دخلت حكومة معالي الوزير الأول المختار ولد اجاي قاعة الامتحان في وقت متأخر من الليل (ليلة الاثنين، فجر الثلاثاء الموافق 06 أغسطس 2024)، ومع أنه لا أحد يمكنه أن يتنبأ بمدة الامتحان، فهل ستكون خمس سنوات كاملة أم أقل؟، ولا أحد يستطيع كذلك أن يتنبأ ببقاء كل الفريق في قاعة الامتحان حتى إعلان النتائج النهائية، أم أن بعض أعضاء الفريق سيُخرج من القاعة عاجلا أم آجلا في تعديل وزاري لعدم أهليته لمواصلة الامتحان؟
هذه أسئلة لا يمكن أن نجيب عليها الآن، فلنتركها ونتحدث عن شيء آخر.
ما يمكن الحديث عنه الآن، هو أنه لا توجد جهة في بلادنا تتسم بالحد الأدنى من الموضوعية قادرة على أن تعطي نتيجة قريبة من الحقيقة في امتحان الحكومات، فقد تعودنا من الأغلبية عدم استخدام القلم الأحمر إطلاقا لتصحيح امتحان الحكومات، وتعودنا منها دائما أن تعطي نتيجة كاملة للحكومة حتى وإن كان الواقع يقول عكس ذلك، وتعودنا في المقابل من المعارضة استخدام القلم الأحمر حتى من قبل أن تدخل الحكومة في قاعة الامتحان، وإعطاء نتيجة إن لم تكن سالبة تحت الصفر، فإنها تكون في أحسن الأحوال صفرا مربعا كما يقول بعض التلاميذ.
نحن بحاجة إلى وجود جهة مستقلة لتقييم الأداء الحكومي، وفي حالة عدم وجود جهة مستقلة فلا بأس بوجود جهة معارضة أو موالية تقوم بمهمة تقييم الأداء الحكومي، ولكن بشرط أن تتسم بالحد الأدنى من الموضوعية، أي أن لا تعميها معارضتها عما يتحقق من إنجاز، وأن لا تعميها موالاتها عما يقع من إخفاقات وتقصير في العمل الحكومي.
إن غياب جهة كهذه هي التي جعلتنا في "منتدى 24 ـ 29 لدعم ومتابعة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية" نتخذ مبادرة في هذا المجال، مع إدراكنا لحجم التحديات التي قد تواجهنا.
وهذه بعض التفاصيل ذات الصلة بتقييم الأداء الحكومي:
1 ـ مدة الامتحان : إن مدة الامتحان ستكون ـ إن شاء الله ـ خمس سنوات، أي مأمورية كاملة، وسيستمر هذا الامتحان لخمس سنوات كاملة، سواء تغيرت الحكومة وجاءت حكومة أخرى، أو اكتفي فقط بإجراء تعديل أو تعديلات جزئية عليها من حين لآخر.
2 ـ مادة الامتحان : إن مادة الامتحان هي برنامج فخامة رئيس الجمهورية الذي التزم بتنفيذه، وصوتت عليه نسبة تصل إلى 56.12% من الموريتانيين، وهو ما مكن من فوزه في الشوط الأول.
والمشجع في الأمر أن برنامج رئيس الجمهورية كان في أغلبه عبارة عن التزامات محددة وواضحة وقابلة للقياس، أي أن قياس مستوى الإنجاز في كل ملف أو قطاع، وبشكل دوري، لن يكون في غاية الصعوبة.
ونظرا لصعوبة متابعة كل البرنامج في مختلف القطاعات، فقد قررنا في المنتدى أن يكون تركيزنا على ما أسميناه بمرتكزات الإصلاح :
محاربة الفساد؛ التمكين للشباب؛ إصلاح الإدارة وتقريب خدماتها من المواطن، ولا يعني هذا أننا سنتجاهل بشكل كلي بقية البرنامج.
إن مادة الامتحان يجب أن لا تقتصر فقط على البرنامج الانتخابي، وقياس مستوى الإنجاز في بنوده بشكل مستمر، بل يجب أن تكون هناك استطلاعات لقياس شعور المواطن وإحساسه بما تحقق من إنجاز في كل قطاع.
إن الحكومات مطلوب منها أن تنجز أولا، وأن تسوق إنجازها ثانيا، حتى تخلق لدى المواطن شعورا إيجابيا نحو أدائها، وبدون التمكن من الإنجاز وتسويق الإنجاز فستبقى نتيجة الحكومة في الامتحان ضعيفة جدا.
3 ـ جهة الإشراف على الامتحان : كثيرا ما نتلقى في المنتدى هذا السؤال : من اعطاكم الصلاحية لتراقبوا العمل الحكومي؟
إننا عندما دعمنا فخامة رئيس الجمهورية في الحملة، وصوتنا لبرنامجه الانتخابي، أصبحنا ـ وبشكل تلقائي ـ نتحمل جزءا من المسؤولية في تنفيذ هذا البرنامج، ونحن نعتقد أن هناك ضرورة لوجود رقابة شعبية يقظة تسوق ما ينجز من البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس، وترصد ما يقع فيه من خلل أو بطء في التنفيذ، وتنبه الجهات المعنية على ذلك الخلل وتطالبها بتصحيحه.
ونحن نعتقد بضرورة وجود رقابة شعبية يقظة، فوجودها هو الذي سيضمن تنفيذ برنامج طموحي للوطن على أحسن وجه.
ولا يقتصر هذا الامتحان على امتحان الحكومة كفريق متكامل، بل يجب أن تكون هناك امتحانات فردية يمتحن فيها كل وزير على حدة، وأن تكون هناك كذلك امتحانات خاصة بالوزراء الشباب والوزراء المحسوبين على الشباب في حكومة معالي الوزير الأول المختار ولد اجاي.
هذا الامتحان كنتُ قد تحدثت عنه بشكل مقتضب من خلال برقية مختصرة جدا نشرتها على حسابي في الفيسبوك، وأعيد نشرها هنا لأختم بها هذا المقال.
برقية مختصرة جدا...إلى الوزراء المحسوبين على الشباب
أيها الوزراء المحسوبون على الشباب
بعد التهنئة،
عليكم أن تعلموا أنه تقع عليكم مسؤولية جسيمة، فمطلوب منكم أولا أن تنجحوا في المهام التي كلفتم بها، حالكم في ذلك كحال بقية الوزراء في الحكومة. ومطلوب منكم ثانيا أن تقاتلوا بشراسة حتى تنجحوا في تلك المهام، وذلك لتكونوا عند حسن ظن من وثق فيكم وعينكم وزراء، ولتعطوا مثالا حسنا قد يشجع مستقبلا على تعيين المزيد من الوزراء الشباب.
لا أخفيكم بأننا قد عشنا في وقت قريب تجربة غير مشجعة، لا نريدها أن تتكرر. لقد تم تخصيص لائحة للشباب في الانتخابات التشريعية الماضية، ونجح بعض الشباب في المعارضة والموالاة، ولكنهم لم يستطيعوا أن يتميزوا عن غيرهم من النواب في الأغلبية والمعارضة، هذا إن لم يكونوا هم الأضعف أداءً في البرلمان.
لا نريد أن يتكرر مثل ذلك، ونريد من الوزراء الشباب في الحكومة الحالية أن يبذلوا كل ما في وسعهم ليثبتوا أنهم أحسن أداءً من غيرهم من الوزراء من الفئات العمرية الأخرى.
إن نجحتم في ذلك فستكونون قد أسديتم أكبر خدمة للشباب وللوطن، وإن فشلتم - لا قدر الله - فستكونون قد خذلتم الشباب وخذلتم الوطن أيضا.
حفظ الله موريتانيا
#منتدى24_29
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق