لم أكن أتوقع أن مدير
التلفزيون الحالي سيصر على احتجاز الحلقة الثانية من برنامجي "خطوة إلى
القمة"، وهو البرنامج الذي بذلت وقتا وجهدا كبيرا من أجل إعداده، وذلك حتى
أقدم مادة مفيدة لجمهور طويل وعريض طالما انتظر أن تقدم له "تلفزيونه"
شيئا مفيدا.
لم أكن أتوقع بأن السيد
المدير "المدير" سيرفض بث تلك الحلقة، وسيوقف ـ بالتالي ـ برنامجا كان سيشكل
قطعا إضافة نوعية للبرامج الرتيبة لتلفزيون الأغلبية.
لم أكن أتوقع ذلك،
فالبرنامج ليس برنامجا سياسيا حتى يمنع بثه، بل هو برنامج متخصص في التنمية
البشرية، ويناقش قضايا مرتبطة بتنمية وتطوير الذات تهم الكل، خاصة شريحة الشباب،
لذلك فلم يكن من الحكمة بالنسبة للنظام أن يوقف هذا البرنامج في مثل هذا الوقت الذي عجزت فيه تلفزيون
الأغلبية عن أن تقدم شيئا يشغل الشباب ـ ولو لدقائق معدودة ـ عن تأمل مساوئ نظام
خيب آمال الشباب من قبل أن يخيب آمال "العجزة المفسدين".
لم أكن أتوقع أن يوقف
مدير تلفزيون الأغلبية برنامج "خطوة إلى القمة"، ليس لأني عرفته في
الماضي متحمسا لكل ما يمكن أن يفيد البلد، بل لأني كنت أعتقد بأنه على مستوى من
الذكاء يمكنه من أن يعرف أهمية بث مثل هذا البرنامج في مثل هذا الوقت، له شخصيا،
ولتلفزيونه، ولنظامه الحاكم.
ولكن ما دام البرنامج
قد تم إيقاف بثه، فلا بأس هنا من أن أشكر للمرة الثانية المدير السابق الذي كان قد
سمح ببثه، ولا بأس أيضا من تسجيل الملاحظات التالية:
1 ـ أود في البداية أن
أشكر المدير "المدير" لأنه أوقف بث البرنامج، وبالتالي فقد أعفاني من أي
التزام أخلاقي أمام تلفزيونه، والتي كنت أعتبرها "صاحبة احتياج خاص" على
جميع الموريتانيين أن يتطوعوا لإنقاذها، كل حسب قدرته وإمكانياته. ولأن المدير لم
يسمح لي بالتطوع لصالح التلفزيون فقد أصبح من حقي أن أبحث عن تلفزيون آخر أكثر
"احتراما" لتقديم برنامج "خطوة إلى القمة"، وأعِدُ المدير بأن
البحث لن يطول، فليست كل القنوات التلفزيونية كتلفزة الأغلبية التي لا تقدر مثل
هذا النوع من البرامج الذي تنفق القنوات الأخرى مالا كثيرا في سبيل الحصول عليه.
2 ـ أطلب من المدير
أن يشاهد الحلقة الثانية من البرنامج المحتجزة في مكتبه، والتي تحمل عنوان
"الالتفاتة القاتلة"، وذلك لكي يعلم بأني لن ألتفت إلى الوراء، ولن أتبع
أساليب كنت قد رفضتها في الماضي، ولن أطرق بابه خلف أي وساطة مهما كانت طبيعتها
لكي يسمح لي بتقديم البرنامج، ذلك أسلوب لن أتبعه، لا معه، ولا مع غيره.
3ـ أرجو من المدير أن
يتدبر الرسالة التي حاولت الحلقة المحتجزة في مكتبه أن تبعثها للمشاهدين، والتي
مفادها أن السجاد الأحمر لا يبسط في العادة للمشاريع الهامة في بداية انطلاقها،
لذلك فلا غرابة أن يكون طريق برنامج "خطوة إلى القمة" مليء بالأشواك في
الوقت الذي يبسط فيه السجاد الأحمر لكل البرامج التلفزيونية التافهة.
4 ـ لقد طلب مني
العديد من المسؤولين السامين بأن أخفف من نقد النظام فيما أكتب مقابل السماح ببث
البرنامج، ولقد قلت لأولئك بأنه لا مجال للربط بين البرنامج وما أكتب، فالبرنامج
عمل مستقل، يجب أن يقيم بشكل مستقل بعيدا عن رأي معده ومقدمه، فإن كان البرنامج
مفيدا كان من الواجب تقديمه بغض النظر عن معده ومقدمه، أما إن لم يكن كذلك فيجب أن
لا يسمح بتقديمه. والآن أضيف لأولئك بأنه كان من الأفضل لهم أن يكونوا قد سمحوا لي
بتقديم البرنامج في تلفزيونهم، لأن ذلك كان سيعطي لتلفزيونهم مصداقية هو بحاجة ماسة
إليها، وكان سيمنحهم أيضا حجة لأن يدعوا بأن باب التلفزيون مفتوح لجميع
الموريتانيين بما فيهم معارضي النظام.
5 ـ على المدير أن
يعلم بأنه سيترك يقينا التلفزيون كما تركه مديرون من قبله، بل إنه سيترك الدنيا
بكاملها كما سيتركها الجميع، لذلك فعليه أن يعلم بأنه سيندم في لحظة قادمة لا
محالة، على كل الفرص التي ضيعها، والتي كان بإمكانه أن يخدم من خلالها بلده، خاصة
منها تلك الفرص التي لم يكن استغلالها ليسبب له ضررا شخصيا، بل بالعكس فقد كان
سيفيده كما هو الحال بالنسبة للسماح ببث برنامج "خطوة إلى القمة".
تصبحون على تلفزيون
عمومي...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق