الخميس، 24 مارس 2016

لا خير فينا إن لم نتضامن مع جاليتنا في "انغولا"

يعد برنامج "ويؤثرون على أنفسهم" الذي تقدمه التلفزة الموريتانية خلال شهر رمضان من أهم وأفضل البرامج التلفزيونية التي تم تقديمها في موريتانيا. هذا البرنامج الناجح لا يمكننا أن نتحدث عنه دون أن نتحدث عن جاليتنا في "انغولا"، والتي لولاها، ولولا تبرعاتها السخية للحالات الإنسانية الصعبة التي عرضها هذا البرنامج خلال مواسمه السبع، لولا تلك التبرعات لما عُمِّر هذا البرنامج لسبعة مواسم متواصلة.

لقد أتيح لي أن أتابع تبرعات الجالية في "انغولا"، وبالتفاصيل الدقيقة، فأنا كنتُ من الذين واكبوا هذا البرنامج من أول حلقة، وكنتُ من الذين تولوا الدعاية له على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال مشاركة حلقاته، ومن خلال إعداد ملخص مكتوب عن كل حلقة.

لقد كانت جاليتنا في "انغولا" حاضرة ـ وبقوة ـ  في كل حلقة من حلقات هذا البرنامج، وفي كل موسم من مواسمه، ومع أني لا أستطيع أن أقدم لكم الآن رقما دقيقا عن حجم تبرعات الجالية للحالات التي قدمها هذا البرنامج، ولا عن النسبة المئوية التي تمثلها تبرعات الجالية، ولكني مع ذلك أستطيع أن أؤكد لكم بأن حجم تلك التبرعات لم يكن قليلا، وأن نسبتها لم تكن متدنية، ويُخَيَّل إليَّ الآن بأن النسبة قد تكون في حدود 50%، قد تزيد أو تنقص قليلا.

ما أستطيع أن أجزم به الآن هو أن هناك تجارا في "انغولا" كان الواحد منهم يتبرع بمليون أوقية دفعة واحدة للمريض الواحد، ولذلك فقد ارتفعت المبالغ المتحصلة، وكمثال على ذلك فقد زادت الحصيلة في الموسم الرابع (2012)، والذي لم يكن بأحسن المواسم، على 33 مليون أوقية، وقد استفاد في ذلك الموسم ثلاثة عشر مريضا، وذلك بمعدل 2.5 مليون أوقية لكل مريض.

أذكر أيضا بأنه لما تم الإعلان في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي عن مرض المرحوم بإذن الله الأستاذ باب ولد معطه في مطلع العام 2013، ولما تم الحديث عن تجاهل السلطات لمرض الأستاذ الفقيه، أذكر أن الجالية في "انغولا" سارعت حينها إلى التبرع، ولقد وصلتني مبالغ مالية من هذا الجالية أوصلتها لمن أرسلت إليه، وكانت الجالية على استعداد للتكفل بعلاج  الأستاذ الفقيه، ولم يمنعها من ذلك إلا أن السلطة تدخلت وأعلنت بأنها ستتولى تكاليف العلاج.

لم تتأخر هذه الجالية في أي أيام الرخاء عن مد يد العون للمرضى في هذا الوطن، فهل يعقل أن يتم تجاهل هذه الجالية في أيام الشدة، وفي هذه الفترة العصيبة  التي تمر بها هذه الجالية، والتي أصاب فيها المرض العديد من أفرادها ؟

من المؤكد بأن هذه الجالية التي تعودت على أن ترسل التبرعات للمرضى لا تريد اليوم  تبرعات لمرضاها، ولكنها تريد منا ـ وهذا هو أقل ما يجب علينا فعله ـ  أن نجعل من معاناتها قضية رأي عام، لعل ذلك يدفع بالسلطة لأن تقوم بدورها في هذا المجال، فتسارع إلى إرسال فريق طبي للمساهمة في علاج مرضى الجالية.

لقد تسببت الحمى في وفاة عدد من خيرة شباب الجالية فإلى متى يتواصل صمتنا وتفرجنا على هذه المعاناة؟

إن جاليتنا في "انغولا"، والتي عرفناها سباقة إلى التبرع للمرضى في هذا الوطن تعاني اليوم من تفشي المرض، ولا أحد يهتم..

إن جاليتنا في "انغولا"، والتي عرفناها داعمة للاقتصاد الوطني من خلال ما تحول من عملات صعبة تعاني اليوم من أزمة اقتصادية خانقة، ولا أحد يهتم.

إن جاليتنا في "انغولا" تعاني أيضا من الانفلات الأمني، ومن مشاكل أخرى، ومع ذلك فلا أحد يهتم، ولا أحد يتحرك من أجل الضغط على السلطة لتقوم بمسؤوليتها من أجل التخفيف من معاناة هذه الجالية..فلا فرق طبية تم إرسالها لعلاج مرضى الجالية..ولا تكفل بنقل الموتى..ولا جهود دبلوماسية من أجل التخفيف من وقع الأزمة الاقتصادية التي تتعرض لها هذه الجالية النشطة.

إنه علينا أن نفعل شيئا للتخفيف من معاناة جاليتنا في "انغولا"، وإني في هذا الإطار أقترح ما يلي:

1 ـ أن يطلق المدونون وسما للتدوين عن هذه المعاناة، وأن يخصصوا يوما تدوينيا خالصا لهذه المعاناة، وأن ينظموا وقفة احتجاجية للتنديد بتجاهل السلطة لمعاناة الجالية في "انغولا"، ولغيرها من الجاليات.

2 ـ أن يقوم موقع "بلوار ميديا" بإعادة نشر بعض حلقات برنامج "ويؤثرون على أنفسهم"، وبمعدل حلقة كل يوم، وذلك من أجل التذكير بما كانت تقدمه هذه الجالية من عون للمرضى الفقراء في هذا الوطن.

3 ـ على الأئمة والخطباء أن يتحدثوا عن معاناة هذه الجالية في خطب الجمعة، خاصة وأن هذه الجالية تعرف بأنها من أكثر الجاليات إنفاقا على المرضى في شهر رمضان.


حفظ الله الجالية الموريتانية في "انغولا"..وحفظ الله موريتانيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق