الأربعاء، 3 أكتوبر 2018

عن حلقة الاتجاه المعاكس (تدوينة)


لم أشاهد حتى الآن الحلقة، وما زلتُ في انتظار أن يسعفني الانترنت بمشاهدتها، فالشبكة لديَّ ضعيفة جدا، ولكن، وعلى الرغم من ذلك فلابد من تقديم ملاحظات عامة حول هذه الحلقة التي أثارت جدلا كبيرا.
(1)

إن برنامج الاتجاه المعاكس هو من أسوأ برامج قناة الجزيرة، وذلك مع الاعتراف للبرنامج بأنه كان قد حقق شهرة كبيرة في السنوات الأولى من عمر الجزيرة. لقد حوَّل فيصل القاسم هذا البرنامج إلى مجرد حلبة للصراخ والسب والشتم، ويبدو أن مقدمة حلقة الأمس وبعض أسئلتها قد جاء فيها الكثير من عبارات فيصل القاسم المعهودة، وذلك حسب ما تم توثيقه على بعض الصفحات.
شخصيا إني من الذين يميلون إلى الانتقاد بقوة، ولكني أبغض لغة السب والشتم، ولا أطيق سماعها، وربما يكون ذلك من الأسباب التي جعلتني لا أعجب ببرنامج الاتجاه المعاكس.
(2)
لم يوفق النظام في اختيار ممثله في الحلقة، فالنظام الذي كان قد قطع العلاقات مع قطر لأسباب غير وجيهة وغير مبررة، لم يكن يليق به أن يوفد الأمين العام المساعد للحكومة إلى قطر، حتى ولو كان ذلك للمشاركة في برنامج تلفزيوني. لم يكن إرسال أمين مساعد لحكومة قطعت علاقتها مع دولة أخرى إلى تلك الدولة بالأمر المناسب، ولكن ما دام ذلك قد حصل، فقد كان من اللازم مشاركته في الحلقة، فسياسة المقعد الشاغر تعتبر هي أسوأ الحلول. ربما يكون نظام بن زايد الذي كثف من الاتصالات بالحكومة الموريتانية في الأيام الأخيرة، ربما يكون قد طالب من خلال إحدى قنواته بسحب ممثل الحكومة الموريتانية من البرنامج باعتبار أن مجيئه إلى الدوحة يعد كسرا للحصار..هذا المطلب لا يستنكر من نظام الإمارات.  
(3)
إن الحجة التي تقدم بها الكنتي غير مقنعة، ويصعب على الجزيرة أن تغير الحلقة بعد تسجيلها خدمة لهذا الطرف أو ذاك، فالجزيرة هي من أكثر القنوات حرصا على المهنية والمصداقية . لم تكن الحجة التي تقدم بها الكنتي بمقنعة، ومع ذلك فلابد من القول بأني أنا  أيضا لم أكن أعلم من قبل حلقة يوم  أمس بأن برنامج الاتجاه المعاكس يتم تسجيله ساعات من قبل بثه.
(4)
بالأمس وفي نقاش مع بعض الشخصيات الوطنية تحدثنا عن حملة النظام ضد الإسلاميين، وكان من بيننا من قال بأن النظام قد افتعل هذه الأزمة لأسباب محلية فقط. رأيي كان أنه حتى ولو افترضنا جدلا بأن النظام قد افتعل هذه الأزمة لأسباب محلية فقط، فإنه لن يكون بمقدوره أن يبقيها أزمة محلية، وذلك لارتباطها القوي بما تشهده المنطقة من خلافات وصراعات، فالإمارات والسعودية ومصر ستحاول أن تستثمر هذه الأزمة في توسيع رقعة الحرب على "عدوها" الأول، أي الإخوان المسلمين، وقطر ستحاول أن تجعل منها دليلا آخر على التدخل الإماراتي السعودي في شؤون الدول الشقيقة، وعلى أن حربهما ضد الديمقراطية والإخوان والثورات ما تزال مستمرة.
على المستوى الإعلامي يمكن القول بأن الأزمة قد تم تدويلها فعلا، فالجزيرة ( والتي أصبحت هي الذراع الإعلامي لقطر من بعد أزمة الخليج) قد بدأت تشتغل، فخصصت ثلاث حلقات من ثلاث برامج شهيرة  لموريتانيا رغم أن الأزمة لم تكمل أسبوعها الأول. والعربية وملحقاتها قد بدأت تشتغل لصالح الطرف الآخر، وذلك من خلال تبرير الحرب على الإخوان وتسويق وجهة نظر السلطة الموريتانية حول الأزمة.
هذه الحرب الإعلامية لن تكون متكافئة، فالجزيرة قناة تحصلت على المصداقية من خلال عشرات السنين من العمل الإعلامي الجاد والمهني، وهي لا تزال تحافظ على الكثير من المهنية، حتى وهي تحاول أن تسوق وجهة نظر قطر من بعد الأزمة الخليجية. أما إعلام الطرف الآخر، فهو بلا مصداقية أصلا، وفوق ذلك فإنه يحاول أن يسوق وجهة نظر الإمارات والسعودية ومصر دون احترام أبسط قواعد المهنية.
يبقى أن أقول في كلمة أخيرة، بأن المسؤول الأول عن تدويل هذه الأزمة هو النظام الحاكم الذي افتعل هذه الأزمة ودون أن تكون هناك مبررات موضوعية لذلك.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق