الاثنين، 28 يناير 2019

ورقة عن دور الشباب في فرض التناوب السلمي على السلطة*


سنناقش في هذه الورقة دور الشباب في فرض التناوب السلمي على السلطة، وسيكون ذلك من خلال ثلاثة محاور، ولكن دعونا ـ ومن قبل الحديث عن تلك المحاور ـ أن نطرح إشكاليتين تستحقان أن نتوقف معهما في هذه الورشة.
الإشكالية الأولى :  هي أن الشباب كثيرا ما ينتقد الطبقة السياسية التقليدية، وكثيرا ما نسمع اتهامات لتلك الطبقة بأنها طبقة تسعى إلى مصالحها الشخصية على حساب المصلحة
العامة..الإشكالية هنا هي أن الشباب قد يظهر في بعض الأحيان أكثر بحثا عن مصالحه الخاصة من الطبقة السياسية التي ينتقدها، وسأقدم هنا مثالين أحدهما من الموالاة والثاني من المعارضة.
بالنسبة للموالاة فقد أظهرت الأحزاب الشبابية التي تشكلت في السنوات الأخيرة بأنها أكثر تطبيلا وتزلفا من أحزاب الموالاة التقليدية، كما أنها أكثر قابلية للتشرذم والتفكك . أما بالنسبة للمعارضة فسنجد بأن أحزاب المعارضة التقليدية تمكنت دائما من التحالف والتجمع في تكتلات سياسية تضمن الحد الأدنى من التنسيق لفترات قد تطول وقد تقصر، وعلى العكس من ذلك فإن الشباب المعارض ظل مشتتا خلال السنوات الأخيرة و لم تستطع الحركات الشبابية أن تنسق فيما بينها ولو لفترات محدودة وقصيرة جدا.
الإشكالية الثانية: في السنوات الأخيرة تمكن الشباب في العديد من البلدان أن يقود ثورات أسقطت دكتاتوريين أشداء وتمكن في بلدان أخرى من أن يسقط دكتاتوريين آخرين من خلال فرض انتخابات شفافة أوصلت مرشحين معارضين لكرسي الرئاسة.. الإشكالية هنا ما هو السر الذي جعل الشباب الموريتاني يشكل حالة استثناء ويفشل فيما نجح فيه شباب البلدان أخرى؟
من الواضح جدا بأن هناك خللا ما، فهل سيكون بمقدورنا في هذه الورشة أن نكتشف ذلك الخلل وأن نبحث له عن علاج فعال يمكننا من تحقيق "ربيع انتخابي" في موريتانيا خلال الانتخابات الرئاسية القادمة التي سيتم تنظيمها في منتصف العام 2019 ؟ ..في اعتقادي أن ذلك "الربيع الانتخابي" المنشود يمكن أن يتحقق إن تم إشراك الشباب في كل محطات المسار  من التحضير للانتخابات الرئاسية وحتى حماية الأصوات من التزوير يوم الاقتراع  دون نسيان المحطة المتعلقة بصياغة البرنامج الانتخابي  للمرشح الموحد وفرز اسمه من بين الأسماء المعروضة.
 إنه لا يمكننا أن نتحدث عن فرض التناوب السلمي على السلطة دون المشاركة الفعالة للشباب، ولا مشاركة فعالة للشباب دون الاهتمام بجملة من الأمور سنتوقف معها من خلال ثلاثة محاور.
المحور الأول : توحيد الجهود والتنسيق بين الشباب الطامح إلى التغيير
لقد بات من الملح جدا أن يبحث الشباب الطامح إلى التغيير عن صيغة ما تمكنه من التنسيق فيما بينه، فبدون ذلك التنسيق فلن يكون بالإمكان الحديث عن فرض التناوب السلمي على السلطة . على الشباب أن يعلم ـ إذا ما كان يسعى بجد إلى التغيير ـ بأنه لابد من توحيد الجهود على الحد الأدنى المتفق عليه (التناوب السلمي على السلطة)، ولابد من البحث عن إطار شبابي جامع يوحد الجهود ويعبر عن رأي الشباب، لأنه لا معنى للقول بأن الطبقة السياسية التقليدية لا تأخذ برأي الشباب  مادام لا يوجد عنوان شبابي ينخرط فيه أو ينسق فيه عدد معتبر من الشباب، ويمتلك الشرعية السياسية للتعبير عن وجهة نظر الشباب، والمطالبة بالتالي  من الطبقة السياسية التقليدية بالأخذ بوجهة النظر تلك.
المحور الثاني : يتعلق باستغلال مواقع التواصل الاجتماعي بشكل فعال وبما يخدم التناوب السلمي على السلطة.
لقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورا هاما في صناعة رأي عام، و يمكن أن نتحدث عن رقم  يزيد على 400 ألف حساب على "الفيس بوك" في موريتانيا. مواقع التواصل الاجتماعي هذه أصبحت هي نقطة القوة الوحيدة التي تمتلكها المعارضة، فالشباب الطامح إلى التغيير هو الأكثر حضورا والأكثر تأثيرا في هذه المواقع، ولكن  تبقى مشكلته هي أنه يعاني من الفوضى في التدوين، ولم يحدد الاتجاه النهائي للبوصلة، وليس له هدف مرحلي  واضح ومحدد يسعى إلى تحقيقه من خلال التدوين ( الهدف المرحلي في هذه الفترة يجب أن يكون فرض التناوب السلمي على السلطة).
إن السؤال الذي يمكن أن نطرحه هنا، والذي نأمل من ورشتكم هذه أن تجيب عليه هو ذلك السؤال الذي يقول: كيف ننظم التدوين وكيف نحدد بوصلته حتى تكون في الاتجاه الصحيح الذي يقربنا من الهدف المنشود، أي تحقيق التناوب السلمي على السلطة في الانتخابات الرئاسية القادمة.
المحور الثالث: فرض الشفافية في الانتخابات الرئاسية القادمة
إن فرض الشفافية في رئاسيات 2019 يتطلب الإجابة على الأسئلة التالية:
ـ كيف يمكن للشباب الطامح إلى التغيير أن يضغط من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال العمل النضالي الميداني حتى تتم إعادة تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات لأنه بدون إعادة تشكيلها فلا أمل في تناوب سلمي على السلطة؟ وفي انتظار إجاباتكم على هذا السؤال فلا بأس من الإشارة إلى أن التناوب السلمي على السلطة المقصود هنا،  هو ذلك التناوب الذي تنتقل بموجبه السلطة من النظام الحاكم إلى المعارضة. أما التداول السلمي على السلطة، والذي تنتقل بموجبه السلطة من شخص في النظام إلى شخص آخر من النظام فهو ليس تناوبا وإنما هو مجرد تداول على السلطة.
ـ كيف يمكننا أن نساهم في توفير ما يزيد على 5000 شاب مكون بشكل جيد وقادر على التمثيل في المكاتب والوقوف بالتالي ضد عمليات التزوير في يوم الاقتراع ؟
ـ كيف يمكننا أن نوفر آلاف النشطاء الميدانيين وتوزيعهم على المكاتب لتوثيق عمليات التزوير المحتملة وفضحها بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟
نرجو من ورشتكم هذه أن تجيب على هذه الأسئلة وعلى غيرها من الأسئلة التي تم طرحها من خلال هذه الورقة، أن تجيب عليها بطريقة إبداعية وعملية تمكن من تحقيق التناوب السلمي على السلطة في منتصف هذا العام.
ـــــ

*هذا ملخص الورقة الرئيسية التي تم  تقديمها في الورشة الثانية ضمن ورشات مؤتمر التناوب السلمي على السلطة الذي نظمه "تنظيم من أجل موريتانيا" في العاصمة نواكشوط  خلال يومي 26 و27 يناير 2019.

حفظ الله موريتانيا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق