إن
هناك ثلاثة أسباب قد يكون أحدها، أو هي الثلاثة مجتمعة، قد دفعت بمدير شركة
"اسنيم" بأن يتقدم بشكوى ضد
أربعة من الصحفيين الفقراء. أول هذه الأسباب أن تكون إدارة الشركة قد جن جنونها
ونسأل الله السلامة، وثانيها أن تكون الشركة قد أصبحت مهددة بالإفلاس إلى الحد الذي
جعلها تطلب تعويضا بهذا الحجم (2 مليار أوقية) من أربعة من فقراء الصحافة، وثالثها
أن تكون هذه الشكوى تتنزل في إطار خطة حكومية للتضييق على الصحافة.
ومهما
يكن السبب الذي دفع بالمدير إلى أن يتقدم بهذه الشكوى، فإن الشيء الإيجابي في هذه
الشكوى هو أنها جعلتنا نتخيل ـ وللحظة ـ بأننا في دولة قانون ومؤسسات، وبأنه بإمكان
أي واحد منا أن يتقدم بشكوى ضد أي شخصية معنوية أو اعتبارية تسببت له في أي ضرر مادي
أو معنوي.
وبناء
على هذا التخيل العابر، فإن كاتب هذه السطور يتقدم بجملة من الشكاوي من مؤسسات
وإدارات وهيئات حكومية تسببت له في ضرر كبير، وهذه الإدارات والمؤسسات والهيئات
هي:
1
ـ إني أتقدم بشكوى من شركة الكهرباء على
ما ألحقت بي من أضرار بسبب قطعها المتكرر للكهرباء، ونفخها للفواتير، وإيثارها
للمواطن السنغالي، وسرقة عمالها للأموال التي أدفعها ويدفعها غيري من المستهلكين،
هذا فضلا عن أخطاء كثيرة أخرى لا يتسع المقام لتعدادها. ولعل من أغرب تلك الأخطاء
ذلك الخطأ الذي اعترف به في وقت سابق المسؤول الإعلامي للشركة، لتبرير انقطاع
للكهرباء في العاصمة استمر ليومين. لقد قال هذا المسؤول بأن سبب الانقطاع هو أن
أحد عمال الشركة قام بتفريغ صهريج من الماء في خزان للوقود. يمكنكم أن تتخيلوا كم
من ثلاجة، وكم من تلفزيون، وكم من جهاز كان ضحية لهذا التصرف الطائش. ولكم أن
تتخيلوا أيضا كم من خياط وكم من حلاق وكم من صاحب مصنع صغير أو كبير تسبب له هذا
التصرف الطائش في خسائر مادية كبيرة. ولكم أن تتخيلوا حجم وقيمة ما تلف من مواد
غذائية من لحوم وخضروات ومعلبات في ثلاجات
الأسر الموريتانية بسبب هذا التصرف الطائش. ولكم أن تتخيلوا أخيرا معاناة المرضى
ومرافقيهم في المستشفيات بسبب تصرف هذا العامل.
2
ـ أتقدم بشكوى مماثلة من شركة الماء، ولأسباب مشابهة، وإن كانت في هذه المرة تتعلق
بالماء بدلا من الكهرباء.
3
ـ أتقدم بثلاث شكاوي من شركات الاتصال الثلاث (ماتل، موريتل، شنقيتل)
4
ـ أتقدم بشكوى من شركة "اسنيم" ومن مديرها على ما استولى عليه من نصيبي
الخاص بي كمواطن من الأرباح الطائلة التي حققتها الشركة في السنوات الأخيرة، وعلى
المدير أن يعلم بأني في هذه المرة لن أتنازل عن نصيبي من الغرامة المقدرة بملياري
أوقية، والتي من المفترض أن يسددها للشركة أربعة من الصحفيين الفقراء.
5
ـ أتقدم بشكوى من وسائل الإعلام الرسمي، والتي تقتات من الضرائب التي أدفعها
كمواطن، ومع ذلك فهي لا تتيح لي الفرصة للتحدث عن همومي كمواطن، بل على العكس من
ذلك فإنها تتعمد على إزعاجي بتعداد الإنجازات الوهمية للوزراء ولكبار المسؤولين،
والتي يقولون بأنهم ينفذونها طبقا للتوجيهات السامية وللتعليمات النيرة.
6
ـ أتقدم بشكوى من كافة المستشفيات والمراكز الصحية في موريتانيا على رداءة
خدماتها، وبشكوى من كافة الصيدليات التي تبيع الدواء المزور بأسعار غالية جدا،
وغير موحدة.
7
ـ أتقدم بشكوى من الشركة المعنية بصيانة الطرق وبسلامة السير، وذلك بسبب تقصيرها
الذي يتسبب دائما في إزهاق الكثير من الأرواح، وفي حصول الكثير من العاهات
المستديمة.
8
ـ أتقدم بشكوى من المجموعة الحضرية لأسباب أنتم أدرى بها مني.
9
ـ أتقدم بشكوى من إدارة الصرف الصحي لأسباب تعرفونها جيدا.
10
ـ أتقدم بشكوى من كل عناصر التجمع العام
لأمن الطرق، سواء منهم من كان يرتدي زيا قديما أو زيا جديدا.
11
ـ أتقدم بشكوى من وسيط الجمهورية ومن كل المجالس والهيئات المشابهة له، والتي تخصص
لها ميزانيات طائلة دون أن تقدم أي خدمة لي ولا لغيري من المواطنين.
12
ـ أتقدم بشكوى من مجلس الشيوخ الذي طال عمره وساء عمله، والذي يبدو أنه لن يُجدد
أبدا.
13
ـ أتقدم بشكوى من إدارة الجمارك وإدارة الضرائب على ما يفرضان من رسوم وضرائب
مجحفة بالمواطن، وعلى ما يجمعان من مبالغ طائلة لا تنعكس إيجابا على الخدمات
المقدمة للمواطن.
14
ـ أتقدم بشكوى من وزارة الوظيفة العمومية ومن وزارة التشغيل، ومن وكالة تشغيل
الشباب، ومن وزارة الشباب، ومن المجلس الأعلى للشباب، ومن شعار تجديد الطبقة
السياسية ..هذه الشكوى بسبب تهميش الشباب وبسبب تفشي البطالة في صفوفه.
15
ـ أتقدم بشكوى من الإدارة الموريتانية لتعطيلها لكثير من مواد الدستور الموريتاني،
وخاصة المادة السادسة التي تقول بأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد.
16
ـ أتقدم بشكوى من وزارة التعليم ومن جامعة نواكشوط، ومن باصات نقل الطلاب، ومن
المطعم الجامعي.
17
ـ أتقدم بشكوى من رداءة ألبان مصنع النعمة، ومن تدني خدمات مدينة رباط البحر، ومن
عدم جودة الطائرات العسكرية التي يتم تركيبها في بلادنا، ومن مزارع الموز في
بلادنا، ومن مصنع السكر، ومن جسر نواكشوط،
ومن سوق الأوراق المالية في بلادنا.
18
ـ أتقدم بشكوى من كل الإدارات المعنية
بحماية المستهلك في هذه البلاد.
19
ـ أتقدم بشكوى من وكالة التضامن.
20
ـ أتقدم بشكوى من حزب الاتحاد من أجل الجمهورية والذي كان قد أصدر بيانا في وقت
سابق ونفى فيه وبشكل قاطع وجود وباء الحمى في العاصمة، واعتبر أن ذلك الوباء هو
مجرد إشاعة من إشاعات "معارضة البيانات والتدوينات". لقد نفى الحزب الحاكم تلك
الحمى في وقت كان فيه كاتب هذه السطور يعاني منها.
21
ـ أتقدم بشكوى من صندوق دعم المحروقات، ولكل ما له صلة من قريب أو من بعيد بتحديد
سعر المحروقات في هذه البلاد.
حفظ الله
موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق