الثلاثاء، 2 سبتمبر 2025

خطرٌ قائمٌ منذ أكثر من سنتين!


عند هذه الصالة أو شبه الصالة التي ترونها في الصورة وقع حادث سير يوم أمس وأدى إلى إصابة شاب وهو الآن الإنعاش، نسأل الله تعالى أن يمن عليه بالشفاء العاجل.

وعندها أيضا وقع حادث سير آخر قبل يوم أمس، والحمد لله لا خسائر بشرية، فالسائق كان يقود بسرعة آمنة، ولكن السيارة تضررت كثيرا من الحادث.

وقبل ذلك كانت هناك حوادث سير عديدة أخرى عند هذه الصالة،  والتي كثيرا ما  تفاجئ السائقين دون أن يشعروا بها، فلا لا فتات إرشادية، ولا شواخص تحذيرية عندها، وهي لم تصبغ بشكل مختلف عن المقطع الذي توجد فيها حتى يلفت ذلك انتباه السائقين.

قبل عامين من الآن، وتحديدا في يوم 22 مايو 2023، وفي طريق عودتنا من فاجعة الكلم 143 والتي أدت إلى وفاة 4 أشخاص، واشتعال شاحنة صهريج وشاحنة أخرى محملة بالبضائع، في طريق عودتنا من مكان تلك الفاجعة سجلنا مقطعا تحذيريا للتنبيه على خطورة هذه الصالة، والتقطنا هذه الصورة،  ولو أن الجهات المعنية أخذت بذلك التنبيه لتجنبنا بقدرة الله تعالى العديد من حوادث السير التي سجلت عند هذه الصالة خلال السنتين الأخيرتين. 

تصوروا أن مجرد لافتات إرشادية أو شواخص تحذيرية يُبخل بها  لحماية الأنفس والممتلكات من مخاطر هذه الصالة.

للاستماع إلى المقطع التحذيري (أطلقناه قبل سنتين).



الاثنين، 1 سبتمبر 2025

صالون المدونين يختتم موسمه الأول بندوة حول الحوار الوطني


اختتم "صالون المدونين" مساء السبت 30 أغسطس 2025 موسمه الأول للعام 2025 بتنظيم الحلقة السابعة والعشرين حول ملف الحوار الوطني، متسائلًا عن أسباب تعثره، رغم التهدئة السياسية وتعدد المبادرات الداعية إليه وتنوع رعاتها، لا سيما خلال السنوات الخمس الأخيرة، التي شهدت عدة مبادرات بدأت بمبادرة الأحزاب الممثلة في البرلمان خلال فترة تنسيقها للتصدي لجائحة كورونا، ثم المبادرة التي أشرف عليها الوزير الأمين العام السابق لرئاسة الجمهورية يحيى ولد الوقف، تلتها مبادرة التكتل واتحاد قوى التقدم (الميثاق الجمهوري)، وأخيرًا المبادرة الحالية التي يتولى تنسيقها السياسي المعروف موسى فال.

شارك في النقاش نخبة من الشخصيات الوطنية، من بينهم الرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان الأستاذ أحمد سالم بوحبيني، والنقابي الساموري ولد بي، والأستاذان الجامعيان ديدي ولد السالك ومصطفى علال، والناشط السياسي مصطفى نزيه بلال، والأستاذ محمد الأمين الداه، والكاتب الصحفي البشير عبد الرزاق.

هذا فضلا عن شخصيات أخرى شاركت في هذا النقاش.  

وفي كلمته الافتتاحية، أكد المشرف على الصالون الكاتب محمد الأمين الفاظل أن هذه الحلقة الختامية تأتي بعد سبعة أشهر من النقاشات الأسبوعية المنتظمة، التي انطلقت في فبراير بندوة عن محاربة الفساد، وتُختتم اليوم بندوة عن الحوار الوطني، في تقاطع رمزي بين ملفين يُعدّان من أعقد تحديات البلاد.

وأشار إلى أن الصالون نجح في ترسيخ منبر للحوار المسؤول، حيث ناقش قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، واستقطب شخصيات من مختلف المشارب الفكرية، كما حقق تفاعلًا واسعًا على المنصات الرقمية، تجاوز في بعض الحلقات مئات الآلاف من المشاهدات، وبلغ في إحدى المناسبات 2.4 مليون مشاهدة لإعلان حلقة حول السلامة الطرقية.

ورغم هذا النجاح، أقر المشرف على الصالون بعدم تمكن الصالون من إطلاق برنامجه الخاص بالتكوين والتدريب لصالح المدونين، وكذلك البرنامج المتعلق باستضافة الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة، وطرح مشاكل المواطن عليهم والاستماع إلى ردودهم، مؤكدًا أن هذين البرنامجين سيظلان في صدارة أولويات الصالون خلال موسم المقبل.

واختتم الصالون موسمه برسالة شكر لجميع الضيوف والمتابعين، مؤكدًا أن موريتانيا قادرة على تنظيم منابر حوار راقٍ، تتسم بالاختلاف المسؤول، والابتعاد عن الإساءة والتخوين.

الأحد، 31 أغسطس 2025

بيان إيرا وتقرير هيومن رايتس ووتش... هل من خيط ناظم؟


تعيش موريتانيا، ورغم كل ما يُقال، حالة فريدة من الاستقرار السياسي والأمني، في منطقة شهدت خلال السنوات الأخيرة موجة من الانقلابات العسكرية، والصراعات العرقية، وتمدد الجماعات المسلحة. ولأن الاستقرار هو أغلى ما نملك في هذه البلاد، بل ربما يكون هو كل ما نملك، فإن من حقنا أن نشعر بقلق عميق إزاء تزامن بعض البيانات والتقارير والتصريحات في الأيام الأخيرة، والتي حاولت أن تسوّق مغالطة في منتهى الخطورة مفادها أن موريتانيا بلد عنصري يعذّب ويقتل السود، سواء كانوا من المواطنين أو الأجانب.

هذا التزامن يفرض علينا طرح سؤال مشروع: هل هناك شرٌّ يُراد بهذه البلاد؟ وهل من خيط ناظم بين بيان حركة "إيرا"، وتقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش"، وتصريحات النائب بيرام الداه أعبيد المتداولة اليوم، والتي يبدو أنه أدلى بها من دولة أوروبية؟

 بيان إيرا: أول محاولة من نوعها لتقسيم السكان

في يوم الخميس 21 أغسطس 2025، أصدرت حركة "إيرا" بيانًا يُعد سابقة في الخطاب السياسي، حاولت فيه تقسيم المواطنين الموريتانيين إلى "سكان أصليين" و"سكان غير أصليين".

البيان روّج لخطاب يستدعي مفردات الإقصاء والتمييز العرقي، محمِّلًا القانون الجديد لترخيص الأحزاب ما لا يحتمل، معتبرا أنه جاء فقط لمنع ترخيص الأحزاب التي تمثل "السكان الأصليين السود".

وقد ورد في البيان المذكور: "وها قد أصبح الدليل على الفصل العنصري واضحًا أمام الرأي العام بشكل لا لبس فيه. إن تسييج التعددية الحزبية يهدف إلى إقصاء ممثلي السكان الأصليين من التنافس، أي إقصاء السود الموريتانيين الجنوب صحراويين الذين يمثلون، في الآن نفسه، أرضية خصبة للممانعة، وأكبر ضحايا الإفلات من العقوبة، وأكبر المعاقل البنيوية للبؤس."

تقرير هيومن رايتس ووتش: اتهامات في توقيت غير بريء

بعد ستة أيام فقط، وتحديدًا في يوم الأربعاء 27 أغسطس، نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرًا من 142 صفحة، تحدّث عن "انتهاكات جسيمة" بحق المهاجرين من غرب ووسط أفريقيا بين عامي 2020 وأوائل 2025.

التقرير لم يكتفِ بالإشارة إلى ممارسات فردية أو حوادث معزولة، بل صاغ رواية كاملة عن التعذيب، والاغتصاب، والعنف الجنسي، والابتزاز، والطرد التعسفي، وسوء المعاملة العنصرية، مما يوحي بأن الصورة المقصودة ليست توصيفًا حقوقيًا، بل بناء اتهامي شامل يراد منه تلطيخ سمعة البلد في محيطه الإقليمي والدولي.

اللافت أن التقرير يعزف على نفس الوتر: العرقية، والعنصرية ضد السود، فالضحايا فيه هم أيضًا سود من غرب إفريقيا ووسطها.

 تصريحات بيرام: القتل بسبب اللون والسكن

في آخر مقطع متداول لرئيس حركة "إيرا"، يبدو أنه مسجّل في دولة أوروبية، ادّعى بيرام أن "لحراطين" و"الفلان" يُقتلون في موريتانيا فقط لأنهم ينتمون لهذه المكونات، ولأنهم يسكنون في أحياء معينة مثل السبخة والرياض.

إنه استمرار لنفس الخطاب الذي يسعى أصحابه في الداخل والخارج إلى تصوير موريتانيا على أنها بلد عنصري يعذّب ويقتل السود، سواء كانوا مواطنين أو مهاجرين.

 تزامن مريب... وسؤال مشروع

إن تزامن هذه الثلاثية القائمة على الكذب والتلفيق: بيان إيرا، وتقرير هيومن رايتس ووتش، وتصريحات بيرام الأخيرة، يشرّع لنا أن نطرح السؤال بجدية: هل من خيط ناظم يربط بين هذه الأكاذيب والتلفيقات ( البيان والتقرير والمقطع الصوتي)؟

حفظ الله موريتانيا...

الجمعة، 29 أغسطس 2025

بيان صحفي


حرصًا من حملة "معًا للحد من حوادث السير" على أن تكون مبادراتها التوعوية ذات بُعد إنساني ورمزي عميق، تُعلن الحملة للرأي العام الوطني أنها قررت تأجيل تدشين أول مجسم توعوي للسلامة الطرقية في موريتانيا عن الموعد الذي حُدِّد له سلفًا، وذلك ليتزامن تدشينه مع اليوم العالمي لتذكّر ضحايا حوادث السير، الذي يُخلَّد في ثالث يوم أحد من شهر نوفمبر من كل عام، وسيصادف هذا العام 16 نوفمبر 2025.

وستُخلّد الحملة هذا اليوم بعدة أنشطة نوعية ومؤثرة، من أبرزها استئناف برنامجها التأبيني والتوعوي، الذي يهدف إلى تذكّر الضحايا، وترسيخ ثقافة السلامة الطرقية، وتعزيز الوعي الجماعي بخطورة حوادث السير وسبل الوقاية منها.

وتتوجه الحملة بجزيل الشكر والتقدير إلى "تطبيق السداد"، شريكها الاستراتيجي في تشييد أول نصب توعوي من نوعه في بلادنا، مؤكدة بهذه المناسبة أن الشراكات الوطنية الواعية بين القطاع الخاص والمجتمع المدني هي السبيل الأمثل لإنجاح الجهود الجماعية للحد من نزيف الطرق.

وفي إطار خطتها المستقبلية، تُعلن الحملة عن التحضير لإطلاق قافلة وطنية توعوية حول السلامة الطرقية، ستجوب –بإذن الله– جميع ولايات الوطن خلال موسم الخريف هذا، وذلك سعيًا منها للوصول إلى أكبر عدد من المستهدفين، ونشر ثقافة الالتزام بقوانين السير في صفوفهم، وتقديم إرشادات عملية قد تُسهم في الحد من حوادث السير.

وتدعو الحملة المؤسسات الوطنية والجهات الفاعلة والشركاء المحتملين إلى المساهمة في رعاية هذه القافلة ودعمها، لما لها من أثر مباشر في حماية الأرواح وإنقاذ الأنفس من خلال تعزيز ثقافة السلامة المرورية بين سالكي الطرق.

إن حملة "معًا للحد من حوادث السير" تؤكد التزامها الثابت بمواصلة العمل الميداني والإعلامي للحد من مجازر الطرق، التي لم تسلم منها –بشكل أو بآخر– أي أسرة موريتانية، وتدعو الجميع –مؤسسات وأفرادًا– إلى الوقوف صفًا واحدًا من أجل الحد من نزيف الطرق.

السلامة الطرقية مسؤولية الجميع.

نواكشوط: 29 أغسطس 2025

معًا للحد من حوادث السير

الخميس، 28 أغسطس 2025

الحوار الوطني المنتظر... لماذا لم ينطلق رغم تعدد المحاولات؟


حرص الرئيس محمد الشيخ الغزواني منذ وصوله إلى السلطة، على تهدئة الساحة السياسية، والسعي إلى إطلاق حوار وطني شامل لا يستثني ملفا ولا يُقصي أحدا، ومع ذلك، فإن الحوار لم ينظم حتى الآن رغم مرور ست سنوات، ورغم تعدد الجهات الراعية، وتعدد المبادرات الهادفة إلى تنظيمه، والتي نذكر منها: 

1- محاولة أولى عبر منسقية أحزاب الموالاة والمعارضة الممثلة في البرلمان، والتي كانت تنسق حينها لمواجهة جائحة كورونا. وقد أصدرت هذه المنسقية بيانا في يوم 14 مايو 2020، ختمته بالتعبير عن أملها في أن يفضي التنسيق القائم داخلها إلى حوار وطني وفق جدول زمني متفق عليه؛ 

2- محاولة ثانية قادها يحيى ولد الوقف، القادم من صفوف المعارضة، والذي كان حينها وزيرا أمينا عاما للرئاسة آنذاك، وقد كلفه رئيس الجمهورية في يوم 6 أبريل 2022 بالإشراف على اللجنة التحضيرية للتشاور الوطني، وكان مدعوما بفريق ضم مستشارين في الرئاسة، وممثلين عن الوزارة الأولى، والجمعية الوطنية، ووزارة الداخلية؛ 

3- محاولة ثالثة من خلال مبادرة مشتركة بين تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم، وحزب الإنصاف، أثمرت عن إصدار "الميثاق الجمهوري" الذي تم توقيعه رسميا مساء الخميس الموافق 21 سبتمبر 2023؛

4 - محاولة رابعة ما تزال مستمرة حتى الآن، بدأت مساء الاثنين 10 مارس 2025  بإفطار في رئاسة الجمهورية، أعلن خلاله رئيس الجمهورية عن "نقطة ربط" ستتحول لاحقا إلى "منسقية حوار" وعيَّن عليها السياسي المخضرم موسى فال، القادم من المعارضة.

لم يسبق أن شهدت البلاد، في فترة لا تتجاوز خمس سنوات، هذا العدد الكبير من المبادرات الساعية إلى إطلاق حوار وطني واسع، وهي مبادرات  شاركت في بعضها  أطراف من المعارضة، واختير لبعضها الآخر شخصيات قادمة من المعارضة، ورغم ذلك، انتهت جميعها بالفشل، هذا إذا ما استثنينا المبادرة الأخيرة، والتي ما تزال متعثرة حتى الآن.

لقد  قررنا في صالون المدونين، عند عودتنا للمواضيع السياسية، أن نفتتح هذه العودة بملف الحوار المتعثر، وذلك  بحثًا عن إجابات عن أسئلته الملحة:

- هل الحوار الوطني ضرورة فعلية، أم أن بقاء المعادلة التقليدية (أغلبية تحكم ومعارضة تعارض) يكفي في انتظار استحقاقات انتخابية جديدة؟

- إذا كان الحوار الوطني ضرورة، فلماذا تعجز النخب السياسية عن إطلاقه حتى الآن،  رغم تعدد المبادرات وتنوع رعاتها؟

- من يتحمل مسؤولية فشل كل هذه المحاولات المتكررة لتنظيم حوار وطني شامل؟

هذه  الأسئلة سنطرحها على طاولة النقاش في جلستنا النقاشية القادمة، إن شاء الله.

قريبا الحلقة 27 من #صالون_المدونين.

الأربعاء، 27 أغسطس 2025

إلى السيد الرئيس محمد جميل منصور


بدءًا أعتذر لكم، سيادة الرئيس، عن تأخري في شكركم على توضيحاتكم المهمة المتعلقة بحديثكم، أو بالأصح، ترجمتكم لمداخلة ألقيتموها في نشاط لجبهة المواطنة والعدالة بلغة أجنبية، كما أعتذر لكم أيضًا عن تأخر هذا الرد بسبب انشغالات ضاغطة.

السيد الرئيس،

أما بخصوص سؤالكم المتعلق بمدى اهتمام الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية باللغات الوطنية، فإليكم هذه التوضيحات:

1 ـ إن الحملة الشعبية تنظر إلى المادة السادسة من الدستور الموريتاني كوحدة واحدة لا يمكن تجزئتها بأي حال من الأحوال. فنحن نعتبر أن من أفدح الأخطاء التي ارتكبتها بعض النخب في المسألة اللغوية يتمثل في تجزئة هذه المادة، وتشكيل طائفتين من الموريتانيين على أساس تلك التجزئة: إحداهما تُطالب بتفعيل ترسيم اللغة العربية مع تجاهل المطالبة بتطوير اللغات الوطنية الأخرى، وطائفة ثانية تُطالب بتطوير اللغات الوطنية وتتجاهل ترسيم اللغة العربية. وهذا ما أتاح للفرانكفونيين استغلال تلك التجزئة وتعميق الخلاف بين الطائفتين لصالح بقاء اللغة الفرنسية مسيطرة، تحتل مساحات في التعليم والإدارة والفضاءات العمومية ليست من حقها، على حساب تفعيل ترسيم اللغة العربية، وكذلك على حساب تطوير اللغات الوطنية. ونحن في الحملة قررنا عند التأسيس ألا نقع في هذا الخطأ، وأن نتعامل مع المادة السادسة من الدستور كوحدة واحدة لا تقبل التجزئة. فنحن نعتبر أن الجهد الذي نقوم به للمطالبة بتفعيل ترسيم اللغة العربية يجب أن يصاحبه جهد موازٍ للمطالبة بتطوير لغاتنا الوطنية، فكون الدستور الموريتاني اعتبر في مادته السادسة أن هذه اللغات لغات وطنية، فهذا يستوجب أن تكون لها مكانة أرفع شأنًا عند المواطن الموريتاني الذي يحترم دستور بلاده من أي لغة أجنبية أخرى لم يرد ذكرها في الدستور؛

2 ـ نحن في الحملة لم نأت بجديد، ولا نخطط إطلاقًا للإتيان بجديد للموريتانيين. فكل ما نريده هو أن يوقفوا تعطيل مادة من دستورهم ظلت معطلة في جوانب عديدة لأكثر من ثلث قرن، فلا اللغة الرسمية للبلاد تم ترسيمها بشكل كامل، ولا اللغات الوطنية تم تطويرها، والسبب في ذلك أن هناك لغة أجنبية تحتل مساحة لا يحق لها احتلالها وعلى حساب كل لغاتنا الوطنية، وقد آن الأوان لتحرير تلك المساحة، وبدون تحريرها لا يمكن الحديث عن تفعيل ترسيم اللغة العربية، ولا عن تطوير لغاتنا الوطنية.

إن كل ما نطلب من الموريتانيين هو أن يفعلوا مادة من دستورهم ظلت معطلة لأكثر من ثلث قرن، دون أن يندد أغلب السياسيين بتعطيلها، أو يجروا تعديلاً دستوريًا لتغييرها إن لم ترضهم بصيغتها الحالية، إن استطاعوا حشد ما يكفي من أصوات النواب والشعب لتعديلها، والراجح، بل المؤكد، أنهم لن يجدوا النصاب التشريعي ولا الشعبي الكافي لتعديل تلك المادة؛

3 ـ وحتى نوضح موقفنا بشكل كامل في المسألة اللغوية، فإننا في الحملة الشعبية لا نعادي اللغة الفرنسية، فاللغة ـ أي لغة ـ ليست محل عداء أصلًا، بل نعتبر هذه اللغة لغة عالمية لنا بها صلة تاريخية، وأنه علينا في هذه البلاد أن نمنحها مكانة اللغة الأجنبية الأولى في موريتانيا، وأن نعطيها كل الامتيازات التي تُمنح لأي لغة أجنبية أولى في أي بلد من بلدان العالم. أليس هذا في غاية الإنصاف؟

إننا ندعو لأن تُعطى للغة الفرنسية مكانة متميزة في موريتانيا بصفتها اللغة الأجنبية الأولى في بلادنا، ولو على حساب اللغة الإنجليزية التي تُعد لغة العلم والعالم في هذه المرحلة من تاريخ البشرية.

إننا في الحملة الشعبية ندعو لأن تُمنح اللغة الفرنسية مكانة اللغة الأجنبية الأولى في موريتانيا، ولكن بشرط وحيد لا يمكننا التنازل عنه تحت أي ظرف، وهو ألا تسطو على مساحة لا تستحقها على حساب تفعيل ترسيم اللغة العربية أو على حساب تطوير لغاتنا الوطنية؛

4 ـ إن الشرط الأول لتطوير لغاتنا الوطنية هو أن تجد مساحة مناسبة من التداول في الفضاءات العامة. ولذلك فنحن ندعو الأحزاب السياسية إلى ترجمة خطاباتها في الأنشطة السياسية إلى اللغات الوطنية، كما يحصل في البرلمان، بدلًا من ترجمتها إلى لغة أجنبية. فترجمة الخطابات السياسية في الأنشطة الجماهيرية إلى اللغات الوطنية تشكل احترامًا للدستور الذي اعتبرها لغات وطنية، هذا  أولًا، وتعزز اللحمة الوطنية ثانيًا، وتساهم ثالثًا في تطوير هذه اللغات التي لا يمكن أن تتطور دون استخدامها في الفضاءات العامة كلما أتيحت الفرصة لذلك.

ولهذا فقد استغربتُ شخصيًا ـ يا سيادة الرئيس ـ أن تترجموا خطابكم في نشاط حزبي إلى لغة أجنبية بدلًا من أن تترجموه إلى اللغات الوطنية، خاصة وأننا نعلم يقينًا أن جبهة المواطنة والعدالة تضم قيادات حزبية قادرة على ترجمة خطابكم إلى كل اللغات الوطنية؛

5 ـ أما بخصوص قولكم إنكم لم تسمعوا عن أي نشاط أو مبادرة تتعلق بالجزء الثاني من مهام الحملة الشعبية، أي تطوير لغاتنا الوطنية، فأذكر هنا أن الحملة تعتمد أساسًا في أنشطتها على توجيه الرسائل وتقديم العرائض المطلبية. وبخصوص الرسائل، فإن أول رسالة وجهتها الحملة بعد تأسيسها كانت إلى معالي وزير الثقافة، طالبت فيها بمنح مساحة أوسع للغات الوطنية في قناة الموريتانية، وفي أوقات الذروة، بل طالبنا بأن تُخصص لكل لغة وطنية قناة من القنوات التابعة للتلفزة الموريتانية؛

6 ـ قمنا في الحملة بتكريم رئيس البرلمان السابق اعترافًا بجهوده لصالح لغاتنا الوطنية، والتي مكنت من توفير الترجمة في البرلمان من وإلى اللغات الوطنية بدلًا من الترجمة من وإلى لغة أجنبية كما كان سائدًا. وقد مكنت هذه الخطوة البالغة الأهمية من أن يسمع الموريتاني كل ما يجري في الجلسات العلنية في برلمانه بلغته الأم - أيا كانت لغته الأم - عبر قناة البرلمانية؛

7 ـ ليس هذا فقط، بل تقدمنا بعريضة مطلبية من تسعة بنود اقترحتها الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية، ووقعتها حتى الآن أكثر من ستين هيئة ومنظمة فاعلة. ومن بين الموقعين عليها: مدارس الفلاح التي تأسست قبل ميلاد الدولة الموريتانية، ومركز المرحوم فودي بوبو كوريرا، وهيئة جيرنو مختار ساغو، ومنظمات وهيئات أخرى معروفة لا يتسع المقام لذكرها جميعًا. وقد تضمنت هذه العريضة بعض البنود الخاصة بلغاتنا الوطنية، وإليكم تلك البنود كما وردت في العربضة:

1 ـ استخدام إحدى لغاتنا الوطنية بدلًا من اللغات الأجنبية في كل الأنشطة الرسمية التي يتعذر فيها إلقاء الخطابات الرسمية باللغة العربية، مع ضرورة توفير الترجمة بين اللغة الرسمية واللغات الوطنية؛

2 ـ توفير الترجمة من وإلى اللغات الوطنية في المؤسسات الخدمية التي تقع في أحياء أو مدن يكثر فيها استخدام إحدى لغاتنا الوطنية؛

3 ـ البدء في وضع خطة عملية ذات سقف زمني محدد، والعمل على تنفيذها من أجل الوصول إلى مرحلة يكون فيها كل الموظفين في القطاع العام قادرين على التحدث والعمل باللغة الرسمية للبلد، ولغة وطنية أخرى، من خلال منح امتيازات أو تحفيزات للموظفين الذين يتعلمون إحدى لغاتنا الوطنية إلى جانب اللغة الرسمية.

هذه بعض المطالب التي تضمنتها عريضة الثامن والعشرين من نوفمبر للسيادة اللغوية، وهي العريضة التي قدمناها في لجنة العرائض برئاسة معالي الوزير السابق صو آداما صمبا لرؤساء عدة أحزاب في الأغلبية والمعارضة، وكنا نود تقديمها لسيادتكم للاطلاع على مضامينها، وما زلنا ننتظر منكم تحديد موعد لتسلمها، مع العلم أننا كررنا الطلب، وأن فترة الانتظار طالت أكثر من اللازم، وتجاوزت الشهر، على خلاف ما جرى مع بقية رؤساء الأحزاب الذين التقينا بهم في أوقات سابقة.

حفظ الله موريتانيا...

الثلاثاء، 26 أغسطس 2025

طرقنا تتنافس في القتل، فليتنافس السائقون في الحياة!


عندما نتحدث عن حوادث السير في بلادنا، فإن أول ما سيخطر ببالنا هو الطريق المتهالك والسائق المتهور. في هذا المقال سنتحدث عن تنافس محاور شبكتنا الطرقية في القتل، وسنتحدث كذلك عن غياب التنافس لدى السائقين للحد من الضحايا في حرب الشوارع المشتعلة باستمرار على شبكتنا الطرقية.  

أي محاور شبكتنا الطرقية أكثر دموية؟

إن المتابع لحوادث السير في بلادنا، خلال السنوات الماضية، وخاصة في أيامنا هذه، سيظن أن محاور شبكتنا الطرقية قد دخلت منذ شهر في سباق محموم وتنافس دموي غير مسبوق لتسجيل أكبر عدد من حوادث السير القاسية والمؤلمة.

ولأن طريق الأمل، وتحديدا مقطع (نواكشوط – بوتلميت)، لا يمكن أن تنتزع منه صدارة مجازر الطرق، فقد أيقظنا هذا المقطع ذات صباح أحد حزين (20 يوليو 2025) على فاجعة أليمة، وكثيرا ما أيقظنا صباحا على فاجعة أليمة، أو حرمنا ليلا من النوم بسبب فاجعة ليلية أكثر إيلاما. أيقظنا هذا المقطع في صباح ذلك اليوم على واحدة من فواجعه الأليمة، تمثلت في اشتعال سيارة صغيرة على أسرة كاملة من ستة أشخاص، توفوا جميعا على الفور. وما كاد طريق نواذيبو يعلم بتلك الفاجعة، حتى بادر بتكرارها بعد ثلاثة أيام فقط، وبالسيناريو نفسه تقريبا، فكان عدد المتوفين ستة أشخاص، وكانوا أيضا من أسرة واحدة.

الغريب في الأمر، أنه عندما أضاف طريق الأمل لفاجعة يوم الأحد حادث سير آخر أدى إلى وفاة شخص، ليصل المجموع الكلي في ذلك اليوم إلى سبع وفيات، تكرر على طريق نواذيبو الأمر نفسه، فشهد هذا الطريق حادث سير آخر، أدى بدوره إلى وفاة شخص آخر، ليكون عدد الوفيات على طريق نواذيبو في ذلك اليوم سبعة أشخاص!

ومع أن طريق نواذيبو قد لا يتمكن من تسجيل أعداد ضحايا، بحجم أعداد ضحايا طريق الأمل، إلا أنه مع ذلك سيبقى منافسا قويا وشرسا له في سباق الموت، وخاصة على مستوى عدد الضحايا ونوعية الحوادث.

مساء السبت الماضي (23 أغسطس 2025)، وفي محاولة جديدة من طريق أكجوجت لدخول حلبة التنافس، أطل علينا هذا الطريق بفاجعة أليمة، زاد من ألمها وقسوتها أن الضحايا هذه المرة كانوا أطفالا، نعم أطفالا، توفي أحدهم فورا، وأصيب آخرون بجروح متفاوتة الخطورة. ولما علم طريق روصو بتلك الفاجعة، سارع هو بدوره لإثبات جاهزيته لدخول حلبة المنافسة في حوادث السير، فكان أن ذكّرنا بجاهزيته من خلال حادث سُجِّلَ صباح  (الأحد 24 أغسطس) عند الكيلومتر 54، أصيب فيه سبعة أشخاص بجروح.

وفي ليلة ذلك اليوم، وحتى يؤكد طريق الأمل أنه سيبقى محتلا دائما للصدارة، سُجِّل على هذا الطريق، في المقطع الواقع شرق مدينة كيفة، وتحديدا عند الكيلومتر 40، حادث سير جديد ناتج عن انقلاب شاحنة، أدى إلى حالة وفاة وعدة إصابات.

هذا الحادث لم يُنشر عنه خبر، وكثيرًا ما تقع حوادث سير دون أن ينشر عنها أي خبر، فحتى الآن لا توجد جهة رسمية أو غير رسمية تتابع إحصائيات الحوادث وتنشر عنها بشكل مستمر.

بالطبع، لم يغب طريق ازويرات عن المنافسة، وما كان لهذا الطريق أن يغيب، حيث أطل علينا في يوم الاثنين (25 أغسطس) بفاجعة أكثر إيلاما، تتعلق هذه المرة بوفاة شقيقين من أسرة واحدة، وإصابة ثالث من الأسرة نفسها، في حادث سير أليم تعرضت له سيارة كانت تقل الإخوة الثلاثة برفقة جنازة أخيهم المتوفى.

ثلاثة إخوة تعرضوا لحادث سير أليم، وهم ينقلون جنازة أخيهم لدفنها، حتى الأموات لم يسلموا من حوادث السير على هذا الطريق. وقبل أن نترك هذا الطريق، فقد علمتُ - وأنا على وشك نشر هذا المقال - بحادث سير أليم وقع عليه، في وقت متأخر من ليلة البارحة، وأدى إلى وفاة عامل في سنيم كان في طريقه من مكان العمل إلى المنزل.

لم تغب بطبيعة الحال شوارع العاصمة نواكشوط عن المشهد، حيث أطل علينا أحد شوارع لكصر في اليوم نفسه بحادث سير من تلك الحوادث التي تكثر على شوارع العاصمة. مراهقون يدهسون شابا لا ذنب له، إلا أنه كان في المكان الخطأ، أي أنه كان على طريق أولئك الشباب المتهورين، الذين دهسوه فأردوه قتيلا. هذا حادث سير آخر لم ينشر عنه رغم أنه وقع في العاصمة نواكشوط، وهذا مما يُظهر أن الكثير من حوادث السير المميتة لا يُنشر عنها.

لماذا لا يتنافس السائقون في حماية أنفسهم وحماية الركاب؟

من المؤكد أن أسباب حوادث السير عديدة ومتنوعة، فمن أسبابها بطبيعة الحال تهالك الطرق وعدم صيانتها، وتهالك الطرق لا يؤدي فقط إلى حوادث سير، بل زيادة على ذلك يؤدي إلى إتلاف سيارات المواطنين، وإحداث نقص كبير في أعمارها الافتراضية، وهذا يعني خسائر اقتصادية كبيرة للأفراد وللدولة. كما أن تهالك الطرق يؤدي أيضا إلى مشقة كبيرة لسالكيها، ثم إنه في النهاية يشكل مظهرا لا يليق بدولة تحترم نفسها، فليس من اللائق أن تكون بعض مقاطع طرقنا متهالكة  في العام 2025، وحتى في العاصمة نواكشوط فإننا نجد مقاطع متهالكة على شوارع رئيسية في أرقى أحياء العاصمة.

كل ذلك صحيح، وهذا يُشرّع لنا أن ننتقد كل الحكومات المتعاقبة على تهالك الطرق وعدم صيانتها، ليس بمقال واحد فقط، بل بسلسلة من المقالات. ولكن، ومع ذلك، فإن الموضوعية تقتضي التنبيه إلى النقاط التالية:

1 ـ يمكن القول إن وضعية طريق الأمل في هذه الفترة هي من أحسن الوضعيات التي عرفها هذا الطريق خلال العقود الماضية، ومع ذلك - ولتسجلوا هذه المفارقة الأولى- فإن حوادث السير المميتة على هذا الطريق قد زادت ولم تنقص.

2 ـ منذ سنوات وطريق روصو في حالة جيدة جدا، وذلك بعد تهالك دام لسنوات، ولكن، وهذه هي المفارقة الثانية، فإن حوادث السير المميتة التي سُجِّلت على هذا الطريق في سنوات جودته، تفوق بكثير حوادث السير المميتة التي سُجِّلت عليه في سنوات تهالكه.

3 ـ اطلعت مؤخرا على إحصائية نشرها أحد المتابعين لحوادث السير على طريق (شوم – ازويرات)، فذكر فيها أن هذا الطريق شهد 25 حالة وفاة منذ تعبيده في عام 2018، وتحدث صاحب هذه الإحصائية عن جودة هذا الطريق، وأنَّه شُيِّد وفق المعايير الدولية للسلامة الطرقية. المفارقة هنا، وهذه هي المفارقة الثالثة والأكثر صدمة، أن هذا الطريق لم تُسجّل عليه حالة وفاة واحدة في حادث سير قبل تشييده في عام 2018!

قد لا تكون هذه الأرقام الأخيرة أرقاما رسمية، ولكن مع ذلك يمكن أن يُستأنس بها، فشواهدها كثيرة، فتشييد الطرق وترميمها يُغري دائما السائقين بزيادة السرعة، مما قد يتسبب في المزيد من الحوادث المميتة.

إن تشييد الطرق وترميمها إذا لم تصاحبه صرامة قوية في مراقبة السرعة، وإلزام السائقين بالتقيد بإجراءات السلامة الطرقية، وإذا لم تُصاحبه كذلك حملات توعوية جادة للسائقين، فإنه قد يتحول إلى كارثة. والحقيقة أن القطاعات الحكومية والأمنية المعنية مقصرة كثيرا في الرقابة على السائقين، وخاصة على مستوى السرعة والحمولة الزائدة، ومقصرة أكثر في توعيتهم بأهمية التقيد بإجراءات السلامة المرورية.

هناك تقصير كبير في أداء القطاعات الحكومية المعنية بالسلامة الطرقية، ونحن في حملة معا للحد من حوادث السير أدرى من غيرنا بذلك التقصير وأكثر إحاطة به، بل إننا ضحية لذلك التقصير، ولكن، ومهما كان تقصير الجهات الرسمية، فإن ذلك لا يبرر للسائقين أن يزهقوا أرواحهم وأرواح غيرهم من خلال القيادة بسرعة مفرطة.

إن السائق الذي يقرر أن يقود سيارته بسرعة معقولة، لن يتعرض على الأرجح لحادث سير، وإن تعرض لحادث سير، فإن الكلفة البشرية والمادية لذلك الحادث لن تكون ثقيلة، وتبقى الوسيلة الأنجع لحماية أنفسنا من مجازر الطرق، في كل الأوقات وفي كل الظروف، هي القيادة بسرعة آمنة، والتقيد بكل إجراءات السلامة الطرقية، وهذه الوسيلة ستبقى فعالة، حتى وإن استمرت الحكومات في تقصيرها في مجال تشييد الطرق وصيانتها، وفي تفعيل نقاط التفتيش، وضبط رخص القيادة، وإلى غير ذلك من المهام التي تقع مسؤوليتها على الجهات الرسمية حصرا.

علينا كسائقين أن نفعل دائمًا ما يمكننا فعله حماية لأنفسنا، وحماية سالكي الطرق من حولنا، ويُعد ضبط السرعة هو أهم شيء يمكننا القيام به لتحقيق تلك الحماية، ولنتذكر دائما أن السرعة يتحكم فيها أولا وأخيرا سائق المركبة، على العكس من وضعية الطريق، وتفعيل نقاط التفتيش، وإصدار رخص القيادة، وإلى غير ذلك من الأمور التي تتحكم فيها الحكومة حصرا.

فلنتنافس إيجابيا فيما نتحكم فيه، ونقدر عليه، أي نتنافس في التقيد بالسرعة وضبطها على مستوى آمن أثناء القيادة، حماية لأنفسنا ولغيرنا، وهذا أمر متاح لكل واحد منا، ولا ينقصنا لتنفيذه إلا أن نقرر ذلك. وهذا بالضبط هو ما جعلنا في حملة معا للحد من حوادث السير نجمع التوقيعات على التزام طوعي وعلني بسرعة لا تتجاوز 100 كلم في الساعة، مهما كانت درجة الاستعجال، وهنا لابد وأن نشكر كل أولئك الذين بادروا بتوقيعه من علماء ووزراء سابقين ونواب وموظفين وفاعلين خصوصيين وكتاب ومدونين ونشطاء في المجتمع المدني، وأن أشكر بشكل خاص القيادات في نقابات السائقين وكل السائقين المهنيين الذين وقعوه.  

إن ضبط السرعة أثناء القيادة هو  أمر متاح لكل واحد منا، فلنلتزم به حفاظًا على سلامتنا وسلامة غيرنا، وبعد أن نلتزم بهذا المتاح، حُقَّ لنا بعد ذلك ـ بل وجب علينا بعد ذلك ـ  أن نطالب الحكومة بالقيام بواجبها في مجال السلامة الطرقية، وهو واجب لا شك أنها قصَّرت فيه كثيرا في الماضي، وما تزال تقصر فيه حتى اليوم.

حفظ الله موريتانيا..


الاثنين، 25 أغسطس 2025

ضحايا حوادث منسيون (1)


مع كل موسم خريف نفقد في موريتانيا عشرات الأرواح بسبب الغرق والسيول، وغالبية الضحايا – للأسف – هم من الأطفال. ورغم أن هذه المأساة تتكرر مع كل موسم خريف، إلا أنك لن تجد منظمة مجتمع مدني واحدة تهتم بهذه المأساة، وتقوم بالتالي  بالتوعية الاستباقية للحد من ضحاياها، أما النزول إلى الميدان لإنقاذ ضحايا الغرق فذلك أمر مستبعد أصلا.

في المقابل،  وأقولها بكل اعتزاز، فإن حملة "معا للحد من حوادث السير"، أخذت على عاتقها، ومنذ تسع سنوات خلت،  مهمة التوعية حول خطورة حوادث السير، سعيا منها للمساهمة في إنقاذ الأرواح  التي تزهق بشكل مستمر على الطرق، ولولا انشغالنا في الحملة بملف حوادث السير – الذي لم يجد حتى الآن اهتماما يتناسب مع مستوى خطورته – لأطلقنا ودون تردد حملة توعوية أخرى لصالح ضحايا الغرق والسيول، الذين هم اليوم في أمس الحاجة إلى من يهتم بأمرهم، على الأقل خلال موسم الخريف.

الغريب في الأمر أن بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي لا شغل لهم إلا التفرج من بعيد على مآسي ضحايا الحوادث بمختلف أصنافها، ثم توجيه سهام النقد إلى الحملة، بحجة أن هذا النشاط أو ذاك قد شابه خطأ ما. 

وهنا لا بد أن نوضح، أن أي عمل بشري، مهما كان، لا يسلم من الأخطاء. لكن الفرق بين من يعمل ومن يتفرج، هو أن الأول يتحمل مسؤولية النزول إلى الميدان لإنقاذ الأنفس، بينما الثاني يكتفي بإحصاء الأخطاء – الحقيقية أو المتوهمة – وهو جالس في مكانه دون فعل اي شيء مفيد.

إن من ينتقد من يعمل على إنقاذ الضحايا، دون أن يفعل هو شيئا، لا يختلف في حقيقة أمره عن الذي يرى دار جاره تحترق، فيبقى يتفرج، ولا يفعل شيئا غير انتقاد أولئك الذين جاؤوا مسرعين بما تيسر من وسائل لإطفاء الحريق، فينتقد من جاء منهم بسطل غير مملوء بالماء، متجاهلا أن ذلك الشخص لم يكن يملك من الماء إلا ما جاء به في السطل لإطفاء الحريق. 

ألا يكفيه شرفا أنه جاء مسرعا، وبكل ما يملك من وسائل الإطفاء، للمساهمة في إخماد النيران التي اشتعلت في دار جاره؟ 

وإذا اردتم مثالا آخر، إنه يشبه من يكتفي بالتفرج على شخص يغرق أمام عينه دون أن يفعل شيء غير انتقاد ذلك الشخص الآخر الذي جاء مسرعا يلهث لينقذ الغريق، مصحوبا بالحبل الذي يملك، فتبين لاحقا أن الحبل الذي جاء به لم  يكن بالطول الكافي. 

إذا كان المنتقدون صادقين في غيرتهم على المجتمع، فليذهبوا الآن إلى الميدان، وليطلقوا حملة توعوية لصالح ضحايا الغرق والسيول، فهؤلاء لا يجدون حتى الآن منظمة واحدة ترفع صوتها لأجلهم. وليحرصوا – في حملاتهم التوعية ضد الغرق– على أن لا يقعوا في أي خطأ من الأخطاء التي وقعت فيها حملة معا للحد من حوادث السير، حينها، وحينها فقط،  سيكون من حقهم أن ينتقدوا الحملة والقائمين عليها، بالحق أو الباطل، لا يهم.

أما أن تبقى - هداك الله -  متفرجا، لا تفعل شيئًا، لإنقاذ ضحايا حوادث  السير، أو ضحايا الغرق،  أو ضحايا أي مأساة أخرى، ثم تسارع في انتقاد من قرر أن يتحمل المسؤولية وينزل إلى الميدان بما هو متاح لديه من وسائل متواضعة، فأنت في هذه الحالة، كان الأولى بك أن تنتقد نفسك قبل أن تنتقد الآخرين، أن تنتقد صمتك، تفرجك، تقاعسك، وخذلانك للضحايا، وذلك قبل أن تبدأ في التفتيش عن أخطاء من نزل إلى الميدان، لإنقاذ الضحايا، وبما توفر لديه من وسائل بسيطة.

إننا في حملة "معًا للحد من حوادث السير" لا ندعي الكمال، ولا يمكن لمن يقوم بعمل بشري - أيا كان - أن يدعي الكمال، ولكننا في المقابل ندعي بأننا لم نقبل بالاستمرار في التفرج على مجازر الطرق، بل بادرنا ومنذ تسع سنوات إلى النزول إلى الميدان،  من أجل المساهمة في إنقاذ الأرواح. ولذا فمن حقنا – بل من واجبنا – أن نطالب من كل من ينتقدنا اليوم أن يقدم  بديلا عمليا، ولو في مجال آخر، كالتوعية ضد الغرق في موسم الخريف.

إن البلد - هداك الله - مليء بالضحايا المنسيين: ضحايا حوادث السير، ضحايا الغرق، ضحايا التنقيب، ضحايا الإهمال في مجالات أخرى متعددة. والمؤلم أن الكثير من هؤلاء الضحايا يموت مرتين: مرة بسبب الحادث، ومرة أخرى بسبب تجاهل مأساتهم.

والمؤلم أكثر أن هناك من لا يفعل شيئا لإنقاذ هؤلاء الضحايا، غير انتقاد من يحاول أن ينقذهم بإمكانياته المتواضعة. 

يا للجراة ..

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع 

#معا_للحد_من_حوادث_السير

الأحد، 24 أغسطس 2025

توقيع التزام طوعي على هامش حلقة صالون المدونين


خصص صالون المدونين حلقته السادسة والعشرين لملف السلامة الطرقية، وتُعد هذه الحلقة ثاني حلقة ينظمها الصالون عن السلامة الطرقية أمام المجسم التوعوي الذي شيدته حملة "معاً للحد من حوادث السير" عند الكيلومتر 44 من المقطع نواكشوط - بوتلميت، والذي يُعد المقطع الأكثر خطورة على طريق الأمل.

افتتحت الحلقة بالتذكير بالتوصيات التي أصدرها المشاركون في حلقة السلامة الطرقية الأولى، والتي تضمنت 11 توصية، كان من أبرزها:

- تأسيس هيئة عليا للسلامة الطرقية تتبع لرئاسة الجمهورية، تتولى وتنسق كل أنشطة القطاعات الحكومية والأمنية المتعلقة بالسلامة الطرقية؛

- تشييد طرق مزدوجة على المحاور الأكثر خطورة، خاصة على المقطع (نواكشوط - بوتلميت)؛

- وقف منح رخص سياقة صالحة مدى الحياة، وإدخال نظام التنقيط على الرخص؛

- إلزام نقاط التفتيش بالمزيد من الصرامة للتقيد بإجراءات السلامة الطرقية.

ثم بدأت المداخلات الرئيسية بمداخلة أولى ركزت على الجانب الصحي في ملف السلامة الطرقية، ألقاها الدكتور سيدي ولد بولمساك من العون الطبي الاستعجالي، تلتها مداخلة ثانية ركزت على الجوانب القانونية والعقوبات التي قد يتعرض لها السائق، قدمها المحامي مولاي الحافظ، في حين خُصصت المداخلة الثالثة لاستعراض بعض المقترحات للحد من الحوادث، قدمها خبير السلامة الطرقية محمد محمود ولد الداه.

بعد ذلك، توالت مداخلات السائقين من مختلف نقاباتهم، حيث ركزوا على التحديات التي يواجهها السائق على الطرق، لتُختتم الحلقة بتوقيع التزام طوعي من طرف ممثلي نقابات السائقين، وضيوف الحلقة، والمشاركين فيها، وتضمن هذا الالتزام الطوعي والعلني ثلاث نقاط:

1. عدم تجاوز سرعة 100 كم/ساعة بأي حال من الأحوال، ومهما كان الظرف الاستعجالي؛

2. الالتزام بقيادة السيارة في أغلب الأوقات بسرعة أقل من السرعة القصوى، وبحسب ما يتناسب مع وضعية الطريق؛

3. العمل قدر المستطاع على تعزيز ثقافة السلامة الطرقية، ونشر الوعي المروري، وحث الآخرين على الالتزام بقوانين السير.













الجمعة، 22 أغسطس 2025

عندما تُقرر ألّا تشارك في الامتحان!


أذكر أني في المرحلة الإعدادية لم أكن أهتم بالمواد الأدبية، وكنتُ لا أطيق بشكل خاص مادة الجغرافيا، ولارتباط مادة التاريخ بها، إذ كانت تُدرَّس معها كمادة واحدة على يد نفس الأستاذ، أصبحتُ كذلك لا أطيق مادة التاريخ.

وأذكر أني في إحدى حصص السنة الثانية إعدادية حضرتُ لحصة من مادة التاريخ والجغرافيا، ففوجئت بالأستاذ يقرر أن يجري في تلك الحصة اختبارا، وما زلتُ حتى الآن أذكر سؤال التاريخ في ذلك اليوم، فقد كان عن الأسباب التي أدت إلى سقوط دولة بني أمية.

وبما أني كنت كثير الغياب عن مادة التاريخ والجغرافيا، فقد فاتتني كل الدروس المتعلقة بدولة بني أمية. لم أكن أعرف يومها كيف تأسست هذه الدولة، ولا كيف سقطت، لذلك كان واضحا لي أن نتيجتي في الاختبار ستكون متدنية جدا، ولن تبتعد كثيرا عن الصفر، ولهذا قررتُ ألّا أشارك أصلا في الاختبار؛ فأن أجد صفرا يمكن أن أبرره بالغياب، خيرٌ من أن أجد نتيجة مخجلة قريبة منه لا يمكن تبريرها.

رفعتُ يدي وطلبت من الأستاذ أن يسمح لي بطرح سؤال، فأذن لي، فسألته عمَّا إذا كان المطلوب منا أن نذكر فقط الأسباب الأساسية التي أدت إلى سقوط الدولة الأموية، أم أننا مطالبون أيضا بذكر الأسباب الثانوية معها.

لم أكن بطبيعة الحال، أعرف في ذلك الوقت، إن كانت هناك أسباب أساسية وأخرى ثانوية أدت لسقوط دولة بني أمية، وحتى اليوم لا أعلم إن كان المؤرخون يقسمون تلك الأسباب بهذه الطريقة. كل ما في الأمر هو أني كنت أبحث عن أي ذريعة تحرمني من المشاركة في الاختبار، وكان لا بد أن أختلق سببا يقود إلى ذلك.

لم يُجبني الأستاذ على سؤالي، بل هدَّدني بالطرد إن أعدته. ولأن الطرد كان هو هدفي في ذلك الوقت، فقد كررتُ السؤال، فما كان منه إلا أن طردني من القاعة، و"حرمني" بالتالي من المشاركة في الاختبار.

عندما يُقرر مشروع حزب الرك ألّا يشارك في امتحان التراخيص!

أطلقت وزارة الداخلية منصةً للترخيص للأحزاب السياسية الجديدة، ووضعت شروطا لم تكن، على ما يبدو، تعجيزية. والدليل على ذلك أن آخر إحصائية أشارت إلى وجود 27 مشروعا حزبيا بدأت إجراءات الترخيص. وهذا العدد لوحده، إن رُخِّص، يُعتبر  كبيرا على دولة لا يتجاوز سكانها 5 ملايين، والراجح أن عدَّاد التراخيص لن يتوقف عند الرقم 27، وربما يتضاعف، مما يعني أن تضخم عدد الأحزاب السياسية لن يجد حلا في المستقبل المنظور، وحاله في ذلك كحال تضخم أعداد منظمات المجتمع المدني، والنقابات، ومراكز الدراسات، والصيدليات، والمدارس الحرة، والبنوك، والمؤسسات الصحفية، والعيادات الطبية، ومحطات البنزين، والشعراء، والوجهاء، والمتسولين.

وحتى لا يُخرجنا الحديث عن هذا التضخم العددي من موضوع المقال، أعود فأقول: عندما قررت وزارة الداخلية إطلاق منصة لترخيص الأحزاب، قرر مشروع حزب الرك ألّا يتقدم بطلب للترخيص، وألّا يشارك ـ بالتالي ـ في امتحان وزارة الداخلية.

لم يكن ذلك بسبب خوفه من الحصول على نتيجة ضعيفة جدا، كما كان الحال مع كاتب هذه السطور حين فوجئ ذات حصة دراسية باختبار في مادة التاريخ، بل العكس هو الأرجح؛ فلو أن مشروع حزب الرك  دخل امتحان وزارة الداخلية لكان في مقدمة الناجحين. وكيف لا  ينجح وهو يقوده مرشح رئاسي حصل على المرتبة الثانية في ثلاث انتخابات رئاسية متتالية؟ وكيف لا ينجح وقد نجحت  مشاريع أحزاب أخرى تقودها شخصيات لا يمكن مقارنة شعبيتها بشعبية رئيس مشروع حزب الرك؟

ويبقى السؤال: لماذا إذن لم يُشارك مشروع حزب الرك في امتحان وزارة الداخلية؟

يَدَّعي القائمون على مشروع الحزب أن حزبهم استكمل شروط الترخيص قبل صدور القانون الجديد، وأن الوزارة ينبغي أن ترخص له على ذلك الأساس. لكن هذه الحجة تبدو ضعيفة جدا؛ إذ أن عشرات المشاريع الحزبية الأخرى كانت قد استوفت الشروط نفسها قبل صدور القانون الجديد، فهل يُعقل أن يُرخص لحزب الرك وفق القانون القديم، بينما تُطبق القوانين الجديدة على البقية؟ وهل من المنطقي أن تُصدر دولة ما قانونا جديدا، ثم توقف العمل به مؤقتا لترخيص حزب سياسي وفق قانون قديم أُلغي أو حل محله قانون آخر؟

لا أظن أن مشروع حزب الرك جاد في المطالبة بالترخيص وفق القانون القديم الذي لم يعد موجودا. ما يبدو لي ـ وأنا هنا أعتمد على التحليل المتماسك منطقيا  لا على  معلومات حصلتُ عليها ـ أن حزب الرك لا يرغب حاليا في الحصول على ترخيص، وذلك لعدة أسباب، لعل من أبرزها:

1 ـ أن الترخيص سيضع النائب بيرام والنواب المحسوبين عليه أمام خيارين أحلاهما مرٌّ: إما فقدان مقاعدهم البرلمانية، أو فقدان مواقعهم القيادية داخل حزب الرك بعد ترخيصه.

2 ـ أن الترخيص سيجبر  الرئيس بيرام وبعض القيادات الأخرى على الانسحاب من حركة إيرا، وهذه الحركة ما تزال تمنح لقادتها مكاسب حقوقية، وإعلامية، وربما مالية، من الصعب التخلي عنها بسهولة.

3 ـ أن الترخيص سيُسقط خطاب "المظلومية" الذي يقتات عليه قادة الحزب إعلاميا سياسيا وحقوقيا، فقادة الحزب يزعمون أن الحزب مُنِع  من الترخيص لأسباب عنصرية إقصائية، وأنه مُنِع كذلك من الترخيص لأنه هو الحزب المعارض الوحيد للنظام، أما بقية الأحزاب - حسب الرئيس بيرام وصحبه- فهي مجرد موالاة من درجات مختلفة، فأحزاب الأغلبية تمثل موالاة من الدرجة الأولى، وأحزاب المعارضة تمثل موالاة من الدرجة الثانية، فوفق خطاب الرئيس بيرام وأتباعه، لا يمثل المعارضة اليوم إلا حزب الرك، وحزب القوى التقدمية للتغيير، وقد بلغ الحماس بالقوم أن رفعوا من مستوى خطاب التمثيل، حتى صاروا يقولون إن مشروعي حزبيهما يمثلان حصرا "السكان الأصليين" في موريتانيا!

الراجح عندي أن الرئيس بيرام، وهو المعروف بذكائه،  وحرصه الشديد على جني المكاسب الشخصية، قد قرر أن يستثمر خطاب الإقصاء السياسي إلى أقصى مدى، وأن يواصل الاستفادة من إيرا ومقاعد البرلمان إلى آخر لحظة، وبعد أن يحصل على كل ذلك، وعندما يصبح الحصول على  الترخيص للحزب لا مهرب منه ولا مفر، فحينها وحينها فقط، سيتقدم مشروع حزب الرك بطلب للترخيص، وفق القانون الجديد، وسينال الحزب ذلك الترخيص في نهاية المطاف.

عودة إلى الصفر مرة أخرى!

لنترك السياسة قليلا، ولنعد إلى ثانوية لعيون في ثمانينيات القرن الماضي. أذكر في تلك الفترة أن تلميذا من جيلنا حصل في اختبار على "صفر مربع" أو "صفر مكعب" كما كنا نقول، وبعد حصوله على ذلك الصفر  ذهب إلى والدته ـ وهي سيدة أمية من بسطاء نساء المدينة ـ  وأخبرها أنه حصل على صفر، فما كان منها إلا أن زغردت بصوت عالٍ، وحين سألتها جارتها عن السبب، أجابت بكل فخر: "لقد حصل ولدي على صفر في الامتحان!"، لقد كانت والدة زميلنا تعتقد أن درجة الصفر تعتبر  نتيجة جيدة في الامتحان!

اليوم، يحق لأنصار بيرام أن يزغردوا هم أيضا لحصولهم على صفر في امتحان وزارة الداخلية الذي لم يشاركوا فيه أصلا، فهذا الصفر، كما أسلفت، مفيد لهم، فهو سيضمن لهم استمرار مقاعدهم البرلمانية لأطول فترة ممكنة، وسيحافظ لهم على عائدات إيرا الحقوقية والمالية، وسيمدِّد لهم من صلاحية خطاب المظلومية. 

من حق أنصار بيرام أن يزغردوا لهذا الصفر، وأن يستغلوه سياسيا وإعلاميا وحقوقيا أحسن استغلال، ولكن ليس من حقهم إطلاقا أن يبلغ بهم الحماس إلى أن يقسموا سكان موريتانيا على أساس اللون إلى سكان"أصليين"  وسكان "غير أصليين"، وأن يعتبروا أن مشروعهم السياسي بوجهيه "الإيراوي" و"لفلامي" هو الممثل حصريا للسكان الأصليين في موريتانيا.  

هذا كلام خطير، وسأعود إليه - إن شاء الله - بمقال مستقل، إن وجدت الوقت لذلك.

حفظ الله موريتانيا..


عن مبادرة الالتزام الطوعي والعلني بسرعة محددة


بدءا نشكركم على اهتمامكم وتعليقاتكم على هذا "الالتزام العلني" الذي أطلقناه في حملة معا للحد من حوادث السير ، ويسعدنا أن نتابع تفاعلكم، حتى لو تضمن بعض التعليقات القليلة، التي حاول أصحابها التشكيك أو التقليل من قيمة هذا الالتزام. 
إن وجود نقاش حول هذا الالتزام العلني يؤكد أهمية الموضوع الذي نطرحه، وهو السلامة الطرقية، ويؤكد أيضًا أننا نجحنا في إثارة اهتمامكم.
إن الهدف من هذه المبادرة ليس نشر قائمة بأسماء عدد من الأشخاص. لو كان هذا هو هدفنا، لكان بإمكاننا أن نطلق أي مبادرة أخرى أقل عمقا وأكثر سطحية. هدفنا أعمق وأشمل: أن نحول قضية السلامة الطرقية من مجرد نصائح نظرية تُلقى على السامعين إلى ممارسة عملية يلتزم بها الأفراد على مرأى ومسمع من الجميع.
إننا نؤمن أن القدوة هو الأقدر على التأثير، وعندما يرى الناس قامات في مجتمعنا من علماء، ووزراء سابقين، ونواب، وعمد، وإعلاميين، ومدونين يلتزمون طوعا وعلنا بسرعة محددة، فإنهم سيدركون أن هذه المبادرة ليست مجرد شعار، بل هي مسؤولية شخصية يلتزم بها من وقع عليها.
أما بالنسبة لمن يقلل من قيمة هذا الالتزام ويراه مجرد "عرض أسماء"، فإننا نقول له إن الالتزام الطوعي والعلني يتطلب شجاعة وقناعة حقيقية.
 إن الشخص الذي يلتزم طوعا وعلنا أمام الناس، يضع نفسه في موضع تحدٍ حقيقي: فهو إما أن يفي بوعده ويحترم كلمته، فيصبح قدوة في هذه الجزئية، وإما أن يتراجع فيخسر مصداقيته. 
إن الالتزام العلني بهذا الشكل ليس سهلاً، بل هو تحدٍ يُلزم به الشخص نفسه أولا، ذلك أن إغراءات زيادة السرعة أثناء القيادة ستبقى قائمة دائما في كل سفر ((خلق الإنسان من عجل)).
نحن لا ندّعي أن هذا الالتزام سيقضي على حوادث السير ، ولا ندّعي أنه هو الحل الوحيد، ولا الحل الأكثر مثالية، ولكننا في المقابل نؤمن أنه خطوة أساسية ومهمة جدا، بل إنه قد يشكل نقلة نوعية في التعامل مع ملف السلامة الطرقية، فينقلها بالنسبة للموقعين على هذا الالتزام من خانة الحديث النظري إلى خانة الفعل الميداني.
لذلك، فكان عليكم بدلا من التشكيك في جدوى المبادرة، أن تسألوا أنفسكم: ما هو البديل المتاح؟ وماذا قدمنا نحن للمساهمة في إنقاذ الأرواح التي تزهق بشكل شبه يومي على الطرق؟ وماذا تقترحون لتحويل السلامة الطرقية من مجرد شعارات تُردد إلى التزام حقيقي يمارسه كل واحد منا على الطريق؟
إن كانت لديكم مبادرة أفضل، فسنكون أول من يدعمها في الحملة، وإلى أن تظهر تلك المبادرة، فستبقى مبادرتنا "الالتزام العلني والطوعي بسرعة محددة" خطوة عملية قابلة للتنفيذ، تتيح لكل واحد منا سائقا كان أو راكبا، أن يساهم في الحد من السرعة المفرطة، والتي تعتبر هي السبب الأول في حوادث السير المميتة في بلادنا.
الصورة من نقاش توعوي مع بعض سائقي وكالات تأجير السيارات في يوم عيد.
#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع 
#معا_للحد_من_حوادث_السير

الخميس، 21 أغسطس 2025

تفاهات (4)


في هذا الفضاء، كلما كتبتَ "كلامًا.. مجرد كلام"، ستجد التفاعل حاضرا. ويزداد التفاعل أكثر كلما كان نقدك حادا جارحا إن كنتَ "ضد"، أو كان مديحك متزلفا مطبِّلا إن كنتَ "مع" .

ويبلغ التفاعل ذروته حين تُطعِّم نقدك بعبارات مسيئة وبذيئة، أو تُطعِّم تثمينك بكلمات تملق وتزلف وتصفيق.

أما إذا تجنبت النقد والتثمين، وجئتَ بفكرة عملية، أو مقترح يعالج خللا كنتَ تنتقده، أو يدعم إنجازًا كنتَ تثمّنه، فستجد التفاعل يتلاشى، أو يكاد أن يتلاشى.

ويختفي التفاعل تماما إن أبدلت الكلام بالفعل، ونزلت إلى الميدان لتترك أثرا طيبا ينفع الناس ويمكث في الأرض..

أعرف أشخاصًا يعملون في الميدان بإخلاص لا يذكرهم أحد، وأعرف آخرين يكتبون بعمق وأسلوب أنيق فلا يحصدون إلا قليلا من الإعجاب.

وفي المقابل، هناك من ينشر كلاما تافها، وجملا ركيكة سخيفة، لكنه يَحصد سيلا من التعليقات والإعجابات.

الغريب أن كثيرا من أصحاب الإعجابات المزاجية ينتقدون الحكومة لأنها لا تضع "الشخص المناسب في المكان المناسب"، بينما هم أنفسهم لا يضعون "الإعجاب المناسب على المنشور المناسب"! ، ولو أوكلت لهم السلطة التعيين في إدارة ما، لوضعوا الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب، تماما كما يضعون الآن الإعجاب غير المناسب في المكان غير المناسب، وستكون أخطاؤهم أكثر فداحة في التعيبن  من أخطاء الحكومات التي يهاجمونها حاليا.

إن من لم يُحسن إدارة "إعجاباته" وتعليقاته على الفيسبوك – وهو لا يملك غيرها – لن يُحسن - بكل تأكيد -  إدارة مؤسسة عمومية لو أوكلت له إدارتها؟ والراجح أنه سيغرقها في فوضى من التعيينات المزاجية البعيدة عن أي منطق أو معيار، تماما كما يغرق الآن المنشورات التافهة بسيل من الإعجابات والتعليقات.

ومن يسرق منشورا في الفيسبوك وينشره باسمه دون أن يُشير لصاحبه الأصلي، فهو لن يتورع إن وجد الفرصة لذلك عن سرقة المال العام. والفرق الوحيد هنا أن السرقة الأولى متاحة له حاليا، والسرقة الثانية لم تتَح له بعد.

فالسرقة سرقة، سواء كانت "منشورًا" أو "مالًا عامًا".

وغياب الموضوعية هو غياب الموضوعية، سواء كان في "إعجاب زائف" أو في "تعيين غير مستحق".

الأربعاء، 20 أغسطس 2025

تفاهات (2)


أكثركم تفاهة أكثركم متابعة!

غاب نقاش الأفكار والرؤى في هذا الفضاء، ولم يعد هناك نقاش فكري أو ثقافي أو سياسي مفيد، وذلك بعد أن هيمن النقاش السطحي والتافه، هذا  في أحسن الأحوال، أما في أسوئها، وهو الغالب الأعم فقد هيمن  الكلام الساقط والمسيء، وسيطرت البذاءة،  فأكثركم اليوم إساءة سيكون أكثركم غدا متابعة، وبعد كل معركة بائسة بين شخصين أو أكثر في هذا الفضاء تستخدم فيها أشد الأسلحة بذاءة وإساءة ستزداد المتابعة وحجم التفاعل بالنسبة للطرفين المتنابزين، الظالم والمظلوم منهما، المجرم والضحية، وهو ما يعني أن الجميع "سيربح" بقياس حجم التفاعل ومستوى المتابعة، ومن كان أكثر بذاءة وسوقية ستحظى مناشره وبثوثه بتفاعل أكثر ( أشير هنا إلى أنك عندما تعلق لشخص ما بكلمة مسيئة تشتمه بها، فأنت بذلك تتفاعل معه، وترفع من قيمة منشوره، فما يهم في هذا الفضاء هو حجم التفاعل إيجابيا كان أو سلبيا لا محتواه).

 الظاهر للأسف أن الحال سيستمر على هذا المنوال، ما دامت المعارك الشخصية تزيد الإعجابات والمتابعة، فأشهر المتابعين في هذا الفضاء زادت متابعتهم بعد معارك وصراعات شخصية لا فائدة من ورائها للمجتمع والدولة.

إن جمهور هذا الفضاء لا يريد إلا المعارك الشخصية التي تستخدم فيها لغة السب والشتم بكثافة، وإن صادف أحدهم منشورا يتضمن فكرة مفيدة تركه دون إعجاب أو تعليق بحثا عن كلام ساقط وسيء لا يتضمن أي فكرة مفيدة.

نعم سيستمر الحال على حاله، فالتفاهة هي بالضبط ما يريده نشطاء هذا الفضاء، وهي وحدها التي تزيد من حجم التفاعل لمن يعتمدها نهجا وأسلوبا في التدوين.   

فبأي منطق تريدون أن تختفي التفاهة، ما دام المتلقي يريدها، ولا يريد غيرها، وما دامت من جهة أخرى هي الوسيلة الأكثر نجاعة لزيادة حجم المتابعين ومستوى التفاعل؟

-----

تفاهات (3)

منذ عقود وأنتم تصفقون لهم، وترفعونهم مكانا علياً في المجتمع، وتغدقون عليهم الأموال الطائلة، وتعزمونهم في ولائمكم العامة والخاصة، وتستخدمونهم فيما تعرفون. واليوم تتظاهرون بأنكم صُدِمتم بما فعل "اثنان" أو "اثنتان" منهم أمام الكاميرا؟ 

هاذ ياسر من اتبهليل..  

كل ما يفعل هؤلاء من منكرات الأعمال عليكم منه وزر، يا من فتحتم لهم غرف نومكم، وعزمتوهم في ولائمكم الخاصة، وأنفقتم عليهم بسخاء، وسرَّكم ما كانوا يفعلون من ضلالة.  

بكل تأكيد. لن تتوقف مثل هذه المنكرات في مجتمع يقوده التافهون، وتسيطر فيه "قيم" التفاهة، ويتنافس أغلب أفراده في جمع المال الحرام، بأكثر الوسائل والطرق شبهة وحرمة.

الثلاثاء، 19 أغسطس 2025

تفاهات (1)


واكتملت زوايا مثلث التفاهة..

الزاوية الأولى: ذائقة مجتمعية مشوهة، صارت لا تنبهر إلا بالسخافات، ولا ترتاح إلا للميوعة، ولا تتفاعل إلا مع ما لا يُسمن ولا يُغني من أفكار وكتابات. وللتأكد من ذلك لا تحتاج إلى بحث طويل، يكفي أن تنشر تدوينتين متزامنتين: واحدة تافهة لا معنى لها، وأخرى جادة تحمل فكرة أو تناقش قضية، وستكتشف بنفسك أيهما ستجد تفاعلا قويا، وأيهما ستمر دون إعجاب أو تعليق.

الزاوية الثانية: إدارات عمومية ومؤسسات خصوصية لم تعد ترى في العقول ولا في الكفاءات وسيلة للتسويق أو للتأثير، بل صار الطريق الأقصر عندها لتسويق أي شيء هو اللجوء إلى التافهين. المفارقة الأشد إيلاما أن الجاد قد ينتظر طويلا ليُقابل مسؤولا أو يطرح فكرة، بينما التافه يجد الأبواب مشرعة أمامه، والفرص تتزاحم في وجهه.

الزاوية الثالثة: نخب وواجهات مجتمعية وصلت إلى مواقعها لا بالكفاءة ولا بالجدارة، وإنما بالانتهازية وتبادل المصالح. ولأن "الطيور على أشكالها تقع"، فمن الطبيعي أن يرفع أولئك من شأن التافهين، وأن لا يروا فيما يدون أصحاب الكلمة الجادة والفكر الرصين، وفيما يقولون، غير صوتيات تغرد خارج السرب، يجب إسكاتها بالتجاهل. 

وللأسف، فالتفاهة ليست مجرد ظاهرة محلية أو استثناء عابر، بل هي ظاهرة عالمية، وثقافة أصبحت عابرة للحدود. 

نحن نعيش بالفعل عصرا يُقصى فيه عقل القلة، لصالح غباء الأكثرية، ويُهمش فيه الفكر الجاد لصالح "الترند" السطحي، وتُكسر فيه هيبة القيم، أمام هالة الوهم.

إنها ليست مجرد تفاهة.. إنها سطوة التفاهة، وسيطرة التافهين.

والمصيبة الأعظم أن كثيرًا منا صار يتعايش معها وكأنها قدر لا يُرد، أو سمة زمن لا يمكن الفكاك منها لمن قُدِّر له أن يعيش ذلك الزمن.

لكن الحقيقة أن مواجهة التفاهة تبدأ منّا نحن: من ذائقتنا، من اختياراتنا، من الكلمة التي نكتبها، ومن الإعجاب الذي نمنحه.

فإن استسلمنا لها عم الخراب، وإن رفعنا الصوت في وجهها، أعادنا ذلك إلى جادة الطريق.

فلنرفع رؤوسنا عاليا، ولنكف عن التصفيق للتافهين، فالأمة التي تبجل تافهيها، لن تنهض أبدًا.

الاثنين، 18 أغسطس 2025

المحظرة والرقمنة.. من التراث إلى الاقتصاد المعرفي


ظهرت صورة لمعالي وزير التحول الرقمي خلال عطلته وهو جالس أمام عدد من الألواح في محظرة. قد يرى البعض هذه الصورة مجرد صورة ذكية ميزت الوزير عن غيره من الوزراء الذي نشروا خلال عطلهم صورا مكررة لم تستوقف أحدا، وقد يضيف هؤلاء هذه الصورة المميزة إلى خطوة أخرى سبقتها، ميزت عطلة الوزير عن غيرها من عطل بقية الوزراء، وذلك لما أعلن عن رفضه للاستقبالات الشعبية التقليدية، والتي تنافس عليها غيره  من الوزراء.

حقا، لقد تميز وزير الرقمنة في عطلته عن غيره من الوزراء، وذلك برفضه للاستقبالات الشعبية، كما تميز أيضا بهذه الصورة، ولكن دلالات هذه الصورة لا تتوقف على ذلك التميز ، بل إنها في دلالاتها الأعمق  تختزل معادلة استراتيجية، يمكن أن نعبر عنها من خلال هذا السؤال: كيف يمكن لموريتانيا أن تحول إرثها العلمي العريق إلى مورد اقتصادي عبر الرقمنة؟

إن المحظرة - وهي إبداع معرفي موريتاني أصيل-  ليست مجرد مؤسسة تعليمية تقليدية، بل إنها تجسد رصيدا معرفيا ضخما شكّل هوية البلاد لقرون، ووهبها لقب بلاد شنقيط،  ومنحها مكانة خاصة في العالمين العربي والإسلامي. هذه السمعة الطيبة التي منحتها لنا المحظرة في الماضي، تشكل اليوم ميزة تنافسية نادرة يمكن استثمارها في سياق الاقتصاد المعرفي المعاصر.

إن الجمع بين المحظرة والرقمنة يتيح فرصاً اقتصادية واعدة، من أبرزها:

1. تأسيس جامعة رقمية دولية للمحظرة الموريتانية من خلال إطلاق منصة افتراضية لتدريس العلوم الشرعية واللغة العربية، مفتوحة أمام عشرات الآلاف من الطلاب في مختلف أنحاء العالم، خصوصاً في الدول غير المسلمة حيث يندر التعليم الشرعي الموثوق. في بعض هذه الدول  قد يجد المسلم الحديث العهد بالإسلام نفسه في مأزق حقيقي، عندما يقوده سعيه لتعلم الإسلام إلى جماعات مسلحة أو إلى جماعات أخرى حرفت التصوف وأدخلت فيه طقوسا لا علاقة لها بالدين، ومن هنا تبرز أهمية تأسيس جامعة مؤتمنة، تعلم دين الإسلام عن بعد أو بشكل مباشر للمسلمين في شتى أنحاء العالم، وسمعة موريتانيا الطيبة في هذا المجال تتيح لها القيام بذلك الدور؛ 

2. إطلاق منصة تعليمية مرنة: تقدم برامج قصيرة ومتوسطة المدى برسوم اشتراك تنافسية، على غرار المنصات العالمية، على أن تعتمد هذه المنصة محتوى محظري موريتاني أصيل.

3. شراكات أكاديمية دولية: لتعزيز الثقة وتسويق "المنتج العلمي الموريتاني" في أسواق التعليم والمعرفة في العالمين العربي والإسلامي.

بهذا المعنى، فإن الألواح التقليدية التي ظهرت في الصورة أمام وزير التحول الرقمي، تمثل مخزوناً معرفياً قابلاً للتحويل إلى محتوى رقمي عالي القيمة. وعندما يتم استثماره عبر التقنيات الحديثة، فإنه سيحقق عائداً مزدوجاً: خدمة الدين واللغة من جهة، وتحقيق عائد اقتصادي مستدام للبلاد من جهة أخرى، أي أنه يجمع بين الدنيا والآخرة. 

لقد نشر أجدادنا العلوم الشرعية في العالم العربي والإسلامي بوسائلهم التقليدية، واليوم يمكننا أن نواصل رسالتهم عبر الرقمنة، وهو ما سيمنح لموريتانيا موقعاً ريادياً في الاقتصاد المعرفي الإسلامي، ويعيد لها كذلك سمعتها الطيبة التي كانت تتمتع بها في الماضي عندما كانت تعرف ببلاد شنقيط، وعندما كان علماؤها الذين تعلموا في المحظرة، يعرفون بغزارة العلم وبنشره في بلاد المشرق العربي وغرب إفريقيا..

الأحد، 17 أغسطس 2025

حلقة نقاشية عن السلامة الطرقية عند الكلم 44


خصص صالون المدونين حلقته لهذا الأسبوع (السبت 16 أغسطس 2025) لموضوع حيوي في ملف السلامة الطرقية، وهو دور التوعية في الحد من حوادث السير. وتعدٌُ هذه الحلقة افتتاحا لسلسلة من النقاشات التي سيخصصها الصالون لهذا الملف من مختلف جوانبه، تزامنا مع موسم الخريف الذي يشهد عادة ارتفاعا في كثافة حركة السير على الطرق الوطنية، وما يترتب على ذلك من زيادة احتمالات وقوع حوادث سير  مميتة.

وقد تم تنظيم الحلقة النقاشية أمام المجسم التوعوي الذي شيدته حملة معا للحد من حوادث السير عند الكلم 44 من مقطع (نواكشوط – بوتلميت)، وهو المقطع المعروف بكونه أخطر مقطع طرقي في البلاد.

افتتحت الحلقة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، أعقبها دعاء لأفراد الأسرة الذين قضوا في الحادث المأساوي الذي خُلِّدَ بسيارتهم المثبتة على النصب التوعوي. وفي كلمته الافتتاحية، حثَّ الشيخ حبيب الله أحمد السائقين على ضرورة الالتزام بإجراءات السلامة الطرقية باعتبارها أمانة ومسؤولية، كما دعا في ختام كلمته إلى مراجعة مبلغ الدية.

وتحدث بعده باسم أسرة الضحايا، الابن الأكبر المختار الشيخ ولد محمدو ابراهيم، وذلك بحضور عدد من أفراد الأسرة، مؤكدا في كلمته أن الفاجعة لم تعد تخص أسرة واحدة، بل أصبحت فاجعة وطنية تمس جميع الموريتانيين. وأشاد بمبادرة الحملة في تشييد هذا المجسم التوعوي، ودعا السائقين إلى التقيد بقواعد السلامة الطرقية حفاظا على الأرواح والممتلكات.

وتوالت المداخلات بعد ذلك من خبراء وسائقين وناشطين في المجتمع المدني، حيث تناولوا من زوايا متعددة دور التوعية في الحد من نزيف الطرق.

وفي ختام الحلقة، ألقى الكاتب محمد الأمين الفاضل كلمة باسم الصالون، أكد فيها أن سلسلة النقاشات حول السلامة الطرقية ستتواصل من نفس المكان (الكلم 44)، على أن تستضيف كل حلقة خبراء ومختصين إلى جانب أسرة من أسر ضحايا الحوادث التي وقعت على هذا المقطع، ليكون حضور ذوي الضحايا مناسبة للتذكير والدعاء والترحم على أحبائهم الذين فقدوهم في حوادث سير أليمة.

كما تعهد محمد الأمين في كلمته الختامية، والتي كانت كغيرها من فقرات الحلقة تبثُّ بشكل مباشر عبر عدة منصات، بالتزامه الطوعي بعدم تجاوز سرعة 100 كلم/ للساعة عند  قيادته للسيارة، مهما كان الظرف الاستعجالي الذي يمر به، داعيا الجميع إلى اتخاذ التزامات علنية مماثلة. واعتبر أن مثل هذه الالتزامات العلنية تمثل خطوة أساسية للانتقال من الحديث عن السلامة الطرقية إلى تبني سلوكيات ملموسة من شأنها أن تساهم في تعزيز ثقافة السلامة الطرقية، وهو ما سيقلل من حجم حوادث السير في بلادنا.



الجمعة، 15 أغسطس 2025

هي وزارة التجهيز والنقل ما " اتراعي فَلٌحوادث"؟!


لقد اخترتُ العنوان بهذه الصيغة بالذات، للفت الانتباه إلى مقالي هذا الذي يتحدث عن خلل بيِّن في مجال السلامة الطرقية، طالما نبهنا عليه، ولكن دون جدوى.

إن غياب أي جهة رسمية أو شبه رسمية تنشر أخبار حوادث السير، وتقدم تفاصيلها الدقيقة للرأي العام الوطني لم يعد أمرا مقبولا، وإذا كانت الجهات الرسمية لا ترغب في الوقت الحالي في نشر تلك الأخبار، فما عليها إلا أن تزودنا في حملة معا للحد من حوادث السير بأخبار الحوادث وتفاصيلها بانتظام لنتولى عنها النشر، ولدينا في الحملة صفحة نشطة في مواقع التواصل الاجتماعي تُحاول دائما أن تنشر أخبار الحوادث، ولكن مشكلتنا في الصفحة هي أن "الشهود العيان" قد يزودوننا في كثير من الأحيان بمعلومات غير دقيقة أو غير مكتملة، مما يوقعنا في إشكاليات عديدة. وهذا بالضبط هو ما حصل معنا، يوم أمس الخميس 14 أغسطس 2025، بخصوص عدد الوفيات في أحد حوادث السير التي نشرنا عنها  في ذلك اليوم.

أذكر أنه مع ظهور جائحة كورونا، عشنا تضاربا كبيرا في الأرقام، ولم يتوقف ذلك التضارب في الأرقام إلا بعد أن قررت وزارة الصحة أن تنظم  مؤتمرا صحفيا كل يوم، تقدّم من خلاله آخر المستجدات عن الإصابات بكورونا في بلادنا، فأصبحت جميع المصادر الإعلامية تنقل الأخبار من وزارة الصحة. ونفس الشيء حصل مع أخبار الجرائم، حيث كان هناك تضارب كبير  في أخبار الجرائم، بل وتضخيم لها في كثير من الأحيان، ولم يتوقف ذلك إلا بعد أن أطلقت إدارة الأمن الوطني صفحة على الفيسبوك، تنشر فيها أخبار الجرائم، وتفنّد ما قد يتم تداوله من إشاعات بين الناس، قد تثير المخاوف وتحدث قلقا لدى المواطنين.

الأمر ذاته يمكن أن نقوله عن ضحايا الأمطار والعواصف، حيث تنشر اللجنة الفنية التابعة للجنة الوزارية المكلفة بتسيير الأزمات والطوارئ تقاريرها عن الأضرار البشرية والمادية بانتظام.

فلماذا هذا التجاهل في النشر الخاص بضحايا حوادث السير، مع العلم أن عدد ضحايا حوادث السير لا يمكن أن يُقاس بأي عدد آخر من الضحايا؟

من المعلوم أن شفافية المعلومات المتعلقة بحوادث السير تعتبر إحدى ركائز السلامة الطرقية، وأنه في معظم البلدان، توجد جهة رسمية مختصة تقوم بشكل دوري – يوميا أو أسبوعيا – بنشر بيانات دقيقة وموثوقة عن حوادث السير تشمل:

1 ـ عدد الوفيات والإصابات، ونوعية تلك الإصابات ومدى خطورتها؛

2 ـ الأسباب المباشرة للحادث، والظروف المحيطة، وكل التفاصيل المتعلقة بطبيعته.

3 ـ موقع الحادث بالكلم، وزمن وقوعه بالساعة والدقيقة.

إن غياب مثل هذه الجهة في موريتانيا يفتح المجال أمام تضارب كبير في الأرقام والمعلومات، حيث يعتمد الناس على شهود عيان قد يبالغون في شهاداتهم، وقد تكون شهاداتهم ناقصة، أو غير دقيقة، وهو ما يؤدي في المحصلة النهائية إلى:

1 ـ التشويش على الرأي العام، والمبالغة في المعلومات المتداولة، أو عدم الدقة فيها على الأقل؛

2 ـ  غياب قاعدة بيانات حقيقية يمكن الاستناد إليها لوضع سياسات وخطط فعّالة للحد من حوادث السير؛

3 ـ  صعوبة تقييم أداء الأجهزة الأمنية والطبية في الاستجابة لحوادث السير؛

4 ـ  ضعف القدرة على التحليل الإحصائي لتحديد أهم أسباب حوادث السير، وترتيب تلك الأسباب بدقة، وكذلك تحديد النقاط السوداء في الطرق.

فعلى سبيل المثال، سُجّل يوم أمس حادث سير في قلب الغين توفي فيه أحد عمال الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (اسنيم)، نسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته. عندما سمعت بهذا الحادث تذكرت أني سمعت قبله بعدة حوادث في نفس المكان، فوجدت من الضروري جمع معلومات عن الحوادث في هذه المنطقة، لكني لم أجد أي جهة يمكن اللجوء إليها لجمع تلك المعلومات.

إن وجود جهة رسمية لنشر المعلومات الضرورية عن حوادث السير سيحقق فوائد كثيرة في غاية الأهمية، لعلَّ من أهمها:

1 ـ  تحسين الوعي المجتمعي بخطورة الحوادث وأسبابها.

2 ـ  دعم اتخاذ القرارات المبنية على بيانات حقيقية، سواء من طرف الأجهزة الحكومية أو منظمات المجتمع المدني الفاعلة في المجال.

3 ـ  تسهيل العمل الإعلامي وتمكين الصحافة والمجتمع المدني من نشر المعلومات الصحيحة.

4 ـ  تعزيز الشفافية والمصداقية في التعاطي مع ملف حوادث السير.

إن إنشاء مرصد وطني لحوادث السير، أو تكليف إدارة رسمية حالية بهذه المهمة، أو إحالتها إلى منظمة مجتمع مدني فاعلة، سيكون خطوة مهمة قد تُساعد في الحد من حوادث السير، وبالتالي في إنقاذ الأرواح.

هذا المرصد يمكن أن يقدّم كذلك معلومات تحذيرية وإرشادية لسالكي الطرق، يتم تحديثها بشكل يومي، تُحَدِّدُ لهم الأماكن التي قد توجد بها ألسنة رملية أو حفر أو أشغال عامة، أو غير ذلك من المعلومات التي قد تساعدهم في جعل سفرهم آمنا.

وبالمناسبة، فإن تقديم تلك المعلومات يمكن أن يتم عبر تطبيقات تقنية متاحة. ونحن في الحملة قد عرضنا على وزارة التجهيز والنقل، ووزارة الرقمنة وعصرنة الإدارة، تطبيق "سلامتك"، وهو تطبيق من إعداد مهندس موريتاني تبرع به للحملة، والحملة عرضته بدورها على الجهات الحكومية والأمنية المعنية، ولكننا لم نتلقَّ ـ حتى الآن ـ أي رد إيجابي بخصوصه.

حفظ الله موريتانيا..


الخميس، 14 أغسطس 2025

عن سقوط حاوية على سيارة


هذا مقطع مصوّر قصير على هامش زيارة ميدانية قام بها بعض شباب الحملة مساء أمس إلى موقع سقوط حاوية من شاحنة على سيارة صغيرة. سقوط الحاوية دون انقلاب الشاحنة يؤكد أن الحاوية لم تكن مثبتة بشكل جيدا، وتلك هي الملاحظة الأولى على احترام إجراءات السلامة من طرف سائق أو مالك الشاحة. للأسف الكثير من السائقين لا يثبت الحاويات على الشاحنات ربما لغياب أو تلف أقفال التثبيت، أو ربما لاعتقاده أن الحاوية إذا لم تكن فارغة، أي محملة بالبضائع، لن تسقط نظرا لوزنها الثقيل.    

لله الحمد، لم يكن داخل السيارة أي ركّاب، وإلا لكانت فاجعة حقيقية. قيل أن السائق نزل منها قبيل الحادث بقليل.

يُظهر المقطع أن الشاحنة متهالكة، والحقيقة أن كثيرًا من الشاحنات في بلادنا تعاني من نفس الحال، حتى إن بعضها يعجز عن الصعود على المرتفعات، فيعود إلى الوراء ويسقط على ما يعترض طريقه.

ولعلّكم تذكرون الحادث الذي وقع مؤخرًا على شارع "التيو"، حيث سقطت شاحنة على سيارة صغيرة فهشمتها تمامًا، ولحسن الحظ لم يكن داخل السيارة أحد، ولو كان يوجد بها ركاب لكانت الفاجعة.

تكرار حوادث سقوط الشاحنات على السيارات الصغيرة يطرح مشكلتين خطيرتين في الإسعاف والتدخل السريع، وهي مشاكل  لا تُوجد لها حتى الآن حلول كافية:

1- غياب الآليات الثقيلة لرفع الشاحنات عن الضحايا في  بعض المواقع الحرجة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك حادث "الغشوات" المؤلم الذي فقدنا فيه أسرة كاملة بعد سقوط شاحنة على سيارة الأسرة، ولم يتم الوصول إلى الضحايا إلا بعد خمس ساعات تقريبا.

2-  نقص في أجهزة قطع الحديد وتفريجه عن الضحايا (مقصات، رافعات، مفرجات، سلاسل حديدية...إلخ)  وهذه الأجهزة ضرورية جدا في الحالات التي تتحطم فيها السيارة على الضحايا وتتكدس عليهم، فيصعب بالتالي الوصول إليهم، وتصبح هناك حاجة ماسة لقطع الحديد وتفريجه للوصول إلى الضحايا قبل فوات الأوان.

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع 

#معا_للحد_من_حوادث_السير



الأربعاء، 13 أغسطس 2025

حاسبوا هذا المواطن الجاهل الأحمق ..


سيارات الإسعاف التي ترونها في هذه الصورة، والطواقم الطبية الموجودة فيها، وكل هذا الوقت الثمين الذي ضاع… كان سببه "مواطن" جاهل أحمق، اتصل بالرقم 101 فقط ليتسلى!
أبلغ عن حادث سير لم يقع. وتحدث عن العديد من الإصابات!!

تصوّروا أنه في نفس اللحظات التي تحركت فيها سيارات الإسعاف هذه، والطواقم الطبية الموجودة فيها، أن هناك في نفس تلك اللحظات مصابا ينزف في الشارع، أو طفلا يختنق، أو شيخا تعرض لأزمة قلبية مفاجئة، وتصوروا أن أولئك لم تصلهم سيارات الإسعاف بالسرعة المطلوبة، بسبب عبث هذا العابث الذي شغل الخط، وأربك الطواقم الطبية، وحرّك سيارات الإسعاف في اتجاهات خاطئة!

أليس هذا العابث المستهتر مجرمًا يستحق أشد العقوبات؟

ألم ننتقد من قبل العون الطبي الاستعجالي لأنه تأخر عن الوصول إلى هذا المصاب أو ذاك، فلماذا لا ننتقد – وبحدة أكبر – هذا المستهتر الأحمق الذي يتلاعب بأرواح الناس من خلال تقديم بلاغات كاذبة؟

أتذكر أن الدكتور سيد أحمد لمام من العون الطبي ذكر في عرضٍ خلال ندوة حضرتها، أن الرقم 101 استقبل خلال 48 أسبوعًا بعد تأسيسه 170,356 مكالمة، لم تكن مفيدة منها سوى 2,805 مكالمة فقط، أي بنسبة 1.6%!

سألته يومها: ولماذا لا تلاحقون قضائيًا هؤلاء المتصلين المستهزئين، خاصة وأن أرقام الهواتف أصبحت مسجلة بأسماء أصحابها؟ فأجاب بأنهم بالفعل بدؤوا التفكير في ذلك، وقاموا   باستشارات في هذا الشأن.

وقبل الرقم 101، كان هناك الرقم 1155 الذي خُصص لجائحة كورونا، ورغم الخوف الذي عمّ على الناس في تلك الفترة، لم يسلم هذا الرقم  هو الآخر من المكالمات الساخرة والبلاغات الكاذبة، وظل ذلك حاله إلى أن أُغلق في نهاية المطاف!

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع

#معًا_للحد_من_حوادث_السير

الثلاثاء، 12 أغسطس 2025

أطلقوا سراح الناشط البيئي علي بن بكار


في الوقت الذي تتعرض فيه مواردنا البحرية لضغوط متزايدة، وتواجه ثروتنا السمكية تحديات جسيمة، يبرز دور النشطاء في مجال البيئة من ذوي الخلفيات العلمية ليكونوا بمثابة صوت يقظ، ينبه، ويحذر، ويساهم بالتالي في الحفاظ على مواردنا البحرية. 

ومن بين هؤلاء يمكن أن نتحدث عن الناشط البيئي علي بن بكار   الذي تكفي نظرة سريعة على حسابه في الفيسبوك لاستنتاج ما يلي:

1 - أن له خلفية علمية بخصوص الموضوع الذي يتحدث فيه؛ 

2- أن لديه جهد مهم في تتبع سفن الصيد ومساراتها من خلال برنامج معروف يسمى:  Global Fishing Wach؛

3- أنه يقدم استنتاجات بناء على ما جمع من معلومات، وهي استنتاجات قد تكون سليمة، ولكنها في بعض الأحيان قد لا تكون كذلك، وهذا أمرٌ طبيعي جدا في أي جهد فردي.

إن كل ساع للإصلاح في موريتانيا، معارضا كان أو مواليا، لن يرتاح لتوقيف هذا الناشط البيئي، خاصة وبعد أن تأكد بأنه لاقى خلال التوقيف معاملة غير لائقة.

إني من الذين يؤمنون أن قوة النظام - أي نظام - تكمن في استعداده للاستماع لكل رأي مخلص، والتحقيق الجاد في كل معلومة قد تكشف عن فساد أو استنزاف غير مشروع. فإذا ثبت وجود مفسدين، فإن الواجب الوطني يفرض معاقبتهم بلا تهاون، وفاءً لما تضمنه برنامج طموحي للوطن من التزامات في مجال محاربة الفساد،  وحماية  لثروات شعب بحاجة ماسة لأن تحمى له ثرواته من المفسدين. 

إن حبس ناشط بيئي بسبب آرائه أو تنبيهاته — إذا كان ذلك هو السبب — يبعث للأسف الشديد برسائل سلبية لا تخدم ثقة المواطن بالجهود المعلن عنها في مجال محاربة الفساد. 

إن مضامين برنامج طموحي للوطن تقتضي التكفل لكل مواطن بحقه في التعبير المسؤول عن رأيه، وتضمن له حقه في المشاركة في الرقابة الشعبية على ثروات الوطن..

إننا نطالب بإطلاق سراح الناشط البيئي  علي بن بكار بشكل فوري،  ونرجو أن تكون قضيته فرصة لتعزيز الشفافية، وصيانة حق التعبير،  والتأكيد على أن صوت الحق المسؤول مرحب به دائمًا في بلادنا.

الاثنين، 11 أغسطس 2025

صالون المدونين يناقش حوادث السير في موريتانيا ويصدر توصيات


خصص صالون المدونين حلقته النقاشية لهذا الأسبوع لموضوع حوادث السير في موريتانيا، وذلك على خلفية تزايد وتيرة الحوادث خلال الأيام والأسابيع الأخيرة.

وشارك في النقاش ممثلون عن سلطة تنظيم النقل الطرقي، والعون الطبي الاستعجالي، والناقلين، والسائقين، إضافة إلى علماء، وأطباء، وخبراء، ونشطاء في المجتمع المدني.

استهلت الحلقة النقاشية بمداخلة شرعية قدمها الدكتور الشيخ ولد الزين، الذي أكد أن السائق الذي يقود بسرعة مفرطة يعد قاتلًا فعليًا أو قاتلًا مفترضًا، حتى وإن وقاه الله من الهلاك.

تلا ذلك حديث رئيس الاتحادية الوطنية للنقل، ثم توالت المداخلات التي تناولت الملف بعمق ومن مختلف الزوايا، وهو ما أسفر عن تقديم العديد من المقترحات والتوصيات، كان من أبرزها:

1. دعوة الحكومة إلى تنظيم منتديات وطنية حول السلامة الطرقية، تشارك فيها جميع القطاعات المعنية، فضلًا عن النقابات ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة في المجال.

2. تشييد طرق باتجاهين، خاصة على المقطع (بوتلميت – نواكشوط)، مع الاهتمام أكثر بالصيانة، وتصميم الطرق وفق معايير السلامة الطرقية.

3. جعل الاهتمام بالسلامة الطرقية ذا طابع وقائي ومستمر، لا أن يكون مجرد ردود فعل بعد وقوع الحوادث.

4. فرض الصرامة في نقاط التفتيش لضبط السرعة والحمولة، وعدم التساهل في قرار وقف سيارات النقل بعد منتصف الليل.

5. إنشاء محطات استراحة لائقة للسائقين على الطرق الطويلة.

6. إلزام شركات النقل بتأمين سائقيها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

7. فرض تقييم نفسي للسائقين، وإشراك طبيب نفسي في لجان منح رخص السياقة.

8. تأسيس أكاديمية متخصصة، وفق المعايير الدولية، لتعليم وتدريب السائقين.

9. وقف منح رخص السياقة صالحة مدى الحياة، وتحديد فترة صلاحية لها كما هو معمول به في دول العالم، مع إخضاع الرخص لنظام التنقيط.

10. العمل بإلزامية الفحص الفني الدوري للمركبات.

11. الحث على الاتصال بالرقم 101 المجاني، والذي لا يتطلب وجود شريحة في الهاتف، في حالة وقوع حادث، بدلًا من محاولة الاتصال بأقرب نقطة أمنية.

12. تكثيف حملات التوعية والتحسيس.