الأربعاء، 17 سبتمبر 2025

بيان من حملة "معًا للحد من حوادث السير"


في إطار الحملة التوعوية الكبرى للسلامة الطرقية، وبعد مرور قافلة "معا من أجل خريف آمن" بمدينة لعيون في محطتها السابعة من رحلتها التوعوية التي ستجوب كل ولايات الوطن، فإننا في حملة "معا للحد من حوادث السير" نسجل بقلق كبير الوضعية المتردية التي وصلت إليها بعض المقاطع المتهالكة من طريق لعيون - كبني، والتي باتت تشكل خطرا مباشرا على ممتلكات سالكي هذا الطريق، وعلى حياتهم أيضا.

لقد بلغ تهالك بعض المقاطع شمال وجنوب مدخل المدينة مستويات غير مقبولة، وباتت هذه المقاطع تكبد خسائر مادية كبيرة لأصاحب السيارات، كما أنها تهدد حياة سالكي الطريق،  وتسبب لهم مشقة كبيرة.

المؤسف في الأمر أن بعض هذه المقاطع المتهالكة ظلت على حالها تلك منذ سنوات دون أن تشهد أي عملية ترميم جدية وفق المعايير المطلوبة، وذلك في وقت يتم فيه تشييد طرق فرعية جديدة  أقل أهمية من هذا الطريق الحيوي.

وعليه، فإننا في حملة معا للحد من حوادث السير ندعو وزارة التجهيز والنقل وكل القطاعات المعنية إلى المسارعة في ترميم المقاطع المتهالكة من طريق لعيون - كبني، وأن يكون ذلك الترميم وفق المعايير الدولية التي تضمن تحمل الطريق للضغط الكبير الذي يتعرض له باستمرار  بسبب حجم ونوعية السيارات والشاحنات التي تسلكه يوميا.

إن حماية الممتلكات وإنقاذ الأرواح يبدأ بطريق آمن، ولذا فتأخير ترميم المقاطع المتهالكة من طريق لعيون- كبني، أو ترميمها بطرق بدائية لا تحترم المعايير والمواصفات المطلوبة، سيعني تكبد المزيد من الخسائر المادية وتعريض أرواح سالكي هذا الطريق الحيوي للخطر.

حملة "معًا للحد من حوادث السير"

لعيون:  16 سبتمبر  2025

لمطالعة البيان بالصوت والصورة 👇



الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025

بيان الخذلان العربي الإسلامي!


عندما أقرأ نصا طويلا، أخرج عادة بفائدة ما، غير أنني اليوم قرأتُ نصا طويلا دون أن أخرج بأي فائدة تُذكر. كان ذلك النص يحمل عنوانا كبيرا: "البيان الختامي للقمة العربية والإسلامية الطارئة" المنعقدة في الدوحة.

خمسة وعشرون نقطة تضمّنها البيان، لم أجد بينها نقطة واحدة مفيدة،  تليق بحجم التحديات أو بمستوى العدوان الوحشي الذي تتعرض له غـ.ـ.ـزه، ولا حتى بمستوى العدوان على الدولة التي استضافت القمة، والتي كانت تتولى الوساطة، وتوجد بها أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، ومع ذلك لم تسلم عاصمتها من القصف نهارا جهارا.

كان الأجدر بقادة العرب والمسلمين ألّا يعقدوا قمة طارئة أصلا، ما داموا سيخرجون للعالم ببيان هزيل كهذا. لو لم يجتمعوا، لظل بعض الحالمين الطيبين - من البسطاء والسذج -  يعلّقون أوهاما على أن القادة العرب والمسلمين لو اجتمعوا في مثل هذا الظرف العصيب لأصدروا بيانا قويا غير بيانهم الباهت الذي أصدروا، والذي هو بمثابة إعطاء إشارة خضراء للعدو لارتكاب المزيد من الإجرام والإبادة، وقد فهم العدو رسالة القمة، فزاد من وحشيته وهمجيته في غــ.زه.

ولعل أكثر ما استفزني في البيان هو قولهم: "وإذ نؤكد أن غياب المساءلة الدولية، وصمت المجتمع الدولي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، قد شجع إسرائيل على التمادي في اعتداءاتها..."

وكأن العرب والمسلمين أنفسهم لم يكونوا هم أول من صمت، وأول من خذل،  وأول من تواطأ، فمن ذا  الذي خذل فلسطين غيرهم؟ ومن ذا الذي يمدُّ اليوم  الجسور مع العدو، ويقيم العلاقات العلنية والسرية معه أكثر من  حكومات بعض الدول العربية والإسلامية، وذلك في وقت توجد فيه دول  غير  عربية  كإسبانيا وجنوب إفريقيا مثلا، اتخذت مواقف أكثر جرأة وشجاعة من أغلب الدول العربية والإسلامية.

والأدهى والأمر  أن هناك شعوبا غربية خرجت إلى الشوارع بمئات الآلاف ضد حرب الإبادة هذه، في وقت لم تتحرك فيه الشعوب العربية والإسلامية، واكتفى الكثير منها بالتذمر الصامت والخجول.

لقد أصبحت شعوب بعض الدول الغربية أكثر تعاطفا وتضامنا مع غــ.ـزه من بعض الشعوب العربية والإسلامية.

حقا إننا نعيش زمنا غريبا: قادة عاجزون، شعوب مُستسلمة، ودم فلسطيني يسيل على مرأى من الجميع. 

من الغريب حقا  أن يصل مستوى الخذلان الرسمي والشعبي عربيا وإسلاميا إلى هذا الحد.

الاثنين، 15 سبتمبر 2025

إلى القادة العرب والمسلمين.. لا نريد قمة استثنائية مكررة!


في يوم السبت 11 نوفمبر 2023، عقد قادة الدول العربية والإسلامية قمة عربية إسلامية استثنائية في الرياض، وأصدروا حينها "قرارًا تاريخيًّا" من ثمانية بنود. ولا أدري لماذا سموه قرارا بدلا من بيان؛ فقد تكررت في هذا القرار كلمة "فوري" بمختلف صِيَغها ومشتقاتها في نقاطه الثمانية، وكأن الذي أصدر ذلك القرار أراد أن يقول بلغة فصيحة وصريحة إنه قادر على تنفيذ بنوده الثمانية بشكل فوري. ولكن، وللأسف الشديد، فلا شيء نُفِّذ من القرار التاريخي لقمة الرياض الاستثنائية؛ بل إن كل النقاط التي أثارتها تلك القمة في قرارها التاريخي ازدادت تأزما وتعقيدا.

وللتذكير - ولعلَّّ الذكرى تنفع القادة العرب والمسلمين- فسنذكر القادة بما وعدوا بتنفيذه بشكل فوري في قمة الرياض 2023، نذكرهم به من خلال استعراض قرارهم التاريخي من جديد نقطة نقطة دون أن نزيد كلمة أو نحذف أخرى، مع طرح سؤال بعد كل نقطة للتأكيد على أن تلك النقطة لم تنفذ لا بشكل فوري، ولا بشكل غير فوري، بل إنها ازدادت تأزما وتعقيدا.

إليكم النقاط الثامنية التي جاءت في "قراركم التاريخي" الذي أصدرتموه في قمة الرياض 2023، والذي وعدتم  بتنفيذ نقاطه الثمانية بشكل فوري:

1 ـ كسر الحصار عن غزة وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل "فوري". نطرح السؤال هنا: هل كُسِر الحصار على غزة أم أنه ازداد استحكاما وقسوة؟

2 ـ دعم كل ما تتخذه جمهورية مصر العربية من خطوات لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، وإسناد جهودها لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل "فوري" ومستدام وكاف. السؤال هنا: هل اتخذت مصر خطوات لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فوري، وهل تمَّ إسناد تلك الخطوات من طرف بقية الدول العربية والإسلامية؟

3 ـ مطالبة مجلس الأمن اتخاذ قرار "فوري" يدين التدمير الهمجي الذي تمارسه إسرائيل للمستشفيات في قطاع غزة. هل اتخذ مجلس الأمن قرارا فوريا بذلك أم أن الفيتو الأمريكي ما زال يعمل على عرقلة أي قرار من هذا القبيل؟

4 ـ ضرورة أن يفرض القرار على إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، التزام القوانين الدولية وإلغاء إجراءاتها الوحشية اللاإنسانية بشكل "فوري". هل التزمت إسرائيل بالقوانين الدولية، وهل ألغت إجراءاتها الوحشية؟

5 ـ بدء تحرك دولي "فوري" باسم جميع الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة لبلورة تحرك دولي لوقف الحرب على غزة. هل حدث أي تحرك دولي مكن من وقف الحرب على غزة؟

6 ـ التأكيد على ضرورة العودة "الفورية" لهؤلاء النازحين إلى بيوتهم ومناطقهم. هل عاد النازحون بشكل فوري إلى منازلهم أم أن عدد النازحين ظل في ازدياد خلال السنتين الأخيرتين؟

7 ـ التأكيد على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي خطوات "فورية" وسريعة لوقف قتل المدنيين الفلسطينيين واستهدافهم. هل اتخذ المجتمع الدولي خطوات أوقفت قتل المدنيين الفلسطينيين، أم أن عمليات القتل ازدادت من حيث العدد والوحشية؟

8 ـ التأكيد على ضرورة تحرك المجتمع الدولي "فورًا" لإطلاق عملية سلمية جادة وحقيقية تفرض السلام على أساس حل الدولتين الذي يلبّي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. هل انطلقت عملية سلام جادة، وهل تمَّ تحقيق حل الدولتين، أم أن الرئيس الفلسطيني ما زال يُحرَم من التأشيرة الأمريكية لحضور الاجتماعات الدولية التي يمكن أن تُناقش هذه المواضيع؟

يظهر من خلال الأسئلة التي طرحناها بعد كل بند من البنود الثمانية أن القرار التاريخي الذي أصدره القادة في قمة الرياض 2023 كان مجرد حبر على ورق، وأنه لم يتعامل معه أحد في هذا العالم بجدية. بل على العكس من ذلك، فإن كل النقاط التي أثارها وطالب بحلها بشكل فوري ازدادت تعقيدا وتأزّما، نقطة نقطة بندا بندا.

لقد أصبح الحصار على غزة بعد قمة الرياض وقرارها التاريخي أشد، والمجازر أبشع، والتواطؤ أوضح، والخذلان أوسع؛ بل إن جرأة العدو ازدادت أكثر بعد تلك القمة، فقصف عاصمة دولة عربية توجد بها قاعدة أمريكية وتقود جهود الوساطة، ولهذا تمت الدعوة إلى قمة عربية إسلامية استثنائية جديدة.

إننا لا نريد لقمة الدوحة 2025، التي جاءت بعد أن أبرق العدو الصهيوني برسالة واضحة وغير مشفَّرة مفادها أنه لا بلد عربي أو إسلامي آمن أمام يده الباطشة والغادرة، وأن إسرائيل التي تدعمها أمريكا سيبقى لها الحق - كل الحق- في أن تقصف أي عاصمة عربية أو إسلامية متى شاءت وكيفما شاءت. لا نريد لقمة الدوحة 2025 أن تكون مثل قمة الرياض 2023؛ أي أن تكتفي باتخاذ قرارات لا يتجاوز عمرها الافتراضي الدقائق القليلة التي تُتْلَى فيها على مسامع القادة، ولا يبقى لها من أثر إلا ما تؤرشفه الصحف والمجلات والمؤسسات الإعلامية في أرشيفها المكتوب أو المسموع أو المرئي.

إننا اليوم بحاجة إلى قمة استثنائيةٍ بحق، تصدر قرارات استثنائيةٍ بحق، في هذا الظرف الاستثنائي الصعب الذي تمر به الأمة العربية والإسلامية، على أن تعمل - وهذا هو الأهم - على التنفيذ الفوري لتلك القرارات.

مرة أخرى، أجدني مضطرا لأن أعيد إرسال هذا المقترح إلى القادة العرب والمسلمين قبل قمتهم في الدوحة، وفي اعتقادي الشخصي فإن هذا المقترح هو المخرج الوحيد من الهوان والذل الذي تعيشه الدول العربية والإسلامية منذ عقود.

لقد بات من الملحّ جدا التفكير في تأسيس حلفٍ إسلامي قوي تنخرط فيه الدول الإسلامية، ويمكن أن تتشكل نواته الأولى من السعودية وباكستان وإيران وتركيا ومصر (بالإضافة إلى قطر التي تعرضت مؤخرا للعدوان والتي تستضيف القمة)، لتشمل بعد ذلك بقية الدول الإسلامية. فبحلف كهذا سيكون بإمكاننا أن نحرر فلسطين، وبحلف كهذا سيكون بإمكاننا أن نحلّ مشاكلنا دون الحاجة للاستجداء بالآخرين، وبحلفٍ كهذا سنحمي قيمنا الإسلامية من علمنة القيم التي يقف خلفها الغرب المسيحي. ولتشكيل نواة هذا الحلف لا بد للدول المؤسسة لتلك النواة أن تتخذ بعض الخطوات والإجراءات التمهيدية المطمئنة:

1 ـ أن تعتذر الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن تدخلاتها السابقة في بعض الدول العربية، وأن تلتزم التزامًا صريحًا وقويًا بالتخلي نهائيًا عن أي وصايةٍ على الشيعة خارج حدودها، وأن لا تعمل مستقبلا - تحت أي ظرف - على تحريك الشيعة في بعض البلدان العربية والإسلامية لتحقيق المزيد من المصالح والنفوذ خارج حدودها على حساب دول عربية وإسلامية أخرى.

2 ـ أن تُوقِف المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج منح الأموال الضخمة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ فليس من الحكمة وضع كل البيض في سلةٍ واحدة، خاصةً إذا كان صاحب تلك السلة هو الرئيس ترامب المعروف بتقلب مزاجه، وعلى أن تُوجَّه تلك الأموال لتعزيز مكانة الحلف الإسلامي المنتظر، أو تُوجَّه لدعم بعض الدول الإسلامية المحتاجة.

3 ـ أن تقطع مصر وتركيا (وقطر) وبشكل فوري علاقاتها الدبلوماسية مع العدو الصهيوني، وتفتح مصر حدودها لكسر الحصار.

هذا مجرد مقترح أقدمه للقادة العرب والمسلمين، وأعلم مسبقا أن الغالبية من الشعوب العربية والإسلامية تعتبر كتابة مثل هذا المقترح مجرد تضييع للوقت والجهد فيما لا طائل من ورائه؛ فهذه الشعوب لم تعد تتوقع من قادتها أي عمل جدي لصالح فلسطين أو لصالح بلاد العرب والمسلمين.

نعم، لقد بلغ اليأس هذا المستوى بل أكثر؛ ومع ذلك أرجو أن يجد هذا المقترح آذانا صاغية وقلوبا واعية وعقولا راجحة تؤمن بضرورة العمل به.

حفظ الله بلاد العرب والمسلمين...




الأحد، 14 سبتمبر 2025

قافلة توعوية تفتح النقاش حول خطورة الترويج للقيادة المتهورة عبر منصات التواصل الاجتماعي


في إطار جهودها المستمرة لنشر الثقافة المرورية وتعزيز الوعي بأهمية السلامة الطرقية، أطلقت قافلة "معًا من أجل خريف آمن" أولى جلساتها التوعوية المفتوحة عند مشارشذيششذش١ثف مدينة ألاك، حيث خُصصت الجلسة لمناقشة ظاهرة الترويج للسرعة المفرطة والقيادة المتهورة عبر مقاطع مصورة، والتي انتشرت بشكل واسع خلال الأيام الأخيرة، على منصات التواصل الاجتماعي.

وفي كلمة بالمناسبة، عبَّر منسق حملة "معا للحد من حوادث السير" السيد محمد الأمين الفاضل عن استغرابه الشديد لقيام بعض من يُعرفون بـ"المؤثرين" بنشر مثل هذه المقاطع، في وقت حرج،  سُجِّلت فيه أرقامٌ مفزعة لعدد الوفيات في حوادث السير، حيث سُجِّلت 17 حالة وفاة خلال أسبوع واحد فقط.

وأكد منسق الحملة أن هذه المقاطع المتداولة بشكل واسع،  لا تشكل فقط مقاطع للتسلية والترفيه، وإنما تساهم - وهذا هو مكمن خطورتها - في تعميق السلوكيات الخطرة في صفوف الشباب والمراهقين، وترسيخ ظاهرة القيادة المتهورة (اتكاسكادي)،  والتي أودت في السنوات الأخيرة بحياة العديد من الشباب.

وشهدت الجلسة نقاشا موسعا حول الهيمنة المتزايدة للتفاهة والسطحية على منصات التواصل الاجتماعي، حيث حذّر المتحدثون من خطورة تلك الهيمنة، وتأثيرها السلبي على الذائقة الفردية والمجتمعية، داعين إلى:

1. تصحيح الذائقة الفردية والجمعية، من خلال تعزيز تداول المحتويات الهادفة، وعدم التفاعل مع المحتوى السطحي والتافه؛.

2. تحمُّل القطاع الخاص لمسؤوليته الاجتماعية، والامتناع عن دعم أو الترويج لبضائعه وخدماته من خلال المحتوى السطحي والتافه، فذلك هو الذي يمنح أصحاب ذلك المحتوى نفوذا غير مستحق، وتأثيرا  في المجتمع من شأنه أن يزيد من إفساد الذائقة المجتمعية .

وتأتي هذه الجلسة النقاشية ضمن سلسلة من الأنشطة التوعوية والحوارات المفتوحة التي تعتزم القافلة تنظيمها في مختلف ولايات الوطن، وذلك بهدف تشكيل وعي مجتمعي بأهمية السلامة المرورية.

ألاك 12 سبتمبر ،2025

حملة معا للحد من حوادث السير

الجمعة، 12 سبتمبر 2025

عندما ينسحب المصلحون ويتصدر التافهون


أخطر ما يهدد أي مجتمع، هو أن تستقيل نخبه الصالحة من الشأن العام، وتكتفي بالتفرج، وذلك في وقت يزداد فيه حضور التافهين، وتتسع فيه قدرتهم على التأثير.

لقد استقالت أغلب النخب الصالحة في المعارضة والموالاة من قضايا الوطن، وتركوا الساحة لنخب انتهازية تعرف جيدا كيف تتحرك بحيوية، لا لإصلاح البلد بل لإفساده، وفي الوقت ذاته، وهذا هو أخطر ما في الأمر، تمددت ثقافة التفاهة في مجتمعنا ونخبنا مشكلة بذلك ما أسميته في مقال سابق مثلث التفاهة المكتمل الأركان:

1 -  ذائقة مجتعية مشوهة لا تحتفي إلا بالسخافات؛

2 -  مؤسسات عمومية وقطاع خاص وجدا ضالتهما في التافهين لتسويق ما يريدان تسويقه من خدمات أو سلع، ولتلميع ما يريدان تلميعه من التافهين والسطحيين؛

3 - نخب انتهازية تتحكم في المجالين العام والخاص، ترفع من شأن التافهين وتقصي العقلاء.

إن استمرار اتجاه البوصلة في هذا الاتجاه سيعني سقوط المجتمع في هاوية لا قرار لها، فالمجتمع الذي يُبَجَِل تافهيه ويهمش عقلائه، لن ينهض أبدا، وهو بذلك يكتب شهادة موته البطيء.

إن مواجهة خطر التفاهة  يبدأ أولا بإدراك الخطر، ثم بمواجهته بشجاعة، وتبدأ  تلك المواجهة بعلاج ذائقتنا الفردية والجمعية، وتصحيح اختياراتنا. يجب أن نختار المحتوى الجيد، ونشجع الأصوات الهادفة، وننخرط في الشأن العام بجدية .

يجب أن نتحرك من موقع التفرج إلى موقع الفعل، ومن الخمول إلى الحيوية، وعلينا أن نرفع أصواتنا في وجه التفاهة، ونكف عن التصفيق للتافهين.

موجبه أني منذ سنوات أنشط في مجال التوعية حول خطورة حوادث السير، ولما انتقدتُ يوم أمس من تصفونه "مؤثرا" يروج للسرعة المفرطة، والتي لا تحتاج أصلا لمن يروج لها في صفوف شبابنا، فالحوادث الناتجة عن تهور المراهقين لا تحصى ولا تعد، عندما انتقدت سلوك ذلك "المؤثر" خرج بعض أهل الفيسبوك يدافعون عنه، وهو الذي جاء إلى بلدنا ليروج للتفاهة والسخافة، وذلك في وقت يتعرض فيه أهله وأهلنا في غzه إلى أبشع حرب إبادة في التاريخ الحديث.


نص كلمتي بمناسبة انطلاق قافلة معا من أجل خريف آمن..


نلتقي في صبيحة هذا اليوم المبارك في إطار الحملة التوعوية الكبرى للسلامة الطرقية، ولإعطاء إشارة الانطلاق لقافلة "معًا من أجل خريف آمن"، قافلة تحمل – بإذن الله – رسالة حياة ونداء أمل، من خلال سعيها الحثيث لحماية الأرواح والممتلكات من خطرٍ أصبح يهدد كل أسرة موريتانية، ألا وهو خطر حوادث السير.

أيها الحضور الكريم؛

إننا لسنا أمام حوادث سير عابرة أو أرقام ثابتة جامدة، بل نحن أمام حرب شوارع صامتة تحصد أرواح العشرات من مواطنينا كل شهر. 

فقد فقدنا – في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر الجاري وحده – سبعة عشر شخصًا على الأقل، نسأل الله تعالى أن يتغمدهم بواسع رحمته، وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان.

وراء كل رقم في هذا العدد أسرة منكوبة، أو أطفال تيتموا، أو أمهات ثكلى، ومجتمع يتألم بصمت، وربما بتفرج.

ومن هنا تظهر أهمية هذه القافلة التي تنطلق اليوم، فهي ليست مجرد حملة إعلامية أو تسويقية، بل هي صرخة إنذار وتحرك واسع، يهدف إلى نشر ثقافة الوعي الطرقي، وتذكير السائقين والمارة والجهات المسؤولة أن السلامة الطرقية مسؤولية مشتركة، وأن كل تقصير فيها سيكون ثمنه أرواح تُفقد وممتلكات تُهدر، ودموع تسيل وأحزان تتجدد.

أيها السادة؛

لقد أدركنا في حملة "معًا للحد من حوادث السير" أن مواجهة هذا الخطر تتطلب تضافر الجهود وتكامل أدوار:

الموظف في وزارة التجهيز والنقل الذي يؤدي عمله بإخلاص؛

المهندس الذي يشيد الطرق وفق المعايير الدولية؛

السائق الذي يتقيد بإجراءات السلامة الطرقية؛

رجل الأمن الصارم في نقطة التفتيش؛

الناشط الجمعوي الذي يقوم بالتوعية؛

المدون الذي ينتج محتوى هادفًا في السلامة الطرقية

ورجل الأعمال الذي يتحمل مسؤوليته الاجتماعية تجاه مجتمعه ووطنه.

كل هؤلاء شركاء في إحياء الأنفس، وكل من ساهم منهم في نشر ثقافة السلامة الطرقية قد يكون ممن أنقذ نفسًا بشرية من هلاك محقق، وربما ينال  بذلك  - إن صدق في نيته وأخلص في عمله - أجر "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا".

أيها الحضور الكريم،

إن هذه القافلة جاءت ثمرة شراكة استراتيجية بين المجتمع المدني والقطاع الخاص، حيث تجسد مؤسسة "غَـزة أبي" نموذجًا مشرفًا في تحمل المسؤولية الاجتماعية برعايتها لهذه القافلة التوعوية. فشكرًا لها، وشكرًا للقائمين عليها. ونأمل أن يكون هذا التعاون فاتحة لشراكات أوسع وأعمق، لأن مواجهة نزيف الطرق مسؤولية تتجاوز حدود الأفراد والجمعيات، لتصبح التزامًا مجتمعيًا شاملًا.

إننا جميعًا مدعوون لأن نجعل من خريفنا الجميل في هذا العام خريفًا آمنًا، وموسم راحة واستجمام لنا جميعًا، لا موسم أحزان ودموع.

إننا مدعوون لنثبت أن الوقاية من حوادث السير ممكنة، وأن تلك الوقاية تبدأ بخطوة، وأن كل جهد صادق يمكن أن يشكل خطوة البداية.

في الختام، أجدد شكري لكل من ساهم في هذه القافلة: من نشطاء ورعاة ومنظمين،  وإعلاميين، وسائقين ملتزمين. وأسأل الله أن يجعل عمل هذه القافلة التوعوية في ميزان حسنات كل من دعمها وساهم فيها.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


الخميس، 11 سبتمبر 2025

انطلاق قافلة "معًا من أجل خريف آمن" للتوعية حول السلامة الطرقية


انطلقت اليوم الخميس 11 سبتمبر 2025 من مطار نواكشوط القديم قافلة "معا من أجل خريف آمن" في إطار شراكة بين حملة "معا للحد من حوادث السير" وشركة "غزه أبي" لتحويل الأموال النقدية، وستمر هذه القافلة بكل المحاور الطرقية، وستجوب كل ولايات الوطن. 

ويأتي انطلاق القافلة في وقت حرج على مستوى السلامة الطرقية، حيث تزامن موسم الخريف مع تنظيم العديد من المهرجانات الثقافية في هذا العام، وهو ما زاد من حجم حركة السير ومن عدد حوادث السير، وهذا  ما أشار إليه  منسق حملة معا للحد من حوادث السير  السيد محمد الأمين الفاضل في كلمته عندما قال إن: "سبعة عشر شخصا على الأقل" فقدوا حياتهم خلال الأسبوع الأول من شهر سبتمبر الجاري.

ووصف ولد الفاضل" حوادث السير بأنها "حرب شوارع صامتة" تحصد أرواح المواطنين، مبرزا أن وراء كل رقم في إحصائيات الوفيات أسرة منكوبة، مؤكدا في كلمته أن هذه القافلة ليست مجرد حملة إعلامية، بل هي "صرخة إنذار وتحرك واسع" تهدف إلى ترسيخ ثقافة الوعي الطرقي في مختلف أنحاء الوطن.

بدوره، أكد مدير شركة "غزة أبي" السيد سيد أحمد أمبارك  أن رعاية شركته لهذه القافلة تأتي إيمانا من إدارة الشركة بدور المؤسسات الاقتصادية في خدمة المجتمع والمبادرات الإنسانية. وأوضح أن الشركة تسعى من خلال دعمها لهذه القافلة إلى أن تكون شريكا في بناء مستقبل أكثر أمانا، يتجاوز تأمين المعاملات المالية إلى صون الأرواح وحماية المجتمع.

وأعرب مدير شركة غـــ.زه أبي عن أمله في أن تكون هذه القافلة بداية لمرحلة جديدة من الوعي على الطرقات الموريتانية.

حفل انطلاق  القافلة شهد حضور عدد من النواب ونشطاء المجتمع المدني المهتمين بالسلامة الطرقية. 

وقد تحدث في الحفل بعض أعضاء الحملة وداعميها، وعلى رأسهم  نائب مقاطعة أركيز محمد المصطفى وخبير السلامة الطرقية محمد محمود ولد الداه والفنان التشكيلي خالد ولد مولاي إدريس والفاعل في مجال السلامة الطرقية أبوه ولد اميسه.

وقد أشاد المتحدثون بأهمية هذه القافلة، وثمنوا الشراكة بين القطاع الخاص والمجتمع المدني في مجال السلامة الطرقية، آملين أن يتكرر مثل هذا النوع من المبادرات في المستقبل للحد من حوادث السير في موريتانيا.


































الأربعاء، 10 سبتمبر 2025

إلى سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني


صاحب السمو، أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني

في ظل العملية العسكرية الغادرة التي نفذها العدو الإسرائيلي ضد بعض قادة حماس في عاصمة بلدكم الشقيق، أرفع إليكم، وإلى شعبكم الكريم، أصدق مشاعر التضامن والمؤازرة، وذلك بعد أن تجاوز هذا العدوان كل الأعراف، وضرب بعرض الحائط كل القوانين الدولية، واستهدف عاصمة الدولة التي كان يوجد به وفده للتفاوض!

إن هذه العملية لم تكن مجرد اعتداء على قادة فلسطينيين تعود العدو على الاعتداء عليهم في ظل تفرج عربي وإسلامي مشين، بل كانت بالإضافة إلى ذلك رسالة صريحة وفصيحة ووقحة أيضا من إسرائيل إلى كل الدول العربية والإسلامية، مفادها أن لا أحد بعد اليوم بمنأى عن بطشها، مهما كانت علاقاته مع الولايات المتحدة، ومهما بلغ حجم التعاون العسكري أو السياسي معها. فحتى في ظل وجود قاعدة أمريكية على أرض قطر، وفي ظل عرض قطر للمبادرة الأخيرة للرئيس الأمريكي ترامب، على الفلسطينيين والعدو الإسرائيلي، فكل ذلك لم يكن كافيا لمنع إسرائيل من تنفيذ حماقتها ضد قطر، بل ربما تكون مبادرة ترامب والقاعدة العسكرية الأمريكية سهلت أو ساهمت أو استخدمت - بشكل أو بآخر -  كخديعة لتوجيه ذلك الهجوم العسكري الغادر. ويكفي  أن ترامب نفسه أكد بلسانه أنه كان على علم بالهجوم، وأنه ربما يكون قد تأخر في إبلاغ قطر به، أليس هذا التبرير أكثر وقاحة من هجوم العدو على عاصمة دولة أرسل لها وفدا للتفاوض؟

لقد أثبتت هذا الهجوم أن التعويل على أمريكا، وخاصة في عهد ترامب، يعدُّ خطأ استراتيجيا كبيرا، وأن أمن الدول العربية والإسلامية - وفي مقدمتها دول الخليج -  لا يمكن أن يُبنى على وعود واشنطن، التي لا تتردد في التضحية بأعز أصدقائها من أجل إرضاء الكيان الصهيوني. وإذا كانت قطر، بكل ما قدمته من دعم سياسي واقتصادي للولايات المتحدة، وخاصة في عهد ترامب، لم تحمها أمريكا من بطش إسرائيل، فكيف سيكون حال بقية الدول العربية والإسلامية؟

إننا اليوم كعرب ومسلمين أمام لحظة تاريخية فارقة، وكنا دائما امام لحظات تاريخية فارقة لم ننتبه إليها، ولكن هذه اللحظة بالذات أصبح من الواجب الانتباه إليها، فهي تفرض علينا إعادة النظر - وبشكل حاسم - في تحالفاتنا وصداقاتنا، وفي أسس أمننا القومي. 

لقد آن الأوان لتأسيس حلف إسلامي قوي، يشكل قطبا عالميا جديدا في ظل عالم يتجه نحو التعددية القطبية. ونعلم أن سموكم، بما عُرِف عنكم من مبادرات رائدة، قادرون على إطلاق شرارة هذا الحلف الاستراتيجي، خاصة وبعد أن تعرضت بلادكم  لهذا العدوان الغادر والسافر من العدو الصهيوني.

من هنا، اسمحوا لي يا صاحب السمو، أن أعيد نشر فقرة من النداء الذي وجهته سابقا إلى قادة الدول العربية والإسلامية، وهي الفقرة المتضمنة لجواب على سؤال مهم يقول: "هل من مخرج من واقع الهوان الذي نتخبط فيه اليوم عربا ومسلمين؟" وكلي أمل أن تحظى هذه الفقرة من النداء باهتمام سموكم، واهتمام بقية قادة الدول العربية و الإسلامية.

نص الفقرة المقتطعة من النداء: 

هل من مخرج من واقع الهوان الذي نتخبط فيه اليوم عربا ومسلمين؟

للإجابة على هذا السؤال، لابد وأن نُذَكِّر  أولا بأننا في بلاد العرب والمسلمين جرّبنا نظامَ عالم القطبين من قبل انهيار الاتحاد السوفيتي، ثم جرّبنا بعد ذلك نظام عالم القطب الواحد، وفي كلا الحالتين كنا هم الخاسر الأكبر، ففي نظام القطبين وجَّه سلف بعضكم (المقصود هنا القادة العرب والمسلمين) وجهه شطر الاتحاد السوفيتي، فخذله الاتحاد السوفيتي في ساعة الضيق والعسرة، فعلم أن هذا البلد لا يمكن أن يُعَول عليه في أوقات الشدة، ولكم أن تسألوا مصر والعراق وسوريا وليبيا وإيران في حرب الاثني عشر يوما، ووجَّه سلف أكثرِكم وجهه شطر الولايات المتحدة، فعلم، وفي أكثر من مناسبة، بأن أمريكا لن تترد في أي لحظة بالتضحية بمصالحها مع كل العرب والمسلمين، قادة وشعوبا، في سبيل إرضاء دويلة الكيان الصهيوني، وفرض استمرار سيطرتها، وبقائها هي سيد المنطقة تبطش فيها متى شاءت وكيفما شاءت. ولقد تجلت هذه الحقيقة أكثر مع عودة دونالد ترامب إلى الحكم في مأمورية ثانية.

إن فقدان الثقة لدى الشعوب العربية والإسلامية لا يتوقف عند القادة، بل إنه يمتد ليشمل كل المؤسسات والهيئات العربية والإسلامية والدولية القائمة، فلا أمل يرجى من الجامعة العربية، أو منظمة التعاون الإسلامي، فهذه منظمات أصبحت في عداد الأموات، ولا أمل يرجى كذلك من الأمم المتحدة وكل الهيئات التابعة لها، فهذه المنظمة الدولية فضحتها حرب الإبادة في غزة، فكشفت عن شللها البين وعجزها الفاضح.

وبالعودة إلى النظام العالمي، والذي لابد أن يتشكل من جديد بعد انتهاء صلاحية وفعالية الهيئات الدولية التي قام عليها في الماضي،  فالراجح أن هذا العالم لن يكون عالم قطب واحد، ولا عالم قطبين، وإنما سيكون عالما متعدد الأقطاب، وهو ما يلزمنا عربا ومسلمين أن نعمل على تأسيس قطب أو حلف إسلامي خاص بنا، يدافع عن مصالحنا ويحميها.

ومن المؤكد أن الدول العربية والإسلامية تمتلك كل المقومات لتُشَكل قطبا عالميا قويا قادرا على الدفاع عن مصالح العرب والمسلمين في العالم، فمن الناحية العسكرية، هناك باكستان التي تمتلك سلاحا نوويا، وهناك إيران التي أثبتت مؤخرا أنها قادرة على مواجهة الكيان المغتصب بمفردها، وهناك دول أخرى لها قوتها العسكرية  المعتبرة، ومن الناحية الاقتصادية فهناك العديد من الدول العربية والإسلامية التي تمتلك اقتصادا قويا، وموارد مالية هائلة.

نعم لقد بات من الملح جدا التفكير في تأسيس حلف إسلامي قوي تنخرط فيه الدول الإسلامية، ويمكن أن تتشكل نواته الأولى من السعودية وباكستان وإيران وتركيا ومصر، (بالإضافة إلى قطر بعد العدوان الإسرائيلي) لتشمل بعد ذلك بقية الدول الإسلامية، فبحلف كهذا سيكون بإمكاننا أن نحرر فلسطين، وبحلف كهذا سيكون بإمكاننا أن نحل مشاكلنا دون الحاجة للاستجداء بالآخرين، وبحلف كهذا سنحمي قيمنا الإسلامية من علمنة القيم التي يقف خلفها الغرب المسيحي، ولتشكيل نواة هذا الحلف فلا بد للدول المؤسسة لتلك النواة من أن تتخذ بعض الخطوات والإجراءات التمهيدية المطمئنة:

1 ـ أن تعتذر الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن تدخلاتها السابقة في بعض الدول العربية، وأن تلتزم التزاما صريحا وقويا بالتخلي نهائيا عن أي وصاية على الشيعة خارج حدودها، وأن لا تعمل مستقبلا ـ تحت أي ظرف ـ على تحريك الشيعة في بعض البلدان العربية والإسلامية لتحقيق المزيد من المصالح والنفوذ خارج حدودها على حساب دول عربية إسلامية أخرى؛

2 ـ أن تُوقِف المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج منح الأموال الضخمة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فليس من الحكمة وضع كل البيض في سلة واحدة، وخاصة إذا كان صاحب تلك السلة هو الرئيس ترامب المعروف بتقلب مزاجه،  على أن توجه تلك الأموال للتعزيز من مكانة الحلف الإسلامي المنتظر، أو توجه لدعم بعض الدول الإسلامية المحتاجة؛

3 ـ أن تقطع مصر وتركيا (وقطر)ـ وبشكل فوري ـ علاقاتها الدبلوماسية مع العدو الصهيوني، وتفتح مصر حدودها لكسر الحصار.

هذا مجرد مقترح أقدمه للقادة العرب والمسلمين، وأعلم مسبقا أن الغالبية من الشعوب العربية والإسلامية تعتبر كتابة مثل هذا المقترح مجرد تضييع للوقت والجهد فيما لا طائل من ورائه، فهذه الشعوب لم تعد تتوقع من قادتها أي عمل جدي لصالح فلسطين أو لصالح بلاد العرب والمسلمين.

نعم لقد وصل اليأس إلى هذا المستوى بل أكثر، ومع ذلك أرجو أن يجد هذا المقترح آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وعقولا راجحة، تؤمن بضرورة العمل به.

مع كل التقدير والاحترام لكل القادة العرب والمسلمين.

حفظ الله الأمة العربية و الإسلامية...

كتبه محمد الأمين الفاضل (مواطن من موريتانيا)

Elvadel@gmail.com

الاثنين، 8 سبتمبر 2025

تقرير عن حصيلة الأسبوع الأول من سبتمبر


بقلوب يعتصرها الألم، تعلن حملة "معًا للحد من حوادث السير" عن حصيلة الأسبوع الأول من شهر سبتمبر، وهي حصيلة ثقيلة تُعيد التذكير بأن طرقنا ما زالت تحصد أرواح المسافرين يوميًا، وذلك في ظل غياب أي إجراءات جادة للحد من هذا النزيف المتواصل.

ملاحظات أولية:

- هذه الحصيلة تشمل فقط الحوادث التي سُجلت فيها وفيات.

- هناك حوادث سير سُجلت فيها إصابات حرجة، لكننا لا نملك أي معلومات عن مصير أصحابها.

- هناك كذلك حوادث سير مميتة أخرى قد تقع ولا تصلنا أخبارها، فنحن في الحملة نعتمد في جمع المعلومات على وسائل تقليدية نظرًا لغياب أي جهة رسمية تنشر للعموم بيانات دقيقة عن الحوادث.

تفاصيل الحوادث المميتة المسجلة لدى الحملة:

فاتح سبتمبر: ثلاث حوادث مميتة  

• طريق نواذيبو (الكلم 20): 4 وفيات وإصابة واحدة.  

• طريق روصو (الكلم 75): حالة وفاة واحدة.

• وفاة طفل في الغايرة بعد أن دهسته سيارة.

03 سبتمبر: ثلاثة حوادث، بينها حادث مميت على طريق أكجوجت – أطار أودى بحياة 3 أشخاص من أسرة واحدة، مع إصابة شخصين.

04 سبتمبر: حادثان مميتان  

• مدخل مدينة كيفة الغربي: وفاة طفلين على الفور، وإصابة طفل ثالث إصابة حرجة، وإصابة السائق.  

• طريق الأمل (الكلم 38): وفاة شخص واحد.

05 سبتمبر: حادثان مميتان  

• مدخل صنكرافة الشرقي: وفاة شخص واحد وإصابة آخر.  

• قرية بوحديدة – ألاك: عملية دهس أدت إلى وفاة طفل (4 سنوات).

07 سبتمبر: حادث قرب مطار لعيون أدى إلى وفاة شابين وإصابة ثالث.

الحصيلة:  

في أسبوع واحد فقط، فقدت موريتانيا ما لا يقل عن 16 شخصًا بسبب حوادث السير (أكثر من شخصين كل يوم بلغة المتوسطات الإحصائية). وهو عدد قد يكون أقل من العدد الحقيقي لغياب المعلومات عن مصير المصابين، ولعدم اطلاعنا على بعض الحوادث.

ملاحظات مقلقة:  

يُعرف موسم الخريف بارتفاع معدلات الحوادث، وتزامن موسم الخريف هذا العام مع زيادة كبيرة في عدد المهرجانات الثقافية التي نُظمت في مختلف المدن، مما زاد من كثافة حركة السير عبر محاور شبكتنا الطرقية.

رغم هذه الظروف، لم تُسجَّل أي إجراءات وقائية جديدة:  

• وزارة التجهيز والنقل لم تُكثف بهذه المناسبة أنشطتها المحدودة أصلًا في مجال السلامة الطرقية.  

• مؤسسة أشغال صيانة الطرق لم تطلق خطة استثنائية للتعامل مع المقاطع المتهالكة أصلًا، ولا مع  تلك المقاطع التي تضررت حديثًا بسبب الأمطار.  

• نقاط التفتيش الأمنية لم تُعزَّز الرقابة على السرعة المفرطة ولا الحمولة الزائدة وبقية المخالفات.  

• لم تُطلق حملات توعوية واسعة للحد من المخاطر المتزايدة.

نداؤنا:  

إن هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل هي أرواحٌ أُزهقت وأُسرٌ فقدت أعزاءها، ولذا فإننا نطلق نداءً إلى كل الجهات المعنية بضرورة تكاتف الجهود للحد من "حرب الشوارع" المستمرة على مختلف محاور شبكتنا الطرقية.

إننا ندعو تحديدًا إلى:  

1. إطلاق خطة طوارئ في مجال السلامة الطرقية خاصة بموسم الخريف والمهرجانات.  

2. المسارعة في إصلاح المقاطع الطرقية المتضررة، مع الإشادة بما تم ترميمه في السنوات الأخيرة، وخاصة على طريق الأمل، والذي هو الآن في أحسن حالاته منذ عقود.  

3. تعزيز وتفعيل الرقابة الأمنية، وفرض المزيد من الصرامة في تعامل نقاط التفتيش مع سالكي الطرق.  

4. إطلاق حملات توعوية واسعة يُشرك فيها المجتمع المدني ووسائل الإعلام، ويأخذ فيها العلماء والأئمة دورهم المنتظر في إنقاذ الأنفس من مجازر الطرق.

نواكشوط بتاريخ: 07 سبتمبر 2025

حملة "معًا للحد من حوادث السير"

الأحد، 7 سبتمبر 2025

ليت نشطاء الفيسبوك تعلّموا من النمل!


في مملكة النمل، يمكن للإنسان أن يتعلم درسًا بليغا، ربما يكون من أهم الدروس التي يجب عليه أن يتعلمها؛ فالنمل يمتلك قدرة عجيبة ومدهشة في تحديد الجهد المطلوب لكل عمل، فلا يُهدر طاقته في توافه الأمور، ولا يتقاعس أبدا إذا ما واجه عملا عظيما يستحق البذل والتضحية.

يُروى عن أحد دارسي سلوك النمل أنه غطَّى قطعتين من مادتين مختلفتين بالسكر، وكان حجم القطعتين متساويا وشكلهما متطابقا، ولكن وزن إحداهما كان يُضاعف وزن القطعة الثانية ثلاث مرات.  

اكتشفت نملةٌ القطعتين، فعادت إلى مستعمرتها، وجاءت بتسع نملات لحمل القطعة الأخف، وبسبع وعشرين نملة لحمل القطعة الأثقل ثلاث مرات من القطعة الأخف!  

أليست هذه دقة مدهشة في ضبط الجهد اللازم لكل عمل؟ أليس هذا تخطيطا مذهلا في عدم الإسراف في الجهد والطاقة، وكذلك عدم البخل بهما عندما تكون هناك حاجة للإنفاق منهما؟  

إن كل الأعمال والمهام في مملكة النمل تنال ما تستحق من جهد وطاقة، دون أي زيادة أو نقصان، حتى ولو كانت تلك الزيادة أو ذلك النقصان طفيفا جدا.

ليتنا نحن ـ في هذا الفضاء الافتراضي (أما الفضاء الميداني فلا تسأل عنّا فيه) ـ تعلمنا من النمل هذه الدقة المتناهية في بذل الجهد والطاقة؛ فكم من قضايا ثانوية شغلتنا بنقاشات لا بداية لها ولا نهاية، وكم من قضايا مصيرية تُركت على هامش اهتماماتنا، ولم تحظَ حتى بالحد الأدنى من النقاش.  

ولو أردنا أن نعبّر عن ذلك حسابيًا، فسنجد أن 80% من المواضيع التي نناقشها في الفيسبوك لم تكن لتستحق عُشر ما كُتب عنها، وأن 80% من القضايا الأهم التي كان علينا أن نركِّز عليها في نقاشاتنا لا تنال عُشر ما كانت تستحق من اهتمام!

نحن في هذا الفضاء أحوج ما نكون إلى دروس متكررة في ترتيب الأولويات، ودروس أخرى في اختيار التوقيت الأنسب لإثارة النقاش حول بعض القضايا والملفات العالقة.

إن ما دفعني لاستحضار تجربة النمل هذه، هو هذا الجدل الواسع والنقاش المحتدم حول بعض الهويات الضيقة، وقد شغل هذا النقاش نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي عن قضايا وملفات أخرى أكثر أهمية.  

وإن كان لا بد من فتح نقاش عن الهوية في مثل هذا الوقت بالذات، فلنوجّه بوصلة النقاش في اتجاه الهوية الوطنية الجامعة؛ فنحن في هذه البلاد بأمسّ الحاجة لما يجمعنا لا لما يفرّقنا.  

فلنوجّه بوصلة النقاش إلى هوية "الموريتاني" أيًّا كان عرقه، أو شريحته، أو جهته.  

وأنا لن أحدثكم هنا عن هوية الموريتاني من منظوري الخاص، ولن أقدِّم لكم اجتهادات شخصية عن الهوية قد تُخطئ أو تُصيب، وإنما سأحدثكم عنها من خلال ديباجة دستوركم وصريح مواده؛ فالدستور الموريتاني ـ وكما قلتُ في مقال سابق ـ قد حسم هوية الموريتاني، وحدّد لها أربعة مرتكزات أساسية، لا خامس لها:

1. دينه الإسلام: فالموريتاني مسلم، لا يُجيز له الدستور، وقبل ذلك لا يُجيز له الشرع، أن يبتغي دينا غير الإسلام. يقتضي هذا المرتكز الأول للهوية أن يتمسك الموريتاني بالدين الإسلامي، وأن يدافع عن قيم هذا الدين وثوابته؛  

2. عربي إفريقي: فهويّة الموريتاني جينيّا وجغرافيا عربية وإفريقية معا؛  

3. لغته الرسمية العربية: فاللغة العربية هي اللغة الرسمية الوحيدة في موريتانيا، ويفترض هذا المرتكز أن يتعامل الموريتاني مع اللغة العربية على أساس أنها لغته الرسمية، مهما كان انتماؤه العرقي أو الشرائحي؛  

4. لغاته الوطنية: هي البولارية والسنونكية والولفية، وهي تمثِّل ـ حسب ديباجة الدستور ـ إرثا وطنيّا مشتركا لكل الموريتانيين، لا فرق في ذلك بين من كانت هذه لغته الأم ومن لم تكن.

هذه المرتكزات الأربع هي التي تحدد الهوية الوطنية الجامعة للموريتانيين، والتي علينا أن نتفق عليها أولا، وندافع عنها قبل أن نخوض في هويات ضيقة ستزيد من انقسام وتشظِّي المجتمع الموريتاني، الذي يحتاج إلى أشياء أخرى كثيرة أكثر أولوية وإلحاحا من نقاشات قد تزيده تشظّيا وانقساما.

حفظ الله موريتانيا...

الجمعة، 5 سبتمبر 2025

مالي.. أزمة متفاقمة وارتدادات مقلقة


ما يجري في مالي اليوم يتجاوز حدودها ليشكّل أزمة إقليمية ذات تداعيات خطيرة ومباشرة على موريتانيا وبقية جيران مالي. الأزمة معقدة ومركبة، تتداخل فيها الأبعاد السياسية والأمنية والاقتصادية والدينية، مما يجعل التعامل معها تحديًا استثنائيا.

الخيار الصعب: بين خطورة التدخل وضرورته!

من حيث المبدأ، لا يمكن لموريتانيا أن تخاطر بتدخل عسكري مباشر داخل الأراضي المالية، فذلك يتناقض مع مبادئ السيادة، ومخاطره متعددة، ويجب أن يبقى التدخل العسكري خطا أحمر  دائما، وفي كل الظروف، لكن في المقابل، ليس من المقبول أيضا أن تقف الدولة مكتوفة الأيادي أمام تهديد يطال شيخ الطريقة الحموية محمدو ولد الشيخ حماه الله، والتي هي طريقة لها مكانتها الرمزية وأتباعها الكثر في موريتانيا. فالقضية هنا لا تتعلق بتهديد شخص مع أهمية هذا الشخص، وإنما تتعلق بتهديد شيخ طريقة تشكل جزءا من الامتداد الروحي والثقافي والاجتماعي لموريتانيا في فضائها الإقليمي.

خطوة وقائية عاجلة

أول ما يجب التفكير فيه هو إخراج  شيخ الطريقة الحموية مع بعض أتباعه من الأراضي المالية، بشكل مؤقت، حتى تتضح مآلات الوضع، والقرار يجب أن يتخذه الشيخ الذي ما زال يرفض الخروج من مالي حسب ما يتم تداوله إعلاميا.

 خروج الشيخ من مالي يعد خطوة ضرورية لحمايته شخصيا، ولحماية محيطه من أي مواجهات محتملة، كما أنها تمنح وقتا له وللدولة الموريتانية لتقدير الموقف وصياغة سياسة متوازنة. أظن أن قرار الخروج يجب أن يتخذه الشيخ محمدو في أسرع وقت ممكن. 

الخلاف بين المتصوفين والسلفيين وقود إضافي للأزمة

أزمة مدينة انيور الحالية ليست أزمة أمنية فقط مرتبطة بالحركات المسلحة، وإنما هي أيضا أزمة دينية تذكي الصراع والخلاف بين الحركات السلفية والطرق الصوفية، ومما يزيد الأمر تعقيدا هو تزامنها مع ذكرى المولد النبوي الشريف حيث تعتبره االطرق الصوفية عيدا يجب تخليده والاحتفال به، بينما يعتبر بعض السلفيين الاحتفال به بدعة بل وكفر وضلال مبين. 

هذا الخلاف لا يمكن التقليل من شأنه، عند الحديث عما يجري حاليا من حصار لمدينة انيور، خاصة وأن من يحاصر المدينة حاليا كان قد اختطف وقتل شيخا متصوفا في وقت سابق.

بالنسبة لنا في موريتانيا، هناك ثلاثة دروس أساسية ينبغي استخلاصها من المشهد المالي:

1. أولوية الوقاية: منع امتداد الفوضى التي أصبحت على حدودنا من الوصول إلى الأراضي الموريتانية، وذلك عبر تعزيز الرقابة الحدودية وتكثيف التعاون الاستخباراتي.

2. حماية شيخ الطريقة الحموية: فحماية الشيخ محمدو  تدخل في إطار الأمن القومي لموريتانيا، لأن استهدافه يعني استهداف طريقة صوفية لها حضورها وتعتبر جزءا من النسيج الاجتماعي والديني في موريتانيا.

3. توازن العلاقات: الحفاظ على علاقة جيدة مع الحكومة المالية القائمة، مع الانفتاح على الأطراف الفاعلة الأخرى، لضمان لعب دور وساطة محتمل إذا ما نضجت الظروف لذلك.

ففي ضوء المشهد الحالي في مالي وتعقيداته المتشعبة، فربما تكون موريتانيا مدعوة ـ أكثر من غيرها ـ لطرح مبادرة إقليمية لحل الأزمة في مالي.

ختاما: الأزمة المالية ليست أزمة مالي وحدها؛ إنها أزمة جوارنا الإقليمي كله. وموريتانيا، بحكم التاريخ والجغرافيا والروابط الروحية، لا تستطيع أن تنأى بنفسها عنها. الخيار الصائب ليس في التدخل العسكري، ولا في الوقوف موقف المتفرج، وإنما في  الجمع بين الحذر الدبلوماسي، واليقظة الأمنية، وحماية الموريتانيين كل الموريتانيين في مالي وعلى رأسهم الشيخ محمدو، ويستدعي ذلك تشكيل خلية أزمة أو لجنة وزارية ( الدفاع، الداخلية، الخارجية) تتابع ما يجري على الحدود يوميا، وتتخذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب.

---

في ظل هذه التعقيدات البالغة الخطورة على حدودنا الشرقية ما تزال نخب التشظي منشغلة بنقاش لا يفيد حول بعض الهويات الضيقة. 

حفظ الله موريتانيا...

هذه هي هويتي: مقال رأي في مواجهة نخب التشظي!


في خضم الحرب المستمرة التي تخوضها بعض نخب التشظي ضد الدولة الوطنية، وفي ظل محاولات متكررة منها لتقويض ثقافة المواطنة، يعود الجدل العقيم حول الهويات الضيقة ليطفو على السطح من جديد. هذا الجدل، الذي ما كان له أن يُفتح أصلا، لو أن بوصلة النقاش وُجهت نحو القضايا الجوهرية التي تستحق فعلًا نقاشًا جادًا ومعمقًا في هذه المرحلة. ولعل ما يحدث حاليا في مالي، وانعكاساته المتوقعة على موريتانيا، هو إحدى تلك القضايا التي تستحق أن تُفتح حولها نقاشات وطنية مسؤولة.

ولأني لا أرغب في الانجرار إلى هذا الجدل العقيم، فقد ارتأيت أن أتناول سؤال الهوية من زاوية وطنية جامعة، بعيدا عن منطق التشظي والانقسام. فلتتشظَّ نخب التشظي ما شاء لها أن تتشظى، ولكن عليها أن تدرك أن المجتمع الموريتاني سيظل متماسكا، وأن صلات الأخوة والتضامن بين شرائحه وأعراقه ستبقى قوية، عصية على محاولات التشظي والتفكيك.

إن هوية الموريتاني – يا نخب التشظي – لم تعد محل نقاش ولا مجال اجتهاد، أو هكذا يجب أن تكون، بعد أن حددها الدستور، الذي يُفترض فيه أنه الوثيقة القانونية الأسمى التي نحتكم إليها عند أي خلاف. وإذا كانت بعض مواد هذا الدستور لا تروق لكم، فلتسلكوا المسار القانوني لتعديلها، ولتحشدوا ما يكفي من النواب ومن أصوات المواطنين عند الاستفتاء الشعبي. لكن المشكلة أن الشعب الموريتاني المتآخي لن يدعمكم في مسعى التفكيك والتشظي الذي تسعون إليه.

لقد قال الدستور الموريتاني كلمته الفصل في هوية الموريتاني، أيا كان أصله أو نسبه أو عرقه: إنه مسلم، عربي، إفريقي.

هكذا نصّت ديباجة الدستور، وأكدت مادته الخامسة أن الإسلام هو دين الشعب والدولة.

ثم جاءت المادة السادسة لتقرر أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية الوحيدة للجمهورية الإسلامية الموريتانية، وأن البولارية والسوننكية والولفية لغات وطنية، وموروث وطني مشترك لكل الموريتانيين دون استثناء، ويجب على الدولة باسم الجميع حفظه وتطويره.

إنه ترتيب بليغ؛ فحين نحسم دين الشعب ولغته حسما قويا صريحا غير قابل للتأويل، نكون قد حسمنا تقريبا هويته. والشعب الموريتاني هو شعب مسلم، لغته الرسمية هي العربية، وله لغات وطنية يجب أن تُحفظ وتُطوَّر باعتبارها موروثا مشتركًا لكل الموريتانيين.

وإذا أردتم الحديث عن جينات الموريتاني أو انتمائه الجغرافي، في إطار الحديث عن الهوية الوطنية، فستجدون أن الدستور قد حسم ذلك أيضا في ديباجته، معتبرا أن الشعب الموريتاني شعب عربي إفريقي. ولكم أن تضعوا نقطة نهاية هنا، فالانتماء الجيني والجغرافي للشعب الموريتاني قد حسم كذلك دستوريا، ولكم بعد وضع نقطة نهاية أن تنتقلوا إلى الفقرة التالية.


إن هوية الموريتاني قائمة على أربعة مرتكزات أساسية:


1. أنه مسلم، لا يجوز له دستوريا ولا شرعا أن يخرج عن دائرة الإسلام. فإن فعل، فقد خسر الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين؛

2. أنه عربي إفريقي، فهويته تربطه جينيا وجغرافيا بالعرب والأفارقة؛

3. أن لغته الرسمية الوحيدة هي اللغة العربية، والتي يجب أن يتعامل معها كل موريتاني بصفتها لغته الرسمية، بغض النظر عن انتمائه العرقي أو الشرائحي؛

4. أن لغاته الوطنية: البولارية، والسنونكية، والولفية، هي إرث مشترك لكل الموريتانيين، ويجب أن يتساوى في ذلك من كانت هذه اللغات لغته الأم ومن لم تكن لغته الأم.


هذه هي الأركان الأربعة للهوية الموريتانية، ولا خامس لها. هذه هي مرتكزات هويتي الشخصية، وهوية خمسة ملايين موريتاني، قد تزيد أو تنقص وفق الإحصاءات. ومن يزعم غير ذلك، فقد خالف الدستور، وجانب الحقيقة، وضاع في متاهات التشظي والهويات الضيقة.

إن الموريتاني لا يحق له – شرعا – أن يخرج عن دين الإسلام، ولا يجوز له أن يدَّعي لبلده انتماءً خارج الدائرة العربية والفضاء الإفريقي، ولا يُستساغ منه – لغويا – أن يُفضّل أي لغة على لغة بلده الرسمية، والتي هي أيضا لغة دينه، مما يزيد من مقامها ويرفعها مكانا عليّا. ولا يُستساغ منه كذلك أن يتأخر عن أي جهد لحفظ وتطوير لغاته الوطنية، باعتبارها موروثا وطنيا مشتركا لكل الموريتانيين.


وفي إطار النقاش الدائر حاليا، وفي محاولة بائسة من نخب التشظي لإبدال الهوية الوطنية الجامعة بهويات ضيقة فرعية، يجتهد البعض في البحث عن فوارق بين هذه المجموعة من المواطنين أو تلك، خدمة لمسعى التشظي والانقسام المجتمعي.

على هؤلاء أن يعلموا أن الدستور الموريتاني قد اعترف بالتنوع الثقافي، حين جاء في ديباجته:

_"إن الشعب الموريتاني الذي توحده عبر التاريخ قيم أخلاقية وروحية مشتركة وطموح إلى مصير واحد، يعترف ويعلن تنوعه الثقافي الذي هو أساس وحدته الوطنية ولحمته الاجتماعية وما ينجر عنه من حق في الاختلاف. وتشكل اللغة العربية، اللغة الرسمية للبلاد، واللغات الوطنية الأخرى: البولارية والسوننكية والولفية، كلٌّ في حد ذاتها، موروثا وطنيا مشتركا لجميع الموريتانيين، يجب على الدولة باسم الجميع أن تحفظه وتطوره."_

تجتهد بعض نخب التشظي في البحث عن فوارق بين هذه المجموعة وتلك، لإحداث شرخ بينها، ولادّعاء أن لكل واحدة من المجموعتين هوية خاصة بها. ومع أنني أكدت سابقا وجود هوية وطنية جامعة، إلا أنه لا يفوتني قبل أن أختم هذا المقال أن أشير إلى أن من يبحث عن فوارق بين أشقائه الذين ينحدرون معه من نفس الأب والأم، سيجد حتما فوارق كثيرة. ويبقى السؤال: هل وجود تلك الفوارق يكفي لإخراج بعض أبناء الأسرة الواحدة من الانتماء لتلك الأسرة؟

خلاصة القول: إن هذه المرتكزات الأربع التي تضمنها المقال هي مرتكزات هويتي، وهوية كل موريتاني، شاء ذلك أم أبى.

والسلام على من لا يتعصب لزيف الأهواء، ولا يجادل في الحق حين يأتيه ساطعا، مكتوبا بمداد ديباجة دستوره، ونصوص مواده الصريحة.

حفظ الله موريتانيا...


الخميس، 4 سبتمبر 2025

ميثاق المواطنة والوحدة الوطنية في موريتانيا


إيمانًا منا بأن مستقبل موريتانيا لن يكون آمنا ومزدهرا دون ترسيخ قيم المواطنة وتعزيز الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي؛

وسعيًا منا لأن يكون التنوع العرقي والثقافي والاجتماعي في بلادنا، والذي نعترف به، مصدرَ ثراءٍ وقوة، لا عاملَ تفرقةٍ أو تمييز؛

واستشعارًا منا لخطورة الخطابات الضيقة التي تستند إلى الانتماءات العرقية أو الشرائحية أو القبلية، وما تخلّفه من آثارٍ سلبية على النسيج الوطني؛

وتأكيدًا منا على أن المواطنة هي الرابط الأسمى الذي يجمعنا، وأن جميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات؛

وقناعةً منا بكل ذلك، فإننا نحن الموقعين أدناه، نعلن التزامنا بهذا الميثاق وببنوده الاثني عشر، ونعاهد أنفسنا ومجتمعنا على العمل بمقتضاها، سعيًا لترسيخ قيم المواطنة الجامعة، وتعزيز اللحمة الوطنية.

بنود الميثاق

1. الاعتراف بالتنوع العرقي والثقافي

نقرُّ بأن موريتانيا بلدٌ متعدد الأعراق والثقافات، ونعتبر هذا التنوع مصدرًا للثراء والقوة، وسنعمل من أجل أن يكون عاملَ وحدةٍ وتكامل، لا عاملَ تفرقةٍ وانقسام.

2. استخدام المصطلحات الجامعة

نلتزم باستخدام كلمة "موريتاني" أو "مواطن" في الفضاءات العامة عند الحديث عن أي فرد أو جماعة تنتمي لهذا البلد، ونرفض بشكلٍ حازمٍ أي تصنيفات أو مسمّيات عرقية أو شرائحية أو قبلية في الخطاب العام، خاصة في الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.

3. المساواة أمام القانون

نؤمن بأن جميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، ويجب أن تُكفل لهم فرصٌ متكافئة في التعليم، والصحة، والعمل، والتمثيل السياسي، دون أي تمييز.

4. محاربة التهميش والغبن الاجتماعي

نلتزم بالتصدي لكل مظاهر الغبن أو الإقصاء أو التهميش، وندعو إلى معالجة الفوارق الاجتماعية والاقتصادية من خلال سياساتٍ عادلةٍ وشاملة.

وعند تناول قضايا الغبن أو التهميش أو الظلم أو الفساد، وهي قضايا موجودة بالفعل، وقد تضرر منها المجتمع بكامله، حتى وإن كانت مستويات التضرر متفاوتة بين مكوناته؛ فإن انتقاد ذلك التضرر القائم يجب أن يُوجَّه حصرًا إلى الحكومات أو إلى الأنظمة المتعاقبة على الحكم، لا إلى بعض المكونات العرقية أو الشرائحية أو القبلية في الوطن.

5. تعزيز الخطاب الوطني الجامع

نعمل على إنتاج وتسويق خطابٍ إعلامي وتربوي يعزز الانتماء الوطني، ويُعلي من قيم التضامن والتعايش المشترك بين مكونات المجتمع، ويقف بشكلٍ حازمٍ ضد أي خطابٍ استعلائي أو هوياتي ضيق من شأنه أن يُذكي النعرات القبلية، أو يُغذي الصراعات الشرائحية، أو يُعمّق الانقسامات العرقية بين مكونات المجتمع.

6. رفض استغلال الانتماءات الضيقة في الصراعات السياسية

نرفض توظيف الانتماءات والهويات الضيقة في الحملات الانتخابية أو الصراعات السياسية، وندعو إلى التنافس على أساس البرامج والرؤى الإصلاحية.

7. الالتزام بمبدأ المحاسبة الفردية

نؤمن بأن الأفراد يُحاسبون أو يُكافؤون على أفعالهم وإنجازاتهم، لا على انتماءاتهم الضيقة؛ فالفساد والظلم لا نسب لهما، والعدالة والمساواة والاستفادة من ثروات البلد يجب أن تشمل الجميع، دون أن يُحرَم منها أي مواطن مهما كانت انتماءاته العرقية أو الشرائحية أو القبلية.

8. تشجيع المشاركة المدنية

نحث المواطنين على الانخراط في الحياة العامة، والمساهمة في بناء الدولة، من خلال منظمات المجتمع المدني، والنقابات المهنية، والتشكيلات السياسية، بدلًا من الانخراط في مبادرات قبلية أو شرائحية أو عرقية.

9. إحياء الرموز الوطنية المشتركة

نؤكد على ضرورة التمسك بقيم الإسلام، واحترام المقدسات الإسلامية، والرموز الوطنية: العلم، والنشيد، والتاريخ المشترك، وذلك باعتبارها عناصر توحّد ولا تفرّق.

10. تعزيز قيم المواطنة في المدارس

ندعو إلى إدماج قيم المواطنة، والتسامح، واحترام الآخر، في المناهج التعليمية، وخاصة في المرحلة الابتدائية.

11. المساءلة والشفافية

نطالب بمحاسبة كل من يروّج للخطابات العنصرية، أو يساهم في تغذية الانقسامات، وندعو إلى تطبيق القانون بشكل صارم على الجميع دون استثناء.

12. نشر الميثاق وتوسيع أثره

نلتزم بالعمل على نشر قيم المواطنة الجامعة في محيطنا الاجتماعي وفي كل مساحات تحركنا، من خلال بنود هذا الميثاق، وحث الآخرين على تبني بنوده والعمل بمقتضاها.

ختامًا

إن الموقعين طوعًا واختيارًا على هذا الميثاق، يلتزمون بنشره والعمل بمقتضاه، ويعتبرونه عهدًا أخلاقيًا ووطنيًا لا رجعة فيه، من أجل موريتانيا موحدة، عادلة، وآمنة.

والله ولي التوفيق.

نواكشوط: 11 ربيع الأول 1447 الموافق 04 سبتمبر 2025.

الموقعون:

الأربعاء، 3 سبتمبر 2025

مسودة نداء إلى عقلاء الأغلبية والمعارضة (دعوة للنقاش )


في وقتٍ يغيب فيه الخطاب الوطني الجامع، وتتصاعد فيه خطابات التفرقة والتشظي العرقي والشرائحي والقبلي، وتتراجع فيه أصوات العقل والحكمة، يكون صمت العقلاء واستمرارهم في التفرج على هذه المخاطر دون فعلٍ إيجابي خطيئة لا تُغتفر.

إن العاقل الذي يصمت في مثل هذه الأوقات يُعدّ شريكًا ومتواطئًا في هدم النسيج الاجتماعي، ومساهمًا فيما يحدث من انقسام وتشظٍّ بين مكونات المجتمع.

لقد انشغل بعض رموز الأغلبية بإطلاق المبادرات القبلية وإقحام القبيلة في المجال السياسي، وذلك رغم التعميم الواضح الذي أصدره معالي وزير الداخلية واللامركزية يوم الاثنين الموافق 24 يناير 2020، والذي طلب فيه من الولاة عدم الترخيص لأي نشاط قبلي على أراضي الجمهورية الإسلامية الموريتانية، ومع ذلك فقد أقحم العديد من داعمي النظام القبيلة في المجال العام، وخصوصًا السياسي، وذلك بسبب غياب أي رصيد سياسي حقيقي لديهم يمكّنهم من الحشد الجماهيري دون اللجوء إلى الخطاب القبلي.

وفي المقابل، وهنا قد يكون الأمر أكثر خطورة، لجأ بعض رموز المعارضة إلى تأجيج الخطاب العرقي والشرائحي تعويضًا عن الفشل في بلورة برامج ومشاريع سياسية قادرة على استقطاب الجماهير.

وفي ظل لجوء بعض الأطراف في الأغلبية إلى القبيلة، ولجوء بعض الأطراف في المعارضة إلى الشحن العرقي والشرائحي، يصبح النسيج الاجتماعي مهددًا، واستقرار البلد في خطر، خاصة وأنه يقع بحكم الجغرافيا في منطقة غير مستقرة، ويزيد من تعقيد الأمور أنه ينعم بخيرات كثيرة يسيل لها لعاب القوى العظمى المتنافسة على خيرات المنطقة.

المقلق في الأمر أن كل العوامل المؤثرة حاليًا تساهم في خلق بيئة جاذبة لعدم الاستقرار، فالعقلاء في طرفي المعادلة السياسية (الأغلبية والمعارضة) مستمرون في تفرجهم وصمتهم، ويزداد ضعفهم وقلة حيلتهم يومًا بعد يوم، وفي المقابل، فإن أصحاب الخطاب القبلي في الأغلبية يزداد حضورهم، ودعاة التفرقة الشرائحية والعرقية في المعارضة يزداد نفوذهم، وهذا يعني أن الخطر بات يقترب بخطوات أسرع.

ومما يؤسف له كثيرا، أن المعارض صاحب المشروع الوطني، لا يمتلك الجرأة لانتقاد المعارض صاحب الخطاب الشرائحي والعنصري، مع أن هذا الأخير ينمو ويكبر على حساب الأول، ونفس الشيء يحدث في الفسطاط الثاني، فالموالي الوطني الذي يوالي لمصلحة وطنية لا يمتلك هو أيضا الجرأة لانتقاد أولئك الموالين الذين يختصرون الموالاة في مصالح ضيقة، ويذكون النعرات القبلية لتحقيق تلك المصالح، ومن المعلوم بداهة أن صمت الموالين الوطنيين سيؤدي إلى المزيد من نفوذ وتحكم الموالين من أصحاب المصالح الضيقة.    

إننا نعتقد أن واجب العقلاء الوطنيين في طرفي المعادلة السياسية (الأغلبية والمعارضة) يفرض عليهم التحرك العاجل والفوري لحماية البلد من كل هذه المخاطر المحدقة به، ولذا فإن هذا النداء يدعو إلى تشكيل "حلف عقلاء" يضع انسجام مكونات المجتمع ووحدة البلد فوق كل اعتبار، ويقطع - بالتالي - الطريق أمام كل من يذكي النعرات القبلية أو يستغل المظالم الشرائحية لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة وآنية.

إن هذا النداء يدعوكم إلى التصدي لخطاب التشظي والكراهية، والعمل على إبعاد القبيلة عن السياسة، ولن يتحقق ذلك إلا بتعزيز الخطاب الوطني الجامع، ودعم الأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية الجادة، حتى تكون قادرة على أن تحقق لمنتسبيها ما يسعون لتحقيقه من خلال العودة إلى الهويات الضيقة كالقبيلة أو الشريحة.

نحن اليوم بحاجة ماسة إلى:

1 - إطلاق نقاش وحوار جدي بين عقلاء هذا البلد يعترف - بشجاعة - بحجم المخاطر والتحديات القائمة، ويعمل على بناء الثقة وترسيخ اللحمة بين مكونات المجتمع.

2 - صياغة ميثاق شرف يُلزم الجميع بالابتعاد عن الخطاب القبلي والشرائحي والعرقي، والعمل معًا من أجل أن يكون الخطاب الوطني الجامع هو السائد بين السياسيين، سواء كانوا في المعارضة أو الموالاة أو أصحاب مواقف سياسية مستقلة.

3 - بناء جبهة واسعة من المثقفين والساسة والفاعلين الجمعويين، تتصدى لكل الخطابات الشرائحية والعرقية والقبلية، وتقف ضد كل أشكال العنصرية والكراهية ومحاولات التفرقة بين مكونات المجتمع.

إننا لا نحتاج اليوم إلى شعارات ومبادرات جديدة، بقدر ما نحتاج إلى شجاعة في الموقف، وجرأة في المبادرة، واستعداد للعمل الواعي والهادف حمايةً لبلدنا ومجتمعنا. فالوقت بدأ ينفد بالفعل، فلا تتأخروا - يا عقلاء البلد - في التصدي لكل ما يهدد وحدة واستقرار بلدكم.

خارطة طريق أولية

1 - تشكيل نواة صلبة من 10 إلى 15 شخصية مستقلة ومعروفة بالوطنية والحكمة، تتولى إطلاق النداء رسميًا.

2 - تنظيم لقاء تشاوري يجمع ممثلين عن مختلف الأطياف السياسية والمدنية لمناقشة آليات عمل الحلف.

3 - إطلاق حملة إعلامية واسعة لنشر النداء بشكل مكثف عبر كل وسائل الإعلام المتاحة، مع التعريف بالحلف، والعمل على استقطاب المزيد من الداعمين له.

في انتظار آرائكم وملاحظاتكم ومقترحاتكم لتطوير هذه المسودة وصياغتها بشكل نهائي.

حفظ الله موريتانيا..


الثلاثاء، 2 سبتمبر 2025

خطرٌ قائمٌ منذ أكثر من سنتين!


عند هذه الصالة أو شبه الصالة التي ترونها في الصورة وقع حادث سير يوم أمس وأدى إلى إصابة شاب وهو الآن الإنعاش، نسأل الله تعالى أن يمن عليه بالشفاء العاجل.

وعندها أيضا وقع حادث سير آخر قبل يوم أمس، والحمد لله لا خسائر بشرية، فالسائق كان يقود بسرعة آمنة، ولكن السيارة تضررت كثيرا من الحادث.

وقبل ذلك كانت هناك حوادث سير عديدة أخرى عند هذه الصالة،  والتي كثيرا ما  تفاجئ السائقين دون أن يشعروا بها، فلا لا فتات إرشادية، ولا شواخص تحذيرية عندها، وهي لم تصبغ بشكل مختلف عن المقطع الذي توجد فيها حتى يلفت ذلك انتباه السائقين.

قبل عامين من الآن، وتحديدا في يوم 22 مايو 2023، وفي طريق عودتنا من فاجعة الكلم 143 والتي أدت إلى وفاة 4 أشخاص، واشتعال شاحنة صهريج وشاحنة أخرى محملة بالبضائع، في طريق عودتنا من مكان تلك الفاجعة سجلنا مقطعا تحذيريا للتنبيه على خطورة هذه الصالة، والتقطنا هذه الصورة،  ولو أن الجهات المعنية أخذت بذلك التنبيه لتجنبنا بقدرة الله تعالى العديد من حوادث السير التي سجلت عند هذه الصالة خلال السنتين الأخيرتين. 

تصوروا أن مجرد لافتات إرشادية أو شواخص تحذيرية يُبخل بها  لحماية الأنفس والممتلكات من مخاطر هذه الصالة.

للاستماع إلى المقطع التحذيري (أطلقناه قبل سنتين).



الاثنين، 1 سبتمبر 2025

صالون المدونين يختتم موسمه الأول بندوة حول الحوار الوطني


اختتم "صالون المدونين" مساء السبت 30 أغسطس 2025 موسمه الأول للعام 2025 بتنظيم الحلقة السابعة والعشرين حول ملف الحوار الوطني، متسائلًا عن أسباب تعثره، رغم التهدئة السياسية وتعدد المبادرات الداعية إليه وتنوع رعاتها، لا سيما خلال السنوات الخمس الأخيرة، التي شهدت عدة مبادرات بدأت بمبادرة الأحزاب الممثلة في البرلمان خلال فترة تنسيقها للتصدي لجائحة كورونا، ثم المبادرة التي أشرف عليها الوزير الأمين العام السابق لرئاسة الجمهورية يحيى ولد الوقف، تلتها مبادرة التكتل واتحاد قوى التقدم (الميثاق الجمهوري)، وأخيرًا المبادرة الحالية التي يتولى تنسيقها السياسي المعروف موسى فال.

شارك في النقاش نخبة من الشخصيات الوطنية، من بينهم الرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان الأستاذ أحمد سالم بوحبيني، والنقابي الساموري ولد بي، والأستاذان الجامعيان ديدي ولد السالك ومصطفى علال، والناشط السياسي مصطفى نزيه بلال، والأستاذ محمد الأمين الداه، والكاتب الصحفي البشير عبد الرزاق.

هذا فضلا عن شخصيات أخرى شاركت في هذا النقاش.  

وفي كلمته الافتتاحية، أكد المشرف على الصالون الكاتب محمد الأمين الفاظل أن هذه الحلقة الختامية تأتي بعد سبعة أشهر من النقاشات الأسبوعية المنتظمة، التي انطلقت في فبراير بندوة عن محاربة الفساد، وتُختتم اليوم بندوة عن الحوار الوطني، في تقاطع رمزي بين ملفين يُعدّان من أعقد تحديات البلاد.

وأشار إلى أن الصالون نجح في ترسيخ منبر للحوار المسؤول، حيث ناقش قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، واستقطب شخصيات من مختلف المشارب الفكرية، كما حقق تفاعلًا واسعًا على المنصات الرقمية، تجاوز في بعض الحلقات مئات الآلاف من المشاهدات، وبلغ في إحدى المناسبات 2.4 مليون مشاهدة لإعلان حلقة حول السلامة الطرقية.

ورغم هذا النجاح، أقر المشرف على الصالون بعدم تمكن الصالون من إطلاق برنامجه الخاص بالتكوين والتدريب لصالح المدونين، وكذلك البرنامج المتعلق باستضافة الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة، وطرح مشاكل المواطن عليهم والاستماع إلى ردودهم، مؤكدًا أن هذين البرنامجين سيظلان في صدارة أولويات الصالون خلال موسم المقبل.

واختتم الصالون موسمه برسالة شكر لجميع الضيوف والمتابعين، مؤكدًا أن موريتانيا قادرة على تنظيم منابر حوار راقٍ، تتسم بالاختلاف المسؤول، والابتعاد عن الإساءة والتخوين.