الأربعاء، 21 أغسطس 2024

مقترحات إلى معالي وزير التجهيز والنقل

 


في السابع من أغسطس من العام 2016، وعند الكلم 29 من طريق الأمل، ومن حفرة تقع على هذا المقطع، وقد كان مليئا حينها بالحفر، أعلنا في ضحى ذلك اليوم، وكنا ثمانية أعضاء مؤسسين، عن إطلاق حملة "معا للحد من حوادث السير".

لقد اخترنا كلمة حملة لهذا المشروع التوعوي الطموح لكي نتيح للجميع فرصة المشاركة فيه، فالحملات تتاح المشاركة فيها للجميع، ثم إن لكل حملة مواسم تكثف فيها الأنشطة، ونحن في حملة معا للحد من حوادث السير نكثف أنشطتنا التوعية خلال موسم الخريف، وفي فترة الأعياد. هذا عن اختيارنا لكلمة حملة، أما عن اختيارنا ل"معا" فقد كان لسبيين اثنين:

أولهما : لقناعتنا بأن الكل شريك ـ بدرجة أو أخرى ـ  فيما يحدث من مجازر يومية على شبكتنا الطرقية، وإذا كانت السلطة تتحمل المسؤولية الأكبر، فذلك لا يعني ـ بأي حال من الأحوال ـ  بأن السائقين والركاب والمواطنين بصفة عامة لا يتحملون  هم أيضا جزءا من المسؤولية، وبما أن الكل يتحمل جزءا من المسؤولية، كبيرا كان أو صغيرا، فإن الكل مطالب ـ في المقابل ـ بالمساهمة في التوعية ضد حوادث السير، ولهذا فقد اخترنا هذه التسمية التي تبدأ  ب"معا" بدلا من "أوقفوا حوادث السير" أو "أوقفوا مجازر الطرق"،  وهي عبارات كانت متداولة في ذلك الوقت بشكل واسع، وكانت تحاول أن تلقي بالمسؤولية على جهة واحدة، وهو ما يعطي الانطباع بأن من أطلقها يبرئ نفسه من المسؤولية، وبأنه ـ وهذا هو أخطر ما في الأمر ـ  ليس على استعداد للمشاركة ميدانيا في الجهود الرامية للحد من حوادث السير.

 

ثانيهما : أننا كنا نستحضر عند إطلاق حملة معا للحد من حوادث السير العديد من المشاكل الأخرى التي نعاني منها، ولذا فقد كنا نفكر عند الانطلاقة في تخصيص حملة توعوية في كل عام لواحدة من "أمهات المشاكل" التي نعاني منها في هذا البلد، ففي العام 2016 نطلق  مثلا حملة "معا للحد من حوادث السير"، وفي 2017 نطلق حملة "معا للحد من القمامة" ، وفي 2018 نطلق حملة "معا للحد من تزوير الأدوية "، وفي  2019 نطلق "معا للحد من الانفلات الأمني" ، وفي 2020 نطلق حملة "معا لحماية المستهلك"، وهكذا. ولكن، وبعد إطلاقنا لأول حملة من "حملات معا" وجدنا بأن موضوع حوادث السير هو موضوع في غاية التعقيد، وأنه يحتاج لجهد توعوي طويل النفس، يجب أن يمتد لسنوات إن لم أقل لعقود.

لم تكن الانطلاقة سهلة، وقد وجدنا مضايقات كثيرة من الجهات الحكومية المعنية بالسلامة الطرقية، ربما لاعتقادها أننا أطلقنا الحملة لإظهار تقصيرها، ولم يكن الأمر كذلك، فنحن لم نطلق هذه الحملة لإظهار تقصير أي جهة معنية بالملف، وإنما أطلقناها لتأدية الدور الذي يجب علينا أن نؤديه بصفتنا نشطاء في المجتمع المدني، وهذا الدور يجب أن يشمل حسب اعتقادنا : التوعية أولا، رصد النواقص والاختلالات ثانيا، وتقديم الحلول والمقترحات ثالثا، مع الاستعداد في كل وقت للتعاون والشراكة مع الجهات المعنية في كل ما من شأنه أن يساهم في الحد من حوادث السير.

وفي إطار الشق المتعلق برصد النواقص وتقديم المقترحات، جاءت هذه الرسالة الموجهة إلى معالي وزير التجهيز والنقل  لتقدم له حزمة من المقترحات التي أرى بأنها قد تكون مفيدة، وأن الأخذ بها قد يساهم كثيرا في الحد من حوادث السير.

1 ـ  تشير بعض الإحصائيات الرسمية إلى أن نسبة ضحايا حوادث السير على المقطع ( نواكشوط ـ بوتلميت) قد وصلت في بعض الفترات إلى 1/3 من مجموع ضحايا حوادث السير في عموم البلاد، ومن هنا يتضح أن هذا المقطع يستحق أن يمنح أولوية خاصة في مجال التوعية، وكذلك في مجال تطوير البنى التحتية. لقد آن الأوان لأن تشيد على هذا المقطع طريق سريع، أو طريق مزدوج من اتجاهين، ومن الضروري أن يتحقق هذا المطلب خلال هذه المأمورية، وذلك لأنه لم يعد قابلا للتأجيل.

2 ـ يعدُّ طريق الأمل هو الطريق الأهم في البلاد، وهو شريان حياة للعديد من ولايات الوطن، هذا فضلا عن كونه يربطنا بدولة مالي، والتي لا تمتلك أي منفذ بحري، ومن هنا وجب أن يمنح هذا الطريق الحيوي عناية خاصة. المؤسف أن هذا الطريق توجد به دائما ومنذ عقود مقاطع متهالكة، وكلما رممت الوزارة مقطعا متهالكا منه، وعادة ما يكون ترميمها سيئا، تهالكت مقاطع أخرى، وهكذا دواليك.

منذ عقود،  لم يحدث أن سلك طريق الأمل  سالك، أو سافر عليه مسافر من نواكشوط إلى النعمة إلا ووجد مشقة كبيرة بسبب تهالك العديد من المقاطع على هذا الطريق، هذا فضلا عن الخسائر الاقتصادية التي تتسبب فيها تلك المقاطع لأصحاب السيارات التي تسلك هذا الطريق.

ألم يحن الوقت لأن تتخذ الوزارة قرارا جديا بأن ترمم كل المقاطع المتهالكة من هذا الطريق في وقت متزامن، وأن يكون ذلك الترميم بجودة عالية، تتناسب مع حجم وطبيعة السيارات والشاحنات التي تسلك هذا الطريق، وأن تكون بعد ذلك الصيانة فورية، أي أن ترمم وبشكل فوري كل حفرة تظهر هنا أو هناك على هذا الطريق، حتى ولو كانت صغيرة.

أليس من حق المواطن الموريتاني أن يَحلم بأن يسافر ـ ولو لمرة واحدة في عمره ـ من نواكشوط إلى النعمة عبر طريق الأمل دون أن يجد حفرة واحدة تؤذيه؟ أليس من واجبكم ـ يا معالي الوزير ـ أن تحققوا له هذا الحلم في هذه المأمورية؟

3 ـ إن تشييد الطرق وترميمها بشكل جيد لن يقلل من حوادث السير، ولن يوقف من مجازر الطرق، بل على العكس من ذلك، فقد يتسبب في المزيد من الحوادث المميتة، إذا لم يصاحبه الكثير من الحملات التوعوية، وإذا لم يصاحبه كذلك إجبار سالكي الطرق على التقيد بإجراءات السلامة الطرقية.

لا أملك إحصائيات دقيقة لإثبات ما قلت حاليا، فالإحصائيات غير متوفرة أصلا، وتلك واحدة من النواقص الكثيرة التي يجب أن تحظى باهتمام الوزارة. لا أملك إحصائيات دقيقة، ولكن متابعتي للحوادث التي سُجِّلت على طريق (روصو ـ  نواكشوط) في فترتين، أولاهما الفترة التي كان فيها الطريق متهالكا، ولعل الجميع يتذكر تلك الفترة، وثانيهما الفترة الحالية، فالطريق حاليا في وضعية جيدة، ولا توجد به مقاطع متهالكة، ومع ذلك فإن حوادث السير لم تتراجع، بل ربما تكون قد ازدادت، على الأقل حسب ما يتم تداوله من أخبار حوادث السير في مواقع التواصل الاجتماعي .

من المفارقات اللافتة أن حوادث السير ازدادت على طريق (روصو ـ نواكشوط) بعد أن أصبح هذا الطريق في وضعية أفضل، وإذا كانت هذه المفارقة صحيحة، والراجح عندي أنها صحيحة مع أنه ليست لدي إحصائيات دقيقة، فهذا يعني بأن هناك ضرورة في فرض التقيد بإجراءات السلامة الطرقية، وهناك ضرورة كذلك لإطلاق المزيد من حملات التوعوية، وخاصة عندما يكون الطريق في وضعية مقبولة قد تغري بزيادة السرعة، ولذا فإن النقاط التالية ستكون عبارة عن مقترحات ذات صلة بالتوعية والتقيد بإجراءات السلامة الطرقية.

4 ـ من المتفق عليه أن السرعة المفرطة هي السبب الأول في حوادث السير، ومن هنا تبرز أهمية اتخاذ إجراءات صارمة للحد من السرعة المفرطة، ويتأكد الأمر بالنسبة لسيارات النقل، وذلك لأنها تحمل في العادة عددا أكبر من الركاب، وعندما يقع حادث سير نتيجة للسرعة المفرطة، فإن عدد الضحايا يكون أكبر في سيارات النقل، هكذا تقول لغة الاحتمالات، ويزداد احتمال سقوط ضحايا أكبر عندما يكون الحادث  تعرضت له حافلة تحمل عشرات الركاب.

ومن أجل فرض التقيد بالسرعة الآمنة، على الأقل بالنسبة للحافلات التي تمارس النقل، فقد تقدمنا في يوم 27 دجمبر 2019 برسالة إلى معالي وزير التجهيز والنقل نطالب فيها بفرض وضع مثبتات السرعة في كل الحافلات التي تمارس النقل، وقد تلقينا في يوم 03 يناير 2020 ردا من الوزارة بأنها ستلزم جميع شركات النقل بوضع مثبتات السرعة في حافلاتها، حتى لا تتجاوز سرعتها 90 كلم للساعة كحد أقصى، وهو الشيء الذي لم يحصل حتى الآن.

ونظرا لاهتمامنا الجدي بهذا الموضوع فقد بحثنا عن حلول أخرى لفرض سرعة محددة على حافلات النقل دون استخدام مثبتات السرعة، وقد وجدنا حلا عند بعض الشركات المتخصصة في التقنيات الحديثة، نعتقد أنه مثاليا، وهو حل قائم على تقنية بسيطة جدا، وتكاليفه المادية قليلة جدا.

يتمثل هذا الحل في وضع شرائح إلكترونية بالسيارات والحافلات التي تمارس النقل، وعندما تتجاوز السيارة السرعة المحددة لها فإن الشريحة ترسل بشكل فوري رسالة نصية بذلك، ويمكن أن ترسلها لعدة جهات في وقت متزامن : نقاط التفتيش ـ المصالح المعنية في الوزارة ـ سلطة تنظيم النقل الطرقي ـ حملة معا للحد من حوادث السير إن كانت هناك رغبة في إشراك المجتمع المدني في مراقبة سرعة سيارات وحافلات النقل.

هذا المقترح عملي وقليل الكلفة ماديا، وسيمكن الوزارة إن أخذت به من تحقيق الآتي :

ا ـ مراقبة سرعة سيارات وحافلات النقل على عموم التراب الوطني بشكل فوري، وإلزامها بالتقيد بالسرعة المحددة؛

ب ـ مراقبة تحرك سيارات وحافلات النقل بشكل مستمر، فهذه الشرائح تمكن من تحديد موقع السيارة في أي وقت، وهو ما سيمكن من ضبط الرسوم والأتاوات التي تأخذها الإدارات المعنية من الناقلين، أي أن الأخذ بهذا المقترح سيزيد من المداخيل وسيوقف عمليات التحايل في هذا المجال؛

ج ـ هذا المقترح له أيضا فوائد أمنية، وذلك لكونه يساعد في رصد حركة سيارات النقل على الحدود، وهو ما قد يساهم في ضبط ومراقبة من يدخل إلى بلادنا من الأجانب.

5 ـ في مطلع العام 2022 تطوع لنا في الحملة أحد المهندسين الشباب بإعداد تطبيق يمكن السائق من معرفة وضعية الطريق في أي وقت، وذلك من خلال تحديد أماكن وجود الحفر وألسنة الرمال، والمقاطع المتهالكة، والمقاطع التي توجد بها أشغال، هذا فضلا عن أماكن وجود سيارات الإسعاف، وأرقام الهواتف التي قد تهم السائق.

بطبيعة الحال، فإن هذا التطبيق يحتاج إلى تحديث المعلومات كل أربع عشرين ساعة على الأقل، وتحديث المعلومات يحتاج إلى تعاون الجهات المعنية ( نقاط تفتيش الدرك والشرطة ـ مؤسسة أشغال صيانة الطرق ـ مصلحة السلامة الطرقية بوزارة الصحة...إلخ).

راسلنا كل الجهات المعنية، ولم نجد أي اهتمام بالموضوع، ومع ذلك فالتطبيق ما زال موجودا، وهو مجاني، ويمكن أن يتم تطويره، ومن المهم جدا أن يتم العمل به في ظل الاهتمام الحالي بعصرنة الإدارة وتقريب خدماتها من المواطن؛

6 ـ فرض المزيد من القيود في منح رخصة السياقة، والتي تحولت للأسف إلى وثيقة تباع بسعر معلوم عندما تكون هناك دورة، مع ضرورة العمل بأسلوب التنقيط لسحب الرخص ممن يرتكب عددا معينا من المخالفات.

7 ـ اتخاذ إجراءات صارمة ضد الحمولة الزائدة، والبحث عن حلول ناجعة وسريعة للتعامل مع الشاحنات التي تنقلب على الطرق، والتي تتسبب دائما في شل حركة السير لساعات، وقد تتسبب أيضا في حوادث سير مميتة.

8 ـ  توفير طائرة إسعاف طبية للتدخل السريع في الحوادث التي تقع في الأماكن البعيدة، أو تلك التي تتسبب في سقوط العديد من الضحايا، ولا يفوتني هنا أن أشيد بما تحقق في السنوات الأخيرة من  توفير لسيارات الإسعاف على مختلف المحاور الطرقية، وهذا مما تعهد لنا به فخامة الرئيس عندما سلمناه في العام 2019 عريضتنا المطلبة، ولم تكن في ذلك الوقت توجد سيارة إسعاف واحدة خاصة بضحايا حوادث السير، وقد كان الكثير من ضحايا حوادث السير ينقل في تلك الفترة كما تنقل البضائع في سيارات النقل، وهو ما كان يتسبب في تفاقم الإصابة، بل وموت بعض المصابين.

9 ـ الاهتمام بالتوعية أكثر، وإطلاق حملات توعوية بالشراكة مع المجتمع المدني في موسم الخريف، وخلال فترة الأعياد، وعند الافتتاح الدراسي.

إننا بحاجة إلى الكثير من الحملات التوعوية لتصحيح تصرفاتنا الخاطئة، ولتغيير سلوكنا الغريب على الشارع، فمن يشاهد الطريقة التي نسوق بها السيارات، قد يعتقد بأننا نخطط في كل يوم لعملية انتحار جماعي، فهذا يقود سيارته بسرعة جنونية، وذاك لا يتوقف عند إشارة الضوء الحمراء، وثالث منشغل بهاتفه، ورابع لم يستخدم طول حياته حزام الأمان، وخامس يتوقف على الشارع في الوقت الذي يشاء وبالطريقة التي يشاء.

10 ـ استحداث برامج توعوية قصيرة تبث في قناة الموريتانية وغيرها من مؤسسات الإعلام الرسمي في أوقات ذروة المشاهدة وقبيل نشرات الأخبار؛

11 ـ إطلاق حملات للتوعية حول خطورة منح وتأجير السيارات للمراهقين والقصر، مع إدخال وتعميم مادة السلامة الطرقية في المناهج الدراسية.

سيتواصل إن شاء الله تقديم مقترحات أخرى لوزراء آخرين..

حفظ الله موريتانيا..

هناك تعليق واحد:

  1. مقترحات جيدة يبغي تطبيقها أو على الأقل الاستئناس بها

    ردحذف