الثلاثاء، 14 يناير 2020

كسل X كسل!


يعاني الشعب الموريتاني من كسل شديد، ويتجلى ذلك الكسل في العديد من المظاهر والأنماط، ويمكن أن نتوقف في هذه العجالة مع نمطين من كسل الشعب الموريتاني، أولهما كسل بدني وثانيهما كسل ذهني أو فكري.
أولا/ الكسل البدني

أظن بأننا نتفق جميعا في هذه البقعة من الأرض على أننا من الشعوب التي تعاني من كسل بدني فظيع، ومن مظاهر ذلك الكسل البدني:

1 ـ أن تجد أسرة موريتانية فقيرة تمنح أجرا كبيرا لعامل منزلي، وذلك على الرغم من كونها تضم عددا كبيرا من الأبناء والبنات العاطلات عن العمل.

2 ـ أن تجد آلاف الشباب العاطل عن العمل يندب حظه ويمنعه التكبر والكسل من مزاولة حرف ومهن مدرة للدخل، ويترك تلك المهن والحرف للمهاجرين القادمين من البلدان المجاورة أو غير المجاورة.

3 ـ أن تجد سائق سيارة يُصِرُّ على إيقاف سيارته في مكان مزدحم كسوق العاصمة أو "آفاركو" مثلا، وقد يأتيه صاحب سيارة أخرى فيوقف سيارته بطريقة تجعل من تحرك سيارته أمرا مستحيلا من قبل عودة صاحب السيارة الثانية، فيضيع عليه بذلك وقتا ثمينا في الانتظار، كما ضاع عليه من قبل ذلك وقتا ثمينا في الزحمة من قبل الوصول إلى مكان توقيف السيارة.  لولا الكسل البدني لأوقف صاحب تلك السيارة سيارته قرب المتحف الوطني أو الجمعية الوطنية مثلا، واتجه من بعد ذلك مشيا على الأقدام إلى "أفاركو"، فيربح بذلك وقتا ثمينا ضيعه في الزحمة، وربما ربح وقتا آخر قد يضيع في انتظار أن تفتح له الطريق بعد أن تم احتجاز سيارته من طرف سيارة أخرى أوقفها صاحبها بطريقة خاطئة، وكثيرا ما يحدث مثل ذلك.

مظاهر الكسل البدني للشعب الموريتاني عديدة وأكثر من أن تبسط  في هذه العجالة، فأينما وليت وجهك في هذه البقعة من الأرض، فإنك لا محالة ستجد مظهرا من مظاهر ذلك الكسل، والغريب أن آباءنا وأجدادنا لم يكونوا كسالى، فهل الإسعافات وملحقاتها هي التي أنتجت هذا الكسل القاتل الذي نعيشه اليوم؟

قد يكون المكان الوحيد  الذي ينشط فيه الشباب الموريتاني بحماس، وتختفي فيه كل مظاهر الكسل هو تلك الصحاري التي يتم فيها التنقيب عن الذهب، ولو أن الشباب الموريتاني اصطحب معه النشاط والحماس اللذين ينقب بهما عن الذهب إلى الشواطئ الموريتانية الغنية بالأسماك أو إلى الأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة في أرضنا هذه، لحقق بذلك نجاحات كبرى على المستويين الشخصي والعام.

ثانيا/ الكسل الذهني
 
لا جدال ـ إطلاقا ـ في ذكاء الإنسان الموريتاني، ولكن المشكلة هي أن الموريتاني لا يشغل ذهنه إلا نادرا، وذلك بسبب الكسل الذهني الذي يعاني منه، فمن الصعب جدا أن تجد موريتانيا يقبل بأن يقضي عدة دقائق متواصلة وهو يفكر ـ ويفكر بتركيزـ  في قضية عامة. من الصعب أن تجده منشغلا بالتفكير للبحث عن حلول لمشكلة عامة، ويتساوى في ذلك الأمر من تدخل تلك المشكلة في صميم عمله الذي يتلقى مقابله راتبا، و من لا تدخل تلك المشكلة في صميم عمله.

ويتجلى الكسل الذهني عند الموريتانيين في عدة ظواهر لعل من أبرزها ظاهرة التقليد الأعمى والغبي والتي اكتسحت كل شيء، فتجد أصحاب الأموال الطائلة يكدسون أموالهم في انتظار أن يشذ أحدهم عن القاعدة، فيفكر، ويفكر، ويفكر إلى أن يبتدع  مشروعا تجاريا غير تقليدي ومربح. ولكن ما أن يُطلق صاحب الفكرة مشروعه التجاري حتى تستنسخ منه المئات ـ إن لم أقل الآلاف ـ من النسخ من طرف الكسالى ذهنيا من أصحاب الأموال. نفس التقليد الغبي يحدث مع السياسيين، ولذا فتجد عند الموالين نفس المبادرات الساذجة التي لا تتغير أبدا، وتجد عند المعارضين نفس المسيرات التقليدية التي لا تتغير حتى في مسارها. لا يختلف الأمر كثيرا عند منظمات المجتمع المدني فالأنشطة هي هي ودون أبسط تعديل!

إننا نعيش في هذه البقعة من الأرض نمطية قاتلة في كل المجالات، وذلك بسبب كسلنا الذهني. كما نعيش بطالة واستنزافا كبيرا لمواردنا بسبب كسلنا البدني، فمتى سننشط في هذه البقعة من الأرض أدمغتنا بالتفكير؟ ومتى سننشط أبداننا بالعمل؟ متى؟ متى؟   

حفظ الله موريتانيا..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق