من الأشياء التي
تؤلمني، أنا الذي أسمع دوما رؤساء بلدي وهم يقارنون بين بلدنا والدول المجاورة، أن
السنغال الدولة المجاورة لنا لم تشهد في كل تاريخها انقلابا عسكريا واحدا بينما
شهدنا نحن انقلابات كثيرة، ولا زلنا ننتظر المزيد منها.
فلماذا لم تشهد دولة
السنغال انقلابا واحدا في كل تاريخها ولماذا شهدنا نحن عددا كثيرا من الانقلابات
الناجحة والفاشلة؟
سؤال يمكن أن نبحث له
عن إجابة في وقت آخر، لكن الآن دعونا نستخلص بعض الدروس السريعة من الانتخابات
الرئاسية السنغالية.
الدرس الأول:
إن في السنغال شعبا وإن
في موريتانيا ....
هناك مقولة تقول بأن
جيشا من الأرانب يقوده أسد، خير من جيش من الأسود تقوده أرنب، والخطأ في هذه
المقولة التي يرددها الكل دون أن يتأملها هي أنه لا يمكن لجيش من الأسود أن يقوده
أرنب (هذا الخطأ من اكتشافي وأرجو من المعارضة الموريتانية أن لا تسرقه).
إن الشعب السنغالي ظل
يثبت دائما بأنه ليس قطيع أرانب، فهذا الشعب هو الذي جاء بواد إلى السلطة يوم كان "واد"
أسدا، وهو الذي طرده من الرئاسة عندما أراد أن يتحول إلى أرنب، وأن يخلد في السلطة
حتى يورثها لأبنه.
الدرس الثاني:
إن في السنغال نخبة
سياسية وإن في موريتانيا....
قد نستغرب نحن الموريتانيون
أن جميع المرشحين في الانتخابات الرئاسية قرروا أن يدعموا وبقوة المرشح "ماكي
صال" في الشوط الثاني، ودون أن يطلبوا منه مقابلا لذلك الدعم.
لقد أحسوا بأن بلدهم
يمر بلحظة تاريخية فاصلة، لذلك فلم يقبلوا بعروض الرئيس "واد"، وإنما التفوا حول المرشح "ماكي صال" .
كان عليهم أن يجبروا "واد" على الرحيل لأن عدم رحيله قد يدخل السنغال في
فوضى كبيرة، وفي انتكاسة خطيرة لديمقراطيتها. لقد شكل يوم 25 مارس 2012 فرصة
تاريخية للسنغال ولديمقراطيته، ولم تضيع النخبة السياسية في السنغال تلك الفرصة،
عكس ما حدث معنا نحن في نفس اليوم من مارس من العام 2007.
لقد شكل يوم 25 مارس
2007 ، والذي جرى فيه الشوط الثاني من الانتخابات الرئاسية بين المرشح "سيدي
ولد الشيخ عبدالله" والمرشح "أحمد ولد داداه" فرصة تاريخية في
موريتانيا، لم تستغلها نخبنا السياسية التي اختارت أن تساوم من اجل مكاسب حزبية
وشخصية بدلا من استغلال لحظة تاريخية
فاصلة قد لا تتكرر أبدا.
الدرس الثالث:
إن في السنغال من
يمتلك الشجاعة ليعترف بالخسارة حتى ولو كان رئيس البلاد، وإن في بلادنا من قد يلجأ
للخيال وللسحر لتبرير هزيمته.
هذه ليست هي كل الدروس
التي يمكن استخلاصها من الانتخابات السنغالية فهناك دروس أخرى قد نعود لها في وقت
لاحق.
تصبحون وأنتم تقدمون
الدروس للآخرين....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق