لا أفكر حاليا في العمل السياسي، ولا في الانتساب إلى حزب سياسي، وإن فكرتُ في الانتساب لحزب سياسي في هذه الفترة بالذات فلن يكون التفكير في حزب معارض.
أنا منشغل حاليا بالعمل الجمعوي ولدي ملفات شائكة أشتغل عليها، وعلى قناعة تامة بأن الانتساب لحزب سياسي لن يخدم تلك الملفات، فتحقيق إنجاز على مستوى تلك الملفات سيكون أسهل من بوابة العمل الجمعوي، ولذا فأنا باق في العمل الجمعوي.
تلكم مقدمة كان لابد من قولها قبل أن أدخل في صلب موضوع هذا المنشور ..
حسنا، كفى مقدمات ..لندخل في صلب الموضوع مباشرة.
حزب تواصل حزبٌ يعجبني كثيرا..
نعم حزب تواصل حزبٌ يعجبني كثيرا، ولم أكن آخذ عليه في الماضي على مستوى القضايا والملفات الكبرى إلا مأخذا واحدا، وهو عدم تحمس قادته للدفاع عن اللغة العربية، اللغة الرسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية.
ما يمكنني أن أجزم به الآن، هو أن القيادة الحالية للحزب لا يمكن لأي كان أن يزايد عليها في الدفاع عن اللغة العربية، وهذه هي أول مرة تكون فيها قيادة أكبر حزب معارض تدافع علنا عن اللغة العربية، فمن المعروف أن المعارضة الحزبية منذ تأسست في نسختها الحالية في العام 1991 لم تتخذ - حسب علمي- موقفا علنيا داعما للغة العربية.
يوجد حاليا ثلاثة أحزاب في المعارضة يمكن التعويل عليهم في هذا الملف: تواصل - الصواب - التحالف الشعبي التقدمي، والذي لا أعرف تموقعه السياسي حاليا.
يتعرض حزب تواصل لحملة من طرف بعض المعارضين قبل الموالين، وربما يكون موقف قيادته الحالية من اللغة العربية من بين أسباب تلك الهجمة.
لا أدري لماذا يتم التهجم دائما على حزب تواصل، وذلك مع العلم أنه هو الحزب الوحيد في موريتانيا الذي يمكن القول بأنه حزب مؤسسات، فهو يمارس - في حالة نادرة من نوعها في موريتانيا- العمل الديمقراطي داخل هيئاته، وذلك من قبل أن يطالب بممارسته في أجهزة الدولة، ولذا فقد تبدلت رئاسته لأكثر من مرة، وتغيرت واجهته القيادية، فذهبت رموز وجاءت أخرى، وبقي الحزب قائما ثابتا يحصد في كل انتخابات نتائج مشرفة، ويثبت في كل انتخابات أنه الحزب المعارض الأكثر شعبية، والأجدر بتمثيل المعارضة في الهيئات التي تمثل فيها، كزعامة المعارضة.
طبعا، حال الأحزاب المعارضة الأخرى، أنتم أدرى به، وواقعها اليوم يثير الشفقة أكثر من أي شيء آخر.
بالعودة إلى اللغة العربية فقد كان موقف ممثل الحزب في اللجنة المعنية بتعديل النظام الداخلي للجمعية النائب إسلكو ولد أبهاه موقفا مشرفا، وكان ذلك متوقعا.
وحتى لا أظلم أحدا في هذه الجزئية، فلا بد أن أذكر بأني تلقيت اتصالا من رئيس حزب الإنصاف قبل تشكيل اللجنة (في يوم 24 نوفمبر 2024) أكد لي فيه أن نواب حزب الإنصاف لن يقبلوا بأي حال من الأحوال تعديل المادة 61 من النظام الداخلي للجمعية الوطنية، وهو الشيء الذي أكده لي قبل ذلك رئيس البرلمان الموريتاني السيد محمد مكت.
هناك رغبة حقيقية لدى أغلبية النواب ولدى الكثير من الأحزاب السياسية في أن يكون البرلمان الموريتاني مثل غيره من البرلمانات في العالم لا يمكن أن يتحدث النائب داخله أو الوزير إلا باللغة الرسمية أو بإحدى اللغات الوطنية الأخرى.
صحيح أن النظام الداخلي للجمعية الوطنية لم يجرم الحديث باللغات الأجنبية داخل البرلمان الموريتاني كما هو سائد في أغلب البرلمانات في العالم، ولكنه على الأقل رفض توفير الترجمة الفورية من وإلى اللغات الأجنبية(اللغة الفرنسية)، وذلك هو أضعف الإيمان.
للأسف هناك برلمانيون لا يقبلون حتى بأضعف الإيمان في احترام المادة السادسة من الدستور الموريتاني. أما أقوى الإيمان فلا يتوقع منهم أصلا.
أه نسيتُ: هناك من ينتقد ممثل تواصل في اللجنة، وذلك لأنه لم يشرع للنواب السب والشتم والكلام البذيء داخل الجمعية الوطنية.
السب والشتم والكلام البذيء والساقط ليس حرية تعبير، وقد سمعنا منه ما يكفي وزيادة فيما مضى من الإنابة الحالية، ولم نعد بحاجة إلى المزيد منه.
الصورة على هامش تسليم عريضة الثامن والعشرين من نوفمبر للسيادة اللغوية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق