الاثنين، 30 يناير 2017

يوم الحشد الأكبر


كل الدلائل والإشارات تشير إلى أن يوم الثلاثاء الموافق 31 يناير لن يكون يوما عاديا، وبأن الأمواج البشرية التي ستخرج في هذا اليوم مطالبة بتطبيق شرع الله في كاتب المقال المسيء لن تكون معهودة. هذا هو ما أتوقعه، وهذا هو ما تقوله الدلائل والإشارات المتوفرة لديَّ الآن، وفي انتظار أن يتأكد ذلك، فلا بأس من تقديم جملة من الملاحظات تتعلق بما بات يعرف بحراك النصرة وبمسار هذا الحراك.
الملاحظة الأولى


ليس لهذا الحراك أي ناطق رسمي باسمه، وليس له أي قائد أو زعيم، ولا يعني ذلك عدم الاعتراف بالتفاوت الحاصل في التضحيات وفي البذل، ولا يعني أيضا عدم الاعتراف بأهمية الأدوار التنظيمية والتنسيقية التي يقوم بها البعض من أجل ضمان نجاح أنشطة النصرة.
إن جمهور النصرة هو جمهور مختلط، غير متجانس، ومن مشارب مختلفة، وله آراء متعددة ومتباينة من مختلف القضايا العامة، ولكنه على الرغم من كل ذلك فإنه  يتفق في مسألة واحدة وهي نصرة النبي صلى الله عليه وسلم والدفاع عن جنابه، وهنا تكمن قوة حراك النصرة وإن كان البعض قد يرى في ذلك نقطة ضعف.
 إن كل من دافع عن عرض الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن كل من طالب بتطبيق شرع الله في المسيء إلى نفسه، وإن كل من تظاهر لتحقيق ذلك فهو ناطق رسمي باسم النصرة، سواء كان شيخا طاعنا في السن أو فتى يافعا، رجلا أو امرأة، سياسيا أو حقوقيا، متصوفا أو سلفيا، إخوانيا أو تبليغيا، مواليا أو معارضا. وإن من تحدث في أمور أخرى، لا تخدم النصرة، فمدح السلطة القائمة أو انتقدها فإنه بذلك يكون قد عبر عن رأيه الشخصي، أو رأي طائفته أو جماعته أو حزبه، ولكنه لم يعبر بأي حال من الأحوال عن النصرة. إن النصرة خيمة كبيرة تجمع كل الموريتانيين بمختلف مشاربهم واتجاهاتهم، ولكل من دخل هذه الخيمة الحق ـ كل الحق ـ في أن يكون له رأيه الخاص، ولكن عليه أن يحتفظ بذلك الرأي لنفسه إلى أن يجد المقام المناسب للتعبير عنه، ولا يجوز له إطلاقا أن يسوق ذلك الرأي الخاص من خلال أنشطة النصرة.
علينا كناشطين في حراك النصرة أن نفرق بين العناوين والفضاءات وأن نعلم بأن هناك عناوين يحق لنا فيها أن نمدح الرئيس بما نشاء، وأن نبالغ في مدحه، وهناك عناوين أخرى يحق لنا فيها أن ننتقده بما نشاء، وأن نبالغ في نقده، أما عنوان النصرة فيجب أن يبقى عنوانا خالصا لنصرة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، ومن غير المقبول إطلاقا أن يستخدم هذا العنوان للتعبير عن مواقف سياسية، سواء كانت موالية أو معارضة.
 
إن حراك النصرة يجب أن يكون أسمى من السياسية ومن تجاذباتها، ويجب أن يبقى بعيدا عن المآرب والمطامح والمصالح الشخصية.
الملاحظة الثانية
لا خلاف على أنه يوجد في حراك النصرة من يسعى إلى تحقيق مآرب ومصالح شخصية، ولا خلاف على أنه يوجد به من تحركه المخابرات وأجهزة السلطة، وأنه يوجد فيه من يحاول أن يركب الموجة لتحقيق مكاسب سياسية، لا خلاف على كل ذلك، ولكن لا خلاف أيضا على أن كل أولئك لا يمثلون إلا الأقلية القليلة، وأن الأغلبية الساحقة من جماهير النصرة هي جماهير صادقة، ولا تريد بحراكها هذا إلا الدفاع عن جناب الرسول صلى الله عليه وسلم والوقوف ضد موجة الإلحاد والإساءة  للمقدسات التي عرفتها بدلانا في السنوات الأخيرة.
الملاحظة الثالثة
لقد ظهرت بعض الأخطاء في مسار هذا الحراك، وبعض هذه الأخطاء كان عن غير قصد، وكان طبيعيا، والعصمة لم تعد موجودة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من أسباب تلك الأخطاء أن أغلبية المشاركين في هذا الحراك لم يتعودوا على مثل هذه الأنشطة ولا على التعاطي مع الإعلام، ولذلك فلم يكن غريبا أن تحدث مثل تلك الأخطاء، والتي يكفي لتصحيحها أن يعتذر عنها أصحابها بنفس الطريقة ومن نفس المنبر الذي ارتكبوا فيه تلك الأخطاء. هناك أخطاء أخرى كانت عن سوء نية، وكان أصحابها يريدون بها أن ينحرفوا بهذا الحراك عن مساره (جماعة يحظيه ولد داهي)، فكانت لهم جماهير النصرة بالمرصاد، وأبعدتهم بحكمة بالغة عن واجهة هذا الحراك.
الملاحظة الرابعة
إن قطار النصرة قد انطلق، ولم يعد بالإمكان إيقافه من قبل الوصول إلى محطة التوقف، ومحطة التوقف تتمثل هنا في تطبيق شرع الله في كاتب المقال المسيء، وذلك ما على السلطة الحاكمة أن تعلمه. وعلى هذه السلطة أن تعلم أيضا بأنها إذا ما رفضت أن ترخص لنشاط الثلاثاء 31 يناير، فإن ذلك لن يوقف تدفق الجماهير إلى ساحة ابن عباس وإلى المناطق المحاذية لها. إن منع الترخيص لنشاط الثلاثاء لن يؤثر سلبا على تدفق الجماهير، ولذلك فإنه من مصلحة السلطة أن تمنح الترخيص لا أن تمنعه.
كما أنه على العلماء والمشايخ الذين أبلوا بلاءً حسنا في حراك النصرة أن يعلموا بأن حضورهم يوم الثلاثاء 31 يناير ضروري ومؤكد سواء رخصت السلطة لنشاط الثلاثاء أم لم ترخص له، وبأن عليهم أن يتعلموا من أخطاء الثلاثاء 20 ديسمبر حيث غاب بعضهم في ذلك اليوم الحاسم، وحيث طالب رئيس منتدى النصرة من أنصاره عدم المشاركة في هبة الثلاثاء 20 ديسمبر لأنها لم تكن مرخصة. إن أي محاولة للحد من تدفق الجماهير في يوم الثلاثاء 31 يناير ستبوء بالفشل، وسواء جاءت تلك المحاولة من السلطة أو من أي جهة أخرى.
الملاحظة الخامسة
إذا كان يجوز لأي حراك أن يقول بأنه يمثل الشعب الموريتاني، وبأنه يرفع مطالب الشعب الموريتاني، كل الشعب الموريتاني، فسيكون ذلك لحراك النصرة، فهذا الحراك استطاع ومنذ منتصف نوفمبر من العام الماضي وإلى الآن أن يجمع في كل أسبوع حشودا بشرية كبيرة، وذلك دون أن يوفر وسائل النقل، ودون أن يقوم بدعاية إعلامية كبيرة لأنشطته الأسبوعية. ومن المعروف بأن السلطة التي تقول بأنها تمثل الشعب الموريتاني، وبأن المعارضة التي تقول هي أيضا بأنها تمثل هذا الشعب، فمن المعروف بأن هاتين الجهتين تجدان صعوبة كبيرة في أن تجمع بعد عدة أشهر ومع توفير وسائل النقل والحملات الدعائية ما تجمعه النصرة من جماهير في ساحة ابن عباس كل أسبوع.
إن تمكن النصرة من الحشد كل أسبوع، وبحجم كبير في كل مرة، ودون أن يكون هناك عناء كبير ليؤكد بأن الشعب الموريتاني قد أجمع تقريبا على المطالبة بتطبيق شرع الله في كاتب المقال المسيء، وعلى السلطة الحاكمة أن تفهم ذلك.
حفظ الله موريتانيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق