هناك حرب شوارع حقيقية
تكبدنا في كل يوم خسائر مادية وبشرية، ومع ذلك لا أحد يهتم بهذه الحرب، ولا أحد
يتحدث عنها، ولا أحد يعمل من أجل التقليل من حجم خسائرها المؤلمة.
إننا نعيش حرب شوارع
حقيقية، ولكي تتأكدوا من ذلك فإليكم هذه الأرقام المقلقة، وهذه القصص المؤلمة.
أرقام مقلقة
فيما بين العام 2003 و2015
وقع على الأراضي الموريتانية وفق الإحصائيات الرسمية ما يزيد على مائة ألف حادث
سير (تحديدا 103301)، وسقط خلال هذه الفترة 37.509
جريحا و 2669 قتيلا بسبب حوادث السير.
وإذا ما تحدثنا بلغة
المتوسطات الإحصائية فسنجد بأنه ووفقا لهذه الأرقام الرسمية فإنه في كل يوم
يقع على الأراضي الموريتانية 22 حادث سير، أي أنه يقع حادث سير كل ساعة وست دقائق،
ويصاب في كل يوم 8 أشخاص بجروح بسبب حوادث السير، أي أنه في كل ثلاث ساعات يصاب
شخص ما بجروح بسبب حادث سير، وفي كل 42 ساعة، أي في أقل من يومين يموت
موريتاني بسبب حادث سير.
ألا تقلقكم هذه الأرقام
المخيفة؟ إذا لم تقلقكم هذه الأرقام المخيفة فعليكم أن تعلموا بأن الرقم 2669 ليس
مجرد رقم عادي إنه يمثل بشرا من لحم ودم، رحلوا عن دنيانا الفانية بسبب موت مفاجئ
في حادث سير من المائة ألف حادث سير التي وقعت في الفترة المذكورة. وعليكم أن
تعلموا بأن كل واحد من الرقم 2669 ترك خلقه قصة حزينة مليئة بالدموع وربما حوت تلك
القصة مشاكل نفسية لبعض الأقارب . وعليكم أن تعلموا أيضا بأنه وراء كل جريح من
الثلاثين ألف جريح ( والتي قد تعتبرونها مجرد رقم عابر) معاناة ومستشفيات قد تفقر
أسرا، وربما يأتي من بعد ذلك كله عاهة مستديمة أو وفاة للجريح.
قصص مؤلمة
(1)
رب أسرة يعمل بالعاصمة
نواكشوط يتصل في صباح اليوم الذي يسبق عيد الأضحى بزوجته وبأولاده في مدينة
النعمة، ويخبرهم بأنه قادم إليهم في سيارة نقل، وبأنه سيصلي معهم صلاة العيد.
الأولاد يطلبون من الوالد أن يشتري لهم لباس العيد، والوالد يؤكد لهم بأنه قد
اشترى لهم لباس العيد.
في الساعة السادسة من مساء
نفس اليوم يرن هاتف الزوجة، ويظهر رقم هاتف الزوج على الشاشة، الأولاد يتسابقون
إلى الهاتف وكل واحد منهم يريد أن يرد، الابن الأكبر يستولي على الهاتف بعد أن كسب
المعركة، ويبدأ في الرد. المتصل لم يكن صوته مألوفا للابن، ويطلب بصوت آمر من
الطفل أن يسلم الهاتف لمالكه. الزوجة تأخذ الهاتف، وتبدأ في الرد. صوت غير مألوف
يقول : لقد كان رقم هاتفكم هو آخر رقم يتصل به مالك هذا الهاتف ..يؤسفني أن أقول
لك بأن مالك هذا الهاتف قد توفي منذ دقائق بسبب حادث سير ناتج عن السرعة التي كان
سائق سيارة الأجرة يقود بها سيارته.
(2)
عائلة منحدرة من
ولاية ألاك وتقطن بمدينة نواذيبو و تتكون من أب وأم وثلاثة أطفال. هذه العائلة
تقرر الذهاب إلى مدينة ألاك لقضاء موسم الخريف في إحدى القرى المجاورة للمدينة. في
المقطع الفاصل بين واد الناكة وبوتلميت تنقلب السيارة بسبب حفرة. جميع الركاب
يتوفون على الفور باستثناء أحد الأبناء والذي سيعاني مستقبلا من مشاكل نفسية بسبب
صدمة الفاجعة.
(3)
سيدة أربعينية مطلقة وأم
لأربعة أبناء، تعيل أسرتها من خلال بيع "كسكس والعيش" أمام بقالة تقع في
حي بوحديدة بمقاطعة توجنين. في إحدى الليالي تحمل هذه السيدة بضاعتها وتذهب
كعادتها إلى البقالة، وبعد دقائق من وصولها تصدمها سيارة مسرعة انحرفت عن الطريق
بسبب الحركات الجنونية والطائشة التي كان يقوم بها الشاب المتهور الذي كان يقود
السيارة.الحادث يتسبب في وفاة هذه السيدة التي ستحمل رقم 3 في سجل الضحايا الذين
تسبب هذا الشاب في قتلهم في حوادث سير متفرقة كانت كلها نتيجة للحركات الجنونية
التي تعود هذا الشاب أن يقوم بها أثناء قيادته لسيارته.
(4)
رب أسرة خمسيني يمارس مهنة
النقل بين المدن، وكان قد اشترى سيارة "رينو" بعد حصوله على قرض من عند
أحد الأقارب. في إحدى سفرياته بين المدن انقلبت سيارته عدة مرات بسبب الاصطدام
بناقة كانت تسير على الطريق. السيارة تحولت إلى خردة، ومالكها خرج من الحادث
بعاهة مستديمة.
هذه القصص هي مجرد قصص
متخيلة لا تمثل حالات محددة، ولكن وعلى الرغم من ذلك فإنه لا يمكن القول بأنها
مجرد قصص متخيلة، وذلك لأن حدوث مثل هذه القصص يتكرر باستمرار مع تغير يسير في بعض
التفاصيل، فكم من أسرة فجعت بسبب حادث سير في أب كانت تنتظر بفارغ الصبر قدومه؟
وكم من أسرة توفي عدد من أفرادها في حادث سير؟ وكم من شخص خرج من حادث سير بعاهة
مستديمة؟ وكم من شخص آخر كان يمشي أو يقف بجانب الشارع فإذا به في المستشفى
بعد أن صدمته سيارة كان يقودها صاحبها بسرعة
جنونية؟
إن هذه الأرقام المقلقة وهذه
القصص المؤلمة لتستوجب منا جميعا أن نفعل شيئا ما، أي شيء، من أجل الحد من حوادث
السير، والتي تحولت بالفعل إلى حرب شوارع حقيقية تتسبب في كل يوم أو في كل يومين
في سقوط جرحى وقتلى.
في السابع من أغسطس من
العام 2017 سينطلق الموسم الثاني من حملة #معا_للحد_من_حوادث_السير.
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق