الثلاثاء، 20 أغسطس 2019

عن كشف الوزير السابق المختار اجاي لممتلكاته (تدوينة)


طالعتُ كغيري التصريح بالممتلكات الذي نشره الوزير السابق للاقتصاد والمالية على صفحته على الفيسبوك، وهذا تعليقي على تصريح الوزير:
1ـ تُحسب للوزير السابق جرأته وشجاعته في نشر تصريح بالممتلكات لم يكن ملزما بنشره، ويحسب له كذلك التحدي الذي وجهه لخصومه ولمنتقديه، والحقيقة أن الوزير معروف بشجاعته وجرأته منذ عرفناه مديرا للضرائب ووزيرا من بعد ذلك للاقتصاد والمالية، ولقد وضعته تلك الجرأة والشجاعة في مواجهة مفتوحة مع خصوم النظام، وهي مواجهة قد سلم منها الكثير من الوزراء وكبار الموظفين لا لأنهم لم يفسدوا في الأرض، ولكن لأنهم "تقيدوا بالأخلاق" و "توقفوا عن الكلام عند وقت الأكل".

2 ـ يصعب على المتابع العادي أن يصدق بأن ممتلكات الوزير السابق تنحصر فيما كشفه، ويصعب تصديق أن ممتلكات الوزير بدأت تتناقص لما تولى إدارة الضرائب، وأنها تناقصت أكثر لما تولى وزارة الاقتصاد والمالية، فمن المعروف بأن إدارة الضرائب ووزارة الاقتصاد والمالية من الوظائف التي تمطر مالا كثيرا قد لا يكون بالضرورة غير شرعي، فبأي منطق تناقصت ممتلكات الوزير بعد مروره بالضرائب ووزارة الاقتصاد والمالية، وأي وظيفة يمكنها أن تدر دخلا أكثر مما تدره إدارة الضرائب ووزارة الاقتصاد والمالية؟
قد يقول الوزير بأن هذا التناقص الحاصل في الممتلكات ناتج عن زيادة في الإنفاق..فإذا كان دخل الوزير قد تضاعف كثيرا في فترة توليه للضرائب وللاقتصاد والمالية من بعد ذلك، فإن نفقاته قد تضاعفت هي أيضا في المقابل بعد أن أصبح ينفق كثيرا في السياسة وفي صراع الأحلاف المحلية...ماشي الحال.
3 ـ على من يشكك في الكشف الذي تقدم به الوزير أن يقبل  بالتحدي، وأن يرد بحجج وبأدلة مقنعة، لا أن يكتفي بتوجيه التهم غير المدعومة، ولا بالسب والشتم الذي لا ينبغي استخدامه في أي وقت، ولا ينبغي  أكثر استخدامه الآن، خاصة وبعد أن كشف الوزير عن ممتلكاته، وأعلن عن تحد مفتوح لمن يستطيع أن يثبت أن لديه ممتلكات أخرى لم يكشف عنها.
4 ـ على الذين لم يقتنعوا بمضمون تصريح الوزير، أو على الأقل لم تطمئن له قلوبهم، وأنا من هؤلاء، عليهم أن يتقدموا بأدلة وحجج تفند تصريح الوزير، و إن لم يستطيعوا ذلك فعليهم أن يصمتوا. أما اللجوء إلى سب وشتم الوزير أو غيره فإنه لا يقل خطورة عن الفساد، وهو في كل الأحوال لا يليق بمن يدعي أنه على حق.
على الذين لم  يصدقوا تصريحات الوزير أو لم تطمئن له قلوبهم  أن يرفعوا الراية البيضاء، أو يقبلوا بالتحدي فيشتغلوا ـ بشكل جدي ـ على ثلاثة أمور:
أولها : أن يقوموا بعملية تقويم لممتلكات الوزير التي صرح بها، فربما تكون قيمتها أكبر مما نتخيل، فهناك بعض المنازل والمحال التجارية والقطع الأرضية التي تقدر قيمتها بعشرات أو بمئات الملايين.
ثانيها : أن يبحثوا عن أي ممتلكات أخرى أخفاها الوزير وأن يتقدموا بها للرأي العام، كما يمكنهم أن يبحثوا عن تناقضات في تصريحات الوزير، ويمكن استخدام ذلك التناقض في التشكيك في صدق الكشف الذي تقدم به الوزير.
ثالثها : أن الفساد قد لا يرتبط دائما بعائد شخصي لمن مارسه، فقد يكون المستفيد هو شخص آخر، وقد لا يكون هناك أصلا أي مستفيد مباشر، ولكن ذلك كله لا يعفي من مارس الفساد من المسؤولية ومن المحاسبة. قد يكون الوزير لم يستفد شخصيا، ولكن الشيئ المؤكد أن في فترة توليه لوزارة الاقتصاد والمالية أفلست الكثير من المؤسسات والشركات العامة، وتم التربح ـ وبوقاحة ـ من المواطن من خلال فوارق سعر المحروقات، وبيع الكثير من العقارات والأملاك العامة، ووزع الكثير من القطع الأرضية ذات القيمة العالية على من لا يستحق، وتضاعفت المديونية بشكل مخيف إلى أن أصبح كاتب هذه السطور ـ كأي موريتاني آخر ـ  مطالب بتسديد نصف مليون أوقية تقريبا (نصيب الفرد من الديون)، وهو الذي يتقاضى راتبا أقل من 42000 أوقية قديمة مع مجموعة من البوابين التابعين لوزارة المالية، وفي ذلك ظلم شخصي تعرضتُ له في عهد الوزير الذي كشف عن ممتلكاته، وفي عهد إخوة له سبقوه إلى تلك الوزارة، و يزداد الظلم مرارة لأني أعرف الكثير عن تلك التعيينات التي حدثت في عهد الوزير.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق