الأربعاء، 27 مارس 2013

"مؤسسة مسعود للتنمية الاجتماعية"



لا شك أن العقود الأربعة الأخيرة قد شكلت مرحلة هامة من تاريخ النضال السياسي والحقوقي ضد ظاهرة العبودية. ولا شك أيضا بأن ذلك النضال كان له رجالاته الذين أبلوا بلاءً حسنا، وقدموا جهدا كبيرا في سبيل القضاء على هذه الظاهرة المشينة والمعيقة لأي تنمية واستقرار.
لا شك في ذلك.

ولكن لا شك أيضا بأن الكل، وأقول الكل، قد قصر كثيرا في "النضال التنموي" ضد ظاهرة الرق ومخلفاته، وبما في ذلك رموز الشريحة أنفسهم، والذين لا يمكن لأي كان أن يقلل من تاريخهم المشرف في النضال الحقوقي والسياسي من أجل القضاء على هذه الظاهرة المشينة.
وإذا صح القول بأن الماضي وظروفه كانا يفرضان أن تعطى الأولوية للنضال الحقوقي والسياسي ضد ظاهرة الرق على حساب أوجه النضال الأخرى، فإنه يصح القول أيضا بأن واقع اليوم يفرض أن تعطى الأولوية للنضال التنموي أكثر من أي نضال آخر.
وهذا الكلام لا يعني ـ بأي حال من الأحوال ـ بأني أدعو إلى تعطيل النضال الحقوقي والسياسي، بل بالعكس فالنضال الحقوقي والسياسي يجب أن يستمرا لأن القضاء على الظاهرة ما يزال يحتاج لمثل ذلك النضال.
وكل ما أريد أن أقوله هنا هو أن الوقت قد حان للبدء في نضال تنموي موازي و جاد ضد ظاهرة العبودية ومخلفاتها، وذلك من خلال محاربة الفقر والجهل في أوساط الشريحة المتضررة من تلك الظاهرة.
وعلينا أن نعلم بأنه مهما ناضلنا حقوقيا وسياسيا ضد ظاهرة العبودية، فإن تلك الظاهرة لن تختفي ما دام الفقر والجهل ينتشران في أوساط الأرقاء والأرقاء السابقين. وعلينا أن نعلم أيضا بأن النضال التنموي ليس من المهام التي يجب أن تترك للحكومات لوحدها، تلك الحكومات التي فشلت في الماضي وفي الحاضر في رسم وتنفيذ برامج تنموية بإمكانها أن تساعد على القضاء الكامل على ظاهرة الاسترقاق ومخلفاته، بل يجب لذلك النضال أن يمتد، حتى يشارك فيه كل من باستطاعته المشاركة فيه.
وفي اعتقادي فإن الوقت قد حان للبدء في مرحلة من النضال التنموي والشعبي ضد ظاهرة العبودية، وبطبيعة الحال فإن مشعل هذا النضال التنموي يجب أن يحمله أولئك الذين حملوا المشعل في الماضي، وقادوا مرحلة النضال السياسي والحقوقي ضد ظاهرة العبودية.
ومن بين أولئك، بل وعلى رأس أولئك، يمكنني أن أذكر المناضل الكبير مسعود ولد بلخير، دون أن يعني ذلك التقليل من نضالات الآخرين، والذين أوجهه إليهم أيضا هذا المقترح، وخاصة محمد سالم ولد مرزوك المتفرغ حاليا، والذي له علاقات طيبة بالمؤسسات الدولية قد تعينه على إقامة مؤسسة من هذا النوع.
لقد حان الوقت لأن يطلق الرئيس مسعود أو غيره من مؤسسي حركة الحر مؤسسة باسمه للتنمية الاجتماعية تناضل تنمويا ضد الاسترقاق، وتشكل بذلك انطلاقة لمرحلة جديدة من النضال ضد العبودية، وذلك من خلال التركيز على محاربة الفقر والجهل في أوساط الشريحة.
ولا أعتقد بأن الرئيس مسعود بحكم مكانته الوطنية والدولية سيعجز عن إيجاد تمويل لمثل هذه المؤسسة التي ستعني بمحاربة الفقر والجهل، والتي نرجو لها أن تكون بداية لمرحلة جديدة من النضال ضد ظاهرة الاسترقاق ومخلفاته.
وأعتقد بأن الكثير من الموريتانيين سيكونون على استعداد كامل للتطوع في مثل هذه المؤسسة، أو غيرها، وفيما يخصني فإني على استعداد للمشاركة في إعداد تصور لتلك المؤسسة ولبرامجها، إذا ما طُلب مني ذلك. كما أني على استعداد كامل للمساهمة في تحويل تلك البرامج إلى عمل ميداني يحارب الفقر والجهل في الأوساط المستهدفة.  
فيا أيها الموريتانيون عليكم أن تعلموا بأنه قد حان الوقت للبدء في مرحلة النضال التنموي ضد ظاهرة الاسترقاق ومخلفاته، فابدؤوا الآن يرحمكم الله.
حفظ الله موريتانيا.. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق