السبت، 7 ديسمبر 2013

تعلموا من نيلسون مانديلا


إنها لدروس عظيمة تلك التي تركها نيلسون مانديلا لمن أراد أن يتعلم منها، تركها للنشطاء الحقوقيين، وللمناضلين السياسيين، وللقادة الرؤساء. تركها لكل من أراد من أولئك أن يكون شيئا مذكورا في بلده، بل وفي العالم بأسره. وما أحوجنا في موريتانيا لأن نستلهم شيئا من تلك الدروس العظيمة التي تركها نيلسون مانديلا خلفه.

ولعل الدرس الأول الذي تركه نيلسون مانديلا، والذي على المناضلين الحقوقيين في بلدنا أن يتعلموا منه، هو أن  المناضل الحقوقي عليه أن يبتعد تماما عن خطاب الكراهية، وعن النزعة الانتقامية. فكم من قضية نبيلة وعظيمة تم تشويهها من طرف المدافعين عنها، وذلك بسبب ميل أولئك  المناضلين إلى اعتماد أسلوب نضالي يسعى للانتقام من الظالم أكثر من سعيه لنصرة المظلوم، وعلى خطاب يفيض كراهية وحقدا بدلا من خطاب راشد ينثر الحب والسلام، وينمي روح الأخوة والتسامح بين مكونات المجتمع.
ولا يمكن لأي كان أن يدعي بأنه تعرض لظلم ولا لعنصرية أبشع من تلك التي تعرض لها نيلسون مانديلا، ومع ذلك فقد كان الرجل، وبعد عقود طويلة من السجن، يكرر عبارته  المشهورة التي تقول : إذا لم أترك كراهيتي خلفي في السجن، فإني سأظل سجينا.
أما الدرس الثاني، والذي على مناضلينا السياسيين أن يتعلموا منه، هو أن المناضل السياسي إن لم يكن صبورا فلن يكون أبدا شيئا مذكورا. فكم من مناضل سياسي في هذا البلد سُجِن وعُذب وتحمل سنوات طويلة من النضال، حتى إذا ما لم يعد يفصل بينه وبين أن يسمى عند الناس مناضلا إلا ذراع واحد، فإذا به يتبدل ويتغير مقابل وظيفة بائسة، أو جاه زائل، أو مال حرام، يمنحه له السلطان، وتحضرني الآن العشرات من صور المناضلين من  الكادحين والبعثيين والناصريين والإسلاميين الذين لم يستطيعوا صبرا على النضال، فضيعوا سنوات من النضال مقابل مال أو وظيفة زائلة، فساءت بذلك خاتمتهم النضالية.
أما الدرس الثالث، والذي على الرؤساء العرب والأفارقة أن يتعلموا منه، فهو أن هذا المناضل الكبير الذي ضحى بعمره في سبيل وطنه قد تنازل طواعية عن السلطة، ولم يقبل حتى بمأمورية ثانية، وهي أقل ما كان يستحق على بلده.
ترك الزعيم والمناضل والقائد نيلسون مانديلا السلطة طواعية، ومات خارج أسوار القصر، ومع ذلك فقد حزن عليه العالم بشرقه وبغربه، بجنوبه وبشماله، حزنا لم يحزنه من قبل على أي رئيس.
وتبقى كلمة،
لقد تسببت وفاة نيلسون مانديلا في جدل كبير بين بعض الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، وهكذا نحن دائما في موريتانيا، فلا نأخذ من الآخرين إلا ما نعمق به من خلافاتنا الفكرية والإيديولوجية.
يموت تشافيز فتشتعل الحرب على مواقع التواصل الاجتماعي في موريتانيا.
ويموت مانديلا فتشتعل حرب أخرى، وحتى  موت الشاعر أحمد فؤاد نجم قد تسببت هي أيضا في جدل كبير.
سيبقى نيلسون مانديلا، وبغض النظر عن ديانته، واحدا من أعظم الرجال الذين عرفهم العالم في القرن الماضي، وسيبقى هذا الرجل ولأجيال قادمة رمزا للنضال الحقوقي والسياسي للأفارقة بصفة خاصة، ولكل شعوب العالم بصفة عامة، لا خلاف على ذلك. ولكن في المقابل، فإن كل ذلك لا يجيز لنا كمسلمين أن ندعو للرجل بالمغفرة والرحمة، وبالمناسبة فإن دين الرجل لا يعطي أهمية لربنا، ولا لديننا، ولا لدعواتنا، فلماذا ندعو له ما دام دينه لا يهتم بدعائنا، وما دام ديننا لا يبيح لنا ذلك؟
أذكر أنه في الوقت الذي كان البعض هنا يدعو بالرحمة والغفران لتشافيز، كان أنصار تشافيز في فنزويلا يقولون بأن السماء تعيش في تلك اللحظات حالة استنفار عام لاستقبال روحه.
وعلى أولئك الذين طلبوا المغفرة والرحمة لهذا المناضل الرمز، أن لا يذهب بهم الحماس بعيدا، فيزايدوا على رحمة أرحم الراحمين، والذي هو أدرى بعباده، فيميت من يشاء منهم على دين الإسلام، ويميت من يشاء على دين آخر، لن يقبل منه أبدا.

حفظ الله وموريتانيا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق