الخميس، 16 فبراير 2012

إني أشفق على سيادة الوزير.. !!

أيها الوزير إني أشفق عليك، يغضب عليك الرئيس في مجلس الوزراء، ويطلب منك أن تكون أكثر قربا من المواطن فلا ترد، ولا تجد من الشجاعة لتقول له بأنك تحتاج لصلاحيات أكثر لتكون أقرب من المواطن.. أيها الوزير إني أشفق عليك فالمواطن أيضا يشتمك لأنه يسمع في كل حين بأن الرئيس قد طلب منك أن تكون أقرب من هموم المواطن، ومع ذلك فإن هذا المواطن يجدك قد ازددت بعدا من همومه. أيها الوزير إني أشفق عليك، فالنواب يشتمونك، والصحافة تشتمتك، والرئيس يشتمك، والمواطن يشتمك، وحتى الأقارب والأهل يشتمونك، ومع ذلك فلا تزال تصر على أن تكرر وببلادة شديدة بأن الرئيس يمنح قطاعك الأولوية القصوى، وأن تعليمات سيادته واضحة بضرورة الاهتمام بهموم المواطنين، فلم لا تهتم إذن بالمواطن أيها الوزير... ؟ ذلك سؤال أعرف بأنك لا تملك له إجابة.. أيها الوزير حاول أن تجرب ولو لمرة واحدة أن تخاف من الله أكثر من خوفك من الرئيس، وأن تسعى ليرضى عنك الله أكثر من سعيك لأن يرضى عنك الرئيس. لو جربت ذلك فلن يشتمك الرئيس، ولن يشتمك النواب، ولن تشتمك الصحافة، ولن يشتمك المواطن، بل على العكس فسيحبك الجميع. أيها الوزير إني أشفق عليك لأني أعلم بأنك لن تستطيع أن تجرب ولو لمرة واحدة بأن تخاف من الله أكثر من خوفك من الرئيس، ولذلك فسيظل الجميع يشتمك: الرئيس، المواطن، الصحافة، الأهل، النواب.... أما بالنسبة للرئيس فلن أطلب منه إلا ما طلبت منه سابقا، فبدلا من شتم الوزراء في اجتماعات الحكومة، فعليه أن يقيل الحكومة، أو يصدرـ على الأقل ـ البيان الرئاسي التالي، حتى يشرك الحكومة في النعيم الذي يعيش فيه المواطنين. فربما يساعد هذا البيان ـ الذي تطوعت بكتابة نصه ـ في تحسن أداء الحكومة. مقترح لبيان رئاسي، يتم بموجبه: 1 ـ تحويل مكاتب وزارة التجهيز والنقل، وعلى وجه السرعة، إلى مباني وزارة البيئة الواقعة أمام نادي الضباط. وتحويل سكن الوزير إلي مقاطعة "توجنين". والغرض من هذه العملية المستعجلة، أن يضطر وزير التجهيز لمشاركة المواطنين في الزحمة التي تحدث كل يوم، خاصة منها تلك التي تحدث عند ملتقى نادي الضباط. ومن المؤكد أن المشاركة الميدانية للوزير في زحمة السير، وبشكل يومي، ستكون هي أفضل طريقة لإجباره على حل مشكلة زحمة المرور، وربما تجعله يبتدع حلولا ثورية لحل أزمة المرور المتفاقمة. 2 ـ تحويل مكاتب وزارة المياه والصرف الصحي إلى "سوكوجيم"، مع تحويل سكن الوزير إلى هناك، واختيار أحد المنازل التي تحيط بها المستنقعات والمياه الراكدة من كل الجهات، ليكون سكنا دائما للوزير، عسى أن يساهم ذلك في إيجاد حلول جذرية لمشكلة المياه المتعفنة والراكدة في ذلك الحي منذ مدة طويلة. 3 ـ طرد أبناء وزير الدولة للتهذيب، وأبناء الوزراء المنتدبين من المدارس الحرة، مع إجبار الوزراء الأربعة ( وزير الدولة + الوزراء المنتدبين الثلاثة) على تسجيل أبنائهم، في المدارس الحكومية، التي يدرس فيها أبناء الفقراء. هذا بالإضافة لإصدار قرار يُحَرم تسجيل أبناء وزراء التعليم، وأبناء كبار موظفي الوزارة، في أي مدرسة حرة، وذلك لكي ينعموا ويستفيدوا من ثمرة جهودهم، والتي كان من نتائجها هذا "التطور" الحاصل في التعليم الحكومي، والذي كثيرا ما تغنى به وزراء التعليم. فإذا كان التعليم العمومي قد شهد ثورة في السنوات الأخيرة، فليس من المنطق، وليس من العدل، أن يُحرم أبناء وزراء التعليم الذين قادوا تلك الثورة من نتائج جهودهم "الجبارة" و"المعتبرة" التي بذلوها في سبيل تطوير التعليم العمومي. أما إذا كان هذا التعليم قد ازداد سوءا في عهدهم، فهم أولى من غيرهم بأن يكتووا بذلك السوء. 4 ـ يكلف وزير التنمية الريفية بأن يقوم ـ وعلى وجه السرعة ـ بزيارات ميدانية للمنمين في الولايات الداخلية، دون أن يرافقه أي عسكري. ويجب أن تعطى الأولوية للولايات المتضررة أكثر من انخفاض مستوى الأمطار في هذا العام، وذلك لكي يقتنع الوزير بأن أحوال المنمين ليست بخير، وأن الأمور قد تخرج عن السيطرة. فإن عاد الوزير سالما، بعد جولته تلك، تم تكريمه وتوشيحه بأعلى وسام وطني. وإن لم يعد تم استبداله بوزير آخر، يكون على استعداد لأن يعترف بأن البلد قد يواجه كارثة كبرى، إذا لم يتم الاهتمام العاجل بالمنمين، خاصة في الولايات المتضررة. 5 ـ تمنح قطعة أرضية قاحلة وجرداء مساحتها 120م² لوزير الإسكان، في أحد أحياء الترحيل، ويتم إجباره على السكن هناك، مع حرمانه من أي سيارة شخصية. فالوزير أولى من غيره بالعيش في "نعيم" أحياء الترحيل، والذي كثيرا ما تغنى به بمناسبة وبغير مناسبة. ولا يسمح للوزير بالسكن خارج نعيم أحياء الترحيل، إلا أثناء عطلته السنوية، والتي يمكن له أن يقضيها ـ إذا ما أراد أن ينعم بنعيم آخر ـ في أفخر قصر يقع عليه اختياره في إحدى مدن موريتانيا الجديدة: " ترمسه" أو "انبيكت لحواش" والتي قال عنها الوزير ـ أكثر من مرة ـ بأنها أصبحت مدنا عصرية، تتوفر فيها كل مستلزمات الحياة العصرية!!! 6 ـ يُحْرَمُ وزير الصحة، وكل أفراد عائلته، وكل العاملين في الوزارة من أطباء، ومن موظفين كبار من العلاج في أي مصحة خاصة، لا في الداخل ولا في الخارج، في حالة تعرض أي واحد منهم للإصابة بأي مرض مهما كانت طبيعة ذلك المرض. ففي حالة التعرض لمرض شديد، يسمح لهم بالعلاج في أحد المستشفيات الحكومية. أما في حالة الإصابة بمرض عادي، فعليهم أن يستجيبوا لتعليمات الرئيس السامية، وأن يكتفوا بالتداوي في أحد المراكز الصحية، حتى يخففوا من الضغط على المستشفى الوطني. 7 ـ سحب ملف الحج والحجاج من وزارة التوجيه الإسلامي، وإلحاقه بالوزارة المنتدبة للبيئة، وذلك لكي لا نستمر في فضح علماء البلد أمام حجاج العالم الإسلامي، وفي أعظم الأيام عند الله. ففي موسم الحج لهذا العام، كما في العام السابق، أثبتت الحكومة بأنها تسعى فعلا لسعادة المواطنين في الدنيا، وفي الآخرة. وأنها تريد لمواطني بلدها أن ينعموا في الآخرة كما نعموا في الدنيا، لذلك أجبرت وزارة التوجيه الإسلامي حجاجنا على المشي على أقدامهم مسافات طويلة، في الأراضي المقدسة، وذلك لكي تتضاعف حسناتهم. إن موسم الحج أصبح مناسبة للإساءة في كل عام إلى وزارة التوجيه الإسلامي، وإلى العلماء التابعين لها. لذلك فإن الرئاسة قد ارتأت أن تلحق ملف الحج بمشروع غرس مليون شجرة. 8ـ إجبار وزير التجارة على أن لا يستهلك إلا المواد التي تباع في دكاكين التضامن سابقا، دكاكين أمل لاحقا، خاصة منها تلك التي قيل بأنها منتهية الصلاحية. ويتم تكليف أحد أفراد عائلته، بأن يقف يوميا في الطابور الطويل، ليشتري استهلاك الأسرة اليومي، من أحد دكاكين التضامن. 9 ـ إجبار وزير الخارجية أن يقضي أسبوعا كاملا يتجول فيه لوحده في إحدى الدول المجاورة: مالي أو المغرب أو السينغال... ومن المؤكد أن المواطنين ستغمرهم سعادة كبيرة، في هذا العام العصيب، عند صدور هذا البيان الرئاسي، والذي لا يحتاج إصداره لموارد مالية، قد لا تكون متوفرة، ولا لجهود خارقة. إن هذا البيان سيجبر الوزراء على أن يشاركوا المواطنين في "النعيم" الذي يعيشون فيه. فالمواطنون لا يرضون ـ وهذا من طيبتهم ـ أن يعيشوا في نعيم الترحيل، ونعيم الجفاف، ونعيم دكاكين التضامن، ودكاكين أمل، ونعيم المستنقعات، ونعيم ارتفاع الأسعار، ونعيم زحمة السير لوحدهم. وهم يؤلمهم حقا، أن لا تشاركهم حكومتهم الموقرة العيش في مثل هذا النعيم، خاصة أنها هي التي بذلت جهودا "جبارة" و"معتبرة" لكي تجعلهم يعيشون في هذا "النعيم"، والذي لم يعرفوا له مثيلا من قبل، في ظل كل الحكومات السابقة، والتي بدورها ظلت تجبرهم على العيش لوحدهم في "النعيم الحكومي" الذي لا ينقطع. تصبحون على بيان رئاسي يقيل الحكومة...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق