام، وهم أهل خير، وبالتأكيد فإنهم لن يمانعوا في استخدام هيكل السيارة للتوعية تجنبا للمزيد من هذا النوع من الحوادث. لن يمانعوا في استخدام هيكل السيارة، ولكن لابد من استئذانهم أولا. 

- ترخيص من الجهات الرسمية المعنية، والتي لا يتوقع منها أن تعترض على عمل توعوي كهذا.

لو كنا في حملة معا للحد من حوادث السير  نمتلك المال اللازم لاحتكرنا هذا العمل للحملة، طلبًا للأجر. لكننا لا نمتلك للأسف كلفة تشييد هذا النصب، ولذا فقد ارتأينا أن نقدمه مقترحًا عامًا لعله يجد من يتبناه من الباحثين عن الجمع بين خيري الدنيا والآخرة.

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع

#معا_للحد_من_حوادث_السير

الثلاثاء، 22 يوليو 2025

من فاجعة الكلم 75 إلى فاجعة الكلم 82

 


من فاجعة الكلم 75 إلى فاجعة الكلم 82... ألم يحن الوقت لوقف هذا النزيف؟

وقفتُ ميدانياً على عشرات حوادث السير في السنوات الأخيرة، واستمعتُ إلى قصص مؤلمة يصعب نسيانها، ومع ذلك، فما سمعته يوم أمس من بعض الأشخاص الذين كانوا أول من وصل إلى مكان الحادث، كان مختلفاً عن كل ما سمعت من شهادات من قبل… كان أكثر وجعاً، وأعمق أثراً، وأقسى على القلب.

فاجعة الكلم 75 لا يمكن مقارنتها بأي فاجعة أخرى.

أسرة بكاملها داخل سيارة صغيرة مغلقة الأبواب، تشتعل فيها النيران، ولا منقذ يأتي ليطفئ النار، أو ليفتح باباً من أبواب السيارة لمساعدة الركاب في الخروج.

ولتتصوروا حجم المأساة، فيكفي أن تتخيلوا أباً أو أماً يرى ابنه أو ابنته تأكل النيران جسده الصغير... وهو عاجز، مشلول، لا يملك إلا الصراخ الصامت، ولا يستطيع أن يفعل شيئاً لإنقاذ ابنه، لا يستطيع أن يوقف اتساع النيران، ولا يستطيع أن يحمي صغيره من ألسنتها التي لا ترحم.

وتصوروا أن الأسرة بكاملها، في تلك اللحظات الأخيرة التي لا تُحتمل، كانت ترى جموع الناس من حولها... ترى الأمل واقفاً خلف الزجاج، ولكن لا أحد يقترب.

فماذا أصاب الناس؟

هل ماتت الرحمة في النفوس؟

وأي قسوة هذه التي تجعل الجموع تنظر دون أن تمتد يدٌ واحدة لإنقاذ من في السيارة المشتعلة؟

لماذا لم يجرؤ أحد على الاقتراب؟ لماذا لم يُفتح باب؟ لماذا لا تحاول هذه الجموع أن تخفف من اشتعال النيران ؟!

ولماذا يضحك البعض وينشغل بالتصوير  في مثل هذه الأوقات العصيبة؟

لقد اعتقد القادمون الأوائل بعد الحادث أن السيارة الصغيرة كانت خالية من الركاب.

فكان السائل منهم يسأل يقول: هل بقي أحد في الداخل؟

فيأتيه الجواب سريعاً من أحد ركاب الحافلة: لقد خرجنا جميعاً.

لم يُدرك أحد أن أجساد بشر  لا تزال تحترق داخل السيارة الصغيرة، إلا بعد أن خمدت النيران، وظهرت أجساد الركاب وقد أكلتها النيران.

يالفظاعة المشهد... ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

لم أقف على سبب الحادث، ولكن الراجح عندي أنه كان نتيجة لأخطاء بشرية ارتكبها أحد السائقين أو كليهما.

فالمقطع الذي وقع فيه الحادث لا توجد به حفر، ولا ألسنة رملية، ولا مرتفعات أو منخفضات خطيرة، كما هو الحال في كثير من مقاطع طريق نواكشوط - بوتلميت.

غالب الظن أن السرعة كانت هي السبب، وربما النوم أيضاً، وهو احتمال وارد يزداد رجحانه في حوادث السير التي تقع فجراً، كما هو الحال بالنسبة لهذا الحادث.

ولأن الفاجعة تجرّ الفاجعة، والحزن يذكر بالحزن، أستحضر الآن حادثاً وقع قبل عامين على بعد 7 كلم فقط من مكان هذا الحادث… في يوم 17 مارس 2023، تصادمت سيارتا نقل من نوع رينو، وأدى ذلك الاصطدام  إلى وفاة 13 شخصاً بشكل فوري، وكانت أسباب ذلك الحادث السرعة والنوم.

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع 

#معا_للحد_من_حوادث_السير



بيان من حملة "معًا للحد من حوادث السير"


تابعنا في حملة "معًا للحد من حوادث السير" ببالغ الحزن والأسى، الصور والمقاطع المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي توثق لحظات مأساوية من حادث السير الأليم الذي وقع صباح الأحد 19 يوليو 2025، عند الكيلومتر 75 على طريق الأمل، إثر اصطدام عنيف بين سيارة صغيرة كانت متجهة إلى نواكشوط، وحافلة متوسطة في طريقها إلى مدينة سيلبابي، مما أدى إلى اشتعال المركبتين، ووفاة خمسة أشخاص.
نسأل الله تعالى أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته، وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان.
وإزاء هذه الفاجعة الأليمة، فإننا في الحملة نسجل ما يلي:

1. دعوتنا لكل الجهات المعنية إلى تكثيف حملات التوعية والتحسيس حول السلامة الطرقية، لا سيما مع بداية موسم الخريف، الذي يشهد عادة ارتفاعًا في عدد الحوادث. وفي هذا السياق، نعلن أن حملتنا تُحَضَِر حاليا لإطلاق موسمها التوعوي التاسع بوسائلها الذاتية، وبلا أي دعم من أي جهة، وهو ما دأبنا عليه مع كل موسم خريف منذ العام 2016؛
2. تجديد مناشدتنا للسائقين بضرورة الالتزام بإجراءات السلامة الطرقية، وعلى رأسها اقتناء قنينات إطفاء الحرائق، وتجنب نقل المواد القابلة للاشتعال أثناء السفر، وهي توصيات كنا قد أطلقناها بعد حادث 20 مايو 2023 عند الكلم 140 على طريق نواذيبو، والذي أسفر عن اشتعال شاحنة وصهريج وأدى إلى وفاة أربع أشخاص بشكل فوري.
3. دعوتنا للقطاعات الحكومية المعنية، وعلى رأسها وزارة التجهيز والنقل، للقيام بزيارات ميدانية لمواقع الحوادث الجسيمة، تقديرًا لأرواح المواطنين، وإشعارًا بجدية التعامل مع هذه المآسي المتكررة. ويؤسفنا أن الوزارة المعنية لم تصدر حتى تعزية رسمية على صفحتها، ولم تسجل أي حضور في موقع الحادث.
4. استغرابنا من طريقة نقل جثامين الضحايا، مع تسجيلنا الإيجابي لبيان وزارة الداخلية واللامركزية الذي نُشر سريعًا وشرح الملابسات، واعتذر عن طريقة النقل.
5. تجديد مطلبنا الحيوي بتوفير طائرة إسعاف جوي، لضمان سرعة التدخل في الحوادث الكبرى، خصوصًا تلك التي تقع في مناطق نائية وتتطلب نقلًا عاجلًا للمصابين.
6. دعوتنا لسالكي الطرق إلى التحلي بأعلى درجات المسؤولية الأخلاقية والإنسانية، من خلال الامتناع عن تصوير الجرحى والضحايا في اللحظات الأولى من الحادث، وتجنب نشر صور تمس كرامتهم وتزيد من آلام ذويهم.
إننا في حملة "معًا للحد من حوادث السير" نؤكد التزامنا المستمر بالتحسيس والتوعية، وندعو كافة الأطراف الرسمية والمدنية إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية لوقف هذا النزيف الدموي الذي تحصده طرقنا يوميًا.
نواكشوط، 21 يوليو 2025
حملة معا للحد من حوادث السير