الجمعة، 26 يونيو 2015

تنبيه : هناك فقراء لا يسألون الناس!!

قابلتٌ في جمعة ماضية، وفي مسجد "بنينه" بتوجنين، شيخا كبيرا، لا أدري كم من مرة قابلته؟ ولا في كم من مسجد التقيتُ به؟ ولم أعد أذكر تاريخ أول مرة أقابله فيها؟
المهم أن هذا الشيخ كرر نفس القصة التي كنتُ قد سمعتها منه في مرات عديدة، وفي مساجد عديدة، ومنذ سنوات عديدة.

القصة تتحدث في مجملها عن سيدة من أهل القرآن لا معيل لها، كانت قد أجريت لها عملية جراحية بكلفة 100000 أوقية، وأهل الخير كانوا قد وفروا لها 90 ألف أوقية من المبلغ المذكور، ولم تبق إلا عشرة آلاف أوقية فقط، ولذلك فهو يريد من المصلين أن يتبرعوا لها بما تبقى من المبلغ.
منذ سنوات وهذا الشيخ الطاعن في السن يجمع الصدقات باسم العجوز المريض، ولكن العشرة آلاف أوقية لم تكتمل حتى الآن. أكاد أزعم بأن الشيخ يجمع في كل مرة يطل فيها من أي مسجد أكثر من عشرة آلاف أوقية، فطريقة الشيخ في سرد قصة العجوز المريض طريقة مؤثرة، كما أن شكل الشيخ وتقدم عمره يساعد دائما في إقناع المصلين بتقديم المزيد من التبرعات.
ما جمع هذا الشيخ من أموال خلال عدة سنوات كان يكفي لعلاج الكثير من المرضى الفقراء، والذين قد لا يملكون ألف أوقية لشراء الدواء، ومع ذلك فيمنعهم التعفف عن سؤال الناس.
قصة هذا الشيخ تتكرر كثيرا في المساجد، وفي الشوارع، وفي الأمكنة العامة مع متسولين كثر، وبأشكال مختلفة. فهناك من يجمع منذ سنوات لشراء بوق للمسجد الذي يؤمه، وهناك من يجمع منذ سنوات باسم أطفاله الصغار، والذين  يقول عنهم وفي كل مرة يقف فيها سائلا بأنه كان قد تركهم جوعى مع أم العيال، وبأن أم العيال لم تجد ومنذ البارحة ما تعد به طعاما لأطفالها الصغار. متسول آخر لديه وصفة طبية يلوح بها منذ سنوات، ويكرر دائما بأنه ما يزال يحتاج إلى 3000 أوقية لشراء بقية الأدوية الموجودة في تلك الوصفة الطبية.
إنها قصص مملة ومتشابهة لحد الضجر، تتكرر يوميا، ومع نفس المتسولين، ومنذ سنوات عدة!!
بالتأكيد أنا لستُ هنا لأقول لكم لا تتصدقوا على أولئك المتسولين، ولستُ هنا لأتحدث عن الجانب الشرعي في هذا الموضوع، فآخر من يحق له أن يتحدث عن الأمور الشرعية، وآخر من يحق له أن يصدر فتوى جول الموضوع هو كاتب هذه السطور. ولكن ورغم كل ذلك فإني أعتقد بأنه قد يكون من الضروري جدا  أن يراجع كل  واحد منا  أسلوبه وطريقته في تقديم الصدقات، وعلى كل واحد منا أن يبحث عن فقير محتاج لا يسأل الناس يخصص له جزءا من صدقاته بدلا من  أن ينفق كلما خصص من أموال للصدقة على أشخاص قد لا يحتاجون لتلك الصدقة، ولكنهم فقط كانوا قد أدمنوا على سؤال الناس في المساجد، وفي الشوارع، وفي الأمكنة العامة.
لأن أتصدق بمائة أوقية على فقير محتاج يمنعه التعفف من أن يسألني لهي خير عندي من أن أتصدق بألف أوقية على عشرة من أولئك الذين جعلوا من التسول مهنة كأي مهنة أخرى، ولكنها تختلف عن كل المهن الأخرى بأن أصحابها لا يتقاعدون أبدا.
تقبل الله صيامنا وصيامكم وقيامنا وقيامكم..
حفظ الله موريتانيا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق