الأربعاء، 1 يونيو 2016

ملاحظات سريعة على هامش فاجعة التدافع

نساء عشن فقيرات، ورحلن عن دنيانا الفانية وهن فقيرات في عملية تدافع من أجل الحصول على قليل من المال أمام منزل اختاره أحد رجال الأعمال لتوزيع زكاته.  إن عملية التدافع هذه تستوجب تقديم الملاحظات السريعة التالية:
الملاحظة الأولى: تقول هذه الفاجعة وبلغة صريحة وفصيحة بأن أحوال البلاد ليست على ما يرام، وبأن شعار رئيس الفقراء لم يكن إلا خدعة، وبأن دكاكين أمل لا تسمن ولا تغني من جوع.

الملاحظة الثانية: إن الحديث عن وجود فائض في بلاد يموت فقراؤها جوعا، يموتون في عملية تدافع للحصول على قليل من المال، إن الحديث عن وجود فائض في مثل هذه الظروف يعد استفزازا للفقراء. ومن المؤسف أن الرئيس تحدث في النعمة، ومنذ أقل من شهر، من قبل حصول هذه الفاجعة، عن وجود فائض في الميزانية قدره 19 مليار أوقية.
الملاحظة الثالثة: من المستفز أن هذه الفاجعة حدثت في زمن نسمع فيه عن الكثير من قصص الفساد وعن نهب المليارات هنا وهناك، ومع ذلك فلا يزال سجن آلاك خاليا تماما من المفسدين، وذلك على الرغم من أن الرئيس كان قد وعد بحشر المفسدين فيه ذات حملة انتخابية. من المستفز أن تموت نساء فقيرات بسبب التدافع من أجل الحصول على قليل من المال، وذلك بعد أيام معدودة من اتهام سيدة أخرى باختلاس مئات الملايين.
الملاحظة الرابعة: لاشك أن الضحايا أنفسهم يتحملون جزءا من المسؤولية، ولا شك بأن طبيعتنا البدوية التي تجعلنا نرفض النظام ولا نقبل بثقافة الطابور، قد تؤدي إلى التدافع عند أي طابور، ويتساوى في ذلك السلوك البدوي المشين الأغنياء والفقراء، المتعلمون والأميون. لا شك أن الضحايا أنفسهم يتحملون جزءا من المسؤولية، ولكن المسؤولية الأكبر تتحملها السلطة، والتي هي ـ وبالمناسبة ـ  مسؤولة عن فقر الضحايا، وعن عدم توفير الحياة الكريمة لهم، وعن عدم الاكتراث بحالهم عندما بدؤوا يتوافدون مع ساعات الفجر الأولى، وبأعداد كبيرة، إلى الحائط الذي ستقع عنده الفاجعة، وذلك من أجل الحصول على ثلاثة ألاف أوقية للشخص الواحد!!
الملاحظة الخامسة: إن ما حدث كان قضاءً وقدرا، ولكن ذلك لن يمنعنا من التوقف عند الأسباب التي أدت إليه، ولن يمنعنا أيضا من تحميل السلطة مسؤولية ما حدث. بالمناسبة لقد دفعت السلطة بعشرات الآلاف من المواطنين إلى صحاري انشيري بعد أن سرقت منهم المليارات من الأوقية، ومع ذلك فلم توفر لهم الحد الأدنى من الخدمات الصحية والأمنية في تلك الصحاري، وبذلك فإن السلطة تكون قد هيأت الظروف المناسبة لحصول فاجعة هناك، وسنعتبر هذه السلطة مقصرة إن لم تحصل فاجعة، أما إذا حدثت فاجعة هناك، وهي محتملة الحدوث في أي وقت، فإننا سنحمل السلطة المسؤولية المباشرة لتلك الفاجعة.
الملاحظة السادسة: الزكاة هي فريضة من أجل إعانة الفقير، وليست مناسبة لإذلاله، ولذلك فقد كان من المفترض أن تكون هناك صناديق لاستقبال الزكاة ولتقديمها للفقراء بشكل لائق ومحترم.
الملاحظة السابعة: لم نسمع أن الرئيس قطع زيارته بسبب هذه الفاجعة، ولم نسمع عن حداد، ولا عن أي مظهر من مظاهر الحزن التي تتناسب مع الفاجعة.بل أكثر من ذلك فقد بخل موقع الوكالة الموريتانية للأنباء بكتابة سطر أو سطرين عن هذه الفاجعة، وتشير الساعة الآن، وقت كتابة هذه الملاحظة، إلى الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم الأربعاء، آخر خبر بالموقع يتحدث عن " إفتتاح ورشة للمصادقة على الدراسة المتعلقة بالاطار المؤسسي للحد من الكوارث"، يمكنكم أن تلاحظوا الأخطاء الموجودة بالعنوان.
الملاحظة الثامنة: على السلطة القائمة أن تعلم بأن سنوات الحظ قد أدبرت، وأنها ـ أي السلطة ـ قد دخلت في مرحلة جديدة حبلى بالأزمات والمصائب، ولذلك فعليها أن تتصرف بحكمة وبمسؤولية، وذلك من قبل أن تجرفها تلك الأزمات والمصائب.
تلكم  كانت ملاحظات سريعة، وعددها ثمانية بعدد الوفيات حسب آخر الأخبار، ولم يبق لي بعد تسجيل هذه الملاحظات السريعة إلا أن أسأل الله أن يرحم الوفيات، وأن يعجل بشفاء الجرحى، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
خالص التعازي لأسر الضحايا.

حفظ الله موريتانيا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق