الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024

عن مصادر أموال أبناء الشيخ آياه


لقد أصبح السؤال عن مصادر أموال بعض أبناء أسرة أهل الشيخ آياه الفاضلة، هو السؤال الأكثر إلحاحا في أيامنا هذه، وأصبحت محاولات الإجابة عليه هي الشغل الشاغل لرواد مواقع التواصل الاجتماعي.

إن المتابع لما يُثار حاليا من نقاش واسع حول مصادر تلك الأموال سيجد أن هناك ثلاث فرضيات تعتبر هي الأكثر تداولا حول تلك المصادر.

الفرضية الأولى : يحاول أصحاب هذه الفرضية أن يربطوا ـ تلميحا أو تصريحا ـ بين مصدر هذه الأموال والتجارة في "أدكيكة البيظة"، ومن أبرز من حاول أن يدفع بتلك الفرضية في بثوثه المباشرة المدون عبد الرحمن ودادي، والذي حظي بثه المباشر الذي أوصل النقاش حول الموضوع إلى ذروته، بمليون وثلاثمائة ألف مشاهدة، كما حظي بثه الثاني بمليون مشاهدة، بينما وصل بثه الثالث بعد 8 ساعات (وقت كتابة هذا المقال) إلى أكثر من نصف مليون مشاهدة، والراجح أنه سيتجاوز مليون مشاهدة من قبل أن يُكمل يومه الأول.

نحن أمام أرقام مشاهدة استثنائية، وتفاعل غير مسبوق في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يعني بأن هذه الفرضية وصلت إلى كل بيت موريتاني، إن لم أقل كل موريتاني، فأن تحظى ثلاثة بثوث متتالية لمدون واحد، خلال ثلاثة أيام، بما يُقارب 3 مليون مشاهدة، فهذا يعني أننا أمام تفاعل استثنائي وغير مسبوق في مواقع التواصل الاجتماعي لم يحظ به أي موضوع من قبل.

لا يملك أصحاب هذه الفرضية ـ وعلى رأسهم عبد الرحمن ودادي ـ أدلة مؤكدة يقدمونها للمتابع، ولا يطلب منهم تقديم أدلة مؤكدة، ولكنهم في المقابل، استطاعوا ـ وبذكاء ـ أن يربطوا من خلال تحليل متماسك منطقيا بين سلسلة من الأحداث، واستطاعوا كذلك أن يطرحوا بعض الأسئلة، التي من شأنها أن تعزز من قوة فرضيتهم. يتحدث أصحاب هذه الفرضية عن الثروة الضخمة التي ظهرت فجأة عند بعض أفراد الأسرة، والتي تزامنت مع " ظهور طائرة لغز" في سماء الترارزة، كما يتحدثون عن إنفاق تلك الأموال بطريقة مثيرة للشكوك، وعن عطايا كان فيها نصيب كبير لبعض التافهين، لا يمكن أن يُعطيها إلا من حصل على أموال ضخمة بطرق "سهلة".

هذه الفرضية ـ إن تأكدت ـ  تجعلنا أمام أموال حرام حُصِّلت من فعل إجرامي محرم محليا ودوليا.

الفرضية الثانية : ومن أشهر من قال بها ـ إن لم أقل الوحيد الذي قال بها ـ صاحب حساب مستعار (سيدي محمد المعروف باكس ول اكرك)، حيث أشار في منشور له تم تداوله بشكل واسع إلى أن أحد الموريتانيين، ويفهم من سياق المنشور أنه يقصد أحد أبناء أسرة أهل الشيخ آياه، قد حصل على 170 مليون أيرو في لعبة "يانصيب".

هذه الفرضية تجعل مصدر الأموال قانوني في دول الغرب، ومحرم شرعا في بلادنا، ويفترض أنه محرم كذلك في كل بلاد المسلمين.

الفرضية الثالثة: تحدث عنها كثيرون، ولعل من أبرزهم الصحفي المعروف عبد الله اتفاغ المختار، حيث قالوا بأن مصدر هذه الأموال هو "لحجاب"، ويقول الصحفي عبد الله  في منشور له أنه علم من بعض المصادر: "أن بزوغ نجم العزة منت الشيخ آياه كان بسبب حاجة سيدات خليجيات محافظات جدا، إلى حجابة أنثى، لكونهن لا ينكشفن على غير محرم". ويضيف في نفس المنشور: "شخصيا خدمتُ سبع سنوات في دولة الإمارات، وكثيرا ما التقيتُ بحجابة موريتانيين، وقليل منهم من غنم منها وعاد إليها، والسبب دائما هو التحايل، باستثناء الطالب بوي الذي كان يغادرنا في دبي هذا الأسبوع، ثم يعود إلينا في الأسبوع الموالي وذلك دأبه حتى الساعة، ولم نعلم بمأخذ على نشاطه وسلوكه هناك."

هذه الفرضية ـ إن صحت ـ سنكون أمام أموال مشروعة، مع اعترافنا بأن "لحجاب" أصبح يصاحبه الكثير من عمليات الغش والتحايل.

من يستطيع أن يحسم الجدل القائم حول هذه الفرضيات؟

هناك جهتان فقط يمكن لهما أن تحسما هذا الجدل القوي الدائر حاليا  حول مصدر أموال أسرة أهل الشيخ آياه. الجهة الأولى هي من يمتلك تلك الأموال، أي الأسرة نفسها، ولكن يبدو أن الأسرة لم تقرر حتى الآن الكشف عن مصادر أموالها، بل إن ما يُصرح به من طرف بعض أفرادها يزيد من وجاهة السؤال عن مصدر تلك الأموال.

إن أهم تصريحات أبناء الأسرة حول مصدر تلك الأموال انحصر حتى الآن في منشور كتبه الشيخ الطالب بوي ولد الشيخ أياه (الناطق الرسمي باسم الأسرة) على حسابه في الفيسبوك، قال فيه :" مصدر أموال أهل الشيخ آياه : قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)".

هناك أيضا فيديو متداول للشيخ عبد العزيز الشيخ آياه (الخليفة العام) يقول فيه إنه أغنى من يوجد حاليا بين السماء والأرض، وأنه لا يزاول أي عمل!!!

أما الجهة الثانية التي يمكن أن تجيب بدقة على السؤال هي الدولة طبعا، وذلك من خلال أجهزتها الأمنية والقضائية، والدولة أصبحت ملزمة اليوم بالإجابة على هذا السؤال، وأصبحت ملزمة كذلك باتخاذ القرار المناسب في هذا الموضوع بعد تحديد مصدر تلك الأموال، فإن كان مصدرها هو ما تحدثت عنه الفرضية الأولى، وهذا مما لا أتمناه،  فإننا في هذه الحالة سنكون أمام واحدة من أخطر الجرائم التي تستوجب معاقبة كل الضالعين فيها، وإن كان مصدر الأموال له صلة بالفرضية الثانية، أي القمار، فإننا نكون في هذه الحالة أمام تكسب غير مشروع للمسلم، ويزداد الأمر هنا خطورة لأنه يتعلق ببعض أفراد أسرة يتبع لطريقتها الكثير من الموريتانيين ومن غير الموريتانيين، وبهذا التصرف يكون أحد أبناء الأسرة قد أساء إلى تاريخ طويل وعريض لأسرة فاضلة لها طريقتها الصوفية التي كانت ـ وما تزال تستقطب الكثير من المريدين والأتباع.

وإن كان مصدر الأموال هو الفرضية الثالثة، أي لحجاب، وهذا ما نرجو، فهنا نكون أمام مصدر شرعي، حتى وإن ارتبط "لحجاب" في بعض الحالات بالشعوذة والتحايل.

إننا نتمنى حقا، أن يكون مصدر أموال هذه الأسرة هو لحجاب، وفي هذه الحالة سيكون من واجبنا جميعا أن نقف صفا واحدا ضد تشويه سمعة هذه الأسرة الفاضلة من خلال اتهامها بأبشع جريمة يمكن أن يُتهم بها أبناء مشيخة معروفة في موريتانيا وخارجها.

نعم سيكون من واجبنا في حالة تحققت هذه الفرضية الثالثة أن نقف مع هذه الأسرة الفاضلة التي اتهمت بأبشع تهمة، خاصة وأن هذه التهمة قد سارت بها ركبان البثوث المباشرة، وأوصلتها إلى كل موريتاني يملك هاتفا مزودا بالأنترنت.

نعم سيكون من واجبنا جميعا إن صدقت الفرضية الثالثة أن نقف صفا واحدا ضد واحدة من أخطر عمليات التشويه الإعلامي التي تعرضت لها أسرة موريتانية في كل تاريخ البلد.

بكلمة واحدة لقد أصبح لزاما على الأجهزة الأمنية والقضائية أن تكشف ـ وبشكل فوري ـ عن مصدر أموال أسرة أهل الشيخ آياه، فإن كان المصدر غير مشروع تم اتخاذ الإجراءات العقابية المناسبة، وإن كان المصدر مشروعا ـ وهذا ما نرجو وما نتمنى ـ عوقب كل من حاول تشويه سمعة هذه الأسرة الفاضلة، مع القيام بكل ما يلزم لوقف هذا التشويه الإعلامي الواسع الذي تتعرض له هذه الأسرة الفاضلة.   

حفظ الله موريتانيا..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق