الاثنين، 16 أبريل 2012

الموت للفقراء..!!!



كان بإمكاني أن أكون سعيدا راضيا عن نظام الحكم الحالي،  لو أن الرئيس قال في خطاب التنصيب بأنه جاء ليقضي على الفقراء فقيرا فقيرا، على طريقة دبابة دبابة،  أو على طريقة دار دار، بيت بيت.
كان بإمكاني أن أكون سعيدا الآن، راضيا عن نظام الحكم القائم، لو أن الرئيس رفع في يوم تنصيبه شعار "الموت للفقراء"، ولكن المشكلة أن الرئيس اختار في ذلك اليوم أن يرفع شعار "المجد للفقراء"، وأن يعد الفقراء ويمنيهم بكلام ما سمعوا ـ في حياتهم ـ  كلاما مثله.
لقد قال الرئيس في ذلك اليوم : "في الوقت الذي أتسلم فيه مهام رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية فإن أول ما يخطر في بالي هو الأوضاع المزرية لآلاف الفقراء و المحرومين الذين يعلقون آمــالا جسيمة على برنامجنا الانتخابي لنيل حقهم في التمتع بحياة تصون كرامتهم و شرفهم و تنســــيهم فيمـــا عانوه من غــــم و ســـأم لفترة طــويلة. 
لهؤلاء أؤكد أنني لن أخيب آمالهم، لأنني جئت من أجلهم و لأنهم انتخبوني لأنـــهي مأســاتهم. و أغتنم هذا الفرصة لأكرر أن ما ألتزمت به خلال الحملة الانتخابية و ما قلته لم يكن كلاما لاستقطاب الناخبين و إنما حقائق و وعودا سنفي بها بإذن اللـــه في أسرع الآجال."
 
تلكم كانت هي الفقرة الأولى من خطاب رائع ألقاه "رئيس الفقراء" في ذلك اليوم، وجاء بعد التفاتة في غاية الإثارة، لم أشاهد في حياتي التفاتة رئاسية مثلها. لقد قرر الرئيس في ذلك اليوم أن يغير مسار طريقه، حتى يسلم على الفقراء في المنصة المكشوفة، من قبل أن يسلم على "كبار" القوم في المنصة الرسمية.
في ذلك اليوم، وهذه حقيقة أعترف بها لأول مرة، ندمت كثيرا لأني عارضت "رئيس الفقراء"، وتوقعت أن حالي كفقير سيتغير شيئا كثيرا.
لقد هزت تلك الالتفاتة المثيرة، وذلك الخطاب الذي لا يقل إثارة الكثير من قناعاتي، و بدأت منذ ذلك اليوم أراجع مواقفي، وكدت أن أعلن عن موقف جديد، لولا بعض القرارات والتصرفات الرئاسية الأخرى المناقضة لروح تلك الالتفاتة المثيرة، وذلك الخطاب المثير، وهو ما جعلني أتريث قليلا، والحمد لله أني تريثت قليلا.
لقد انتعشت أحلامي في ذلك اليوم، كما انتعشت أحلام الكثير من فقراء البلد، سواء منهم الأغلبية التي صوتت لمرشحنا نحن الفقراء، أو الأقلية المشاكسة التي رفضت التصويت له، كما هو الحال بالنسبة لي أنا.
لقد تضخمت أحلامنا نحن الفقراء في ذلك اليوم، واتسعت وامتدت حتى كادت أن تخفي كل الخيبات الممتدة من "انبيكت لحواش" شرقا إلى  "الشامي" شمالا، مرورا بترمسة وبمثلث الأمل.
وحدث بعد ذلك ما حدث، لنكتشف نحن الفقراء بأن أعظم الخيبات هي تلك التي تأتي بعد ميلاد أحلام كبيرة، كتلك التي أنجبها خطاب الرئيس، والتفاتته المثيرة في يوم التنصيب.
ولكن لماذا ازداد حال فقراء موريتانيا سوءا وبؤسا في ظل حكم رئيسهم الذي لم يأت للسلطة إلا ليسعدهم؟
ذلك سؤال يمكنني أن أجيبكم عليه في لحظة واحدة، لو أجبتموني أنتم بدوركم على السؤال التالي: لماذا عادت القبلية وانتعش الخطاب القبلي انتعاشا غير مسبوق في ظل حكم "معاوية"، والذي كان من أول ما نطق به بعد انقلابه : تسقط القبيلة، أو لقويبلات كما سيسميها بعد ذلك؟
تصبحون على رئيس بلا وعود..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق