السبت، 14 ديسمبر 2013

"بيدي لا بيد عمرو"

لقد أصبح من الواضح جدا بأن البرلمان القادم لن يعمر طويلا، بل إن احتمال إلغاء نتائج مهزلة 23 من نوفمبر حتى من قبل تنصيب ذلك البرلمان قد أصبح واحدا من ثلاثة خيارات ممكنة قيل بأنها قُدمت للرئيس عزيز ليختار من بينها الخيار الذي يراه مناسبا.

ولكن وقبل أن يقرر الرئيس عزيز ما سيقرر دعونا نطرح السؤال التالي: أيهما أفضل لحزب "تواصل" أن يظل الحزب ينتظر ما سيقرره الرئيس عزيز، أم أنه على الحزب أن يتخذ قرارا فوريا من قبل أن يتخذ الرئيس عزيز قراره، ذلك القرار الذي قد يقضي بإلغاء نتائج مهزلة 23 من نوفمبر، أو بحل البرلمان من قبل أن يكمل عامه الأول، أو ـ وهذا هو الخيار الثالث ـ أن يترك البرلمان القادم يعيش سنواته الخمس، إن تركه الآخرون يعيش تلك السنوات؟
بدءا لابد من القول بأن اختياري لحزب "تواصل" دون غيره من أحزاب المعارضة المشاركة كان اختيارا مقصودا، فهذا الحزب ليس كالتحالف، ولا كالوئام، ولا كالصواب فتلك الأحزاب شاركت في انتخابات كانت حصيلة لحوارها مع السلطة. أما حزب "تواصل" فلم يشارك في ذلك الحوار، وظل يكرر دائما بأنه غير معني أصلا بنتائج ذلك الحوار الذي لم يشارك فيه.
والآن دعونا نطرح بعض الأسئلة الجانبية: ألم يكن من الأفضل لحزب تواصل أن يشارك في حوار المعاهدة والسلطة ما دام قد قرر أصلا أن يشارك في أي انتخابات قادمة تشارك فيها أحزاب المعاهدة؟
ألم يكن من الأفضل لهذا الحزب أن يجمد عضويته في منسقية المعارضة في وقت مبكر، وأن يشارك في الحوار الذي ترتبت على نتائجه انتخابات 23 من نوفمبر، مادام ينوي المشاركة في تلك الانتخابات ؟
أليس من الخطأ أن تظل قرارات هذه الحزب تأتي دائما كردة فعل، كما حصل مع انتخابات 23 من نوفمبر التي رفض الحزب أن يشارك مع أحزاب المعاهدة في الحوار الممهد لها، وانتظر حتى قررت السلطة وأحزاب المعاهدة أن تنظم تلك الانتخابات، ليقرر هو ـ وفي وقت متأخر جدا ـ المشاركة في تلك الانتخابات التي لم يشارك في الحوار الممهد لها؟
غدا سيقرر الرئيس عزيز ما سيقرر بشأن مهزلة 23 من نوفمبر، ويبدو أن حزب "تواصل" سيظل ينتظر ما سيقرره الرئيس عزيز ليتخذ الحزب بعد ذلك ردة فعل لن تعطي نتائج كتلك النتائج التي كان يمكن للحزب أن يحققها لو امتلك الآن الجرأة على أن يبادر باتخاذ قراره من قبل أن يتخذ الرئيس عزيز قراره.
لنفترض بأن الرئيس عزيز سيقرر إلغاء النتائج أو حلَّ البرلمان القادم ( وبالمنسبة فالبرلمان القادم يمكن أن يحل دستوريا في الدقيقة الأولى من بعد تنصيبه)، ألن يكون من الأفضل في هذه الحالة أن يقرر حزب "تواصل" أن ينسحب الآن من مهزلة 23 من نوفمبر؟  
ولو أن حزب "تواصل" قرر بأن ينسحب الآن من مهزلة 23 من نوفمبر لحقق بذلك عدة مكاسب لعل من أهمها:
1 ـ  أن يخرج من إطار ردود الفعل إلى الفعل، ولذلك أهمية كبيرة.
2 ـ أن يثبت عمليا بأن دخوله في انتخابات 23 من نوفمبر لم يكن فقط لتحقيق مصالح حزبية ضيقة، وبأن الحزب يضع المصلحة العليا للبلد من قبل المصلحة الحزبية الضيقة، فها هو يضحي بمكاسب حزبية واضحة من أجل تحقيق مكاسب عليا للبلد ولديمقراطيته الناشئة.
3 ـ سيكتسب الحزب المزيد من الاهتمام والاحترام من طرف الموريتانيين المهتمين بالديمقراطية من خارج شعبيته، إن هو اتخذ مثل ذلك القرار. أما إذا انتظر حتى يقرر الرئيس عزيز أن يحل البرلمان أو أن يلغي النتائج فإنه في تلك الحالة لن يكتسب مثل ذلك الاهتمام من خارج شعبيته.
4 ـ لو قرر حزب تواصل أن ينسحب الآن لأحرج بذلك الرئيس عزيز، أما إذا انتظر حتى يتخذ الرئيس عزيز القرار، فإن تواصل حينها هو الذي سيجد بأنه قد وقع في موقف حرج.
5 ـ إن مثل ذلك القرار سيترك الأثر الإيجابي على مسار الديمقراطية في موريتانيا، وسيكون تواصل بذلك القرار قد قدم جرعة قوية للديمقراطية في موريتانيا لم يقدمها لها غيره. فمشاركة حزب "تواصل" في مهزلة 23 من نوفمبر قد كشفت للموريتانيين حجم التزوير الذي يمكن أن ترتكبه السلطة القائمة. أما انسحابه من المهزلة، إن هو وقع،  فإنه بذلك سيكشف للموريتانيين بأن هذا الحزب هو الأقدر من بين كل أحزاب المعارضة على إحراج السلطة.
وسيبقى الاحتمال الثاني واردا، وهو أن يُبقي الرئيس عزيز على البرلمان القادم، وهنا سيكون لابد لتواصل من أن يتخذ قرارا حاسما، فإما أن يكون في صف النظام و"معارضته الأليفة" التي تعارض من داخل النظام، ومن داخل مؤسساته "الدستورية" أي المجالس التشريعية والبلدية القادمة. وإما أن يكون معارضا من خارج النظام ومن خارج مؤسساته الدستورية القادمة، وهنا سيكون لابد من التضحية بالمكاسب الحزبية التي اكتسبها الحزب من مهزلة 23 من نوفمبر.
حفظ الله موريتانيا..

هناك تعليق واحد:

  1. لقد أسمعت لوناديت حيا== ولكن لاحياة لمن تنادي

    ردحذف