الاثنين، 31 أغسطس 2015

الفرنسية لم تعد لغة تواصل (تدوينة)


في المقال الأخير لدفالي ولد الشين جاءت فكرة نقلها عن المرحوم مرتضى جوب الذي كان يقول : "نحن لا ندافع عن لغة فرنسا.. بل عن لغاتنا وبينها العربية".
ما أجمل هذه العبارة وما أروعها، وكم كان حالنا سيكون أفضل لو أننا جميعا جعلنا منها شعارا نرفعه في كل حين.

إن الذي أضر باللغة العربية وبكل لغاتنا الوطنية هو أن الكثير من الموريتانيين عربا وزنوجا لا يريدون أن يتخلوا عن اللغة الفرنسية، حتى ولو كان ذلك على حسابهم لغاتهم الأم : العربية، البولارية، السنونكية، الولفية..إن مسؤولية الدفاع عن اللغة الفرنسية، والرفع من مكانتها يجب أن تبقى من مهمة الفرنسيين لا الموريتانيين، فالموريتاني عليه أن يهتم ـ أولا وأخيرا ـ بلغاته الوطنية وأن يعمل على الرفع من شأنها ( العربية، البولارية، السنونكية، الولفية). أما أن يبذل الجهد والطاقات من أجل الرفع من مكانة اللغة الفرنسية فهو بذلك يتحول إلى شخص مسلوب الإرادة والكرامة، ويتحول بشكل أو بآخر إلى المدافع عن مصالح المستعمر، لا عن مصالح بلده.
تصوروا مثلا لو أن كل النواب استنوا بالسنة الحسنة التي كان قد ابتدعها نائب بوكي الشجاع السيد سي صمبا الذي تحدث ذات يوم مشهود بالبولارية، وكانت تلك هي أول مرة نشاهد فيها نائبا يتحدث بهذه اللغة الوطنية تحت قبة البرلمان..ولقد تسبب ذلك في حدوث هرج ومرج، واعتبر بعض النواب  بأن الحديث باللغة البولارية في البرلمان الموريتاني ليس بالعمل الدستوري، وإنما الدستوري هو أن يتحدث النائب بلسان فرنسي غير مبين. إلى هذا الحد وصل الازدراء بلغاتنا الوطنية.
تصوروا مثلا لو أن كل النواب من بعد ذلك اليوم قرروا أن لا يتحدثوا داخل البرلمان إلا بلغاتهم الوطنية، وتصوروا بأنهم قرروا أن يتركوا الحديث نهائيا بلغة المستعمر داخل البرلمان..لو أن مثل ذلك كان قد حدث لشكل دعما قويا للغاتنا الوطنية ولتطويرها..ولكن المشكلة أن عددا من النواب، وحتى ممن تعتبر البولاريته لغته الأم، عمل جاهدا على وأد السنة الحسنة التي كان قد ابتدعها نائب بوكي.
لنتحدث بصراحة:
ـ لا يمكن لموريتانيا، وهي البلد المتخلف والفاشل في الكثير من الأمور أن تطور من خمس لغات في وقت واحد، ولذلك فإنه علينا أن نضحي بواحدة من تلك اللغات الخمس، فهل ترون أنه من المناسب أن نضحي بالعربية أو بالبولارية مثلا؟
ـ هناك من يقول ـ وبعد ما يزيد على نصف قرن من الاستقلال ـ بأنه علينا أن نحتفظ باللغة الفرنسية كلغة تواصل وذلك في انتظار أن نجد حلا لمشكل اللغة. إن من يقول بهذا القول إنما يريد أن تبقى اللغة الفرنسية معززة مكرمة وعلى حساب كل لغاتنا الوطنية. إن كل يوم يمر على هذه الوضعية المختلة سيزيد من تعقيد المشكل، وسيزيد من تهميش لغاتنا الوطنية الأربع، وسيصعب مستقبلا من التخلص من اللغة الفرنسية.
ـ إن اللغة الفرنسية لم تعد لغة تواصل كما يروج البعض لذلك..فهي من حيث الانتشار تأتي في المرتبة التاسعة عالميا، بينما تأتي اللغة العربية في المرتبة الرابعة..في ابريطانيا أصبحت اللغة العربية يسمح بتدريسها في المدارس الحكومية، وهناك إقبال على دراستها خاصة بعد أن أظهرت دراسة لمعهد الثقافة البريطاني بأن اللغة العربية قد أصبحت هي ثاني أهم لغة أجنبية للحصول مستقبلا على عمل في ابريطانيا. ولقد نشرت الاندبندنت موضوعا عن هذه الدراسة وكان تحت عنوان: "إنسوا الفرنسية والصينية العربية هي اللغة التى يجب تعلمها حسب المعهد البريطاني".أيضا يمكن أن نلاحظ بأنه هناك اهتماما متزايدا باللغة العربية في بعض البلدان الإفريقية..لذلك فإنه يمكن القول بأن اللغة العربية ستكون في المستقبل ومن حيث التواصل (إفريقيا وعالميا) أهم بكثير من اللغة الفرنسية التي تتراجع مكانتها في العالم يوما بعد يوم.
عاشت اللغة العربية والبولارية والسنونكية والولفية..

وتسقط اللغة الفرنسية، وإذا كان لابد لها من أن تعش معززة مكرمة، فلتعش معززة مكرمة في فرنسا لا في موريتانيا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق