تحدث تقرير لجنة التحقيق البرلمانية عن بعض المحاولات التي قام بها وزير الصيد والاقتصاد البحري في الفترة ما بين ( 2009 ـ 2013) السيد أغظفن ولد أييه من أجل تغيير بعض أحكام اتفاق 2010 مع الشركة الصينية "بولي هوندون". وبحسب التقرير فهناك من يعتقد بأن إقالة الوزير السيد أغظفن كانت بسبب الحزم الذي كان يتعامل به مع الشركة الصينية "بولي هوندون"، وهو الحزم الذي غاب عن خلفه.
لقد أظهر هذا التقرير بأن وزير الصيد الأسبق السيد أغظفن ولد أييه قد حاول بشكل جاد أن يدافع عن المصالح الموريتانية أمام ظلم الشركة الصينية، ولهذا فهو يستحق الشكر على تلك الجهود، كما يستحق الاعتذار من كل الذين انتقدوه بقوة خلال فترة توليه لوزارة الصيد، وذلك اعتقادا منهم بأنه هو من يتحمل المسؤولية الأكبر بخصوص الاتفاق المجحف الذي أبرمته الدولة الموريتانية مع الشركة الصينية "بولي هوندون".
لقد كنتُ من الذين شاركوا
في الاحتجاجات التي تم تنظيمها في تلك الفترة ضد الاتفاقية مع الشركة الصينية، وكتبتُ
مقالات عديدة انتقدتُ فيها الوزير، ولذا فقد ارتأيت بعد اطلاعي على ما جاء في تقرير
اللجنة البرلمانية بخصوص هذه الاتفاقية أن أتقدم برسالة الاعتذار هذه إلى معالي
الوزير الأسبق للصيد والاقتصاد البحري السيد أغظفن ولد أييه.
مقالات كثيرة انتقدتُ فيها الوزير السابق، أود أن اعتذر عنها من خلال هذه الرسالة، ومن بين تلك المقالات قصة قصيرة كتبتها بعد المشاركة في وقفة احتجاجية أمام وزارة الصيد والاقتصاد البحري، وكانت هذه القصة القصيرة تحت عنوان " دمعة على شاطئ ميت"، وتم نشرها لأول مرة في يوم يونيو 2011، وهذا نصها :
يقول الرجال الكبار في المدينة الميتة
بأنها كانت في يوم من الأيام تنبض بالحياة، وكانت قبلة لكل الناس، خاصة الشباب
الذين كانوا يأتونها من كل فج عميق بحثا عن عمل شريف يوفر لهم دخلا معتبرا لا
يجدوه في أي مدينة أخرىويقول الرجال الكبار بأن المدينة كانت سخية
وكريمة جدا مع كل القادمين إليها من شتى بقاع الوطن، وكانت في كل عام تودع آلاف
العمال، وتوزع عليهم من كنوزها أموالا طائلة، وترسل معهم آلاف الهدايا لآلاف
الأسر، وذلك قبل أن يعودوا إليها مرة أخرى، ليزاولوا أعمالهم من جديد، في انتظار
عطلة سنوية جديدةفي ذلك الزمن الجميل، كان كل شيء في
المدينة ينبض بالحياة: شوارعها، شواطئها، زوارقها، سفنها، مصانعها، منازلها، وظل
ذلك هو حالها إلى أن زارها ذات يوم مشهود قوم من ياجوج وماجوج فنهبوا كل شيء فيها
وتركوها خاوية على عروشهافي الساعة الحادية عشر من صبيحة يوم الأحد
26 يونيو من العام 2040 ميلادي، كان شيخ عجوز يسير على شاطئ المدينة الميتة، رفقة
حفيده الصغير. ولقد قدم هذا الشيخ إلى المدينة الميتة منذ أربع سنوات، جاءها في
هجرة معاكسة، وكان هذا الشيخ يختلف عن كل سكان المدينة الميتة، فهو لم يكن فقيرا،
لذلك فقد شكل قدومه لغزا محيرا للجميع. ومنذ قدومه إلى المدينة كان الشيخ يخرج في
مثل هذا اليوم من كل عام، رفقة حفيده، إلى الشاطئ مما زاد من استغراب ودهشة القلة
الباقية في المدينة الميتة، والتي كانت تتفق على أن وراء هذا الشيخ سرا كبيرا، وإن
كان الجميع يختلف حول طبيعة ذلك السرقطع الحفيد الصمت الرهيب وقال مخاطبا جدهـ لماذا تصر يا جدي على أن تزور هذا الشاطئ
البائس في كل عام ؟ وما سر 26 يونيو الذي تختاره دائما كتاريخ لهذه الزيارة؟
كان هذا هو العام الرابع الذي يطرح فيه
الحفيد هذا السؤال، وكانت هذه أيضا هي المرة الرابعة التي يجيب فيها الجد بصمت
رهيب وبنظرة مكسورةخيم الصمت من جديد، قطعه الحفيد بسؤال آخرـ هل صحيح أنه كان في هذا البحر سمك كثير؟
ـ صحيح، أجاب الجد بصوت مبحوحـ وأين اختفى السمك ؟
لم يجب الجدـ ألم تكن وزيرا للصيد؟
بلى لقد كنت وزيرا للصيد ..لكن أرجوك دع
عنك هذه الأسئلةكانت كلمات الحفيد كأنها إبر
"صينية" يوخزها في قلب جدهومع ذلك فقد أصر الحفيد على أن يكشف سر جده
في ذلك اليومـ إن الناس هنا تقول كلاما كثيرا، لذلك
فلابد أن تخبرني بالحقيقة، كل الحقيقة، في هذا اليومـ في مثل هذا اليوم يا ولدي من العام 2011
نظمت مجموعة من الناشطين في الحملة الوطنية لإنقاذ الثروة السمكية وقفة احتجاجية
للمطالبة بإلغاء اتفاقية مع شركة صينية كانت هي السبب في هذا الخراب الذي تراهكان عليَّ يا ولدي أن أتبرأ من تلك
الاتفاقية، وأن أستقيل في ذلك اليوم، ولكني لم أفعلسكت الجد لحظة بدت وكأنها دهرا ثم أردف
قائلاـ أرجوك أن تسامحني يا ولديـ بالتأكيد أنا أسامحك يا جدي، ولكن هل
تعتقد أن الشعب سيسامحك؟
لم يجب الجد إلا بدمعة سقطت بلا استئذان
على لحيته البيضاء، وكانت تلك الدمعة هي الشيء الوحيد الذي تحرك في ذلك اليوم على
الشاطئ الميت منذ أربع سنوات
انتهت القصة.
أتمنى أن يطلع على هذا الاعتذار كل من قرأ هذه القصة وغيرها من مقالات انتقدتُ فيها معالي الوزير السابق السيد أغظفن ولد أييه.
مرة أخرى أجدد الاعتذار لمعالي الوزير السابق السيد أغظفن ولد أييه.
حفظ الله موريتانيا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق