السبت، 18 أبريل 2015

لقاء السبت

من المتوقع أن يتم في هذا اليوم عقد أول اجتماع بين وفد المنتدى ووفد الرئيس المكلف بملف الحوار. ولقد كان من المفترض أن يكون هذا الاجتماع قد تم تنظيمه في وقت سابق، وفي الفترة الزمنية الفاصلة بين زيارة الحوضين وزيارة تيرس الزمور، ولكن ذلك لم يحصل لأسباب قيل في ذلك الوقت بأنها كانت تتعلق باستياء الحكومة من مستوى التمثيل في تشكيلة وفد المنتدى، فهل كان الأمر يتعلق فعلا باستياء الحكومة من مستوى التمثيل في تشكيلة وفد المنتدى؟ 

ذلك سؤال لا أملك  إجابة قاطعة عليه، ولأني لا أملك إجابة قاطعة عليه، فإني سأجيب عليه تارة بنعم، وتارة بلا، وذلك مع تبيان الإشكالات التي ستواجهني عند كل إجابة.

الإجابة بنعم:
إن الإجابة بنعم على هذا السؤال ستدخلنا في إشكالات عديدة، لن نخرج منه إلا إذا افترضنا بأن مستوى التمثيل في وفد المنتدى كأسهم الشركات التي قد تعرف قيمتها تذبذبا، من حين لآخر، في مؤشرات البورصة. ولكن كيف يمكننا أن نتقبل بأن يحصل تذبذب في مستوى التمثيل لدى وفد لم يتغير ولم يتبدل منصب أو مكانة أي شخص من الأشخاص الأربعة الذين يتشكل منهم هذا الوفد؟
لقد ظل مستوى التمثيل في وفد المنتدى مقبولا لدى الحكومة منذ الإعلان عن تشكيلة هذا الوفد وإلى غاية يوم 1 ابريل 2015 .ولقد كان من المفترض أن يجتمع الوفدان في فاتح ابريل، وعلى مائدة عشاء في منزل الوزير الأمين العام للرئاسة، ولكن ذلك الاجتماع لم يحصل، لا بسبب نقص في مستوى التمثيل، وإنما بسبب أن وفد المنتدى كان قد طالب بتحديد مكان أكثر رسمية من منزل الوزير الأمين العام للرئاسة. أما في يوم 2 إبريل فإن مستوى التمثيل في وفد المنتدى سيشهد انخفاضا حادا، وسيستمر هذا الانخفاض إلى غاية يوم 15 ابريل، ولذلك فقد طلبت الحكومة من المنتدى أن يرفع من مستوى تمثيل وفده، وإلا فإنها ستضطر لأن تخفض من مستوى وفدها حتى يحصل تكافؤ في مستوى الوفدين. هذا الانخفاض الذي استمر لأسبوعين كاملين سيعقبه ارتفاع جديد في مستوى التمثيل ابتداءً من زوال يوم الأربعاء 15 ابريل، وهو الشيء الذي جعل الوزير الأمين العام للرئاسة يتقدم بموعد جديد للقاء بوفد المنتدى وبنفس تشكيلته الأصلية. ولقد تم اختيار يوم السبت لهذا اللقاء، ولا أحد يدري إن كان مستوى التمثيل لدى وفد المنتدى سيظل مرتفعا في "مؤشر" الحكومة أم أنه سيشهد انخفاضا جديدا في الأيام القادمة؟  
لقد ظل مستوى تمثيل وفد المنتدى في الأسابيع الماضية في صعود وهبوط حسب "مؤشر" الحكومة، وذلك رغم أن الأشخاص هم نفس الأشخاص، لم تتبدل وظائفهم خلال هذه الفترة، ولم يتصرف أي واحد منهم بأي تصرف يمكن أن يزيد أو ينقص من مكانته في "مؤشر" الحكومة، إذا ما استثنينا خلع النقيب السابق لعباءته في قصر المؤتمرات أمام الرئيس للفت الانتباه إلى غياب العدالة في هذه البلاد.ولقد كان من المفترض بأن هذا التصرف الشجاع سيؤثر سلبا على مستوى التمثيل في وفد المنتدى حسب "مؤشر" الحكومة، ولكن يبدو أن العكس هو الذي حصل.
الإجابة بلا:
عند الإجابة بلا على السؤال السابق، فإن ذلك سيفرض علينا أن نقدم أسبابا أخرى غير الاستياء من مستوى التمثيل أدت إلى إلغاء اجتماع وفد المنتدى بوفد الحكومة.
لقد سافر الرئيس إلى الحوضين وقد ترك الناس وهم في تفاؤل بقرب انطلاق الحوار، ولكن بعد عودته من تلك الزيارة قرر عن طريق وزيره الأمين العام للرئاسة أن يلغي اللقاء الذي كان من المنتظر أن يتم بين وفد المنتدى ووفد الرئيس، ولقد أصبح الناس بسبب ذلك الإلغاء في يأس من إمكانية انطلاق الحوار.
ولقد سافر الرئيس إلى تيرس الزمور وقد ترك الناس وهم في تشاؤم من إمكانية انطلاق الحوار، ولكن بعد عودته من تلك الزيارة سارع عن طريق الوزير الأمين العام للرئاسة  إلى تحديد موعد جديد للقاء بوفد المنتدى، وهو ما جعل البعض يتفاءل من جديد بشأن الحوار. فما الذي حصل بعد الزيارتين وتسبب في قبول وفد الرئيس بأن يجتمع بوفد المنتدى بعد أن كان قد أعلن سابقا عن رفضه لمثل ذلك اللقاء؟
إن هناك عدة فرضيات يمكن أن نقدمها كإجابات محتملة على هذا السؤال.
أولها : أن نفترض بأن كل ما حصل كان ناتجا عن تقلبات في مزاج الرئيس، وأن الحوار كغيره من القضايا الأخرى لا يتأثر إيجابا أو سلبا إلا بتقلبات مزاج الرئيس، ولذلك فلا داعي للبحث بعيدا عن تفسيرات منطقية أو غير منطقية لما يحدث في هذه البلاد، فإلغاء الاجتماع والعدول عن الإلغاء لم تكن له من أسباب سوى أن مزاج الرئيس كان قد عرف تقلبا حادا خلال هذه الفترة.
ثانيها : أن لا يكون لمزاج الرئيس أي تأثير، وأن تكون هناك بالفعل مجموعة من الأسباب الموضوعية التي أدت إلى إلغاء الاجتماع، ومجموعة أخرى قد أدت إلى العدول عن ذلك الإلغاء .
فهل الأمر في هذه الحالة يرتبط بزيارات الرئيس، وبطبيعة الاستقبالات في تلك الزيارات؟ وهل يمكننا أن نعتبر بأن الاستقبالات في الحوضين كانت مطمئنة لدرجة جعلت الرئيس يلغي اللقاء ولكل ما له صلة بالحوار، وأن استقبالات تيرس الزمور كانت على العكس من ذلك، وكانت مقلقلة للرئيس، مما جعله يطلب من وزيره الأمين العام للرئاسة بأن يسارع بتحديد موعد لاستقبال وفد المنتدى، ودون المطالبة بأي تعديل في تشكيلة هذا الوفد؟
ثم إن هناك زيارة أخرى قد تكون لها صلة بالموضوع، وهي زيارة الرئيس للسعودية. لقد استقبل الرئيس بحفاوة كبيرة خلال هذه الزيارة، وحسب بعض المصادر فإن السعودية قد طلبت من موريتانيا أن تشارك بقوة عسكرية في "عاصفة الحزم"، وحسب المصدر ذاته، فإن الرئيس لم يوافق على الطلب السعودي ولم يرفضه أيضا مما يعني بأن كلا من الاحتمالين ( المشاركة وعدم المشاركة) يبقى واردا. ولا شك أنه في حالة أن قرر الرئيس أن يشارك في تلك الحرب فإن ذلك القرار لن يتخذه إلا بعد أن يكون قد أطلق حوارا مع المعارضة لعل ذلك الحوار يخفف من حجم ردود الأفعال المستنكرة لقرار المشاركة في حرب بعيدة عن حدودنا.
ثالثها : أن يكون الأمر يتعلق بمجرد تكتيكات ومناورات تفاوضية للحصول على امتيازات ومكاسب أكبر من الحوار، لا أكثر ولا أقل. وأن هذه التكتيكات والمناورات قد تطلبت من الحكومة أن تلغي اللقاء في وقت معين في محاولة منها لإحداث انشقاق في صفوف المنتدى، وأن تقبل باللقاء في وقت آخر عندما أحست بأن محاولتها قد فشلت، وبأن هناك إصرارا من المنتدى بتمسكه بوفده دون أي تغيير أو تعديل.
ومهما يكن من أمر، وبغض النظر عن الأسباب الحقيقية التي كانت وراء إلغاء اللقاء والعدول عن ذلك الإلغاء فإنه على المنتدى في كل الأحوال أن لا يرفض أي دعوة للقاء أو للحوار، فإن كانت هذه الدعوة غير جادة فإن عليه أن يثبت للرأي العام عدم جديتها، ولن يحصل ذلك بالرفض المبدئي. أما إن كانت هذه الدعوة جادة، وهذا احتمال ضعيف جدا جدا، فإنه على المنتدى في هذه الحالة أن يطارد ذلك الاحتمال الضعيف، وذلك لأن المصلحة العليا للبلاد تفرض  مثل تلك المطاردة.  
حفظ الله موريتانيا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق