الثلاثاء، 26 ديسمبر 2017

تدشين قناة اليوتيب وصراع أقطاب الموالاة! (تدوينة)

من أشار إلى رئيس الحزب الحاكم بأن تكون أول إطلالة له من بعد مهرجان "أطعم من جوع وآمن من خوف" هي لقاء مع الشباب لتدشين قناة على اليوتيب، من أشار عليه بذلك فلم يرد به خيرا. أما إذا كانت فكرة الظهور من خلال تدشين قناة على اليوتيب قد جاءت في الأصل من عند ولد محم، ودون أن تدفعه أي جهة ما إلى ذلك، فهذا يعني بأن عقل الرجل لم يعد كما كان، أو يعني بأن الرجل الذي كان معروفا بحب الصراع وبالمشاكسة السياسية قد بدأ يشعر بهزيمة ثقيلة وبإحباط شديد أوقعه في هذا الارتباك الكبير.

بالأمس ظهر خصم ولد محم، أي الوزير الأول وهو يترأس حفلا لتوزيع جوائز شنقيط بدلا من أن يوزعها الرئيس ولد عبد العزيز، بينما ظهر ولد محم وهو يدشن قناة على اليوتيب بدلا من أن يوكل تدشينها لأحد مراهقي المنظمة الشبابية للحزب الحاكم.

 جاء ظهور ولد محم وهو يدشن قناة على اليوتيب من بعد عدة ضربات موجعة كان قد تلقاها من الوزير الأول، أذكر منها على سبيل المثال: تجريد مقرب من رئيس الحزب وإيقافه من بعد ذلك؛ توجيه رسالة باسم الوزير الأول إلى الحزب الحاكم في جنوب افريقيا؛ إقصاء الحزب في حملة الاستفتاء وتعيين وزراء كرؤساء للحملة.
وبالعودة إلى حملة الاستفتاء فلعلكم تتذكرون أنه بعد إسقاط مجلس الشيوخ للتعديلات الدستورية تم تنظيم اجتماع تصالحي لأقطاب الموالاة (ولا أقول الأغلبية)، وكان ذلك بأوامر عليا من الرئيس، وكان الاجتماع في مكتب رئيس الحزب الحاكم.
يومها شعر ولد محم بشيء من الثقة والاعتزاز بالنفس لما رأى ولد حدمين وولد محمد لغظف يجلسان جنبا إلى جنب في جلسة تصالحية تم تنظيمها بأوامر عليا من الرئيس ولد عبد العزيز. بعد ذلك الاجتماع أعد رئيس الحزب الحاكم تصورا لحملة الاستفتاء، وحدد تكاليف الحملة، ولم يكن مبالغا فيها حسب مصادر موثوقة. تم تسليم التصور للرئيس، ولكن الرئيس لم يرد حتى الآن على ذلك التصور، وبدلا من الرد فقد أعطى أوامره بأن يتولى أعضاء الحكومة رئاسة الحملة على أن يكون أعضاء الحزب تبعا لهم.
 شعر ولد محم بخيبة أمل كبيرة، ولم تبق له من سلطات إلا بقايا حزب أثقلت كاهله الديون، وزهد الطامعون من كبار رجال الأعمال والموظفين في زيارة مقره.
سحب الوزير الأول من الحزب الحاكم كل المهام التقليدية  التي توكل عادة للأحزاب الحاكمة، ولم يبق لرئيس الحزب إلا أن يتمادى في التطبيل للفت الانتباه إليه وإلى حزبه، وبلغ به الأمر إلى أن قال بأن ولد عبد العزيز يطعم من جوع ويؤمن من خوف.بعد ذلك وجد رئيس الحزب الحاكم نفسه في عزلة وفي غياب تام عن المشهد، ولما طالت به العزلة قرر أخيرا أن يقطعها بلقاء مع الشباب و بتدشين لقناة على اليوتيب .
جاء في بيان للحزب الحاكم بأنه قد تم تدشين قاعة للمعلوماتية، ولكن بالعودة إلى موقع الحزب فسنجد بأنه لا توجد أي صورة تدل على تدشين قاعة للمعلوماتية، لا توجد إلا صورة لحاسوب واحد ووحد فقط، ظهر خلال الزيارة، وهو ما يعني بأن رواية تدشين قناة على اليوتيب هي أقوى من رواية تدشين قاعة معلوماتية.
لم يعد لدى رئيس الحزب الحاكم ما يفعله بعد أن سحب منه الوزير الأول كل صلاحياته كرئيس حزب حاكم، ويكفي لتأكيد ذلك أن يمر الواحد منكم غدا  من أمام مقر الحزب الحاكم، فسيجد بأن السيارات المتوقفة أمام المقر يمكن أن يتم عدها بأصابع اليد.
مرة أخرى يؤكد الوزير الأول بأنه -وحتى الآن- هو رجل الحلبة الوحيد، وبأنه لا مكان في هذه الحلبة  لولد محمد لغظف ولا ولد محم.
يبقى أن أختم هذا المنشور بالقول بأن طريقة الوزير الأول في اللعب فعالة جدا في إزاحة الخصوم، ولكن من مساوئ هذه الطريقة بأنها قد تأتي بضربات ارتدادية شديدة قد يكون من ضحاياها الوزير الأول نفسه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق