إن
أول شيء سيتذكره من تابع آخر مؤتمرين صحفيين للوزير الناطق باسم الحكومة هو أن
العرب قد قالوا قديما بأن شر البلية ما يضحك.
لقد
تحولت مؤتمرات الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى مناسبات لميلاد نظريات اقتصادية
جديدة تثير من الضحك مقدار ما تثير من الاكتئاب. إنها تثير الضحك لأنها مليئة
بالسخرية والنكت، وتثير الاكتئاب لأنها جاءت على لسان ناطق رسمي باسم حكومة.
إننا
لم نعد أمام مؤتمرات صحفية لناطق رسمي باسم الحكومة، وإنما أصبحنا أمام مناسبات
لسماع آخر البلايا المضحكة، ولذلك فإنه قد يكون من الأنسب أن نحول هذه المؤتمرات
الصحفية إلى برنامج أسبوعي ساخر لإضحاك الشعب اعتمادا على المثل العربي القائل بأن
شر البلية هو ما يضحك.
إإن هذا الوزير الذي لا بد أنه قد أضحككم وأبكاكم في مؤتمراته الصحفية الأخيرة، هو نفسه ذلك النائب الذي كان قد أضحككم وأبكاكم في وقت سابق في البرلمان الموريتاني، وذلك عندما وصف الشعب الموريتاني بالشعب المحتال، يضاف إلى ذلك أن هذا النائب كان قد رد الجميل للدائرة التي انتخبته بأن اتخذ منها موقفا عدائيا، وطالب بحرمانها من نائب ثالث!! وكانت آخر المضحكات المبكيات أو آخر المبكيات المضحكات لهذا الوزير هي نظريته الجديدة القائلة بأن تخفيض أسعار المحروقات لا يستفيد منه إلا الأغنياء من أصحاب السيارات.
دعونا نفترض جدلا بأن ارتفاع أسعار المحروقات لا يؤثر سلبا على أسعار السلع الأخرى، ودعونا نفترض كذلك بأن كل ملاك السيارات في موريتانيا هم من الأغنياء، وبأن من يملك سيارة أجرة متهالكة من نوع (R4) أو من نوع (R12) هو من الأثرياء..يمكننا أن نفترض ذلك على أساس أن هذا الشعب قد تم تفقيره في السنوات الأخيرة، وذلك لدرجة أصبح فيها بمقدورنا أن نصنف كل من يملك سيارة، حتى ولو كانت متهالكة، بأنه من الأغنياء.
دعونا نفترض كل ذلك، أي أن سعر المحروقات السائلة لا يؤثر سلبا ولا إيجابا على أسعار السلع الأخرى، وأن الفقير هو ذلك الشخص الذي لا يملك سيارة، ولكن ألا يعلم الوزير الناطق باسم الحكومة بأن الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات، والتي قامت بها الدولة في السنوات الأخيرة قد رفعت من أسعار النقل في جل مقاطعات العاصمة بنسبة 100%، فالفقير القاطن مثلا في مقاطعة "توجنين" كانت تكفيه مائة أوقية للوصول إلى قلب العاصمة ومائة أوقية للعودة إلى منزله. أما اليوم فقد أصبح هذا الفقير يحتاج إلى مائتي أوقية للوصول إلى قلب العاصمة، ومائتي أوقية للعودة إلى منزله.
ولكم أن تتصوروا حال أسرة فقيرة والدها لا يملك سيارة، ويعمل في العاصمة، وله عدة أبناء يدرسون في ثانويات أو في معاهد في قلب العاصمة. فلكم أن تتخيلوا حجم معاناة هذا الفقير، ولكم أن تتخيلوا مقدار فرحته عندما يأتيه الخبر اليقين بأن السلطة قد قررت أن تخفض أسعار المحروقات، وأنها قد قررت أيضا أن تفرض على سائقي سيارات الأجرة أن يعودوا إلى الأسعار التي كانوا ينقلون بها الركاب في عهد الرئيس السابق، وذلك في الفترة التي كان يباع فيها برميل النفط في الأسواق العالمية بسعر يزيد على المائة دولار، ويباع لتر المازوت في أسواقنا المحلية ب304 أوقية. أما اليوم فإن برميل النفط يباع في الأسواق العالمية بما يزيد أو ينقص قليلا عن 30 دولارا، ومع ذلك فإن سعر لتر المازوت يباع في بلادنا ب384 أوقية، أي بثمانين أوقية زيادة على سعره في آخر أيام الرئيس السابق. إن هذا الفارق في سعر لتر المازوت هو الذي جعل سائقي سيارات الأجرة يضاعفوا سعر التذكرة.
إنه لا يمكن لأي كان أن يبرر هذا الفارق في السعر، ولا أن يبرر هذا الاحتيال والنهب الفاضح الذي تقوم به السلطة ضد شعبها، ومن أراد أن يبرر ذلك فعليه أن يعلم بأنه سيكون محل سخرية للناس، وبأنه سيضطر في كل مؤتمر صحفي إلى أن يأتي بنظرية اقتصادية جديدة ستضحك الناس وستبكيهم، وستؤكد لهم من جديد بأن العرب القدماء قد صدقوا عندما قالوا بأن شر البلية ما يضحك.
فليواصل الوزير الناطق باسم الحكومة مؤتمراته الصحفية المضحكة والمبكية في آن واحد، وليواصل إطلاق المزيد من النظريات البائسة، ولتواصل الحكومة نهبها للمواطن من خلال بيع أسعار المحروقات بأسعار خيالية، ومن خلال فرض المزيد من الضرائب والرسوم الجمركية على البضائع وعلى السلع الأساسية مما سيزيد من ارتفاع أسعارها في الأسواق المحلية، فلتواصل الحكومة ذلك فنحن كشعب لا نستحق إلا حكومة كهذه..وهذا مؤتمر صحفي آخر يؤكد لكم تلك الحقيقة.
قبل خمس سنوات، وتحديدا في يوم 26 ـ 01 ـ 2011 نظم وزير البترول والطاقة حينها السيد "وان ابراهيما لمين" مؤتمرا صحفيا في وزارة الاتصال والعلاقات مع البرلمان للتعليق على مشروع مرسوم يعدل بعض ترتيبات المراسيم المحددة للعناصر المكونة لهيكلة أسعار المحروقات في موريتانيا.
لقد قال الوزير في ذلك المؤتمر الصحفي بأن أسعار المحروقات "سيتم تخفيضها في القريب العاجل"، وللتأكد من ذلك فما عليكم إلا أن تبحثوا في أرشيف موقع الوكالة الموريتانية للإنباء. خمس سنوات مرت علينا ونحن ننتظر بفارغ الصبر هذا القريب العاجل الذي سيتم فيه تخفيض أسعار المحروقات، ولكن، وبعد اكتمال السنوات الخمس أطل علينا الوزير الناطق باسم الحكومة في مؤتمر صحفي آخر وقال لنا بأن الحكومة لن تخفض أسعار المحروقات، وذلك على الرغم من تدني أسعارها في الأسواق العالمية.
إننا لا نستحق حكومة غير هذه، ولكي تتأكدوا من ذلك، فإليكم هذه القصة التي نشرتها بعض المواقع والصحف على أساس أنها قصة حقيقية حدثت منذ سنوات في دولة الأرجنتين.
تقول القصة بأن الشعب الأرجنتيني قد استيقظ ذات يوم من الأيام فوجد أن تجار الدواجن والبيض قد اتفقوا جميعهم على رفع سعر البيض، ودون أن يكون هناك أي سبب وجيه لرفع سعره.
لم يكن من المواطن الأرجنتيني إلا أن قرر أن يرد بأسلوب حضاري على هذا السلوك الجشع، فكان كل مواطن يعيد البيض إلى مكانه عندما يقول له صاحب المحل بأن سعر البيض قد زاد عن سعره المعهود.
قاطع الأرجنتينيون البيض وتوقفوا عن استهلاكه حتى تكدس في البقالات، وكانت سيارات توزيع البيض تأتي محملة إلى البقالات بأطباق وأكياس البيض، فتجد أن الكميات التي كانت موجودة بالبقالات لم تنقص، مما يجعلها تعود بحمولتها إلى المخازن.
قرر تجار البيض أن يصبروا قليلا على أمل أن تفشل المقاطعة، وينهزم المستهلك الأرجنتيني، ولكن لا شيء من ذلك حدث، وظلت خسائر التجار تتضاعف بفعل ما تكدس من البيض في الثلاجات والبقالات والمخازن.
قرر التجار أن يعيدوا سعر البيض إلى سعره الأصلي، ولكن ورغم ذلك فإن الشعب الأرجنتيني قرر أن يواصل مقاطعته للبيض ليلقن التجار درسا لن ينسوه أبدا. اضطر التجار لأن يخفضوا سعر البيض عن سعره الأصلي حتى يقللوا من حجم الخسائر، ولكن الشعب الأرجنتيني ظل متمسكا بقرار مقاطعته للبيض.
ولم تتوقف مقاطعة البيض إلا بعد أن أجبر التجار على تخفيض سعره وبيعه بسعر لا يتعدى 25% من سعره الأصلي مع تقديم اعتذار رسمي في الصحف والجرائد تعهدوا فيه للشعب الأرجنتيني بأنهم لن يكرروا مثل ذلك التصرف.
دعونا نفترض جدلا بأن ارتفاع أسعار المحروقات لا يؤثر سلبا على أسعار السلع الأخرى، ودعونا نفترض كذلك بأن كل ملاك السيارات في موريتانيا هم من الأغنياء، وبأن من يملك سيارة أجرة متهالكة من نوع (R4) أو من نوع (R12) هو من الأثرياء..يمكننا أن نفترض ذلك على أساس أن هذا الشعب قد تم تفقيره في السنوات الأخيرة، وذلك لدرجة أصبح فيها بمقدورنا أن نصنف كل من يملك سيارة، حتى ولو كانت متهالكة، بأنه من الأغنياء.
دعونا نفترض كل ذلك، أي أن سعر المحروقات السائلة لا يؤثر سلبا ولا إيجابا على أسعار السلع الأخرى، وأن الفقير هو ذلك الشخص الذي لا يملك سيارة، ولكن ألا يعلم الوزير الناطق باسم الحكومة بأن الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات، والتي قامت بها الدولة في السنوات الأخيرة قد رفعت من أسعار النقل في جل مقاطعات العاصمة بنسبة 100%، فالفقير القاطن مثلا في مقاطعة "توجنين" كانت تكفيه مائة أوقية للوصول إلى قلب العاصمة ومائة أوقية للعودة إلى منزله. أما اليوم فقد أصبح هذا الفقير يحتاج إلى مائتي أوقية للوصول إلى قلب العاصمة، ومائتي أوقية للعودة إلى منزله.
ولكم أن تتصوروا حال أسرة فقيرة والدها لا يملك سيارة، ويعمل في العاصمة، وله عدة أبناء يدرسون في ثانويات أو في معاهد في قلب العاصمة. فلكم أن تتخيلوا حجم معاناة هذا الفقير، ولكم أن تتخيلوا مقدار فرحته عندما يأتيه الخبر اليقين بأن السلطة قد قررت أن تخفض أسعار المحروقات، وأنها قد قررت أيضا أن تفرض على سائقي سيارات الأجرة أن يعودوا إلى الأسعار التي كانوا ينقلون بها الركاب في عهد الرئيس السابق، وذلك في الفترة التي كان يباع فيها برميل النفط في الأسواق العالمية بسعر يزيد على المائة دولار، ويباع لتر المازوت في أسواقنا المحلية ب304 أوقية. أما اليوم فإن برميل النفط يباع في الأسواق العالمية بما يزيد أو ينقص قليلا عن 30 دولارا، ومع ذلك فإن سعر لتر المازوت يباع في بلادنا ب384 أوقية، أي بثمانين أوقية زيادة على سعره في آخر أيام الرئيس السابق. إن هذا الفارق في سعر لتر المازوت هو الذي جعل سائقي سيارات الأجرة يضاعفوا سعر التذكرة.
إنه لا يمكن لأي كان أن يبرر هذا الفارق في السعر، ولا أن يبرر هذا الاحتيال والنهب الفاضح الذي تقوم به السلطة ضد شعبها، ومن أراد أن يبرر ذلك فعليه أن يعلم بأنه سيكون محل سخرية للناس، وبأنه سيضطر في كل مؤتمر صحفي إلى أن يأتي بنظرية اقتصادية جديدة ستضحك الناس وستبكيهم، وستؤكد لهم من جديد بأن العرب القدماء قد صدقوا عندما قالوا بأن شر البلية ما يضحك.
فليواصل الوزير الناطق باسم الحكومة مؤتمراته الصحفية المضحكة والمبكية في آن واحد، وليواصل إطلاق المزيد من النظريات البائسة، ولتواصل الحكومة نهبها للمواطن من خلال بيع أسعار المحروقات بأسعار خيالية، ومن خلال فرض المزيد من الضرائب والرسوم الجمركية على البضائع وعلى السلع الأساسية مما سيزيد من ارتفاع أسعارها في الأسواق المحلية، فلتواصل الحكومة ذلك فنحن كشعب لا نستحق إلا حكومة كهذه..وهذا مؤتمر صحفي آخر يؤكد لكم تلك الحقيقة.
قبل خمس سنوات، وتحديدا في يوم 26 ـ 01 ـ 2011 نظم وزير البترول والطاقة حينها السيد "وان ابراهيما لمين" مؤتمرا صحفيا في وزارة الاتصال والعلاقات مع البرلمان للتعليق على مشروع مرسوم يعدل بعض ترتيبات المراسيم المحددة للعناصر المكونة لهيكلة أسعار المحروقات في موريتانيا.
لقد قال الوزير في ذلك المؤتمر الصحفي بأن أسعار المحروقات "سيتم تخفيضها في القريب العاجل"، وللتأكد من ذلك فما عليكم إلا أن تبحثوا في أرشيف موقع الوكالة الموريتانية للإنباء. خمس سنوات مرت علينا ونحن ننتظر بفارغ الصبر هذا القريب العاجل الذي سيتم فيه تخفيض أسعار المحروقات، ولكن، وبعد اكتمال السنوات الخمس أطل علينا الوزير الناطق باسم الحكومة في مؤتمر صحفي آخر وقال لنا بأن الحكومة لن تخفض أسعار المحروقات، وذلك على الرغم من تدني أسعارها في الأسواق العالمية.
إننا لا نستحق حكومة غير هذه، ولكي تتأكدوا من ذلك، فإليكم هذه القصة التي نشرتها بعض المواقع والصحف على أساس أنها قصة حقيقية حدثت منذ سنوات في دولة الأرجنتين.
تقول القصة بأن الشعب الأرجنتيني قد استيقظ ذات يوم من الأيام فوجد أن تجار الدواجن والبيض قد اتفقوا جميعهم على رفع سعر البيض، ودون أن يكون هناك أي سبب وجيه لرفع سعره.
لم يكن من المواطن الأرجنتيني إلا أن قرر أن يرد بأسلوب حضاري على هذا السلوك الجشع، فكان كل مواطن يعيد البيض إلى مكانه عندما يقول له صاحب المحل بأن سعر البيض قد زاد عن سعره المعهود.
قاطع الأرجنتينيون البيض وتوقفوا عن استهلاكه حتى تكدس في البقالات، وكانت سيارات توزيع البيض تأتي محملة إلى البقالات بأطباق وأكياس البيض، فتجد أن الكميات التي كانت موجودة بالبقالات لم تنقص، مما يجعلها تعود بحمولتها إلى المخازن.
قرر تجار البيض أن يصبروا قليلا على أمل أن تفشل المقاطعة، وينهزم المستهلك الأرجنتيني، ولكن لا شيء من ذلك حدث، وظلت خسائر التجار تتضاعف بفعل ما تكدس من البيض في الثلاجات والبقالات والمخازن.
قرر التجار أن يعيدوا سعر البيض إلى سعره الأصلي، ولكن ورغم ذلك فإن الشعب الأرجنتيني قرر أن يواصل مقاطعته للبيض ليلقن التجار درسا لن ينسوه أبدا. اضطر التجار لأن يخفضوا سعر البيض عن سعره الأصلي حتى يقللوا من حجم الخسائر، ولكن الشعب الأرجنتيني ظل متمسكا بقرار مقاطعته للبيض.
ولم تتوقف مقاطعة البيض إلا بعد أن أجبر التجار على تخفيض سعره وبيعه بسعر لا يتعدى 25% من سعره الأصلي مع تقديم اعتذار رسمي في الصحف والجرائد تعهدوا فيه للشعب الأرجنتيني بأنهم لن يكرروا مثل ذلك التصرف.
إنه علينا أن نتعلم من الشعب الأرجنتيني
إن أردنا أن نجبر الحكومة على تخفيض أسعار المحروقات السائلة، وإن الفرصة لمتاحة
اليوم من خلال حملة "ماني شاري كازوال" التي أطلقتها مجموعة من الشباب والمدونين
والكتاب من مختلف الاتجاهات والمشارب منذ ثلاثة أسابيع. إن هذه الحملة ليست حملة
من أجل مقاطعة المحروقات السائلة، كما توحي بذلك التسمية، حتى وإن كان خيار
المقاطعة المحدودة زمنيا سيبقى قائما. إنها حملة ستستخدم كل وسائل الضغط السلمية
من أجل إجبار الحكومة على خفض أسعار المحروقات السائلة بنسب تتناسب مع انخفاضها في
الأسواق العالمية.
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق