بسم الله الرحمن الرحيم
"إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ."
أخي الناخب أختي الناخبة،
بعد التحية،
بدءا أرجو أن تسمح لي أن أفتتح هذه الرسالة الخاصة بقصة قصيرة.
يُحكى فيما يُحكى أن قرية ما أصيبت بمجاعة وقحط، فطلب واليها من أهلها بأن يأتي كل واحد منهم بكوب من اللبن وأن يسكبه في قِدْر كبيرة وُضِعَت وسط القرية، على أن يتم فيما بعد توزيع ما تحصَّل من اللبن على فقراء القرية، ولقد اشترط الوالي شرطا عجيبا غريبا، وهو أن يأتي كل واحد من أهل القرية بكوبه لوحده، وأن يسكب ما في ذلك الكوب دون أن يراه أحد.
في الصباح الباكر جاء الوالي إلى القدر فلم يجد بها لبنا، وإنما وجدها وقد امتلأت ماءً!!!
هنا قد تسأل أخي الناخب، أختي الناخب: أين اللبن؟!
الجواب هو أنه لا أحد من أهل القرية جاء إلى القدر بكوب من اللبن، فقد كان كل واحد منهم يأتي بكوب ماء، وكان يقول في نفسه بأن سكب كوب واحد من الماء لن يؤثر في قدر كبيرة مملوءة باللبن.
أخي الناخب، أختي الناخبة: لا تسكب ماءً في صناديق الاقتراع يوم 13 مايو 2023، فالماء يعني هنا بلغة انتخابية فصيحة كل صوت ستمنحه يوم 13 مايو للقبيلة أو الجهة أو الشريحة أو مقابل مبلغ مادي زهيد أو أي مصالح شخصية أخرى مهما كانت طبيعتها، أو تمنحه استحسانا لكلام معسول قد يأتي من بعض المعارضين، ولكنه يبقى في النهاية مجرد كلام عابر لن يغيّر من واقعك نحو الأفضل.
لو كان الكلام يمكن أن يغيّر حال هذه البلاد لتغير حالها إلى الأفضل، فمنذ بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي وحتى اليوم، ونوابنا الموقرون لم يتوقفوا عن الكلام، فنواب الموالاة لم يتوقفوا عن تثمين إنجازات الأنظمة المتعاقبة، ونواب المعارضة لم يتوقفوا عن جلد تلك الأنظمة، ونقدها بأقسى العبارات، ومع الاعتراف بأهمية النقد في العمل السياسي المعارض إلا أنه في نهاية المطاف لا شيء تغير على أرض الواقع.
دعنا نسأل هنا: ماذا استفاد المواطن من اكتفاء نواب الأغلبية بتثمين العمل الحكومي؟ وماذا استفاد المواطن من اكتفاء نواب المعارضة بنقد الأنظمة الحاكمة؟
الجواب على هذه الأسئلة يؤكد بأننا اليوم في أمس الحاجة إلى نواب يفكرون من خارج الصندوق، يؤمنون بأن دورهم لا يقتصر فقط على الكلام، تثمينا كان أو نقدا. إننا اليوم بحاجة إلى نواب يمتلكون القدرة والجاهزية لإطلاق المبادرات الإصلاحية ذات النفع العام، هذا فضلا عن قدرتهم على أداء أدوارهم التقليدية بكفاءة، والتي تتمثل في سن القوانين ورقابة العمل الحكومي.
أخي الناخب أختي الناخبة،
لقد آن الأوان لأن تتوقف عن سكب الماء في القدر، فاسكب فيها هذه المرة لبنا، وستجني ثمار ذلك خلال السنوات الخمس القادمة بإذن الله، واللبن يعني بلغة انتخابية فصيحة كل صوت تمنحه لمن هو جدير بذلك الصوت، أي لكل من يُشهد له بالوطنية والاستقامة، ويمتلك القدرة على إنتاج الأفكار وإطلاق المبادرات الإصلاحية ذات النفع العام.
أخي الناخب أختي الناخبة،
بعد هذه القصة التي افتتحتُ بها هذه الرسالة الخاصة، وبعد ما أثارت من أقواس، أرجو أن تسمح لي أن أقدم لك نفسي، واستعرض معك بعض المبادرات التي أطلقتها خلال العقود الثلاثة الأخيرة خدمة للوطن والمواطن، وبعد ذلك فلك الخيار ـ كل الخيارـ في أن تصوت لي، أو تصوت لغيري، فالمهم بالنسبة لي هو أن يكون ضميرك مرتاحا على أنك لم تسكب ماءً في القدر، وأنك صوتَّ لمن هو جدير بصوتك.
إن صوتك ليس بالشيء التافه، معاذ الله، ولذا فلا تمنحه إلا لمن هو أهل له، ولمن هو جدير به.
أخي الناخب أختي الناخبة،
دعني أعرف بنفسي؛
· الاسم: محمد الأمين ولد الفاظل، خريج جامعي (متريز في الاقتصاد 1989)، مهتم بالشأن العام منذ عدة عقود، ولي مبادرات عديدة ذات نفع عام أطلقتها خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وكثيرٌ من تلك المبادرات أطلقته وأنا عاطل عن العمل.
· لم تمنعني ظروفي الخاصة في أي يوم من الأيام من خدمة بلدي، ولم أتوقف خلال العقود الماضية عن بذل ما يمكن بذله لصالح الوطن والمواطن.
· دفعتني البطالة في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطايع إلى القبول بأن أكون مدرسا في فصول محو الأمية في ولاية كيدي ماغا، وكانت تلك فرصة ثمينة للاطلاع ميدانيا على انحراف حملات محو الأمية عن أهدافها النبيلة، وإلى تحوّلها إلى مجرد عمل مسرحي ضره أكثر من نفعه. وللفت الانتباه إلى ذلك الانحراف أطلقت مبادرة "الكتاب المسموع"، وأعددتُ دراسة ميدانية من 100 صفحة تحت عنوان " الأمية في موريتانيا: مشاكل وحلول"، أرسلتها إلى الرئيس معاوية عبر القنوات المتاحة لي: البريد المضمون؛ البريد السريع؛ مكتب الاستقبال في الرئاسة، وكانت نتيجة كل ذلك الجهد أن وزارة التوجيه الإسلامي قامت بفصلي من العمل لشعور القائمين عليها في ذلك الوقت أن الدراسة جاءت لفضح العمل المسرحي الذي كانت تقوم به الوزارة في ذلك الوقت تحت شعار "محو الأمية".
· لم أتوقف بسبب ذلك الظلم عن توجيه الرسائل المفتوحة إلى الرئيس معاوية ولا إلى من سيأتي من بعده من الرؤساء، بعض تلك الرسائل المفتوحة كان يأتي على صيغة دراسات، وأكثرها كان عبارة عن مقالات، وأذكر أني ذات مرة كتبت رسالة مفتوحة على لافتة طالبت بها بإنشاء ديوان للمظالم يستقبل المواطنين، ورفعتُ تلك اللافتة لساعات أمام القصرالرئاسي.
· يمكنني ـ وبكل اطمئنان ـ أن أقول بخصوص هذه الجزئية بأني صاحب أكبر عدد من الرسائل المفتوحة الموجهة إلى الرؤساء من بين كلّ الكتاب المهتمين بالشأن العام في موريتانيا.
في عهد الرئيس الأسبق أعل ولد محمد فال رحمه الله أعددتُ دراسة تحت عنوان "مشاريع في مهب الريح" تتحدث عن 16 مركزا صحيا في الحوضين ولعصابة تم نهب تمويلاتها، من قبل أن تشيّد، وأرسلتُ تلك الدراسة للرئيس أعل عبر البريد المضمون ومكتب الاستقبال في الرئاسة، وكان من نتائج ذلك أن تم تشييد تلك المراكز الصحية بكاملها وفي فترة وجيزة.
في عهد الرئيس الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله رحمه الله لم أتوقف عن كتابة الرسائل المفتوحة التي تتحدث عن معاناة المواطنين (أكثر من 30 رسالة مفتوحة خلال العام والنصف الذي قضاه الرئيس سيدي في الحكم)، وقد التقيت به مرة واحدة في روصو فحدثته عن سوء أحوال المواطنين.
أطلقتُ في عهد الرئيس الراحل سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله مركز "الخطوة الأولى" للتنمية الذاتية الخيري، وهو أول مركز من نوعه يفتتح في موريتانيا، وقد استفاد من دورات ذلك المركز وتكويناته في مجال "التثقيف الحرفي" العديد من الشباب وآباء الأسر، وذلك على الرغم من تواضع إمكانياته.
وفي عهد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز كتبت عشرات الرسائل المفتوحة، وأطلقت بالتعاون مع بعض المهتمين بالشأن العام العديد من المبادرات ذات النفع العام:
1 ـ في مجال التعليم تم إطلاق مبادرتين، واحدة لصالح المدرس وهي الأولى من نوعها في موريتانيا، وواحدة لصالح المدرسة، فالتي كانت لصالح المدرس تم من خلالها تكريم أحد أفضل أساتذة الرياضيات في موريتانيا من طرف ممثلين عن 30 دفعة درسها الأستاذ خلال مساره الوظيفي.
وبخصوص المدرسة فقد أطلقت "مبادرة كنتُ طالبا في ثانوية لعيون" لصالح تلاميذ الثانوية التي درستُ فيها، وقد نظمت المبادرة العديد من الأنشطة (تقديم جوائز للمتفوقين، توزيع حقائب مدرسية. إلخ)؛
2 ـ في مجال التنمية البشرية وبناء قدرات الشباب أطلقتُ أول برنامج تلفزيوني متخصص في التنمية البشرية (برنامج خطوة إلى القمة)؛
3 ـ في مجال الدبلوماسية الشعبية أطلقت مبادرة لتعزيز العلاقات الموريتانية الكويتية، وقد تلقيتُ دعوة كريمة من وزير الإعلام الكويتي في العام 2016 لزيارة الكويت، والتقيت خلال تلك الزيارة بوزراء وببعض كبار الموظفين في الكويت، وقد وعدوا بمشاريع لصالح الدولة الموريتانية، ولكن تلك المشاريع لم تنفذ نظرا لكون النظام السابق كان يصنفني من المعارضين الذين لا يجوز التعامل معهم تحت أي ظرف، حتى ولو كان التعامل معهم قد يجلب مصالح للدولة الموريتانية؛