إني أحلم بأن أستيقظ ذات يوم على وطن حقيقي، يكون انتماء المواطن فيه للوطن من قبل أن يكون للقبيلة، أو للجهة ، أو للعرق، أو للشريحة.
الأربعاء، 4 مارس 2020
أيها العقلاء : من تخاطبونهم ليسوا بالسذج!! (تدوينة)
تابعتُ مواقف أصدقائي مما يجري حاليا في أدلب، فوجدتُ بأنهم
قد انقسموا إلى فسطاطين اثنين، لا ثالث لهما :
الفسطاط الأول: يرى
بأن التدخل التركي في سوريا هو جهادٌ في سبيل الله، وأنه من الحروب المقدسة التي
يجب على الجميع أن يناصرها.
الفسطاط الثاني: يرى
بأن التدخل التركي في سوريا هو استعمار بغيض يجب على الجميع أن يدينه ويندد به،
وذلك هو أضعف الإيمان.
الراجح عندي ـ وأنا هنا أتحدث في السياسة لا في الشرع ـ أن تركيا
لم تتدخل في سوريا جهادا في سبيل الله، ولو كانت تركيا تريد أن تجاهد في سبيل الله
لحاربت إسرائيل، أو على الأقل لقطعت العلاقات معها. في المقابل فإن التدخل التركي
في سوريا ليس استعمارا بغيضا كما يروج لذلك البعض ..الطريف في الأمر أن أصحاب هذا
الفسطاط لا يتحدثون عن الاستعمار البغيض إلا إذا تدخلت تركيا، أما تدخل الروس
والإيرانيين وغيرهم فهم إن لم يرفعوه إلى رتبة الجهاد في سبيل الله، فإنهم لن
ينزلونه ـ بكل تأكيد ـ إلى رتبة الاستعمار البغيض التي أصبحت في قاموسهم السياسي
تعني فقط التدخل التركي!!
على الناشطين في الفسطاطين أن يعلموا بأن قراءهم ليسوا بتلك
السذاجة التي يحدثونهم بها، وعليهم إذا ما أرادوا أن يسوقوا آراءهم أن يحترموا عقل
المتلقي. فلو أن أصحاب الفسطاط الأول قالوا بأن تركيا تتدخل في سوريا من أجل
مصالحها، وأن مصالحها تتقاطع في هذا الوقت مع مصالح الشعب السوري لكان بالإمكان
الاستماع إلى ما يقولون. ولو أن أصحاب الفسطاط الثاني نددوا بالتدخل الروسي
والإيراني في سوريا ثم نددوا من بعد ذلك بالتدخل التركي لكان بالإمكان الاستماع
إلى ما يقولون.
إني أدعو أصدقائي في الفسطاطين أن يتوقفوا عن اعتبار من يقرأ
لهم بتلك السذاجة التي يخاطبونه بها..إن التدخل التركي في سوريا ليس جهادا في سبيل
الله، وليس استعمارا بغيضا، وبين الجهاد والاستعمار توجد العديد من الأوصاف التي
يمكن أن نختار منها ما نراه أقرب إلى الحقيقة، وقابلا في الوقت نفسه للتسويق داخل
جمهور ذكي وليس ـ بالضرورة ـ بتلك السذاجة
التي يتخيلها نشطاء الفسطاطين.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق