الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025

بيان الخذلان العربي الإسلامي!


عندما أقرأ نصا طويلا، أخرج عادة بفائدة ما، غير أنني اليوم قرأتُ نصا طويلا دون أن أخرج بأي فائدة تُذكر. كان ذلك النص يحمل عنوانا كبيرا: "البيان الختامي للقمة العربية والإسلامية الطارئة" المنعقدة في الدوحة.

خمسة وعشرون نقطة تضمّنها البيان، لم أجد بينها نقطة واحدة مفيدة،  تليق بحجم التحديات أو بمستوى العدوان الوحشي الذي تتعرض له غـ.ـ.ـزه، ولا حتى بمستوى العدوان على الدولة التي استضافت القمة، والتي كانت تتولى الوساطة، وتوجد بها أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، ومع ذلك لم تسلم عاصمتها من القصف نهارا جهارا.

كان الأجدر بقادة العرب والمسلمين ألّا يعقدوا قمة طارئة أصلا، ما داموا سيخرجون للعالم ببيان هزيل كهذا. لو لم يجتمعوا، لظل بعض الحالمين الطيبين - من البسطاء والسذج -  يعلّقون أوهاما على أن القادة العرب والمسلمين لو اجتمعوا في مثل هذا الظرف العصيب لأصدروا بيانا قويا غير بيانهم الباهت الذي أصدروا، والذي هو بمثابة إعطاء إشارة خضراء للعدو لارتكاب المزيد من الإجرام والإبادة، وقد فهم العدو رسالة القمة، فزاد من وحشيته وهمجيته في غــ.زه.

ولعل أكثر ما استفزني في البيان هو قولهم: "وإذ نؤكد أن غياب المساءلة الدولية، وصمت المجتمع الدولي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، قد شجع إسرائيل على التمادي في اعتداءاتها..."

وكأن العرب والمسلمين أنفسهم لم يكونوا هم أول من صمت، وأول من خذل،  وأول من تواطأ، فمن ذا  الذي خذل فلسطين غيرهم؟ ومن ذا الذي يمدُّ اليوم  الجسور مع العدو، ويقيم العلاقات العلنية والسرية معه أكثر من  حكومات بعض الدول العربية والإسلامية، وذلك في وقت توجد فيه دول  غير  عربية  كإسبانيا وجنوب إفريقيا مثلا، اتخذت مواقف أكثر جرأة وشجاعة من أغلب الدول العربية والإسلامية.

والأدهى والأمر  أن هناك شعوبا غربية خرجت إلى الشوارع بمئات الآلاف ضد حرب الإبادة هذه، في وقت لم تتحرك فيه الشعوب العربية والإسلامية، واكتفى الكثير منها بالتذمر الصامت والخجول.

لقد أصبحت شعوب بعض الدول الغربية أكثر تعاطفا وتضامنا مع غــ.ـزه من بعض الشعوب العربية والإسلامية.

حقا إننا نعيش زمنا غريبا: قادة عاجزون، شعوب مُستسلمة، ودم فلسطيني يسيل على مرأى من الجميع. 

من الغريب حقا  أن يصل مستوى الخذلان الرسمي والشعبي عربيا وإسلاميا إلى هذا الحد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق