الثلاثاء، 27 فبراير 2024

الرئيس مسعود ومبادرة لفت الانتباه!


ارتكب الرئيس مسعود خطأ كبيرا في مبادرته هذه، فالمطالبة بزيادة سنة على المأمورية يشكل دعوة صريحة للاعتداء على مادة محصنة من الدستور الموريتاني. ثم إن مطالبة الرئيس مسعود وهو معارض لرئيس الجمهورية بعدم الترشح لمأمورية ثانية يمنحها له القانون يعتبر مجرد كلام للإثارة أو للفت الانتباه أو لإشعار الرأي العام بأن التحالف مازال موجودا، وأن رئيسه مازال قادرا على إطلاق المبادرات ..لا أقل ولا أكثر.

سبقت بعض أطراف المعارضة الرئيس مسعود لهذا الطلب، أي المطالبة بعدم ترشح الرئيس، وذلك بحجة أنه لم ينجز شيئا خلال مأموريته الأولى.

إذا كان الرئيس لم ينجز شيئا أليس من مصلحة المعارضة أن يترشح مرة ثانية حتى يصوت الشعب ضده؟

مرة أخرى تكرر المعارضة أخطاءها القديمة الجديدة، فبدلا من الانشغال بالتحضير الجيد للانتخابات الرئاسية القادمة، وبدلا من محاولة البحث عن أنجع السبل للتخفيف من تشرذمها وتمزقها، أو  البحث عن مرشح موحد أو برنامج انتخابي موحد،  ها هي المعارضة تنشغل بمطالبة الرئيس بعدم الترشح، وكأنها إن طالبته بذلك سيستجيب لها.

 هذه هي أول مرة ومنذ عقود  لا تستطيع المعارضة أن تشكل منسقية أو جبهة أو منتدى يجمعها ولو صوريا. أخطأت المعارضة كذلك برفضها للحوار الذي دعا إليه الميثاق الجمهوري، وذلك بحجة أن من يقف خلف هذا الميثاق ( التكتل وقوى التقدم ) لا يمثل المعارضة.

وجه الخطأ هنا سأبينه من خلال ثلاث نقاط:

1- لم يعد حزبا التكتل وقوى التقدم بعد نتائج الانتخابات الماضية يشكلان منافسة لبقية أحزاب المعارضة، ولذا فقبول مبادرتهما لن يؤثر سلبا على بقية أحزاب المعارضة. يمكن أن نتفهم أن يرفض حزب معارض مبادرة تقدم بها حزب معارض آخر قد ينافسه مستقبلا، ولكن في هذه الحالة لا يمكن تفهم رفض أحزاب المعارضة لمبادرة التكتل وقوى التقدم خاصة وأن أحزاب الأغلبية رفضتها هي أيضا، وأن حزب الإنصاف قبلها على مضض؛

2- في بعض الأحيان قد لا يكون المهم طبيعة من يقف وراء المبادرة، بل المهم هو محتوى تلك المبادرة، ومن قرأ بنود الميثاق الجمهوري سيدرك أنه كان في مصلحة المعارضة الموريتانية من قبل أن يكون في مصلحة الأغلبية أو النظام الحاكم؛

3- برفض الميثاق الجمهوري ستضطر المعارضة لدخول الانتخابات الرئاسية القادمة دون أي حوار ودون أي تعديل في لجنة الانتخابات ودون أي تحسين في العملية الانتخابية، وهي العملية الانتخابية التي كانت المعارضة قد انتقدتها بشدة خلال الانتخابات التشريعية الماضية؛

4 - تمر المعارضة اليوم بأصعب أوقاتها وأضعف حالتها منذ بداية تسعينيات القرن الماضي وحتى اليوم، ولهذا الضعف العديد من الأسباب التي لا يتسع المقام لبسطها؛

5- أهدي للمعارضة المقال الأول من سلسلة من المقالات كنتُ قد كتبتها عاما قبل الانتخابات الرئاسية الماضية، وتجدون رابط هذا المقال في أول تعليق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق