يمكننا أن نستنتج ودون مشقة تذكر بأن الحزب الحاكم قد فشل فشلا ذريعا في
المهام الموكلة إليه، ويكفينا من الأدلة على ذلك الفشل بأن نلقي السمع لما يقوله
الوزراء عن الحزب الحاكم، أو أن نسترق النظر لما يكتبه العبد الفقير صاحب
الوزارتين السيد المختار ولد اجاي على صفحته في الفيسبوك.
يقول العبد الفقير صاحب الوزارتين في آخر منشور له
" ..وعليه فأنا أتفق
مع بعضكم أنه يحسب على الحزب ( المقصود هنا هو الاتحاد من أجل الجمهورية) فشله في
ترسيخ الثقافة الديمقراطية في اختيار قياداته وفي إدارة هيئاته. لا يمكن أن نتجاهل أن الآجال القانونية لتجديد
هيئات الحزب قد تم تجاوزها. وأن آلية انتخاب الهيئات الحالية فيها الكثير مما
يقال. وان غالبية الهيئات القاعدية مشلولة إلي حد كبير
.لقد فشل الحزب أيضا
وكما ذكر بعضكم في بلورة خطاب سياسي قوي يترجم أهداف وأسس المشروع المجتمعي الذي
يتبناه فخامة رئيس الجمهورية للنهوض بالبلاد.."
يمكننا من خلال هذه الفقرة أن نحدد مظاهر فشل الحزب الحاكم، وكما يراها
صاحب الوزارتين في النقاط التالية:
1ـ الحزب الحاكم فشل في ترسيخ الثقافة الديمقراطية في اختيار قياداته وفي إدارة هيئاته.
1ـ الحزب الحاكم فشل في ترسيخ الثقافة الديمقراطية في اختيار قياداته وفي إدارة هيئاته.
2 ـ آلية انتخاب الهيئات فيها الكثير مما يقال.
3 ـ غالبية الهيئات القاعدية مشلولة إلى حد كبير.
4 ـ الحزب فشل في بلورة خطاب سياسي
هذا عن فشل الحزب الحاكم، أما عن فشل الحكومة فإنه علينا لتأكيده أن نترك
الفيسبوك، وأن نذهب إلى تويتر حيث يغرد رئيس الحزب الحاكم، والذي لم يعد يملك من
دليل على أنه يرأس الحزب الحاكم غير تعريفه الذي كتب على حسابه على تويتر والذي
كان قد فتحه بعد أربعة أيام فقط من تشكيل لجنة إصلاح الحزب. في حساب رئيس الحزب
الحاكم سنجد تغريدات قد لا تكون صريحة في نقد الحكومة، ولكن إذا ما أردنا صراحة
أكثر فما علينا إلا أن نسترق السمع لما يقوله النواب سرا وعلانية، وخاصة منهم :
الخليل ولد الطيب ومحمد ولد عيه ومحمد ولد ببانه.
فبتتبع ما ينشره صاحب الوزارتين على صفحته في الفيسبوك، وما يغرد به رئيس
الحزب الحاكم على حسابه في تويتر، فإنه يمكننا أن نستنتج بأن الحزب الحاكم هو حزب
فاشل حسب صاحب الوزارتين، وبأن الحكومة هي حكومة فاشلة حسب رئيس الحزب والنواب،
وإذا ما جمعنا بين القولين، أي بين ما يقوله الوزراء عن الحزب وما يقوله النواب عن
الحكومة، فسنجد بأن الحكومة والحزب قد حكم عليهما بالفشل الذريع ليس من طرف المعارضة
أو المواطنين العاديين، بل من طرف قادة الموالاة : وزراء ونواب.
هذا الاستنتاج يمكن أن يقودنا إلى استنتاج آخر وهو استنتاج أخطر، وخلاصته
أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز قد فشل في مهامه، وهذا ما تجنب قادة الموالاة من
وزراء ونواب أن يقولوه بصريح العبارة.
فمن قول صاحب الوزارتين يمكننا أن نستنتج بأن الواجهة السياسية للرئيس
محمد ولد عبد العزيز، أي الحزب الحاكم، هي واجهة فاشلة، ومن قول النواب فإنه يمكننا
أن نستنتج بأن الجهاز التنفيذي للرئيس محمد ولد عبد العزيز هو جهاز فاشل، ويعني
هذا في المحصلة النهائية بأن نظام ولد عبد العزيز هو نظام فاشل، فبفشل الواجهة
السياسية والجهاز التنفيذي لأي نظام، فإنه يمكننا الحكم على ذلك النظام وعلى رئيسه
بالفشل الذريع.
حتى الرئيس محمد ولد عبد العزيز فهو يرى أيضا بفشل نظامه، أي بفشل حكومته
وحزبه الحاكم، ويمكن أن نستنتج ذلك من خلال تصرفاته وتعامله مع الحكومة والحزب.
في مطلع العام 2018 نظم رئيس الحزب الحاكم حفل عشاء على شرف الكتلة
البرلمانية للحزب، وقد غاب عن هذا الحفل الأمين التنفيذي المكلف بالعمل البرلماني،
وهو الشخص الذي كان يفترض حضوره من قبل أي شخص آخر، الشيء الذي يمكن أن يعطيكم
صورة عن حجم الخلاف بين الحكومة والحزب. المهم أن عددا من النواب انتقد وبشكل حاد
الحكومة خلال ذلك الحفل.
بعد ذلك بأقل من ثلاثة أسابيع، وتحديدا في يوم 17 يناير 2018، وبينما كان
الحزب الحاكم ونوابه ينتظرون إقالة الحكومة أو إجراء تعديل في تشكيلتها على الأقل،
فإذا بالرئيس يعلن عن لجنة حكومية لإصلاح الحزب الحاكم، وقد تضمنت طبيعة هذه
التشكيلة وتوقيت الإعلان عنها رسائل سياسية صريحة جدا، ويمكن تلخيص تلك الرسائل في
الأتي:
الرسالة الأولى : أيها النواب إني لا أقيم لكم وزنا..لقد أعلنتم عن تذمركم من الحكومة، فإليكم ردي: لقد
شكلت لجنة لإصلاح حزبكم، ولم أجعل من بين أعضائها أي نائب واحد. وحتى تفهمون بأني
لا أقيم لكم وزنا، فقد استثنيتكم كمنتخبين، واخترت عمدتين لعضوية اللجنة، أحدهما هو
صديقي المقرب، والثاني هو عمدة صاعد تم تعيينه منذ وقت قريب جدا أمينا عاما لوزارة
الداخلية، فعضوا في لجنة إصلاح الحزب، فرئيسا للجنة الإعلامية.
الرسالة الثانية : أيها الحزب
إني لا أقيم لك وزنا، وإني لأبخل على هيئاتك الحزبية بأن تتولى مهمة إصلاحك
من الداخل..حتى رئيس الحزب فقد جعلته مجرد عضو من الدرجة الثانية في لجنة إصلاح الحزب، وهو يخضع لرئاسة وزير
الدفاع، وحتى اللجان المنبثقة عن هذه اللجنة : لجنة الإعلام ولجنة الانتساب فقد
حرمته من رئاسة أي منهما.
الرسالة الثالثة: أيها الوزير الأول إني لا أقيم لك وزنا، وإني لن
أستشيرك في أسماء الوزراء الذين سأختارهم من بين أعضاء حكومتك لإصلاح الحزب..بل
أكثر من ذلك فإني لن أختار من الوزراء إلا أولئك الذين هم في خصومة معك، وذلك حتى
يعلم وزراء حكومتك بأن دخولهم في حرب معك قد يكون هو أقصر طريق لنيل رضاي وتقديري.إني
وبالمختصر المفيد لا أريد حكومة منسجمة فيما بينها.
الرسالة الرابعة: إلى لجنة إصلاح الحزب..إني لا أقيم لك وزنا، وإني لست
جادا في إصلاح الحزب، ولو كنت جادا في إصلاح الحزب لما اخترت تلك التشكيلة ولا
أولئك الوزراء لعضويتها، فهم لا خبرة لهم في السياسية، وهم بالإضافة إلى ذلك يتولون
التسيير الشكلي لقطاعات فنية لا علاقة لها بالسياسية، ولو كنت جادا في الأمر
لاخترت وزراء يديرون قطاعات لها صلة بالعمل السياسي، كقطاع الشباب أو الإعلام أو
المرأة أو العدل أو...
لقد فشلتم في قطاعاتكم الوزارية المسندة إليكم، ولهذا فقد اخترتكم في
مهمة بعيدة تماما عن مهامكم الموكلة إليكم، وذلك لأني أريدكم أن تفشلوا أيضا في
هذه المهمة الجديدة الموكلة إليكم كما فشلتم في مهامكم السابقة، فأنا لا أريد
إصلاح الحزب، ولا أريد إصلاح الحكومة ..إني أريد أن أبقى رئيسا بجهاز تنفيذي ضعيف،
وبواجهة سياسية أكثر ضعفا.
ختاما
إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز بلا أغلبية داعمة، وإن الأغلبية الداعمة،
أو على الأصح الموالاة بلا رئيس...إننا أمام رئيس مرتبك وموالاة مريضة كما قال أحد
نواب الحزب الحاكم، ولكن كل ذلك لا يعني بأن المعارضة على أحسن حال، أو أنها بخير.
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق