الأحد، 31 يوليو 2011

هدية خاصة بالرئيس بمناسبة الشهر المبارك


لقد ارتأيت أن أهدي لكم صورة نادرة جدا بمناسبة حلول الشهر المبارك، وكذلك بمناسبة مرور عامين على تنصيبكم. وهذه الصورة أعتقد أنها هي أفضل ما يمكن أن يهديه مواطن فقير مثلي، لرئيس مثلكم، ينافس ثلاثة من رؤساء العالم على لقب رئيس الفقراء.
سيدي الرئيس، إن لقب رئيس الفقراء ليس مجرد لقب عادي يمكن أن تمنحه ثلة من السياسيين المتزلفين تميل حيث السلطة مالت، ولا أن تمنحه شرذمة من العاملين في الإعلام الرسمي جُبِلت على منح أعظم الألقاب لكل حاكم مادام حاكما، ولا أن يمنحه طابور من "جنود الرأي" ليس فيه من يستطيع أن يفكر ـ ولو لساعة واحدة ـ بعقله بدلا من بطنه، ولا يمكن أن تمنحه حفنة من الموظفين الفاشلين، والذين يحاولون أن يعوضوا النقص في الكفاءة ، وفي أدائهم الوظيفي، من خلال التزلف الفاضح لكل من يحكم البلاد.
إن لقب رئيس الفقراء يحتاج الساعي إليه إلى "ألبوم" نادر من الصور، كهذه الصورة التي أهدي لكم اليوم، وهي صورة لواحد من رئيسين ينافسونكم على لقب رئيس الفقراء، وإن كان صاحبها يفضل لقب صديق الشعب. إنها صورة للرئيس الإيراني "أحمدي ناجد"، التقطها صدفة أخوه الأصغر، عن طريق هاتف محمول، ونشرتها جريدة "الوفاق"، قبل أن تنشرها في اليوم التالي معظم الصحف العالمية، وبالأخص الأمريكية منها. ويظهر الرئيس الإيراني في هذه الصورة وهو يغط في نوم عميق، على فراش عادي جدا، ويلتحف بغطاء عادي جدا، لا يختلف عن الفراش والغطاء المتاح لأي فقير إيراني.
تلك صورة من صور عديدة منحت للرئيس الإيراني لقب رئيس الفقراء، وهو لقب لا يستطيع حتى خصوم الرجل أن يجادلوا في استحقاقه له، وإن كان بإمكانهم أن ينتقدوه في مجالات أخرى، ليس من بينها ـ بالتأكيد ـ الابتعاد عن هموم الفقراء الإيرانيين، أو تبديد المال العام.
سُئِل الرئيس الإيراني ذات مرة من طرف قناة " فوكس" الأمريكية عن الذي يُحَدِّث به نفسه، عندما ينظر إلى المرآة صباحا بعد أن أصبح رئيسا للجمهورية؟
أجاب "أحمدي نجاد": أنظر إلى الشخص الواقف في المرآة، وأقول له تذكر أنك لست سوى خادم بسيط، لديك اليوم مهمة شاقة جدا، وهي خدمة الشعب الإيراني.
وفي أول أيامه في القصر، تبرع الرئيس الإيراني بكل السجاد الفاخر في القصر، لأحد الجوامع في طهران، وأبدله بسجاد عادي جدا، وبسيط جدا، كالذي يظهر في الصورة. كما أنه قام بإغلاق قاعة كبيرة مزركشة ومزخرفة بشكل رائع كانت مخصصة لاستقبال كبار رجال الدولة، وأبدلها بقاعة عادية للاستقبال، خالية من كل شيء، باستثناء بعض الكراسي الخشبية العادية جدا.
وكثيرا ما كان يظهر الرئيس الإيراني رفقة عمال البلدية، وكأنه عامل نظافة بسيط، بيده مكنسة يكنس بها الشوارع المحيطة بمنزله وبمكتبه الرئاسي.
ولقد فرض الرئيس الإيراني على وزرائه أن يوقعوا على وثيقة فيها شروط عديدة، من بينها أن الوزير سيبقى فقيرا كما كان فقيرا، وأن حساباته في المصارف، وحسابات أقاربه ستظل مراقبة، فلا يجوز للوزير المعين، ولا لأي من أقربائه، أن يستفيد من أي مورد من موارد الدولة.
وكان الرئيس الإيراني هو أول من وقع على تلك الوثيقة بعد أن صرح بممتلكاته "الضخمة"، والتي كانت عبارة عن سيارة "بيجو 504موديل 1977"، ومنزل قديم وصغير ورثه عن أبيه في أحد أفقر أحياء طهران، وقد تم بناؤه منذ أربعين عاما، وهو المنزل الذي لا زال يرفض الرئيس الإيراني أن ينتقل منه إلى أي منزل آخر. هذا فضلا عن حسابين أحدهما فارغ تمامًا، والثاني يستقبل فيه راتبه كأستاذ جامعي، ووجد فيه ما يعادل 250 دولارا.
هذا هو كل ما يملكه رئيس دولة نفطية تعد واحدة من أغنى وأقوى دول الشرق الأوسط.
والرئيس الإيراني الذي رفض ـ وبإصرار عجيب ـ أن ينفق دولارا واحدا في كل حملاته الانتخابية، ليس له أي راتب شخصي، بعد أن أصبح رئيسا للبلاد، فهو يعتبر نفسه أمينا على أموال الشعب الإيراني، تلك الأموال التي لا يجوز له أن يأخذ منها راتبا ـ حتى ولو كان متدنيا ـ مقابل عمله كرئيس . كما أنه يرفض ـ خلافا لكل رؤساء دول العالم ـ أن يخصص ميزانية في القصر، لإعداد طعام للرئيس ولعائلته، مكتفيا بسندويشات قليلة، وبشيء من الجبن والزيتون تعده له زوجته يوميا، وسط استغراب وذهول كل العاملين في القصر.
والرئيس الإيراني أصر على أن يبيع طائرته الرئاسية، ليشتري بثمنها طائرة شحن تحول أرباحها لخزينة الدولة الإيرانية. وعندما سألوه عن الطريقة التي سيتنقل بها، أجابهم بأنه سيسافر كما يسافر الركاب العاديون، في طائرات عادية.
ولا يزال الرئيس الإيراني يرفض أن تعلق صوره الشخصية في أي مبنى حكومي لأن ذلك يشكل إهدارا للمال العام. كما أنه يرفض أن يعد له أي استقبال رسمي في زياراته الداخلية، فلا سجاد أحمر يبسط له، رغم أنه يقود دولة تصدر أفخر أنواع السجاد لكل بقاع العالم، ولا صور كبيرة أو صغيرة ترفع عند الاستقبال، ولا سيرة ذاتية لغرض المدح، ولا يتزاحم الإيرانيون لمصافحته، ولا يصفقون له لا بأياديهم ولا بأرجلهم، ولا يلوحون له، ولا يبتسمون له بتزلف، لا شيء من كل ذلك.
ولقد أجمع الشعب الإيراني بمواليه وبمعارضيه على أن الرئيس الإيراني، يعيش كما يعيش الفقراء الإيرانيون، إن لم يكن يعيش بشكل أسوأ.
ذلكم واحد من الثلاثة الذين يتنافسون معكم على لقب رئيس الفقراء.
أما الثاني فكنت قد حدثتكم عنه في رسالة مفتوحة سابقة: إنه رئيس فقراء فنزويلا.
ويتفق كذلك الشعب الفنزويلي بمعارضيه وبمواليه،على أن الرئيس الفنزويلي لا يترك فرصة يمكن أن يرفع بها من شأن فقراء بلده إلا واستغلها، حتى ولو أجبره ذلك على أن يتقاسم طعامه وفراشه في القصر مع بعض المشردين من فقراء بلده.
وللاختصار فسأكتفي هنا بتقديم صورة واحدة من ألبوم منافسكم الثاني على اللقب. إنها صورة الرئيس الفنزويلي، وهو يفتح أبواب قصره الرئاسي، لاستقبال 25 أسرة فقيرة، لكي تقيم معه في القصر، بعد أن تضررت مساكن تلك الأسر من الأمطار والفيضانات. وقد أعطى الرئيس الفنزويلي تعليماته الصارمة لكل عمال القصر، بضرورة الاهتمام بالفقراء خلال مقامهم في القصر الرئاسي، وذلك قبل أن يعوضهم عن مساكنهم المهدمة بمساكن لائقة.
لقد تذكرت الآن عشرات المنازل المنهارة، في عشرات القرى الموريتانية التي غرقت في العام الماضي، وتحضرني الآن صورتكم وأنتم مشغولون عن الغرقى بغرس شجيرات في مشروع غرس مليون شجرة الذي لم يعد اليوم يذكره ذاكر.
سيدي الرئيس، إن المنافسة على لقب رئيس الفقراء ليست منافسة عادية، خاصة وأنها منافسة تخوضونها مع رئيسين يقدمان في كل يوم صورا مبهرة ورائعة يصعب تصديقها.
وهذه المنافسة هي التي جعلتني أطلب منكم في رسالة سابقة كتبتها لكم باسم حَمَّال، أثناء إضراب الحمالين في السنة الماضية، أن توجهوا دعوة للعشرات من الحمالين لحضور حفل عشاء في القصر، بمناسبة فاتح مايو 2010، وتستمعوا لمعاناتهم وأنينهم دون وسيط، لأنهم أولى من غيرهم للتحدث عن معاناتهم. ولقد كان بالإمكان أن تجدوا حلا لبعض مطالبهم العادلة، وأن تعتذروا لهم عن البعض الآخر من المطالب التي قد يصعب تحقيقها في ذلك الوقت.
ولقد قلت لكم في تلك الرسالة بأن الحمالين أولى بعشاء فاخر في القصر الرئاسي، ولو لمرة واحدة في العمر، من أولئك الذين تتكرر دعوتهم ـ بمناسبة وبغير مناسبة ـ رغم أنهم هم من رشف المحيط بكل حيتانه، وابتلع النفط بكل مشتقاته، وأكل الحديد بكل شوائبه، ونهب الزراعة بكل محاصيلها.
فتواجد بعض البسطاء في القصر الرئاسي، كان سيمنحكم لقطة دعائية في غاية الأهمية، أنتم في أمس الحاجة إليها. وهي لقطة كانت ستتناقلها الفضائيات العالمية، كما تناقلت استضافة الرئيس الفنزولي ل25 أسرة فقيرة في قصره الرئاسي، أو كما تناقلت صورة الرئيس الإيراني وهو ينام على فراشه المتواضع.
وإنني اليوم ـ وبمناسبة الشهر الكريم ـ أجدد طلبي لكم بفتح أبواب القصر أمام الفقراء، كما يفعل منافسوكم على لقب رئيس الفقراء.
فَلِمَ لا تنظمون إفطارا يوميا في القصر تستقبلون فيه بعض فقراء البلد؟ كالمعوقين مثلا، أو الحمالين، أو بعض سكان أحياء الترحيل، أو بعض العائدين من ليبيا أو من الإمارات أو من ساحل العاج، أو نساء "أدويراراة" اللواتي طال اعتصامهن أمام قصركم، فتسمعون من أولئك الفقراء،عن قرب، وبشكل مباشر، وتشاركونهم همومهم ولو لليلة واحدة من ليالي الشهر المبارك.
ولِمَ لا تدعون مثلا شباب بسمة وأمل لإفطار في القصر، لكي تشجعوهم على الأدوار الكبيرة التي يقومون بها لصالح فقراء البلد، خاصة في هذا الشهر الكريم؟
ولِمَ لا تمنحوهم قطعة أرضية لكي يشيدوا عليها مركزا صحيا لصالح الفقراء، وذلك بعد أن حصلوا ـ ومن خلال جهودهم الخاصة ـ على التمويل الكافي لتشييد ذلك المركز؟
أليست جمعية بسمة وأمل الشبابية أولى بقطعة أرضية من غيرها؟ ألا تستحق تلك الجمعية واحدة من تلك القطع التي توزع في كل مجلس وزراء على رجال أعمال وشركات ليس في سجل أي منها شق تمرة تبرعت به لفقير واحد من فقراء البلد؟
سيدي الرئيس، في الأخير، وبمناسبة حلول شهر رمضان، فإني أذكركم بطلب سابق، كنت قد خصصت له رسالة مفتوحة سابقة، ويتعلق ببناء مسجد في قصر المؤتمرات. فلا يليق بقصر المؤتمرات، الذي يستقبل الكثير من الندوات والمؤتمرات، أن يظل بلا مسجد رغم وجود مساحة واسعة لتشييده. ولا يليق بالشناقطة أن يشاهدوا وهم يصلون في العراء، في أفخم قصر لديهم، تم تجهيزه بكل شيء، إلا من مسجد تقام فيه الصلاة.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير البلد، وإلى الرسالة الثانية والعشرين إن شاء الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق