الأحد، 22 يوليو 2012

"قريبا"..!!


قيل لنا من قبل اجتماع مجلس الوزراء الماضي بأن الوزراء سيدخلون في عطلتهم السنوية، ولكنا بعد ذلك فوجئنا باجتماعهم خلال عطلتهم المعلنة في مجلس لم يتخذ إجراءً خصوصيا واحدا، ولم يمنح ترخيصا جديدا لشركات التنقيب، وإنما اكتفى بالقول بأن الانتخابات القادمة ستنظم "قريبا"..!!
بالنسبة لي لم أتوقف كثيرا عند الخبر الذي تناقلته بعض المواقع، من قبل الاجتماع المذكور، والذي ذكرت من خلاله بأن الوزراء لن يجتمعوا لأنهم قد بدؤوا عطلتهم السنوية. فبالنسبة لي، فالإعلان عن العطلة السنوية ليس إلا مجرد محاولة فاشلة لإقناع المواطنين بأن الوزراء كانوا يعملون فيما مضى من السنة، وأنهم يحتاجون لعطلة بعد جهد شاق، وبعد عام حافل بالكثير من الانجازات الميدانية.
فالحكومة عندما تعلن بأنها ستأخذ عطلتها السنوية، فهذا يعني بأنها كانت تعمل فيما مضى من السنة، وهذا هو ـ بالضبط ـ ما أرادت الحكومة أن توصله لنا بعد أن فشلت في إيصاله بأي طريقة أخرى. وفي هذه أيضا فشلت الحكومة، والدليل على ذلك الفشل  سآتيكم به من مكان لا تتوقعونه أبدا، سآتيكم به من  مجلس الوزراء نفسه، ومن بيانه الذي نشره خلال عطلة الوزراء.
ففي المجلس المذكور وجه رئيس الجمهورية ـ وحسب نص البيان ـ  تعليماته للحكومة من أجل القيام برحلات ميدانية على كافة التراب الوطني للإطلاع عن قرب على مستوى انجاز المشاريع، والبرامج التنموية، و على المشاكل اليومية للمواطنين من أجل إيجاد الحلول المناسبة. ألا يعني هذا الكلام ـ وبلغة صريحة وفصيحة ـ  بأن الوزراء خلال مزاولتهم لمهامهم لم يهتموا بالمشاكل اليومية للمواطنين، ولم يبحثوا لها عن حلول مناسبة، مما جعل الرئيس يطلب منهم الاهتمام بتلك المشاكل خلال عطلهم السنوية؟
وحتى لا نُضيع الوقت في الجدل حول توقيت ومدة عطل الوزراء، وهل أن السنة بكاملها هي مدة عطل الوزراء، باستثناء 15 يوما منها؟  أم أن العكس هو الصحيح؟ حتى لا نضيع وراء ذلك الجدل دعونا نعد إلى كلمة "قريبا" التي جاءت في اجتماع مجلس الوزراء، والذي التأم في أول يوم من بداية عمل الوزراء الذي سيستمر لأسبوعين كاملين، مما يعني بعبارة أخري  أكثر وضوحا بأنه قد التأم في أخر يوم من عطلة الوزراء التي استمرت 11 شهرا و15 يوما.
المهم أن مجلس الوزراء قال بأن الانتخابات ستنظم "قريبا"، وهو لم يكن جادا في ذلك القول، والدليل على ذلك هو أنه لم يحدد موعدا نهائيا، وإنما اكتفى بكلمة "قريبا"، وكأنه أراد بذلك أن يقول للمعارضة المقاطعة بأنه سينظم انتخابات بدونها، إذا ما ظلت مصرة على مطلب الرحيل، وإذا ما ظلت ترفض الدخول في حوار جديد.
و كلمة "قريبا" هذه قد صاحبتها تسريبات أخرى، لم تطلق في هذا الوقت إلا من أجل أن تعطي مصداقية لكلمة "قريبا"، تلك الكلمة التي لم تكن لها أي مصداقية، رغم أنها جاءت في بيان مجلس الوزراء.
وهذه التسريبات ـ المسربة عمدا ـ تقول بأن  رئيس الجمهورية  قد قرر الإبقاء على الوزير الأول  للإشراف على الانتخابات البرلمانية القادمة، والمزمع إجراؤها نهاية نوفمبر، حسب المصادر المسربة لذلك الخبر، والتي وُصِفت بأنها مطلعة، وقريبة من رئيس الجمهورية.
ومن قبل هذا التسريب فلم نكن نسمع بهذا النوع من التسريبات التي تقول بأن الرئيس سيحتفظ بوزيره الأول، فالطبيعي هو أن تظهر تسريبات تقول بأن الرئيس قد قرر التخلص من وزيره الأول، عندما يبدأ يفكر بذلك. أما الإعلان عن الاحتفاظ به، خاصة بعد كلمة "قريبا" فذلك يعني بأن هناك رسالة "ما"  أرادت أعلى سلطة في البلاد أن ترسلها إلى جهة "ما"، وهنا أيضا لم تنجح الرسالة، لأن الكل يعرف بأنه من الصعب جدا أن "يتسرب" لنا شيء من أفكار الرئيس، خصوصا في زمن سرقة الأفكار، لذلك فالرئيس تأتي قراراته  دائما مفاجئة لأقرب الناس إليه، من قبل أن تفاجئ أبعدهم منه.
في الختام يمكن القول بأن كلمة "قريبا" لن يكون لها أي مفعول، لأن المعارضة ـ وتلك واحدة من مصائبنا ـ  تفهم أكثر من غيرها بأن كلمة قريبا لا تعني إطلاقا  "قريبا"، ولذلك فقد قالت المعارضة في وقت سابق بأنها سترد على مبادرة الرئيس مسعود "قريبا"، ولم ترد حتى الآن رغم أن المبادرة قد وصلت إلى مرحلة متأخرة من عمرها الافتراضي، وأصبحت هي أيضا بحاجة إلى تجديد على طريقة تجديد الطبقة السياسية. وقالت المعارضة أيضا ـ وهي التي تسيء دائما لكلمة "قريبا" أكثر من غيرها ـ  بأن فرض رحيل الرئيس سيكون "قريبا"، قالت ذلك من قبل أن تفكر في الوسائل التي بإمكانها أن تجعل من فرض ذلك الرحيل جدثا قريب الوقوع.
ملاحظة : كنت قد أعلنت للقراء الكرام بأني سأتوقف عن الكتابة في الشأن العام، وذلك لكي أتفرغ لكتابة سلسلة رمضانيات في صفحتي الشخصية على الفيسبوك، ولكن كلمة قريبا التي جاءت في بيان مجلس الوزراء جعلتني أقطع "عطلتي"، وأعود سريعا للكتابة في الشأن العام.
تصبحون على شيء قريب...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق