الخميس، 31 يوليو 2025

تواصل حزب يعجبني!


 لا أفكر حاليا في العمل السياسي، ولا في الانتساب إلى حزب سياسي، وإن فكرتُ في الانتساب لحزب سياسي في هذه الفترة بالذات فلن يكون التفكير في حزب معارض.

 أنا منشغل حاليا بالعمل الجمعوي ولدي ملفات شائكة أشتغل عليها، وعلى قناعة تامة بأن الانتساب لحزب سياسي لن يخدم تلك الملفات، فتحقيق إنجاز على مستوى تلك الملفات سيكون أسهل من بوابة العمل الجمعوي، ولذا فأنا باق في العمل الجمعوي.

تلكم مقدمة كان لابد من قولها قبل أن أدخل في صلب موضوع هذا المنشور ..

حسنا، كفى مقدمات ..لندخل في صلب الموضوع مباشرة.

حزب تواصل حزبٌ يعجبني كثيرا..

نعم حزب تواصل حزبٌ يعجبني كثيرا، ولم أكن آخذ عليه في الماضي على مستوى القضايا والملفات الكبرى إلا مأخذا واحدا، وهو عدم تحمس قادته للدفاع عن اللغة العربية، اللغة الرسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية.

ما يمكنني أن أجزم به الآن، هو أن القيادة الحالية للحزب لا يمكن لأي كان أن يزايد عليها في الدفاع عن اللغة العربية، وهذه هي أول مرة تكون فيها قيادة أكبر حزب معارض تدافع علنا عن اللغة العربية، فمن المعروف أن المعارضة الحزبية منذ تأسست في نسختها الحالية في  العام 1991 لم تتخذ - حسب علمي-  موقفا علنيا داعما للغة العربية.

يوجد حاليا ثلاثة أحزاب في المعارضة يمكن التعويل عليهم في هذا الملف: تواصل - الصواب - التحالف الشعبي التقدمي، والذي لا أعرف تموقعه السياسي حاليا.

يتعرض حزب تواصل لحملة من طرف بعض المعارضين  قبل الموالين، وربما يكون موقف قيادته الحالية من اللغة العربية من بين أسباب تلك الهجمة.     

لا أدري لماذا يتم التهجم دائما على حزب تواصل، وذلك مع العلم أنه هو الحزب الوحيد في موريتانيا الذي يمكن القول بأنه حزب مؤسسات، فهو يمارس - في حالة نادرة من نوعها في موريتانيا- العمل الديمقراطي داخل هيئاته، وذلك من قبل أن يطالب بممارسته في أجهزة الدولة، ولذا فقد تبدلت رئاسته لأكثر من مرة، وتغيرت واجهته القيادية، فذهبت رموز وجاءت أخرى، وبقي الحزب قائما ثابتا يحصد في كل انتخابات نتائج مشرفة، ويثبت في كل انتخابات أنه الحزب المعارض الأكثر شعبية، والأجدر بتمثيل المعارضة في الهيئات التي تمثل فيها، كزعامة المعارضة.

طبعا، حال الأحزاب المعارضة الأخرى، أنتم أدرى به، وواقعها اليوم يثير الشفقة أكثر من أي شيء آخر.

بالعودة إلى اللغة العربية فقد كان موقف ممثل الحزب في اللجنة   المعنية بتعديل النظام الداخلي للجمعية النائب إسلكو ولد أبهاه موقفا مشرفا، وكان ذلك متوقعا.

وحتى لا أظلم أحدا في هذه الجزئية، فلا بد أن أذكر بأني تلقيت اتصالا من رئيس حزب الإنصاف قبل تشكيل اللجنة (في يوم 24 نوفمبر 2024) أكد لي فيه أن نواب حزب الإنصاف لن يقبلوا بأي حال من الأحوال تعديل المادة 61 من النظام الداخلي للجمعية الوطنية، وهو الشيء الذي أكده لي قبل ذلك رئيس البرلمان الموريتاني السيد محمد مكت.

هناك رغبة حقيقية لدى أغلبية النواب ولدى الكثير من الأحزاب السياسية في أن يكون البرلمان الموريتاني مثل غيره من البرلمانات في العالم لا يمكن أن يتحدث النائب داخله أو الوزير  إلا باللغة الرسمية أو بإحدى اللغات الوطنية الأخرى.

صحيح أن النظام الداخلي للجمعية الوطنية لم يجرم الحديث باللغات الأجنبية داخل البرلمان الموريتاني كما هو سائد في أغلب البرلمانات في العالم، ولكنه على الأقل رفض توفير الترجمة الفورية من وإلى اللغات الأجنبية(اللغة الفرنسية)، وذلك هو أضعف الإيمان.

للأسف هناك برلمانيون لا يقبلون حتى بأضعف الإيمان في احترام المادة السادسة من الدستور الموريتاني. أما أقوى الإيمان فلا يتوقع منهم أصلا.

أه نسيتُ: هناك من ينتقد ممثل تواصل في اللجنة، وذلك لأنه لم يشرع للنواب السب والشتم والكلام البذيء داخل الجمعية الوطنية.

السب والشتم والكلام البذيء والساقط ليس حرية تعبير، وقد سمعنا منه ما يكفي وزيادة فيما مضى من الإنابة الحالية، ولم نعد بحاجة إلى المزيد منه. 

الصورة على هامش تسليم عريضة الثامن والعشرين من نوفمبر للسيادة اللغوية.

الأربعاء، 30 يوليو 2025

بيان صحفي: نحو مقاربة شاملة لتعزيز السلامة الطرقية في موريتانيا


تلقينا في حملة "معًا للحد من حوادث السير" بارتياح كبير أوامر فخامة رئيس الجمهورية للحكومة في اجتماع مجلس الوزراء الأخير بضرورة تعزيز إجراءات السلامة الطرقية، وما هذه الأوامر الجديدة إلا تأكيدا لاهتمام قديم لدى فخامة رئيس الجمهورية بملف السلامة الطرقية، وهو اهتمام ظهر في أول اجتماع مجلس وزراء يعقده فخامة الرئيس بعد انتخابه رئيسا في العام 2019، حيث ناقش المجلس المنعقد في يوم 22 أغسطس 2019 بعد اجتماع التعارف، ملف السلامة الطرقية، وهو ما يؤكد أن هناك إرادة سياسية عليا حقيقية  للحد من حوادث السير في بلادنا.

وبوصفنا في حملة معا للحد من حوادث السير منظمة نشطة ميدانيا في مجال التوعية ضد حوادث السير، فإنه يهمنا أن نؤكد بمناسبة إصدار تعليمات رئاسية بتعزيز إجراءات السلامة الطرقية على ما يلي:

1 ـ تثميننا للإرادة السياسية، وتسجيلنا للتفاوت في التنفيذ

إننا في الوقت الذي نُشيد فيه بالإرادة السياسية الواضحة لدى فخامة الرئيس للحد من حوادث السير، إلا أننا نُلاحظ أن ترجمة هذه الإرادة على أرض الواقع من قبل الجهات الحكومية المعنية كان متفاوتا. ففي الوقت الذي تحققت فيه إنجازات ملموسة في بعض المجالات، فإن هناك ثغرات في مجالات أخرى، ما تزال تتطلب معالجة عاجلة وفعالة.

إننا نسجل بإيجابية التطور الذي عرفته منظومة الإسعاف والتدخل السريع في بلادنا خلال السنوات الأخيرة، وذلك من خلال نشر سيارات الإسعاف على شبكتنا الطرقية، وإطلاق مؤسسة العون الطبي الاستعجالي، إلا أن هذا الجهد الكبير سيظل ناقصا ما لم تُستكمل هذه المنظومة باقتناء مروحية طبية لضمان التدخل السريع والفعال في حالات الحوادث المميتة التي تقع في أماكن نائية، وبإنشاء نقاط تدخل سريع بآليات ثقيلة، ونقترح أن تكون البداية بإقامة نقطتين على الأقل على طريق الأمل، تحديدًا عند الكلم 100 وعند منعرج ومرتفع جوك، و يجب أن تتوفر هاتان النقطتان على آليات ثقيلة قادرة على إزاحة الشاحنات الكبيرة التي قد تنقلب وتسد الطريق لساعات، وكذلك الشاحنات التي قد تقع على سيارات صغيرة، مما يصعب الوصول إلى الضحايا بوسائل الإنقاذ التقليدية إلا بعد أن يكون قد فات الأوان؛

2 ـ  مطالبتنا بالمزيد من التوعية

لقد أظهرت ملاحظاتنا الميدانية في حملة "معًا للحد من حوادث السير" أن تحسن البنية التحتية للطرق، مثل ترميم طريق (روصو- نواكشوط) خلال السنوات الماضية، وترميم طريق الأمل مؤخرا، لم يؤدِيا بالضرورة إلى انخفاض حوادث السير، بل على العكس من ذلك، فقد شهدت هذه الطرق زيادة في الحوادث. وهذا مما يؤكد على أهمية اتخاذ المزيد من الإجراءات الصارمة، ومن التوعية لإنقاذ الأنفس، خاصة عندما تكون الطرق حديثة الترميم، فترميم الطرق يغري السائقين بزيادة السرعة، فينتج عن ذلك المزيد من حوادث السير المميتة.

بناءً على ذلك، فإننا ندعو في الحملة إلى المزيد من التوعية، والتي هي بالأساس من مهام المجتمع المدني من قبل أن تكون من مهام الإدارات الحكومية، ونُذكر هنا بمشروع "قافلة السلامة الطرقية الكبرى" الذي أعلنا عنه في الحملة منذ سنوات، والذي يهدف إلى إطلاق حملة تحسيسية كبرى تشمل كل شبكتنا الطرقية، من خلال التعاون بين الأجهزة الحكومية المعنية والمجتمع المدني، وهو تعاون لم يتم حتى الآن؛

3 ـ دعوتنا للوفاء بتنفيذ التزامات سابقة إنقاذا للأنفس

نُذَكِّر في هذا البيان بالرسالة الجوابية التي وصلتنا في الحملة مطلع عام 2020 من المدير العام للنقل البري بوزارة التجهيز والنقل، والتي تضمنت تعهدا بفرض سرعة قصوى على حافلات النقل العمومي، فلو تم تنفيذ هذا الالتزام في ذلك الوقت، لكنا قد أنقذنا بمشيئة الله تعالى الكثير من الأرواح التي فُقدت بسبب حوادث سير ناجمة عن السرعة المفرطة في حافلات النقل.

إننا نجدد الدعوة لوزارة التجهيز والنقل بضرورة التنفيذ الفوري لهذا الالتزام الذي تعهدت به منذ مطلع العام 2020، ولم تنفذه حتى الآن.

وفي الختام، فإننا في الحملة نؤكد مجددًا بأننا سنظل ملتزمين بجهودنا التوعوية، ومستعدين في الوقت نفسه للتعاون مع جميع الأطراف الحكومية والمجتمعية في كل ما من شأنه أن يحد من حوادث السير التي تشهدها طرقنا، والتي ارتفعت وتيرتها في الأسابيع الأخيرة بشكل مخيف.

نواكشوط: 30 يوليو 2025

حملة "معًا للحد من حوادث السير"

الاثنين، 28 يوليو 2025

العالم قبل ChatGPT ليس العالم بعده،


 العالم قبل ChatGPT ليس العالم بعده، وما قبل الذكاء الاصطناعي التوليدي يختلف جذريًا عمَّا بعده... هذه ليست مجرد كلمات متداولة، وإنما هي عبارات تقدم وصفا دقيقا لتحول عميق سيشهده العالم في المستقبل القريب، ومن لم يواكب هذا التحول في بدايته،  فردا كان أو مؤسسة أو دولة، سيجد أنه في سنة واحدة أصبحت تفصله عشرات إن لم أقل مئات السنين عن غيره.

 عدتُ مساء اليوم من تركيا، حيث شاركت في مؤتمر دولي عن مستقبل التعليم والتدريب في ظل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، وذلك بعد أن أنهيتُ مشاركتي في البرنامج المهني المكثف "مهارات المدرب والمعلم الرقمي المعتمد"، الذي استمر من 18 إلى 25 يوليو 2025، وامتد على مدى 25 ساعة من التدريب النظري والتطبيقي.

لقد تزامن الملتقى والمؤتمر مع انشغالات ضاغطة، وأسبوع ينزف دما، شهد سلسلة من حوادث السير المميتة، وكان من المفترض أن أُتفرغ بشكل كامل لملف السلامة الطرقية، وأن أخصص حلقة صالون المدونين لهذا الأسبوع لحوادث السير التي شهدها الأسبوع الماضي. ذلك هو ما كان يجب أن يقع، ولكن مع ذلك فلم يكن من الحكمة تضييع فرصة المشاركة في ملتقى ومؤتمر يناقشان ملف الذكاء الاصطناعي.

لقد سعيت من خلال هذه المشاركة إلى تحقيق ثلاث غايات أساسية:

1. تطوير قدراتي الشخصية في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو ما أراه اليوم "واجبًا" على كل شخص يسعى أن يطور من ذاته لمواكبة التحولات الكبرى القادمة؛.

2 - أن أبنيَّ قدرات ومهارات تتيح لي أن أطور من أداء الجمعيات والهيئات التي أعمل فيها، ومما لا شك فيه أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يساعد الآن في ذلك، وسيكون بإمكانه أن يساعد أكثر في المستقبل القريب جدا.

3 - أن أبنيَّ قدرات ومهارات تمكنني من تدريب أكبر عدد ممكن من أبناء الوطن في مجالات أصبحنا جميعًا بحاجة ماسّة للتكوين والتدريب عليها، وسأبذل قصارى جهدي لتوفير هذا التدريب كلما سنحت الفرصة لذلك.

وفي هذا السياق، أتوجه إلى القائمين على المهرجانات الثقافية في مختلف ولايات الوطن، بطلب إدخال برامج التكوين والتدريب في أنشطة المهرجانات لصالح شباب المدن التي ستنظم فيها تلك المهرجانات.

إننا بذلك سنحوّل تلك المهرجانات إلى منصات حقيقية لبناء قدرات الشباب، وسنمنحها قيمة مضافة تتجاوز الترفيه إلى التأثير والتنمية.

لقد آن الأوان لأن نُغيّر الصورة النمطية للمهرجانات، وأن نجعلها مهرجانات تتناغم بشكل أو بآخر مع عصر الذكاء الاصطناعي.







السبت، 26 يوليو 2025

شدوا الأحزمة قبل فوات الأوان!


لقطة من زوال اليوم مع الدكتور يانيس كولاجراكيس (اليونان) رئيس الاتحاد العالمي للمدربين المحترفين، وذلك على هامش المؤتمر الدولي حول مستقبل التعليم والتدريب في ظل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، المنعقد في هذه الأيام في اسطنبول - تركيا.

 خلال التقاط الصورة، أهدَيتُ للدكتور نسخة من كتابي "في نقد المصلحين"، مع تأكيد خاص له أنه "إنتاج بشري خالص"، خالٍ من أي تدخل للذكاء الاصطناعي. لكنني أخبرته – بصراحة – أن هذا سيكون هو آخر عمل تأليفي لي لا أستعين فيه بهذه التقنية المبهرة.

ما استمعت إليه من عروض، وما تلقيته من تدريبات متقدمة في الورش، جعلني أُدرك أن الذكاء الاصطناعي لم يعُد خيارًا... بل أصبح ضرورة.

ضرورة للأفراد، والمؤسسات والدولة أيضا.

إنه ليس مجرد أداة لتوفير الوقت والجهد فقط، فهو بالإضافة إلى ذلك رغم أهميته، أصبح رافعة معرفية تختصر المسافات وتفتح آفاقًا جديدة للإبداع والتطوير.

وعدني الدكتور يانيس بقراءة الكتاب بعد ترجمته إلى اللغة الإنجليزية، وهذا أمرٌ  أصبح اليوم في متناول اليد بفضل أدوات الترجمة الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

الواقع أن عالم الذكاء الاصطناعي لا يمكن اختزاله في بُعد تقني فقط، بل هو تحدٍ حضاري ومعرفي، يُعيد تشكيل أدوار الإنسان ويضعنا أمام أسئلة أخلاقية وفكرية وكبرى.

جئت إلى تركيا لأصبح مدربًا رقميًا معتمدًا، وقد حصلتُ بالفعل على الرخصة، وسأسعى جاهدًا لنقل المعرفة والمهارات التي اكتسبتها في هذا المؤتمر الدولي، واكتسبتها من قبل ذلك في ملتقى التدريب الاحترافي في مجال الذكاء الاصطناعي، سأحاول أن أنقل ذلك إلى الشباب ، من خلال برنامج "خطوة التدريبي لاكتشاف وتنمية المواهب الشبابية".

 فقط أمهلوني بعض الوقت لمراجعة وتلخيص كل ما تعلمت، قبل أن أشرع في تصميم دوراتي الخاصة بي في مجال التحول الرقمي في عصر الذكاء الاصطناعي، والتي سأقدمه مجانا للشباب كلما كانت هناك فرصة لذلك.

يؤسفني حقا أنه لم يشارك معي أي موريتاني في هذا المؤتمر المهم جدا، ويؤسفني كذلك أن التدريب على تقنيات الذكاء الاصطناعي لن يجد اهتماما كبيرا إلا بعد فوات الأوان، أي بعد أن يكون الآخرون قد تجاوزونا بسنوات ضوئية.

التأخر عن الركب في مواكبة ثورة الذكاء الاصطناعي لسنة أو سنتين سيعني تأخرا لقرن أو قرنيين.

العالم سيسير بسرعة غير معهودة في عصر الذكاء الاصطناعي، فهل نحن جاهزون أفرادا ودولة لمسايرته؟

أترك لكم الجواب.   


الخميس، 24 يوليو 2025

خففوا السرعة يرحمكم الله ...


16 حالة وفاة فورية، والعديد من الإصابات، في 6 حوادث سير خلال 5 أيام فقط!

في أقل من أسبوع، نزفت طرقنا دمًا، وتحوّلت مركباتنا إلى نعوش متحركة، وإليكم تفاصيل هذا الأسبوع المميت.

● الأحد 20 يوليو:

فاجعة مؤلمة عند الكلم 75 من طريق الأمل، حيث احترقت سيارة تقلّ أسرة بأكملها، فكانت النتيجة: 6 وفيات في فاجعة واحدة. وفي ذات اليوم، حادث سير آخر في نفس الطريق يودي بحياة سيدة، ويُخلّف عدة إصابات متفاوتة.

● الأربعاء 23 يوليو:

طريق نواذيبو يستيقظ فجرا على فاجعة مماثلة: 6 أفراد من عائلة واحدة قضوا نحبهم في حادث سير أليم عند الكلم 46. وفي اليوم نفسه، حادث سير آخر على نفس الطريق يُنهي حياة سيدة ويصيب آخرين.

● الخميس 24 يوليو:

في قلب العاصمة، حارس  يُدهس  في مكان حراسته على يد شباب فقدوا السيطرة على سيارتهم بسبب السرعة، وكانت هناك إصابات في صفوف الشباب. وفي ازويرات، تصادم عنيف بين حافلة نقل وقطار تابع لشركة سنيم يؤدي إلى وفاة راكب وإصابة آخرين.

في المحصلة: 16 وفاة فورية في 6 حوادث قاتلة خلال أقل من 120 ساعة، ويعني هذا بلغة المتوسطات الإحصائية حالة وفاة في كل سبع ساعات ونصف.

إن السبب الأول في هذه الحوادث المميتة وفي غيرها من حوادث السير هو السرعة المفرطة، ولذا فعلينا أن نركز على توعية السائق حول خطورة السرعة المفرطة، وحول كل الأخطاء الأخرى التي قد يرتكبها فتؤدي إلى إزهاق أرواح بشرية، كالتجاوز الخطر، والقيادة أثناء التعب والنعاس، والتوقف على الطريق،  والحمولة الزائدة...إلخ

لستُ هنا لتبرئة وزارة التجهيز والنقل وبقية الإدارات الحكومية المعنية، فمما لاشك فيه أن هذه الوزارة مقصرة كثيرا في واجبها، ثم إنها ـ ومع بقية الجهات الحكومية المعنية ـ  تتحمل المسؤولية في كل الأخطاء التي يرتكبها السائق، وذلك بسبب أن دورها في توعية السائق ناقص، ودورها في معاقبته إن هو أخطأ ناقص أيضا، وبالتالي فهي تتحمل نصيبا كبيرا من كل مخالفة يرتكبها السائق، وتؤدي إلى حادث مميت.

وبخصوص المسؤولية المباشرة للوزارة، فصحيحٌ أن تهالك الطرق قد يتسبب في حوادث سير، وصحيحٌ كذلك أنه يتسبب يقينا في مشقة لسالكي الطرق ويكبدهم خسائر اقتصادية كبيرة، ثم إنه بالإضافة إلى كل ذلك يعدُّ من المظاهر التي لا تليق، فلا يليق ببلد يحترم نفسه أن تكون بعض طرقه متهالكة. 

كل ذلك صحيح، ولكن الصحيح أيضا أن سلوك السائق الخاطئ، وخاصة قيادته بسرعة مفرطة، سيبقى هو السبب الأول في حوادث السير، والسائق إذا كان يقود سيارته بسرعة قصوى في حدود 90 كلم للساعة (وهذا ما كان على الوزارة أن تفرضه وهي مقصرة فيه أيضا) ، فإنه من النادر أن يقع في حادث سير، حتى وإن كان يقود سيارته على طريق متهالك، وإن وقع في حادث سير فالراجح أنه لن يكون حادث سير مميت، وستكون الإصابات في ذلك الحادث إصابات خفيفة أو متوسطة في أسوأ الأحوال.

لا تنسوا الدعاء أثناء السفر..

الصورة من موقع فاجعة نواذيبو.

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع 

#معا_للحد_من_حوادث_السير

الأربعاء، 23 يوليو 2025

مقترح توعوي يجمع بين الدنيا والآخرة


قال تعالى:

"وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"

في زمنٍ تُنفق فيه أموال طائلة على حملات تسويقية تافهة، نقترح على التطبيقات البنكية والمؤسسات الوطنية الاستثمار في حملة توعوية وإنسانية هادفة، تتمثل في تشييد نُصُبٍ توعوي على طريق الأمل، في المكان الذي وقع فيه الحادث الأليم (الكلم 75)، والذي تسبب في وفاة 6 أشخاص من أسرة واحدة نسأل الله تعالى أن يتغمدهم جميعا بواسع رحمته.

النصب يعرض على سالكي طريق الأمل هيكل السيارة المشتعلة التي توفي فيها أفراد  الأسرة الكريمة، مع عبارة: "باقتناء قنينة إطفاء رخيصة.. قد تنقذ نفسًا غالية."

إن هذا النصب التوعوي سيحقق ما يلي:

1 -  أثر توعوي مباشر سيدفع مئات السائقين لاقتناء قنينات الإطفاء، وذلك مع العلم أن هذا النصب التوعوي سيوضع عند الكلم 75، أي منتصف المقطع (نواكشوط - بوتلميت)، والذي يعدُّ المقطع  الأكثر حيوية من الطريق الأكثر حيوية في البلاد (طريق الأمل). 

2-  دعاية قوية للتطبيق أو الجهة المنفذة، برسالة تربط أنشطتها وخدماتها بالسلامة الطرقية، ومن المعروف أنه من الصعب جدا أن تجد اليوم أسرة موريتانية إلا ولها قصة أليمة مع حوادث السير.

3 - هذا النصب التوعوي لا يكلف مالا كبيرا، وقد لا تتجاوز كلفة تشييده 100 ألف أوقية جديدة.

4 - هذا النصب التوعوي بالإضافة إلى المكاسب الدنيوية التي سيحققها للجهة المنفذة، له مكاسب أخروية  لا يمكن حسابها لمن أخلص النية، وأنفق على هذا الجهد التوعوي من مال حلال، وروج لمؤسسة تعمل وفق الضوابط الشرعية؛

⚠️ تنبيه

هذا العمل لا يمكن ان يتم دون:

- موافقة ذوي الضحايا الكرام، وهم أهل خير، وبالتأكيد فإنهم لن يمانعوا في استخدام هيكل السيارة للتوعية تجنبا للمزيد من هذا النوع من الحوادث. لن يمانعوا في استخدام هيكل السيارة، ولكن لابد من استئذانهم أولا. 

- ترخيص من الجهات الرسمية المعنية، والتي لا يتوقع منها أن تعترض على عمل توعوي كهذا.

لو كنا في حملة معا للحد من حوادث السير  نمتلك المال اللازم لاحتكرنا هذا العمل للحملة، طلبًا للأجر. لكننا لا نمتلك للأسف كلفة تشييد هذا النصب، ولذا فقد ارتأينا أن نقدمه مقترحًا عامًا لعله يجد من يتبناه من الباحثين عن الجمع بين خيري الدنيا والآخرة.

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع

#معا_للحد_من_حوادث_السير

الثلاثاء، 22 يوليو 2025

من فاجعة الكلم 75 إلى فاجعة الكلم 82

 


من فاجعة الكلم 75 إلى فاجعة الكلم 82... ألم يحن الوقت لوقف هذا النزيف؟

وقفتُ ميدانياً على عشرات حوادث السير في السنوات الأخيرة، واستمعتُ إلى قصص مؤلمة يصعب نسيانها، ومع ذلك، فما سمعته يوم أمس من بعض الأشخاص الذين كانوا أول من وصل إلى مكان الحادث، كان مختلفاً عن كل ما سمعت من شهادات من قبل… كان أكثر وجعاً، وأعمق أثراً، وأقسى على القلب.

فاجعة الكلم 75 لا يمكن مقارنتها بأي فاجعة أخرى.

أسرة بكاملها داخل سيارة صغيرة مغلقة الأبواب، تشتعل فيها النيران، ولا منقذ يأتي ليطفئ النار، أو ليفتح باباً من أبواب السيارة لمساعدة الركاب في الخروج.

ولتتصوروا حجم المأساة، فيكفي أن تتخيلوا أباً أو أماً يرى ابنه أو ابنته تأكل النيران جسده الصغير... وهو عاجز، مشلول، لا يملك إلا الصراخ الصامت، ولا يستطيع أن يفعل شيئاً لإنقاذ ابنه، لا يستطيع أن يوقف اتساع النيران، ولا يستطيع أن يحمي صغيره من ألسنتها التي لا ترحم.

وتصوروا أن الأسرة بكاملها، في تلك اللحظات الأخيرة التي لا تُحتمل، كانت ترى جموع الناس من حولها... ترى الأمل واقفاً خلف الزجاج، ولكن لا أحد يقترب.

فماذا أصاب الناس؟

هل ماتت الرحمة في النفوس؟

وأي قسوة هذه التي تجعل الجموع تنظر دون أن تمتد يدٌ واحدة لإنقاذ من في السيارة المشتعلة؟

لماذا لم يجرؤ أحد على الاقتراب؟ لماذا لم يُفتح باب؟ لماذا لا تحاول هذه الجموع أن تخفف من اشتعال النيران ؟!

ولماذا يضحك البعض وينشغل بالتصوير  في مثل هذه الأوقات العصيبة؟

لقد اعتقد القادمون الأوائل بعد الحادث أن السيارة الصغيرة كانت خالية من الركاب.

فكان السائل منهم يسأل يقول: هل بقي أحد في الداخل؟

فيأتيه الجواب سريعاً من أحد ركاب الحافلة: لقد خرجنا جميعاً.

لم يُدرك أحد أن أجساد بشر  لا تزال تحترق داخل السيارة الصغيرة، إلا بعد أن خمدت النيران، وظهرت أجساد الركاب وقد أكلتها النيران.

يالفظاعة المشهد... ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

لم أقف على سبب الحادث، ولكن الراجح عندي أنه كان نتيجة لأخطاء بشرية ارتكبها أحد السائقين أو كليهما.

فالمقطع الذي وقع فيه الحادث لا توجد به حفر، ولا ألسنة رملية، ولا مرتفعات أو منخفضات خطيرة، كما هو الحال في كثير من مقاطع طريق نواكشوط - بوتلميت.

غالب الظن أن السرعة كانت هي السبب، وربما النوم أيضاً، وهو احتمال وارد يزداد رجحانه في حوادث السير التي تقع فجراً، كما هو الحال بالنسبة لهذا الحادث.

ولأن الفاجعة تجرّ الفاجعة، والحزن يذكر بالحزن، أستحضر الآن حادثاً وقع قبل عامين على بعد 7 كلم فقط من مكان هذا الحادث… في يوم 17 مارس 2023، تصادمت سيارتا نقل من نوع رينو، وأدى ذلك الاصطدام  إلى وفاة 13 شخصاً بشكل فوري، وكانت أسباب ذلك الحادث السرعة والنوم.

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع 

#معا_للحد_من_حوادث_السير



بيان من حملة "معًا للحد من حوادث السير"


تابعنا في حملة "معًا للحد من حوادث السير" ببالغ الحزن والأسى، الصور والمقاطع المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي توثق لحظات مأساوية من حادث السير الأليم الذي وقع صباح الأحد 19 يوليو 2025، عند الكيلومتر 75 على طريق الأمل، إثر اصطدام عنيف بين سيارة صغيرة كانت متجهة إلى نواكشوط، وحافلة متوسطة في طريقها إلى مدينة سيلبابي، مما أدى إلى اشتعال المركبتين، ووفاة خمسة أشخاص.
نسأل الله تعالى أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته، وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان.
وإزاء هذه الفاجعة الأليمة، فإننا في الحملة نسجل ما يلي:

1. دعوتنا لكل الجهات المعنية إلى تكثيف حملات التوعية والتحسيس حول السلامة الطرقية، لا سيما مع بداية موسم الخريف، الذي يشهد عادة ارتفاعًا في عدد الحوادث. وفي هذا السياق، نعلن أن حملتنا تُحَضَِر حاليا لإطلاق موسمها التوعوي التاسع بوسائلها الذاتية، وبلا أي دعم من أي جهة، وهو ما دأبنا عليه مع كل موسم خريف منذ العام 2016؛
2. تجديد مناشدتنا للسائقين بضرورة الالتزام بإجراءات السلامة الطرقية، وعلى رأسها اقتناء قنينات إطفاء الحرائق، وتجنب نقل المواد القابلة للاشتعال أثناء السفر، وهي توصيات كنا قد أطلقناها بعد حادث 20 مايو 2023 عند الكلم 140 على طريق نواذيبو، والذي أسفر عن اشتعال شاحنة وصهريج وأدى إلى وفاة أربع أشخاص بشكل فوري.
3. دعوتنا للقطاعات الحكومية المعنية، وعلى رأسها وزارة التجهيز والنقل، للقيام بزيارات ميدانية لمواقع الحوادث الجسيمة، تقديرًا لأرواح المواطنين، وإشعارًا بجدية التعامل مع هذه المآسي المتكررة. ويؤسفنا أن الوزارة المعنية لم تصدر حتى تعزية رسمية على صفحتها، ولم تسجل أي حضور في موقع الحادث.
4. استغرابنا من طريقة نقل جثامين الضحايا، مع تسجيلنا الإيجابي لبيان وزارة الداخلية واللامركزية الذي نُشر سريعًا وشرح الملابسات، واعتذر عن طريقة النقل.
5. تجديد مطلبنا الحيوي بتوفير طائرة إسعاف جوي، لضمان سرعة التدخل في الحوادث الكبرى، خصوصًا تلك التي تقع في مناطق نائية وتتطلب نقلًا عاجلًا للمصابين.
6. دعوتنا لسالكي الطرق إلى التحلي بأعلى درجات المسؤولية الأخلاقية والإنسانية، من خلال الامتناع عن تصوير الجرحى والضحايا في اللحظات الأولى من الحادث، وتجنب نشر صور تمس كرامتهم وتزيد من آلام ذويهم.
إننا في حملة "معًا للحد من حوادث السير" نؤكد التزامنا المستمر بالتحسيس والتوعية، وندعو كافة الأطراف الرسمية والمدنية إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية لوقف هذا النزيف الدموي الذي تحصده طرقنا يوميًا.
نواكشوط، 21 يوليو 2025
حملة معا للحد من حوادث السير

الجمعة، 18 يوليو 2025

بيان من 30 هيئة (مراكز - مراصد - جمعيات)


تابعنا نحن الموقعين أدناه، باهتمام واعتزاز كبيرين، مشاركة فخامة رئيس الجمهورية في القمة الإفريقية الأمريكية المصغرة، التي انعقدت في العاصمة الأمريكية يوم الأربعاء 07 يوليو 2025، بحضور خمسة من الرؤساء الأفارقة.

غير أن هذا الاعتزاز لا يحول دون أن نعبر ـ وبكل أسف ـ عن خيبة أملنا الشديدة من كون الكلمة الرسمية التي ألقاها فخامة الرئيس في هذه القمة، جاءت بلغة أجنبية، في تجاهل مؤسف لحقيقة أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية الوحيدة للجمهورية الإسلامية الموريتانية، كما نص على ذلك الدستور في مادته السادسة.

ومما يزيد من وقع هذا الأسف أن هذه ليست هي المرة الأولى؛ فقد سبق لفخامة الرئيس أن ألقى خطابات رسمية بلغة أجنبية في مناسبات دولية مهمة، منها:

كلمته في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ بتاريخ 01 نوفمبر 2021، وكلمته في قمة أهداف التنمية المستدامة في نيويورك بتاريخ 19 سبتمبر 2023، على هامش أعمال الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

لقد أثار حديث فخامة رئيس الجمهورية بلغة أجنبية تذمرا واسعا لدى طيف كبير من أبناء الشعب الموريتاني، خصوصا أن فخامة الرئيس من بين رؤساء موريتانيا القلائل الذين يتحدثون اللغة العربية بطلاقة، ولا تعترضه فيها عوائق تعبيرية أو تواصلية، مما يجعل الحديث بلغة أجنبية اختيارا إراديا لا مبرر له.

أما ما طُرح من غياب الترجمة الفورية للغة العربية في القمة كمبرر لاستخدام لغة أجنبية، فإن صحّ، فهو عذر يكشف تقصيرا دبلوماسيا غير مبرر، يتمثل في عدم فرض حضور الترجمة الفورية من وإلى اللغة الرسمية لموريتانيا في الأنشطة الإقليمية والدولية التي تشارك فيها بلادنا، وهو ما كان ينبغي أن يكون من صميم مهام البعثات الدبلوماسية والوفود الرسمية.

وعليه، فإننا نوجه نداءنا الصريح إلى فخامة رئيس الجمهورية، بصفته حاميا للدستور، بأن يكون قدوة في احترام الدستور، وألا يخاطب العالم باسم موريتانيا إلا بلغة موريتانيا الرسمية، في الداخل كما في الخارج، صونا للهوية، وترسيخا للاستقلال الثقافي، وتعبيرا عن الالتزام الصادق بالدستور.

وما ذلك على فخامة الرئيس بعزيز.

والله ولي التوفيق.

نواكشوط: 17 يوليو 2025

الجمعيات والمراكز والهيئات الموقعة

1 ـ الرابطة الوطنية لتخليد بطولات المقاومة

2 ـ المرصد الموريتاني للغة العربية

3 ـ المرصد الموريتاني للعدالة والمساواة 

4 ـ مرصد سيدات للحقوق والحريات

5 ـ المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية

6 ـ مركز موازين للدراسات الشرعية والقانونية

7 ـ مركز شنقيط للدراسات والإعلام 

8 ـ المركز العربي الإفريقي للإعلام والتنمية

9 ـ المركز الموريتاني للتخطيط والدراسات

10 ـ المركز الموريتاني للدراسات والبحوث القانونية والاقتصادية والاجتماعية

11 ـ مركز المرابطون للدراسات الاستراتيجية

12 ـ مركز خير الدين حسيب للدراسات والإعلام

13 ـ مركز نواكشوط للدراسات القانونية والاجتماعية

14 - مركز دراسات الإسلام والمستقبل

15- المركز الإقليمي للابحاث والاستشارات

16 ـ جمعية التواصل الثقافي المغاربي

17 ـ جمعية سدنة الحرف الثقافية والأدبية 

18 ـ نادي الإبداع الثقافي

19 ـ جمعية العقل للثقافة وإحياء التراث

20 ـ الجمعية الموريتانية للصحة العمومية

21 - جمعية المستقبل للدعوة والثقافة والتعليم

22 ـ الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية

23 ـ جمعية كاركور للتنمية وحماية البيئة

24- جمعية شبيبة بناء الوطن

25- منظمة أطر وكفاءات من أجل التنمية

26- الجمعية الموريتانية للتنمية والبحث والمتابعة

27 ـ نادي المتخرجين من الجامعات السورية

28 ـ الجمعية الموريتانية لخريجي دولة الكويت

29 ـ رابطة الأخوة الموريتانية الجزائرية

30 ـ صفحة الأمالي.

الجمعة، 11 يوليو 2025

خلافٌ توقعته قبل عام!


كتبتُ عدة مقالات استشرافية، وكانت التوقعات في محلها، ومن بين مقالاتي الاستشرافية مقالا عن الرئيس السنغالي الحالي بعد انتخابه، وقد نُشِر المقال يوم 27 مارس 2024، وتحدثتُ فيه عن أربعة تحديات سيواجهها  الرئيس الشاب، أعيد نشرها دون أي تعديل.

أعيد نشرها ليقرأها الآن من جادلني كثيرا في التحدي الأول عند نشر المقال.   

-----

لا يمكن الحكم الآن على الرئيس السنغالي الجديد، فهو لم يستلم الحكم، ولم يُختبر ولو لفترة قصيرة، ومع ذلك فيمكن القول إن هذا الرئيس الشاب سيواجه عدة تحديات، ولن يكون بالإمكان الحكم عليه قبل معرفة تعامله مع تلك التحديات، والتي يمكن أن نذكر منها :

التحدي الأول : يتعلق بطبيعة إدارته مستقبلا للعلاقة  مع عثمان سونغو الذي رشحه للرئاسة، فالقيادة لا تقبل برأسين، وعثمان سونغو كان هو قائد مشروع التغيير، وبشيرو أصبح اليوم هو القائد الفعلي لهذا التغيير بعد انتخابه رئيسا، وإدارة العلاقة بين قائدين ستكون صعبة جدا، ومهما كانت درجة الانسجام بينهما؛

التحدي الثاني: يتعلق بنقص في التجربة والخبرة، فالرئيس الجديد لا يمتلك من الخبرات والتجارب في إدارة شؤون البلاد إلا خبرة متواضعة في إدارة الضرائب؛

التحدي الثالث : يتعلق بحجم الآمال الكبيرة والوعود السخية التي عليه الوفاء بها للشباب السنغالي، والذي يرجع له الفضل في إيصاله إلى الرئاسة؛

التحدي الرابع :  يتعلق بما يمكن أن تقوم به الدولة العميقة من مؤامرات، وبما يمكن أن تحيكه فرنسا من مكائد، وفرنسا لاشك أنها مصدومة بوصول شاب ملتح، متعدد الزوجات، ذي خلفيته إسلامية، ويعد في برنامجه الانتخابي بالخروج من عباءة المستعمر، وبمراجعة بعض الاتفاقيات، وبصك عملة جديدة. لن تقبل فرنسا أن تخسر حليفها الأهم في إفريقيا بسهولة.

نأمل أن يتجاوز الرئيس السنغالي المنتخب هذه التحديات، ومع ذلك لا يمكننا أن نخفي في هذا المقام ما يساورنا من قلق له يبرره حول نجاح هذه التجربة، والتي إن نجحت فستكون ملهمة للشباب الإفريقي في العديد من الدول الافريقية.

انتهى الاستشهاد..

المؤسف هنا أن الحالة السنغالية تعدَُ من الحالات النادرة التي يصل فيها شاب إفريقي للحكم عن طريق الانتخابات، وبالتالي فنجاحها في غاية الأهمية، ويمكن أن يكون ملهما للشباب الإفريقي.

بقية حالات وصول الشباب الإفريقي للحكم، تأتي عن طريق انقلابات، وبالتالي فهي لا يمكن - بأي حال من الأحوال -  أن تكون ملهمة.

لو سُمِح لسونغو أن يترشح، وكان هو الفائز في الانتخابات الماضية لما كانت هناك مشكلة من هذا النوع أصلا، فسونغو كان قائد المشروع السياسي، وبالتالي فمن الطبيعي جدا أن يكون رئيسا، ولن يجد اي منافسة في حالة انتخابه رئيسا من داخل مشروعه السياسي.  

المشكلة أنه منع من الترشح، وأن الفائز بالرئاسة هو الشخصية الثانية في المشروع السياسي، ومن هنا كان من المتوقع جدا ان يحدث خلافٌ قوي بين "القائدين".

نتمنى أن لا يؤثر هذا الخلاف سلبا على التجربة السنغالية الفريدة من نوعها.

الخميس، 10 يوليو 2025

📺 النقاش الجاد يفرض نفسه.. حتى على الأرقام!

 


📺 النقاش الجاد يفرض نفسه.. حتى على الأرقام!

حلقة #صالون_المدونين رقم 20 عن "التوترات في الساحل وأثرها على موريتانيا" لم تكن مجرد حوار عابر، بل كانت محطة فكرية عميقة، جذبت أنظار الآلاف ولامست قضايا جوهرية تمسّ حاضرنا ومستقبلنا.

🔴 أكثر من 100 ألف مشاهدة حتى الآن لمداخلة الكاتب المتخصص في الشأن الإفريقي إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا (بارك الله فيه وزاده قبولًا عند المتلقي)، في مؤشر قوي على أن الوعي يُتابَع، والكلمة المسؤولة تُصغي لها الجماهير.

💬 شكراً لكل الأسماء اللامعة التي ساهمت بإثراء النقاش:

🔹 محمد محمود ولد المعلوم (باحث - معهد إكس للعلوم السياسية)

🔹 محمد شيخنا (ضابط سابق)

🔹 صيدو الحسن صال (والي سابق)

🔹سيدي أحمد ديه، مصطفى سيدات، الحافظ الغابد، محمد البخاري مؤمل، همات جالو، محمد محمود بڪار، محمد المختار محمد فال، سيدأحمد بابه، ممادو الطيب صو، محمد عبد الله أمهـادي، د. جعفر محمود، باب أربيه، عبد الله الطالب، أحمد سالم أحمد دكله...

🟨 نخبة من المفكرين والخبراء من خلفيات عسكرية، وسياسية، وإعلامية، وأكاديمية، اجتمعت لتناقش المشهد الإقليمي بتجرّد وعمق وطني.

📣 إن كنت مهتماً بمستقبل منطقتنا، لا تفوّت متابعة هذه الحلقة.. لأنها  وببساطة حلقة مفيدة.

تحرير Chat GPT 

#معا_نرتقي_بالحوار

هذه بعض المداخلات من الندوة النقاشية، لمن يريد أن يتابعها بالصوت والصورة:

1- المداخلة الرئيسية  

2- مداخلة إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا

3- تعقيب محمد محمود ولد المعلوم

4خبر عن الندوة

بقية المداخلات، وهي مداخلات قيمة توجد على. حسابي في الفيسبوك.


الاثنين، 7 يوليو 2025

صالون المدونين يناقش التوترات في الساحل وتأثيراتها على موريتانيا


نظم صالون المدونين مساء الأحد 06 يوليو 2025، جلسته النقاشية العشرين، والتي خُصصت لبحث التوترات المتصاعدة في منطقة الساحل، وخاصة في دولة مالي، وانعكاساتها المحتملة على الأمن والاستقرار في موريتانيا، وذلك على خلفية التطورات الأخيرة وبلوغ المعارك الحدود المشتركة بين البلدين.

وقد افتتحت الجلسة بثلاث مداخلات رئيسية قدمها كل من:

الباحث محمد محمود ولد المعلوم، والرائد السابق محمد شيخنا، والوالي السابق صيدو الحسن صال.

وتوالت بعد ذلك المداخلات من القاعة، بمشاركة لفيف من الخبراء ورؤساء المراكز البحثية، وأساتذة جامعيين، وعسكريين سابقين، وصحفيين، ووزراء سابقين، إلى جانب نشطاء في المجتمع المدني.

🔸 الاستقرار في مالي.. مصلحة موريتانية

أجمع المتدخلون على أهمية الاستقرار في الجارة مالي، مؤكدين أن الحدود الطويلة والتداخل السكاني العميق بين البلدين يجعل أي اضطراب في مالي يؤثر مباشرة على شرائح واسعة من الموريتانيين. وذهب بعض المشاركين إلى تصنيف الأزمة الحالية في مالي باعتبارها مشكلة داخلية موريتانية يجب أن يتم التعامل معها كما يتم التعامل مع بقية المشاكل الداخلية.


🔸 ثلاث سيناريوهات للأزمة المالية

ناقش الحاضرون السيناريوهات المحتملة لمآلات الصراع:

1. توقف الصراع، وهو احتمال مستبعد حاليًا.

2. استمراره على الوضع الراهن، وهو ما يعني استمرار الأعباء الأمنية والاجتماعية على موريتانيا.

3. اتساع رقعة الصراع وسقوط النظام، أو فقدان السيطرة على مناطق جديدة، خاصة على الشريط الحدودي، وهو ما سيزيد من التحديات أمام موريتانيا.

🔸 دعوات لمبادرة وساطة موريتانية

في ضوء هذه التطورات، دعا أغلب المتدخلين الرئيس الموريتاني والحكومة إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية، بل وإطلاق مبادرة وساطة بين النظام المالي ومعارضته المسلحة، معتبرين أن هذا الخيار، رغم صعوبته، هو السبيل الوحيد لتفادي المزيد من التصعيد في المنطقة.

🔸 دروس مستخلصة وخيارات وقائية

كما شدد المشاركون على ضرورة استخلاص الدروس من الأزمة، للوقاية مما تعيشه مالي حاليا، وذلك من خلال:

ترسيخ قيم المواطنة؛

تعزيز الوحدة الوطنية؛

بناء دولة العدل والمساواة؛

التركيز التنموي على المناطق الحدودية الهشة، التي قد تتحول إلى بيئة حاضنة للجماعات المسلحة وتجار المخدرات ومهربي المهاجرين.




السبت، 5 يوليو 2025

محاربة الفساد ضمانٌ للأمن والاستقرار

 


لمن لا يُقَدِّر نعمتي الأمن والاستقرار التي تعيشهما بلادنا ولله الحمد، فما عليه إلا أن يتأمل في الأحداث الجارية حاليا في مالي، وما آلت إليه الأوضاع في هذا البلد الجار والشقيق، والذي تربطنا به حدود طويلة جدا تصل إلى2237 كلم.

لقد أنعم الله علينا في هذه البلاد بنعمة الأمن والاستقرار، وتلك نعمة علينا أن نحافظ عليها بشكر الله أولا، ثم بخوض حرب جدية على الفساد والمفسدين، فلا استقرار ولا أمن دائمين بدون حرب جدية على الفساد والمفسدين.

صحيحٌ أن هناك بعض السياسيين الذين يرفعون شعارات تتعلق بالعبودية والإرث الإنساني باعتبارهما هما ما يهدد حاليا الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي، وأننا إذا لم نجتمع عليهما ونتحاور حولهما مرة تلو الأخرى، فلا أمن ولا استقرار للبلد، ولا نجاة له من التفكك والانقسام لا قدَّر الله.

وصحيحٌ كذلك أن أصوات هؤلاء كانت هي الأعلى في الماضي، وما تزال هي الأعلى في الحاضر، لأسباب قد نتحدث عنها في مقام آخر، كل ذلك صحيح، ولكنه لن يمنعنا من القول ـ وبأعلى صوت ـ بأن الخطر الأول الذي يهدد أمن هذه البلاد واستقرارها هو خطر الفساد، ولا شيء أخطر إطلاقا من الفساد على استقرار البلد وأمنه، وخطر الفساد سيأتي في الرتبة الأولى ـ وبفارق كبيرـ إذا ما رتبنا المخاطر التي تهدد وحدة المجتمع وتماسكه في بلادنا.

لنقلها بصوت أعلى، لم يعد ضحايا الفساد، وأكثر من 80% من الشعب الموريتاني من مختلف الأعراق والمكونات، هم من ضحايا الفساد، يمتلكون القدرة على تحمل المزيد من آثار الفساد، ولم يعد بإمكان الفقير المريض أو الجائع أو العاطل عن العمل أن يتحمل المزيد من الفقر والمرض والجوع، وهو يشاهد ثروات البلد تنهب، أو يشاهد أكوام النقود ترمى في مناسبات اجتماعية، ويوثق رميها بالصوت والصورة، وينشر كل ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي حتى يصل لكل فقير في مخبئه، فيشاهده أبناؤه الجوعى أو المرضى أو العاطلين عن العمل، فهل تعتقدون أن هؤلاء سيتصرفون بشكل سليم عندما تتكرر عليهم تلك المشاهد المستفزة بالعشي والإبكار؟

مشكلتنا الكبرى في هذه البلاد هي الفساد، ولا مشكلة أولى بالمواجهة من الفساد، ومظاهر الفساد وآثاره هي التي يستغلها بعض السياسيين لخلق انقسام في المجتمع، ولتأليب بعض المكونات والشرائح على بعضها الآخر،  فيقولون لهذه المكونة أو لتلك الشريحة إنكم تعانون بسبب فساد تلك المكونة أو الشريحة، وكأنهم يريدون بذلك أن يقولوا بأن ضحايا الفساد هم من مكونات وشرائح محددة، وأن المفسدين ـ كل المفسدين ـ هم من مكونة أو شريحة محددة، وهذا بطبيعة الحال قولٌ غير صحيح، فضحايا الفساد يوجدون في كل المكونات الوطنية، والمفسدون يوجدون أيضا في كل المكونات والشرائح.

يمكنني أن أجزم بأن هذا الخطاب المفخخ لن يجد من يستمع إليه إذا ما حاربنا الفساد بجدية وصرامة، وأن كل هذه الشعارات التي يسعى أصحابها لزرع الفتنة والانقسام في المجتمع ستتبخر وتختفي، ولن تجد من يتغنى بها، إذا ما حورب الفساد في هذه البلاد بجدية وصرامة وقوة.

ويمكنني أن أجزم كذلك أن هذا الخطاب التفكيكي المفخخ الذي يتغذى على آثار الفساد، ويستغلها لإقناع بسطاء الناس، لن يختفي بالحوار، وأننا إذا ما أجرينا عشرات الحوارات الوطنية المتتالية عن العبودية والإرث الإنساني، وأصدرنا عشرات المجلدات من القوانين، وأطلقنا عشرات الهيئات لمحاربة مخلفات الاسترقاق ولطي ملف الإرث الإنساني، ومنحنا مناصب سامية لكل من يرفع تلك الشعارات، وأعطيناهم من تحت الطاولة ومن فوقها مبالغ مالية ضخمة، أقول يمكنني أن أجزم أننا لو فعلنا كل ذلك، دون أن نحارب الفساد بقوة وصرامة وجدية، فلا شيء سيتغير، وسيظهر في العام 2030 والعام 2035 من يرفع تلك الشعارات بقوة، وسنضطر مرة أخرى لتنظيم حوارات وطنية جديدة لمحاربة آثار الاسترقاق ولحل مشاكل الإرث الإنساني.

بكلمة واحدة، فلنحارب الفساد بقوة وصرامة وجدية، ونحن إذا ما فعلنا ذلك، فإننا سنقضي تلقائيا على العديد من المشاكل التي تؤرقنا حاليا.

هذه هي قناعتي الشخصية، ومع ذلك فأنا لستُ ضد الحوار، بل على العكس من ذلك فأنا من المرحبين به في أي وقت وتحت أي ظرف، وأعتقد أن الحوار القادم سيكون مفيدا، إذا ما أضيفت للمواضيع التي سيناقشها ثلاثة ملفات أساسية تم تغييبها في وثيقة خريطة الطريق، وهذه الملفات المغيبة هي:

1 ـ أن تكون هناك ورشة خاصة بوضع آليات فعالة لتفعيل كل القوانين المعطلة، ولتنفيذ ما سيتم عليه الاتفاق لاحقا في الحوار المنتظر، فمن مشاكلنا الكبرى في هذه البلاد أننا نصدر الكثير من القوانين الجيدة، وعندما نتحاور نتفق على الكثير من التوصيات المهمة، ولكن تبقى المشكلة دائما في تنفيذ القوانين والعمل بالتوصيات، فبالنسبة للفساد مثلا، والذي يعتبر من أخطر المشاكل التي تواجهنا، فنحن نمتلك اليوم ترسانة قانونية جيدة، وخاصة بعد المصادقة على القوانين الثلاثة، المتعلقة بمكافحة الفساد، والتصريح بالممتلكات، وسلطة مكافحة الفساد، ولا أظن أن الذين سيناقشون هذا الملف في الحوار المنتظر سيضيفون الكثير إلى ما جاء في هذه القوانين، وإلى ما تضمنته الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.

المشكلة ـ وهذا ما علينا أن نستحضره دائما ـ لا تكمن في نقص القوانين أو التوصيات، بل تكمن في الأساس في تنفيذ تلك القوانين والتوصيات، فكيف لدولة لم تتمكن بعد أكثر من ثلث قرن من تفعيل مادة في دستورها تنص على أن للبلاد لغة رسمية وحيدة، فكيف لتلك الدولة أن تنفذ قوانين أخرى أقل إلزامية من مواد الدستور، أو تنفذ توصيات ستصدر عن الحوار المنتظر؟ كيف لها أن تنفذ تلك القوانين والتوصيات وهي لم تتمكن ـ حتى الآن ـ من تفعيل مادة في دستورها المصادق عليه منذ العام 1991، فحتى الآن، وهذا مجرد مثال من أمثلة كثيرة على تعطيل هذه المادة، فما زال رئيس أعلى هيئة دستورية في البلاد (المجلس الدستوري) يتحدث بلغة أجنبية في أهم حدث وطني ( تنصيب رئيس الجمهورية المنتخب).

2 ـ أن تكون هناك ورشة خاصة بالهجرة غير النظامية، والتي يمكن اعتبارها في ظل عدم الاستقرار المتصاعد في المنطقة، أنها أصبحت من حيث الخطورة تأتي مباشرة بعد الفساد، ومع ذلك فقد غاب ملف الهجرة غير الشرعية عن المواضيع المقترحة للنقاش في الحوار القادم.

من المؤكد أن منسق الحوار السيد موسى فال ليس هو من غيب هذا الملف عن مواضيع الحوار التي ستناقش، فكل ما قام به منسق الحوار هو أنه أفرز المواضيع التي تكرر طرحها في الردود التي وصلته، وأعادها إلى الجهات المعنية في وثيقة خارطة الطريق المقترحة. إنه لمن المؤسف حقا أن طبقتنا السياسية ما زالت تعاني من خلل كبير في ترتيب المشاكل والتحديات التي تواجهها بلادنا، بل إن هذا الخلل وصل إلى مستوى جعل بعض السياسيين لا يعتبر الهجرة غير النظامية مشكلة أصلا، بل أكثر من ذلك، فبعضهم أصبح يتضامن ويدعم المهاجرين غير النظاميين على حساب  المواطنين الموريتانيين، ولذا فقد شاهدنا في الفترة الماضية من ينتقد بقوة الإجراءات الخجولة التي اتخذتها الحكومة للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين لبلادنا، ويُطالب بتوقيف تلك الإجراءات، وكأنه يُريد أن تفتح بلادنا حدودها الواسعة لأكثر من 17 مليون شخص في المنطقة يتأهبون حاليا للهجرة.

3 ـ من الملفات الشائكة التي لم تذكر في وثيقة خارطة الطريق، والتي كان يجب أن يخصص لها محور مستقل، ملف المؤسسة العسكرية وعلاقتها بالسياسة والديمقراطية، وهذا ملف شائك ويستحق نقاشا معمقا في ظرفية سياسية هادئة كالتي نعيش في أيامنا هذه.

إنني من الذين يرون بأن الانتقال من ديمقراطية تتحكم فيها المؤسسة العسكرية إلى ديمقراطية مدنية خالصة، يحتاج لفترة انتقالية، يقودها رئيس له خلفية عسكرية ولكنه يتصرف بعقلية مدنية، وفي اعتقادي الشخصي أن الفترة الحالية هي الأنسب لذلك الانتقال، لو مُهد له بشكل جيد في الحوار القادم.

لقد كنتُ على قناعة تامة بأن موريتانيا لا يمكن أن يقودها بعد العام 2019 إلا الرئيس الحالي، وأنه لو انتُخِب في العام 2019 رئيسٌ آخر غير محمد الشيخ الغزواني - أيًّا كان ذلك الرئيس - لما سلمت بلادنا من سوء الأوضاع الأمنية التي عرفتها بعض دول المنطقة، ولربما عشنا في هذه البلاد انقلابا جديدا ينضاف إلى انقلابات كثيرة عرفتها بعض دول المنطقة في السنوات الخمس الأخيرة (انقلاب في مالي أغسطس 2020، انقلاب في تشاد 2021، انقلاب في غينيا 2021، انقلاب في بوركينافاسو2022، انقلاب في النيجر 2023، انقلاب في الغابون أغسطس 2023..) .

لقد كنا في العام 2019 بحاجة إلى رئيس قادر على  تأمين التناوب السلمي على السلطة، وعلى تحصين مأموريته من أي انزلاق أمني، وذلك في ظل وجود رغبة جادة للإخلال بذلك التناوب لدى من يمتلك القدرة على الإخلال به، ويمكنني أن أجزم تحليليا أن ذلك التأمين والتحصين لم يكونا ليتحققا إلا في ظل وجود رئيس منحدر من المؤسسة العسكرية، ولديه القدرة على أن يحصن البلاد من أي انقلاب عسكري جديد.

أعلم جيدا أن البعض كان يُطالب في تلك الفترة بإبعاد العسكر عن السلطة، وكلمة العسكر هي السائدة للأسف في الخطاب المعارض، ومع أن لتلك الرؤية وجاهتها، إلا أنه علينا أن ندرك أن الرئيس أو القائد الناجح يمكن أن يكون مدنيا، ويمكن أن يكون عسكريا، وكذلك الحال بالنسبة للقائد الفاشل، فيمكن أن  يكون هو أيضا مدنيا، كما يمكن أن يكون عسكريا، فنجاح القائد أو فشله ليسا مرتبطين بالضرورة بمدنيته أو عسكريته، ومع ذلك فهناك فترات من تاريخ الدول قد يكون فيها حضور الخلفية العسكرية للقائد أولى، وهناك فترات أخرى ـ وهي الأكثرـ يكون فيها حضور الخلفية المدنية للقائد أولى.

بالمناسبة، وهذه مفارقة تستحق أن تذكر في هذا المقام، فنحن عندما نبحث اليوم عن الرئيس الأشهر في إفريقيا في هذه الحقبة من تاريخها، والذي استطاع أن ينهض ببلده على كل المستويات، فسنجد أن ذلك الرئيس لم يكن عسكريا فقط، بل كان قائد ميليشيا في واحدة من أبشع الحروب الأهلية في إفريقيا، وفي المقابل، فإننا عندما نبحث عن الرئيس الذي خاض أخطر انقلاب مدني على المؤسسات الدستورية في بلده، فسنجد أنه رئيس بالمواصفات المثالية حسب ما يُخَيَّل إلينا، فهذا الرئيس لا علاقة له إطلاقا بالمؤسسة العسكرية، ولا يمكن أن يُنافسه رئيس آخر في "مدنيته"، فهو أستاذ جامعي، خبير في القانون الدستوري، ووصل إلى السلطة عن طريق انتخابات حرة نزيهة، وكانت حملته الانتخابية حملة مثالية اعتمدت على خطاب سياسي جذاب، ولم تنفق فيها أموال طائلة، ومع ذلك فعندما وصل إلى السلطة تصرف بعسكرية، قد لا يتجرأ عليها العسكريون عندما يصلون إلى الحكم على ظهر دبابة.

أختم بالقول بأن بلادنا كانت في العام 2019 بحاجة إلى رئيس له خلفية عسكرية، وستكون في العام 2029 أحوج إلى رئيس له خلفية مدنية، ولتحقيق ذلك، فنحن اليوم بحاجة إلى حوار وطني عميق ومسؤول،  يناقش في هدوء العلاقة بين المؤسسة العسكرية والديمقراطية، تمهيدا لانتخاب رئيس مدني في العام 2029 من الأغلبية أو المعارضة، وذلك بعد أن نكون قد أكملنا الفترة الانتقالية بين الديمقراطية العسكرية والديمقراطية المدنية، في ظل حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وهي الفترة التي امتدت أوستمتد لعشر سنوات، من العام 2019 إلى العام 2029.

حفظ الله موريتانيا..


الأربعاء، 2 يوليو 2025

نائب سنغالي يتحدث باللغة العربية.


لعلَّ آخر الحجج التي يبرر بها البعض لبعض مكوناتنا الوطنية التمسك بلغة أجنبية، هو ان هذه اللغة الأجنبية تعتبر لغة تواصل مع امتداد تلك المكونات في بعض الدول الافريقية، وهذه الحجة لم تعد مقنعة الآن، وستكون أقل إقناعا في المستقبل القريب. 

لقد أصبحت اللغة العربية لغة رسمية في مالي، وهي صفة افتقدتها اللغة الفرنسية بموجب دستور مالي الجديد (أصبحت مجرد لغة عمل فقط)، وربما تفقد تلك الصفة لاحقا، فالمؤشرات تسير في ذلك الاتجاه.

 أما في السنغال والتي يتحدث منها هذا النائب، فإن المؤشرات أوضح، فقد نقل تقرير للجزيرة نت، يمكن العودة إليه في أي وقت، عن مدير المركز الإسلامي في دكار اخلأستاذ المبرز شارنو كاه الحبيب قوله: "إن العربية هي اللغة الأولى الأكثر انتشارا في السنغال إلى يومنا هذا"، ونقل التقرير أيضا عن وزير التعليم السنغالي السابق أبادير تام قوله: إن 35% على الأقل من الشعب السنغالي يتكلمون العربية، ومع وصول النظام الجديد للحكم في السنغال، تم اتخاذ قرارات مهمة من شأنها أن تعزز من مكانة اللغة العربية في السنغال، كان من بينها القرار بإنشاء مديرية لإدماج حملة الشهادات باللغة العربية في سوق العمل. 

 يحدث هذا في وقت شهدت فيه المنطقة موجة انسحابات من المنظمة الدولية للفرانكفونية، فقد انسحبت مالي والنيجر وبوركينافاسو من هذه المنظمة، وقد تصل موجة الانسحابات إلى دول أخرى، فالحبل على الجرار وكما يُقال، ومن المؤكد أن هذه الانسحابات سيكون لها أثرها السلبي على حضور اللغة الفرنسية في المنطقة، ويمكن أن نضيف لكل ذلك موجة العداء أو التحرر من فرنسا، ولكل ماله صلة بها، وبما في ذلك لغتها، وهي موجة متصاعدة ومتنامية لدى شباب القارة، ومن المؤكد أن كل ذلك سيساهم في تراجع حضور اللغة الفرنسية في المنطقة، وسيكون ذلك التراجع لصالح اللغة العربية، والتي أصبحت تحتل اليوم الرتبة الثانية بعد الانجليزية، وربما تجاوزتها في ترتيب اللغات الأكثر حضورا في إفريقيا، حسب بعض الإحصائيات، وذلك في الوقت الذي تراجعت فيه اللغة الفرنسية إلى الرتبة الرابعة إفريقيا، وربما تتراجع أكثر.

مداخلة النائب: