الأحد، 20 أبريل 2025


حرصا منا على تعزيز الشفافية، وسن ترسانة قانونية من شأنها أن تجفف منابع الإثراء غير المشروع، وتَحُدَّ من الفساد، ومشاركة منا في النقاش الدائر حاليا حول استثناء النواب البرلمانيين من التصريح بالممتلكات والمصالح، فإننا نحن المنظمات الموقعة أدناه، لنؤكد على الآتي:


1 ـ ترحيبنا بقرار مؤتمر الرؤساء بالجمعية الوطنية القاضي بتأجيل نقاش مشاريع القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد، آملين أن يشكل ذلك التأجيل فرصة لإدراج النواب في قائمة الموظفين العموميين الملزمين بالتصريح بممتلكاتهم ومصالحهم؛ 


2 ـ أن تصريح النواب بممتلكاتهم ليس إجراءً محليا متعلقا بالشفافية والحكامة فحسب، بل إنه يشكل تجسيدا لالتزامات موريتانيا الدولية التي صادقت عليها (اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، الاتفاقية الافريقية لمنع ومكافحة الفساد)، ومخالفة هذه الاتفاقيات والإخلال بتطبيقها يعتبر خرقا للدستور، وقد يعرض بلادنا لمساءلة دولية، ويقوض مصداقيتها في المحافل الدولية، كما أكد ذلك الخبير القانوني إدريس حرمة بابانا في مقال منشور في العديد من المواقع والمنصات؛


3 ـ أن المشرع الموريتاني إذا ما ألزم النواب بالتصريح بممتلكاتهم ومصالحهم لا يكون قد جاء باستثناء في المنطقة، فأغلب دول الجوار كالمغرب وتونس والجزائر والسنغال، تُلزم النواب بذلك؛


4 ـ  أنه ليس من المناسب أخلاقيا ولا سياسيا أن يتم استثناء النواب من التصريح بممتلكاتهم ومصالحهم، خاصة وأنهم يمارسون سلطة تشريعية ورقابية على الجميع، فمثل ذلك الاستثناء سيضعف كثيرا من مصداقية الجهود المبذولة لمحاربة الفساد؛


لكل تلك الأسباب، فإننا نؤكد على مطالبتنا بإجراء تعديل على مشروع  نص القانون رقم 010 ـ 25 المتعلق  بالتصريح بالممتلكات والمصالح، وذلك لإدراج النواب في قائمة الأشخاص الملزمين بالتصريح بممتلكاتهم ومصالحهم.


نواكشوط : 20 أبريل 2025


تم توقيع هذا البيان على هامش الجلسة النقاشية التي نظمها صالون المدونين، وطرح فيها على المشاركين السؤال: هل يحق للنواب أن يستثنوا أنفسهم من التصريح بالممتلكات والمصالح؟


الموقعون:


1 ـ  الجمعية الموريتانية لتغيير العقليات


2 ـ  منظمة التدخل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية


3 ـ جمعية الصادق للتنمية والصحة وحماية التراث والبيئة


4 ـ  جمعية رجال الغد


5 ـ  منظمة انبط للتنمية الشاملة


6 ـ  المنظمة الموريتانية لمكافحة الهجرة السلبية.


7 ـ  جمعية نور القمر


8 ـ  منظمة بوابة الشمس العالمية الخيرية


9ـ  جمعية العمل من أجل المعوقين في ازويرات


10 ـ  جمعية كنوز لإحياء  الثقافة والتراث


11 ـ  ينبوع اتحاد الحكم الرشيد من اجل التنمية


12 ـ  منظمة طموح وآمال الحقوقية


13 ـ  جمعية الفتح للصحة والتعليم الخيرية


14 ـ  المنظمة الموريتانية للتنمية المستدامة وترقية التعليق


15 ـ جمعية هبة


16 ـ  جمعية اطر وكفاءات من أجل التنمية


17 ـ  التجمع الموريتاني للعمل الاجتماعي   


18 ـ جمعية العمل لعلاج مرضى القلب


19 ـ جمعية خطوة للتنمية الذاتية


20 ـ منتدى 24 ـ 29 للرقابة الشعبية على الأداء الحكومي.

للاستماع للبيان 




السبت، 19 أبريل 2025

النائب كادياتا مرة أخرى!

 


النائب كادياتا:

 - لا يمكن التغاضي عن عمليات ترحيل المهاجرين وجميعهم من لون واحد؛

-  كشفي لحصر الترحيل في الأفارقة دون غيرهم، هو ما جرّ لي اتهامات بالعنصرية؛

- تأكد لدي وقوع انتهاكات بحق المهاجرين غير النظاميين، في مراكز الإيواء؛

- أرى بأن إشادة وزراء خارجية بعض الدول التي تم ترحيل مواطنيها لا يعدو كونه حديثا دبلوماسياً تمليه اللباقة السياسية، ولا يعبّر عن الحقيقة بأي حال.

----

هذه مختصرات من مقابلة النائب كادياتا مع "صحراء 24"، وتؤكد هذه المختصرات بأن النائب انتصرت للمهاجرين المرحلين لأسباب لونية، وتؤكد مرة أخرى بأنها ملكية أكثر من الملك، فهي أشد تعاطفا مع المهاجرين من وزراء خارجية دولهم، فأولئك قد "يتغاضون" عن ظلم المهاجرين، وقد "يجاملون" الحكومة الموريتانية لدوافع دبلوماسية، أما هي فلا تجامل أبدا في حق المهاجرين!!!!

عندما كتبتُ مقالا ردا على بيانها السابق أنبني ضميري، فقد اعتقدت للحظة بأنها ربما تكون قد أخطأت في بيانها ذلك عن غير قصد، وأنها ربما تراجع موقفها مستقبلا، وأكون حينها غير قادر على سحب المقال. أما بعد هذه المقابلة، فقد أيقنتُ أن بيانها السابق أصدرته عن وعي ودراسة دون تسرع، وأن ما جاء فيه هو موقفها الحقيقي.

الآن، أصبحتُ في غاية الارتياح لمسارعتي في نشر ذلك المقال، والذي تجدونه في هذه المدونة. 

الجمعة، 18 أبريل 2025

أليست هذه ازدواجية في التعامل مع المسيئين؟


1 ـ النائب مريم الشيخ والناشط السياسي سيدي ولد الجيلاني مواطنان موريتانيان، كلاهما استخدم عبارات عنصرية مسيئة؛

2 ـ الناشط سيدي ولد الجيلاني أساء إلى المواطن موسى ولد بلال ووصفه ب"العبد"، والنائب مريم الشيخ أساءت لشريحة كاملة، ووصفت البيظان "ببودوات"؛

3 ـ إساءة سيدي ولد الجيلاني كانت عبر مجموعة واتسابية مغلقة ومحدودة الانتشار، وإساءة مريم الشيخ كانت من خلال فيديو منشور على الفيسبوك متاح للجميع مشاهدته؛

4 ـ الناشط سيدي ولد الجيلاني سارع إلى الاعتذار عن إساءته، وحذفها من المجموعة الواتسابية، والنائب مريم الشيخ لم تعتذر عن إساءتها، ولم تحذفها من حسابها؛

5 ـ الناشط سيدي ولد الجيلاني حُكِم عليه بالسجن سنتين نافذتين وغرامة قدرها ثلاثة ملايين أوقية، والنائب مريم الشيخ لم ترفع عنها الحصانة، ولم تحاكم، ولم تعتذر، وإنما اعتذر الرئيس بيرام نيابة عنها وعن غيرها.

هذه المقارنة يمكن أن نوردها في حالات أخرى، فهي تنطبق أيضا على النائب قامو وعلى الناشطة الإيراوية وردة.

شخصيا أدين كل الإساءات، سواءً كانت إساءة لمواطن أو لشريحة، وكل من يسيء يستحق أن يعاقب، ومع ذلك فكنتُ من أوائل المرحبين باعتذار الرئيس بيرام باسم النائبتين، فمن المهم أن نتفادى التصعيد كلما كان ذلك ممكنا، ولكني مع ذلك لا أرى أن التمييز بين المسيئين والإساءات يخدم العدالة وبناء دولة القانون والمؤسسات، فالعفو يجب أن يشمل الجميع، ودون تمييز.

فالناشط السياسي أحمد صمبه، أصبح الآن ضحية للتمييز، ذلك أن إساءته كانت أقل حدة من إساءة النائب مريم الشيخ، فلماذا يبقى في السجن؟ فهل ذنبه الذي يحول دون إطلاق سراحه أنه لا ينتمي لحركة إيرا حتى يعتذر الرئيس بيرام نيابة عنه؟

إني من الذين يقفون بقوة ضد الإساءة لشخص رئيس الجمهورية، فالإساءة إلى شخص رئيس الجمهورية هي إساءة لمنصب رئيس الجمهورية من قبل أن تكون إساءة لشخص الرئيس، ولم يحدث في الفترة التي كنتُ معارضا فيها للنظام أن خاطبتُ الرئيس السابق إلا بأحسن عبارة يمكن أن يُخاطب بها الرئيس، وبطبيعة الحال، فلم يمنعني احترامه ومخاطبته بالرئيس من أن انتقاده بقوة.

إن من واجبنا جميعا أن نحترم رئيس الجمهورية، ولا يمنع ذلك الاحترام  معارضيه من انتقاده وانتقاد نظامه بقوة،  فمنصب رئيس الجمهورية يجب أن يُحمى من الإساءة اللفظية، وهذه ليست حماية لشخص الرئيس، وإنما هي حماية للمنصب نفسه، ويمكنني أن أجزم بأن بعض القادة الذين يطمحون للوصول للرئاسة، والذين ينتقدون اليوم معاقبة من يسيء لرئيس الجمهورية سيدركون أنهم مخطئون عندما يصلون إلى الرئاسة، ولن يترددوا حينها في معاقبة من يسيء إليهم، وليس ذلك حماية لأشخاصهم، وإنما حماية لمنصب رئيس الجمهورية أعلى منصب في الدولة، فحماية هذا المنصب من حماية الدولة.

ختاما

إن العفو الذي استفاد منه البعض يجب أن يشمل الجميع، ولكن من الآن فصاعدا فإنه يجب عدم التساهل مستقبلا مع أي  مسيء، كائنا من كان.

على النظام أن يعمم العفو ليشمل الجميع، وعليه أيضا أن يتعامل  بصرامة مع كل من يرتكب إساءة مستقبلا ضد أي مواطن أو شريحة أو ضد رئيس الجمهورية. 

فلتتوقف الإساءات من الآن، وبعد أن يكون الجميع قد استفاد من العفو.

الخميس، 17 أبريل 2025

نعم لتصريح النواب بممتلكاتهم ومصالحهم


علمنا في "منتدى 24 ـ 29 للرقابية الشعبية على الأداء الحكومي"، أن النواب قد تم استثناءهم من لائحة الموظفين العموميين الملزمين بالتصريح بالممتلكات والمصالح في مشروع القانون رقم 010 ـ 25، والذي سيعرض على التصويت في جلسة علنية يوم الخميس 24 أبريل 2025.

إننا ندعو نوابنا الموقرين، وخاصة في الأغلبية الداعمة لفخامة رئيس الجمهورية، إلى تعديل مشروع القانون، حتى يشملهم، وذلك نظرا للاعتبارات التالية:

1 ـ إن استثناء النواب من التصريح بالممتلكات والمصالح سيعطي انطباعا سلبيا للرأي العام عن جدية أحزاب الأغلبية في دعم الحرب على الفساد التي تعهد بها رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي "طموحي للوطن"، وهو البرنامج الذي صوت عليه النواب، وسوقوه في دوائرهم الانتخابية، وكان مما تعهد به رئيس الجمهورية في ذلك البرنامج: "مراجعة قانون مكافحة الرشوة، لا سيما فيما يتعلق بأحكام تجريم قضايا الرشوة، والتصريح بالممتلكات، وتضارب المصالح، سعيا إلى مواءمتها مع أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال." إن عدم إلزام النواب في بلادنا بالتصريح بالممتلكات، وفي وقت يصرح فيه النواب في المغرب وتونس بممتلكاتهم، سيعني ذلك أن التصريح بالممتلكات في بلادنا لم تتم مواءمته مع أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال، وكما تعهد بذلك فخامة رئيس الجمهورية.

2 ـ إن استثناء النواب من التصريح بالممتلكات والمصالح قد يفسره البعض بأنه يدخل في إطار مقاومة الإصلاح، والتي تحدث عنها فخامة رئيس الجمهورية بشكل صريح في إطار حديثه عن الحرب على الفساد في خطاب التنصيب، وذلك عندما قال: "إننا ندرك أن ما تتطلبه الإصلاحات العميقة من تغيير في المقاربات، والعقليات، والمسلكيات، وآليات العمل، غالبا ما يصطدم بمقاومة اجتماعية وإدارية قوية، ونحن مطالبون جميعا بالعمل على منع هذه المقاومة من كبح ديناميكية الإصلاح أو إعاقتها عن تحقيق أهدافها."

3 ـ إن استثناء النواب من التصريح بالممتلكات والمصالح لا ينسجم مع روح "ميثاق منتدى 24 ـ 29 لمحاربة الفساد"، والذي تبناه حزب الإنصاف في يوم 23 يناير 2025، وتبنته أحزاب أخرى في الأغلبية، فقد جاء في البند الثالث من هذا الميثاق أن الحزب الذي يتبناه سيعمل: "على تعزيز البنية القانونية والتشريعية والقضائية في مجال محاربة الفساد وتعزيز قيم النزاهة، وذلك من خلال اقتراح القوانين ذات الصلة والتصويت عليها".

4 ـ لا يُناسب النواب أخلاقيا ولا سياسيا أن يستثنوا أنفسهم من التصريح بالممتلكات والمصالح، وهم الذين يمارسون سلطة رقابية وتشريعية على الجميع، فبأي منطق يُستثنى النواب من التصريح بالممتلكات، والذي شمل كل المنتخبين من رؤساء جهات وعمد؟ وبأي منطق يستثنون من التصريح بالممتلكات في وقت ستشمل فيه قائمة الملزمين بالتصريح 2231 موظفا عموميا؟

نواكشوط: 16 أبريل 2025

منتدى 24 ـ 29 للرقابة الشعبية على الأداء الحكومي.

الأربعاء، 16 أبريل 2025

كيف تقيم أداء البرلمان الموريتاني في إنابته هذه؟


كيف تقيم أداء البرلمان الموريتاني في إنابته هذه، وذلك مع العلم

1 ـ أن بعض نواب الأغلبية ضغطوا على الحكومة ـ دون اعتراض من بقية زملائهم ـ  لحذف النواب من لائحة الموظفين العموميين الملزمين بالتصريح بالممتلكات والمصالح في مشروع القانون رقم 010 ـ 25، والذي سيصوت عليه النواب في جلسة علنية يوم الخميس 24 أبريل 2025؛

2 ـ أن بعض نواب المعارضة لم يعد له من دور إلا نشر الإساءة والكلام البذيء،  ولا أحد من نواب المعارضة يعترض علنا على ذلك؛

3 ـ أن بعض نواب الأغلبية يظهر خلال فترة إنابته، وكأن المواطن انتخبته للدفاع عن الحكومة والتغطية على أخطائها، بدلا من الدفاع عن المواطن الذي انتخبه؛  

4 ـ  أن بعض نواب المعارضة يخلط بين الغاية والوسيلة، فهو يعتقد أن الغاية من وجوده في البرلمان تتمثل في نقد الحكومة، وأن يظهر أمام الناخب وهو يجلدها بأقسى العبارات، ولا يهمه بعد ذلك أن تصحح الأخطاء أم لا تصحح، بل إن بعضهم لم يتورع عن انتقاد الحكومة والدولة خارج البلد، وهناك من دفعه انتقاد الحكومة لأن يظهر وكأنه ينتصر لمصالح المهاجرين غير الشرعيين أكثر من مصالح المواطن؛

5 ـ الغياب المتكرر لنواب الأغلبية والمعارضة على حد سواء، وقد وصل الأمر إلى أن إحدى الجلسات العلنية المهمة في الدورة البرلمانية الماضية،  لم يحضرها إلا 17 نائبا فقط، من مجموع 176 نائبا، أي بنسبة حضور أقل من 10%. أما الغياب عن اجتماعات اللجان الخمس الدائمة في البرلمان، والتي تتم بعيدا عن الإعلام، فحدث عن كثرة الغياب ولا حرج.

6 ـ التعطيل المستمر لعقوبة الحرمان من تعويض الجلسات التي يتغيب عنها النائب، وهذا إجراء تأديبي منصوص عليه في النظام الداخلي للجمعية، ولكنه لم يطبق ـ ولو لمرة واحدة ضد أي نائب ـ منذ العام 1992، وحتى يوم الناس هذا. لا يقبل النواب أي عملية اقتطاع على التغيب رغم أنهم يتلقون رواتب كبيرة من أعلى الرواتب في البلد، وتوزع عليهم القطع الأرضية في أرقى أحياء العاصمة مع كل إنابة، ويمنحون عطلة سنوية من أربعة أشهر، إذا لم تكن هناك دورة استثنائية، وقلما تكون هناك دورة استثنائية، ومع كل ذلك يبخلون بالحضور للجلسات العلنية، وليس في كل يوم من الدورة البرلمانية جلسة علنية، بل إن الأسبوع قد يمر، وقد يمر الأسبوعان والثلاثة دون أن تكون هناك جلسة علنية واحدة.

سيكون تقييم البرلمان في إنابته هذه هو موضوع الجلسة النقاشية القادمة لصالون المدونين (الأحد 20 أبريل 2025)، وسيفرز بعض المتدخلين في الجلسة من خلال تعليقاتهم على هذه التدوينة، سواء بتعميق إحدى النقاط الموجودة فيها، أو بإضافة نقطة جديدة.

الاثنين، 14 أبريل 2025

هل من خيط فاصل بين حرية التعبير وخطاب الكراهية؟

 


ناقش #صالون_المدونين في حلقته لهذا الأسبوع (الأحد 13 أبريل 2025) إشكالية التداخل بين حرية التعبير وخطاب الكراهية، وتساءلت الحلقة عن " الخيط الفاصل بين حرية التعبير وخطاب الكراهية؟"، مستنطقةً مجموعة من الخبراء والباحثين المهتمين بالشأن العام.

وتعددت مداخلات الحلقة ضمن محاولة الإجابة على السؤال، ورصد مختلف جوانبه الشرعية والقانونية والحقوقية والسياسية والإعلامية.

الحلقة أثارت نقاشا معمقا بين ضيوفها حول حرية التعبير، والحدود الفاصلة بينها مع خطاب الكراهية، وتبيانِ الجهة التي يمكنها أن تصنف خطابا ما بأنه تجاوز دائرة حرية التعبير وأصبح في خانة خطاب كراهية.

وقد اتفق أغلب المتدخلين على أن نقد الواقع، ومناصرة المظلوم، أي مظلوم، هي مهمة يجب أن يقوم بها ويشارك فيها الجميع دون استثناء، مع مراعاة الحكمة، ودون إساءة أو خطاب كراهية أو أي ممارسة للعنف اللفظي ضد الآخر. 

حلقة النقاش استمرت لساعات وفي ختامها أوصى بعض المتدخلين بضرورة تأسيس مرصد مستقل يكون معنيا بحماية حرية التعبير ورصد خطابات الكراهية، وطالبوا بتقديم دروس للتلاميذ في مادة التربية المدنية في مواضيع تتعلق بتعزيز السلم الاجتماعي والعيش المشترك، 

كما دعوا إلى تنظيم الندوات والبرامج التلفزيونية والإذاعية لمناقشة كل المواضيع ذات الصلة بالانسجام الاجتماعي والعيش المشترك، ونبذ التطرف، وخطاب الكراهية، والعنف اللفظي.

#معا_نرتقي_بالحوار

للاستماع إلى المداخلات الرئيسية..👇

مداخة الشيخ سيد أحمد الزحاف

مداخلة المهندس الحقوقي أحمد سالم أحمد دكله

مداخلة الصحفي كيسيما جاكانا

مداخلة الدكتورة خديجة سيدنا

مداخلة الأستاذ محمد الأمين الداه

مداخلة النائب محمد الأمين سيدي مولود

مداخة الإمام حبيب الله أحمد

مداخة المحام جعفر أبيه




الأحد، 13 أبريل 2025

كيف نرفع من مستوى الانتماء الوطني؟


لا علم لي بوجود مؤشر دولي لقياس مستوى الوطنية لدى الشعوب، ولو وُجِد مثل هذا المؤشر، لكان الشعب الموريتاني في أسفل اللائحة، ذلك أن انتماء وولاء حاملِ الجنسية الموريتانية لوطنه يكون في الغالب الأعم انتماءً ضعيفا، إذا ما قورن بانتماء وولاء الآخرين لأوطانهم.

يمكننا القول بأن هناك أسباباً وعوامل عديدة أدت في مجملها إلى ضعف الانتماء الوطني لدى الموريتانيين، ويمكننا أن نُفَصِّل في تلك الأسباب من خلال العودة إلى ثلاث مراحل من تاريخ الدولة الموريتانية، شهدت كل واحدة منها عوائق خاصة بها، حالت دون تعزيز وتقوية الانتماء الوطني لساكنة هذه الأرض.

المرحلة الأولى: فترة الاستعمار

لم يعرف الموريتانيون الدولة بمفهومها الحديث من قبل الاستقلال، فمن المعروف أن الدولة لم تظهر على هذه الأرض قبل مجيء الاستعمار، وبعد مجيء الاستعمار ارتبطت في أذهان ساكنة هذه الأرض بالمستعمر الكافر، ولذا فلم يكن غريبا، أن ينظر ساكنُ هذه الأرض إلى الدولة في ذلك العهد نظرة سلبية جدا، بل عدائية، فاعتبرها دولة كافرة، لا يجوز أن تحظى بأي ولاء أو انتماء من طرفه، بل إن من واجبه، وواجب مجتمعه أن يعاديها، ويعادي مرافقها العمومية القليلة التي أقامتها في فترة الاستعمار كالمدارس مثلا.

لا يمكن في هذه المرحلة من تاريخ البلد أن ننتقد الموريتاني لضعف انتمائه أو ولائه لدولة المستعمر، بل على العكس من ذلك، فذلك الموقف يستحق عليه التقدير والثناء، فالوطنية الحقة تقتضي دائما معاداة دولة المستعمر.

المرحلة الثانية: من ( 1960 ـ 1991)  

 من الناحية النظرية تعدُّ هذه هي المرحلة المثالية في تاريخ البلد، والتي كان من المفترض أن تُزرع فيها بذرة الانتماء الوطني، لتنمو وتثمر في نفس كل موريتاني، ولكن هذه الفترة شهدت ـ للأسف ـ بعض العوائق التي حالت دون نمو تلك البذرة بشكل طبيعي، ويمكن تقسيم هذه العوائق إلى قسمين:

1 ـ العائق الإيديولوجي: لقد تجذرت الإيديولوجيا في نفوس الكثير من الموريتانيين، من قبل أن تتجذر الوطنية في نفوسهم، ولذا فقد أصبح في موريتانيا كادحون وبعثيون وناصريون وإسلاميون من قبل أن يكون فيها موريتانيون، فهرم الانتماء بدأ مقلوبا، حيث غُرست في نفوس الكثير من الموريتانيين بذرة الانتماء الإيديولوجي من قبل أن تغرس في نفوسهم بذرة الانتماء الوطني، أي أن الوعي الإيديولوجي في بلادنا كان سابقا للوعي الوطني، وهذه حالة غريبة من نوعها، ربما تكون بلادنا قد امتازت بها عن بقية بلدان العالم؛

2 ـ  وجود امتداد عرقي خارج حدود البلاد: من المعروف أنه توجد ببلادنا عدة مكونات وأعراق، وأن لكل مكون أو عرق امتداداته الخارجية شمالا أو جنوبا، وتوجد تلك الامتدادات العرقية في دول ظهرت وتشكلت من قبل أن تتشكل الدولة الموريتانية، وهذا كان له أيضا تأثيره السلبي، حيث أدى إلى إضعاف الشعور بالانتماء الوطني للكثير من الموريتانيين، وكانت هناك دعوات صريحة من بعض النخب السياسية قبيل الاستقلال ومن بعده إلى الانضمام لدول قائمة شمالا أو جنوبا، وحتى من بعد اعتراف الجميع بالدولة الموريتانية المستقلة، فمازال هناك بعض الموريتانيين يضع انتماءه لامتداده العرقي الخارجي فوق انتمائه الوطني، ويعتبر أن الشخص الذي ينحدر من نفس العرق أو المكونة أخا قريبا، حتى ولو كان يحمل جنسية بلد آخر، وهو أقرب إليه من أخيه في الوطن، إذا كان ذلك الأخ في الوطن  ينتمي إلى مكونة أخرى، وينحدر من عرق آخر غير عرقه، وهذا مما جعل بعض الموريتانيين من مختلف الأعراق والمكونات يرى بأن تعزيز صلته بامتداد عرقه الخارجي، أولى من تعزيز صلته بإخوته في الوطن الذين ينتمون إلى مكونات وطنية أخرى.

المرحلة الثالثة:  من 1991 إلى اليوم

لقد شكل انطلاق المسار الديمقراطي في بلادنا بداية التسعينيات من القرن الماضي، من قبل تَشَكُّل أحزاب سياسية ونقابات ومنظمات مجتمع مدني تتمتع بالحد الأدنى من المؤسسية، إلى انتعاش الخطاب القبلي والعرقي والجهوي، وإلى العودة إلى القبيلة والعرق والجهة لتعزيز المكانة السياسية، ولاستقطاب أكبر عدد من الناخبين، وفي مرحلة لاحقة انتعش الخطاب الفئوي والشرائحي، وكان لابد له من أن ينتعش، كردة فعل من طرف أولئك الذين لا يستطيعون أن يستنفروا القبائل، فما كان منهم إلا أن استنفروا الشرائح، لتحقيق مكاسب سياسية، ولاستقطاب الناخبين في فترة المواسم الانتخابية.

لقد كان من النتائج السلبية لما عرف عندنا بالمسلسل الديمقراطي ـ وهذه مفارقة مؤلمة ـ أنه أدى في المحصلة النهائية، إلى انتعاش الخطاب القبلي والعرقي والجهوي والشرائحي، على حساب الخطاب الوطني الجامع، فتجذرت وتعززت الولاءات والانتماءات الضيقة بشكل لم تعرفه بلادنا من قبل، وكان ذلك ـ بطبيعة الحال ـ على حساب الانتماء لوطن جامع.

إن المتتبع الفطن لهذه المراحل التاريخية الثلاث، سيستخلص ـ ودون عناء فكري ـ أن الانتماء الوطني لموريتانيا لم يتعزز بشكل كافٍ في أي مرحلة من تلك المراحل المذكورة آنفا، ففي فترة الاستعمار كان من الطبيعي جدا أن يغيب الولاء والانتماء الوطني لموريتانيا المحكومة من طرف المستعمر، وبعد الاستقلال، وفي الفترة التي كان يُفترض فيها أن يتعزز الانتماء الوطني ويبلغ ذروته، ظهرت الأيدولوجيات، فنافس الانتماء لها الانتماء الوطني، هذا فضلا عن التأثير السلبي للامتداد الخارجي للمكونات الوطنية، ومع انطلاق المسار الديمقراطي برزت الانتماءات الضيقة وتجذرت في نفوس الكثير من الموريتانيين بشكل غير مسبوق، كبديل للأحزاب السياسية التي ظلت ضعيفة، وكان لذلك أثره السلبي الكبير على الانتماء الوطني.

يمكن أن نضيف إلى  كل تلك العوائق السلبية غياب الإنجاز لدى الأنظمة الحاكمة المتعاقبة، فلو أنه حصلت إنجازات كبرى خلال العقود الماضية من عمر الدولة الموريتانية، لتعزز الانتماء الوطني بشكل تلقائي، حتى في ظل وجود عوائق كتلك التي تحدثنا عنها سابقا، ولكن المشكلة أن الإنجازات الكبرى غابت، وصاحب غيابها وجود العوائق المذكورة آنفا، وهو ما أدى في المحصلة النهائية إلى ضعف، بل وإلى غياب، الشعور بالانتماء الوطني لدى الكثير من حاملي الجنسية الموريتانية، وتجلَّى غياب ذلك الشعور في حصول انقلاب لدى النخبة الموريتانية  فيما يمكن تسميته بهرم ترتيب المصالح، فهرم ترتيب المصالح الطبيعي هو أن يأتي تحقيق المصلحة الوطنية (المصلحة العامة) أولا، وأن يكون هو الأكثر حضورا في نفوس المهتمين بالشأن العام أثناء ممارستهم لمهامهم أو أنشطتهم ذات الصلة بالمجال العام، ثم تأتي بعد ذلك، وفي الرتبة الثانية، مصلحة الحزب أو المنظمة أو النقابة أو أي تجمع من أي نوع ينخرط فيه من يتحرك في المجال العام، ثم تأتي ثالثا المصلحة الشخصية الضيقة لمن يهتم بالشأن العام.

الحاصل في بلادنا ومنذ عقود، هو أن هناك انقلابا قويا في هرم ترتيب المصالح، فكثير من المهتمين بالشأن العام يضعون مصالحهم الضيقة في قمة الهرم (الرتبة الأولى)، أي أن مصالحهم الشخصية تكون هي الحاضر الأول في تفكيرهم أثناء ممارستهم لوظائفهم الإدارية، أو أثناء تدخلاتهم في المجال العام، ومهما كانت طبيعة تلك التدخلات.

ثم تأتي في الرتبة الثانية، من هرم ترتيب المصالح، مصلحة الحزب أو النقابة أو الجمعية أو أي تجمع ينتمي له من يهتم بالشأن العام، ولأن الانتماء الحزبي والنقابي والجمعوي ضعيف جدا لدى النخب، فقد استبدِلت هذه الانتماءات بالانتماء للمكونة أو القبيلة أو الشريحة، ولذا ففي ترتيب المصالح، فإن مصلحة القبيلة أو الشريحة أو الجهة تأتي في الرتبة الثانية بعد المصلحة الشخصية الضيقة التي تأتي أولا.

وفي الرتبة الدنيا، أي الرتبة الثالثة، تأتي المصلحة الوطنية (المصلحة العامة)، ويعني هذا أن أغلب الفاعلين في الشأن العام يسعون في كل ما يقومون به من تحرك في المجال العام إلى تحقيق مصالحهم الضيقة الخاصة أولا، ويسعون ثانيا إلى تحقيق مصالح قبائلهم أو شرائحهم، وفي الرتبة الثالثة والأخيرة في ترتيب المصالح التي تدفعهم للتحرك في المجال العام، يضعون المصلحة العليا للبلد، ومما لاشك فيه أن هذا انقلابٌ بَيِّنٌ في ترتيب المصالح، وهو يعتبر ظاهرة مرضية في منتهى الخطورة تعانيها النخب التي كنا نتوقع منها أن تقود الإصلاح في موريتانيا، وليست هذه الظاهرة أو العرض المرضي إلا حالة واحدة من 15عرضا مرضيا عددتها في كتاب: "أيها المواطنون الصالحون أنتم المشكلة"، وأدت هذه الأعراض المرضية في مجملها إلى أن النخب الصالحة في موريتانيا أصبحت نخبا بلا فعل إصلاحي، أو على الأصح، بلا أثر إصلاحي على أرض الواقع.

والآن، لنعد إلى السؤال الذي طرحه عنوان المقال: كيف نرفع من مستوى الانتماء الوطني؟

مما لاشك فيه أن هذا سؤال في غاية الأهمية، وقد بات من الملح أن نبحث له عن جواب شاف، ومساهمة مني في البحث عن جواب لهذا السؤال المهم، فإني أتقدم بمقترحين، أحدهما مفصل على مقاس المواطن العادي، والثاني مفصل على مقاس النخب السياسية.

مقترحٌ خاصٌ بالمواطن العادي.

سأقدم هنا مقترحا في ثنايا قصة مواطن أمريكي عادي، أوردتها في مقال: "وماذا قدمتَ أنتَ للوطن؟"، المنشور لأول مرة يوم الأحد الموافق 15 مايو 2011، ثم أعيد نشره في كتاب: "أيها المواطنون الصالحون أنتم المشكلة".

تقول القصة إن مواطنا أمريكيا يدعى "مارتن تربتو"، وُجِد مقتولا في العام 1917 في ساحة المعركة، فيما يعتقد هو أنه كان دفاعا عن أمريكا. لقد دفع الشعور الوطني بهذا المواطن الأمريكي البسيط إلى ترك محل الحلاقة الصغير الذي كان يعمل به، والذهاب إلى ساحة الحرب للدفاع عن أمريكا.
لقد وجدوه مقتولا، ووجدوا معه ورقة كتب عليها: "العهد الذي أخذته على نفسي: يجب أن تنتصر أمريكا في هذه الحرب. سأعمل، سأدخر، سأضحي، سأتحمل، سأحارب وأفعل كل ما بوسعي، كما لو أن الأمر برمته متوقف عليَّ أنا وحدي".
لا يمكن أن نجد للوطنية تفسيرا أبلغ من هذه الكلمات القليلة التي كتبها هذا الأمريكي البسيط، فهل بإمكان أي واحد منا ـ نحن سكان هذه البقعة من الأرض ـ أن يأخذ ورقة ويكتب فيها: "العهد الذي أخذته على نفسي: يجب أن تنتصر موريتانيا في حربها ضد التخلف والفساد والهجرة والمخدرات والبطالة. سأعمل، سأدخر، سأضحي، سأتحمل، سأحارب وأفعل كل ما بوسعي، كما لو أن الأمر برمته متوقف عليَّ أنا لوحدي".
أشك أن فينا من بإمكانه أن يتجرأ بكتابة تعهد كهذا، وأشك أن فينا من يمكنه أن ينفذ هذا التعهد إن تجرأ واتخذه، والسبب في ذلك معروف وهو ضعف الانتماء الوطني لدينا، فهل فينا من يستطيع أن يبدأ من الآن في تعزيز الانتماء الوطني لديه، حتى يكون بإمكانه أن يكتب تعهدا من هذا القبيل، ويعمل ـ بعد ذلك ـ على تنفيذ ما جاء فيه من التزامات وتعهدات؟

حاول ـ وأنا هنا أخاطب كل من سيقرأ هذه السطور ـ أن تعزز في نفسك الشعور بالانتماء الوطني، إلى أن تصل إلى درجة تجعلك قادرا على أن تضع مصلحة موريتانيا في أعلى قمة هرم ترتيب المصالح لديك، وقادرا كذلك على كتابة تعهد تلتزم فيه بتخصيص ساعة ـ على الأقل ـ  من كل أسبوع للخدمة العامة التي لا تنتظر منها مكاسب شخصية.

مقترحٌ خاص بالنخب السياسية

إن المطلوب من النخب السياسية هو أن تغرس بذرة الوطنية في نفوسها أولا، ثم تغرسها من بعد ذلك في نفوس المواطنين، وأول خطوة لتحقيق ذلك تتمثل في أن يكون خطاب النخبة السياسية بمختلف توجهاتها وتخندقاتها خطابا وطنيا جامعا، لا خطابا قبليا أو فئويا أو شرائحيا أو عرقيا أو جهويا.

أذكر أني لما ترشحتُ لمقعد نائب عن دائرة نواكشوط الشمالية في انتخابات مايو 2023، كان أول شيء أقوم به هو أني أطلقتُ قبل الحملة ميثاقا شرفيا من خمسة بنود، ووجهتُ دعوة إلى كل المترشحين في دائرتي الانتخابية لتوقيعه، وكان ذلك من خلال نقطة صحفية نظمتها قبل انطلاق الحملة، وللأسف، فلم يقبل أي مترشح بتوقيعه، ومع ذلك فقد التزمت حرفيا ببنوده الخمسة، وهذا نص الميثاق:

"دعوة لرؤساء اللوائح المتنافسة في نيابيات نواكشوط الشمالية لتوقيع ميثاق شرف انتخابي :

سعيا منا لتنظيم انتخابات نيابية في ولاية نواكشوط الشمالية ذات مصداقية، لا يمكن الطعن فيها، وتعكس الإرادة الحقيقية للناخب، يمتلك فيها الفائز منا شرعية لا يمكن التشكيك فيها، وتحظى باعترافنا جميعا بصفتنا متنافسين في هذه الولاية؛

وسعيا منا كذلك لأن نَسُنَّ سنة انتخابية حسنة في دائرتنا الانتخابية يمكن للدوائر الأخرى أن تستفيد منها، فإننا ندعوكم بصفتكم مترشحين لنيابيات نواكشوط الشمالية إلى توقيع ميثاق شرف انتخابي يتضمن البنود الخمسة التالية:

 1 ـ الابتعاد بشكل كامل عن الخطاب القبلي والفئوي والشرائحي والعرقي، وعن كل ما من شأنه أن يمس بالوحدة الوطنية؛

 2 ـ مقاطعة الاجتماعات والمهرجانات التي يكون فيها الحضور على أساس قبلي أو جهوي أو شرائحي؛

3 ـ رفض شراء الذمم وعدم استخدام أي وسيلة غير شريفة للتأثير على الإرادة الحرة للناخب؛

4  ـ عدم ممارسة أي شكل من أشكال التزوير؛

 5 ـ التركيز خلال الحملة الانتخابية على البرامج، والأفكار، والحوارات، والمناظرات التي من شأنها أن تثقف الناخب، وترسخ الممارسة الديمقراطية في البلد.

 

إن اعتماد ميثاق شرف كهذا، وتوقيعه من طرف المترشحين للانتخابات ـ أي انتخابات قادمة ـ  سيكون ضروريا لضمان وجود مُنْنتَخبين وطنيين، يتبنون خطابا وطنيا جامعا، وذلك لأنهم فازوا في الانتخابات بذلك الخطاب الوطني الجامع، أما من فاز بخطاب قبلي أو شرائحي أو عرقي أو فئوي، فسيكون ولاؤه للقبيلة أو الشريحة أو العرق الذي أوصله إلى ذلك المقعد الانتخابي، أو يكون ولاؤه للمال إن كان المال هو الذي أوصله لذلك المقعد، وليس من المتوقع أن ننتظر من مثل أولئك ولاءً للوطن، ولا أن نتوقع منهم أن يغرسوا قيم المواطنة في نفوس المواطنين الذين صوتوا لهم في دوائرهم الانتخابية.

لقد أصبحت هناك ضرورة ملحة لإطلاق ميثاق شرف قبل أي انتخابات قادمة، يكون التوقيع عليه إلزاميا لكل مترشح، ومن المؤكد أن ذلك سيساعد مستقبلا في تعزيز الخطاب الوطني الجامع، وفي الحد من حضور الخطاب العرقي والقبلي والشرائحي والجهوي، والذي أصبح ـ للأسف الشديد ـ هو الخطاب السائد لدى غالبية النخبة السياسية في البلاد.

 

حفظ الله موريتانيا

الجمعة، 11 أبريل 2025

أين هؤلاء الوزراء الثلاثة؟


تابعتُ مساء اليوم بثا مباشرا من أمام مستشفى التخصصات المعروف محليا ب "طب كوبا" حيث يوجد 32 عاملا  ـ حسب معلومات صحفية ـ تعرضوا فجر اليوم لتسرب غاز "المونياك" من أحد مصانع السمك، مما استوجب نقلهم إلى المستشفى.

يوجد أمام المستشفى أهالي العمال، وكان من المفترض أن يتنقل معالي وزير الصحة إلى المستشفى ليطلع بشكل مباشر على الإجراءات الطبية، ويتابع وضعية العمال عن قرب.

وتابعتُ كذلك ـ وبشكل متزامن ـ بثا مباشرا من أمام مقر خفر السواحل بنواذيبو، حيث  تجمهر أهالي 5 بحارة كانوا على متن زورق اختفى في المياه الإقليمية بعد اصطدامه ليلة البارحة بباخرة.

تابعتُ بثا مباشرا من التجمهر، وكان من المفترض أن ينتقل  معالي وزير الصيد إلى عين المكان، ويتابع عمليات البحث مع خفر السواحل، ويواسي أهالي البحارة المفقودين، نسأل الله تعالى أن يعيدهم إلى ذويهم سالمين. 

حتى السلطات الجهوية في مدينة نواذيبو غابت عن التجمهرين.

ولأن الشيء بالشيء يذكر، فكثيرا ما ننظم في حملة معا للحد من حوادث السير  زيارات لمواقع حوادث سير مميتة، ونواسي ذوي الضحايا، ولم يحدث أن شاهدنا وزيرا للتجهيز والنقل ولا أي مسؤول في الوزارة ينظم زيارة ميدانية لموقع حادث سير مميت أو يعزي ذوي الضحايا.

نتابع هذا الموضوع منذ تسع سنوات، ونحاول دائما أن نتحرك إلى مواقع حوادث السير التي تكون حصيلتها ثقيلة، وكل ذلك على حسابنا في الحملة مع ان جل أعضائها من العاطلين عن العمل، نقوم بذلك دون أي مساعدة من أي جهة حكومية أو خاصة، أي أنه على حسابنا الخاص، ولم يحدث أن صادفنا وجود موظف في الوزارة عند موقع حادث سير.

حتى حادث السير الأخير الذي وقع عند منعرج جوك وتوفي فيه ثلاثة من عمال مؤسسة أشغال صيانة الطرق ETER، وأصيب فيه خمسة آخرون، فحتى هذا الحادث لم يجعل الوزير يتحرك إلى موقعه رغم أن المتوفين والجرحى عمالا في شركة تتبع إلى الوزارة.

فإلى متى سيبقى الوزراء في مكاتبهم عند وقوع مثل هذه الحوادث التي تستدعي تحركهم العاجل؟

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع

،#معا_للحد_من_حوادث_السير

الخميس، 10 أبريل 2025

ماذا يُراد بهذا البيان الغريب في محتواه وتوقيته؟


"في الثالث من أبريل 2025، وبموجب الصلاحيات التي يمنحها الدستور للبرلمان ووفقًا لأحكام النظام الداخلي للجمعية الوطنية، وجهتُ استجوابًا إلى وزير الداخلية واللامركزية والتنمية المحلية. يتعلق هذا الاستجواب بعمليات الطرد الجماعي للأجانب الذين يُعتقد أنهم في وضعية غير قانونية في بلادنا. ووفقًا لشهادات الضحايا، ولمنظمات حقوقية موثوقة مثل الجمعية الموريتانية لحقوق الإنسان
(AMDH)، وعدد من النواب البرلمانيين، فإن عمليات الترحيل هذه تتم مع انتهاكات جسيمة لحقوق المهاجرين، مما يسبب حالة من الإحراج العميق والاستياء لدى دول شقيقة ومجاورة، ويعرض مواطنينا في هذه الدول لخطر الانتقام والمعاملة بالمثل.

إن دافع هذا الاستجواب هو الطابع الاستعجالي والخطورة البالغة للوضعية، التي لا تخلو من تذكيرنا بالأحداث المؤسفة لعام 1989، والتي لا نزال ندفع ثمنها حتى اليوم".

 

كانت تلكم مقدمة بيان صادر في نواكشوط بتاريخ: 09 أبريل 2025، وموقع من طرف النائب كادياتا مالك جالو.

دعونا نتوقف بعجالة عند هذه الفقرة من بيان النائب كادياتا مالك جالو، وذلك من خلال النقاط التالية:

1 ـ  صنَّفت هذه الفقرة من بيان النائب كادياتا ما حدث في الأسابيع الماضية في بلادنا من ترحيل لمهاجرين غير نظاميين "بعمليات الطرد الجماعي".

من المؤسف حقا أن  تستخدم  النائب كادياتا في بيانها عبارة "طرد جماعي" لوصف ما جرى، وذلك في وقت يصف فيه ساسة ونواب ووزراء ورؤساء جاليات الدول المتضررة ما حدث  بأنه ترحيل لمهاجرين غير النظاميين.

 فلماذا كانت نائبتنا الموقرة ملكية أكثر من الملك في بيانها هذا؟ ولماذا أظهرت تعاطفا مع المهاجرين المرحلين أقوى من تعاطف نواب من دول أولئك المهاجرين، حيث لم يتجرأ أحدهم أن يُصَنِّف ما جرى بكونه "طردا جماعيا"؟

2 ـ حددت النائب كادياتا في بيانها الضحايا الذين تعرضوا لعمليات الطرد الجماعي، بأنهم "الأجانب الذين يعتقد أنهم في وضعية غير قانونية في بلادنا". ويمكنكم أن تضعوا أكثر من خط تحت كلمة "يعتقد". لا يستطيع أي سنغالي أو مالي أو أي مواطن من الدول التي رحل بعض مواطنيها أن يدعي بأن المرحلين كانوا في وضعية قانونية. إن كل من تم ترحيلهم مؤخرا من المهاجرين غير النظاميين صرحوا أمام ممثلي جالياتهم، بأنهم قد استوفوا جميع حقوقهم، وأنهم لا يمتلكون إقامة، وكانت الحكومة الموريتانية قد أعطتهم من قبل ترحيلهم مهلة زمنية طويلة جدا لا تعطيها لمواطنيها، وفتحت لهم التسجيل المجاني بصفته أجانب مقيمين لدى الحالة المدنية، وكل ذلك كان من أجل أن يسووا وضعيتهم القانونية، ولكنهم لم يفعلوا.

إن كل هذه الإجراءات هي التي حالت دون التشكيك في قانونية الترحيل من طرف نخب الدول المتضررة، والكل كان يعلم بأنهم في وضعية غير قانونية، وحدها النائب كادياتا لا تستطيع أن تجزم بأنهم كانوا في وضعية غير قانونية، ولذا فقد لجأت إلى استخدام كلمة: "يعتقد" في بيانها، حيث قالت:" الأجانب الذين يعتقد أنهم في وضعية غير قانونية في بلادنا".

3 ـ أظهر البيان أن النائب كادياتا تستقي معلوماتها  عن المهاجرين غير النظاميين المرحلين مؤخرا من بلادنا من ثلاثة مصادر فقط: الضحايا أولا،  والمنظمات الحقوقية الموثوقة ثانيا، مثل الجمعية الموريتانية لحقوق الإنسان (AMDH)، ولكم أن تضعوا أكثر من خط تحت كلمة موثوقة، أما المصدر الثالث فهو "عدد من النواب البرلمانيين".

في مقابل شهادات الضحايا، ومن أجل الحد الأدنى من التوازن في مصادر المعلومات، لم  تأخذ النائب بعض المعلومات من المصادر الرسمية، وإنما اكتفت هنا بشهادات الضحايا فقط. أما بخصوص منظمات المجتمع المدني، فقد تجاهلت النائب البيان الذي أصدره منتدى المجتمع المدني في يوم 28 مارس 2025، ووقعه ممثلو عشرات المنظمات الحقوقية، نذكر من بينها على سبيل المثال: "منظمة نجدة العبيد". يبدو أن كل هذه المنظمات ليست منظمات موثوقة حسب النائب كادياتا.

تجاهل البيان أيضا شهادة رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الانسان الذي نظم زيارات ميدانية لمقر احتجاز المهاجرين غير الشرعيين، وتجاهل كذلك تصريح رئيس الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب في أعقاب زيارته لمراكز احتجاز المهاجرين غير النئاميين في نواكشوط. وكل هؤلاء يعتبرون ـ حسب النائب كادياتا ـ مصادر غير موثوقة، ولا يمكن أن يأخذ بشهادتهم عن ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، ووحدها الجمعية الموريتانية لحقوق الإنسان (AMDH)، والتي ترأسها المحامية  "فاتيمتا أمباي"، هي التي يمكن اعتبارها مصدرا موثوقا، وذلك لأنها أصدرت بيانا قويا يوم 06 مارس 2025، عبرت فيه عن استيائها الشديد مما تعرض له المهاجرون الأفارقة في موريتانيا، وأدانت فيه ـ وبأشد العبارات ـ عمليات: "الاعتقال الجماعي والتعسفي"، و ظروف "الاحتجاز اللاإنسانية" التي تعرض لها المهاجرون في موريتانيا، وأكدت الجمعية في بيانها أن ما ترتكبه موريتانيا في حق المهاجرين يشكل "انتهاكا صارخا للكرامة الإنسانية، وللالتزامات الدولية والإقليمية".

وطالبت الجمعية في بيان 06 مارس بالوقف الفوري "للاعتقالات التعسفية" و"الترحيل القسري للمهاجرين"، ودعت المجتمع المدني وكل المدافعين عن حقوق الإنسان إلى التدخل العاجل ل"حماية كرامة المهاجرين" في موريتانيا.

فقط، وللتذكير، فإن هذه الجمعية لم تعلم حتى الآن بأن الجيش المالي قد ارتكب مجزرة في يوم 9 سبتمبر من العام 2012  في حق تسعة من الدعاة الموريتانيين، حتى تُصدر بيان تنديد أو رسالة تعزية من سطر أو سطرين لضحايا تلك المجزرة، ولم تعلم هذه الجمعية أيضا بأن عشرات الموريتانيين قتلوا في السنوات الأخيرة في مالي حتى تُصدر بيانا لتعزية ذويهم. هذه هي المنظمة الحقوقية الموثوقة، والتي تستقي منها النائب كادياتا المعلومات عن أوضاع المهاجرين في موريتانيا.

أما المصدر الثالث المعتمد لدى النائب كادياتا (عدد من النواب)، فلن أعلق عليه، فأنتم تعرفون من هم النواب المقصودين هنا.

4 ـ توصلت النائب كادياتا، واعتمادا على شهادات المصادر المعتمدة لديها إلى الاستنتاجات التالية :

 ا ـ أن عمليات الترحيل  تتم مع انتهاكات جسيمة لحقوق المهاجرين؛

ب ـ أن ذلك يسبب حالة من الإحراج العميق والاستياء لدى دول شقيقة ومجاورة؛

ج ـ أنه يعرض مواطنينا في هذه الدول لخطر الانتقام والمعاملة بالمثل؛

د ـ أن الخطورة البالغة للوضعية، تذكر بالأحداث المؤسفة في العام 1989، والتي لا نزال ندفع ثمنها حتى اليوم.

هذه هي الاستنتاجات التي توصلت إليها النائب كادياتا في بيانها الغريب في محتواه وتوقيته، وسأكتفي للتعليق عليها بالقول بأن من يحرج حقا الدول الشقيقة والمجاورة هو من يصدر مثل هذه البيانات الغريبة المحتوى والتوقيت، خاصة وبعد أن وصلتنا شهادة في منتهى الإيجابية من رئيس دولة شقيقة كالسنغال، يقول فيها  بأنه  تلقى خلال مباحثات "بناءة" حول أوضاع  السنغاليين في موريتانيا "تطمينات" قوية من شقيقه الرئيس الموريتاني بخصوص تلك الأوضاع ، داعيا في الوقت نفسه مواطنيه المقيمين في موريتانيا إلى احترام قوانين البلد المضيف، ومؤكدا أن الرئيس غزواني كان يُدافع عن مصالح السنغال في ملفات حساسة كانت الحكومة السنغالية تجهل تفاصيلها، مما يعكس قوة العلاقة بين البلدين الشقيقين.

ومن يُحرج حقا الدول الشقيقة، هو من يُصدر مثل هذا البيان الغريب في محتواه وفي توقيته، بعد أسبوع واحد من عزل رئيس الجالية المالية في موريتانيا في خطوة تؤكد أن الجالية المالية ومن ورائها الحكومة المالية أصبحت تتفهم كثيرا ما قامت به الحكومة الموريتانية من ترحيل للأجانب غير النظاميين.

ومن يحرج حقا الدول الشقيقة هو من يُصدر هذا البيان الغريب في مثل هذا التوقيت بالذات، وكأنه أراد أن يبعث من خلاله برسالة في غاية الاستعجال إلى الرئيسين السنغالي والمالي، يقول من خلالها : لقد أخطأت يا رئيس السنغال بحديثك عن "التطمينات بخصوص جاليتكم في موريتانيا"، ولقد أخطأت يا رئيس مالي عندما قبلت بتغيير رئيس جاليتكم في موريتانيا، فمثل ذلك سيفهم منه رضاكم عن تعامل حكومة موريتانيا مع جاليتاكم في بلدنا.

وإن من يعرض مواطنينا في السنغال وفي بقية الدول الأخرى لخطر حقيقي، وإن من يستدعي أحداث 1989 المؤلمة، هو من يصدر مثل هذا البيان الغريب في محتواه وتوقيته، وذلك بعد أن لاحظ الجميع أن النخب في البلدان الشقيقة والمجاورة بدأت تتفهم ما جرى في موريتانيا، وبدأت تلتزم بالصمت حيال ممارسة موريتانيا لحقها السيادي في ترحيل المهاجرين غير النظاميين.

إن النائب كادياتا تقول بلسان الحال من خلال إصدارها لهذا البيان الغريب في محتواه وتوقيته، لنخب الدول الشقيقة التي اختارت السكوت، لم صمتم الآن؟ لماذا لا تعودوا إلى حملتكم ضد موريتانيا تضامنا مع مواطني بلدكم الذين يتعرضون للطرد الجماعي وللانتهاكات الجسيمة لحقوقهم؟

فهل تريدون دليلا على ذلك؟.

إليكم هذا الدليل القوي، والذي أقدمه إليكم من خلال هذا البيان، فهل هناك دليل يمكن أن تنتظروه أقوى من دليل: "وشهد شاهد من أهلها"؟ أليس ذلك دليلا قويا، وخاصة إذا كان الشاهد ليس مواطنا موريتانيا عاديا، وإنما هو نائب مثلي له مكانته المعتبرة في البرلمان الموريتاني؟

حفظ الله موريتانيا


 

الأربعاء، 9 أبريل 2025

لا للتصعيد في المنطقة


 التوتر الحاصل حاليا في العلاقات الجزائرية المالية مقلق جدا، ونرجو أن لا يتطور ويتصاعد أكثر.

لا أدري لماذا يُصَعِّد حكام مالي مع الجزائر، خاصة وأنهم يواجهون تحديات ومشاكل عديدة:

1- التحديات المتعلقة بالانقلاب؛

2- التحديات المتعلقة بإطالة فترة المرحلة الانتقالية ووقف المسار الديمقراطي؛

3- التحديات المتعلقة بعدم الوفاء بتنظيم الانتخابات في العام 2024 كما كان منتظرا، وتجميد الأحزاب السياسية والمنظمات، والقول بأن كل من يطالب بانتخابات في هذه المرحلة هو خائن للوطن؛

4 - التحديات المتعلقة بوجود حركات مسلحة وبخروج أجزاء كبيرة من الأراضي المالية عن سيطرة الدولة المركزية؛

5- التحديات المتعلقة بشبه عزلة إقليمية بعد الخروج أو الطرد من أغلب المنظمات الإقليمية والافريقية؛ 

6- التحديات المتعلقة بقطع العلاقات مع فرنسا وطرد جنودها من مالي، ومما لاشك فيه أن فرنسا لن تدخر جهدا في إيذاء الحاكم العسكري الذي طردها من مالي وأهانها، وفتح المجال لدول أخرى لأن تقوم بنفس الشيء.

هناك تحديات كبيرة يواجهها الحكام في مالي، ومع ذلك فهم لا يترددون في خلق المزيد من العداءات مع دولة جارة وذات وزن إقليمي وتمتلك قوة عسكرية كبيرة جدا (الجزائر).

فلماذا كل هذا الحماس لدى حاكم مالي لخلق المزيد من العداوات في المتطقة؟

هناك من يقول بأنه على موريتانيا أن تتوسط بين الجزائر ومالي، وهذا قول سليم، فموريتانيا هي أفضل من يتوسط بين الدولتين الجارتين والشقيقتين، ولكن المشكلة أن هناك طرفا يريد التصعيد دائما، ولأسباب غير مفهومة، حتى نحن في موريتانيا فإننا لم نسلم  من بعض التصرفات غير الودية، وذلك عندما قتل الجيش المالي العديد من مواطنينا بدم بارد بعد الانقلاب في مالي، وفي وقت كنا قد رفضنا فيه بحزم أن نغلق حدودنا مع الشقيقة المالي، أو أن نشارك في مقاطعة الشعب المالي، وذلك بعد أن أعلنت دول عديدة في المنطقة عن مقاطعة الشقيقة مالي.

نسأل الله تعالى أن يجنب المنطقة أي حرب جديدة، ونرجو أن يخف التصعيد بين مالي والجزائر، وأن يعود الأمن والاستقرار إلى مالي الدولة الشقيقة، فاستقرارها هو استقرار لنا في موريتانيا وفي المنطقة بكاملها.

الثلاثاء، 8 أبريل 2025

لا لخطاب الكراهية

 


استمعتُ إلى رسالة صوتية وجهها الرئيس بيرام إلى نشطاء حركة إيرا، وكنتُ أعتقد أنه سيدعوهم إلى وقف عبارات السب التي أكثروا من استخدامها في الفترة الأخيرة، فإذا بالعكس..

هناك متغيرات من المهم جدا أن تأخذها الحركة وأنصارها  بعين الاعتبار:

1- أن الدعم الخارجي (المنظمات الدولية والدول الغربية) لم يعد كما كان، فأمريكا في عهد ترامب لم تعد معنية أصلا بشعارات حقوق الإنسان الخداعة التي كانت ترفعها في الماضي،  ولا الضغط بها على بعض الأنظمة الحاكمة، والمنظمات الدولية لم تعد تمتلك أدنى ذرة مصداقية بعد الإبادة الوحشية التي تجري الآن والعالم يتفرج، والاتحاد الأوروبي يمر بلحظة ضعف وفقدان البوصلة.

وفرنسا يتراجع نفوذها بشكل سريع في المنطقة، وعلاقات موريتانيا حاليا بالغرب جيدة وكل الأنظمة الغربية تخطب ودها.

اختصارا لهذه الفقرة، فإنه على حركة إيرا أن لا تعول في أيامنا هذه على الغرب والمنظمات الدولية كما كانت تفعل سابقا. ورقة الضغط الدولي محترقة الآن؛

2- هناك مزاج شعبي بدأ يتغير، ولم يعد يقبل بهذه الازدواجية في التعامل مع الإساءات، فإذا كان تجاهل إساءات بعض نشطاء إيرا لبعض المكونات كان مقبولا في الماضي، فاليوم لم يعد مقبولا.

تصوروا مثلا أن النائب داوود ولد أحمد عيشه وصف شخصية من مكونة وطنية أو من شريحة غير شريحته بصرصار؟ لو فعلها لشنت عليه حملة عشواء، ولأصدرت بعض الأحزاب و"المنظمات الحقوقية" بيانات تنديد شديدة اللهجة، ولصنفته تلك المنظمات بأنه عنصري يجب أن ترفع عنه الحصانة ويعاقب بأقسى عقوبة؛

3- كان من المفترض بعد حصول الرئيس بيرام على الرتبة الثانية في عدة انتخابات رئاسية متتالية، أن ينتزع ثوب الشريحة، ويرتدي ثوبا وطنيا جامعا تجد فيه كل المكونات نفسها. لا يمكن لمن يبارك الإساءة لشرائح أو مكونات وطنية، أن يصل إلى الرئاسة؛

4 - من العنصرية كذلك اعتبار بعض المواطنين من الدرجة الثانية، وأنهم ليسوا أهلا لأن يعاقبوا عندما يخالفون القانون.

المساواة يجب أن تشمل الحقوق والعقوبة كذلك في حالة مخالفة القانون.   

نعم للمساواة في الحقوق، ونعم للمساواة في المساءلة والعقوبة.

للاستماع إلى الرسالة الصوتية:



الاثنين، 7 أبريل 2025

أيُّ حوار نريد؟ (الشباب يجيب)


أعاد صالون المدونين في حلقته لهذا الأسبوع (الأحد 06 أبريل 2025) طرح السؤال: "أيُّ حوار نريد؟"، واستضاف لحلقته الثانية المخصصة للحوار بعض النواب والنشطاء الشباب من مختلف الطيف السياسي.


الحلقة افتتحتها ـ باسم الصالون ـ الكاتبة والناشطة الشبابية حياة جبريل، والتي ذكَّرت في كلمتها بالظروف التي انطلق فيها الصالون، منبهة إلى أن الصالون شكل منذ افتتاحه فضاءً للحوار بين المدونين بمختلف آرائهم واتجاهاتهم الفكرية، وبما أن الحديث في هذه الأيام عن الحوار، فقد ارتأى الصالون أن ينظم هذه الحلقة للاستماع  لآراء بعض الشباب حول ملف الحوار المطروح بقوة في هذه الأيام.


الكلمة الرئيسية الأولى في الجلسة كانت للنائب عن اللائحة الوطنية للشباب في حزب تواصل  المرتضى ولد أطفيل الذي أوضح فيها أن هناك أهدافا عامة وأخرى خاصة للشباب من الحوار المنتظر، ومن أبرز الأهداف العامة تعزيز المرجعية الإسلامية،  وحماية الوحدة الوطنية وتقويتها، والانتقال بالديمقراطية من ديمقراطية شكلية إلى ديمقراطية حقيقية، وحكامة رشيدة تحارب الفساد بشكل جدي. 


أما الأهداف الخاصة فهي تتعلق ـ حسب وجهة نظره ـ بإصلاح التعليم بمختلف جوانبه، ومحاربة البطالة.


وفي الكلمة الرئيسية الثانية اعتبرت النائب عن اللائحة الوطنية للشباب في حزب الإنصاف خديجة وان، أن الحوار سنة حسنة، وأن موريتانيا في أمس الحاجة إليه، نظرا لموقعها الجغرافي، وخاصة في هذا الظرف بالذات، وفي جوابها على السؤال أي حوار نريد؟ قالت بأنها تريد حوارا وطنيا جامعا ينبذ التفرقة والتحريض، حوارا يكون الجوهر فيه الوطن بعيدا عن التلاسن والتخوين، تُريد ولو لمرة واحدة أن يكون الوطن هو نصب أعيننا في الحوار المنتظر مبتعدين عن انتماءاتنا السياسية، وأولويات الحوار يجب أن تكون حسب النائب خديجة وان: التعليم، والموروث الثقافي والديني، وترسيخ المواطنة، وتجسيد اللحمة الوطنية والاجتماعية، مع ضرورة إشراك الشباب لأن ذلك هو الرهان الحقيقي.


وفي المداخلة الرئيسية الثالثة عبَّر مسؤول الإعلام في حركة إيرا الناشط السياسي والحقوقي حسن أمبارك أيجه عن قلقهم في المعارضة بخصوص الحوار، الذي يسمعون عنه دون أن يروه، مؤكدا أن الحوار يتطلب تهيئة الساحة له، وأن كل ما يقوم به النظام حاليا هو عكس ذلك، فهو يتجه إلى تأزيم وتوتير الوضع، من خلال سجن النشطاء الحقوقيين والسياسيين والمعارضين.

وقد انتقد مسؤول الإعلام في حركة إيرا في مداخلته سياسة النظام اتجاه الشباب ومحاربة العبودية وترخيص الأحزاب، مؤكدا أن الحوار المطلوب عندهم في المعارضة يجب أن يختلف عن الحوارات السابقة، أي أن لا يكون شكليا، وأن يناقش جميع القضايا الكبرى، ويبحث لها عن حلول، وأن تكون هناك مصارحة قبل المصالحة، مع ضرورة إلزام جميع الأطراف بتنفيذ مخرجاته، وأن يتم تشكيل  هيئة مستقلة للإشراف على تنفيذ تلك المخرجات.


وفي آخر مداخلة رئيسية في الجلسة النقاشية قال الناشط الشبابي إبراهيم يسلم الأمين العام لتيار أبناء الوطن بأن الشباب الموريتاني إما "حاضرا ميتا" أو "ميتا حاضرا"، فهو حاضر بالكثرة ـ حسب الأمين العام لتيار أبناء الوطن ـ لأن نسبته في المجتمع تتراوح ما بين 65 إلى 70% من المجتمع، لكنه ميت بغيابه وتهميشه، فعلى مستوى المعارضة فإن أقصى منصب سياسي يمكن أن يصل إليه الشاب في المعارضة هو أن يكون رئيس المنظمة الشبابية لحزبه، مع أن كل أنشطة الأحزاب يقوم بها الشباب من توعية وتحسيس، وإلى غير ذلك من الأنشطة. أما الشباب في أحزاب الموالاة ، والذي لا يمتلك القدرة في الدفاع عن النظام الذي ينتمي إليه حسب المتحدث، فأقصى طموح للشاب هناك هو أن يُمنحَ وظيفة من قبيل مستشار أو نائب مدير.  وقد ختم  الناشط إبراهيم مداخلته بالتذكير بأن الحوارات الأربعة الأخيرة التي نُظمت في موريتانيا منذ العام 2009 وحتى اليوم، غُيب عنها الشباب، مطالبا بضخ دماء شبابية في الحوار المنتظر.

بعد انتهاء المداخلات الرئيسية توالت مداخلات الحضور من الشباب المشارك في الجلسة النقاشية، وكانت المداخلات متنوعة ومتشعبة، وكان من بين المتدخلين من طالب بتعيين بعض الشباب مع المنسق الوطني للحوار، لأن الشباب هو الذي يعرف مشاكل الشباب، ولأنه بالإضافة إلى ذلك يمثل 70% من المجتمع.