الأحد، 18 يناير 2015

عذرا يا سيادة الوزير..!! (تدوينة)


تحدث أحد المواقع في إطار التعديل الوزاري الأخير عن حساب على الفيسبوك لأحد الوزراء الذين تم تعيينهم في هذا التعديل، ولقد زرتُ الحساب المذكور لأكتشف بأن المعني هو مدير الضرائب السابق الذي تم تعيينه وزيرا للمالية، ولقد فوجئت بعد زيارة الحساب  بأن مدير الضرائب سابقا، ووزير المالية حاليا، كان قد أرسل لي طلب صداقة منذ مدة، ولكني لم أستجب لطلبه.

لقد استغربت من ذلك لأن حساب الوزير كان باسمه الحقيقي لا باسم مستعار، ولأن عدد  المشترك بيننا من الأصدقاء لم يكن بالقليل، وفي العادة فإني عادة ما أستجيب لكل صاحب اسم حقيقي يرسل لي طلب صداقة، ويكون يجمعنا عدد معين من الأصدقاء المشتركين، وكان طلب الوزير يستوفي تلك الشروط، ولذلك فإني قد استغربتُ كثيرا من كوني لم أستجب لصداقته.
ومع أني لستُ من الذين يحذفون صديقا ليستجيبوا لطلب صديق جديد، بل إنه لم يحدث إطلاقا، ومنذ أن فتحت حسابا على الفيسبوك أن حذفت تعليقا واحدا لأي صديق، أو ألغيتُ أية صداقة حتى وإن تصرف صاحبها بما لا يليق، ولكني رغم كل ذلك كنتُ أجد دائما  فرصة للاستجابة للطلبات الجديدة للصداقة وذلك بعدما ينسحب بعض الأصدقاء بقرار منهم هم، لا بقرار مني أنا، فينقص بذلك عدد الأصدقاء  عن الحد الأعلى المسموح به، أي عن الخمسة آلاف صديق .
 كنتُ كلما انسحبت مجموعة من الأصدقاء  سارعتُ بتعويضها من خلال الاستجابة لطلبات الصداقة التي تنتظر، وكانت المعايير التي أستجيب على أساسها للطلبات الجديدة تتوفر كلها في سيادة الوزير: اسم حقيقي  غير مستعارـ عدد مقبول من الأصدقاء المشتركين، يضاف إلى ذلك بأن مدير الضرائب هو شخصية معروفة  وتستحق الاحترام من طرف الجميع.
ولقد حدث أن التقيتُ ذات مرة بمدير الضرائب، وكانت هي المرة الوحيدة،  فعبرتُ له عن  مدى إعجابي بموقفه الرافض لرشوة قدمها له بعض رجال الأعمال الصينيين، ولقد وعدته يومها بأننا في المركز سنكرمه على ذلك الموقف الشجاع.
لقد كتبتُ حينها عن ذلك الموقف الشجاع في صفحتي،  وعن الوعد بتكريم المدير، حتى وإن كنتُ  لم ألتزم بذلك الوعد، وكان ذلك لسببين اثنين:
أولها: أن الصينيين قد تم إطلاق سراحهم بعد ذلك دون أي عقاب.
ثانيهما : أن مدير الضرائب بدأ في تلك الفترة في فرض ضرائب كبيرة  على بعض الشركات التابعة لرجل الأعمال محمد ولد بوعماتو، وهو ما فسره البعض بأنه عمل يدخل في إطار الخلاف السياسي الحاصل بين السلطة وولد بوعماتو، ولذلك فلم يكن من السليم أن يقوم المركز بتكريم مدير الضرائب في تلك الفترة.
ومهما يكن من أمر، ورغم  وجود بعض المآخذ على هذا المدير إلا أن هذا المدير تبقى له  ميزات عديدة تميزه عن الكثير من الموظفين لعل  من أهمها : قدرته الفائقة على التحصيل، والتي مكنت إدارة الضرائب من أن تحصل في عهده مبالغ غير مسبوقة، ومنها أيضا قدرته الفائقة على الدفاع عن رأيه، ويكفي ذلك لوحده لأن يسارع مثلي للاستجابة إلى طلب صداقة من مثله.
ذلك اعتذار كان لابد من تسجيله هنا على صفحتي الشخصية، خاصة وأن مدير الضرائب قد أصبح اليوم وزيرا للمالية، أي أنه قد أصبح يحتل أعلى وظيفة في وزارة المالية في حين أن صاحب هذه الصفحة يحتل أدنى وظيفة في هذه الوزارة، فأنا موظف غير دائم في وزارة المالية، وأتقاضى شهريا  ثلاثين ألف أوقية مع مجموعة من البوابين والحراس التي تم اكتتابها في الإدارات التابعة لهذه الوزارة.
تمتاز وزارة المالية بأنها تختلف عن غيرها من الوزارات، فهي لا تفرق بين رواتب عمالها غير الدائمين، فراتب حامل الشهادة الذي لم يحصل على وظيفة محددة،  ولا على ساعات عمل إضافية، لا يختلف عن راتب البواب، فالكل يتقاضى ثلاثين ألف أوقية (والكل تعني هنا العمال من غير أصحاب الشهادات بالإضافة إلى صاحب هذه الصفحة الذي لا يزال هو الوحيد، ولأسباب مفهومة، بدون وظيفة، ويتقاضى بسبب ذلك نفس الراتب الذي يتقاضاه الحراس والبوابون المكتتبين كعمال غير دائمين بالوزارة).
كان لقائي اليتيم  بمدير الضرائب عند مدخل مكتب الأمين العام لوزارة المالية، والذي كانت تحتله في تلك الفترة زميلة لي في الدراسة، ولقد عبرتُ للمدير يومها عن إعجابي الشديد بكشفه للرشوة التي حاول بعض الصينيين أن يقدمها له، ولو كنتُ أعلم بأن المدير كان قد أرسل لي من قبل ذلك طلب صداقة لسارعتُ للاستجابة له، ولو كنتُ أعلم بأن هذا المدير سيتم تعيينه بعد ذلك وزيرا للمالية لسارعتُ أيضا للاستجابة إلى طلبه، وذلك لأنه لا يليق بموظف قابع في أدنى سلم الوظيفة بالوزارة  بأن لا يستجيب لطلب صداقة جاء من أسمى موظف بهذه الوزارة.
ولأن البعض قد يفهم هذا الكلام فهما مختلا فقد يكون من الضروري أن أشير هنا  إلى أن صاحب هذه الصفحة قد حُسم أمره، بعد أن أصدرت الحكومة مقترحها لحل مشكلة العمال الغير دائمين، فأنا سأكون من بين الآلاف الذين سيغادرون طوعا أو كرها وظائفهم غير الدائمة، ولا ينتظرون لذلك إلا أن تبدأ الإجراءات اللازمة لذلك.
لقد كتبتُ هذا الكلام لأبين بعض المفارقات والتناقضات التي تفرق بين عالم الواقع والعالم الافتراضي، ففي الواقع فإنه قد يكون من الصعب جدا على صاحب هذه الصفحة أن يلتقي الآن  بالوزير حتى ولو وقف ببابه لفترة من الزمن، فالطابور سيكون طويلا، وبطبيعة الحال فإن صاحب هذه الصفحة لن يجد مكانا إلا في آخر الطابور. أما في العالم الافتراضي فإن العكس هو الحاصل،  فالوزير كان ـ وما يزال ـ يوجد في طابور طويل من طلاب الصداقة، وهو ظل يطرق  باب منزلي الافتراضي منذ مدة  من الزمن دون أن أفتح له، حتى وإن كان ذلك قد تم عن غير قصد مني.
فمعذرة يا سيادة الوزير على عدم المسارعة في قبول الصداقة.
وإذا كنتُ قد أخطأتُ ـ عن غير قصد ـ في عدم المسارعة في قبول صداقتكم، يا سيادة الوزير، فإني لن أخطئ في هذه المرة في حقكم، ولن أبطئ هذه المرة في  إرسال التهانئ  بمناسبة التعيين، والحقيقة أنكم من بين قلة قليلة جدا من الموظفين الذين استطاعوا أن يتركوا بصمة خاصة في الإدارات التي مروا بها، ولذلك فأنتم تستحقون التهنئة حتى من الذين يخالفونكم  في توجهاتكم السياسية كما هو حال صاحب هذه الصفحة.
فتقبلوا يا سيادة الوزير تهنئة صادقة من موظف بالقاع.

يبقى أن أشير بأن ما حدث مع الوزير كان قد حدث مع شخصية أخرى من داعمي الرئيس عزيز ، وهي شخصية أجلها وأحترمها كثيرا وأعتذر لها عن تأخير قبول صداقتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق