الخميس، 26 مايو 2016

الحوار بين بروفتين!

يبدو أن الحوار لا يُراد له في النهاية إلا أن يكون مجرد مسرحية، ومن المعروف بأن أي عمل مسرحي يحتاج إلى بروفات يتدرب خلالها الممثلون على أدوارهم من قبل أن يتم عرض المسرحية على خشبة المسرح، وأمام الجمهور. هكذا تسير الأمور في العادة، ولكن ما تميزت به مسرحية الحوار عن غيرها من الأعمال المسرحية هو أن بروفاتها لم تكن تعرض في مكان خاص، بعيدا عن أنظار الجمهور، بل على العكس من ذلك، فقد كان يستدعى الجمهور لهذه البروفات ليكون شاهدا على التمارين والتدريبات التي يقوم بها أبطال المسرحية.
إن هناك بروفتين لمسرحية الحوار تتشابهان لحد الضجر، الأولى يمكن تسميتها ببروفة السابع من سبتمبر، والثانية يمكن تسميها ببروفة فاتح يونيو، وهذه بعض التشابهات بين البروفتين:
(1)
  تتشابه البروفتان من حيث طريقة الإعلان عن الموعد، فبالنسبة للبروفة الأولى، أي بروفة السابع من سبتمبر، فقد جاء الإعلان عن موعدها من خلال رسالة بعث بها الوزير الأمين العام للرئاسة إلى رؤساء الأحزاب السياسية في يوم 11 أغسطس 2015. وقد حددت هذه الرسالة موعدا أقصاه السابع من سبتمبر للبروفة الأولى لمسرحية الحوار. أما بالنسبة لموعد البروفة الثانية فقد تم تحديده من طرف الرئيس نفسه في خطاب النعمة، وذلك بعد ما أعطى للحوار مهلة تتراوح بين ثلاثة أسابيع إلى أربعة، وقد بدأ العد التنازلي لتلك المهلة من ضحى يوم الثالث من مايو، وبذلك فسيكون آخر موعد لانطلاق البروفة الثانية هو فاتح يونيو.
(2)
تتشابه البروفتان من حيث عنصر المفاجأة، فبالنسبة للبروفة الأولى فقد كانت مفاجئة، وذلك لأنها ألغت مسارا من اللقاءات بين السلطة والمنتدى، وأبدلته بموعد مفاجئ تم تحديده من طرف جهة واحدة ودون التشاور مع الطرف الثاني. نفس الشيء تكرر مع البروفة الثانية فبدلا من أن يتحدث الرئيس في النعمة بخطاب هادئ ومتصالح يتعهد من خلاله بتقديم رد مكتوب للمنتدى، اختار الرئيس أن يتحدث بلغة متشنجة، وأن يحدد موعدا مفاجئا للحوار، ودون التشاور مع أي أحد، وليت الأمر توقف عند تحديد الموعد، فقد تجاوز الرئيس تحديد الموعد وتحدث سلفا عن بعض نتائج الحوار، فبشر بإلغاء مجلس الشيوخ، وبإحلال المجالس الجهوية محل ذلك المجلس.
(3)
تتشابه البروفتان من حيث الحملة الدعائية التي سبقتهما، وقد بلغ الأمر بأن ظن عدد كبير من المتابعين بأن المنتدى سيشارك عن بكرة أبيه في بروفة السابع من سبتمبر، فقد كانت كل التسريبات الإعلامية، وكل التصريحات الرسمية التي سبقت تلك لبروفة تؤكد ذلك. ولما طلعت شمس السابع من سبتمبر اكتشف الجميع بأن ما كان يطلق من بشارات لم يكن إلا مجرد إشاعات، فقد غاب المنتدى عن بكرة أبيه عن حوار السابع من سبتمبر، ولقد غاب نصف المعاهدة أو ثلثاها عن تلك لبروفة.
يبدو أن نفس الشيء سيتكرر في صبيحة 1 يونيو (الموعد المفترض لانطلاق البروفة الثانية)، وذلك على الرغم من التسريبات الإعلامية، ومن تصريحات الرئيس في نواذيبو، والتي أكد من خلالها عن وجود اتصالات مكثفة مع الأطراف السياسية من أجل المشاركة في الحوار.
(4)
من التشابهات المتوقعة بين البروفتين يمكن أن نتحدث عن تغير الأسماء. لقد كانت السلطات الرسمية تصف ما سيتم تنظيمه في السابع من سبتمبر بالحوار، ولكن مع قرب موعد الانطلاق، وبعد أن تم التأكد من غياب المعارضة بشكل واسع تم اللجوء إلى تسمية جديدة، وهي: "اللقاء التشاوري التمهيدي الموسع للحوار الوطني الشامل"، ويبدو أن نفس الشيء سيتكرر مع بروفة 1 يونيو، حتى وإن كنا لا نستطيع أن نتنبأ الآن بالاسم الذي سيتم اختياره في صبيحة 1 يونيو لما كان يسمى في أيام الناس هذه بالحوار .
(5)
 من الراجح أن البروفتين ستتشابهان في خواتمهما، ولعلكم تتذكرون بأن الوزير الأول كان قد تعهد في خطابه في الحفل الختامي لبروفة السابع من سبتمبر بتنفيذ  كل توصيات المشاركين في تلك لبروفة، وقد طالب المشاركون في بيانهم الختامي بضرورة تنظيم حوار في أقرب الآجال، ولقد حدد الوزير الأول أقرب الآجال بشهر أكتوبر من العام الماضي. لم يتم تنظيم أي حوار في ذلك الموعد، ويبدو أن نفس الشيء سيتكرر مع بروفة 1 يونيو، والتي قد تحدد في بيانها الختامي موعدا جديدا للحوار سينساه  الجميع بعد حين كما نسوا من قبل ذلك الموعد الذي ضُرب لهم في شهر أكتوبر من العام الماضي لتنظيم الحوار.
(6)
تتشابه البروفتان في كون كل واحدة منهما قد جاءت لتشكل مخرجا من موعد للحوار تم تحديده بشكل ارتجالي ودون التنسيق مع الأطراف المعنية. فإلى متى سيستمر هذا الارتجال وهذا العبث في إعلان مواعيد الحوار؟ وإلى متى سيستمر إنفاق أموال طائلة من خزينة الدولة على بروفات لا تقدم ولا تؤخر؟ وإلى متى ستستمر فصول مسرحية الحوار السيئة الإخراج؟ وهل بعد كل هذا العمل المسرحي سيكون بإمكاننا أن نتوقع حوارا جديا في المستقبل؟

حفظ الله موريتانيا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق