يُحاول البعض - عن حسن نية أو سوئها - أن يتحدث عن ردود أفعال متباينة للمجتمع مع ضحايا جرائم الاغتصاب الأخيرة، ويفسر ذلك التباين تفسيرا شرائحيا مقيتا، وهذا التفسير غير سليم.
لقد تابعت ردود فعل المجتمع على العديد من جرائم الاغتصاب في السنوات الماضية ، ويمكنني أن أقول بأن أقوى ردة فعل مجتمعية خلال تلك السنوات جاءت بعد اغتصاب الطفلة "خدي توري" (6 سنوات)، ورميها ميتة على الشاطئ (أكتوبر 2013)، ثم تلاها من حيث مستوى تفاعل المجتمع ردة الفعل على اغتصاب الطفلة زينب (10 سنوات) ضحى وكانت في طريقها إلى المحظرة ثم حرقها من بعد ذلك (23 دجمبر 2014)، وفي كلا الجريمتين تفاصيل صادمة، مع أن الجريمة صادمة في حد ذاتها.
إن مستوى تفاعل المجتمع وردود فعله على الجرائم يتأثر كثيرا ببعض التفاصيل الخاصة بكل جريمة، لا بلون الضحية أو عرقها أو شريحتها.
هناك تفاصيل صادمة مع أن جريمة الاغتصاب في حد ذاتها صادمة، وتزيد تلك التفاصيل من مستوى تفاعل المجتمع وردود فعله على الجرائم، وهذا يحدث في كل بلدان العالم، فهناك بعض التفاصيل التي قد تثير ردود فعل المجتمع أكثر من الجريمة نفسها، وفي اعتقادي أن وجود الأب المريض الذي لا يستطيع أن يتحرك، واغتصاب ابنته أمامه هو الذي زاد من حجم ردة فعل المجتمع على الجريمة الأخيرة، ولا علاقة للانتماء العرقي للضحية بالموضوع.
يمكنني أن أجزم تحليليا أنه لو لم يوجد الأب المريض في أحداث جريمة الاغتصاب الأخيرة لمرت هذه الجريمة بردود فعل باهتة كما مرت جرائم الاغتصاب التي سبقتها.
إن الحديث عن عرق وشريحة المجرم هو أمر مقيت، والحديث كذلك عن عرق وشريحة الضحية هو أمر مقيت، واستحضار العرق أو الشريحة للتضامن مع الضحية أو لتفسير مستوى التضامن هو أمر مقيت كذلك.
هذا التفسير الشرائحي لردود الفعل الذي يدفع به البعض يتناقض كثيرا مع ما يحدث من تفاعل مع بعض الجرائم الأخرى، ولدي مثال يمكن تقديمه لإسكات كل من يحاول إدخال البعد الشرائحي والعرقي في ردود المجتمع ونخبه السياسية والإعلامية على ما يحدث من جرائم في البلد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق